الثلاثاء، 21 يوليو 2009

" يوميات غجريّة عاشقة" لريتا عودة، عرض د. حسن السوداني




ديوان يوميات غجريّة عاشقة
عرض د. حسن السوداني
ناقد مسرحي واستاذ جامعي
السويد


صدر عن مركز الحضارة العربية الديوان الثالث للشاعرة الفلسطينية ريتا عودة والذي حمل عنوان: "يوميات غجرية عاشقة"، 2001،ومضات شعرية.الشاعرة من مواليد مدينة الناصرة ولها إسهامات معروفة في مجال المقالات و القصة القصيرة وسبق أن صدر لها ديوان "ثورة على الصمت" عام 1994 و"مرايا الوهم" عام1998, وضم الديوان الحالي 137 ومضة شعرية وهي محاولة لتأسيس القصيدة المكثفة المختزلة والتي تحيلك إلى عوالم بعيدة ونائية من خلال الإيجاز البلاغي الرفيع،ففي قصيدة "حظر تجول" تقول:


تسللت بحرية
إلى مدينة أفكارك
فاستوقفني جندي عابر
على بوابة أسرارك
"! وصرخ:"هوية
وحين أدرك أني عربية
صادر أحلامي



وتحاول الشاعرة أن تؤكد على طريقة رسم الكلمات بغية توصيل روح المعنى الذي تريده فهي تقول في مفتتح الديوان :


ا ب ع ث ر
أوراقي بفوضى


وتعود لتكرر(بعثرة الحروف) أثنى عشرة مرة في قصائد أخرى كما تحاول أن ترسم شكلا للقصيدة يتناسب وهذا التوجه فهي ترسم في قصيدة منتهى الأحزان:



أعود .............
أعود ....................................
سهما في مهب الفرح ...................
أنطلق ........



ثم تقوم برسم السهم بكلمة( أنطلق) وإذا أخضعنا المتن الشعري لقصائد المجموعة إلى افتتاح عبر ومضة "همسة" وهي بمثابة المحتوى العام للومضات نكتشف انه مدخل يتوافق مع النسق الدلالي لباقي المجموعة وهي تدخلك بذات الشاعر المدينة إذ تستعير المعنى من الموروث الديني في مقاربة دلالية مناسبة (ادخلوها بسلام آمنين) إذ تقول في قصيدة "همسة":


هذي جراحي
فادخلوها آمنين



أن القصيدة المصنوعة بعناية هنا هي اكثر قوة في الاختزال والايجاز وتفتح على اتساع دلالاتها من خلال الجملة القصيرة والقصيدة هنا على قصرها تنطوي على اختصار طويل في المسافة ويتحول البيت الشعري الى باث اكثر سعة في المفهوم :



وكان ان وعدها
بحقول من قمح
وبفيروز من بحر
ولم تستقبل
إلا امواجا من قهر



أسئلة كثيرة تسكن داخل الشاعرة ويبدو أنها خيارها بعد إن انحسرت عنها الأجوبة وهي تضع كل شيء موضع الشك والوهم ليصبح كل شيء قابل للمساءلة وهنا يلعب الشك دور الشاهد على الأحداث وهي على هذا لنحو تعيد اكتشاف الأشياء مرة أخرى بصورة مغايرة تهيئك لومضة جديدة وإذا كانت طاقة المفردة كامنة فيها أولا وبمكانها داخل الشطر الشعري ثانيا وعلاقتها بالنسق الهرموني والدلالي فان المفردة هنا تتحول إلى جملة كاملة كما أن الجملة تتحول إلى مفردة في معناها وهي طريقة مغايرة في الكتابة الشعرية الحديثة والتي لا تتفق مع الكتابة الطويلة والمشحونة بالجمل كي توصل معنى بسيطا.

الشاعرة ريتا عودة في ديوانها "يوميات غجرية عاشقة"2001 ، تنطلق كسهم مفرح في محاولات تجريب أنواع جديدة من التجارب الشعرية كي تواصل مسيرتها المتألقة في سماء القصيدة الومضة وتؤكد ولادتها مع كل كتابة جديدة إذ تقول :


كلما كتبت
أولد من جديد



* د. حسن السوداني ،ناقد مسرحي واستاذ جامعي، السويد
* يوميات غجريّة عاشقة،ومضات شعريّة، ريتا عودة، اصدار مركز الحضارة في القاهرة ،2001




ليست هناك تعليقات: