قراءة في طوبى للغرباء
احمد الحرباوي
رواية أخرى للكاتبة توقع بي في فخ مدجج بجمال لغوي متمرد على نفسه لأستسلم لحواسي التي سارت بي بين أروقة أحداث ولغة الرواية التي بنيت على الدهشة، أسلوب عميق يكرس المشاعر الإنسانية حد التماهي بألمها وهذا يدل على عمق احساس الكاتبة بما تكتب وعنصر الإبهار الذي توقعنا بشباكه. الألم الذي حف الشخصية الرئيسية للرواية وهي (حنّى) وقدرة الكاتبة على الغوص في مونولوجها الداخلي جعلنا نتعايش مع الحدث بمرارة وقائعه وبؤس ما قد يصل له الإنسان من المشي بخطى تائهه الى الموت انتحاراً من أجل التخلص من ظلم يفرضه الواقع علينا رغماً عنا، وظلم ما قد نتعرض له من أقرب أشخاص إلينا كزوج البطلة الذي سلبها كيانها ووجودها من أجل أن يتمرغ بحياته على شطآن أملها وألمها.
وشخصية الحبيب (فادي) المصلوب على جذع أمنيات البطله لم يكن سوى نبي مخلص بآلامه لحياتها التي عاشت تتضرع للوصول اليه ولكن ليس كجثة باردة كما حملتها في احلامها.
هذا المزيج المأساوي سلط الضوء على عذابات النفس البشرية وما قد تتعرض له من ضغوط يفرضها عليها المجتمع والظلم الذي يجب أن نقابله ببصيص من الأمل قد ينطفئ يوماً، وما أرادت أن توصله الكاتبة هو أن في الحياة ما يستحق أن نعيش لأجله ولو كان طيف حُلم.
الرواية على قصرها ووحدة حدثها إلا أنها تُشبع الحس النفسي للقارء وهذا نقطة في رصيد أي كاتب أن يوصل ما يريد بشيء حجمه الكتابي صغير ولكن مفعوله يفوق حجمه بأضعاف، لغة السرد متينة ومزركشة بجمال بلاغي لاذع للشعور حتى لو كان فيه جزء من المبالغة التي لم تؤثر سلباً ولم تأتي بشكل مُنفر، أسلوب جميل وراقي ومتميز يبعث الثقة في مستقبل الأدب الفلسطيني.
11.04.15
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق