الثلاثاء، 21 يوليو 2009

الحلم في " يوميات غجرية عاشقة " - عرض زيد عمري




الحلم في
" يوميات غجرية عاشقة "
زيد عمري
الناصرة

طالعتُ صفحات " اليوميات" ورأيتها تتخلل أحلاما على جميع المستويات والأطر، ففيها:الحلم الواضح الملحوظ، والحلم المرموز، والحلم المستقرأ، والحلم المستبطن، والحلم المستودع.
هذه المستويات جميعا على كلّ دلالاتها تجعل من ومضات الشاعرة ريتا عودة حُلما واحدا متكامل الأجزاء والأعضاء والأنفاس والجوارح، إنّما أرادتْ به الشاعرة تخطي الإدراك والوعي والإحساس العادي والمُنعَكسَات البصريّة إلى سلم الشفافيّة المكثفة الأبعاد والمرامي ومن الأمثلة على حلميّة ريتا عودة :

كلّما كتبتُ أولدُ من جديد- ص11


فهذا حلم مُستبطن لأنّ الكتابة تحقيق حُلم وولادة والولادة بعث وتجديد لِما قد يفنى. وقولها:


أحاولُ تهريبَ بضع وُريقات من مشاعري
إلى جزيرة الحلم--ص12


فيه هروب من المستحيل إلى الخيال، الحلم هنا مرموز أُريدَ به نقل المعاني الجزئيّة إلى تلك الكليّة المستعبدة. وقولها:


وحين أدركَ أنّي عربيّة صادرَ أحلامي- ص13


الحلم هنا ملحوظ لأنّه صودِرَ .وحُظِرَ فهو بالمتناوَل لكنّه صُودِرَ . وقولها:


-ينهض الحلم فيشعل مصباح الرّوح
ص14


فحلمها هنا وقود وقوّة. يفيضان إلى انفراج واستنارة ويقين. وقولها:


ولا يأتي ولا طيف ... ص15


فالطيف، هنا حُلم لأنّه توَقُّع لما سيكون أو يكون، وتنطلق الشاعرة إلى التمردّ والعصيان والغضب أو الإنتفاض والثورة فنراها تقول:


ليتدفق الحلم على الورق- ص16


فالتدفق فيه حضور وكينونة مُجَسَمَة. وقولها:


داهمتني العادة الشعريّة- ص17


.فيها حلم مُستوْدَع كامن في أنثويّة الإمرأة، جاءت ريتا عودة لتحطم به مُسلمات رجوليّة. وتقول:


شعارنا اصطياد أشعة الحلم ... ص 19


دلالة على إمكان اجتماع المرأة والرجل متناصفين متساويين دونما تسام، وتعبر على الحلم بقولها:


أحتاج إلى قلب يُقلِقُني..
يجتاحُ مدينة أعماقي - ص 20


فيه حلم مستبطن، فالمرأة هنا تريد أن تُعبِّر عن حاجتها إلى إبراز أنوثتها والحاجة هنا، لا شك،حلم وترمز مرّة أخرى إلى أنّ الحبّ عماد البشريّة والإنسانيّة إذ تقول:


أحلم لكي .أحيا- ص21


وتظلّ ريتا عودة تحلُم وتحلُم في يومياتها، "فالمطر" لديها (ص23)حلم في الوصول إلى أفضل المراد. و"اللغة "(ص30) حلم يطول لأنّها تتسلل وتتدّرج رويدا رويدا، حلم بالحبّ المتنامي . وإذا ما تابع متتبع سائر قصائدها في "اليوميات" لوجد الحلم عاملا رئيسيّا في توجهات الشاعرة ومقارباتها الشعريّة وهواجسها، فالحلم لدى ريتا عودة هنا عماد شعرها، وقد أحسنت التلميح إليه والتصريح به مدركة ً كلّ الإدراك أنّ الشاعر حالم والشعر حُلم ورؤيا فجاءت صورها الحُلُميّة تعبيرا عن اللازماكنيّة أحيانا وعن انسلاخها عن الواقع المعيش وتجاوز الأماميات المحسوسة لتشطح في عالَم صوفيّ جامح لا يفصل بين المُتخيّل والمُتوقّع، ولا بين الممكن والمستحيل، لأنّ الحُلم يجعل المستحيل شبه ممكن وهذا الأخير وشيك إلى الممكن إذا آمَنَ الحالم بحلمه، خاصة وأن الحلم " الصادق" من صفات "النبوّة" الشعريّة، فالشاعر الحَق:
"نبيّ عصره ".


13-1-2003
صحيفة كلّ العرب _ الناصرة
زيد عمري



ليست هناك تعليقات: