فيديو ومضات نسويّة
------------
ومضات نسويّة
-1-
زَهرَةُ عَبَّادِ الشَّمسِ..أَنـــَا
أَرْفَعُ رَأْسِي .. وَأَحْــيــــَا
فـَبــَقَائِي ...في كِبْــرِيـــَائِي
-2-
أنـــَا ... لا أعارضُ كوني ... أنثـــى
إنــَّما .... أعترضُ على ....
مَوْقـِــفِـــكـُـمْ مِـنــِّي
لِكوْنــِي أنثــــَى ...!
-3-
أنـــَا لا أكتبُ
كي أُقـَاتـِلَ نــَـيـــْـرُون.
أنـــَا أكتبُ كي ... أكون.
-4-
عِدْنِي ألاَّ تَرَانِي
قَلَمَ رَصاصٍ
تَسْعَى
لِتُعْمِلَ فيهِ
المِبْرَاةَ!
-5-
أَكونُ لكَ سُنُونُوَّة حِينَ لا تَكُونُ لِيَ... القَفَص.
-6-
اكتشفتُ
أنّ بحرَ مشاعركَ
مُعْرَب
فتمنيتُ
لو لم تكنْ
علامة بنائي أنا
-السّكون-
-7-
التجـأتُ لكفـِّكَ
عـَدوًا خلفَ
قمح ِ حـَنـَان
فاكتشفتُ أنّها
أيضـًا
على الصَّـفع ِ
قادرة
-8-
وَكَانَ أَنْ وَعَدَهَا
بِحُقُولٍ مِنْ قَمْحٍ
وَبِفَيْرُوزٍ مِنْ بَحْرٍ
وَلَمْ تَسْتَقْبِلْ إِلاَّ
أَمْوَاجًا مِنْ قَهْر
-9-
كَم مَرَّة ...كَم مَرَّة ... كنتُ لكَ الوَطَنَ ... وكُنتَ ....المَنفَى !
-10-
لستُ فراشَة..لستَ قِنديلي.. أنا يا رفيق ...زيتُ الفَتيلِ
-11-
قَرَنْفُلَةً مَزْهُوَّةً بــِشَمْسِهَا
كَانـــَتْ
قَطَفَهَا
وَعَلى رَفٍّ مـــَا
في مَنْزلٍ نــــَاءٍ
خَلَّفَهـــــَا
مِنْ غَيْر مـــَا
مـــَاء
وَإلَى الآنْ هِيَ
... أنــــــَا ....
-12-
لستُ طِروادة ً
بالبارودِ تُحَاصِرُ أَسوارَها
وتُبَاغِتُهَا بالعَسْكَر
لي قلبُ عُصفُورَة
لو رَقَّ ..
تذوبُ مِن عُذُوبتِهِ الصُخُورُ
بَل تَسْكَر
-13-
أنا كُلُّ الإناثَ
فلا...
تبحث عن أجزاءٍ مِنِّي
في غَيري
-14
يُحاصرُني الحُزنُ
فأحَاصِرُه ُ حتـّى آخَرَ رَمَــق
حقــًا: البقاءُ دومًا للأقوى
-15-
صليب الصّمت
علّقوني على صَليبٍ
مُذْ وُلِدْتُ
وقالوا: أنثـــــَى !
ثــَبــَّـــتـــــُوا يَدَيّ بالمسَامِيرِ
على خَشـَبــَـةِ الزَّمـَـنْ
ثــَبــَّـــتـــــُوا رِجـْـلَيَّ بالمسَامِيرِ
على خَشـَبــَـةِ الغَبَنِ
وقـَالـُوا:
"أنثـــــَى .. أنثـــــَى !"
غسلوا أفكاري
رويدًا رويدًا
زرعـُوا حقولَ إرادتي
شجرة
تظلُّ تتآكلُ تتآكلُ
شَيئـــــًا فَشَيْئـــــًا
عـَلّمُونـــِي
كلَّ أبجديّةِ الحَزَنِ
ألبسُونـــِي
كلَّ أقنعةِ الصَّـمــْــتِ
وقــَـالـُوا:
آهٍ أنثـــــَـى ..
مُـجــَــرَّد أنثــــــــــَى! "!!!"
فيديو قصيدة غجريّة عاشقة
غـَجــَـريــَّة عـَاشــِـقــَة
كأنّي ...
في زمنٍ آخـَـر
كُنتُ غَجَريــــَّـة ً
مَسكونَةَ بِالعِشق ِ
كُنتُ حُورِيـــَّـة ً
مُـثــْـقَــَـلـَـة ً
بِالجِرَاح
أحِبــــُّـكَ
في زمنِ القُبحِ ...هذا
لا تَسَلنِي ... لماذا
فأنتَ لِي
أنتَ ...أنتَ حُلُمي
وأنتَ للفرحِ المِفــَـتـــَاح
أحِبــــُّـكَ
كَي يـَتـَنَـفَـَسَ الصَّبَاحُ
كَي تـَكُونَ لـِذَاكِـرَتـِي
نَبْعَ الإنشـــِرَاح
أحِبــــُّـكَ:
كَي تُنجِبَ الأُمَهَاتُ
أَبطَالاً
فَأنْتَ المـَوَّالْ
أنــِيـــِـنُ الخِــلخـــَالْ
حَبُّ الـ ... هـَالْ
في قَهوَةِ الفَلاَّح
أحِبــــُّـكَ
لأنِّي مَعَكَ
لا أسيرُ حَائِرَة ًفِي دَائِـــرَة
بــَـلْ ...
مَعَ الكـَوْنِ
أ... تـَـ ... دَ... فَـَّ ... قُ
دُونَ قـُيـُودٍ جَائِرَة
دُونَ نـُوَاح
أحِبــــُّـكَ
حِينَ يَنَامُ فِي حِـضْنِي القَمَر
أحِبــــُّـكَ
حِينَ تَعزِفُ حَبـَّاتُ البـَرَدْ
عَلى نـَافِذَتـِي إيقَاع َالمَطَر
أحِبــــُّـكَ
حِينَ يَتَأوَّهُ فِي تُربَتِهِ الشَجَر
أحِبــــُّـكَ
فِي لــَيـَـالِي السَّهَر
حِينَ تَتَلَوَّى فِي المَوْقِدِ
حَبـَّاتُ الكَسـْتَنـَاءِ
أحِبــــُّـكَ
حينَ ترسِمُ فِي خَيالِي
المُزدَحِمِ بِكَ
أَبْهَـــــى...
أَبْهَــــى الصُّـوَر
أحِبــــُّـكَ
أبْعَدَ مِنَ كُلِّ ... اتِجَاه
أَوْسَعَ مِن كُلِّ ... مَدَى
أنقى من كلِّ اعتراف
أكثر حِدَّةً مِن وابلِ شَجَن
أحِبــــُّـكَ
يا بَعضِي وَكُلِّي
وَتـَاجَ جَبـِيـِنـِي
أحِــبــــُّـكَ
وَأَعِـدُكَ
أنْ نـَلـْتَـقـِي
كَــ التِقاءِ جَبَل ٍ بِــ ... جَبَلْ
أحِـــبــــُّـكَ
وَأَعِــدُكَ
أن تـَحـْتــَفِي بِحُبـِّنـَا
الطُيُورُ وَالزُهُورُ
وَكُلُّ أَبْنــــَاءِ كَوْكَبِ الغـَجــَـر
15.02.2015
ندوة الخليل الثقافية تستضيف الكاتبة ريتا عودة
حظيت الندوة الثقافية في مدينة الخليل وبرعاية وزارة الثقافة بشرف استقبال الكاتبة الفلسطينية ابنة الناصرة ريتا عودة الحاصلة على المرتبة الثالثة في مسابقة الهايكو العالمية للعام 2015 لنقاش كتابيها "أنا جنونك" و"سأحاولك مرة أخرى."
وتم استقبال الكاتبة وزوجها السيد يارد عودة إضافة إلى الكاتبة نائلة إبراهيم وزوجها السيد محمد عمارة في قاعة مركز إسعاد الطفولة في الخليل. حيث رحبت السيدة هدى عابدين ممثلة مكتب وزارة الثقافة في الخليل بالأديبة وضيوفها، وشددت على أهمية التواصل الثقافي والأدبي بين أدباء الداخل الفلسطيني المحتل ونظرائهم من الضفة الغربية المحتلة لما لذلك من إسهامات في تشجيع الحركة الثقافية الفلسطينية.
وأدار اللقاء الكاتب الشاب أحمد الحرباوي ، وقدم كل من فاطمة حوامدة ، وخولة سالم ، والمهندس رشاد العرب، و وفاء ابريوش، و دعاء عليان ، و شروق صافي وفوزية النتشة ، وسناء المحتسب وملاك مقبل ياسمين الحداد قراءات أدبية تطرقوا من خلالها إلى خصوصية وجمالية أدب الكاتبة الضيفة .
وبعد اللقاء، اصطحب عدد من أعضاء الندوة الثقافية الضيوف في جولة في مدينة الخليل تم خلالها زيارة مقر محافظة الخليل ، حيث كان في استقبالهم .السيدة أماني أبو سنينة - مسؤولة الأنشطة الشبابية في المحافظة - التي رحبت بالضيوف وأكدت باسم المحافظة على سعادتها باستقبال الضيوف الذين أعربوا أيضا عن سعادتهم الغامرة بزيارة محافظة الخليل ، وتم خلال اللقاء تكريم الكاتبة ريتا عودة باسم محافظ الخليل السيد كامل احميد. وبعد ذلك توجه الضيوف برفقة أعضاء الندوة الثقافية إلى مصنع الزجاج والخزف في الخليل والذي يعطي ملخصًا لتاريخ المدينة الحافل المتجذر، وهناك تم تقديم هدايا تذكارية خليلية الصنع للضيوف.
وفي نهاية اليوم الثقافي المميز والحافل بالأحاديث الأدبية والثقافية ، ودعت الخليل ضيوفها الذين عادوا بأجسادهم إلى مدنهم ، وبقيت اللحظات الأدبية الراقية محفورة في ذاكرة كل من حضر اللقاء.
القراءة الاولى قدمتها الكاتبة فوزية النتشة حيث قالت:
مر وقتٌ طويل لم أقرأ نصوصاً تأخذني إلى عالم ٍ من الجمالِ و الدهشة كما فعل ديوان "سأحاولكِ مرةً أخرى " للشاعرة ريتا عودة , فكل حرفٍ من حروفها له مدلوله و معناه المتفرد بقوة البلاغة و البيان , فتتكلم الكلماتُ مفصحةً عن صوت الأنثى بكل حالتها و انفعالاتها و مشاعرها المختلفة, هي صوت الأنثى الصادق حد اليقين .
بدأت الشاعرة بوصفٍ للمجموعةِ لَخَصَ المحتوى بذكاءٍ جميلٍ لقلم يدرك قيمة ما يملكُ من إبداع ,حيث كانت العبارة الأولى في مطلع الديوان " قبل ارتكاب الشهد بقليل " و ذلك قبل أن يقدم الشاعر محمد حلمي الرِّيشة هذا التقديم الشامل الأنيق للمجموعة .
و أقول عند ارتكاب الشهد يذوب داخلنا جمال الكلمات , كقطعة سكرٍ بل أحلى ,لأنه مذاق لا ينتهي بانتهاء حالة التذوق بل تستمر مكونة بداخلنا حديقة من معاني المعاني ,جالبةً للروح جمالها التي تشتهي , فالشهد حلوٌ مفيد كلما تناولناه زادنا معافاه و جمال .
و أنا الآن أتناول منه على مهلٍ تسع عشرة قصيدة هي عالم متحركٌ من الجمال التصويري و اللغوي و إبداعاً في تناول اللغة , و أربع عشرة ومضة تزيدنا إصراراُ على تناول الشهد المصفى الذي يأخذنا إلى لغةٍ تصيبنا بمتعةٍ قريبة من الإبهار .
فجاء الإهداء إلى اللغة التي لا نستطع التنبؤ باحتمالاتها فهي كالعود إذا نقرنا على أحد أوتاره رنت جميع الأوتار و خفقت ,وهي التي تحرك في أعماق النفس , موكباً من العواطف و الصور , و يأتي العنوان سأحاولكِ (بكسر الكاف )مرةً بل و مرات ,فاللغة حتماً لن تكف عن المباغتة باحتمالاتها , و نلاحظ تأنيث العنوان برغم جميع المفردات و النصوص التي جاءت بصيغة المخاطب المذكر و خصوصاً النص الذي يحمل عنوان الديوان حيث جاء بفتح الكاف .
و يحتوي الدايون الذي اعتمد شكل قصيدة النثر الكثير من الصور و التشبيه , و التناص القرآني و الإنجيلي ,و الأحاديث و منها :
"حين على عرش النعمة استوى" تناص قرآني
"أيتها الذاكرة برداً وسلاماً كوني على قلب أنثى " تناص قرآني
"في غيابةِ جُبّ الغياب ألقيتني " تناص قرآني
"مع الريح يأتي كالبشارة " تناص إنجيلي
"تراه بالزيت يُعمّدُ حروف الحكاية " تناص إنجيلي
أما مع الحديث الشريف
"سيكون للروح التي مع أشباه الظلال تنافرت فاختلقت "
و من الملفت في هذه النصوص قراءة مفردات لم تكن متوقعة لدى القارئ في سياق النص ,مثل :
"حاصرني من شرقي إلى شوقي........فهوى شمالي على جنوني " 34
"إكرام الحزن دفنه" 82
"فانشطر قوس أيامي ... عن قزح أحلامي " 59
*الاستعانة بقصص حقيقية مثل قصة يونس عليه السلام
"ينتفض يونس من جوف العتمة "72
قصة يوسف عليه السلام "حين في غيابة جب الغياب ألقيتني أنا التي قتلت الذئب كي أحيا "
و الاستعانة بشخصيات تاريخية مثل الولادة , سقراط , غادة و أخرى أسطورية مثل :
هيرا زوجة زيوس و قد امتازت شخصيتها بكونها ملكية مهيبة
إيزيس هي ربة القمر و الأمومة عند قدماء المصريين
عشتار إلهة الحب و الجمال و التضحية عند البابليين
شهرزاد زوجة شهريار في حكايات ألف ليلة و ليلة
و قد جمعتهم الشاعرة في نص لا تقصص رؤياك على أحد .. حين يأخذها الحنين إلى مملكة الحلم وتروي لهم رؤياها فيتبعثر و يصير أمنية أو أغنية ضائعة أو عداءً و أحجية .
*أما الحروف المتقطعة أسلوب أعتمدته الشاعرة لتزيدنا تأثراً بوقع الكلمات و لنتنفسها حرفا ً حرفا ً
و من النصوص التي أعجبتي" معمودية القلق " في قولها :
"سيدي و أنت تؤمم قلبك ترفق
بالأنثى التي آمنت بأقانيمك الثلاثة , فكنت لها الشاعر و العاشق و كنت الروح .. "
و من المعروف أن التأميم يكون عاماً و يشترك فيه جميع الناس .
"أنا كيان "
نعود إلى عشتار و جلجامش و عصر الفرسان ...
فتعلن الشاعرة أنها كيان متفرد بكرامة و عنفوان لا ند لها .. والتي تمردت على الرتابة
و من جمال إلى جمال إلى تلك الومضات التي تُيقظ فينا شعور من السعادة ..
"لأرتقي أٌثبّت أنظاري إلى القمم "22
"تراني أكون حبة رمل في سجل اللاتي عبرن بحرك و كان الحبر أبقى و كان الحلم أنقى "44
"كن لي المطر لا المظلة "
"فتنة الجبال شموخها "
" أبحث عنك تبحث عني كخطين متوازيين لا أحد يود أن يتكسر"79
"كنتَ النبي الذي اشترى و يهُوذا الذي باع "61
أخيراً.. ما كانت هذه القراءة سوى إضاءة سريعة على مجمل الديوان و لو أردت التعمق سأكتب قراءة في كل نص فما أوفيته حقه الذي يستحق
شكراً لكِ أيتها المبدعة ريتا .. على كل هذا الجمال
و حقاً ....
"في الشعرِ ,,, ما خفي َكان أعذبَ "
و "أن الكتابة ... فعل بقاء "
أما فاطمة حوامدة فقد كتبت :
سأحاولكِ مرة اخرى ..
هذا الكتاب يستبيح كل القوى المكبوتة في الذات لتنهض من غفوتها .. فهو يصلح لعلاج نفسي روحاني يعمل على أنتشال القارىء من كومة احباطاته ليجد قوته السلبية تحولت لقوة دافعة.. نحو حياة لا تغيب عنها شمس الامل والارادة ..
سأبدأ قراءتي بالعنوان .. العنوان الذي دائما مايحمل تصور عن مضمون الكتاب ,, لكنه بالنسبة لي حمل لغزا معينا .. ساحاولكِ مرة أخرى .. عبارة على لسان ذكوري موجه الى انثى ولكن هنا تكتبه انثى موجه الى ذكر ..
وبين حركة الكاف في عنوان الديوان والحركة المخالفة في نص أخذ نفس التسمية يكمن سر الحكاية ..
وهنا تقف علامة الاستفهام مصطحبة معها علامة أخرى لتعجب لهذه الحالة و التي ربما كانت لغاية في نفس الكاتبة .. ؟!
أما صورة الغلاف .. فهي وجهين لذكر وانثى تتقارب شفتيهما و تتداخل ملامح كل منهما بالمزج بين اللونين الأبيض والأسود كاشارة ربما لاكتمال الاثنين معا .. فيكمل الوجه الأبيض وجهه الأخر بالأسود وحتى لا ابتعد عن مضمون الفكرة لن أفلسف الامور أكثر فهي بالمختصر المفيد تُشكل توحد الروح مع نقيضها فتصبح كتلة انسانية واحدة يميزها ارتباطها الوثيق ولو اختلفت في العقائد او العادات او التقاليد او الصفات او التفاصيل الداخلية في تكوين كل منهما وربما جمالها الحقيقي يكمن في أنها جمعت بين ندين مختلفين ..
هذا الديوان او مجموعة الشعريات الفلسطينية كما تم تسميتها هي من نوع الشعر النثري او القصائد النثرية .. جاءت بلغة قوية ومعاني عذبة واسلوب بلاغي متقن وسلاسة جميلة ومدهشة في طرح الأفكار وبلورتها بأسلوب فلسفي انساني وما يدور في نفس الكاتبة ..
اعتمدت الكاتبة أكثر من اسلوب او ركيزة في هذا الديوان كالبلاغة ..
والتناص القرآني والانجيلي والتوارة .. وايضا التناص الشعري ..
استدعاء شخصيات مشهورة وتاريخية واستحضار كائنات خرافية واسطورية ,, واستخدام مصطلحات دارجة تحدث بشكل اعتيادي كجزء من الروتين اليومي .. ومثال ذلك " أما أنا فأجدني خارج نطاق تغطية العاطفة "
تطويع الكلمات من القرآن او من الطبيعة او من أحداث أو من كائنات أخرى او من موروثات تراثية لخدمة النص او الفكرة ودمجها مع صور أدبية رائعة الجمال .. وهذا إن دل على شي فهو يدل على قدرة الكاتبة الابداعية والمامها بالكتب السماوية وثقافتها العالية في اطلاعها على كل ماتم ذكره او استدعاؤه في ديوانها هذا ..
بعض أفكار الكاتبة إن لم تكن أغلبها مستمدة من قوة ذاتية وثقة عالية ومن ايمانها العميق في التشبث بالأمل والارادة مهما كانت الظروف قاهرة .. أما مزج الكتاب بين القصائد والومضات فكان موفق جدا فالومضات كانت كفسحة يرتشفها القارىء على مهله بعد كل قصيدة لا يتمكن من هضم دهشتها ببساطة ..
فبعض الومضات جاءت بوزن وموسيقى شعرية جميلة ومؤثرة ومثال صـــ52ـــــفحة..
ولن أغفل عن الرمزية في هذا الديوان فبعضها جاءت ضبابية عميقة تحتاج لتعمق القارىء لفهمها .. وبعضها جاء برمزية واضحة ومعبرة ..
أجمل ما قد يلحظه القارىء المدرك لأمور الحياة وتجاربها أن اغلب القصائد والومضات تنتهي بحكمة او نهاية لها وقع مؤثر في النفس .. وربما عمقها هو سر جمالها وترسيخها في الذاكرة ..
كما أن لغرابة العناوين وقوة معناها دور في شد القارىء وتحفيزه على اكتشاف النص ومضمونه بشغف .. تاركة على السطر الأخير ومضة جميلة وهادفة .. "كــ معمودية القلق " "وسفر القيامة " وغيرها ..
ومن الجدير ذكره أيضا ان هناك قوة داخلية مكنونة في هذا الديوان في بعض النصوص حتى في وداعة الفكرة التي حملت صورة غزالة .. ومهادنة الأنثى المستاسدة التي تستأنس بعذوبة الزئير .. كما أنها استعانت بأكثر من مدلول لايصال الفكرة .. فمرة تجدها تقمصت شخصية ملك , ومرة غزال ومرة حبة قمح ومرة اخرى شجرة وغيرها الكثير الكثير سواء في شخوص معينة او حيوانات تاريخية كحصان طروادة مثلا او نبات تفوح رائحة عطرة كغصن نعنع تدلى من مخيلة الكاتبة وترجمت رائحته العطرة بصور وسطور مدهشة ..
فتنوع الصور الشعرية يحمل وعي ثقافيا أدبيا وحسيا ايضا يشوق المتلقي لملاحقة الفكرة بخيالها الجامح حتى السطر الأخير ..
رغم أن بعض العبارات تكررت في اكثر من نص.. ربما هو مأخذ لا يحبذه النقاد في تكرار ذات الجمل او العبارات .. لكن ربما هي للتأكيد على الفكرة التي تسعى اليها الكاتبة ..
وأخيرا أهم مافي هذا الديوان أنه لا يكاد يخلو من نص يحمل ارادة وامل وعزة وكبرياء ورفض الظلم والضعف بكل اشكاله .. حتى فكرة الدموع واشعال الشموع هو مصدر قوة تظهر واضحة وجلية وهي استمداد لفلسفة عميقة يقينية وقناعات شخصية لصاحبة هذا الديوان وما يميزها من تحدي وتخطي كل ما يستدعي الى الحزن والأسى ..
همستي الأخيرة قد تكون همسة عتب أن الديوان يحمل اسم شعريات فلسطينية لكني وجدته يرتكز على الشعر الوجداني دون غيره فلماذا يحمل هذه التسمية وهو يكاد يخلو من تضمين أي دلالة مكانية او زمانية او أي شيء يدل على فلسطينيته ..
أنا لا اقصد الطعن في انتمائك لاسيما كانت رائحة النعنع وحقول العوسج تأخذني لرائحة البلاد .. ولكن لو لم أكن فلسطينية فهل يستدل أحد غيري يقرأ بعمق أن هناك مايدل على وطني الجريح في نثريات فلسطينية .. !!
أما الشاعر رشاد العرب فقد عقب على الديوان بشكل مقتضب فكتب :
سأحاول أن أكتب ما شاهدت وحاولي أن تصدقيني يا ريتا ، في البداية كان العنوان شاعريا رائعا يحمل الكثير ويحمل تساؤلا يحق لكل قارئ أن يسأله ، ماذا ستحاول ريتا هذه المرة؟
لقد وجدت الشعر ضائعا والنثر يسكن مقلتي نصك، واللوحات بها بعض التكلف والتأثر بالغرب واضح، ولكنَّ الحق يُقال بسلامة اللغة وكثافة الصور وجمالها ، ولكنَّ المجموعة الشعرية وبين الضياع الحاصل بين النثر الموزون والوزن المنثور وجدت نفسي على مفترق طرق لشخص لا يعرف قوانين السير وأولوية العبور.
بعض المقاطع أشبه بمقاطع الهايكو العالمية، وهي لعبتك ، وبعضها موزون ولكن على غير اعتماد البحور التي نعرفها ولن أخوض في هذا المجال فأصبحت قصيدة النثر اليوم لها عالمها مع إيماني الكامل بأنّ من يكتبها قلة وهذه القلة هي صفوة من صفوة الصفوة وجهابذة الشعر.
النصوص مختلفة الأفكار، عديدة المسالك ، لكنها تحمل نفس الصياغة الحرة وتحمل فكرا يدل على وعي الكاتبة ونضوجها وهذا يُحسب للكاتبة ، وهنا لا أقول إلا هذا نتاج أدبي مشغول عليه بعناية ولكني أصدق القول بميولي للقصص أكثر من هذا بكثير.
كما قدم اعضاء من الندوة قراءات في المجموعة القصصية "أنا جنونك " حيث توزعت على النحو التالي:
فقد استهلت القراءات الكاتبة دعاء عليان حيث قالت :
"في القلب ثلاثُ ورقات ، ورقة للأمل ، وأخرى للألم، أما الثالثة فما زالت تحمل بياضها" هذا ما قالته الكاتبة ريتا عودة في "محكومون بالأمل". لأجل ذلك ، سمحت لنفسي بأن أفسد بياض الثالثة الخاصة بي بأن أخط عليها قراءتي الانطباعية لكتاب "أنا جنونك".
"أنا جنونك" .. عنوان يوحي بغير قليل من العزة والكبرياء التي تتجسد على هيئة أنثى . كبرياء جعلها تثق بنفسها إلى الحد الذي يجعلها تخاطب "الآخر" بكل أنفة وشموخ، وهو ذاته الكبرياء الذي تبحث عنه القارئة العربية الواعية المدركة ليكمّل ما لديها منه ، أو يعمقه في نفسها التواقة للتجديد والحياة الكريمة.
"أنا جنونك" قصص قصيرة بكلماتها ، غزيرة بأفكارها ، عظيمة بمعانيها. وهي انعكاسات لحالات أنثوية ، وصراعاتٌ تمر بها على المستويات الشخصية والاجتماعية والمجتمعية. ورأيت فيها كذلك نصائح من شأنها أن تقود إلى حياة أفضل لقارئها المتمعن المتمكن. وهي أيضًا فرصة للاطلاع على أشكال منسية أو متَجاهَلة للعلاقة بين الرجل والمرأة ،والرجل والأنثى.
في كل قصة قرأتها وجدت شيئًا جديدا يستحق القراءة والتمعن ، وبين ثنايا الكلمات وجدت أشياء تلامسني كأنثى شرقية تعتبر نفسها أو يعتبرها الآخرون من اللواتي يغردن خارج السرب. وإني لأشكرك يا ريتا لأنك جعلتني أشعر مجددًا بأنني لست حالة منفردة ولا فريدة، وإن كنت كذلك فللأفضل وبالأفضل.
كثيرات هنّ اللواتي يرغبن في الحصول على أشياء يراها الآخرون عادية أو أقل . أشياء يعتبرنها من المستحيل ، ورغم ذلك يصعدن سلم الحلم الذي يرسمنه لأنفسهن في محاولة منهن لرسم البسمة على شفاههن. ولكن "ليس كل ما يتمنى المرء يدركه"، فكثيرًا ما يأتي من يحرك هذا السلم أو ينفث نجاسته لينهار أرضًا هو وكل الأحلام المتعلقة به ، وحينها لا تكفي كل بصقات الدنيا "أعزكم الله" للتخفيف من عذابات الروح وآهاتها ، تمامًا كما حصل مع تلك التي أرادت ابتياع الفستان الأحمر لنفسها.
أما الزواج، والذي تراه الغالبية العظمى من الأولويات، فيحدث وأن يتحول إلى صورة معلقة مهترئة على جدران صامتة وآسرة لكل معاني الحياة. جدران تمنع حتى صدى الصوت من الانتشار، فينسى ساكنوها أنهم أحياء. وما وراء هذه الجدران، أحلام صغيرة،، صغيرة جدّا، أبسطها الحق في الحياة.
هذه الجدران تضم أجسادًا تريد "عاطفة صادقة"، فقط ، وتستصرخ أولئك الذين يعيبهم التعبير عن مشاعرهم أني ها هنا، فرفقًا بي بربكم. ولي صوت فأنصتوا له أرجوكم. وإذا ما ذهبنا إلى ما وراء النص قليلًا ، واستذكرنا حالات لأولئك اللواتي كتب في بطاقاتهن الشخصية كلمة متزوجة محاولين البحث عن نسبة الصمت في حياتهن، لوجدنا ما يندى له الجبين.
والأضواء الحمراء في وطني كثيرة، ما يختلف فقط هو قدرتنا على تجاوزها وتخطيها إلى حيث نريد.و ما يلزم للقيام بذلك هو شيء من التمرد الممزوج بالتحدي والإرادة، ربما لإثبات الذات، وربما لقتل ذلك الشيء الممل الذي يسمى روتين، والذي يقتل معاني التجدد شيئًا فشيئًا.
والواقع السياسي حاضر بقوة في بعض القصص كما هو حاضر في الحياة اليومية للفلسطينيين. ففي "أرض البرتقال" ، تثير الكاتبة تساؤلات وتناقضات مستوحاة من المعاناة الفلسطينية . ومن ذلك تساؤلها عن العلاقة بين الدين والحجارة ، وحديثها عن التناقض الذي يحصل عندما تفرض على الفلسطينيين هجرة داخل وطنهم في ما يسمى "عيد الغفران". فكيف يجتمع الغفران والظلم، هذا ما لا أعرفه!
ومما يرتبط بالواقع السياسي الفلسطيني "المخيم". ذلك الحيز المكاني الصغير بمساحته ، الممتد بما يحمله من قصص وحكايات لبشر يستحقون الحياة.
ومما تجدر الإشارة إليه فيما يتعلق بالمخيم ورمزيته في الأدب الفلسطيني وأدب المقاومة هو أن المخيم ليس مجرد مسرح للبؤس والشقاء، بل هو أيضًا مكان للحياة ومعاني البقاء.
وتطرقت الكاتبة أيضًا لمنع التجول ، ذلك الحصار اللامحكوم بزمن ولا بقواعد أخلاقية ولا إنسانية، والذي يذهب ضحيته الكثيرون لتبقى أصداء أوجاعهم تحلق في فضاءات الوطن المكلوم.
أما الربط بين المرأة والوطن فهو موضوع يتكرر في الكثير من القصائد والنصوص الأدبية على اختلاف لغاتها . ولكن الجميل حقًا في "أنا جنونك" هو تلك الجمالية والخصوصية المستقاة من الواقع الفلسطيني بأدق تفاصيله ، كما الشتات.
و قصة "أنا جنونك" حكاية أخرى ، أراها تربعت على عرش الجمال الأدبي والإنساني والتميز اللغوي ، ولأجل ذلك فهي تستحق بكل جدارة أن تسمى المجموعة القصصية باسمها. هي قصة سلطت الضوء على صراعات تعيشها أنثى كلها طموح وكبرياء. أنثى رأيت فيها من ملامحي الكثير الكثير .
ومما راق لي في هذه القصة هو تلك العبارات التي تلخص فلسفتي في الحياة . أنا كأنثى شرقية تعيش في مجتمع شرقي ، وفلسفة يبغضها البعض لأنه يرى فيها تمردًا على شيء يعتقدون بحتمية الإيمان به والخضوع له. و من أمثلة تلك العبارات التي أحببت: " أنا في انتظار أمير ليس له وجود إلا في خيالي." و "الغبي ! متى يدرك أنه ليس جملة اعتراضية في رواية عشقي، بل هو العنوان" وقولها : الحب فكرة لا تتحقق" و "احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك". أعتقد ان هذه العبارات تعني لي ولكل أنثى الكثير، ولا يشترط ارتباطها بشخص بحد ذاته لتعني ما تعنيه.
ولأنه مجتمع عشائري تقليدي وإن أنكرنا ، فإن للتناقضات حضورها، خاصة عندما يتعلق الأمر بامرأة. حينها يجتمع الجميع لإصدار الحكم أو تنفيذه ، ثم يعود كل واحد إلى تجارته أو خمارته كما تقول الكاتبة ، لتبقى الضحية وحيدة دونما منقذ.
فنص " وقد لا يأتي" يعكس صورة للواقع الملغوم الذي يعيشه الكثيرون في هذا العالم، واقع يفرض على الضحية إما الصمت والاستسلام، أو الموت لتصبح مجرد جثمان. وفي كلتا الحالتين هي ميتة. واختُتِمَ "وقد لا يأتي" بسؤال من تلك الأسئلة المعلقة التي تبرز كل يوم ، فتقول الكاتبة: (متى يأتي نيسان؟ متى يزهر اللوز والليمون والبرتقال ؟ متى ترقص الفراشات الحالمة حول قناديل العشاق؟ متى ؟ متى؟)
كما واستخدمت الكاتبة عبارات تدل على نمطية التفكير الشرقي أو فانقل بعض معالمه كما في قولها : " اطردي شبحها قبل أن يمر بك القطار" و "صرخ بي أن أصمت صونًا لكرامتي". وهنا أتساءل: منذ متى كان الصمت صونًا للكرامة ؟
ومما أكدت عليه الكاتبة في "أنا جنونك" هو أن هناك دائما قطرة مطر تنزل حين جفاف وحين يأس، وذلك حين يظن المرء أن القحل حتمي. جاء هذا في "قطرة مطر" ، هذه القصة التي حملت سؤالا طالما تردد على ألسنة الكثيرين بصيغ مختلفة ، وذلك عندما قالت: ( متى تتلون أحلام البؤساء؟)
وهي ذاتها التي جاءت للقارئ بسؤال آخر حين قالت: (كيف تحط العصافير فوق طبق القلب إذا كانت الأرض غارقة في الطوفان؟)
وجاءت قصة "أنثى الظل" لتسلط الضوء على ظاهرة تفتك شيئًا فشيئًا بالنسيج الاجتماعي، الا وهي الهجرة بحثًا عن فرص عمل يأمل من خلالها المهاجرون بتوفير حياة كريمة وتحقيق أحلامهم. والنتيجة النهائية غالبا ما تكون فراق ودموع وغياب.
وللعلاقة بين الرجل والمرأة والرجل والأنثى بكافة أشكالها حضورها في "أنا جنونك". حيث تطرقت الكاتبة إلى العديد من القضايا والمواضيع المنبثقة عن هذه العلاقة على اختلاف أشكالها ، فتعرضت لهموم باتت تؤرق الطرفين ، وأحلام ما زالت تنتظر الاكتمال. وعكست الكاتبة من خلال ما كتبت حالات نفسية واجتماعية للطرفين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التعرض لموضوع ال"أنا" وال"أنا العليا" التي تنعكس من خلال تصرفات الشخصيات في هذه القصص.
أما لغة الكتاب فجاءت سلسة سهلة بحيث يمكن لكل قارئ أن يستمتع بها ويغوصَ في أعماق النصوص متأملا تارة وباحثًا تارة أخرى. واستخدمت الكاتبة بعض العبارات بالعامية المحكية لتناسب السياق الذي وضعت فيه أحيانًا ولتبين دلالات المعنى أحيانًا أخرى ، ومن ذلك قولها : " طاح المطر على الطين، الله يسلم فلسطين" وقولها "قالوا في الأخبار إنهم رح يعملوا لنا ترانسفير".
كما وأوردت الكاتبة أيضًا بعض الأقوال والأمثال والحكم والنصائح ، بعضها متوارث وبعضها الآخر ولد على يد قلمها . وهذه العبارات لا تخلو في مجملها من التشبيهات والمحسنات البديعية ومن ذلك : " قد آن الأوان أن نحاصر حصارنا" و " ما أسهل أن تكون ظالما في مجتمع لا يعترف إلا بمنطق البقاء للأقوى ، وما أصعب أن تصبر حتى يعجز الصبر عن صبرك" و "الوجع سمكة قرش تنهش القلب" و "ليست الحكمة أن تعرف الطريق ، بل أن تمشي فيه."
وكما دومًا، هناك أسئلة تبقى معلقةً تبحث عن إجابات رغم سهولتها الممتنعة، ومنها :" كيف أضع رأسكم في الوحل وأنا أسعى لرباط مقدس؟" وكذلك " تهجر وطنك لأجل دينار؟"
ولئلا تمتلئ ورقة قلبي الثالثة وتختفي منها الفراغات، أخصص زاوية منها لألخص قراءتي ل "أنا جنونك" بأنه واقع كتبته أنثى لتخبر قارئيه بأن على الأرض من يستحقنَ الحياة.
أما الاديبة وفاء بريويش فقد كتبت :
أنا جنونك عنوان لمجموعة قصصية يحرّضك على البحث عن جنية تستتر بحُجب الكلام و الصورة الفنية و الرمز .. و تزج بك دون سابق تحذير إلى عمق العمق و تطلقك كسنونو قد يواجه الربيع أو القفص أو الموت ..
تمتاز القصة لدى ريتا عودة بتكامل عناصرها الفنية .. و تسليط الضوء على القضايا الإنسانية و الوطنية .. و الأنثى بتفاصيل معاناتها و آمالها و التي جعلت من حلمها مادة أساسية لرؤيتها و الانطلاق إلى فضاءات الحرية و التخلص من كل ما هو أرضي و معرقل للحركة الفكرية و الظل لبعض بطلات القصص مثل : " حلم آخر " ص35 أو " أبعد من أن تطالني يد "ص84 ..
تؤطر الكاتبة لنظرياتها الخاصة المتعلقة بالذات و الآخر بملامحها الفلسفية و النفسية .. فهي تحمل هما كونيا يتضح بتعدد شخصيات قصصها و تنوعها على اختلاف معتقداتها و جنسها و تطلعاتها و عقدها تقول "
ص18 " فراغ . مجرد فراغ يفصل بي البشر ،مجرد مسافات لا يمكن اجتيازها "
أو في قصة " المسمار" ص 62 التي تحكي عن البعد الداخلي للوجع الذي ينبع من الذات و يظنه الإنسان من تكالب الظروف الخارجية عليه ..
و ناصحة في حين آخر " احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك "
الرمزية لدى ريتا ليست مجازفة .. بل خطة مدروسة لاستثارة ذهن القارئ و تحفيزه و فتح نوافذ التجلي أمامه و حرية الاختيار .. هي تستضيفك حتى نهاية القصة و بعدها تجد نفسك على بحر حيفا أو أمام إشارة حمراء .. أو هواجس عاشقة أو مأساة وطن .. لا يمكنك المكوث في مكان القصة الواحد رغم أرضيته الصلبة .. ستنطلق كسنونو أو كغزال يلتقط رزقه من بئر المعنى أو مسرح الفكرة كيف شاء و ما استطاع أن يحمل في جعبته دون قيود .
تميزت الكاتبة بإدارة المونولوج لشخصياتها بما يكتنفها من صراع بين الأنا الوجدانية و الأنا المنطقية ينتهي في أغلبه بانتصار الأنا العاشقة دون أي اعتبار لأي تحذير قد يطلقه غور النفس العقلانية .. كما اتضح جليا في العنوان الرئيس للمجموعة في قصة " أنا جنونك " .. أو قد تدمج حوارين داخليين بتماهٍ مدهش و بتركيز عال. ريتا تقترف العمق و تنثر الحقائق بذكاء و حرص كما في قصة " أنثى الظل" ص67. أو أنثى الحرائق ص 86.
أحببت استعراض الكاتبة للديانات الثلاث مذ بدء القصص بعيد الغفران اليهودي في قصة "أرض البرتقال " أو نشيد الملائكة في الميلاد المجيد " الأرض حب و في العلى مسرّة " ص96 حتى الاستلهام من النص القرآني لسورة التكوير ص70.
في الختام القراءة للكاتبة ريتا ترجمة واقعية لمعاناة وطن وقع تحت نير الاحتلال و إنسان لبث زمنا طويلاً رهن المعتقدات البالية .. أو العاطفة بسموها و قلقها و غيابها و بعثراتها .. " أنا جنونك " هو إهداء للفكر و الخيال الإنساني بكل تجليات الجنون الثوري العاقل .
وفي تعقيب للشاعر رشاد العرب قال :
العنوان يحمل في طياته العاطفة، ويوهمك بالحب، ويصدر عن بيت الشعر الفلسطيني فتحسبه قصيدا فتجده قصصا محاكةً بذكاء صاغتها أنامل فلسطينية بحنكة فنسجت لنا لوحات من وطن تستحق الخلود.
مجموعة قصصية تحمل في طياتها الكثير ، لغتها سليمة منقحة، وأفكارها منطقية واقعية ورائعة، صياغتها جميلة، وسردها لا يعرف الملل ، وهذا يُحسب للكاتبة ويرفع من شأنها لدى قارئها، وهنا أرفع قبعةً لكِ ريتا عودة.
لقد كان ميولي كل ميولي لهذه القصص ووجدت العمق والأدب لدى كاتبنا أكثر منها في مجموعتها سأحاول مرةً أخرى، فالعمق والصياغة واللغة والوطن اجتمعت في مجموعة قصصية تستحق القراءة.
جلُّ القراءات تحمل عبق الماضي ورائحة الوطن ، وتحملك إلى أن تعشق وطنك وتجنَّ فيه، ولهذا كانت القصص تستحق الوقوف عليها كثيرا.
أبارك لكِ مجموعتكِ وأهنئك على هذه القدرة الرائعة وأتمنى لكِ مزيداً من التقدم والنجاح.
ثم تابعت الكاتبة ياسمين الحداد وقالت :
أنا جنونك (مجموعة قصصية) .
للكاتبة الفسطينية (ريتا عودة) ابنة مدينة الناصرة ..
تنوعت قصص الكاتبة فب الحب والوطن (وجعه وفرحه) ، (فب القرب والبعد)
نسجت الكاتبة الحروف كــحورية فاتنة ، ذهبنا معها بخيالنا إلى البحر بصفاءه
وخرجنا من بين مسحاتها الخضراء من حيث كنا ، ولم نعد إلا محملين بعبق البلاد
وزهورها وياسمينها الأبيض .
و هنا لي بعض الوقفات الصغيرة في بعض هذه المحطات المدهشة :
أكثر ما شدني هذه الفقرة في قصة عودة النورس صفحة (34)
حبنا ولد في العتمة ، ليس له مكان تحت الشمس .
-لا يا حبيبتي ! نحن من نصنع أحلامنا .
- ولكنك تدرك أنه الحب المستحيل .
- حبيبتي ، يا مطراَ يأتي بالعصافير الصغيرة والزنابق والثمر المنتظر . هات يدك .
صمت . رحلت نظراته نحو الأفق . فجأة ارتفع صوته كالنشيد الوطني :
- قد آن الآوان نحاصر حصارنا .
• حبٌ لا يولد بالنور لا يدوم .. فلسفة الحب هنا كالوطن
تبدأ كبيرة ثم تتلاشلى وتموت .
- وقد لا يأتي .
الفقرة الأخيرة صفحة (51)
فجأة تزلزت الأرض . تشققت الصخور والقبور تفتحت . صرخة ثالثة بصوت عظيم
قبل أن اسلم الروح :
- يما ، متى يأتي نيسان ؟ متى يزهر اللوز والليمون والبرتقال ؟ متى ترقص الفراشات الحالمة حول قناديل العشاق ؟
- متى ؟ متى ؟
• وهكذا يموت الحب قبل أن يعيش في بلادنا ويقتل برصاص القهر والجهل
ويذبل اللوز والبرتقال !!
- ومات البلبل وحيداً .
صفحة (75)
" ولا بد يوماً أن تكسر كل الأقفاص لتحيا الطيور في الفضاء الرحب حرةً طليقة كما كتب لها منذ بدأ الخليقة لا بد ... لا بد ! "
• حكاية وطن ومخيم وسماء ممتلئة بالبلابل ستضيء بالأمل والوعود
بالعودة قريباَ إن شاء الله .
_ أنثى الحرائق .
هي حكاية كل أنثى :
كل كاتبة تخرج من نصوصها تحيي أبطالها ، ثم تقتلهم حتى تتخلص
من عقدة الحب والذنب معاً ..
تتسلل من بين السطور لتخفي جنونها وتصرخ ..
ثم تعود تعزف حروفها على أوراقها البيضاء ...
- شغب الأسئلة
صفحة (98) .
أنا اكتب كي أكون .
- هذا هو القلق الإيجابي الذي يسير أشرعة النص .
- فعلاً .
- وهل تمتلكين ألا تكتبي ؟
- لا خيار لي في أن أكتب أو لا اكتب
- لم
- الكتابة تفرض حضورها وشروطها ومخاضها علي . تسيرني وتأسرني ،
وتتملك كل حواسي إلى أن يولد النص .
• وهنا وجدت إجابةً لكل التي تحاصرني لماذا أكتب ؟
هي حقاً كل حواسي وتكتبني قبل أن أقرر ماذا أكتب !
وهي : موهبة من الله كي أفرغ وجعي وفرحي بثمانية وعشرين حرفاً أبجدياً ..
صغارُ نحن جانب هذا الكم الكبير من الجمال والأناقة والإبداع ...
كما حظيت المجموعة قراءة للكاتبة سناء المحتسب فقالت:
"أنا جنونك "
بين نزيف الوطن وتشريد المواطنين من أراضيهم رأيت السماء تسود حزنا بين غيومها لتحتضن فلسطين بأوجاعها ، مساندة لها في جرح دائم الخضرة بالشهداء وأرواحهم العطرة وكانت تزداد حزناً على زمن يسير دون أن يقف العدوان الصهيوني على فلسطين وأزقتها :-
فأرض البرتقال: بقيت ْ وحيدةً بعد تهجير أبناء فلسطين من بيوتهم ، وهجرتهم من أماكن سكنهم ، ليذهبون إلى اللامأوى واللازمان ...
والحواجز العسكرية ومنع التجوال " قصة ليست قصيرة" فهذه الحواجز تمنع الحياة من استمرارها حيث يتعذب المرضى الفلسطينيين بأوجاعهم دون شفاء وعلاج منها ، لتهوي أرواحهم مسافرة إلى السماء ، دون وصولهم المشافي ، فتكون نهاية المريض ارتداء السروال الأبيض ، وهناك من يتبعه أيضا في ارتداءه .
أما في "الحلم الأخير "فهو حلم يراود كل فلسطيني بتحرير وطنه من أيادي الاحتلال المغتصب ، فطائرة خالد كانت تحمل ألوان العلم الفلسطيني حيث جسدت الأراضي الفلسطينية المحتلة وخالد حارب الطفل المحتل والمدعي بأن الطائرة له كما يدعي الاحتلال بأن الأراضي الفلسطينية له ، وفوق ذلك الادعاء الكاذب يأخذون أراضينا ويعتدون علينا !!!!
فبعد هذا الواقع المرير من الأوجاع والدماء والشهداء كم هو جميل ذلك البعد إلى اللاحرب واللاأوجاع ، دون معاناة الجوع والمحاربة المريرة لأجل لقمة عيش عالقة بأعلى الأشجار التي تغلفها الأسلاك الشائكة بالاحتلال لفقدها قبل الوصول إليها ، فلأجل هذا الواقع الأليم نحتاج سفراً إلى وهمٍ سالمٍ ليكون "حلماً آخر " .
أما في "أميرة الحكاية " وجدت بها معنى للمثل الذي قال :- " الباب اللي بيجيك منه ريح سده واستريح " . حيث قامت الأميرة المجنونة بنزع نخلة الشكوك من جذورها وألقتها بعيداً عنها لتعيش بسلام ٍ دون شكوكها من تلك النخلة .
"أنا جنونك" تحدثت الكاتبة عن الكلمات التي تغري أي أنثى ، وغيرها من العبارات المخدرة التي تدخل الأذن لتصل إلى القلب فيغب وعيه ولا يرى سوى الدلال والعشق من رجل ٍ كاذبٍ تقنص بارودته بكلمات ٍ زائفة .
وجدت في "إصرار " معنى " يا مأمن الرجال مثل اللي مأمن المي بالغربال " . حيث أمنت الأميرة الصرصار على نفسها وأسكتت الصوت الذي بداخلها ، بأن الصرصار حشرة مثيرة للاشمئزاز ، فاقتربت منه لتجد لسعة الغدر مختومة على صدرها حيث أخذت فيما بعد بتارها منه وألقت به جثة على الأرض .
وفي" انتظاره " قرأت الجزء الثاني من قصة " ليلى والذئب " ومع الأيام تاب الذئب الماكر ، فدموع ليلى على وفاة جدتها بسببه ، جعلته يندم ويعالج نفسه من قذارة المكر ، موقظاً بنفسه الإنسان الرءوف الذي بداخله ليحيى بلا مكر .
وأخيرا راقت لي جدا جملة "يكفيني فخراً أن أكون قد تمكنت من التعبير عن موقف ما ولو مرة منذ أدركت كوني أحيا في وطن مغتصب " ص. 23 في" الضوء الأحمر "
أما الكاتبة ملاك مقبل فقالت :
انا جنونك:مجموعة من القصص الوردية الفلسطينية ذات الواقع المؤلم , شيدت هذه المجموعة الرائعة بغلاف متين تتضمن مئة وثماني وردات تختلف من موسم الى موسم وتعايش الفصول كما هي وتصبر,, تحمل على أغصانها الكثير من البتلات الناضجة حرفا ورونقا ومتانة وحياة و تاريخا كاملا لا ينوء الكاتب عن شد الوقت لكتابته ..
كل فصل من فصول هذا البستان يكتسي بالكثير من الاوجاع والكثير من سموم المحتل الذي يقف كالاشواك على اغصان الورد يقتل حضوره يقف عائقا في كل شيء فلسطيني يحبس الهواء في زنزانة اليأس ويعصم الحياة عن عيون الكثيرين والعابرين ويقيد صبر المكلومين بحبال القوانين التي ينوء هو نفسه عن المُضي بها .. يُكتف بها أوصال الحياة كمن لا أحد يراه ..
كل وردة من وردات هذا البستان تحمل الكثير من أوجاع المكلومين اللذين تُقطف أحلامهم عبر السنين صمتا وقهرا وعهرا ,, هذه الارض تمطرها السماء بالدم حينا والشهداء حينا وبالامل حينا والاحلام حينا والحب حينا آخر ,,, بتلات الجوري يبللها ندى العمر بصبر يعجز العربي الحر عن تحمله " فلسطين أرض الكنانة , أرض العابرين فوق الارض , أرض البرتقال والزيتون والزعتر , أرض الياسمين والجوري أرض الحب الروحي الذي ينسال من جنبات الاوجاع والحرب , ملونة أحلامنا بالأمل بدعاء خفي تحمينا عيون الله ما دام فينا كل هذا الصبر على كل هذا الشقاء ..
كالفراشة تنقلت على كل الورد ورأيت طهارة الشوراع في حيفا وانارتها على الجوانب وشممت عطرها المنتشر كم كانت نظيفة الا من مخلفات وقاذورات وعد بلفور وما تبعه من مآسي وتشتت ولجوء ,, تاتهت أنظاري بين الورد واختبأت في حضن الانسانية وبكيت ! فأحلامنا الصغيرة وان أسميتها ب " أحلامنا الانسانية" ستكون أدق تفصيلا, فالحياة الزوجية كالوردة الجورية ان اهتممت بها ورويتها بماء قلبك نمت بجذور قوية وصلبه وتشرق كما أنت تريد لها أن تشرق فيها راحتك سكينتك طمأنيتك وان نمت على جذوعها الشوك لن تجرحك ستنثر لك عبير عطرها في مساء يملؤه الحب وان اهملتها وحيدة بلا اعتناء بلا ماء بلا حب بلا حياة ستخون ثقتك في أن تنمو وحدها وستذبل , ستهرم أمام ناظريك , في الحياة نحن من نختار سعادتنا فلنبحث عن ما يليق بنا وبحياتنا بعيدا عن المعتقدات والمبادئ التي لا أساس لها سوى قتل الانسانية وقطف الوردة دون ادراك ووعي ,, وأبصرت حلم فتاة بفستانها الاحمر تشبه الجوري الذي يملؤه حياء البتلات وأشواك الواقع المر ,, مررت بإحدى الوردات التي ترطب وجنتيها دموع أم شهيد إحتضنت رائحته وعطره وملبسه وحلمه وقبلت قبر يأسها بالدموع ,, عبرت الى الوردة الجافة في زاوية الروح دون ان أعتذر للضوء الاحمر واخترقت القانون المنسي الا عني !! مضيت في ساحة الفراغ مللت الوجع مللت الذل مللت أن "لا أكون "!! وأنا لا زلت على قيد الحلم على قيد الارض قيد فلسطين ,, مررت على حب البرتقال هناك شددت الوقت وعصمت عينيه عن المضي نحو السراب وقيدت كلتا يديه عن هرولة الايام الماضية فينا كالسيف تقطع أوصالنا كلما مر,, ها نحن نمضي بخذلان عربي مطبق خمسة وستون عاما لا نكل ولا زال مفتاح الباب معلق في اعناقنا الى ان نعود ,, أمطرت السماء واستظللت بحلم يقف في منتصف اليأس ويكتسي بالامل فبين اليأس والامل حلم واحد ,, عابرون تحت السماء وفوق الارض الا من احلامنا الملونة بقوس القزح وآمالنا أفراحنا على قيد الايام الى ان تتحقق بحب بحياة بالحرية .
ريتا الجميلة كنت الوردة التي كشفت الكثير من الوقائع المؤلمة بين بتلاتك الرقيقة المشيدة بالوجع والالام والامل والحياة وكنت الفراشة التي انتقلت في بستانك ,, كنت أنثى النص الابجدي المليء بالامل والحياة كنت استثناء الاستثناء بين الابجدية التي يمتلكها الكاتب .. لا زال عطرك يفوح أرجاء روحي ..
كما قدم اعضاء من الندوة قراءات في المجموعة القصصية "أنا جنونك " حيث توزعت على النحو التالي:
فقد استهلت القراءات الكاتبة دعاء عليان حيث قالت :
"في القلب ثلاثُ ورقات ، ورقة للأمل ، وأخرى للألم، أما الثالثة فما زالت تحمل بياضها" هذا ما قالته الكاتبة ريتا عودة في "محكومون بالأمل". لأجل ذلك ، سمحت لنفسي بأن أفسد بياض الثالثة الخاصة بي بأن أخط عليها قراءتي الانطباعية لكتاب "أنا جنونك".
"أنا جنونك" .. عنوان يوحي بغير قليل من العزة والكبرياء التي تتجسد على هيئة أنثى . كبرياء جعلها تثق بنفسها إلى الحد الذي يجعلها تخاطب "الآخر" بكل أنفة وشموخ، وهو ذاته الكبرياء الذي تبحث عنه القارئة العربية الواعية المدركة ليكمّل ما لديها منه ، أو يعمقه في نفسها التواقة للتجديد والحياة الكريمة.
"أنا جنونك" قصص قصيرة بكلماتها ، غزيرة بأفكارها ، عظيمة بمعانيها. وهي انعكاسات لحالات أنثوية ، وصراعاتٌ تمر بها على المستويات الشخصية والاجتماعية والمجتمعية. ورأيت فيها كذلك نصائح من شأنها أن تقود إلى حياة أفضل لقارئها المتمعن المتمكن. وهي أيضًا فرصة للاطلاع على أشكال منسية أو متَجاهَلة للعلاقة بين الرجل والمرأة ،والرجل والأنثى.
في كل قصة قرأتها وجدت شيئًا جديدا يستحق القراءة والتمعن ، وبين ثنايا الكلمات وجدت أشياء تلامسني كأنثى شرقية تعتبر نفسها أو يعتبرها الآخرون من اللواتي يغردن خارج السرب. وإني لأشكرك يا ريتا لأنك جعلتني أشعر مجددًا بأنني لست حالة منفردة ولا فريدة، وإن كنت كذلك فللأفضل وبالأفضل.
كثيرات هنّ اللواتي يرغبن في الحصول على أشياء يراها الآخرون عادية أو أقل . أشياء يعتبرنها من المستحيل ، ورغم ذلك يصعدن سلم الحلم الذي يرسمنه لأنفسهن في محاولة منهن لرسم البسمة على شفاههن. ولكن "ليس كل ما يتمنى المرء يدركه"، فكثيرًا ما يأتي من يحرك هذا السلم أو ينفث نجاسته لينهار أرضًا هو وكل الأحلام المتعلقة به ، وحينها لا تكفي كل بصقات الدنيا "أعزكم الله" للتخفيف من عذابات الروح وآهاتها ، تمامًا كما حصل مع تلك التي أرادت ابتياع الفستان الأحمر لنفسها.
أما الزواج، والذي تراه الغالبية العظمى من الأولويات، فيحدث وأن يتحول إلى صورة معلقة مهترئة على جدران صامتة وآسرة لكل معاني الحياة. جدران تمنع حتى صدى الصوت من الانتشار، فينسى ساكنوها أنهم أحياء. وما وراء هذه الجدران، أحلام صغيرة،، صغيرة جدّا، أبسطها الحق في الحياة.
هذه الجدران تضم أجسادًا تريد "عاطفة صادقة"، فقط ، وتستصرخ أولئك الذين يعيبهم التعبير عن مشاعرهم أني ها هنا، فرفقًا بي بربكم. ولي صوت فأنصتوا له أرجوكم. وإذا ما ذهبنا إلى ما وراء النص قليلًا ، واستذكرنا حالات لأولئك اللواتي كتب في بطاقاتهن الشخصية كلمة متزوجة محاولين البحث عن نسبة الصمت في حياتهن، لوجدنا ما يندى له الجبين.
والأضواء الحمراء في وطني كثيرة، ما يختلف فقط هو قدرتنا على تجاوزها وتخطيها إلى حيث نريد.و ما يلزم للقيام بذلك هو شيء من التمرد الممزوج بالتحدي والإرادة، ربما لإثبات الذات، وربما لقتل ذلك الشيء الممل الذي يسمى روتين، والذي يقتل معاني التجدد شيئًا فشيئًا.
والواقع السياسي حاضر بقوة في بعض القصص كما هو حاضر في الحياة اليومية للفلسطينيين. ففي "أرض البرتقال" ، تثير الكاتبة تساؤلات وتناقضات مستوحاة من المعاناة الفلسطينية . ومن ذلك تساؤلها عن العلاقة بين الدين والحجارة ، وحديثها عن التناقض الذي يحصل عندما تفرض على الفلسطينيين هجرة داخل وطنهم في ما يسمى "عيد الغفران". فكيف يجتمع الغفران والظلم، هذا ما لا أعرفه!
ومما يرتبط بالواقع السياسي الفلسطيني "المخيم". ذلك الحيز المكاني الصغير بمساحته ، الممتد بما يحمله من قصص وحكايات لبشر يستحقون الحياة.
ومما تجدر الإشارة إليه فيما يتعلق بالمخيم ورمزيته في الأدب الفلسطيني وأدب المقاومة هو أن المخيم ليس مجرد مسرح للبؤس والشقاء، بل هو أيضًا مكان للحياة ومعاني البقاء.
وتطرقت الكاتبة أيضًا لمنع التجول ، ذلك الحصار اللامحكوم بزمن ولا بقواعد أخلاقية ولا إنسانية، والذي يذهب ضحيته الكثيرون لتبقى أصداء أوجاعهم تحلق في فضاءات الوطن المكلوم.
أما الربط بين المرأة والوطن فهو موضوع يتكرر في الكثير من القصائد والنصوص الأدبية على اختلاف لغاتها . ولكن الجميل حقًا في "أنا جنونك" هو تلك الجمالية والخصوصية المستقاة من الواقع الفلسطيني بأدق تفاصيله ، كما الشتات.
و قصة "أنا جنونك" حكاية أخرى ، أراها تربعت على عرش الجمال الأدبي والإنساني والتميز اللغوي ، ولأجل ذلك فهي تستحق بكل جدارة أن تسمى المجموعة القصصية باسمها. هي قصة سلطت الضوء على صراعات تعيشها أنثى كلها طموح وكبرياء. أنثى رأيت فيها من ملامحي الكثير الكثير .
ومما راق لي في هذه القصة هو تلك العبارات التي تلخص فلسفتي في الحياة . أنا كأنثى شرقية تعيش في مجتمع شرقي ، وفلسفة يبغضها البعض لأنه يرى فيها تمردًا على شيء يعتقدون بحتمية الإيمان به والخضوع له. و من أمثلة تلك العبارات التي أحببت: " أنا في انتظار أمير ليس له وجود إلا في خيالي." و "الغبي ! متى يدرك أنه ليس جملة اعتراضية في رواية عشقي، بل هو العنوان" وقولها : الحب فكرة لا تتحقق" و "احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك". أعتقد ان هذه العبارات تعني لي ولكل أنثى الكثير، ولا يشترط ارتباطها بشخص بحد ذاته لتعني ما تعنيه.
ولأنه مجتمع عشائري تقليدي وإن أنكرنا ، فإن للتناقضات حضورها، خاصة عندما يتعلق الأمر بامرأة. حينها يجتمع الجميع لإصدار الحكم أو تنفيذه ، ثم يعود كل واحد إلى تجارته أو خمارته كما تقول الكاتبة ، لتبقى الضحية وحيدة دونما منقذ.
فنص " وقد لا يأتي" يعكس صورة للواقع الملغوم الذي يعيشه الكثيرون في هذا العالم، واقع يفرض على الضحية إما الصمت والاستسلام، أو الموت لتصبح مجرد جثمان. وفي كلتا الحالتين هي ميتة. واختُتِمَ "وقد لا يأتي" بسؤال من تلك الأسئلة المعلقة التي تبرز كل يوم ، فتقول الكاتبة: (متى يأتي نيسان؟ متى يزهر اللوز والليمون والبرتقال ؟ متى ترقص الفراشات الحالمة حول قناديل العشاق؟ متى ؟ متى؟)
كما واستخدمت الكاتبة عبارات تدل على نمطية التفكير الشرقي أو فانقل بعض معالمه كما في قولها : " اطردي شبحها قبل أن يمر بك القطار" و "صرخ بي أن أصمت صونًا لكرامتي". وهنا أتساءل: منذ متى كان الصمت صونًا للكرامة ؟
ومما أكدت عليه الكاتبة في "أنا جنونك" هو أن هناك دائما قطرة مطر تنزل حين جفاف وحين يأس، وذلك حين يظن المرء أن القحل حتمي. جاء هذا في "قطرة مطر" ، هذه القصة التي حملت سؤالا طالما تردد على ألسنة الكثيرين بصيغ مختلفة ، وذلك عندما قالت: ( متى تتلون أحلام البؤساء؟)
وهي ذاتها التي جاءت للقارئ بسؤال آخر حين قالت: (كيف تحط العصافير فوق طبق القلب إذا كانت الأرض غارقة في الطوفان؟)
وجاءت قصة "أنثى الظل" لتسلط الضوء على ظاهرة تفتك شيئًا فشيئًا بالنسيج الاجتماعي، الا وهي الهجرة بحثًا عن فرص عمل يأمل من خلالها المهاجرون بتوفير حياة كريمة وتحقيق أحلامهم. والنتيجة النهائية غالبا ما تكون فراق ودموع وغياب.
وللعلاقة بين الرجل والمرأة والرجل والأنثى بكافة أشكالها حضورها في "أنا جنونك". حيث تطرقت الكاتبة إلى العديد من القضايا والمواضيع المنبثقة عن هذه العلاقة على اختلاف أشكالها ، فتعرضت لهموم باتت تؤرق الطرفين ، وأحلام ما زالت تنتظر الاكتمال. وعكست الكاتبة من خلال ما كتبت حالات نفسية واجتماعية للطرفين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التعرض لموضوع ال"أنا" وال"أنا العليا" التي تنعكس من خلال تصرفات الشخصيات في هذه القصص.
أما لغة الكتاب فجاءت سلسة سهلة بحيث يمكن لكل قارئ أن يستمتع بها ويغوصَ في أعماق النصوص متأملا تارة وباحثًا تارة أخرى. واستخدمت الكاتبة بعض العبارات بالعامية المحكية لتناسب السياق الذي وضعت فيه أحيانًا ولتبين دلالات المعنى أحيانًا أخرى ، ومن ذلك قولها : " طاح المطر على الطين، الله يسلم فلسطين" وقولها "قالوا في الأخبار إنهم رح يعملوا لنا ترانسفير".
كما وأوردت الكاتبة أيضًا بعض الأقوال والأمثال والحكم والنصائح ، بعضها متوارث وبعضها الآخر ولد على يد قلمها . وهذه العبارات لا تخلو في مجملها من التشبيهات والمحسنات البديعية ومن ذلك : " قد آن الأوان أن نحاصر حصارنا" و " ما أسهل أن تكون ظالما في مجتمع لا يعترف إلا بمنطق البقاء للأقوى ، وما أصعب أن تصبر حتى يعجز الصبر عن صبرك" و "الوجع سمكة قرش تنهش القلب" و "ليست الحكمة أن تعرف الطريق ، بل أن تمشي فيه."
وكما دومًا، هناك أسئلة تبقى معلقةً تبحث عن إجابات رغم سهولتها الممتنعة، ومنها :" كيف أضع رأسكم في الوحل وأنا أسعى لرباط مقدس؟" وكذلك " تهجر وطنك لأجل دينار؟"
ولئلا تمتلئ ورقة قلبي الثالثة وتختفي منها الفراغات، أخصص زاوية منها لألخص قراءتي ل "أنا جنونك" بأنه واقع كتبته أنثى لتخبر قارئيه بأن على الأرض من يستحقنَ الحياة.
أما الاديبة وفاء بريويش فقد كتبت :
أنا جنونك عنوان لمجموعة قصصية يحرّضك على البحث عن جنية تستتر بحُجب الكلام و الصورة الفنية و الرمز .. و تزج بك دون سابق تحذير إلى عمق العمق و تطلقك كسنونو قد يواجه الربيع أو القفص أو الموت ..
تمتاز القصة لدى ريتا عودة بتكامل عناصرها الفنية .. و تسليط الضوء على القضايا الإنسانية و الوطنية .. و الأنثى بتفاصيل معاناتها و آمالها و التي جعلت من حلمها مادة أساسية لرؤيتها و الانطلاق إلى فضاءات الحرية و التخلص من كل ما هو أرضي و معرقل للحركة الفكرية و الظل لبعض بطلات القصص مثل : " حلم آخر " ص35 أو " أبعد من أن تطالني يد "ص84 ..
تؤطر الكاتبة لنظرياتها الخاصة المتعلقة بالذات و الآخر بملامحها الفلسفية و النفسية .. فهي تحمل هما كونيا يتضح بتعدد شخصيات قصصها و تنوعها على اختلاف معتقداتها و جنسها و تطلعاتها و عقدها تقول "
ص18 " فراغ . مجرد فراغ يفصل بي البشر ،مجرد مسافات لا يمكن اجتيازها "
أو في قصة " المسمار" ص 62 التي تحكي عن البعد الداخلي للوجع الذي ينبع من الذات و يظنه الإنسان من تكالب الظروف الخارجية عليه ..
و ناصحة في حين آخر " احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك "
الرمزية لدى ريتا ليست مجازفة .. بل خطة مدروسة لاستثارة ذهن القارئ و تحفيزه و فتح نوافذ التجلي أمامه و حرية الاختيار .. هي تستضيفك حتى نهاية القصة و بعدها تجد نفسك على بحر حيفا أو أمام إشارة حمراء .. أو هواجس عاشقة أو مأساة وطن .. لا يمكنك المكوث في مكان القصة الواحد رغم أرضيته الصلبة .. ستنطلق كسنونو أو كغزال يلتقط رزقه من بئر المعنى أو مسرح الفكرة كيف شاء و ما استطاع أن يحمل في جعبته دون قيود .
تميزت الكاتبة بإدارة المونولوج لشخصياتها بما يكتنفها من صراع بين الأنا الوجدانية و الأنا المنطقية ينتهي في أغلبه بانتصار الأنا العاشقة دون أي اعتبار لأي تحذير قد يطلقه غور النفس العقلانية .. كما اتضح جليا في العنوان الرئيس للمجموعة في قصة " أنا جنونك " .. أو قد تدمج حوارين داخليين بتماهٍ مدهش و بتركيز عال. ريتا تقترف العمق و تنثر الحقائق بذكاء و حرص كما في قصة " أنثى الظل" ص67. أو أنثى الحرائق ص 86.
أحببت استعراض الكاتبة للديانات الثلاث مذ بدء القصص بعيد الغفران اليهودي في قصة "أرض البرتقال " أو نشيد الملائكة في الميلاد المجيد " الأرض حب و في العلى مسرّة " ص96 حتى الاستلهام من النص القرآني لسورة التكوير ص70.
في الختام القراءة للكاتبة ريتا ترجمة واقعية لمعاناة وطن وقع تحت نير الاحتلال و إنسان لبث زمنا طويلاً رهن المعتقدات البالية .. أو العاطفة بسموها و قلقها و غيابها و بعثراتها .. " أنا جنونك " هو إهداء للفكر و الخيال الإنساني بكل تجليات الجنون الثوري العاقل .
الشاعرة ماجدة الأشقر في قراءة ل"أنا جنونك" للأديبة ريتا عودة
مجموعة قصصية تحتوي على (26) قصة قصيرة هي عباره عن تصريح مباشر عن شعورها الخاص بالحياة فقد صورت ما تراه تصويرا موضوعيا ذاتيا بحيث انها رسمت شخوصها رسما واقعيا واخذت تتنقل بهم ويؤثر انفعالها في اسلوبها وقد رسمتهم في لحظات تتحرك فيها ارواحهم وتخرج جذوة الانسانية من اعماقهم من تحت رماد البؤس
فقصة #الفستان_الأحمر
تأخذنا الى حي عربي في مدينة محتلة في 48 حيث تقيم الكاتبة ومن شارع الى شارع حيث يستقر بها المقر أمام أحد المحلات التي تبيع الملابس وتصف لنا لهفتها حول اقتناء هذا الفستان الغالي ويسرح بها الخيال عندما ترى جنودا في الشارع وتقول في نفسها:
كم من دماء سفكوا وكم من بيوت دمروا في فلسطين.
وهنا يكون التناقض بما تراه وما يدور في ذهنها عندما ترى اعلانا مكتوب عليه حافظوا على نظافة المدينة
#هل_المدينة_فعلا_نظيفة؟؟
وتصدم بطلة القصة بسعر الفستان وتزداد صدمتها عندما ترى امرأة دخيلة على فلسطين تتمكن من دفع ثمن الفستان بكل سهولة.
خطر في بالي بيت الشعر الذي يقول :
حرام على بلابله الدوح
حلال للطير من كل جنس
أمّا قصة #أحلام_صغيرة
فهي انتفاضة على البرود والاهمال النفسي وقد لجأت الكاتبة الى الكلمات المشحونة المتوترة التي تثير بركانا في الحياه كقولها لزوجها:انا احب رجلا اخر لتثير فيه غيرة واحساسا لم تراهما من قبل وقد كان يعتبرها شيئا من الأشياء لا نفسا بشريه تحتاج الى الحنان والدفء
ان هذه القصة بالذات تعبر عن مئات النساء في مجتمعنا والتي يهملها الطرف الاخر بعد سنين طويلة من الكفاح والجهد تحدثت بصوتي وصوت غيري
السؤال لماذا صرخات الأنثى صرخات منبوذة محرمة تتهم صاحببتها بالخبل والجنون؟!
#ماجدة_الأشقر
03.05.2015
ندوة الخليل
قراءة في كتاب "أنا جنونك"
ل
ريتا عودة
بقلم: دعاء عليان
"في القلب ثلاثُ ورقات ، ورقة للأمل ، وأخرى للألم، أما الثالثة فما زالت تحمل بياضها" هذا ما قالته الكاتبة ريتا عودة في "محكومون بالأمل". لأجل ذلك ، سمحت لنفسي بأن أفسد بياض الثالثة الخاصة بي بأن أخط عليها قراءتي الانطباعية لكتاب "أنا جنونك".
"أنا جنونك" .. عنوان يوحي بغير قليل من العزة والكبرياء التي تتجسد على هيئة أنثى . كبرياء جعلها تثق بنفسها إلى الحد الذي يجعلها تخاطب "الآخر" بكل أنفة وشموخ، وهو ذاته الكبرياء الذي تبحث عنه القارئة العربية الواعية المدركة ليكمّل ما لديها منه ، أو يعمقه في نفسها التواقة للتجديد والحياة الكريمة.
"أنا جنونك" قصص قصيرة بكلماتها ، غزيرة بأفكارها ، عظيمة بمعانيها. وهي انعكاسات لحالات أنثوية ، وصراعاتٌ تمر بها على المستويات الشخصية والاجتماعية والمجتمعية. ورأيت فيها كذلك نصائح من شأنها أن تقود إلى حياة أفضل لقارئها المتمعن المتمكن. وهي أيضًا فرصة للاطلاع على أشكال منسية أو متَجاهَلة للعلاقة بين الرجل والمرأة ،والرجل والأنثى.
في كل قصة قرأتها وجدت شيئًا جديدا يستحق القراءة والتمعن ، وبين ثنايا الكلمات وجدت أشياء تلامسني كأنثى شرقية تعتبر نفسها أو يعتبرها الآخرون من اللواتي يغردن خارج السرب. وإني لأشكرك يا ريتا لأنك جعلتني أشعر مجددًا بأنني لست حالة منفردة ولا فريدة، وإن كنت كذلك فللأفضل وبالأفضل.
كثيرات هنّ اللواتي يرغبن في الحصول على أشياء يراها الآخرون عادية أو أقل . أشياء يعتبرنها من المستحيل ، ورغم ذلك يصعدن سلم الحلم الذي يرسمنه لأنفسهن في محاولة منهن لرسم البسمة على شفاههن. ولكن "ليس كل ما يتمنى المرء يدركه"، فكثيرًا ما يأتي من يحرك هذا السلم أو ينفث نجاسته لينهار أرضًا هو وكل الأحلام المتعلقة به ، وحينها لا تكفي كل بصقات الدنيا "أعزكم الله" للتخفيف من عذابات الروح وآهاتها ، تمامًا كما حصل مع تلك التي أرادت ابتياع الفستان الأحمر لنفسها.
أما الزواج، والذي تراه الغالبية العظمى من الأولويات، فيحدث وأن يتحول إلى صورة معلقة مهترئة على جدران صامتة وآسرة لكل معاني الحياة. جدران تمنع حتى صدى الصوت من الانتشار، فينسى ساكنوها أنهم أحياء. وما وراء هذه الجدران، أحلام صغيرة،، صغيرة جدّا، أبسطها الحق في الحياة.
هذه الجدران تضم أجسادًا تريد "عاطفة صادقة"، فقط ، وتستصرخ أولئك الذين يعيبهم التعبير عن مشاعرهم أني ها هنا، فرفقًا بي بربكم. ولي صوت فأنصتوا له أرجوكم. وإذا ما ذهبنا إلى ما وراء النص قليلًا ، واستذكرنا حالات لأولئك اللواتي كتب في بطاقاتهن الشخصية كلمة متزوجة محاولين البحث عن نسبة الصمت في حياتهن، لوجدنا ما يندى له الجبين.
والأضواء الحمراء في وطني كثيرة، ما يختلف فقط هو قدرتنا على تجاوزها وتخطيها إلى حيث نريد.و ما يلزم للقيام بذلك هو شيء من التمرد الممزوج بالتحدي والإرادة، ربما لإثبات الذات، وربما لقتل ذلك الشيء الممل الذي يسمى روتين، والذي يقتل معاني التجدد شيئًا فشيئًا.
والواقع السياسي حاضر بقوة في بعض القصص كما هو حاضر في الحياة اليومية للفلسطينيين. ففي "أرض البرتقال" ، تثير الكاتبة تساؤلات وتناقضات مستوحاة من المعاناة الفلسطينية . ومن ذلك تساؤلها عن العلاقة بين الدين والحجارة ، وحديثها عن التناقض الذي يحصل عندما تفرض على الفلسطينيين هجرة داخل وطنهم في ما يسمى "عيد الغفران". فكيف يجتمع الغفران والظلم، هذا ما لا أعرفه!
ومما يرتبط بالواقع السياسي الفلسطيني "المخيم". ذلك الحيز المكاني الصغير بمساحته ، الممتد بما يحمله من قصص وحكايات لبشر يستحقون الحياة.
ومما تجدر الإشارة إليه فيما يتعلق بالمخيم ورمزيته في الأدب الفلسطيني وأدب المقاومة هو أن المخيم ليس مجرد مسرح للبؤس والشقاء، بل هو أيضًا مكان للحياة ومعاني البقاء.
وتطرقت الكاتبة أيضًا لمنع التجول ، ذلك الحصار اللامحكوم بزمن ولا بقواعد أخلاقية ولا إنسانية، والذي يذهب ضحيته الكثيرون لتبقى أصداء أوجاعهم تحلق في فضاءات الوطن المكلوم.
أما الربط بين المرأة والوطن فهو موضوع يتكرر في الكثير من القصائد والنصوص الأدبية على اختلاف لغاتها . ولكن الجميل حقًا في "أنا جنونك" هو تلك الجمالية والخصوصية المستقاة من الواقع الفلسطيني بأدق تفاصيله ، كما الشتات.
و قصة "أنا جنونك" حكاية أخرى ، أراها تربعت على عرش الجمال الأدبي والإنساني والتميز اللغوي ، ولأجل ذلك فهي تستحق بكل جدارة أن تسمى المجموعة القصصية باسمها. هي قصة سلطت الضوء على صراعات تعيشها أنثى كلها طموح وكبرياء. أنثى رأيت فيها من ملامحي الكثير الكثير .
ومما راق لي في هذه القصة هو تلك العبارات التي تلخص فلسفتي في الحياة . أنا كأنثى شرقية تعيش في مجتمع شرقي ، وفلسفة يبغضها البعض لأنه يرى فيها تمردًا على شيء يعتقدون بحتمية الإيمان به والخضوع له. و من أمثلة تلك العبارات التي أحببت: " أنا في انتظار أمير ليس له وجود إلا في خيالي." و "الغبي ! متى يدرك أنه ليس جملة اعتراضية في رواية عشقي، بل هو العنوان" وقولها : الحب فكرة لا تتحقق" و "احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك". أعتقد ان هذه العبارات تعني لي ولكل أنثى الكثير، ولا يشترط ارتباطها بشخص بحد ذاته لتعني ما تعنيه.
ولأنه مجتمع عشائري تقليدي وإن أنكرنا ، فإن للتناقضات حضورها، خاصة عندما يتعلق الأمر بامرأة. حينها يجتمع الجميع لإصدار الحكم أو تنفيذه ، ثم يعود كل واحد إلى تجارته أو خمارته كما تقول الكاتبة ، لتبقى الضحية وحيدة دونما منقذ.
فنص " وقد لا يأتي" يعكس صورة للواقع الملغوم الذي يعيشه الكثيرون في هذا العالم، واقع يفرض على الضحية إما الصمت والاستسلام، أو الموت لتصبح مجرد جثمان. وفي كلتا الحالتين هي ميتة. واختُتِمَ "وقد لا يأتي" بسؤال من تلك الأسئلة المعلقة التي تبرز كل يوم ، فتقول الكاتبة: (متى يأتي نيسان؟ متى يزهر اللوز والليمون والبرتقال ؟ متى ترقص الفراشات الحالمة حول قناديل العشاق؟ متى ؟ متى؟)
كما واستخدمت الكاتبة عبارات تدل على نمطية التفكير الشرقي أو فانقل بعض معالمه كما في قولها : " اطردي شبحها قبل أن يمر بك القطار" و "صرخ بي أن أصمت صونًا لكرامتي". وهنا أتساءل: منذ متى كان الصمت صونًا للكرامة ؟
ومما أكدت عليه الكاتبة في "أنا جنونك" هو أن هناك دائما قطرة مطر تنزل حين جفاف وحين يأس، وذلك حين يظن المرء أن القحل حتمي. جاء هذا في "قطرة مطر" ، هذه القصة التي حملت سؤالا طالما تردد على ألسنة الكثيرين بصيغ مختلفة ، وذلك عندما قالت: ( متى تتلون أحلام البؤساء؟)
وهي ذاتها التي جاءت للقارئ بسؤال آخر حين قالت: (كيف تحط العصافير فوق طبق القلب إذا كانت الأرض غارقة في الطوفان؟)
وجاءت قصة "أنثى الظل" لتسلط الضوء على ظاهرة تفتك شيئًا فشيئًا بالنسيج الاجتماعي، الا وهي الهجرة بحثًا عن فرص عمل يأمل من خلالها المهاجرون بتوفير حياة كريمة وتحقيق أحلامهم. والنتيجة النهائية غالبا ما تكون فراق ودموع وغياب.
وللعلاقة بين الرجل والمرأة والرجل والأنثى بكافة أشكالها حضورها في "أنا جنونك". حيث تطرقت الكاتبة إلى العديد من القضايا والمواضيع المنبثقة عن هذه العلاقة على اختلاف أشكالها ، فتعرضت لهموم باتت تؤرق الطرفين ، وأحلام ما زالت تنتظر الاكتمال. وعكست الكاتبة من خلال ما كتبت حالات نفسية واجتماعية للطرفين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التعرض لموضوع ال"أنا" وال"أنا العليا" التي تنعكس من خلال تصرفات الشخصيات في هذه القصص.
أما لغة الكتاب فجاءت سلسة سهلة بحيث يمكن لكل قارئ أن يستمتع بها ويغوصَ في أعماق النصوص متأملا تارة وباحثًا تارة أخرى. واستخدمت الكاتبة بعض العبارات بالعامية المحكية لتناسب السياق الذي وضعت فيه أحيانًا ولتبين دلالات المعنى أحيانًا أخرى ، ومن ذلك قولها : " طاح المطر على الطين، الله يسلم فلسطين" وقولها "قالوا في الأخبار إنهم رح يعملوا لنا ترانسفير".
كما وأوردت الكاتبة أيضًا بعض الأقوال والأمثال والحكم والنصائح ، بعضها متوارث وبعضها الآخر ولد على يد قلمها . وهذه العبارات لا تخلو في مجملها من التشبيهات والمحسنات البديعية ومن ذلك : " قد آن الأوان أن نحاصر حصارنا" و " ما أسهل أن تكون ظالما في مجتمع لا يعترف إلا بمنطق البقاء للأقوى ، وما أصعب أن تصبر حتى يعجز الصبر عن صبرك" و "الوجع سمكة قرش تنهش القلب" و "ليست الحكمة أن تعرف الطريق ، بل أن تمشي فيه."
وكما دومًا، هناك أسئلة تبقى معلقةً تبحث عن إجابات رغم سهولتها الممتنعة، ومنها :" كيف أضع رأسكم في الوحل وأنا أسعى لرباط مقدس؟" وكذلك " تهجر وطنك لأجل دينار؟"
ولئلا تمتلئ ورقة قلبي الثالثة وتختفي منها الفراغات، أخصص زاوية منها لألخص قراءتي ل "أنا جنونك" بأنه واقع كتبته أنثى لتخبر قارئيه بأن على الأرض من يستحقنَ الحياة.
03.05.2015
ورقة مقدَّمة لندوة الخليل
رفعت زيتون: قراءة في ديوان ( سأحاولكِ مرة أخرى).. للشاعرة ريتا عودة
ديوان سأحاولكِ مرة أخرى للشاعرة ريتا عودة من الناصرة عن بيت الشعر الفلسطيني:
هو ديوان الحب واللوعة والمحاولة واللغة، هو ديوان الأنثى وانفعالاتها، حبها وكرهها، غرورها وهدوؤها إن هدأت وعواصفها إن عصفت، هو الأنثى بكل ما فيها. والديوان من نوع قصيدة النثر حيث لم تلتزم الشاعرة بتفعيلات الخليل، رغم
استخدامها القافية في بعض القصائد.
هذه قراءة مررت فيها على أغلب قصائد الديوان أو الشعريات الفلسطينية كما شاءت أن تطلق عليها الشاعرة ريتا، ولسوف أبدأ بنظرة عامة عن الديوان وملامحه وأسلوبه ثم أدخل لتفاصيل أغلب القصائد أتناول كثيرا مما احتوت وليس كل ما احتوت من جمال أو ملاحظات.
أولا : ملاحم عامة للديوان:
في بنائها العام لنسيج القصيدة وتقديمها للنصوص اتّكأت الشاعرة ريتا عودة على
مجموعة دعائم واستخدمت أساليب مختلفة لإيصال نصّها وفكرتها إلى قلب وذهن
المتلقي ومن هذه الدعائم:
1. البلاغة: تمييز الديوان بأسلوب بلاغيّ رفيع المستوى كما سيظهر من خلال تحليلي للقصائد حيث طغى فيه استخدام محسنات البديع والبيان من تشبيهات واستعارات وانزياحات وجناس وطباق وسجع ومقابلة وتضاد وغيرها.
والشواهد على ذلك كثيرة سأفصل بعضها خلال القراءة العامة للقصائد.
2. التناص القرآنيّ والإنجيليّ في كثير من النصوص، فكرة وجملا وألفاظا. وأحيانا الاقتباس الحرفيّ لهذه الجمل والألفاظ، وهذه بعض الأمثلة على ذلك:
- (
على عرش النعمة استوى) صفحة 25 تناصّ قرآنيّ
- ( أين المفرّ ) صفحة 35 تناصّ قرآنيّ.
- ( لا تقصص رؤياك على أحد) صفحة 49 تناصّ قرآنيّ.
- ( ربّ الفلق) صفحة 55 تناصّ قرآنيّ.
- ( مثنى وثلاث ورباع) صفحة65 تناصّ قرآني.
- ( في غيابة جبّ الغياب ألقيتني) صفحة 65 تناصّ قرآنيّ.
- ( مع الريح يأتي .. كالبشارة) صفحة 30 تناصّ انجيلي.
- ( تراه بالزيت يُعمّد حروف الحكاية) صفحة 36 تناصّ مع الموروث المسيحي.
- ( لتسلم السنونوة للجلجلة..فيصيح المسيح) صفحة 63 تناصّ إنجيليّ.
- ( في الهزيع الأخير) صفحة 100 تناصّ إنجيليّ.
- ( العذارى الخمس) صفحة 100 تناصّ إنجيليّ.
وغيرها الكثير.
3. التناص الشعري مع بعض الشعراء أمثال امرؤ القيس ونزار في بعض القصائد
ومثال ذلك:
- ( تكفّ الأرض عن الدوران) صفحة 72 تناصّ مع نزار قباني
- ( أكرُّ، أفرُّ، أُقبلُ، أُدبرُ) صفحة 74 تناصّ مع امرؤ القيس.
4. استدعاء الرموز التاريخية والأسطورية بشكل مكثف في الكثير ما من النصوص مثل قيس، شهريار، شهرزاد، عشتار، هيرا، إيزيس، ولادة، وغيرهم.
5. استخدام الظواهر الطبيعية والنظريات العلمية وتطويعها لخدمة الفكرة التي تريد، ومثال ذلك الجاذبية الأرضية لنيوتن، مثلث برمودا، المدّ والجزر وظاهرة الخسوف وغيرها.
6. تدعيم القصائد بشيء من الموروث من العادات والتقاليد والأمثال الشعبية
والمقولات المعروفة والحكايات، والأحاديث النبوية الشريفة ومثال ذلك:
- ( إقرأ كفّ من تشاء من النساء) صفحة 69.
- ( سيكون للروح التي مع أشباه الظلال تنافرت.. فاختلفت) صفحة 75.
- ( بيدي ... لا بيد ابن الغجر) صفحة 75.
- ( إكرام الحزن دفنه ) صفحة 82.
- ( بلغني أيها القمر البعيد) صفحة 52.
7. التركيز على موضوع واحد وهو الشعر الوجداني دون سواه من أنواع الشعر
في هذا الديوان، بكل تفاصيله، كالعشق والهيام والبعد والهجر والغيرة وغيرها.
8. استخدام القصص والأحداث التاريخية الحقيقية منها والأسطورية مثل حصان طروادة، قصة سيدنا يوسف، والمثلوجيا الإغريقية واليونانية والمصرية القديمة.
9. استخدام أسلوب التكرار في بدايات الفقرات ونهاياتها للتأكيد غالبا ومثال ذلك:
- ( من سواك ) في قصيدة (يحبني بالثلاثة) صفحة 23.
- ( أحبكِ، أحبك، أحبك) من قصيدة ( يحبني بالثلاثة) صفحة 23.
- ( أنا أنثى ) في قصيدة (أنا أنثى) صفحة 26.
- (أشقّ البحر ) في قصيدة (في طريقي إليك ) صفحة33.
- ( حين فاضت ) في قصيدة (لا تقصص رؤياك على أحد) صفحة 49.
- ( سيدي) في قصيدة (معمودية القلق) صفحة54.
- لا أريد / سيكون) في قصيدة (ابن الغجر) صفحة 74.
وغيرها في مواضع أخرى.
10. المزج بين الومضات والقصائد:
فقد احتوى الديوان على تسع عشرة قصيدة، وأربع عشرة صفحة من الومضات.
11. تضمين الفلسفة والفكر الإنساني في بعض القصائد ومثال على ذلك،
( الحب كالموت، وكالمطر وكالفكرة، يكفر بالمواعيد المسبقة) في صفحة 40.
ثانيا: عنوان الديوان، وصورة الغلاف:
بداية العنوان وهو أحد قصائد الشعريات الفلسطينية، وهذا ما أطلقت شاعرتنا على
نصوصها الشعرية، ربما لتفادي النقد الذي يمكن أن يقال في حق ديوان نثري من
قبل بعض الكلاسيكيين الذين يرفضون فكرة أن يطلق على النصّ النثري قصيدة.
وأنا أكون من هؤلاء في أحيان كثيرة، ولكني أحيانا أكون أكثر تشدّدا منهم فأسقط
كلمة ديوان أو قصيدة عن نصّ التزم القافية والوزن ولكنه كُتب بحرف ركيك لا
روح شعرية فيه. وبالتالي فالشعر كمفهوم هو أكبر وأشمل من وزن وقافية، الشعر شعور وصور ومجاز وابتعاد عن التقليد، الشعر مفاجأة ودهشة إن لمْ يحققها الكاتب
في نفس المتلقي فهو ليس شاعرا، وهذا رأي وقد لا يعجب الكثيرون.
ومن منطلق هذه المقدمة أريد أن أحكم على شاعرية صاحبة الشعريات، ولكن ليس
قبل أن أغوص في النصوص ومعي من يحب الإبحار في عالم الكلمة، فإذا أصبت
في مكان شدّ على يديّ وإن أخطأت صوّبني وكلنا نخطئ.
" سأحاولكِ مرّة أخرى" والحديث على لسان ذكوري موجه لأنثى، وهذا يجعلني
أتخيل أن النصوص قد تأخذ هذا المنحى في الحديث، لأن العنوان غالبا ما يعبر عن
مضمون الكتاب، والمفاجأة أن كلّ النصوص أو أغلبها كانت بلسانٍ أنثوي، على
عكس ما توقعت في البداية. ولكن عند العودة إلى القصيدة وجدتُ أن عنوان تلك القصيدة يختلف وكان على لسان أنثى كباقي القصائد وهو في صفحة 94 وكان
على هذا النحو " سأحاولكَ مرة أخرى" والخطاب موجه لرجل حسب مضمون النصّ الشعريّ وكذلك الفتحة الظاهرة على كاف ( سأحاولكَ )، فهل هناك خطأ في العنوان عند الطباعة؟
أم أن العنوان قد تغيير لغاية في نفس الشاعرة قضتها؟ وهذا سؤالي الأول للشاعرة.
أما صورة الغلاف فقد حجزت جزءًا يسيرا من هذا الغلاف في وسطه، وقد امتزج فيها اللونان الأبيض والأسود، وتداخلت فيه الوجوه، وللوجوه دلالاتها وكذلك للألوان، فهل كان لاختيار هذين اللونين غرض وغاية عند الشاعرة؟
الأبيض يظهر الأسود، وكذلك الأسود يظهر نقيضه الأبيض، ولكن لا يمكن للواحد
منهما أن يظهر بدون الآخر، وكذلك الذكر والأنثى، كلّ يحتاج الآخر ليكون.
ثالثا: قراءة في القصائد:
بداية الإهداء:
تقول الشاعرة في صفحة 15( إلى اللغة /التي كلما حاولتها / باغتتني باحتمالاتها )،
وقد اعتاد الكتّاب أن يهدوا إصداراتهم إلى من لهم فضل عليهم، وإلى الأعزّ والأقرب من الأهل والأصدقاء. والأم أقرب الأقربين، وشاعرتنا في إهدائها اختارت أمّا من نوع آخر لتهديَها نصوصها، شاعرتنا اختارت اللغة أمًّا فقالت في إهدائها
( إلى اللغة /التي كلما حاولتها/.. باغتتني باحتمالاتها).
إهداءٌ يدخلك في جوّ خاصّ من السكينة والارتياح، ويشعر القارئ بالأصالة
والانتماء ويأخذنا إلى بَرٍّ من البِرّ لا حدود له، بِرّ من ابنةٍ بارّة بأمّها اللغة.
هي تقول ( كلّما حاولتها) والمحاولة فيها شيء من التعدّدية والحيرة، والحيرة
لها أسبابها، وتكون إما لصعوبة في الموقف، أو لتعدّد سبل بلوغ المراد فلا
يدري سالكها أيّ السبل يسلك، أو لجمال الآخر فنحار كيف تكون أقصر وأفضل
الطرق لوصله. وكلّ ذلك يحتاج المحاولة. واللغة أمّ جميلة، تسعى الشاعرة
للوصول إلى رضاها، فتحاول ذلك بكل الطرق، لتصنع من حليب حروفها أجمل قصيدة فإذا باللغة تفاجئها باحتمالاتها الكثيرة، تفاجئها بحبّ متعدد الرؤى،
وتفتح لها أبواب الجمال على مصراعيها قائلة لها: أي بنيّتي، هذه بساتيني
فاقطفي ما شئتِ من أزهار وخذي منها الرحيق.
بدأت شاعرتنا شعريّاتها، كما أسمتها، بالومضات، وجعلت هذه الومضات
بين قصائدها حسب رؤية خاصة بها.
أنا شبهت هذه الومضات بالمقبلات التي تسبق الوجبة الرئيسية والطبق الشهي،
فهي بذلك تهيّئ المتلقي لما هو أشهى.
في هذه الومضات كانت شاعرتنا ترسم جزءا من شخصياتها الأدبية وهويتها الشعرية قبل الغوص بالقصيد. ولعل هذه الومضات كذلك عبّرت عن شخصيتها الإنسانية، أو الشخصية الإنسانية لبطلة القصيدة، فهي إنسانة قبل أن تكون شاعرة وأديبة.
تقول في أول ومضة لها والتي أطلقتُ عليها ومضات التعريف أو ومضات الهوية
( على مهل)، ثم تجلس لارتشاف الشاي بالنعناع وتطلق العنان لخيالها، ثم يكون انفجار القصيدة، فهي تعتني بالتفاصيل، لهذا تتروى كفراشة تطير من زهرة لأخرى تنتقي منها أعطر الرحيق، فهناك متسع من الوقت كيْ لا تخرج القصيدة طفلا خداجا. وجملة ( لانفجار ومضة شعرية) استعارة مكنية جميلة حيث شبهت الومضة بالانفجار وحذفت المشبه به ( القنبلة) مع ذكر قرينته الدالة عليه وهي كلمة (لانفجار).
ثم تمضي الشاعرة بالتعريف بنفسها فتقول إنها ( السنونوة التي نذرت نفسها
للحبّ، والزهر، والقصيدة). ونذرت نفسها أي أنها أخلصت لهذه القضايا دون سواها، فانتبذت كلّ ما يهوى الآخرون من مادة، فكانت هنا كأنها مريم الشعر.
ولأنها سنونوة فهي من صنف الطيور، والطير حديثه التغريد ولأنها هناك في الأعالي يكون طيرانها عفويا، فيحسدها من لا يطير.
هي لا تضيرها عينُ حسود، لهذا تقول في صفحة 18 ( وإن لفّها الضباب /
تبقى الشجرة الوارفة وارفة). ولا تخفى رمزية الضباب والشجرة الوارفة
على القارئ الذي يقرأ ما بين السطور. ولأنها طيرٌ من شعر، نذرت حرفها
للحبّ فهي تبحث عنه بانتقائية العارف بما يريد فتقول ( كما نبحث عن إبرة
في كومة قش ). وهي كذلك تجد اكتمالها به، فهي تهيئ لذلك كل الظروف،
وأعدّت متكأها وأصرت إصرار صاحبة يوسف حبًّا، فنثرت خصلات شعر
بطلة القصيد، لكنه هو لم يرَ برهان ربّه كما يوسف، فألقى حجر نرده وكتبها قصيدة.
تقول في صفحة 21:
( أنا أحلم .. إذا أنا أحيا
وما دمتُ أحيا ... إذا أنا بحبر
وما دمتُ بحبر... إذا أنا على قيد حبّ).
انزياحات نحوية وإضافية جميلة تجعلك تتوقع أو تنتظر الكلمة القادمة والمتعارف عليها لتفاجئك بغير المنتظر، فالمتعارف عليه أن نقول ( أنا بخير )، ولكن غير المتوقع والمنتظر أن تقول الشاعرة ( أنا بحبر)، وتقول ( أنا على قيد حب) والمتوقع أن تقول ( أنا على قيد الحياة)، وهذا هو المتعارف عليه والمنتظر فتضيف غير المنتظر بكلمة حبّ بدل حياة، وتقول ( ما دمت بحبر) أي ما دام قلمي يكتب (إذا أنا على قيد حب) تكون بذلك على قيد الحياة، فأي معنى أجمل من ربط الحياة والحب بالكتابة والمداد.
كذلك هناك تسلسل وربط أنيق للأفكار، وصور تكتظ بجمال خاص، تأخذك الواحدة لتسلمك للأخرى بسلاسة، لعلها هنا تجعل من لا يطير من الحاسدين... يطير.
وفي هذه الومضات تشبيهات واستعارات، منها مثلا التشبيه المرسل في جملة
( كاللقلق على ساق واحدة/ في بحري تقف)، (آه من الحب/ كالنُّسغ / يسري في العروق)، ( كالنسر/ يسمو لا يخشى بروق). والجمل السابقة كلها جمل خبرية. وهناك ترصيع في بعض الجمل في إحدى الفقرات وهو من السجع إذ تضمنت الجمل سجعتين، وكان ذلك في جملتيّ ( الحنين يعبران)، ( للأنين يلوّحان)، هذا
عدا عن السجع العام في الفقرة في الكلمات (يلتقيان، يتدثران، يعبران، يلوحان، يسيران)، وربما يضعف هذا السجع النص كما قال بعض أهل البلاغة إذا كان فيه تكلف ويكون مناسبا إذا طلبه المعنى وساق إليه. وتنتهي رحلة المقبلات الأولى
( الومضات) وتبدأ عملية انتظار الطبق
الشهي والوجبة الدسمة، فهل ما سيأتي من قصيد سيكون فعلا كذلك؟
قصيدة ( يحبني بالثلاثة) :
تبدأ بجملة ( من سواك) وتكررها في كل فقرات القصيدة، وتنهي بجملة
( أحبكِ، أحبك، أحبك ) ما عدا في آخر فقرة.
جملة ( من سواك) تفيد أكثر من دلالة، وربما تجعلنا نخمن أكثر من حالة وجدانية كتبت في لحظتها القصيدة، إحداها أنها جاءت في لحظة لقاء كان فيه كل الأنس الذي يجعل من الأنثى فراشة. أما التخمين الثاني، فيحتمل أنها كتبت في لحظة بُعْدٍ فأخذت شكل المعاتبة والتذكير بما كان من ودّ بينهما، ولكن كلا الدلالتين تفيدان التخصيص، فكل ما جاء في فقرات القصيدة من فعل أو قول أو هيام كان فقط منه وله. القصيدة فيها الكثير من البيان ومحسنات البديع وجمال اللفظ وكذلك التمكن وامتلاك الأدوات. فانظر تطويعها للألفاظ والمعاني في جملة ( من سوّل له حلمه) وهو انزياح جميل آخر، والأفعال المتلاحقة ( أبرق، أرعد، عصف، وقصف)
كيف ركبت سيناريو كامل لمشاهد متسلسلة، يستطيع القارئ أن يراها بخياله
ويعيش لحظتها، وتركيب ( الجملة النائمة)، ثم هذه الخاتمة للفقرة
( حفر من حول الأسوار الشائكة حول حبها.... أحبك، أحبك، أحبك)، حيث
شبهت حبه لها بالخندق الحامي في الحرب، وهنا الدهشة في الوصف والتعبير واستخدام التشبيهات والاستعارات.
وفي الفقرة الثانية إسقاط لقصة التفاحة التي سقطت على رأس نيوتن فاستنبط
بذلك قانون الجاذبية. الشاعرة هنا كان لها طرح جديد وجريء في رفض قانون الجاذبية لتستبدله بقانون آخر وهو ( جاذبية الشهب في عينيّ حوائه).
ثم تعزف بعد ذلك على وتر آخر، وهو الثالوث المقدس، فتحدثت عن الثلاثة
( أحبك، أحبك، أحبك ) في واحد الذي (هو) فكان ثالوثها المقدس.
حتى لعبة الشطرنج لم تنجُ من تسخيرها لصالح الفكرة، فجعلت منه ملكا دخلت قلعته، وهزمت جنده ووزيره حتى وصلت للملك فرفعت راية استسلامها وإعجابها وحبها. وكانت قبل ذلك قد سخرت الطبيعة وأهل الغابة والجغرافيا والتاريخ وقصص العاشقين برموزها التاريخية، سخرتها كلها لمزج ألوان قصائدها العشقية لتبدو كأبهى لوحة. وكل ذلك تلخصه في فقرتها الأخيرة أنك ما أن ظفرت بنعمة هذه البطلة حتى أزهرت الأرض حبا وتكاثر فيها الخير فكان الثمر حسنا جدا جدا جدا.
قصيدة " أنا أنثى ":
وصلت بها الشاعرة فيها إلى ذروة التحليق في رسم الملامح، هي أنثى قوية لا
تعرف اليأس، تقول في صفحة 26 : ( كلّما صفعتها الريح / ...تعاود نبش ملفات التاريخ)، جملة خبرية، وهذه الجملة أوقفتني مليّا.. في ماذا تريد الشاعرة. هي تقول ( كلما صفعتها الريح) ، الجملة تفيد تكرار الصفع وأنه ما زال، وكلما حدث ترجع إلى ملفات التاريخ، فلماذا التاريخ الغابر، فهل تريد الشاعرة أن تقول أن الفرسان الذين تحتاجهم أصبحوا خلف ظهورنا، ولم يعد في أيامنا مثلهم؟ سؤال أطرحه على الشاعرة.
ثم ما أن تجد هذا الفارس حتى تفرد لطيفه جدائلها، ليصعد إلى شاهق القلب، وهذا استخدام لطيف لمعنى الوصول إلى قمة السرور بوصل الحبيب.
وقلت أن ذلك يكون لطيفِهِ، لأن هذا الفارس ما هو إلا مجرد فكرة لجأت إليها عندما عادت إلى نبش التاريخ. وهنا قد أجد تفسيرا لاستدعاء الرموز في القصائد وبهذا الكمّ، وبما أن هذا الكمّ من الرموز الذين استدعتهم، مرتبط بالصفع ذاته، فهذا دليل حياة لم تتوقف فيها الصفعات. وسؤال آخر في قولها أنه يصعد إلى شاهق القلب، فكيف يكون الصعود لهذا الطيف وهو محض خيال، وسؤالي ليس سؤال الجاهلين وإنما سؤال يفضي إلى كيفية كتابة القصيد وتحريك الخيال للوصول إلى قمة الإبداع.
وعودة إلى جوّ النص، فهي أنثى لا تلعن الظلام بل تضيء بدلا من ذلك شمعة،
في صفحة 26 وهذا استخدام وتناص بالفكرة مع القول المشهور.
هي أنثى هوايتها زرع الجمال والزيتون والزعتر، وعالمها في السماء، وبين هذا وذاك تطغى الغواية فتصير الغواية قصيدة( قلم ونزق ودفتر).
بطلة القصيدة أنثى الهدوء، فهي كما قالت في البداية ( على مهل ترتشف الشاي البارد بالنعناع)، تأتي مجددا لتؤكد حبها للهدوء والتمهل في كل شيء، حتى بتحميص مشاعرها على نار الغيرة. فهي تقول في فقرة بالغة الرقة
( أنا أنثى/.. تجعل من رأسها شمسا،/ ومن أحاسيسها بحرا/ لفارس يجيد تحميص مشاعرها/ على نار الغيرة)، وهي جمل خبرية، تقول فيها إنّ هذا الفارس الأسطورة هو ذات الفارس الذي كانت تفتش عنه في كومة قش كالإبرة، هو رجل فريد يعرف متى يشعل النار ومتى يطفئ لظاها، ومتى يجعل من أنثاه رشفة قهوة مصنوعة من بُنِّ حلم شهي. يرتشفها على مهل وهي تقول ما زال في الفنجان المزيد من القهوة الساخنة.
وكعادتها عبر صفحات الديوان، بعد كل وجبة دسمة من حلو القصيد، تأتي للقارئ ببعض الحلوى أو المقبلات من الومضات رأفة به وبتحمله، فقدمت الومضة الثانية ووضعت فيها مفهومها للحب، هي تقول إنها في هذه العلاقة هي أصل الأشياء،
( زيت الفتيل) وهي رغم استسلامها للملك إلا أنها ترفض القيد، فها هي تقول
( الحبّ يصنع الحبر) وحتى يصنع الحبر يجب أن يكون حرّا، وتقول كذلك
( أجمل ما في الحب أن تكون من فيضه) وهي قد اعتنقت حبّه وكفرت بكل ما يبدد شوقها إليه. ولأنها سيدة الحكايا فهي سيدة القرار... ومن يملك القرار يستطيع أن يجعل الرعد قبل البرق، فتفر من زرقة القدر للبحر. وهذا ربط جميل واشتغال
متقن على النصوص في قصيدة ( سيدة الحكايا) كما في سائر القصائد. ومرة أخرى تستدعي رموز التاريخ، وهذه المرة تستدعي عبلة وولادة وغيرهما، لتلبس ثوب سيدات العشق ربما، فبهذا الثوب وحده يمكنها أن تمشي على وسائد النهر لتعبر للضفة الأخرى. وهناك يعلنها الفارس "سيدة للحكايا".
قصيدة "في طريقي إليك ":
وفي طريقها إليه تقول: (أشق النهر)، (أشق البحر)، (أشق الفجر)، ثم تقول
( أشق القهر) كل ذلك لتصل إليه، لا شيء يثنيها عن ذلك، فلا حواجز تقف في وجه حبيب يصبو إلى حبيبه لأنه الدثار في البرد، والغمام الذي رسم في خيال الشعراء أجمل الصور، وهو المطر واخضرار الشجر، وهو العيد إذا اكتمل القمر.
هنا وفي كل القصائد تحافظ الشاعرة على شمولية الفكرة، كأنها إحاطة بها من كل جانب. ثم تتبع فتقول ( وأنت آذار القصائد) وهذه لفتة ذكية لآذار الذي فيه مناسبات كثيرة تخص المرأة والإنسان ففي آذار عيد الأم وفيه يوم المرأة وفيه يبدأ الربيع. ولكني لم أفهم الجملة التي لحقتها ( إذا ما أيلول احتضر) فأيلول يأتي بعد آذار، فكيف يجيء آذار بعد احتضار أيلول؟ سؤال آخر للشاعرة.
وهناك ملاحظة على العلاقة بين بعض الجمل في بعض الفقرات
فجملة ( أشق النهر.... وأنت المطر) في الفقرة الأولى وكذلك جملة
( أشق البحر ... فأنت الدثار) في الفقرة الثانية، وجدت خللا في الربط بين النهر والمطر وبين البحر والدثار أو على الأقل كان يمكن أن يكون من الألفاظ ما هو أصلح من أجل الربط المنطقي بينهما، والدليل على ذلك أن الربط كان موفقا جدا
في الفقرة الثالثة والرابعة، وقد أكون مخطئا. والجمل الشعرية السابقة كلها جمل خبرية.
وبين الجمال والجمال تكون الومضات، ومضة جديدة هي الثالثة في الترتيب
وقد أسميتها ومضات العلاقة بينه وبينها، هي تقول باختصار شديد
( كأني الجزيرة.. كأنك البحر.. فأين المفر)، وهو ذلك المعشوق الذي تعشه
كما جاء في قصيدة " عصفورة الجليل" صفحة 36،
(وهو أبعد من كل اتجاه)، ( وأوسع من كل مدى)، ( وأقرب من حبل الوتين)
وهي عصفورة الجليل تنتظر أن ينثر لها القمح على تلال الناصرة، ألمْ تقلْ
في قصيدة " يحبني بالثلاثة" سابقا ( من سواك، أطعمني القمح حبة حبة)؟
وهو نشيدها الوطني وهو العنوان وهو الذي لا ضرورة لاستمرارية الحياة،
حتى عند الآخرين، إن لم يعد ضلعها إلى صدره.
ولأنه الفارس الأسطورة، فقد أرادته كيف تشاء ولكنه فاق توقعاتها، فكان
أعنف من خيالها فحاصرها من شروقها إلى شوقها، ومن شمالها إلى جنونها.
وقد فاق توقعاتها عندما اعتقدت نفسها قفصا وأنها ستحتفظ به فيه وستمتلكه،
فأفاقت على غير ذلك، وكان يرفرف في السماء.
الشاعرة لم تكتب شعرا فقط، فللفلسفة عندها نصيب كبير ومن هذا ما قالت في
إحدى ومضاتها ( الحب كالموت، وكالمطر وكالفكرة، يكفر بالمواعيد المسبقة)
وهذا غوص واعٍ وذكيّ وربط علائقيّ دقيق، فالموت والمطر والفكرة تجمعهم
المباغتة ويأتون دون سابق إنذار وكذلك الحب.
( أأملك أن أخفي سرنا الذي شبّ عن قلبينا واندلع)، وهذه كناية جميلة عن
ما وصلت إليه العلاقة بينهما، وقالت ( شبّ عن قلبينا) ولم تقل في قلبينا، بمعنى
أن هذه النار أشعل لظاها قلباهما فانبثقت عنهما واندلعت.
وفي قفزة أخرى غير متوقعة تقول ( فكل الأشياء تزول إلا النابض بحبك) وهذا
من التجاوز في الحق، لأنه لا ينبغي إلا لخالق القلوب، حتى لو كان القول على سبيل المجاز. وهو بذلك قول يخالف الآية الكريمة والتي لا يختلف عليها دين
( كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)
شاعرتنا لا تحبّ مبتذل القول، ولا الحديث المباشر البسيط، الذي يتداوله أنصاف الكتاب والذين يحاولون الطيران اعتباطا في سماء الكتابة، وما أن يبدؤوا بالطيران حتى يُكسر جناحهم فيسقطون. ولأنها كذلك فهي كذلك لا تحب الرجل العادي البسيط، بل تحبه خارقا أسطوريا، تحبه مراوغا يأخذها للبحر ويعيدها وقد كواها العطش، يلوعها حد الجنون، يوحي لها بكل لغات العالم أنه يحبها دون أن يقولها.
تقول في ومضة في ص 43 ( آه.. يا من/ كلما كتبت له قصيدة غزل،/ قام فقص
وألصق حروفها/ على وجه الشمس/ وببرود لصٍ محترف/ نفى عنه.. التهمة).
ولأجل هذا التفرد فيه فهو في خيالها أجمل من النجوم التي فوق رأسه.
وترتفع وتيرة العشق في هذه الومضات لتستحضر معشوقات التاريخ ثانية تأتي بسلمى وولادة وتضيف إليهما شهرزاد وسندريلا، ربما لتعطي معنى عالميا لشعورها، أو لتزيد في مداه وحجمه، فكل زيادة في المبنى فيها زيادة في المعنى. هي استحضرتهن هذه المرة لا لتلبس ثوبهن كما فعلت في المرة السابقة، وإنما لتقف فيهن على عرش العشق وتقول إن حبها له قد فاق ما عرفن من حب على مرّ التاريخ، تقف ساخرة من تجربتهنّ في الحب لتقول لهنّ: أنا البحر أيتها الموجات الصغيرات. ثم بعد ذلك وكعادة كل النساء تسأله ( أتحبني؟).
وتقول ( أدخل في جحر السؤال) والجحر مكان ضيق لا يكاد يتسع لساكنيه أدخلت نفسها فيه بعد السؤال تنتظر جوابا، وكأنها في سجن لا يخرجها منه إلا الرد بالإيجاب، ولكن المفارقة تأتي بجواب منها هي فتقول ( ومن قبضتي يخرج الجواب فارًّا) وهنا جمال الصياغة ودقة التعبير وروعة الصياغة متعددة التركيب بين الجملة الشعرية الأولى والثانية، فقد تمخضت جبال أسئلتها التي حشرتها داخل الجحر فولدت أرنب إجابة وهذا تناص مع المقولة المشهورة ( تمخض الجبل فولد فأرا). وهذه الإجابة تخرج من قبضتها، كناية عن أنها هي تسأل ولا تجد إجابة فتجيب هي عن سؤالها.
ولأن عشقها له صار أمميًّا فقد اختارت له تقويما جديدا، ليس ميلاديا ولا هجريا، تقويم لا يعترف لا بالشمس ولا بالقمر، ويعترف فقط بعشقها، فأطلقت عليه
( تقويمنا العشقيّ).
في صفحة 46. تتكرر في هذه الومضة بعض الجمل التي ذكرت سابقا للمرة الثالثة، مثل ( شرقا.. شوقا)، ( جنوبا.. جنونا) فحبذا لو تجنبت الشاعرة ذلك فليس
التكرار معناه التوكيد دائما، وكلا الثنائيين ( شرقا، شوقا)، (جنوبا، جنونا) يمثلان
جناسا غير تام، وكذلك في كلمتي ( أبقى، أنقى)، والجناس من البديع. وفي جملة
( نتفت أجنحتي) أسقطت كلمة ريش من باب الحذف، والحذف من أساليب البلاغة المتبعة لرفع مستوى اللغة وتقوية الكلام وربّ من يظن أن هناك خطأ في التعبير بينما فيه من البلاغة الكثير، ومن الشواهد على ذلك الآية الكريمة في سورة يوسف، }واسأل العير {وقد حذف منها كلمة أهل العير أو راكبيها فكانت أبلغ وأقوى.
تقول في صفحة 47 ( لكل سؤال إجابة واحدة / وأنا إجابتك) وتقول على لسانه هو
( أنا سؤال يحتمل عدة أجوبة). الفكرة من حيث الصياغة فاقت حد الجمال وجمالها يتحدث عن ذاته دونما تفسير، أما من حيث المفهوم ودقة القول فيكفي أن نقول إن حديثه هذا كان على لسانها هي وحسب رؤية أنثوية محضة معششة في ذهن كل النساء، وهذا سبب كافٍ لنفي الفكرة والمفهوم، ترى هل أصبت؟ السؤال موجه
لمعشر الرجال. وتعود للعبة الشطرنج التي لم تسلم من شعرها كما قلنا وإلى ملكها، ففي قصيدة سابقة هي اقتحمت حصنه وهزمت جنده ووزيره واستسلمت أمامه
دون مقاومة، ولكنها هنا في صفحة 47 تجعله هو من يقدم على المبادرة بالإنذار والهجوم ليقول لها ( أيتها العاشقة المشاكسة،/ أنا الملك /على رقعة الشطرنج هذي،/ لو بسياط الغيرة قتلتني،/ ستنتهي اللعبة). وهذا مزج جميل ولعب بالكلمات وتطويع بليغ. ولي هنا وقفتان، وقفة أعود بها إلى حديثها عن الغيرة، فهي تحب أن يكون
فارسها يتقن تحميص مشاعرها على نار الغيرة، أما هو فالغيرة تقتله وتقتل في قلبه الحب وتنتهي اللعبة، هذه وتلك حقائق لدى أغلب الرجال والنساء، فالنساء تحب الرجل الذي يتقن العزف على وتر الغيرة، وهنا أقصد نوعين منها، الأولى غيرتها عليه بأن يشعرها بوجود غيرها فتتحرك فيها خاصية التملك التي هي تسميها الغيرة، والثانية غيرته هو عليها، فالأنثى تعشق الرجل الذي يشعرها بغيرته عليها لأن في ذلك كل الحب، على أن تبقى في حدها الجميل غير المصادر لحريتها. وشاعرتنا فهمت هذا جيدا، وفهمت كم أن غيرتها قد تنهي لعبة الحب الجميلة. والرجل لا يكره غيرة النساء ولكنه يكره أن تصل الحد الذي لا يصله خيال رجل.
قصيدة " لا تقصص رؤياك على أحد"
والعنوان تناص تام أو اقتباس حرفي من القرآن الكريم، ولا تخفى دلالة العنوان على أحد، حيث حذر النبي يعقوب ابنه يوسف من أن يقصّ على أحد ما رأى في المنام، وكان بعد ذلك ما كان من إخوته. والجملة من الأسلوب الإنشائي الطلبي.
تقول الشاعرة في صفحة 49 ( حين فاضت البساتين بالفراشات)، كأنها اختارت
الحديث عن الفراشات في جوّ ربيعي ساحر، وهي أرقّ المخلوقات وأجملها، في
لحظة عشقية حالمة، أطلقت الشاعرة العنان لخيالها ليصل إلى منتهاه. وأقول منتهاه
لأن نهاية النهايات تكون دخول الجنة أو النار، وشاعرتنا أدخلته الجنة حيث تقول
( أخذني الحنين إلى مملكة الحلم، فرأيتك في الجنة شجرة)، رأته شجرة مورقة
وارفة بدليل جلوسها تحت ظلها ساعات. وللشجرة دلالات كثيرة، منها الثمر والظل والخير وخاصة عند الحديث عن شجر الجنة، وبذلك فقد جمعت له الخير من كل جانب وفي كل زوايا الرؤيا. وليس نيوتن فقط من يسقط التفاح على رأسه ليكتشف قانون الجاذبية المشهور، هي في حلمها تُسقط تفاحة تريدها أن تسقط، لتفتح بسقوطها باب القريض، وليكون بعد ذلك البوح وتقول " وجدتك".
وفي خطوة باتت متوقعة تنبش دفاتر التاريخ مرة أخرى لتستدعي عشتار
والتي تمثل آلهة الحب والجنس والجمال عند البابلين والتي تقابلها عشتاروت
عند الفينيقين وأفروديت عند اليونان وفينوس عند الرومان. فمن هي هذه العشتار؟
هل كانت أنثى أخرى منافسة، وما أن أخبرتها حتى ثارت العاصفة؟ ولهذا قالت في العنوان ( لا تقصص رؤياك على أحد)، وعند العودة لتلك الأساطير يمكن معرفة سبب إدراج اسم عشتار في القصيدة، فعشتار هنا كناية عن أنثى تسعى لسرقة فارسها منها تماما كما كانت تفعل عشتار الآلهة التي كانت تغري حتى البشر بجمالها وتعدهن بالزواج لتستولي على أموالهم. والآلهة هيرا التي هي زوجة الآلهة زيوس وقد اشتهرت هيرا بالمشاغبة والغيرة على زيوس لعلاقاته المتعددة مع النساء، وقد أذاقت زوجاته الأخريات الويلات حسب الأساطير الإغريقية القديمة.
وايزيس تلك الآلهة الفرعونية عند قدماء المصريين والتي قُتل زوجها أوزوريس
على يد ست الذي قطّع الجثة إلى أكثر من أربعين قطعة ووزعها على أنحاء مصر
ثم أعادتها إيزيس وأحيت زوجها لتحمل منه حورس الذي يعيد عرش أبيه.
وشهرزاد جارية شهريار الملك في حكايات ألف ليلة وليلة الشهيرة وكانت الجارية الأخيرة في حياة شهريار الذي تعود أن يتزوج عذراء كل ليلة ثم يقتلها لمعاقبة بنات حواء جزاء خيانة زوجته التي أحبها.
هذه قصيدة الاستدعاءات الكثيرة لرموز تاريخية وهم : نيوتن وقصة التفاحة والجاذبية الأرضية، ويوسف وإخوته الذين أحضرتهم دون ذكر اسمهم، وكان يكفي أن تأتي بالآية الكريمة للدلالة على استدعائهم، وعشتار، وايزيس، وهيرا، وشهرزاد
بكل ما جاء من حكايات وأساطير اقترنت بأسمائهن، فماذا تريد الشاعرة أن تقول؟
هي تأخذك في جمل جميلة تارة إلى أعلى، وإلى الماضي تارة أخرى فتدخلك بطن التاريخ وتخرجك منه كيف تشاء، كل ذلك لتخدم فكرة ما في ذهنها عن الحسد وعن
الغيرة وعن علاقة حواء بحواء وكيف يمكن أن تكون حواء العدو الأول لحواء.
فهل كان هناك بعض الإغراق في هذه القصيدة لكل هذه الحكايات والرموز للوصول إلى فكرة واحدة؟ وهل كان الربط موفقا في استخدام الجمل المختلفة
مع الرموز وهل هناك من علاقة بينهما؟ وأقصد بذلك
ربط ( البساتين والفراشات ب/ عشتار)، و( البحار والحوريات ب/ هيرا)
و( الأعشاش والسنونوات ب/ إيزيس)، و( البراري والغزالات ب/ شهرزاد)
أسئلة حاولت أن أجد لها تفسيرا مناسبا فلم أفلح، فهل من تفسير مقنع؟
كل هذه تساؤلات تبقى من حق القارئ، ولكن ذلك لا يصادر حق الشاعرة في الاحتفاظ بالمعنى الذي تريد.
من ناحية أخرى قرأت جملة ( الأرصاد الجوية) فأحسست ببرودة المصطلح وكم أثر ذلك علي كقارئ بشكل سلبي وهذا مجرد رأي يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب.
أما من حيث البديع فقد تنوع في قصيدتها مثل الجناس غير التام في ( الأمنية، الأغنية)، و( الحنين، الدفين)، و(حبّ، جبّ). ومن التشبيهات ( رأيتك في الجنة شجرة)، ومن الاستعارات جملة ( يقطر في أذني مفردات الشوق الدفين)، وجملة
( ابتلعت العزلة فارسي)، وجملة( حللت سفك شوقي)، وجملة ( فسقط الحب في جبّ الحكاية). وهناك خطأ نحويّ في جملة ( فرأيت في البحر قواربًا) صفحة 50 والأصح (فرأيتُ في البحر قواربَ) لأنها ممنوعة من الصرف، ولم يكن من ضرورة شعرية لصرفها حيث يضطر الشاعر لصرف الممنوع من الصرف كي يستقيم الوزن.
ومضات رقم 5:
( كلما وقف الحسدة بيننا ... كان الخسوف)، والخسوف للقمر، فالعلاقة بينهما
قمرية مضيئة رقيقة، هذا ما يخطر لذهني بسبب وجود القمر في النص حتى
لو كان تلميحا، والخسوف يحصل كلما دخلت الأرض الجرداء بين الشمس وبين قمرها الذي تهديه نوره كلّ ليلة، وبالتالي فهو الشمس وهي القمر، وهذا التوزيع منطقي ومقبول ودلالته صحيحة، فالأنثى أقرب للقمر في وصف جمالها ورقتها، والعلاقة بين الشمس والقمر أزلية وهي السائدة فلا قمر بدون شمس تهديه شعاعها، حتى القرآن جمع بينهما في العلاقة فجاء في الآية الكريمة } لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار{ هذه العلاقة الجميلة مباركة من الأعلى، وعندما يأتي الحسدة ليجلسوا بين الشمس والقمر يكون الصدع المؤقت، وهذا كفيل بإطفاء القمر ولو لبعض الوقت.
وهذا توظيف جميل آخر للظواهر الطبيعية.
ومن حكَمَ على قصيدة النثر أنها بلا إيقاع، وجردها من جماليات الشعر،
أقول له ما قالت شاعرتنا في ومضتها في صفحة 52 :
( مبللتان شفاه التوت..
فكيف لها أن تشعلهما
وبين سكوت وسكوت
تحيا.. وتحيا
ثم تموت)
ولا أزيد عليها، فكل زيادة في الرد قد تتسبب بالنقص.
الشاعرة تهوى ركوب المستحيل والصعب، ولها رؤية سريالية للأشياء
فإذا استطاع سلفادور دالي أن يدخل الرجل في بيضة، وجعل من حبة الموز لعبة تأرجح في لوحاته السريالية غير الممكنة في تصور العقل البشري،
فإن شاعرتنا تقول له لست وحدك من يفعل المستحيل، فها هي في ومضتها
تقدم اعتذارها للبحار، فقد كانت تجهل أن ثمة من يفوق البحار مدّا وجزرا
حتى عايشت الحبيب فعرفت أن البحار تغرق في دوامة تفتحها في بحر حبّه.
قصيدة " معمودية القلق" :
تبدأ كلماتها في صفحة 54 بكلمة (سيدي) وهي مع ما بعدها من كلمات جملة إنشائية تفيد الرجاء، وهي كلمة تقال للسيد صاحب القرار النافذ والحكم الآمر، ويقولها محكوم أو تابع أو أمة، فهي بذلك ترمي عصمة أمرها في يديه، وتتنازل له عن حريتها طواعية، وتقول له أما وقد بلغتَ مني ما بلغت (فترفق) لأنك أصبحت في حياتي ثالوث الجمال، ( الشاعر، العاشق، الروح)، ولكن لماذا التنازل عن الحرية بعدما أعتقها؟ هل أصبح بالنسبة لها كالماء للسمكة، فإذا خرجت من الماء هلكت.
هو يؤمّم قلبه، والتأميم معناه أن تصبح الملكية عامة، وهي ككل النساء تريده
ملكية خاصة لها، ولكنها بالمقابل عرفت أن ذلك مستحيلا فطلبت الترفق
بالأنثى التي آمنت بأقانيمه، والتي كان قد اصطفاها من دون النساء، ولكن
ذلك لم يدم طويلا فضحى بها للنهر على طريقة أهل النيل الذين كانوا
في كل عام يلقون إليه أجمل بنات مصر قربانا كي لا يثور عليهم، وهذا
استحضار آخر لأسطورة قديمة.
وفي الفقرة الثالثة توضيح لما آلت إليه الأمور، فهي التي ظنها غجرية،
ولما تمنعت عن إرضاء أهوائه رماها إلى نار الحنين، وبلغت به ساديته
أن رآها تصبح رمادا وكان مستمتعا بذلك.
وهنا يوجد وقفة مع حواء، فهي إن أحبّت بصدق فقد ترى قاتلها يمامة
فوق غصن ذلها، فهل أرادت الشاعرة إقرار هذه الحقيقة، كي يكون قد
شهد عليها شاهد من أهلها؟
تقول الشاعرة ( سيدي وأنت تؤمم قلبك .. ترفق)، جملة إنشائية مكررة تكررها الشاعرة ست مرات، وقد يكون للتكرار أسبابه في التوكيد، ولكنه عند شاعرتنا يتكرر في أغلب القصائد وكأنه أسلوب وسمة عامة للقصيد. واستخدمت في نهاية فقرات القصيدة كلمات تنتهي بحرف القاف، وهو حرف ثقيل الإيقاع، وله في القلب وقع خاص عند سماعه، وقد كان ذلك في الكلمات
( الأرق، الغرق، رمق، العلق، العبق، القلق) وكانت موفقة في اختيارها. وفي بعض هذه الكلمات جناس غير تام في الثنائي ( الأرق، الغرق )،
( العلق، القلق).
قصيدة " أستميحك بوحا"
جملة إنشائية أخرى، والعنوان انزياح إضافي آخر، ونلاحظ تركيز الشاعرة على هذا النوع من الجماليات في صياغة القصيدة، ربما لما فيه من المفاجأة وقول غير المتوقع لإحداث الدهشة عند القارئ، فهل أكثرت الشاعرة منه
وأغرقت النصوص به؟ سؤال آخر يضاف إلى الأسئلة الموجهة للشاعرة.
واستدعاء آخر للتاريخ في زرقاء اليمامة صفحة 56 ، وهي امرأة عربية
من اليمامة في نجد يقال أنها كانت ترى الناس على بعد ثلاثة أيام، وطبيعة
الإخبار فيما لا يُرى استدعى وجود قوة أكبر من العادي المعروف فاستدعت
الشاعرة بذكاء زرقاء اليمامة لتخبرها بما عرفت.
أما جملة ( أنك ستزفني لليباب) كناية عن الموت، وهي جملة خبرية، أي أن زرقاء اليمامة أخبرتها عن نيته، وجاء الفعل ( فانشطر) موفقا لخدمة الفكرة، لأن هذا الخبر ينفطر وينشطر منه القلب، بل وأتبعت كلمة الانشطار بمعنى عملي مفاده أن مصطلح قوس قزح يأتي عادة بكلمتيه معا، لكنها حققت هذا الانشطار حتى في المصطلح فباعدت بين الكلمتين وألصقت لكل كلمةٍ كلمةً أخرى وهذا عكس ما كان منهما طيلة حياتهما، وهذا توصيف لحالهما فالانشطار أصبح في كل شيء.
وبعد القصيدة كالعادة تأتي ومضاتها الجميلة ( ومضات 6)
وهي ومضات العزف على الوجع والنفخ في ناي الغيرة، هو وهي والأخرى
مثلث الوجع العشقي الذي لا ينتهي إلا بسقوط أحد أضلاع المثلث.
تقول في صفحة 57 ( قنديل أنت.. فتيل هي)، وهذه الجملة فيها تشبيهين بليغين لحذف أداة الشبه والمشبه به فشبهته بالقنديل وشبهتها بالفتيل. وهذه الجملة الشعرية المركبة جملة في ظاهرها المدح له وفي باطنها الذم، فهو قنديل والقنديل لا يضيء بدون فتيل، فهو يصبح وعاءً فارغا بلا هذا الفتيل وهي الفتيل وبدونها كأنثى هو لا شيء، وليس هذا فحسب بل في الجملة تجعل من الأخرى ضحية لاستغلاله لأنها ضرورية لاشتعاله. هذه الضحية هي الأنثى الأخرى ولكن بطلة القصيدة تشاهد ما يحدث وتحترق، وأظنّ هذا ابتداع تخيلي على مستوى عال من الصنعة.
وتقول في جملة شعرية لاحقة ( حين تغلي الغيرة.. يتبخر الحب)، تشبيهات
واستعارات جميلة واستخدام جميل لعلوم الطبيعة لإيصال الفكرة في جملة خبرية. فقد شبهت الماء بالغيرة والبخار بالحب، أظنه ابتداع آخر يحسب للشاعرة. وما زالت الومضات العازفة على وتر الغيرة تتوالى، فها هي تقنع نفسها وتخاطب قلبها أنْ آن لك أن تقتنع بأن قلبه لا يشبهك، فأنت أيها القلب
عدد أولي وهو عدد يقبل القسمة على عشرة.
تقول أيضا في صفحة 58 ( في العشق لا تكن كمثلث برمودا)، وهذا أيضا
استدعاء ولكنه من نوع آخر وهذه المرة جغرافي وطبيعي وظاهرة كونية
غريبة تتمثل بابتلاع كل عابر سبيل، فهي إذن ومضات الغيرة التي يظلّ
رأسها عالقا في غيمة بيضاء في سماء الظنون.
قصيدة " من مزامير الغياب":
هذا العنوان استحوذ على بعض الشعراء والأدباء، مثل الشاعرة العراقية
دنيا ميخائيل التي استخدمت هذا المصطلح الإنجيلي، وتنقلت كذلك في
التوظيف لإيصال الفكرة بين نصّ إنجيلي وآخر قرآني، وهذا ما فعلته
شاعرتنا أيضا ليس تحديدا في هذه القصيدة وإنما في العديد من القصائد
والومضات الأخرى عبر الديوان، وقد ذكرت ذلك في ملامح الديوان في البداية. وربما استخدمت الترقيم في هذه القصيدة بسبب أن المزامير الدينية
مثل مزامير داوود عليه السلام لها أرقامها فكان المزمور الأول والثاني والثلث وهكذا. والعنوان عادة ما يكون هوية النصّ، وبالتالي فهي أناشيد تتحدث بشكل متسلسل عن الغياب والذكرى من أولها إلى آخرها.
تبدأ هذه الأناشيد والجمل بحرف (إن )، تقول في صفحة 60
( إن ضاق بنا الحلم.....)، وهذه كناية قلة الحيلة والعجز والحزن،
( إن ولجت الغزلان متاهة اللؤم....)، كناية عن وقوع البعض ضحية شرّ الآخرين ومكرهم، وهكذا كمقدمة للولوج إلى متن الفكرة فتذكر الغائب وما كان بالنسبة لها في معاتبة رقيقة أحيانا ولاذعة أحيانا فكان كما أسمته ( الأغلى)، وكان ( الأشهى)، وكان ( الأفعى)، وهذا رسم دقيق لحالة التخبط في تلك الحالة أو الحالات الوجدانية، وتقول في سياق ذلك ( كنت النبي الذي اشترى)،
( ويهوذا الذي باع)، وهذا أيضا استدعاء لرموز تاريخية ودينية أخرى وهي في هذه المرة أيضا متوافقة مع النسيج العام للقصيدة وحافظت على البناء الموضوعي للنص، فلم يكن الاستدعاء إقحاما غير ضروري للنصّ، وكلا الجملتين من نوع الجمل الخبرية وفيهما مقابلة واضحة. وهناك طباق في كلمتي ( اشترى وباع)، وجناس غير تام في عدة كلمات.
المفردات المستخدمة في القصيدة كذلك خدمت الفكرة العامة لها، مثل
( الغياب، ضاق بنا الحلم، خواء، لوم، الهمّ، الغراب، الضياع)، وبالمقابل
فقد استخدمت ألفاظا مضادة تخدم الفكرة المضادة مثل ( حلم، هتف، الأسمى،
اخضرار، بنفسجة، الأشهى، الإيقاع).
ومضات رقم 7:
أسميتها ومضات الرحيل، والغريب أنه رحيل دونما وجع، ولعل ذلك بسبب
الوعي في دخول العشق، وكذلك عند الخروج منه حتى تكون الخسائر أقل
ما يمكن أن تكون، الفكرة بحد ذاتها ليست مستحيلة لكنها ليست بمنطقية
إلى حد ما، فلا أحد يختار العشق ولا يدخله مع احتمال الخروج منه، ولكنها ربما تكون دعوة لنهج جديد أكثر وعيا.
القرار في هذه الومضات كان ذاتيا لذلك لم تكن الأنثى هنا ضحية كعادتها،
بل على العكس فقد عادت بعد رحيله طفلة، والطفولة كناية عن البداية والبراءة، فها هي تعود للهو مع البجع والنحل، ولم تعد تشغل ذهنها كثرة الأسئلة. تقول في صفحة 62 ( برحيلك عدت طفلةً تتمرغ بالرمل)
قصيدة سوناتا الندى:
السوناتا معزوفة موسيقية متغيرة الحركات، بطيئة وسريعة، وقد عزف موسيقى السوناتا أشهر موسيقيّ العالم أمثال بتهوفن وموتسارت، وفي
بعض الحقب الزمنية كانت السوناتا معزوفات كنسية استخدمها أهل الكنيسة
في المناسبات الدينية.
الشاعرة في خيالها الواسع سمعت للندى عزفا موسيقيا، فأحبت أن تعزفه
لنورسها الذي نذرت نفسها لعشقه، ولأن عشقه بالنسبة لها مقدسا فقد اختارت
السوناتا لقدسية المكان الذي تعزف فيه، وهذا مجرد تقدير لا أدري كم اقتربت
من صحته في التحليل.
تقول في صفحة 63 ( وأعزف سوناتا الندى/ لنورس نذرته لعشق مقدس/
فنذرني لذئاب المدى) في جمل خبرية الأسلوب، كناية عن إخلاصها وخيانته، ووفائها وغدره، وهذه مقابلة بين حالتين، الأولى تخصها وتعيشها والثانية تخصه ويعيشها، هي نذرت نفسها لنورسها وهو نذرها للذئاب، ولأنه كذلك أصبح فارسا من سراب، والسراب لغةً هو الماء الوهمي وهذا من جماليات اللغة فهو عكس الشراب الذي هو الماء الحقيقي، هي ظنته فارسا حقيقيا فكانت كالتائه في الصحراء يرى اللمعان في البعيد يظنه شرابا فإذا اقترب اكتشف أنه سرابا. ولأنها السوناتا الكنسية، فالكنيسة حضرت حتى لو تلميحا، وبسبب وقوعها بالجلجلة بعد صدمتها، كان لا بد من منقذ، وفي حديث الجلجلة والكنيسة فلا أفضل من يسوع عليه السلام مخلصا ومنقذا.
والجلجلة في معجم المعاني الجامع هي صوت الرعد، وهي مصدر جلجل،
وهي كذلك صوت الاهتزاز والحركة الشديدة والجمع جلاجل.
والجلجلة حسب الاعتقاد المسيحي هي الصخرة التي صلب عليها السيد
المسيح عليه الصلاة والسلام، وقد أسقطت فكرة الجلجلة على نفسها ولكنها
لم تنكر حق المسيح عليه وعلى أمه السلام بالردّ فاستحضرته لهذا الردّ.
هذا الترابط المتين يدلّ دلالة واضحة على أن الشاعرة تعرف ما تريد، وأن
صناعتها الأدبية مبنية على أسس مدروسة.
وعند قراءتي للقصيدة تمنيت لو انتهت القصيدة عند جملتها الشاعرية
( فيصيح المسيح .. كفاك نفاقا)، لأنها نهاية كانت الأجمل دونما إضافات
فلا حديث بعد ردّ يقدمه يسوع.
وفي القصيدة تراكيب جميلة كباقي القصائد مثل ( فارس السراب ، مزمار الهوى، اللبؤة الحانية، سحب حائرة، حروف ماطرة، ريش الأمنيات)
وفيها انزياح تركيبي في جملة ( لسواك أنا )، فقد أخرت المبتدأ ( أنا) وحقه
التقديم على الخبر المكون من شبه الجملة (لسواك).
وفي جملة (مع الريح تعود/ لتعاود العزف/ على مزمار الهوى)، استعارة
جميلة وفيها انزياح كناية عن الرجوع إلى عادة قديمة توقف عنها مدة،
ولكنها لم تكن مدة طويلة لأنه عاد مع الريح والريح سريعة وفيها الفوضى
والطيش ليمسك آلته التي اعتاد أن يعزف عليها.
ومضات رقم 8: ومضات التحدي كما رأيتها، ولأنها ومضات التحدي
والإصرار على الحياة، تأتي الأسطورة الأنسب لهذا وهي الأسطورة التي
تتحدث عن القيامة من الموت، تقول في صفحة 65
( قهرني البحر،
مثنى.. وثلاث.. ورباع
وفي كلّ مرة كنت كالعنقاء
من بين الرماد أقوم
لكن.. كقارب دونما شراع)
استخدمت البحر والبحر من صفاته المعرفة الغدر، واستخدمت القهر والقهر
مرادف للموت فالله القاهر لعباده بالموت، واستخدمت مثنى وثلاث ورباع
وهي استخدام قرآني عرف بموضوع تعدد الزوجات، ولا شيء يقهر الأنثى
مثل أنثى أخرى يأتي بها الرجل حتى لو شرعا.
ثم بعد كل هذا تأتي فكرة العنقاء لتبرز إصرارها على التحدي والحياة، فتقوم
من بين الرماد، ولكن حتما أنها لن تعود كما كانت، فتعود مكسورة الجناح.
ثم تمضي في حديث القوة والتحدي فتقول:
(ما لطخ الدم قميصي... أنا قتلت الذئب كي أحيا)
إن استحضار قصة الذئب في القصيدة وما كان من أخوة يوسف عليه السلام
يدل على حضور الكذب والحسد، فليس أقوى في قصص الكذب في التاريخ
من تلك التي واكبت حياة يوسف الصّديق، فهل ذكرها في قصيدة للحبيب
يوحي بكذبه أو حتى أنه اتهام صريح له بصفة الكذب البالغة؟
ونلاحظ مرة أخرى أمرين، الأول توالي اتّكاء الشاعرة على استدعاء الرموز
التاريخية والأسطورية، وكذلك التناص فكرة أو ألفاظا أو جملا مع الكتب
السماوية، إنجيلا وقرآنا.
قصيدة فلسفة الحبّ:
( مضى الغراب، والغثاء مرّ وزال .... وفي الأفق سُمع موال)،
هي قصيدة العودة والرجوع والربيع بعد اندثار الغيوم السوداء، فما أن رحل
الغراب عن حياتهما حتى طاب سماع فيروز، والغراب كناية عن الوشاة
والحاسدين وربما سارقي الأحلام وما أكثرهم.
عودة الربيع أعادت الحياة لكل شيء في نظر الشاعرة، فأينع الزهر ونضجت
الفاكهة وأرسلت البحار حورياتها، ودخل النور بعد الظلام، وغرد الكروان.
كلّ ذلك في لامية جميلة محلقة تتراقص فيها الكلمات وتعزف فيها الحروف
لحن فرحتها، القصيدة فيها محسنات بديعية مثل الجناس ( زال، ما زال).
ومضات رقم 9:
وهي ومضات العادات والموروث الاجتماعي، تستخدمها وتطوّع مفرداتها
ومعانيها لخدمة ما تريد، فقراءة الكفّ موروث شعبي وعادة عند الكثير من
الناس، ورغم جاهلية الفكرة وعدم علميتها إلا أن الشاعرة استخدمتها،
(إقرأ كفّ من تشاء من النساء) صفحة 69،
لم أجد لهذا تفسيرا إلا أن الأنثى قد تلجأ إلى كل الطرق وأنها لا تعدم الوسيلة
للوصول إلى غايتها، فالشاعرة عبر ديوانها لم تترك أسطورة أو علما أو
رمزا أو مفهوما أو عادة إلا حاولت تطويعها، كي ترسخ صورتها الأنثوية
أمام الحبيب وكذلك الصورة القوية والعنيدة التي تأبى الانكسار، كل ذلك
لتقول له أحبك ولتسأله بعد كل هذا سؤالا واحدا...( أتحبني)؟.
وتقول: ( لست طروادة/ بالبارود تحاصر أسوارها/ لي قلب عصفورة)
وهذا رسالة إنسانية عالية المستوى، وفيها مقابلة بين نقيضين، بين قلعة
عالية عصيّة على الانكسار، وبين مخلوق رقيق لا يليق به إلا الرفق واللين
كما جاء بالحديث الشريف }رفقا بالقوارير{، فهناك من يتعامل مع الأنثى
وكأنها قلعة وهي أوهن من بيت العنكبوت إلا من ارتأت غير ذلك.
قصيدة " إيقاع العشق"
قصيدة اختلفت عن سابقاتها في المخاطِبِ والمخاطَب، ولكنها تشابهت إلى حدّ كبير في الأسلوب والصياغة والطرح، فهنا خوطبت الأنثى من قبل عدة مخاطِبين. ففي البداية يكون الحديث أحاديّا ( حبيبتي ) مادحا إياها بأجمل الحديث (يا سليلة النعناع والبرتقال والليمون/ والزعتر البريّ والزيتون)
ثم يجعل سقراط ينهض من كتب التاريخ، وكذا اللقالق يجعلها تتحدث
والبحار والصواري ثم يأتي بالطيور لتطوف حول كعبة حبها سبعا،
وتقول لها ( من الآن نحبك)، فهل أرادت الشاعرة أن تقيم شيئا من التوازن
العشقي بينها وبينه بأن تحدثت على لسانه فحرك لها الصواري والأشرعة وأنطق البحار وجلب الرموز (سقراط/ يونس/ الحوت) كما فعلت هي بكل القصائد؟ سؤال يضاف إلى سلسلة الأسئلة.
قصيدة "ابن الغجر"
( لا أريد أن أموت هكذا/ كفأر المتاهة/ أفرّ، أكرّ، أقبل، أدبر/ في مصيدة الصمت) كناية عن الضيق الذي يتبعه الموت. الكلمات تعيدني إلى قول
امرؤ القيس (مكر مفر مقبل مدبر معا**** كجلمود صخر حطه السيل من عل)
هناك الحديث عن خيل سريعة كانت حركتها من أجل الصيد، بينما شاعرتنا
استخدمت ذات الكرّ والفرّ وذات الحركة في الإقبال والإدبار لفأر هو سيكون
ضحية الصيد، والجملة في تضاد في ( أفرّ، أكرّ)، وفي ( أقبلُ، أدبرُ).
والصمت كناية عن الموت لأنّ الموت فيه صمت أبديّ، فكان التوظيف
للفظة موفقا.
وتتكرر جملة ( لا أريد) ثلاثا، كناية عن الرفض القاطع للفكرة.
( سيكون أن .. تنحني السنابل الآيلة للشوق) انزياح إضافي غير متوقع،
وفي جملة ( سيكون للروح التي مع أشباه الظلال تنافرت.. فاختلفت، أن تتعارف مع الغريب القادم من فردوس الأساطير فتتآلف ويكون نور)
وهنا إشارة إلى الحديث النبوي الشريف } الأرواح جنود مجندة، فما تشابه منها ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف{ أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وهذا يعيدنا إلى قصيدة " أنا الأنثى" التي تنبش دفاتر التاريخ بحثا عن فارس
أسطوري ربما كالإبرة في كومة قش، لماذا؟
لأنها لم تتفق مع أشباه الظلال في الواقع فتنافرت معهم، فآن لها أن تجده
أسطورة من تلك الرموز التي صاحبتها عبر هذا الديوان.
وجملة (أشباه الظلال) انزياح آخر كناية عن أشباه الرجال، وهذا الواقع
مع أشباه الرجال يجعلها تعيش في ظلام، بدليل أنها بفارسها الأسطوري
ستدخل فردوس السعادة ويكون النور.
( وفي الذكرى الثانية للجنون المقدس) هذه الجملة في صفحة75 تفتح أمام
القارئ بوابات الاحتمالات على مصراعيها فيما تريد أن تقول الشاعرة،
ولا يكون التأويل بغير ربط الجمل والقصائد ببعضها، فهي تتبع بجملة
( سيهددني باللعنة، فأرتشف الترياق بيدي، لا بيد ابن الغجر) كثيرة هنا التأويلات، ولعل كلّ منها يأخذ القارئ إلى أكثر مما يحتمل النصّ، لذا أحيانا الأجمل أن تترك هناك المساحات للفهم كيفما يشاء المتلقي ويبقى المعنى الحقيقي في بطن الشاعر كما يقال.
( سيكون أن تهدهدني ملائكة فأفيق/ وعلى الجبين أحد عشر اسما ووشما)
خيال فوق غيم الإبداع ، وأمل ترسمه بإسقاطات جميلة، وصور يوسفية الجمال أضيئت من زيت لآل البيت، في جمل خبرية الأسلوب.
صور فائقة الأناقة كناية على الإصرار على تحقيق الحلم، مهما كان الحلم
خياليا ومجنونا ومغرورا.
قد يخبو مصباح الأمل قليلا نتيجة مكر الغربان، ولكنهم إلى زوال، وسيبقى
الأفق لهذا الحلم عنوانا.
وفي القصيدة مقابلات عدة مثل ( الأكثر زرقة من يم) و ( الأقل مراوغة من غيم) ومثل ( تنافرت فاختلفت) و ( تتعارف فتتآلف).
وهناك جناس غير تام في ( الأكثر، الأقل) و ( مغرور، مغروم).
واستعارات مثل ( وفي القفص الحلميّ قمر).
وهناك ملاحظة أن آخر كلمة في القصيدة كان يجب أن تكون عنوانا وليس عنوان لأنها مفعول به منصوب، وربما اضطرت الشاعرة لذلك تماشيا
مع الكلمات السابقة ذات القافية المتشابهة ( الطوفان، الغربان، جان) ولكن
كان بالإمكان أعادة ترتيب آخر ثلاث جمل على النحو التالي للوصول
إلى قافية مشتركة بينها دون خطأ، فتكون:
( كنتُ كيانا/ سأبقى كيانا/ ويبقى الأفق لجناحي عنوانا)
وأنتقل إلى القصيدة صاحبة عنوان الديوان متجاوزا باقي القصائد والومضات، لتشابه الأفكار والصور والاستدعاءات الجميلة للرموز، والاستعارات الكثيرة،
وسحر البيان والبديع.
قصيدة "سأحاولكَ مرة أخرى"
وعودة إلى عنوان الديوان الذي حمل ذات المعنى ولكن المخاطب كان مؤنثا،
أما قصيدتنا هذه فالمخاطب فيها مذكرا، فهل قصدت الشاعرة بالعنوان معنى آخر؟
هل لعنوان الديوان علاقة بالإهداء الذي افتتحت الشاعرة به ديوانها فكانت تقصد
(سأحاولكِ أيتها اللغة الأم مرة أخرى حتى أصل إلى ما أريد)؟؟
أما أنه محض خطأ طباعي لا أكثر ولا أقل؟ هذا ما تساءلتُ به في بداية قراءتي
وطبعا الإجابة عند الشاعرة.
وعودة للقصيدة، قصيدة العودة كما رأيتُها....
(قد آن الأوان /أن تعقد قرانك على هذياني )
كناية عن الإصرار والقرار الذي اتخذته الشاعرة مع سبق الإصرار وكأن ما كان من قصائد وومضات ما هم إلا مقدمة لهذا القرار. كأنها تقول له ها قد قدّمتُ لحياتي معك فقدّم مقابله ما أستحقُّ منك فقد آن الأوان. واستخدمت لذلك أدوات التوكيد ربما لأنها متأكدة من النتائج، وفي الجملة انزياح إضافي في كلمة هذياني.
تقول في صفحة ٩٤ ( كي تولد ولو مرة واحدة/ على يدي امرأة / تعرف/ كيف
تغري جوعك/ إلى قمح الحنان) وهذا كناية عن البداية الجديدة، فالميلاد بداية الأشياء، ولكنها ولادة من نوع آخر، ولادة تنقله من عالم الجوع إلى عالم الاكتفاء
حيث مزارع الحب، والجملة فيها من توظيف البيان الشيء الكثير، ولغة المجاز فيها
عالية المستوى، فقد شبهت النقص والحرمان العاطفي بالجوع، والوصل والرضا بقمح الحنان. واستخدمت بذكاء الفعل تغري، فلم تقل امرأة تأخذك بل قالت امرأة تعرف كيف تغري، لعلمها انه يكفي الرجل بعض الإغراء ليذهب بعد ذلك بنفسه.
(قد آن الأوان/ أن أحاولك مرة أخرى/ لأحاور فيك شهرياري/ وقيسي وابن
كنعان )، تكرار كناية عن التأكيد والإصرار الذي ذكر في البداية، ولكن هنا تتحدث عن المحاولة، والمحاولة مرة أخرى تفيد وجود محاولات سابقة كلها كللت بالفشل وإلا لما حاولت مرة أخرى، في هذه المرة ستحاور، والحوار فيه تنازل عن القرار الذي اتخذته سابقا وهذا باعتقادي خلل، ولو كانت هذه الفقرة قبل سابقتها لكانت اقرب لمنطق مراد القصيدة، ولو كان مراد القصيدة المحاولة أصلا فما كان من داع للقرار القطعي المتخذ في البداية بعقد القران
.
في هذه الفقرة ستحاور فيه شهريارها وقيسها وابن كنعان، فيه تريده كما هو في مخيلتها ورغبتها، وهنا تناقض أنثوي مقصود ودهاء لحواء ومكر مبطن، فالحواقر يفيد الندية واحتمالات القبول والرفض، وإعطاء الآخر الحقّ لأن يكون هو، لكنها تبدأ حوارها معه على أنه قيسها وشهريارها، وكأنها تقول له كن ما تريد في هذا الحوار ولكن في إطار رغبتي وتصوري.
وهنا عودة وتأكيد على ان هذا الرجل الذي ستحاوره، تريده كهؤلاء الذين تنبش عنهم في بطون التاريخ، تريده نسخة منهم، لاعتقادها بانقراض هذا النوع البشري وعدم وجوده في هذه الأيام، ترى لماذا انقرض هذا النوع من الرجال، وهل انقراضه مرتبط بانقراض ذلك النوع من النساء الأسطوريات اللواتي كنّ على عهد هؤلاء الرجال؟ وهل طلب الرجل الأسطوري بشكل حثيث من الشاعرة هو فقدان للأمل، فقدان أمل مبعثه الأمل.؟
كلها أسئلة تضاف إلى الأسئلة السابقة في هذا الديوان.
رابعا: الخلاصة والخاتمة:
لقد قدمت لنا الشاعرة والقاصة ريتا عودة طبقا شعريا شهيا، قد نختلف على
بعضه، وهذا من طبيعة العمل الناجح.
وهذه قراءة متواضعة لم تدخل بكل التفاصيل، قد أكون أخطأت بفهم المراد
في بعض القصائد، وقد أكون قد أطلقت حكما غير دقيق على بعض المواضع.
لكن في النهاية لا بدّ من تهنئة الشاعرة على ما قدمت للمكتبة العربية، مع
أمنياتي بمزيد من التقدم والنجاح.
وأختم بما بدأت به حديثي عن مفهوم الشعر ومن يستحق أن يقال عنه شاعر،
وهل ما جاءت به ريتا عودة من قصيدة النثر، وليس ريتا عودة لوحدها، فهل
للمقطوعات النثرية المبنية على جماليات اللغة وبيانها وبديعها مكان في
وجدان الشعر لنقول عنها قصيدة، أم أن الجدل حول هذا الموضوع سيبقى
قائما كما ذلك التجاذب والصراع والجدل بين آدم وحواء؟
بقلم : م. رفعت زيتون
القدس في 30/3/2015
ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع.
دنيا الوطن
" مُبَاغِتـــًا جَاءَ حُبــُّكَ "
قصائد
2015
ريتا عودة
لَم يَمتَلِك قلبي
إلاَّ
مَن أَتَانِي مِنَ
البَحر
------------
أريدُ أن أحيَا
أريدُ أن أستيقظَ
معَ الفَرَاشَاتْ
لأَهيمَ على وَجهي
في الحُقولِ
سَاعَاتٍ وسَاعَاتْ
أريدُ أن أُشَاركَ
المُزَارعينَ
في زرعِ بُذورِ الأمنياتْ
أريدُ أن أحيَا:
أريدُ أن أصغي لصوتِ
قطراتِ المَطرْ
وهي تُعمِّدُ العشبَ
والشَّجرْ ...
أريدُ أن أفاوضَ الطيورَ
على أجنحتِهَا،
والناياتِ
على نغماتِهَا
أريد أن أحلّقَ
أعلى من النُّسور
أريد أن أغني
أفضلَ منَ العَنادلِ
وشَتَّى أنواعِ الطُّيورْ.
أريد أن أنتهرَ جرادَ
الظَّلامْ
وكأنبياءِ العهدِ
القديمْ
أدعُو ..
للوِئَامِ بينَ الأَنَام
أريدُ أنْ أفعلَ
أشياءَعديدة ..
عَ د ي دَ ة
لكن...
صَوتَ
طَلقاتٍ
نَاريَّة
بَعيدَة
بَ ع ي دَ ه
يُشَوِّه كُلَّ
... أحلامِي ...
------------
شاعِرَة ٌ مَاكِرَة ٌ مَنْ يَجدُهَا..!؟
شاعِرَة ٌ
مَاهِرَة ٌ، مَاكِرَة ٌ
مَنْ يَجدُهَا..!؟
ثمَنُهَا يَفـُوُقُ اللآلِئِ
كـُلـَّهَا.
بـِهَا يَثِقُ قلبُ قارئِهَا.
لـَهُ .. لا تصْنـَعُ إلاّ
الدَّهْشَة َوالبَهْجَة.
هِيَ.. كـَسُفـُن ِ التـَّاجـِر ِ،
مِنْ بَعْيدٍ..
تـَجْـلِبُ رُؤَاهَا.
تـَقـُومُ، إذِ الغـَسَقُ قـَريبٌ
تـَتـَأَمَلُ الأ فـُقْ.
ثمَّ، تـَمـُدُّ يَدَيْهَا إلى المِغـْزَل ِ
وَتـَنـْـسِجُ...
مِنْ حَرير ِ الحُلـُم ِ .. قـَصَائِدَهَا.
لا تـَخـْشـَى بَرْقـًا وَلا رَعْدَا،
فـَقـَصْرُهَا مُؤَسَّسٌ عَلى .. الأَلـَقْ.
يَقـُوُمُ قـُرَّاؤُهَا .. وَيُطـَوِّبُونـَهَا،
النـُّـقـَادُ .. فـَيـَمْدَحُونـَهَا.
*
كـَثيرَاتٌ ..
حَاوَلـْنَ اللـُّغـَةَ
نـَثـْرًا وَشِعْرَا
أَمـَّا أنــَا..
العَارفة ُسِرَّ
رَحِيــِق ِ الزَّهْرَة..
فـَفــُـقــْـتهُن
جَمِيعًا.
7-9-2009
------------
کُونِی
کَمَا تَشَاءُ لَکِ الفَرَاشَاتُ
أَن تَکُونِی
کُونِی
غَجَریَّهً یَنحَنِی الکَرمِلُ
لِرُوحِکِ
یَا عُیونِی
کُونِی البَحرَ
کُونِی الرِّیحَ
کُونِی حُلُمَ المَسحُوقِین
کُونِی رَغِیفَ الجَوعَی
دَمعَهَ المُهَمَّشِین
کُونِی ریتای
کُونِی حَنِینِی
کُونِی جُنُونِی
ایَّاکِ ألاَّ تَکُونِی
------------
كُنْ رَفـِـيــِـقي
مُعَذَّبةٌ
فِي الرّيح ِ سُفُنِي ،
مُتعَبَة …
مِنْ أَشبَاهِ رِجَالٍ
واسطِوَانَاتِ غَرَام
*
كُنْ رَفـِـيــِـقي،
مُوْحِشٌ جِدًّا طَريِقِي
*
كُنْ مَنَارَةً ،
تـَقـُودُنِي
مِنْ وَجهِ الضِّيقِ
إلى بَرِّ سَلام
*
كُنْ رَفـِـيــِـقي،
في بَحْري ألفُ غَريقٍ
وَغَريق ِ…
*
كُنْ رَفـِـيــِـقي،
آهٍ كَم أشتَهِي
يا صديقي
رَجُلاً يُشبِهُنِـي..
لا يُشَوِّهُنِـي !
يُدَلِلُّني …
عَلَيـــَّا يَدُلُنـي …
يَغْمـُرُنِي ..
بوَابِلٍ مِن أنـْقـَى
الكَلام …
يَعبُرُ بي وَادي البُكاءِ
يَصْعَدُ بي إلى السَّمَاءِ
حيثُ السَكِينَةُ ،
حيثُ مُدُنُ الأحلام
*
كُنْ رَفـِـيــِـقي …!
كُنْ رَفـِـيــِـقي …!
------------
فارسٌ مِنْ زَمَن الحُبّ
في البَدْءِ
قلتَ للحُبِّ: "كُـنْ"،
فكانَ الرّبيعُ والأراجيحُ
والعُطورْ
وقلتَ للحُلم ِ : " ليَأتِ ملكوتُكْ"،
فصِرْتَ النورسَ
الـ ..جمعَ للسنونوةِ
محاراتِ البُحورْ
وصَارتِ المِسْكَ
الـ .. يـَضُوُعُ مِنْ حَولِكَ
فيحَتارَ البنفسجُ والنرجسُ والفـُلُّ
وتلتاعُ بقيّةُ الزهورْ
ثمَّ قالَ الفرحُ: " لتكـُنْ مشيئتي"
فصَارَ الشّوقُ شجرة
تتوَقـَّدُ ..
تتوَقـَّدُ ..
لا تحترق ُ
ولا تخـُورْ
2009 / 2 / 15
------------
على غُصنٍ
يُغَرِّدُ الطَّائِرُ
ويستعِدُّ القَنَّاصُ:
للطَلقَة
14.01.2015
------------
وَردَةً
في المَطرِ كُنتُ
وَحِينَ أَحبَبْتُ صِرْتُ
بُستانًا مِنَ:
العِطْرِ
14.01.2015
------------
غـَجــَـريــَّة عـَاشــِـقــَة
كأنّي ...
في زمنٍ آخـَـر
كُنتُ غَجَريــــَّـة ً
مَسكونَةَ بِالعِشق ِ
كُنتُ حُورِيـــَّـة ً
مُـثــْـقَــَـلـَـة ً
بِالجِرَاح
أحِبــــُّـكَ
في زمنِ القُبحِ ...هذا
لا تَسَلنِي ... لماذا
فأنتَ لِي
أنتَ ...أنتَ حُلُمي
وأنتَ للفرحِ المِفــَـتـــَاح
أحِبــــُّـكَ
كَي يـَتـَنَـفَـَسَ الصَّبَاحُ
كَي تـَكُونَ لـِذَاكِـرَتـِي
نَبْعَ الإنشـــِرَاح
أحِبــــُّـكَ:
كَي تُنجِبَ الأُمَهَاتُ
أَبطَالاً
فَأنْتَ المـَوَّالْ
أنــِيـــِـنُ الخِــلخـــَالْ
حَبُّ الـ ... هـَالْ
في قَهوَةِ الفَلاَّح
أحِبــــُّـكَ
لأنِّي مَعَكَ
لا أسيرُ حَائِرَة ًفِي دَائِـــرَة
بــَـلْ ...
مَعَ الكـَوْنِ
أ... تـَـ ... دَ... فَـَّ ... قُ
دُونَ قـُيـُودٍ جَائِرَة
دُونَ نـُوَاح
أحِبــــُّـكَ
حِينَ يَنَامُ فِي حِـضْنِي القَمَر
أحِبــــُّـكَ
حِينَ تَعزِفُ حَبـَّاتُ البـَرَدْ
عَلى نـَافِذَتـِي إيقَاع َالمَطَر
أحِبــــُّـكَ
حِينَ يَتَأوَّهُ فِي تُربَتِهِ الشَجَر
أحِبــــُّـكَ
فِي لــَيـَـالِي السَّهَر
حِينَ تَتَلَوَّى فِي المَوْقِدِ
حَبـَّاتُ الكَسـْتَنـَاءِ
أحِبــــُّـكَ
حينَ ترسِمُ فِي خَيالِي
المُزدَحِمِ بِكَ
أَبْهَـــــى...
أَبْهَــــى الصُّـوَر
أحِبــــُّـكَ
أبْعَدَ مِنَ كُلِّ ... اتِجَاه
أَوْسَعَ مِن كُلِّ ... مَدَى
أنقى من كلِّ اعتراف
أكثر حِدَّةً مِن وابلِ شَجَن
أحِبــــُّـكَ
يا بَعضِي وَكُلِّي
وَتـَاجَ جَبـِيـِنـِي
أحِــبــــُّـكَ
وَأَعِـدُكَ
أنْ نـَلـْتَـقـِي
كَــ التِقاءِ جَبَل ٍ بِــ ... جَبَلْ
أحِـــبــــُّـكَ
وَأَعِــدُكَ
أن تـَحـْتــَفِي بِحُبـِّنـَا
الطُيُورُ وَالزُهُورُ
وَكُلُّ أَبْنــــَاءِ كَوْكَبِ الغـَجــَـر
15.02.2015
------------
أنتَ
هَمزَهُ وَصلٍ
بيني وَمَزَارع
الحَبَق...
أنتَ المَعمَدَانُ الذي
يُعِدُّ الطريقَ أمامِي
.........للغَرَق
للأَلَق
18.02.2015
------------
وأنا أبحثُ عَنِّي ..... وَجَدْتُكَ
------------
لمَ .. هذا الصَّباح... في كُلِّ المَرَايَا .....أَرَاكَ ..؟؟
------------
كَأَنِّي جَزيرَة ... كَأَنَّكَ البَحْرُ ... فَأَينَ..؟! أَينَ المَفَرُّ .....؟!
------------
كَأَنِّي ... قَبْلَ الكَوْنِ
كُنْتُكَ ... كُنتَنِي .. وَكَانَ العِشقُ ...حاَرِسَــــنـَا
------------
يُعَرِّشُ الْحُبُّ عَلَى جُدْرَانِ الْقَلْبِ
كَمَا وَرَقِ الْعِنَبِ
حِينَ.. كَمَا أَنَا تُحِبُّنِي.
------------
لِمَ لا نلتقي ...
على ما يُمكِنُ أَن ...يُحَوِّلَ الدُّودَ إلى...فَرَاشَاتِ حُقُول ..!
------------
وَعَدْتَنِي بالرَّعْدِ ... وَقَبْلَ البَرْقِ ..........رَحَلتَ ؟!
------------
في غَمْرَةِ انْبِهَاري بِكَ ...نَفَذَتْ ...صَلاحِيَّةُ ...الحُلُمْ.
------------
لماذا
كلَّما اقتربتُ
مِنَ البَحرِ...يبتعِد !؟
------------
سَیِّدَةُ الدَّهْشَه
قـَدَری
أنْ تُوْقِـظَـنِی
مِنْ سُـبَاتِـی
سَـیِّـدَةَ الحُلُمِ
لتسوقَنِي الى مرعَى
مُفَخَّخٍ بالدَّهْشَه
20.02.2015
------------
کاشتیاقِ
الطُّيور
لأعشاشِهَا ..
اشتقتُ لَک.
کاشتیاقِ الوُرودِ
لبراعِمهاِ ..
اشتقتُ لَک.
فتعالَ...
علی قلبی
المُکتَظِ عِشقًا ..
لاتتعَالَی ..
حبیبی
20.02.15
------------
إلى رجل أناني
عَلَّمَنِي حُبُّك
أنَّ الغَرَقَ
فِي بَحرِ العِشقِ
مَمْنُوعٌ .. مَمْنُوعْ
عَلَّمَنِي غدْرُكَ
أَنْ أَحْرِقَ المَرَاكِبَ
بَعْدَ رَحِيلِكَ
أنْ أَكْبِتَ الآه َ فِي مَهْدِهَا
وأَلعَنَ الدُّمُوعْ
عَلَّمَنِي صَدُّكَ
أَنْ أَكْتُبَ وَجَعَ الغِيابِ
بِالطبْشُورِ
عَلَى الحِيطَانِ
وَأُشْعِلَ الشُّمُوع
عَلَّمَنِي غِيابُكَ
أنْ أَتَأَلَمْ ...
أَلاَّ أَتَكَلَمْ...
بَلْ أحْتَفِي بِطَيْفِكَ
كُلَّ لَيلَة
مَعَ قَلْبيَ ... المَوجُوعْ
قَلبِيَ ... المَخْدُوعْ
22.02.15
------------
لأنِّی
عَلَی الأرض
أُقَرفِصُ
لا علی سریرٍ
مِن عَاج..
تأتی القصیده
طازَجَه..
وگرَغیفِ الخُبزِ:
... شَهِیَّهٌ ...
23.02.2015
------------
صوتٌ مِن بعيد
ناداني
لأَكونَ في معْبَدِهِ
جَمْرَة
وَيَكُونَ للجمرَةِ
الرِّيح
24.02.2015
------------
بينَ أَموَاجِكِ
حَيفَا
سُفُنٌ صَغِيرَة
صَغِيرَة
للصَّمْتِ مُستَكِينَة
تَمَامًا,, تمامًا
كَمَا قَلبي
24.02.2015
------------
مَا أَوسَعَ هذا المَدَى
آهٍ كَم أَشتَهِي
أَن تَمْلأَهُ حبيبي
بكلمة:
... أُحِبُّكِ ...
24.02.2015
------------
بعیش فیک
أنا بعشقک
عشان أعیش
وأتنفسک
غیرک ملیش
تعالَ قرَّب
من حُبِّ ممکن
یملا الکون...مطر
یملا البساتین شجر
حبیبی... یا أنایَ
روحی .... یا هنایَ
تعال امسح ... دمعتی
تعالَ جَرَّب ...جَنِّتی
بحبّک...بذوب فیک
بحبَّک ...أنا کلّی لیک
بحبَّک...بموت... بموت
وبَعِیش یا حبیبی فیک
25.02.2015
------------
إلى سيّد الرجال...حبيبي
أمهلني قليلا
.........لأقتربَ مِنكَ
.........كَي أتَحَرَشَ بِحُروفِكَ
مُفرَدَاتِكَ ...
جُمَلَكَ الشعريَّة والعِشقِيَّه
فأَنتَ....
آهٍ يا سيِّدَ الرِّجالِ
كَم أنتَ مُختَلِف!
أمهلني قليلا
كَي تَتَوَحَدَ الحُروفُ
... تَتَدَاخَلَ
وَفِي بَوتَقَةِ العِشقِ
تنصَهِرَ...
ثُمَّ ...
تَنهَضَ
كَالفَرَاشَاتِ المُلَوَّنَة
مُرْتَدِيَةً هَالاتِها
تُطَالِبُكَ
بِهَا أن تَعتَرفْ
أمهلني قليلا
كَي آتيكَ بِنُوري وَنَاري
وَدَفَاتِرِ أشعَاري
كَي تَقرَأنِي
كَمَا يَشتَهي نَبْضُ الأنثَى
فِي عروقِي
فَيَرِفُّ الحَمَامُ
.............فَوْقَ الصَفْصَافَة
آهٍ... كَيفَ يَرِفّْ !
أمهلني قليلاً
كَي أَكُونَ الأمِيرَة
الفَقِيرَة
التي سَتَأتِيكَ بِكِسْرَةِ
........حُلُم
وَتُغَادِرُكَ
فِي الثانِيَةَ عَشْرَةَ
......عِشقًا
فَتَكُونَ فِي خيَالِهَا
رَجُلَ الحُلمِ
قَبْلَ أَنْ تَنْصَرفْ
أمهِلني كثيرًأ
................كَثيرًا
لأعشَقَكَ
كَمَا تَشتَهِي
.................وَأَشْهَى
........................وَأَشْهَى
وَتَعْشقَنِي كَمَا أَشتَهِي
.................
وَأَشْهَى
........................وَأَشْهَى
.......وَأَحْلَى
مِنَ السَّنابِلِ حِينَ فِي الحُقُولِ
كَالعَصَافيرِ تَقِفْ
27.02.2015
------------
مُدَّ یَدَکَ
تناولْ مِن يَدي التفاحة
حبیبی
کَی یخضَرَّ الحُلُمُ
فأکونَ مِرآتــَکَ
التي
تَعرفُکَ أکثرَ مِن ذاتِکَ
تعرفُ جميعَ.. جميعَ
لُغَاتِك
28.02.2015
------------
لماذا
حينَ عَاهَدتَنِي
أَن تَكُونَ لي
الصَّوتَ والصَّدَى
طَارَتْ
سُنُونُوَّاتٌ مِن صَدري
واتَّسَعَ المَدَى..!؟
02.03.15
------------
حينَ تَغِيبُ عَنِّي
تَغِيبُ الحُقُولُ والطُّيورُ
والزُّهُور
وَكَأُنثَى العَنكَبُوتِ
أَظَلُّ
حَوْلَ نَفسِي أَدُورُ
وَأَدُور
02.03.15
------------
مُنذَ غِبتَ عَنّي
وَأَنَا أُطعِمُ النَّوَارسَ
فُتَاتَ حُلُمِي
وَهِيَ تَأْتِيني
بِأَصْدَافِ الصَّبْر
02.03.15
------------
تعيشي يا مصر
تعیشی یا مصر
یا أمِّی...یا هَمِّی...
یللی حُبِّک ترنیمه
فی دَمِّی
تعیشی یا مصر
تعیشی یا مصر
یا ستِّ الکُلّ
یللی تاریخک
یاسمین وفُلّ
تعیشی یا مصر
تعیشی یا مصر
ب: نیلِک ... نَخيلِك
مَوَاویلِك ... قنادیلك
أهلِك وِنَاسِك
تعیشی یا مصر
"تعیشی یا مصر"
رُوحِي بِتنَادِلِك
من قلبی بَدعِیلِك
تِعِیشی یا مصر
تِعِیشی یا مصر
یا مَهدِ الحَضَارات
یا بنت الأهرامات
یا أرضِی ... یا عِرضِی
یا تاج علی جبینی
تعیشی یا مصر
تعیشی یا مصر ...
یا بلَدِی
یاحِضن ِتانِی لوَلَدي
حبّک بیروینی ..نیلِک بیحیني
تعیشی یا مصر ...
تعیشی یا مصر ...
حِضْنِك بِضُمِنــَا
حُبِّك بيجري في دَمِّنــَا
تعیشی یا مصر ...
تعیشی یا مصر ...
یا قمری .. يا شمسی
يا بُکرَه وِأمسِی
بحبّك في صَمْتِـــی
بحبِّك في هَمسِــی
تعیشِی یا مصر
تعیشِی یا مصر
یللی وَضَعتیِّ للطُّغـْـیـَانِ
...........حَدّ
یللی شَعبِك للعـُـدْوَانِ
..........سَدّ
تعیشِی یا مصر
تعیشی یا مَصْر
یا رَایة النَّصر
يا فُلَّة.. يا عِطْر
يا نُور الفَجْر
تعیشی یا مَصْر
06.03.15
------------
للعِشقِ أنبياء
العِشقُ يا صَغِيري
لا يعتنقهُ إلاّ الأنقياء
الأتقياء
الأنبياء
وأنتَ جُندِيٌّ
مُشَاغِبٌ ..
جاءَ يَستَعمِرُ خَيَالَ
سيِّدَةَالنِّسَاء
أيُّها الشَّاعِرُ
المأْزُومُ
المَهزُوم
سَفِيرَةَ الشُعَرَاءِ
أنــــَا
مملكتي ... مِن ذُهُول
مُفرَدَاتي ... لا يَعتَريهَا أُفُول
لطُمُوحِي لا حُدُود
حَوْلَ جُمُوحِي الشِعْرِيِّ
.. لا سُدُودَ..لا قُيودْ
وأنتَ
أنتَ لستَ حُلُمي المَنشُود !
2015–03–12
------------
مُبَاغِتـــًا جَاءَ حُبــُّكَ
مُبَاغِتًا
جَاءَ حُبُّکَ
لَم یَتَزَامَن مَعَ البَرقِ
رَعدُکَ...
لَم تَتَنَبَأ
أَرصَادیَ العِشقِیَّه
بِکَ
مُشَاکِسًا
جَاءَ حُلمُکَ
کَحَالَهٍ استِثنَائِیَّه
لانفِجَارَاتٍ
ضَوئِیَّه
غَجَریًّا
جَاءَ قَلبُکَ
أَوقَدَ حَطَبَ اشتِعَالی
نَسَفَ أَسوَارَ خَیَالِی
صَالَ وَ.. جَالَ وَأَربَکَ
حَالِی
جَریئًا
جَاءَ فِکرُکَ
خَلَعَ عَنِّی خِلخَالِی
أَطلَقَ فِی الفَضَاءِ الرَّحب
مَوَّالِی
فَرُحتُ أَهِیمُ
................. أَهِیمُ
فِی بَسَاتِینِ العِشقِ
لَیلَ ...نَهَارِ ...
مِلءَ اختِیَاری
مِلءَ انبِهَاری
02.04.2015
------------
حَائِــــرَةٌ
حَائِرَةٌ
بینَ أَنْ أَضَعَ
نُقطَةً
فِی آخِرَالسَّطرِ
أَو
أَدَعَ القَصِیدَةَ
تَتَدَفَّق كَ
النَّهرْ
حَائِرَةٌ
بینَ أنْ أنذرَ قَلبِی
لَكَ
حتى تَعشَقَنِی
أَو
أنذرَهُ للقَصِیدَةِ
فأعشَقَهَا
عِشقَ السُّنُونُواتِ لِ
الشَّجَرْ
حَائِرَةٌ
بینَ أَن أَفرَّ مِنكَ
فَتَخضَرَّ
المُفرَدَاتُ
أَو
أَعُودَ اليكَ
غیمَهً
فَیوُمِضَ البَرقُ
والرَّعدُ
والوَعدُ
والمَطَرُ المُنتَظَرْ
04.04.15
------------
أتحدَّاک
وأنا أبحثُ عنِّی
وجدتُکَ
فاقتحمتُ کهفَ
عُزلتِکَ
لأُصَافِحَ الطِّفلَ
المَسجونَ
فی زنازینِ خَیالِکَ
أتحدَّاک
ألاَّ تعشقنی
فأنا شاعرَه
استثنائیَّه
تُتقِنُ صَیدَ غُزلانِ
الأبجدیَّه
وأنا نبوءهُ الشُّعراءِ
سفیرَهُ الفُقراءِ
وأنا القصیده
حینَ علی
جبلٍ عالٍ تَتَجَلَّی
لتُشبِعَ
-الی قمحِ الذهولِ-
جُوعَکَ
أتحدَّاکَ
ألاَّ تَعتنِقَ حُلُمِی
حینَ تَعقِدُ قَرَانَ
حُروفِکَ
علی حُروفی
الثمِله
مِن صَدِّکَ
أتحدَّاکَ
ألاَّ تستکینَ
حِینَ
أَحرثُ بحورَ
الشِّعرِ
وأَصیرُ
فی لیلهِ القمرِ
المَحمُومِ
رَقصَتَکَ الأُولی
والأخِیرَه
وحبیبتَکَ الأثیره
التی تعلمُ
کیف تُرَاوغُ
غُرُورَکَ
أَتحدَّاکَ
ألاَّ تلمسَ شفتیَّ
بجمرَه
مِن علی مَذبحِ
الشَّوقِ
حِینَ أَهمِسُ لکَ:
أُحِبُّکَ
أَتحدَّاکَ
أن تفرَّ مِن
تسونامِی الجُنون
وهذا الحنین
الذی تورَطَ بِکَ
فَسَرَی
فی تیَّارِ العشق
مَعَکَ
وَسَرَی ضِدَّکَ
05.04.15
------------
فی طریقِکَ
.....الیَّ
لا بُدَّ لکَ أن
تخترعَ
..لـُغَهً أُخرَى
تَليقُ ب:
سَيِّدَةِالمُفرَدَات
10.04.15
------------
الحُبّ الکَبیر
أَحَقًّا
لَم تَعُد
عَلَی عَرشِ العشق
تَتَرَبَّع ...
حَنِینِی تَسمَع
نَجمًا فِی سَمَاءِ
القَصِیدَه
تَلمَع !؟
أَحَقًا
مَاتَ الحُبُّ المُثِیرُ
وَهُوَ عَلَی
ثَدیِ الشَّوقِ
یَرضَع..
لِیُخَلِّفَ لِی حُرُوفًا
تَدمَع..
مُفرَدَاتٍ تَتَوَجَّع !؟
أَحَقًا
الی بَرقِی وَرَعدِی
وَمَوجِی
لَن تَرجِع..
حُقُولَ اللهفَهِ
قَمحًا لَن تَزرَعَ
لِعُهُودِ الوَلَهِ
ثَانِیَهً
لَن تَرکَع !؟
أَحَقًّا
هذا الحُبُّ الکَبیرُ
تَصَدَّعَ..
إرَبًا إرَبًا تَقَطَّعَ
کُلُّ الدُمُوعِ
بِهِ لَن
تَشفَعَ!؟
11.04.2015
------------
شاعرةٌ
تحتَ الآلامِ
أنا
أُكثِرُ التأمُلَ
فتُمطِرَ المُفرَدَاتُ
وتُعطِي القصيدةُ
قمحَهَا
11.04.15
------------
كالتِقَاءِ
فَرَاشَةٍ بِوَردَة
التَقَيْنَا
لِتَخضَّرَ الحُروفُ
وَتَكتَمِلَ القَصِيدَة
03.05.15
------------
تُرَاكَ َأَتيتَ
لحظةَ تَكَحَّلَتْ عَيناي
برؤياكَ
أَم أَنَّكَ
كُنتَ هُناكَ
قبلَ ولادَةِ
الحُلُم ..؟
03.05.15
------------
کُلُّ العَابِرَاتِ
قَلبکَ
کُنَّ کَالسَمَکَاتِ
التی تُزَیِّنُ البِحَارَ
ألاَّ أَنَا
لأَنِّی اللُؤلُؤَهُ
التی أَنجَبَتهَا
المَحَارَه
03.05.15
------------
حَيَاةٌ وَاحِدَة
لا تَكفِينِي
لأُحِبَّكِ كَمَا يَليقُ
بِـ جُنُونِي
03.05.15
------------
أَنتَ الرَّجُلُ
الذي سَيَتَشَكَّلُ في
رَحمِ القصيدَة
وَأَنا الأُنثَى
التي الي صَدرِكَ
سَتَعثودُ
08.05.15
------------
حبيبي لِي
وإليهِ اشتياقِي
أَتَى ليَبقَـــــــــــي
جَمرَةً
فَيبدأَ بِنَا زَمَنُ
الإحتِرَاقِ
08.05.15
------------
أنا في مُخَيـَّمٍ
... هُنا
وأنتَ في المَنفى
.. هُناك
....لا يربطنا
إلاّ حَبلٌ سِرِّيٌّ
مِنَ العِشقِ
وذاكِرَةَ
... هَلاَك ...
10.05.15
------------
عندما
ينامُ القُبطانُ
يَسهَرُ القَمَر
لِيُعَاكِسَنِي
------------
کانَ حُبُّنَا
فَرَاشَهً
علی الحَصَی
حَطَّت
لا علی الوَردِ
11.05.15
------------
حينَ بيديكَ
أجنـَّة َ الشّوقِ
قتلتَ
ما صلبْتَ الحنينَ
على خشبة ِ الذاكرة
المتخمة بِكَ
ما هزمتَ جيوشَ الكرَى
إنـَّما:
... شُبِّهَ لكَ ...
11.05.15
------------
أَرتَشِفُ خَلَّ غِيابِكَ
وبالصَّبرِ أَتَجَمَّل
مَا عَادَ قلبي
ثلجَ الصَّدِ يَتَحَمَّل
11.05.15
------------
حينَ يَأخُذُنِي
الحَنِينُ
الى الطُّيورِ
أَحُطُّ على كَفِّ
حبيبي
13.05.15
------------
"أنتَ کَالحُلُم"
آهٍ...
کَم أَشتَهِی
أَن تَسقِطَ
عَن هذی
الرُؤیا
کافُ التشبیهِ
13.05.15
من وحی روایه:
فی کانون یموتُ الحبّ حیّا للروائی
أحمد الحرباوي
فی کانون یموتُ الحُبُّ حَیًّا
فتنتفضَ مِن کَفنِها الذکریات
لتُشَیِّعَ الحُلُمَ الی مَثواهُ
الأخیرِ علی قارعَهِ الأُمنِیَات
فی کانون لا قانونَ یمنعُ
أن یجلِدَنِی شَجَنُ النایَات
أو یزورَنی الحنینُ فیَجِدَنِی
مُضَرَّجًا بالآهاتِ والخَیَبَات
فی کانون تصطَّفُ المُفرَدَاتُ
کَالجُنُودِ فی طابورِ الحِکَایات
لتُرَتِّلَ الأَلَمَ صَمتًا وتختنِقَ
کما الثکالی بالعَبَرَات
فی کانون اخترتُ أن أَکُونَ
لصباحِکِ التَّغریدَ والأُغنیات
لکنَّکِ اخترتِ نَفیَ قلبی عن
جزیرهِ حُبّکِ حتَّی الممات
23.05.2015
أنتَ اخضِرَارُ حُلُمِي
ويكونُ
في يومِ القيامَةِ
أنّي أقومُ...
في دربِ الآلامِ العسيرِ
إليكَ أسيرُ..
أصيرُ أغنيةً وأمنيةً
...........أطيرُ
أمشي على البحرِ
فتمشِي
على خُطايَ الأيائِلُ...
أصعدُ سُلَّمَ الأحلامِ,
فتصعدُ في رُؤايَ
السنابلُ والجداولُ
وتتبَعُنا البلابلُ
والقوافلْ...
أجتازُ الحدودَ والسدودَ
وعيونَ الجُنودِ
وهُم يَصطادونَ ويُصَادِرُونَ
هُويَّــاتِ العَنــَادِلْ ...
أجتازُ البنادِقَ والمَشانِقَ
فتُبـَرْعِمُ في لغتي
وذَاكِرَتِي
..............الزنابِقْ
آتيكَ بأثقالِي
وأحْمـَالي
بتَعَبِ أيّامِي
وأحْلامِي...
مِنَ الجليلِ آتيكَ
بوجعِ عشقيَ المُزمِنْ
فأنتَ لي....
أنتَ اخضِرَارُ حُلُمِي
مِنَ الكَرمِلِ آتيكَ ،
لأتجلَى لكَ
حوريةً
ووردةً جوريَّةً
لأسري في نبضِكَ
كُرَةً عِشْقِيـَّةً
ولا يرى أحدْ
..........ولا يسمع أحدْ
..........ولا تطالني لعنةٌ
من فمِ أحدْ
أو تُردينِي قتيلةً
......طلقةٌ
مِنْ بُنْدُقِيَّةِ أحَدْ
2014
------------
أنتَ وطني والحبّ جيشُ هذا الوطن
------------
ومضات نسويّة
-1-
زَهرَةُ عَبَّادِ الشَّمسِ..أَنـــَا
أَرْفَعُ رَأْسِي .. وَأَحْــيــــَا
فـَبــَقَائِي ...في كِبْــرِيـــَائِي
-2-
أنـــَا ... لا أعارضُ كوني ... أنثـــى
إنــَّما .... أعترضُ على ....
مَوْقـِــفِـــكـُـمْ مِـنــِّي
لِكوْنــِي أنثــــَى ...!
-3-
أنـــَا لا أكتبُ
كي أُقـَاتـِلَ نــَـيـــْـرُون.
أنـــَا أكتبُ كي ... أكون.
-4-
عِدْنِي ألاَّ تَرَانِي
قَلَمَ رَصاصٍ
تَسْعَى
لِتُعْمِلَ فيهِ
المِبْرَاةَ!
-5-
أَكونُ لكَ سُنُونُوَّة حِينَ لا تَكُونُ لِيَ... القَفَص.
-6-
اكتشفتُ
أنّ بحرَ مشاعركَ
مُعْرَب
فتمنيتُ
لو لم تكنْ
علامة بنائي أنا
-السّكون-
-7-
التجـأتُ لكفـِّكَ
عـَدوًا خلفَ
قمح ِ حـَنـَان
ٍ
فاكتشفتُ أنّها
أيضـًا
على الصَّـفع ِ
قادرة
-8-
وَكَانَ أَنْ وَعَدَهَا
بِحُقُولٍ مِنْ قَمْحٍ
وَبِفَيْرُوزٍ مِنْ بَحْرٍ
وَلَمْ تَسْتَقْبِلْ إِلاَّ
أَمْوَاجًا مِنْ قَهْر
-9-
كَم مَرَّة ...كَم مَرَّة ... كنتُ لكَ الوَطَنَ ... وكُنتَ ....المَنفَى !
-10-
لستُ فراشَة..لستَ قِنديلي.. أنا يا رفيق ...زيتُ الفَتيلِ
-11-
قَرَنْفُلَةً مَزْهُوَّةً بــِشَمْسِهَا
كَانـــَتْ
قَطَفَهَا
وَعَلى رَفٍّ مـــَا
في مَنْزلٍ نــــَاءٍ
خَلَّفَهـــــَا
مِنْ غَيْر مـــَا
مـــَاء
وَإلَى الآنْ هِيَ
... أنــــــَا ....
-12-
لستُ طِروادة ً
بالبارودِ تُحَاصِرُ أَسوارَها
وتُبَاغِتُهَا بالعَسْكَر
لي قلبُ عُصفُورَة
لو رَقَّ ..
تذوبُ مِن عُذُوبتِهِ الصُخُورُ
بَل تَسْكَر
-13-
أنا كُلُّ الإناثَ
فلا...
تبحث عن أجزاءٍ مِنِّي
في غَيري
-14
يُحاصرُني الحُزنُ
فأحَاصِرُه ُ حتـّى آخَرَ رَمَــق
حقــًا: البقاءُ دومًا للأقوى
-15-
صليب الصّمت
علّقوني على صَليبٍ
مُذْ وُلِدْتُ
وقالوا: أنثـــــَى !
ثــَبــَّـــتـــــُوا يَدَيّ بالمسَامِيرِ
على خَشـَبــَـةِ الزَّمـَـنْ
ثــَبــَّـــتـــــُوا رِجـْـلَيَّ بالمسَامِيرِ
على خَشـَبــَـةِ الغَبَنِ
وقـَالـُوا:
"أنثـــــَى .. أنثـــــَى !"
غسلوا أفكاري
رويدًا رويدًا
زرعـُوا حقولَ إرادتي
شجرة
تظلُّ تتآكلُ تتآكلُ
شَيئـــــًا فَشَيْئـــــًا
عـَلّمُونـــِي
كلَّ أبجديّةِ الحَزَنِ
ألبسُونـــِي
كلَّ أقنعةِ الصَّـمــْــتِ
وقــَـالـُوا:
آهٍ أنثـــــَـى ..
مُـجــَــرَّد أنثــــــــــَى! "!!!"
------------
من مراثي درويش
(1)
- ليسَ الشَّاعرُ ههُنـَا -
" ليسَ الشَّاعرُ ههُنـَا،
فقد قامَ كما وَعَدَ ".
أتى صوتٌ كالرَّعْدِ
صَبَاحَ الأحَدْ.
" لا أَحَدَ ههُنـَا،
لا جَسَدَ.
سِوَى الوَرْدِ
الجُوريِّ،وباقاتِ الفُلِّ ،
فوقَ اللَّحْدِ،
مَا مِنْ شئ ٍ أو أحَدْ.
اذهبُوا سَريعًا، قولوُا لهُم:
ها دَرويشُ إلى الجليل ِ
يسبـِقـُكـُمْ..
هناكَ هُوَ -
كالنَّعناع ِ والحَبَق ِ
والرِّيحانْ
والزَّعْـتـَر البَريِّ
والمِيرَيميّة والزَّيتون
والسِّنديان ِ الشَّامِخ ِ
وعصا الرَّاعي
وشقائق ِ النّعمَانْ
وأحمد العربيّ
وأمُ سَعْدْ
وتراب البَلـَدْ-
باق ٍهُوَ في قلوبـِكُمْ
إلى الأبَدْ.
يا شعبَ غزَّةَ
وأريحا، نابلس
وبيتَ لـَحْمْ
جِنينَ، رَامَ الله،
القدس وطـُولـْكـَرْمْ،
ها أنا قد قلتُ لـَكُمْ
،
فقولوا لـَهُم:
لنـَا السّلوانُ
في محمود،
ولكـُمْ.. يا فـُرسَانُ
الشـَّتـَاتِ المُجـَلـَّدَة
صُبــَّارَ الجَلـْدْ ".
(2)
- فــَارسٌ بـِلا جـَوَاد -
آهٍ محمود..
أنا ريتــا،
ومـَنْ لا يعرفُ
ريتـــــَـاكَ ..!
أنــَا ريتـــا
الــ .. دوَّختِ
العُظماءَ والنـُبلاءَ
أمريكـــَا ولوركـــَا
أنــَا الكلمةُ
الماضِية ُفي عُرْس ِالخـَيــَالْ
المـُعَمــَّدَة ُ
بمليون ِسؤال ٍوسُؤالْ
الغجريّة
المـُتسَرْبلـَة بالخلاخيل
والغـَزَل ِوالدلالْ
السُّنونـُوَّة ُ
العاشِقة ُ للأفق
ِ
المـُحــَال
أنــَا
بينَ الإنــَاثِ
أنثــَى الغـَزالْ
أنــَا
على فم المساكين ِ
...... بالرُّوح ِ
مـَوَّالْ
أنــَا أحلامُ العابرين
مِنَ الأهْوَالِ
الى مُدُنِ الجَمَال
أنا الحـَقُّ
إذا مــَا الميزانُ
مـَالْ.
لـِي ظِلالٌ ،
بَيدَ أنّها موجوعة ٌ
على خريـطة الصـُقـُور
هذي الظـِلال
أنا
في كـُتــُب ِالأنبيــَاءِ
والشعراءِ
عرُوسُ النـِّضـَالْ
سَواعِدُ الأبطال
أنــَا
الحـُلمُ الأَكـْبـَرُ
المُـلْـقـَى
على كـَفـَّةِ المَوازيـْنْ
وأنــَا
الأخضرُ المُمْـتـَدُّ
عـَبْـرَ قـَحْطِ المَعَايـيـِرْ
عَبْرَ السِّنـِين ِ
ووخز ِالأَنينْ
وأنــَا صَرْخـَة ُ آخِر ِاللـَّيـْل ِ:
"الجَرْحُ
مـُهـِيـِنْ... مـُهـِيـِنْ،
بيدَ أنَّ الفـَجـْرَ
مـُبـِيـنٌ... مـُبـِيـنْ "
آهٍ محمود..
أفلا يعْشَق ُبـُرتقالي وزعتـَري البـَرِّيِّ
والنعنـَاعَ والصُّبـَّارَ
والجـُلـَّـــنـَارَ
والأشجارَ
والبـِحـَارْ
درويشٌ كـَ أنـــَتَ..!
------------
عندما
ينامُ القُبطانُ
يَسهَرُ القَمَر
لِيُعَاكِسَنِي
------------
قَطرة حُبّ
قطرَتا هيدروجين
أَنا
فَأَينَ قطرةُ الأُكسجين
ال كانت
مِنْ أَحلِ أَن
أَكُون
------------
أكتبُ الحُبَّ
قصائدًا..
قصائدًا..
تصيرُ زوارقــًا
تبحرُ..
وتبحرُ..
إلى أن ترسو
في ميناءِ
.. الحنين..
04.11.2010
------------
إحذرْ،
فالطريقُ إلى قلبي
باتجاهٍ واحِدٍ..!
04.11.2010
------------
داخلَ شرنقةِالحُبِّ
أتخـَبـــَّـ ــ ــط ُ..
إلى أن ينبُتَ لي جناحان
فأنطلقُ..
صَوْبَ فردوس
ِ
.. الحكاية ..
04.11.2010
------------
كلّ الدبابيس
التي شهرتها في وجههِ
كي يكفَّ
عن ِ الاقتراب
ِ
من نسيج ِ الحُلم
ِ،
انتظمَتْ...
وفوقَ مغناطيس ِ الحُبِّ
استكانتْ
04.11.2010
------------
------------
------------
------------
------------
------------
رسائل لیست للنسیان
-1-
دیوانک:" سأُحاولکِ مرّه أخری" أَرهَقَنی جمالاً.
الشاعر رفعت زیتون، القدس
02.04.15
-2-
ريتا عودة
الشاعرة المتألقة والرائعة، التقائي بك كان حدثاً أدبياً رائعاً، وأتمنى أن تستمر صداقتنا للأبد
د. سناء عطاری، القدس
03.04.15
-3-
السلام عليك
يسعد صباحك ياااااارب...سررت جدا بك...
و قرأت كتاب أنا جنونك...و ساحاولك مرة اخرى....شئ رائع جدا يفوق الوصف و التخيل....ما شالله عليك..ربي يسعدك و ينور دربك و يشرح صدرك....و يوفقك ياااااارب....
قدما والى الامام
سماح نبریصی
07.04.15
-4-
ریتا أنا منبهر بحرفکِ.
رقَّه صیاغتکِ تُدهِشُ المُتَلَقِّی.
لحرفکِ مَذاقٌ خاص وعُمق متمیز.
مبدعه
.
مُختلفه أنتِ...
الطفوله قابعه داخل حروفکِ..
تعشقینَ الحروفَ وهیَ تعشَقُکِ.
مَن یقرأ لکِ یَرَی أنَّکِ
صَاحِبَه فِکر عمیق
لامرَأه تجاوزَت الثمانین
مِنَ خِبرَهِ الکِتابه...
فی الوقت الذی
یرَی فیهِ المُتَذَوِّق
بَراءَه حَرفِکِ ونقائِهِ
گ طفله
لم تتجاوز العاشِرَه.
ولعلَّ هذا هو سبب انبهاری بک ریتا.
ریتا الصدیقه
التی أعتزُّ بها وأفتخر.
ریتا الانسانه
التی یکسو ملامحها حزنٌ عمیق
و
ریتا الشاعره
التی تُبهِرُنی حروفُها حَدَّ الجُنون.
***
مُتَیَمٌ أنا
ریتا
بِ
حَرفِکِ
.... المُختلف ...
23.02.2015
الروائي محمود قنديل-مصر
-5-
غسلتُ الرُّوح هذا الصَّباح بقصائد ريتا عودة
في ديوانها الجميل(سأُحلولكِ مرَّةً أُخرى). شعر
جميل مُضيئ الحرف. شكرًا للإبداع الجميل
الأديب السيد حافظ
07.05.15
-6-
أبحري وأتحفينا بكلامك الجميل
دمت ذخرا وفخرا للشعر والقصيده
يا أميرة الشعر كل المفردات تضيع بين مد وجزر بحرك وكل المفردات تتقزم امام عملاقة الكلمات وحورية البحور واميرة القافية
تتزودي من العام انفاسا لتضخي بالعام اعوما من العطاء والأخلاص وتنثري الحب بذورا لتحصدة بيادرا يعم خيره الفضاء الرحب تمنياتي بالمزيد من الأعوام سنابلها تطرح اضعافا مضاعفة من بوح الحروف************مزيدا من الأعوام مزيدا من الصحة ومزيدا من العطاء
10.05.15
Dalia Zireeni
-7-
يا أميرتي بحثت في قوائم الاميرات فلم اجد غيرك اميرة للقوافي وسيدة المفردات وملكة بحور الشعر *فها هو تاج الشعر نزين به جبهتك.
10.05.15
Randa Sharaf
-8-
كلماتك الخصبة. تملأ الحقول قمحاً وغلالاً ويفيض بها البحرُ لؤلؤاً ومرجاناً .. عشقك للعطاء ، يا ريتا ، هو عشقٌ لا متناهيٍ ويصل بك الى حدود المطلق اللا مرئي واللا محسوس ، وهذه الفنطازيا تجسديها في قصيدتك لترتوي بها.. وتروينا .
10.05.15
Yousef Hanna
أهنئك يا ريتا على هذا الفوز واسمح لأنفسنا أن نتلقى التهاني معك، تهاني نيلك لهذه الجائزة ، فأن تحظى شاعرة فلسطينية اصيلة مثلك بهذا الفوز يعني الكثير الذي يتجاوز أنا الفرد ليعبِّر عن نحن المجتمع
لأنك تقفين اليوم رمزاً من رموزِ إبداعات هذا الشعب ، ودليلا معاصراً على عذوبة نهر عطائه.
16.04.2015
(عن قصه : سندریلا)
لوحة نثريّة مطعّمَة بكل مقومات الشعر بصورها وإيقاعها وموسيقاها .. وفيها من الرواية سرد جذاب يتملك القاريء ويستحوذ بأحاسيسه .
قمة الإبداع يا ريتا !
(عن : من کل بحر موجه)
في كل كلمة وفي كل ومضة تضاهي قصائدَ طِوال، تجعلينا، كقراء ، نسير في درب الآلام ذاته معك وإياك ، قرباناً من أجل الإنعتاق .
لا فضَّ فوكِ ، ايتها المبدعة،ولا نَضُبَ يراعُك .
09.04.15
الطبیب والمبدع د. یوسف حنا/الناصره
-9-
كتاباتك رائعة فوق الوصف.
استعمالك للصور التشبيهية تثير اعجابي حقًا.
هي قمّة الابداع
ايمان عدوان
11.05.2015
-10-
أنتِ قصيدة تُورقُ في الليل
وتُزهِرُ في النَّهار
روضة معروف
12.05.2015
-11-
ريتا الرائعة
باقات محبة أبدية العطر لك
شاعرة و مفكرة و فلسطينية من الطراز الكنعاني الأعرق
لقلبك كل الورد و الود
وفاء ابریوش
18.05.15
-12-
ريتا الجميلة .. أتعلمين أنك الكاتبة الوحيدة التي وصلت للعالمية وتمتلكين قدرة عظيمة على منح الآخرين حب لا يمكن أن ينكره أحدا لك ..
وتعلمين أيضا انك الكاتبة والشاعرة التي تفوقت على غيرها بالكثير وفي والتواضع بالتحديد لتمر على نصوصنا وكلماتنا ونحن لا نعد الا نقطة في بحر ابداعك ...
تأكدي اننا لم نتعرف على أحد يهبنا هذا الاهتمام سواك انت ..
سنحبك بكل اللغات الى ابد الخلود صديقتی
فاطمة حوامدة
21.05.15
-13-
تحية لحرفك الحساس الشاعر
سامیه قزموز بکری
22.05.15
-14-
يأخذني قلمك لما وراء السحاب. أمتطي صهوة حرفك المزركش بخيلاء الفلسفة وعمق المشهد. أنسى كل تفاصيل يومي وأنا غارقة ببحر ابداعك. أسلم روحي الهائمة في فضاء احتراق الحرف شوقاً ، وأهوي مضرجة بفكري ، لا رغبة لدي في مغادرة سردك المتناهي عذوبة آسرة. أتمنى أن تطول القصة أكثر فلا زال هنالک متسع من الوقت لأقرأك أكثر .
من قراءة في قصة بعنوان "في انتظاره" ل لأدیبه ريتا عودة ومجموعتها "أنا جنونک".
كلما قرأت قلمك أحسست بمعاني جديدة للحياة.
10.04.15
اشعر وكانني أقرأ ريتا من جديد في كل مرة
Khawlah Salem
23.05.15
-15-
من لديه صدق انتمائك هو في سِجِلّ الخالدين حتماً.
ما أجمل عنب الخليل عندما يصافح كنائس الناصرة ليثمر الوطن أدباً كثريَّات العنب حلو المذاق.
16.04.2015
وان ذبلت فيك زهرة فأنت روضة معطاءة ولودة بالحب ودودة بالروح.
الروائي أحمد الحرباوي/الخليل
23.05.15
-16-
كم هو جميل ابحارك الغجري في تليين المفردات
زعل ابو رقطی
23.05.15
-17-
لك وللبحر دهشة وعنفوان وصخب داهش شاعرتنا
ناصية الجنوبى محمود مغربى
24.05.15
-18-
You are truly a gifted artist.
Karen
-19-
حقیقه، ولا أجامل، أنتِ کزیتون فلسطین.
وانت بشموخك كجبلي جرزيم وعيبال
عثمان ابو العز
17.04.2015
-20-
الاشياء الجيدة تأتي لمن ينتظرونها ، أما الذين يسعون اليها فيحصلون دائما على الافضل والاعظم.
محمد نویر
16.04.2015
-21-
انت ظاهرة فريدة ومتميزة
ربنا يسعدك
Shiraz Shah
17.04.2015
-22-
نبارك لأنفسنا ان لدينا صوت عالمي ومبدعة من بيننا. صوت هزَّ العالم. صوت أنثوي راقي ُنباهي به وجه الدنيا في كل الفصول. ريتا يا ألق العصر، يا صوت يخترق الأصول والفروع ويجتاز كل الصعاب دون وهن أو رجوع، بوركت وبوركت أنفاسك النزيهة العطرة كيفما كانت نثرا شعرا أو ابتسامه . يا فراشة الربيع والسلام ، حماك ربي وَبَاركْ لك.
روضة معروف
16.04.2015
-23-
عزيزتي ريتا
قراءتي لنبض روحك يملؤ قلبي بتوليفة سحرية..فك شيفرتها يبعثرني بفرح المستكشفة لأحجية حتى في نوع الخط الذي اخترتيه أحيانا للتعبير عن بوحك الشعري.
Hanan Abu Dalu
12.04.15
-24-
الجميلة ريتا صاحبة الجمال بتفاصيله/باسمها وحضورها وقلمها
اسمحي لي أن أعبر عن إعجابي بكِ وبما تخطين رغم قصر المدة الزمنية التي تابعت قلمك فيها.
دعاء عليان
الندوة التقافية..الخليل
10.04.15
-25-
قرأت لك من خلال أصدقاء مشتركين لنا ..
قرأت لصوت المرأة بكل حالاتها فأحببت صدق الإحساس وجمال بوحك الشعري
دمت بكل الابداع
Hanan Abu Dalu
-26-
-27-
-28-
-29-
-30-