tag:blogger.com,1999:blog-84298969176355658312024-03-19T01:42:04.897-07:00ريتا عودةريتا عودة- شاعرة وقاصّة ومترجمة.من مواليد النـّاصرة,
29-9-1960.حاصلة على شهادة اللقب الأول في اللغة الانجليزية والأدب المقارن. . حصلت على المرتبة الأولى في مسابقة لكتابة قصيدة الهايكو على مستوى العالم. حصلت على المرتبة الأولى في مسابقة "الهيجا" على مستوى العالم. تمت ترجمة نصوصها إلى العديد من اللغات عبر شبكة الإنترنيت.Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.comBlogger67125tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-15241467365728964352015-05-07T03:33:00.003-07:002015-05-12T01:59:04.478-07:00فيديو ومضات نسويّة
<br><br><br><center><font size="7" color="white">
<a href="https://www.youtube.com/watch?v=xixp1q_yM_k">فيديو ومضات نسويّة</a>
<br></font></center>
<center><font size="4" color="pink">
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
ومضات نسويّة<br><br>
-1-<br>
زَهرَةُ عَبَّادِ الشَّمسِ..أَنـــَا<br>
أَرْفَعُ رَأْسِي .. وَأَحْــيــــَا<br>
فـَبــَقَائِي ...في كِبْــرِيـــَائِي<br><br><br>
-2-<br>
أنـــَا ... لا أعارضُ كوني ... أنثـــى<br>
إنــَّما .... أعترضُ على ....<br>
مَوْقـِــفِـــكـُـمْ مِـنــِّي<br>
لِكوْنــِي أنثــــَى ...!<br><br><br>
-3-<br>
أنـــَا لا أكتبُ<br>
كي أُقـَاتـِلَ نــَـيـــْـرُون.<br>
أنـــَا أكتبُ كي ... أكون.<br><br><br>
-4-<br>
عِدْنِي ألاَّ تَرَانِي<br>
قَلَمَ رَصاصٍ<br>
تَسْعَى<br>
لِتُعْمِلَ فيهِ<br>
المِبْرَاةَ!<br><br><br>
-5-<br>
أَكونُ لكَ سُنُونُوَّة حِينَ لا تَكُونُ لِيَ... القَفَص.<br><br><br>
-6-<br>
اكتشفتُ<br>
أنّ بحرَ مشاعركَ<br>
مُعْرَب<br>
فتمنيتُ <br>
لو لم تكنْ<br>
علامة بنائي أنا<br>
-السّكون-<br><br><br>
-7-<br>
التجـأتُ لكفـِّكَ<br>
عـَدوًا خلفَ<br>
قمح ِ حـَنـَان<br>
فاكتشفتُ أنّها<br>
أيضـًا<br>
على الصَّـفع ِ<br>
قادرة<br><br><br>
-8-<br>
وَكَانَ أَنْ وَعَدَهَا<br>
بِحُقُولٍ مِنْ قَمْحٍ<br>
وَبِفَيْرُوزٍ مِنْ بَحْرٍ<br>
وَلَمْ تَسْتَقْبِلْ إِلاَّ<br>
أَمْوَاجًا مِنْ قَهْر<br><br><br>
-9-<br>
كَم مَرَّة ...كَم مَرَّة ... كنتُ لكَ الوَطَنَ ... وكُنتَ ....المَنفَى !
<br><br><br>
-10-<br>
لستُ فراشَة..لستَ قِنديلي.. أنا يا رفيق ...زيتُ الفَتيلِ
<br><br><br>
-11-<br>
قَرَنْفُلَةً مَزْهُوَّةً بــِشَمْسِهَا <br>
كَانـــَتْ <br>
قَطَفَهَا<br>
وَعَلى رَفٍّ مـــَا<br>
في مَنْزلٍ نــــَاءٍ<br>
خَلَّفَهـــــَا<br>
مِنْ غَيْر مـــَا<br>
مـــَاء <br>
وَإلَى الآنْ هِيَ<br>
... أنــــــَا ....<br><br><br>
-12-<br>
لستُ طِروادة ً<br>
بالبارودِ تُحَاصِرُ أَسوارَها<br>
وتُبَاغِتُهَا بالعَسْكَر<br>
لي قلبُ عُصفُورَة<br>
لو رَقَّ ..<br>
تذوبُ مِن عُذُوبتِهِ الصُخُورُ<br>
بَل تَسْكَر<br><br><br>
-13-<br>
أنا كُلُّ الإناثَ<br>
فلا...<br>
تبحث عن أجزاءٍ مِنِّي<br>
في غَيري<br><br><br>
-14<br>
يُحاصرُني الحُزنُ <br>
فأحَاصِرُه ُ حتـّى آخَرَ رَمَــق<br> <br>
حقــًا: البقاءُ دومًا للأقوى<br><br><br>
-15-<br>
صليب الصّمت<br><br>
علّقوني على صَليبٍ<br>
مُذْ وُلِدْتُ<br>
وقالوا: أنثـــــَى !<br><br>
ثــَبــَّـــتـــــُوا يَدَيّ بالمسَامِيرِ<br>
على خَشـَبــَـةِ الزَّمـَـنْ<br>
ثــَبــَّـــتـــــُوا رِجـْـلَيَّ بالمسَامِيرِ<br>
على خَشـَبــَـةِ الغَبَنِ<br>
وقـَالـُوا: <br>
"أنثـــــَى .. أنثـــــَى !"<br><br>
غسلوا أفكاري <br>
رويدًا رويدًا<br><br>
زرعـُوا حقولَ إرادتي<br>
شجرة<br>
تظلُّ تتآكلُ تتآكلُ<br>
شَيئـــــًا فَشَيْئـــــًا<br><br>
عـَلّمُونـــِي<br>
كلَّ أبجديّةِ الحَزَنِ<br>
ألبسُونـــِي<br>
كلَّ أقنعةِ الصَّـمــْــتِ<br>
وقــَـالـُوا:<br><br>
آهٍ أنثـــــَـى ..<br>
مُـجــَــرَّد أنثــــــــــَى! "!!!"<br><br>
</font></center>
<br><br><br><br><br><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com2tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-3184728092908215452015-05-07T03:03:00.001-07:002015-05-07T03:41:38.187-07:00فيديو قصيدة غجريّة عاشقة
<br><br><br><center><font size="7" color="white">
<a href="https://www.youtube.com/watch?v=5HmLQ-xnVn4">فيديو قصيدة غجريّة عاشقة</a>
<br><br><br></font></center>
<center><font size="4" color="pink">
<br>
غـَجــَـريــَّة عـَاشــِـقــَة
<br><br>
كأنّي ...<br>
في زمنٍ آخـَـر <br>
كُنتُ غَجَريــــَّـة ً <br>
مَسكونَةَ بِالعِشق ِ <br>
كُنتُ حُورِيـــَّـة ً <br>
مُـثــْـقَــَـلـَـة ً <br>
بِالجِرَاح<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
في زمنِ القُبحِ ...هذا<br>
لا تَسَلنِي ... لماذا <br>
فأنتَ لِي <br>
أنتَ ...أنتَ حُلُمي<br>
وأنتَ للفرحِ المِفــَـتـــَاح<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
كَي يـَتـَنَـفَـَسَ الصَّبَاحُ<br>
كَي تـَكُونَ لـِذَاكِـرَتـِي <br>
نَبْعَ الإنشـــِرَاح<br><br>
أحِبــــُّـكَ:<br>
كَي تُنجِبَ الأُمَهَاتُ <br>
أَبطَالاً<br>
فَأنْتَ المـَوَّالْ <br>
أنــِيـــِـنُ الخِــلخـــَالْ<br>
حَبُّ الـ ... هـَالْ <br>
في قَهوَةِ الفَلاَّح<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
لأنِّي مَعَكَ<br>
لا أسيرُ حَائِرَة ًفِي دَائِـــرَة<br>
بــَـلْ ...<br>
مَعَ الكـَوْنِ<br>
أ... تـَـ ... دَ... فَـَّ ... قُ<br>
دُونَ قـُيـُودٍ جَائِرَة <br>
دُونَ نـُوَاح<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
حِينَ يَنَامُ فِي حِـضْنِي القَمَر <br>
أحِبــــُّـكَ<br>
حِينَ تَعزِفُ حَبـَّاتُ البـَرَدْ<br>
عَلى نـَافِذَتـِي إيقَاع َالمَطَر<br>
أحِبــــُّـكَ<br>
حِينَ يَتَأوَّهُ فِي تُربَتِهِ الشَجَر<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
فِي لــَيـَـالِي السَّهَر<br>
حِينَ تَتَلَوَّى فِي المَوْقِدِ <br>
حَبـَّاتُ الكَسـْتَنـَاءِ<br>
أحِبــــُّـكَ <br>
حينَ ترسِمُ فِي خَيالِي <br>
المُزدَحِمِ بِكَ<br>
أَبْهَـــــى...<br>
أَبْهَــــى الصُّـوَر<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
أبْعَدَ مِنَ كُلِّ ... اتِجَاه<br>
أَوْسَعَ مِن كُلِّ ... مَدَى<br>
أنقى من كلِّ اعتراف<br>
أكثر حِدَّةً مِن وابلِ شَجَن<br>
أحِبــــُّـكَ<br>
يا بَعضِي وَكُلِّي <br>
وَتـَاجَ جَبـِيـِنـِي<br>
أحِــبــــُّـكَ<br>
وَأَعِـدُكَ <br>
أنْ نـَلـْتَـقـِي<br>
كَــ التِقاءِ جَبَل ٍ بِــ ... جَبَلْ <br>
أحِـــبــــُّـكَ<br>
وَأَعِــدُكَ<br>
أن تـَحـْتــَفِي بِحُبـِّنـَا <br>
الطُيُورُ وَالزُهُورُ<br>
وَكُلُّ أَبْنــــَاءِ كَوْكَبِ الغـَجــَـر<br><br><br>
15.02.2015
</center></font>
<br><br><br><br><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-16176582605069916262015-05-06T23:50:00.000-07:002015-05-07T02:14:22.276-07:00ندوة الخليل الثقافية تستضيف الكاتبة ريتا عودة
<center><font size="4" color="pink">
<br><br>
<br>
ندوة الخليل الثقافية تستضيف الكاتبة ريتا عودة<br><br>
حظيت الندوة الثقافية في مدينة الخليل وبرعاية وزارة الثقافة بشرف استقبال الكاتبة الفلسطينية ابنة الناصرة ريتا عودة الحاصلة على المرتبة الثالثة في مسابقة الهايكو العالمية للعام 2015 لنقاش كتابيها "أنا جنونك" و"سأحاولك مرة أخرى."
<br>
وتم استقبال الكاتبة وزوجها السيد يارد عودة إضافة إلى الكاتبة نائلة إبراهيم وزوجها السيد محمد عمارة في قاعة مركز إسعاد الطفولة في الخليل. حيث رحبت السيدة هدى عابدين ممثلة مكتب وزارة الثقافة في الخليل بالأديبة وضيوفها، وشددت على أهمية التواصل الثقافي والأدبي بين أدباء الداخل الفلسطيني المحتل ونظرائهم من الضفة الغربية المحتلة لما لذلك من إسهامات في تشجيع الحركة الثقافية الفلسطينية.<br>
وأدار اللقاء الكاتب الشاب أحمد الحرباوي ، وقدم كل من فاطمة حوامدة ، وخولة سالم ، والمهندس رشاد العرب، و وفاء ابريوش، و دعاء عليان ، و شروق صافي وفوزية النتشة ، وسناء المحتسب وملاك مقبل ياسمين الحداد قراءات أدبية تطرقوا من خلالها إلى خصوصية وجمالية أدب الكاتبة الضيفة .<br>
وبعد اللقاء، اصطحب عدد من أعضاء الندوة الثقافية الضيوف في جولة في مدينة الخليل تم خلالها زيارة مقر محافظة الخليل ، حيث كان في استقبالهم .السيدة أماني أبو سنينة - مسؤولة الأنشطة الشبابية في المحافظة - التي رحبت بالضيوف وأكدت باسم المحافظة على سعادتها باستقبال الضيوف الذين أعربوا أيضا عن سعادتهم الغامرة بزيارة محافظة الخليل ، وتم خلال اللقاء تكريم الكاتبة ريتا عودة باسم محافظ الخليل السيد كامل احميد. وبعد ذلك توجه الضيوف برفقة أعضاء الندوة الثقافية إلى مصنع الزجاج والخزف في الخليل والذي يعطي ملخصًا لتاريخ المدينة الحافل المتجذر، وهناك تم تقديم هدايا تذكارية خليلية الصنع للضيوف.<br>
وفي نهاية اليوم الثقافي المميز والحافل بالأحاديث الأدبية والثقافية ، ودعت الخليل ضيوفها الذين عادوا بأجسادهم إلى مدنهم ، وبقيت اللحظات الأدبية الراقية محفورة في ذاكرة كل من حضر اللقاء.<br>
القراءة الاولى قدمتها الكاتبة فوزية النتشة حيث قالت:<br>
مر وقتٌ طويل لم أقرأ نصوصاً تأخذني إلى عالم ٍ من الجمالِ و الدهشة كما فعل ديوان "سأحاولكِ مرةً أخرى " للشاعرة ريتا عودة , فكل حرفٍ من حروفها له مدلوله و معناه المتفرد بقوة البلاغة و البيان , فتتكلم الكلماتُ مفصحةً عن صوت الأنثى بكل حالتها و انفعالاتها و مشاعرها المختلفة, هي صوت الأنثى الصادق حد اليقين .<br>
بدأت الشاعرة بوصفٍ للمجموعةِ لَخَصَ المحتوى بذكاءٍ جميلٍ لقلم يدرك قيمة ما يملكُ من إبداع ,حيث كانت العبارة الأولى في مطلع الديوان " قبل ارتكاب الشهد بقليل " و ذلك قبل أن يقدم الشاعر محمد حلمي الرِّيشة هذا التقديم الشامل الأنيق للمجموعة .<br>
و أقول عند ارتكاب الشهد يذوب داخلنا جمال الكلمات , كقطعة سكرٍ بل أحلى ,لأنه مذاق لا ينتهي بانتهاء حالة التذوق بل تستمر مكونة بداخلنا حديقة من معاني المعاني ,جالبةً للروح جمالها التي تشتهي , فالشهد حلوٌ مفيد كلما تناولناه زادنا معافاه و جمال .
<br>
و أنا الآن أتناول منه على مهلٍ تسع عشرة قصيدة هي عالم متحركٌ من الجمال التصويري و اللغوي و إبداعاً في تناول اللغة , و أربع عشرة ومضة تزيدنا إصراراُ على تناول الشهد المصفى الذي يأخذنا إلى لغةٍ تصيبنا بمتعةٍ قريبة من الإبهار .<br>
فجاء الإهداء إلى اللغة التي لا نستطع التنبؤ باحتمالاتها فهي كالعود إذا نقرنا على أحد أوتاره رنت جميع الأوتار و خفقت ,وهي التي تحرك في أعماق النفس , موكباً من العواطف و الصور , و يأتي العنوان سأحاولكِ (بكسر الكاف )مرةً بل و مرات ,فاللغة حتماً لن تكف عن المباغتة باحتمالاتها , و نلاحظ تأنيث العنوان برغم جميع المفردات و النصوص التي جاءت بصيغة المخاطب المذكر و خصوصاً النص الذي يحمل عنوان الديوان حيث جاء بفتح الكاف .
<br>
و يحتوي الدايون الذي اعتمد شكل قصيدة النثر الكثير من الصور و التشبيه , و التناص القرآني و الإنجيلي ,و الأحاديث و منها :<br>
"حين على عرش النعمة استوى" تناص قرآني <br>
"أيتها الذاكرة برداً وسلاماً كوني على قلب أنثى " تناص قرآني <br>
"في غيابةِ جُبّ الغياب ألقيتني " تناص قرآني<br>
"مع الريح يأتي كالبشارة " تناص إنجيلي<br>
"تراه بالزيت يُعمّدُ حروف الحكاية " تناص إنجيلي <br>
أما مع الحديث الشريف <br>
"سيكون للروح التي مع أشباه الظلال تنافرت فاختلقت "<br> <br>
و من الملفت في هذه النصوص قراءة مفردات لم تكن متوقعة لدى القارئ في سياق النص ,مثل :<br>
"حاصرني من شرقي إلى شوقي........فهوى شمالي على جنوني " 34<br>
"إكرام الحزن دفنه" 82
<br>
"فانشطر قوس أيامي ... عن قزح أحلامي " 59
<br><br>
*الاستعانة بقصص حقيقية مثل قصة يونس عليه السلام<br>
"ينتفض يونس من جوف العتمة "72<br>
قصة يوسف عليه السلام "حين في غيابة جب الغياب ألقيتني أنا التي قتلت الذئب كي أحيا "<br>
و الاستعانة بشخصيات تاريخية مثل الولادة , سقراط , غادة و أخرى أسطورية مثل : <br>
هيرا زوجة زيوس و قد امتازت شخصيتها بكونها ملكية مهيبة <br>
إيزيس هي ربة القمر و الأمومة عند قدماء المصريين <br>
عشتار إلهة الحب و الجمال و التضحية عند البابليين<br>
شهرزاد زوجة شهريار في حكايات ألف ليلة و ليلة <br>
و قد جمعتهم الشاعرة في نص لا تقصص رؤياك على أحد .. حين يأخذها الحنين إلى مملكة الحلم وتروي لهم رؤياها فيتبعثر و يصير أمنية أو أغنية ضائعة أو عداءً و أحجية .<br>
*أما الحروف المتقطعة أسلوب أعتمدته الشاعرة لتزيدنا تأثراً بوقع الكلمات و لنتنفسها حرفا ً حرفا ً
و من النصوص التي أعجبتي" معمودية القلق " في قولها :<br>
"سيدي و أنت تؤمم قلبك ترفق <br>
بالأنثى التي آمنت بأقانيمك الثلاثة , فكنت لها الشاعر و العاشق و كنت الروح .. "<br>
و من المعروف أن التأميم يكون عاماً و يشترك فيه جميع الناس .<br><br>
"أنا كيان "<br>
نعود إلى عشتار و جلجامش و عصر الفرسان ...<br>
فتعلن الشاعرة أنها كيان متفرد بكرامة و عنفوان لا ند لها .. والتي تمردت على الرتابة <br>
و من جمال إلى جمال إلى تلك الومضات التي تُيقظ فينا شعور من السعادة ..<br>
"لأرتقي أٌثبّت أنظاري إلى القمم "22<br>
"تراني أكون حبة رمل في سجل اللاتي عبرن بحرك و كان الحبر أبقى و كان الحلم أنقى "44<br>
"كن لي المطر لا المظلة "<br>
"فتنة الجبال شموخها "<br>
" أبحث عنك تبحث عني كخطين متوازيين لا أحد يود أن يتكسر"79
<br>
"كنتَ النبي الذي اشترى و يهُوذا الذي باع "61
<br>
أخيراً.. ما كانت هذه القراءة سوى إضاءة سريعة على مجمل الديوان و لو أردت التعمق سأكتب قراءة في كل نص فما أوفيته حقه الذي يستحق<br>
شكراً لكِ أيتها المبدعة ريتا .. على كل هذا الجمال <br>
و حقاً ....<br>
"في الشعرِ ,,, ما خفي َكان أعذبَ "
<br>
و "أن الكتابة ... فعل بقاء "
<br><br><br><br><br>
أما فاطمة حوامدة فقد كتبت :<br><br>
سأحاولكِ مرة اخرى ..<br>
هذا الكتاب يستبيح كل القوى المكبوتة في الذات لتنهض من غفوتها .. فهو يصلح لعلاج نفسي روحاني يعمل على أنتشال القارىء من كومة احباطاته ليجد قوته السلبية تحولت لقوة دافعة.. نحو حياة لا تغيب عنها شمس الامل والارادة ..<br>
سأبدأ قراءتي بالعنوان .. العنوان الذي دائما مايحمل تصور عن مضمون الكتاب ,, لكنه بالنسبة لي حمل لغزا معينا .. ساحاولكِ مرة أخرى .. عبارة على لسان ذكوري موجه الى انثى ولكن هنا تكتبه انثى موجه الى ذكر ..
وبين حركة الكاف في عنوان الديوان والحركة المخالفة في نص أخذ نفس التسمية يكمن سر الحكاية ..
وهنا تقف علامة الاستفهام مصطحبة معها علامة أخرى لتعجب لهذه الحالة و التي ربما كانت لغاية في نفس الكاتبة .. ؟!<br>
أما صورة الغلاف .. فهي وجهين لذكر وانثى تتقارب شفتيهما و تتداخل ملامح كل منهما بالمزج بين اللونين الأبيض والأسود كاشارة ربما لاكتمال الاثنين معا .. فيكمل الوجه الأبيض وجهه الأخر بالأسود وحتى لا ابتعد عن مضمون الفكرة لن أفلسف الامور أكثر فهي بالمختصر المفيد تُشكل توحد الروح مع نقيضها فتصبح كتلة انسانية واحدة يميزها ارتباطها الوثيق ولو اختلفت في العقائد او العادات او التقاليد او الصفات او التفاصيل الداخلية في تكوين كل منهما وربما جمالها الحقيقي يكمن في أنها جمعت بين ندين مختلفين .. <br>
هذا الديوان او مجموعة الشعريات الفلسطينية كما تم تسميتها هي من نوع الشعر النثري او القصائد النثرية .. جاءت بلغة قوية ومعاني عذبة واسلوب بلاغي متقن وسلاسة جميلة ومدهشة في طرح الأفكار وبلورتها بأسلوب فلسفي انساني وما يدور في نفس الكاتبة ..<br>
اعتمدت الكاتبة أكثر من اسلوب او ركيزة في هذا الديوان كالبلاغة ..<br>
والتناص القرآني والانجيلي والتوارة .. وايضا التناص الشعري ..<br>
استدعاء شخصيات مشهورة وتاريخية واستحضار كائنات خرافية واسطورية ,, واستخدام مصطلحات دارجة تحدث بشكل اعتيادي كجزء من الروتين اليومي .. ومثال ذلك " أما أنا فأجدني خارج نطاق تغطية العاطفة " <br>
تطويع الكلمات من القرآن او من الطبيعة او من أحداث أو من كائنات أخرى او من موروثات تراثية لخدمة النص او الفكرة ودمجها مع صور أدبية رائعة الجمال .. وهذا إن دل على شي فهو يدل على قدرة الكاتبة الابداعية والمامها بالكتب السماوية وثقافتها العالية في اطلاعها على كل ماتم ذكره او استدعاؤه في ديوانها هذا ..<br>
بعض أفكار الكاتبة إن لم تكن أغلبها مستمدة من قوة ذاتية وثقة عالية ومن ايمانها العميق في التشبث بالأمل والارادة مهما كانت الظروف قاهرة .. أما مزج الكتاب بين القصائد والومضات فكان موفق جدا فالومضات كانت كفسحة يرتشفها القارىء على مهله بعد كل قصيدة لا يتمكن من هضم دهشتها ببساطة ..<br>
فبعض الومضات جاءت بوزن وموسيقى شعرية جميلة ومؤثرة ومثال صـــ52ـــــفحة..
<br>
ولن أغفل عن الرمزية في هذا الديوان فبعضها جاءت ضبابية عميقة تحتاج لتعمق القارىء لفهمها .. وبعضها جاء برمزية واضحة ومعبرة ..<br>
<br>أجمل ما قد يلحظه القارىء المدرك لأمور الحياة وتجاربها أن اغلب القصائد والومضات تنتهي بحكمة او نهاية لها وقع مؤثر في النفس .. وربما عمقها هو سر جمالها وترسيخها في الذاكرة ..<br>
كما أن لغرابة العناوين وقوة معناها دور في شد القارىء وتحفيزه على اكتشاف النص ومضمونه بشغف .. تاركة على السطر الأخير ومضة جميلة وهادفة .. "كــ معمودية القلق " "وسفر القيامة " وغيرها ..<br>
ومن الجدير ذكره أيضا ان هناك قوة داخلية مكنونة في هذا الديوان في بعض النصوص حتى في وداعة الفكرة التي حملت صورة غزالة .. ومهادنة الأنثى المستاسدة التي تستأنس بعذوبة الزئير .. كما أنها استعانت بأكثر من مدلول لايصال الفكرة .. فمرة تجدها تقمصت شخصية ملك , ومرة غزال ومرة حبة قمح ومرة اخرى شجرة وغيرها الكثير الكثير سواء في شخوص معينة او حيوانات تاريخية كحصان طروادة مثلا او نبات تفوح رائحة عطرة كغصن نعنع تدلى من مخيلة الكاتبة وترجمت رائحته العطرة بصور وسطور مدهشة ..<br>
فتنوع الصور الشعرية يحمل وعي ثقافيا أدبيا وحسيا ايضا يشوق المتلقي لملاحقة الفكرة بخيالها الجامح حتى السطر الأخير ..
<br>
رغم أن بعض العبارات تكررت في اكثر من نص.. ربما هو مأخذ لا يحبذه النقاد في تكرار ذات الجمل او العبارات .. لكن ربما هي للتأكيد على الفكرة التي تسعى اليها الكاتبة ..<br>
وأخيرا أهم مافي هذا الديوان أنه لا يكاد يخلو من نص يحمل ارادة وامل وعزة وكبرياء ورفض الظلم والضعف بكل اشكاله .. حتى فكرة الدموع واشعال الشموع هو مصدر قوة تظهر واضحة وجلية وهي استمداد لفلسفة عميقة يقينية وقناعات شخصية لصاحبة هذا الديوان وما يميزها من تحدي وتخطي كل ما يستدعي الى الحزن والأسى .. <br>
همستي الأخيرة قد تكون همسة عتب أن الديوان يحمل اسم شعريات فلسطينية لكني وجدته يرتكز على الشعر الوجداني دون غيره فلماذا يحمل هذه التسمية وهو يكاد يخلو من تضمين أي دلالة مكانية او زمانية او أي شيء يدل على فلسطينيته ..<br>
أنا لا اقصد الطعن في انتمائك لاسيما كانت رائحة النعنع وحقول العوسج تأخذني لرائحة البلاد .. ولكن لو لم أكن فلسطينية فهل يستدل أحد غيري يقرأ بعمق أن هناك مايدل على وطني الجريح في نثريات فلسطينية .. !!
<br><br><br><br><br>
أما الشاعر رشاد العرب فقد عقب على الديوان بشكل مقتضب فكتب :
<br><br>
سأحاول أن أكتب ما شاهدت وحاولي أن تصدقيني يا ريتا ، في البداية كان العنوان شاعريا رائعا يحمل الكثير ويحمل تساؤلا يحق لكل قارئ أن يسأله ، ماذا ستحاول ريتا هذه المرة؟ <br>
لقد وجدت الشعر ضائعا والنثر يسكن مقلتي نصك، واللوحات بها بعض التكلف والتأثر بالغرب واضح، ولكنَّ الحق يُقال بسلامة اللغة وكثافة الصور وجمالها ، ولكنَّ المجموعة الشعرية وبين الضياع الحاصل بين النثر الموزون والوزن المنثور وجدت نفسي على مفترق طرق لشخص لا يعرف قوانين السير وأولوية العبور. <br>
بعض المقاطع أشبه بمقاطع الهايكو العالمية، وهي لعبتك ، وبعضها موزون ولكن على غير اعتماد البحور التي نعرفها ولن أخوض في هذا المجال فأصبحت قصيدة النثر اليوم لها عالمها مع إيماني الكامل بأنّ من يكتبها قلة وهذه القلة هي صفوة من صفوة الصفوة وجهابذة الشعر. <br>
النصوص مختلفة الأفكار، عديدة المسالك ، لكنها تحمل نفس الصياغة الحرة وتحمل فكرا يدل على وعي الكاتبة ونضوجها وهذا يُحسب للكاتبة ، وهنا لا أقول إلا هذا نتاج أدبي مشغول عليه بعناية ولكني أصدق القول بميولي للقصص أكثر من هذا بكثير.<br>
كما قدم اعضاء من الندوة قراءات في المجموعة القصصية "أنا جنونك " حيث توزعت على النحو التالي:
فقد استهلت القراءات الكاتبة دعاء عليان حيث قالت :
"في القلب ثلاثُ ورقات ، ورقة للأمل ، وأخرى للألم، أما الثالثة فما زالت تحمل بياضها" هذا ما قالته الكاتبة ريتا عودة في "محكومون بالأمل". لأجل ذلك ، سمحت لنفسي بأن أفسد بياض الثالثة الخاصة بي بأن أخط عليها قراءتي الانطباعية لكتاب "أنا جنونك".<br>
"أنا جنونك" .. عنوان يوحي بغير قليل من العزة والكبرياء التي تتجسد على هيئة أنثى . كبرياء جعلها تثق بنفسها إلى الحد الذي يجعلها تخاطب "الآخر" بكل أنفة وشموخ، وهو ذاته الكبرياء الذي تبحث عنه القارئة العربية الواعية المدركة ليكمّل ما لديها منه ، أو يعمقه في نفسها التواقة للتجديد والحياة الكريمة.<br>
"أنا جنونك" قصص قصيرة بكلماتها ، غزيرة بأفكارها ، عظيمة بمعانيها. وهي انعكاسات لحالات أنثوية ، وصراعاتٌ تمر بها على المستويات الشخصية والاجتماعية والمجتمعية. ورأيت فيها كذلك نصائح من شأنها أن تقود إلى حياة أفضل لقارئها المتمعن المتمكن. وهي أيضًا فرصة للاطلاع على أشكال منسية أو متَجاهَلة للعلاقة بين الرجل والمرأة ،والرجل والأنثى.<br>
في كل قصة قرأتها وجدت شيئًا جديدا يستحق القراءة والتمعن ، وبين ثنايا الكلمات وجدت أشياء تلامسني كأنثى شرقية تعتبر نفسها أو يعتبرها الآخرون من اللواتي يغردن خارج السرب. وإني لأشكرك يا ريتا لأنك جعلتني أشعر مجددًا بأنني لست حالة منفردة ولا فريدة، وإن كنت كذلك فللأفضل وبالأفضل.<br>
كثيرات هنّ اللواتي يرغبن في الحصول على أشياء يراها الآخرون عادية أو أقل . أشياء يعتبرنها من المستحيل ، ورغم ذلك يصعدن سلم الحلم الذي يرسمنه لأنفسهن في محاولة منهن لرسم البسمة على شفاههن. ولكن "ليس كل ما يتمنى المرء يدركه"، فكثيرًا ما يأتي من يحرك هذا السلم أو ينفث نجاسته لينهار أرضًا هو وكل الأحلام المتعلقة به ، وحينها لا تكفي كل بصقات الدنيا "أعزكم الله" للتخفيف من عذابات الروح وآهاتها ، تمامًا كما حصل مع تلك التي أرادت ابتياع الفستان الأحمر لنفسها.<br>
أما الزواج، والذي تراه الغالبية العظمى من الأولويات، فيحدث وأن يتحول إلى صورة معلقة مهترئة على جدران صامتة وآسرة لكل معاني الحياة. جدران تمنع حتى صدى الصوت من الانتشار، فينسى ساكنوها أنهم أحياء. وما وراء هذه الجدران، أحلام صغيرة،، صغيرة جدّا، أبسطها الحق في الحياة.<br>
هذه الجدران تضم أجسادًا تريد "عاطفة صادقة"، فقط ، وتستصرخ أولئك الذين يعيبهم التعبير عن مشاعرهم أني ها هنا، فرفقًا بي بربكم. ولي صوت فأنصتوا له أرجوكم. وإذا ما ذهبنا إلى ما وراء النص قليلًا ، واستذكرنا حالات لأولئك اللواتي كتب في بطاقاتهن الشخصية كلمة متزوجة محاولين البحث عن نسبة الصمت في حياتهن، لوجدنا ما يندى له الجبين.<br>
والأضواء الحمراء في وطني كثيرة، ما يختلف فقط هو قدرتنا على تجاوزها وتخطيها إلى حيث نريد.و ما يلزم للقيام بذلك هو شيء من التمرد الممزوج بالتحدي والإرادة، ربما لإثبات الذات، وربما لقتل ذلك الشيء الممل الذي يسمى روتين، والذي يقتل معاني التجدد شيئًا فشيئًا.<br>
والواقع السياسي حاضر بقوة في بعض القصص كما هو حاضر في الحياة اليومية للفلسطينيين. ففي "أرض البرتقال" ، تثير الكاتبة تساؤلات وتناقضات مستوحاة من المعاناة الفلسطينية . ومن ذلك تساؤلها عن العلاقة بين الدين والحجارة ، وحديثها عن التناقض الذي يحصل عندما تفرض على الفلسطينيين هجرة داخل وطنهم في ما يسمى "عيد الغفران". فكيف يجتمع الغفران والظلم، هذا ما لا أعرفه!<br>
ومما يرتبط بالواقع السياسي الفلسطيني "المخيم". ذلك الحيز المكاني الصغير بمساحته ، الممتد بما يحمله من قصص وحكايات لبشر يستحقون الحياة.<br>
ومما تجدر الإشارة إليه فيما يتعلق بالمخيم ورمزيته في الأدب الفلسطيني وأدب المقاومة هو أن المخيم ليس مجرد مسرح للبؤس والشقاء، بل هو أيضًا مكان للحياة ومعاني البقاء.<br>
وتطرقت الكاتبة أيضًا لمنع التجول ، ذلك الحصار اللامحكوم بزمن ولا بقواعد أخلاقية ولا إنسانية، والذي يذهب ضحيته الكثيرون لتبقى أصداء أوجاعهم تحلق في فضاءات الوطن المكلوم.<br>
أما الربط بين المرأة والوطن فهو موضوع يتكرر في الكثير من القصائد والنصوص الأدبية على اختلاف لغاتها . ولكن الجميل حقًا في "أنا جنونك" هو تلك الجمالية والخصوصية المستقاة من الواقع الفلسطيني بأدق تفاصيله ، كما الشتات.<br>
و قصة "أنا جنونك" حكاية أخرى ، أراها تربعت على عرش الجمال الأدبي والإنساني والتميز اللغوي ، ولأجل ذلك فهي تستحق بكل جدارة أن تسمى المجموعة القصصية باسمها. هي قصة سلطت الضوء على صراعات تعيشها أنثى كلها طموح وكبرياء. أنثى رأيت فيها من ملامحي الكثير الكثير .<br>
ومما راق لي في هذه القصة هو تلك العبارات التي تلخص فلسفتي في الحياة . أنا كأنثى شرقية تعيش في مجتمع شرقي ، وفلسفة يبغضها البعض لأنه يرى فيها تمردًا على شيء يعتقدون بحتمية الإيمان به والخضوع له. و من أمثلة تلك العبارات التي أحببت: " أنا في انتظار أمير ليس له وجود إلا في خيالي." و "الغبي ! متى يدرك أنه ليس جملة اعتراضية في رواية عشقي، بل هو العنوان" وقولها : الحب فكرة لا تتحقق" و "احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك". أعتقد ان هذه العبارات تعني لي ولكل أنثى الكثير، ولا يشترط ارتباطها بشخص بحد ذاته لتعني ما تعنيه.<br>
ولأنه مجتمع عشائري تقليدي وإن أنكرنا ، فإن للتناقضات حضورها، خاصة عندما يتعلق الأمر بامرأة. حينها يجتمع الجميع لإصدار الحكم أو تنفيذه ، ثم يعود كل واحد إلى تجارته أو خمارته كما تقول الكاتبة ، لتبقى الضحية وحيدة دونما منقذ.<br>
فنص " وقد لا يأتي" يعكس صورة للواقع الملغوم الذي يعيشه الكثيرون في هذا العالم، واقع يفرض على الضحية إما الصمت والاستسلام، أو الموت لتصبح مجرد جثمان. وفي كلتا الحالتين هي ميتة. واختُتِمَ "وقد لا يأتي" بسؤال من تلك الأسئلة المعلقة التي تبرز كل يوم ، فتقول الكاتبة: (متى يأتي نيسان؟ متى يزهر اللوز والليمون والبرتقال ؟ متى ترقص الفراشات الحالمة حول قناديل العشاق؟ متى ؟ متى؟)<br>
كما واستخدمت الكاتبة عبارات تدل على نمطية التفكير الشرقي أو فانقل بعض معالمه كما في قولها : " اطردي شبحها قبل أن يمر بك القطار" و "صرخ بي أن أصمت صونًا لكرامتي". وهنا أتساءل: منذ متى كان الصمت صونًا للكرامة ؟ <br>
ومما أكدت عليه الكاتبة في "أنا جنونك" هو أن هناك دائما قطرة مطر تنزل حين جفاف وحين يأس، وذلك حين يظن المرء أن القحل حتمي. جاء هذا في "قطرة مطر" ، هذه القصة التي حملت سؤالا طالما تردد على ألسنة الكثيرين بصيغ مختلفة ، وذلك عندما قالت: ( متى تتلون أحلام البؤساء؟)<br>
وهي ذاتها التي جاءت للقارئ بسؤال آخر حين قالت: (كيف تحط العصافير فوق طبق القلب إذا كانت الأرض غارقة في الطوفان؟)<br>
وجاءت قصة "أنثى الظل" لتسلط الضوء على ظاهرة تفتك شيئًا فشيئًا بالنسيج الاجتماعي، الا وهي الهجرة بحثًا عن فرص عمل يأمل من خلالها المهاجرون بتوفير حياة كريمة وتحقيق أحلامهم. والنتيجة النهائية غالبا ما تكون فراق ودموع وغياب.<br>
وللعلاقة بين الرجل والمرأة والرجل والأنثى بكافة أشكالها حضورها في "أنا جنونك". حيث تطرقت الكاتبة إلى العديد من القضايا والمواضيع المنبثقة عن هذه العلاقة على اختلاف أشكالها ، فتعرضت لهموم باتت تؤرق الطرفين ، وأحلام ما زالت تنتظر الاكتمال. وعكست الكاتبة من خلال ما كتبت حالات نفسية واجتماعية للطرفين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التعرض لموضوع ال"أنا" وال"أنا العليا" التي تنعكس من خلال تصرفات الشخصيات في هذه القصص.<br>
أما لغة الكتاب فجاءت سلسة سهلة بحيث يمكن لكل قارئ أن يستمتع بها ويغوصَ في أعماق النصوص متأملا تارة وباحثًا تارة أخرى. واستخدمت الكاتبة بعض العبارات بالعامية المحكية لتناسب السياق الذي وضعت فيه أحيانًا ولتبين دلالات المعنى أحيانًا أخرى ، ومن ذلك قولها : " طاح المطر على الطين، الله يسلم فلسطين" وقولها "قالوا في الأخبار إنهم رح يعملوا لنا ترانسفير".<br>
كما وأوردت الكاتبة أيضًا بعض الأقوال والأمثال والحكم والنصائح ، بعضها متوارث وبعضها الآخر ولد على يد قلمها . وهذه العبارات لا تخلو في مجملها من التشبيهات والمحسنات البديعية ومن ذلك : " قد آن الأوان أن نحاصر حصارنا" و " ما أسهل أن تكون ظالما في مجتمع لا يعترف إلا بمنطق البقاء للأقوى ، وما أصعب أن تصبر حتى يعجز الصبر عن صبرك" و "الوجع سمكة قرش تنهش القلب" و "ليست الحكمة أن تعرف الطريق ، بل أن تمشي فيه."<br>
وكما دومًا، هناك أسئلة تبقى معلقةً تبحث عن إجابات رغم سهولتها الممتنعة، ومنها :" كيف أضع رأسكم في الوحل وأنا أسعى لرباط مقدس؟" وكذلك " تهجر وطنك لأجل دينار؟"<br>
ولئلا تمتلئ ورقة قلبي الثالثة وتختفي منها الفراغات، أخصص زاوية منها لألخص قراءتي ل "أنا جنونك" بأنه واقع كتبته أنثى لتخبر قارئيه بأن على الأرض من يستحقنَ الحياة.
<br><br><br><br><br>
أما الاديبة وفاء بريويش فقد كتبت :<br> <br>
أنا جنونك عنوان لمجموعة قصصية يحرّضك على البحث عن جنية تستتر بحُجب الكلام و الصورة الفنية و الرمز .. و تزج بك دون سابق تحذير إلى عمق العمق و تطلقك كسنونو قد يواجه الربيع أو القفص أو الموت ..
تمتاز القصة لدى ريتا عودة بتكامل عناصرها الفنية .. و تسليط الضوء على القضايا الإنسانية و الوطنية .. و الأنثى بتفاصيل معاناتها و آمالها و التي جعلت من حلمها مادة أساسية لرؤيتها و الانطلاق إلى فضاءات الحرية و التخلص من كل ما هو أرضي و معرقل للحركة الفكرية و الظل لبعض بطلات القصص مثل : " حلم آخر " ص35 أو " أبعد من أن تطالني يد "ص84 ..<br>
تؤطر الكاتبة لنظرياتها الخاصة المتعلقة بالذات و الآخر بملامحها الفلسفية و النفسية .. فهي تحمل هما كونيا يتضح بتعدد شخصيات قصصها و تنوعها على اختلاف معتقداتها و جنسها و تطلعاتها و عقدها تقول "<br>
ص18 " فراغ . مجرد فراغ يفصل بي البشر ،مجرد مسافات لا يمكن اجتيازها " <br>
أو في قصة " المسمار" ص 62 التي تحكي عن البعد الداخلي للوجع الذي ينبع من الذات و يظنه الإنسان من تكالب الظروف الخارجية عليه .. <br>
و ناصحة في حين آخر " احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك "<br>
الرمزية لدى ريتا ليست مجازفة .. بل خطة مدروسة لاستثارة ذهن القارئ و تحفيزه و فتح نوافذ التجلي أمامه و حرية الاختيار .. هي تستضيفك حتى نهاية القصة و بعدها تجد نفسك على بحر حيفا أو أمام إشارة حمراء .. أو هواجس عاشقة أو مأساة وطن .. لا يمكنك المكوث في مكان القصة الواحد رغم أرضيته الصلبة .. ستنطلق كسنونو أو كغزال يلتقط رزقه من بئر المعنى أو مسرح الفكرة كيف شاء و ما استطاع أن يحمل في جعبته دون قيود .<br>
تميزت الكاتبة بإدارة المونولوج لشخصياتها بما يكتنفها من صراع بين الأنا الوجدانية و الأنا المنطقية ينتهي في أغلبه بانتصار الأنا العاشقة دون أي اعتبار لأي تحذير قد يطلقه غور النفس العقلانية .. كما اتضح جليا في العنوان الرئيس للمجموعة في قصة " أنا جنونك " .. أو قد تدمج حوارين داخليين بتماهٍ مدهش و بتركيز عال. ريتا تقترف العمق و تنثر الحقائق بذكاء و حرص كما في قصة " أنثى الظل" ص67. أو أنثى الحرائق ص 86.<br>
أحببت استعراض الكاتبة للديانات الثلاث مذ بدء القصص بعيد الغفران اليهودي في قصة "أرض البرتقال " أو نشيد الملائكة في الميلاد المجيد " الأرض حب و في العلى مسرّة " ص96 حتى الاستلهام من النص القرآني لسورة التكوير ص70.
في الختام القراءة للكاتبة ريتا ترجمة واقعية لمعاناة وطن وقع تحت نير الاحتلال و إنسان لبث زمنا طويلاً رهن المعتقدات البالية .. أو العاطفة بسموها و قلقها و غيابها و بعثراتها .. " أنا جنونك " هو إهداء للفكر و الخيال الإنساني بكل تجليات الجنون الثوري العاقل .
<br><br><br><br><br>
وفي تعقيب للشاعر رشاد العرب قال :<br> <br>
العنوان يحمل في طياته العاطفة، ويوهمك بالحب، ويصدر عن بيت الشعر الفلسطيني فتحسبه قصيدا فتجده قصصا محاكةً بذكاء صاغتها أنامل فلسطينية بحنكة فنسجت لنا لوحات من وطن تستحق الخلود.
مجموعة قصصية تحمل في طياتها الكثير ، لغتها سليمة منقحة، وأفكارها منطقية واقعية ورائعة، صياغتها جميلة، وسردها لا يعرف الملل ، وهذا يُحسب للكاتبة ويرفع من شأنها لدى قارئها، وهنا أرفع قبعةً لكِ ريتا عودة.
لقد كان ميولي كل ميولي لهذه القصص ووجدت العمق والأدب لدى كاتبنا أكثر منها في مجموعتها سأحاول مرةً أخرى، فالعمق والصياغة واللغة والوطن اجتمعت في مجموعة قصصية تستحق القراءة.
جلُّ القراءات تحمل عبق الماضي ورائحة الوطن ، وتحملك إلى أن تعشق وطنك وتجنَّ فيه، ولهذا كانت القصص تستحق الوقوف عليها كثيرا.<br>
أبارك لكِ مجموعتكِ وأهنئك على هذه القدرة الرائعة وأتمنى لكِ مزيداً من التقدم والنجاح.
<br><br><br><br><br>
ثم تابعت الكاتبة ياسمين الحداد وقالت : <br><br>
أنا جنونك (مجموعة قصصية) .<br>
للكاتبة الفسطينية (ريتا عودة) ابنة مدينة الناصرة ..<br>
تنوعت قصص الكاتبة فب الحب والوطن (وجعه وفرحه) ، (فب القرب والبعد)<br>
نسجت الكاتبة الحروف كــحورية فاتنة ، ذهبنا معها بخيالنا إلى البحر بصفاءه<br>
وخرجنا من بين مسحاتها الخضراء من حيث كنا ، ولم نعد إلا محملين بعبق البلاد<br>
وزهورها وياسمينها الأبيض .<br><br>
و هنا لي بعض الوقفات الصغيرة في بعض هذه المحطات المدهشة :<br><br><br>
أكثر ما شدني هذه الفقرة في قصة عودة النورس صفحة (34)<br>
حبنا ولد في العتمة ، ليس له مكان تحت الشمس .<br>
-لا يا حبيبتي ! نحن من نصنع أحلامنا .<br>
- ولكنك تدرك أنه الحب المستحيل .<br>
- حبيبتي ، يا مطراَ يأتي بالعصافير الصغيرة والزنابق والثمر المنتظر . هات يدك .<br>
صمت . رحلت نظراته نحو الأفق . فجأة ارتفع صوته كالنشيد الوطني :<br>
- قد آن الآوان نحاصر حصارنا .<br><br>
• حبٌ لا يولد بالنور لا يدوم .. فلسفة الحب هنا كالوطن<br>
تبدأ كبيرة ثم تتلاشلى وتموت .<br><br><br>
- وقد لا يأتي .<br>
الفقرة الأخيرة صفحة (51)<br>
فجأة تزلزت الأرض . تشققت الصخور والقبور تفتحت . صرخة ثالثة بصوت عظيم
قبل أن اسلم الروح :<br>
- يما ، متى يأتي نيسان ؟ متى يزهر اللوز والليمون والبرتقال ؟ متى ترقص الفراشات الحالمة حول قناديل العشاق ؟
<br>
- متى ؟ متى ؟
<br><br>
• وهكذا يموت الحب قبل أن يعيش في بلادنا ويقتل برصاص القهر والجهل
ويذبل اللوز والبرتقال !!
<br><br><br>
- ومات البلبل وحيداً .<br><br>
صفحة (75)<br>
" ولا بد يوماً أن تكسر كل الأقفاص لتحيا الطيور في الفضاء الرحب حرةً طليقة كما كتب لها منذ بدأ الخليقة لا بد ... لا بد ! "<br><br>
• حكاية وطن ومخيم وسماء ممتلئة بالبلابل ستضيء بالأمل والوعود<br>
بالعودة قريباَ إن شاء الله .<br><br><br>
_ أنثى الحرائق .<br><br>
هي حكاية كل أنثى :<br>
كل كاتبة تخرج من نصوصها تحيي أبطالها ، ثم تقتلهم حتى تتخلص<br>
من عقدة الحب والذنب معاً ..<br>
تتسلل من بين السطور لتخفي جنونها وتصرخ ..<br>
ثم تعود تعزف حروفها على أوراقها البيضاء ...<br><br><br>
- شغب الأسئلة <br><br>
صفحة (98) .<br>
أنا اكتب كي أكون .<br>
- هذا هو القلق الإيجابي الذي يسير أشرعة النص .<br>
- فعلاً .<br>
- وهل تمتلكين ألا تكتبي ؟
<br>
- لا خيار لي في أن أكتب أو لا اكتب
<br>
- لم<br>
- الكتابة تفرض حضورها وشروطها ومخاضها علي . تسيرني وتأسرني ،
وتتملك كل حواسي إلى أن يولد النص .<br>
• وهنا وجدت إجابةً لكل التي تحاصرني لماذا أكتب ؟
هي حقاً كل حواسي وتكتبني قبل أن أقرر ماذا أكتب !<br>
وهي : موهبة من الله كي أفرغ وجعي وفرحي بثمانية وعشرين حرفاً أبجدياً ..<br><br>
صغارُ نحن جانب هذا الكم الكبير من الجمال والأناقة والإبداع ...<br>
كما حظيت المجموعة قراءة للكاتبة سناء المحتسب فقالت:<br><br><br>
"أنا جنونك "<br>
بين نزيف الوطن وتشريد المواطنين من أراضيهم رأيت السماء تسود حزنا بين غيومها لتحتضن فلسطين بأوجاعها ، مساندة لها في جرح دائم الخضرة بالشهداء وأرواحهم العطرة وكانت تزداد حزناً على زمن يسير دون أن يقف العدوان الصهيوني على فلسطين وأزقتها :-<br>
فأرض البرتقال: بقيت ْ وحيدةً بعد تهجير أبناء فلسطين من بيوتهم ، وهجرتهم من أماكن سكنهم ، ليذهبون إلى اللامأوى واللازمان ...<br>
والحواجز العسكرية ومنع التجوال " قصة ليست قصيرة" فهذه الحواجز تمنع الحياة من استمرارها حيث يتعذب المرضى الفلسطينيين بأوجاعهم دون شفاء وعلاج منها ، لتهوي أرواحهم مسافرة إلى السماء ، دون وصولهم المشافي ، فتكون نهاية المريض ارتداء السروال الأبيض ، وهناك من يتبعه أيضا في ارتداءه .
<br>
أما في "الحلم الأخير "فهو حلم يراود كل فلسطيني بتحرير وطنه من أيادي الاحتلال المغتصب ، فطائرة خالد كانت تحمل ألوان العلم الفلسطيني حيث جسدت الأراضي الفلسطينية المحتلة وخالد حارب الطفل المحتل والمدعي بأن الطائرة له كما يدعي الاحتلال بأن الأراضي الفلسطينية له ، وفوق ذلك الادعاء الكاذب يأخذون أراضينا ويعتدون علينا !!!!<br>
فبعد هذا الواقع المرير من الأوجاع والدماء والشهداء كم هو جميل ذلك البعد إلى اللاحرب واللاأوجاع ، دون معاناة الجوع والمحاربة المريرة لأجل لقمة عيش عالقة بأعلى الأشجار التي تغلفها الأسلاك الشائكة بالاحتلال لفقدها قبل الوصول إليها ، فلأجل هذا الواقع الأليم نحتاج سفراً إلى وهمٍ سالمٍ ليكون "حلماً آخر " .<br>
أما في "أميرة الحكاية " وجدت بها معنى للمثل الذي قال :- " الباب اللي بيجيك منه ريح سده واستريح " . حيث قامت الأميرة المجنونة بنزع نخلة الشكوك من جذورها وألقتها بعيداً عنها لتعيش بسلام ٍ دون شكوكها من تلك النخلة .<br>
"أنا جنونك" تحدثت الكاتبة عن الكلمات التي تغري أي أنثى ، وغيرها من العبارات المخدرة التي تدخل الأذن لتصل إلى القلب فيغب وعيه ولا يرى سوى الدلال والعشق من رجل ٍ كاذبٍ تقنص بارودته بكلمات ٍ زائفة .
وجدت في "إصرار " معنى " يا مأمن الرجال مثل اللي مأمن المي بالغربال " . حيث أمنت الأميرة الصرصار على نفسها وأسكتت الصوت الذي بداخلها ، بأن الصرصار حشرة مثيرة للاشمئزاز ، فاقتربت منه لتجد لسعة الغدر مختومة على صدرها حيث أخذت فيما بعد بتارها منه وألقت به جثة على الأرض .
<br>
وفي" انتظاره " قرأت الجزء الثاني من قصة " ليلى والذئب " ومع الأيام تاب الذئب الماكر ، فدموع ليلى على وفاة جدتها بسببه ، جعلته يندم ويعالج نفسه من قذارة المكر ، موقظاً بنفسه الإنسان الرءوف الذي بداخله ليحيى بلا مكر .<br>
وأخيرا راقت لي جدا جملة "يكفيني فخراً أن أكون قد تمكنت من التعبير عن موقف ما ولو مرة منذ أدركت كوني أحيا في وطن مغتصب " ص. 23 في" الضوء الأحمر "
<br><br><br><br><br>
أما الكاتبة ملاك مقبل فقالت :
<br><br>
انا جنونك:مجموعة من القصص الوردية الفلسطينية ذات الواقع المؤلم , شيدت هذه المجموعة الرائعة بغلاف متين تتضمن مئة وثماني وردات تختلف من موسم الى موسم وتعايش الفصول كما هي وتصبر,, تحمل على أغصانها الكثير من البتلات الناضجة حرفا ورونقا ومتانة وحياة و تاريخا كاملا لا ينوء الكاتب عن شد الوقت لكتابته ..<br><br>
كل فصل من فصول هذا البستان يكتسي بالكثير من الاوجاع والكثير من سموم المحتل الذي يقف كالاشواك على اغصان الورد يقتل حضوره يقف عائقا في كل شيء فلسطيني يحبس الهواء في زنزانة اليأس ويعصم الحياة عن عيون الكثيرين والعابرين ويقيد صبر المكلومين بحبال القوانين التي ينوء هو نفسه عن المُضي بها .. يُكتف بها أوصال الحياة كمن لا أحد يراه ..<br><br>
كل وردة من وردات هذا البستان تحمل الكثير من أوجاع المكلومين اللذين تُقطف أحلامهم عبر السنين صمتا وقهرا وعهرا ,, هذه الارض تمطرها السماء بالدم حينا والشهداء حينا وبالامل حينا والاحلام حينا والحب حينا آخر ,,, بتلات الجوري يبللها ندى العمر بصبر يعجز العربي الحر عن تحمله " فلسطين أرض الكنانة , أرض العابرين فوق الارض , أرض البرتقال والزيتون والزعتر , أرض الياسمين والجوري أرض الحب الروحي الذي ينسال من جنبات الاوجاع والحرب , ملونة أحلامنا بالأمل بدعاء خفي تحمينا عيون الله ما دام فينا كل هذا الصبر على كل هذا الشقاء ..<br><br>
كالفراشة تنقلت على كل الورد ورأيت طهارة الشوراع في حيفا وانارتها على الجوانب وشممت عطرها المنتشر كم كانت نظيفة الا من مخلفات وقاذورات وعد بلفور وما تبعه من مآسي وتشتت ولجوء ,, تاتهت أنظاري بين الورد واختبأت في حضن الانسانية وبكيت ! فأحلامنا الصغيرة وان أسميتها ب " أحلامنا الانسانية" ستكون أدق تفصيلا, فالحياة الزوجية كالوردة الجورية ان اهتممت بها ورويتها بماء قلبك نمت بجذور قوية وصلبه وتشرق كما أنت تريد لها أن تشرق فيها راحتك سكينتك طمأنيتك وان نمت على جذوعها الشوك لن تجرحك ستنثر لك عبير عطرها في مساء يملؤه الحب وان اهملتها وحيدة بلا اعتناء بلا ماء بلا حب بلا حياة ستخون ثقتك في أن تنمو وحدها وستذبل , ستهرم أمام ناظريك , في الحياة نحن من نختار سعادتنا فلنبحث عن ما يليق بنا وبحياتنا بعيدا عن المعتقدات والمبادئ التي لا أساس لها سوى قتل الانسانية وقطف الوردة دون ادراك ووعي ,, وأبصرت حلم فتاة بفستانها الاحمر تشبه الجوري الذي يملؤه حياء البتلات وأشواك الواقع المر ,, مررت بإحدى الوردات التي ترطب وجنتيها دموع أم شهيد إحتضنت رائحته وعطره وملبسه وحلمه وقبلت قبر يأسها بالدموع ,, عبرت الى الوردة الجافة في زاوية الروح دون ان أعتذر للضوء الاحمر واخترقت القانون المنسي الا عني !! مضيت في ساحة الفراغ مللت الوجع مللت الذل مللت أن "لا أكون "!! وأنا لا زلت على قيد الحلم على قيد الارض قيد فلسطين ,, مررت على حب البرتقال هناك شددت الوقت وعصمت عينيه عن المضي نحو السراب وقيدت كلتا يديه عن هرولة الايام الماضية فينا كالسيف تقطع أوصالنا كلما مر,, ها نحن نمضي بخذلان عربي مطبق خمسة وستون عاما لا نكل ولا زال مفتاح الباب معلق في اعناقنا الى ان نعود ,, أمطرت السماء واستظللت بحلم يقف في منتصف اليأس ويكتسي بالامل فبين اليأس والامل حلم واحد ,, عابرون تحت السماء وفوق الارض الا من احلامنا الملونة بقوس القزح وآمالنا أفراحنا على قيد الايام الى ان تتحقق بحب بحياة بالحرية .<br><br>
ريتا الجميلة كنت الوردة التي كشفت الكثير من الوقائع المؤلمة بين بتلاتك الرقيقة المشيدة بالوجع والالام والامل والحياة وكنت الفراشة التي انتقلت في بستانك ,, كنت أنثى النص الابجدي المليء بالامل والحياة كنت استثناء الاستثناء بين الابجدية التي يمتلكها الكاتب .. لا زال عطرك يفوح أرجاء روحي ..
<br><br>
كما قدم اعضاء من الندوة قراءات في المجموعة القصصية "أنا جنونك " حيث توزعت على النحو التالي:
فقد استهلت القراءات الكاتبة دعاء عليان حيث قالت :
"في القلب ثلاثُ ورقات ، ورقة للأمل ، وأخرى للألم، أما الثالثة فما زالت تحمل بياضها" هذا ما قالته الكاتبة ريتا عودة في "محكومون بالأمل". لأجل ذلك ، سمحت لنفسي بأن أفسد بياض الثالثة الخاصة بي بأن أخط عليها قراءتي الانطباعية لكتاب "أنا جنونك".<br><br>
"أنا جنونك" .. عنوان يوحي بغير قليل من العزة والكبرياء التي تتجسد على هيئة أنثى . كبرياء جعلها تثق بنفسها إلى الحد الذي يجعلها تخاطب "الآخر" بكل أنفة وشموخ، وهو ذاته الكبرياء الذي تبحث عنه القارئة العربية الواعية المدركة ليكمّل ما لديها منه ، أو يعمقه في نفسها التواقة للتجديد والحياة الكريمة.
<br><br>
"أنا جنونك" قصص قصيرة بكلماتها ، غزيرة بأفكارها ، عظيمة بمعانيها. وهي انعكاسات لحالات أنثوية ، وصراعاتٌ تمر بها على المستويات الشخصية والاجتماعية والمجتمعية. ورأيت فيها كذلك نصائح من شأنها أن تقود إلى حياة أفضل لقارئها المتمعن المتمكن. وهي أيضًا فرصة للاطلاع على أشكال منسية أو متَجاهَلة للعلاقة بين الرجل والمرأة ،والرجل والأنثى.<br><br>
في كل قصة قرأتها وجدت شيئًا جديدا يستحق القراءة والتمعن ، وبين ثنايا الكلمات وجدت أشياء تلامسني كأنثى شرقية تعتبر نفسها أو يعتبرها الآخرون من اللواتي يغردن خارج السرب. وإني لأشكرك يا ريتا لأنك جعلتني أشعر مجددًا بأنني لست حالة منفردة ولا فريدة، وإن كنت كذلك فللأفضل وبالأفضل.
<br><br>
كثيرات هنّ اللواتي يرغبن في الحصول على أشياء يراها الآخرون عادية أو أقل . أشياء يعتبرنها من المستحيل ، ورغم ذلك يصعدن سلم الحلم الذي يرسمنه لأنفسهن في محاولة منهن لرسم البسمة على شفاههن. ولكن "ليس كل ما يتمنى المرء يدركه"، فكثيرًا ما يأتي من يحرك هذا السلم أو ينفث نجاسته لينهار أرضًا هو وكل الأحلام المتعلقة به ، وحينها لا تكفي كل بصقات الدنيا "أعزكم الله" للتخفيف من عذابات الروح وآهاتها ، تمامًا كما حصل مع تلك التي أرادت ابتياع الفستان الأحمر لنفسها.
أما الزواج، والذي تراه الغالبية العظمى من الأولويات، فيحدث وأن يتحول إلى صورة معلقة مهترئة على جدران صامتة وآسرة لكل معاني الحياة. جدران تمنع حتى صدى الصوت من الانتشار، فينسى ساكنوها أنهم أحياء. وما وراء هذه الجدران، أحلام صغيرة،، صغيرة جدّا، أبسطها الحق في الحياة.<br><br>
هذه الجدران تضم أجسادًا تريد "عاطفة صادقة"، فقط ، وتستصرخ أولئك الذين يعيبهم التعبير عن مشاعرهم أني ها هنا، فرفقًا بي بربكم. ولي صوت فأنصتوا له أرجوكم. وإذا ما ذهبنا إلى ما وراء النص قليلًا ، واستذكرنا حالات لأولئك اللواتي كتب في بطاقاتهن الشخصية كلمة متزوجة محاولين البحث عن نسبة الصمت في حياتهن، لوجدنا ما يندى له الجبين.<br><br>
والأضواء الحمراء في وطني كثيرة، ما يختلف فقط هو قدرتنا على تجاوزها وتخطيها إلى حيث نريد.و ما يلزم للقيام بذلك هو شيء من التمرد الممزوج بالتحدي والإرادة، ربما لإثبات الذات، وربما لقتل ذلك الشيء الممل الذي يسمى روتين، والذي يقتل معاني التجدد شيئًا فشيئًا.<br><br>
والواقع السياسي حاضر بقوة في بعض القصص كما هو حاضر في الحياة اليومية للفلسطينيين. ففي "أرض البرتقال" ، تثير الكاتبة تساؤلات وتناقضات مستوحاة من المعاناة الفلسطينية . ومن ذلك تساؤلها عن العلاقة بين الدين والحجارة ، وحديثها عن التناقض الذي يحصل عندما تفرض على الفلسطينيين هجرة داخل وطنهم في ما يسمى "عيد الغفران". فكيف يجتمع الغفران والظلم، هذا ما لا أعرفه!<br><br>
ومما يرتبط بالواقع السياسي الفلسطيني "المخيم". ذلك الحيز المكاني الصغير بمساحته ، الممتد بما يحمله من قصص وحكايات لبشر يستحقون الحياة.<br>
ومما تجدر الإشارة إليه فيما يتعلق بالمخيم ورمزيته في الأدب الفلسطيني وأدب المقاومة هو أن المخيم ليس مجرد مسرح للبؤس والشقاء، بل هو أيضًا مكان للحياة ومعاني البقاء.<br><br>
وتطرقت الكاتبة أيضًا لمنع التجول ، ذلك الحصار اللامحكوم بزمن ولا بقواعد أخلاقية ولا إنسانية، والذي يذهب ضحيته الكثيرون لتبقى أصداء أوجاعهم تحلق في فضاءات الوطن المكلوم.<br><br>
أما الربط بين المرأة والوطن فهو موضوع يتكرر في الكثير من القصائد والنصوص الأدبية على اختلاف لغاتها . ولكن الجميل حقًا في "أنا جنونك" هو تلك الجمالية والخصوصية المستقاة من الواقع الفلسطيني بأدق تفاصيله ، كما الشتات.<br><br>
و قصة "أنا جنونك" حكاية أخرى ، أراها تربعت على عرش الجمال الأدبي والإنساني والتميز اللغوي ، ولأجل ذلك فهي تستحق بكل جدارة أن تسمى المجموعة القصصية باسمها. هي قصة سلطت الضوء على صراعات تعيشها أنثى كلها طموح وكبرياء. أنثى رأيت فيها من ملامحي الكثير الكثير .<br><br>
ومما راق لي في هذه القصة هو تلك العبارات التي تلخص فلسفتي في الحياة . أنا كأنثى شرقية تعيش في مجتمع شرقي ، وفلسفة يبغضها البعض لأنه يرى فيها تمردًا على شيء يعتقدون بحتمية الإيمان به والخضوع له. و من أمثلة تلك العبارات التي أحببت: " أنا في انتظار أمير ليس له وجود إلا في خيالي." و "الغبي ! متى يدرك أنه ليس جملة اعتراضية في رواية عشقي، بل هو العنوان" وقولها : الحب فكرة لا تتحقق" و "احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك". أعتقد ان هذه العبارات تعني لي ولكل أنثى الكثير، ولا يشترط ارتباطها بشخص بحد ذاته لتعني ما تعنيه.<br><br>
ولأنه مجتمع عشائري تقليدي وإن أنكرنا ، فإن للتناقضات حضورها، خاصة عندما يتعلق الأمر بامرأة. حينها يجتمع الجميع لإصدار الحكم أو تنفيذه ، ثم يعود كل واحد إلى تجارته أو خمارته كما تقول الكاتبة ، لتبقى الضحية وحيدة دونما منقذ.<br><br>
فنص " وقد لا يأتي" يعكس صورة للواقع الملغوم الذي يعيشه الكثيرون في هذا العالم، واقع يفرض على الضحية إما الصمت والاستسلام، أو الموت لتصبح مجرد جثمان. وفي كلتا الحالتين هي ميتة. واختُتِمَ "وقد لا يأتي" بسؤال من تلك الأسئلة المعلقة التي تبرز كل يوم ، فتقول الكاتبة: (متى يأتي نيسان؟ متى يزهر اللوز والليمون والبرتقال ؟ متى ترقص الفراشات الحالمة حول قناديل العشاق؟ متى ؟ متى؟)<br><br>
كما واستخدمت الكاتبة عبارات تدل على نمطية التفكير الشرقي أو فانقل بعض معالمه كما في قولها : " اطردي شبحها قبل أن يمر بك القطار" و "صرخ بي أن أصمت صونًا لكرامتي". وهنا أتساءل: منذ متى كان الصمت صونًا للكرامة ؟<br><br>
ومما أكدت عليه الكاتبة في "أنا جنونك" هو أن هناك دائما قطرة مطر تنزل حين جفاف وحين يأس، وذلك حين يظن المرء أن القحل حتمي. جاء هذا في "قطرة مطر" ، هذه القصة التي حملت سؤالا طالما تردد على ألسنة الكثيرين بصيغ مختلفة ، وذلك عندما قالت: ( متى تتلون أحلام البؤساء؟)<br>
وهي ذاتها التي جاءت للقارئ بسؤال آخر حين قالت: (كيف تحط العصافير فوق طبق القلب إذا كانت الأرض غارقة في الطوفان؟)<br><br>
وجاءت قصة "أنثى الظل" لتسلط الضوء على ظاهرة تفتك شيئًا فشيئًا بالنسيج الاجتماعي، الا وهي الهجرة بحثًا عن فرص عمل يأمل من خلالها المهاجرون بتوفير حياة كريمة وتحقيق أحلامهم. والنتيجة النهائية غالبا ما تكون فراق ودموع وغياب.<br> <br>
وللعلاقة بين الرجل والمرأة والرجل والأنثى بكافة أشكالها حضورها في "أنا جنونك". حيث تطرقت الكاتبة إلى العديد من القضايا والمواضيع المنبثقة عن هذه العلاقة على اختلاف أشكالها ، فتعرضت لهموم باتت تؤرق الطرفين ، وأحلام ما زالت تنتظر الاكتمال. وعكست الكاتبة من خلال ما كتبت حالات نفسية واجتماعية للطرفين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التعرض لموضوع ال"أنا" وال"أنا العليا" التي تنعكس من خلال تصرفات الشخصيات في هذه القصص.<br><br>
أما لغة الكتاب فجاءت سلسة سهلة بحيث يمكن لكل قارئ أن يستمتع بها ويغوصَ في أعماق النصوص متأملا تارة وباحثًا تارة أخرى. واستخدمت الكاتبة بعض العبارات بالعامية المحكية لتناسب السياق الذي وضعت فيه أحيانًا ولتبين دلالات المعنى أحيانًا أخرى ، ومن ذلك قولها : " طاح المطر على الطين، الله يسلم فلسطين" وقولها "قالوا في الأخبار إنهم رح يعملوا لنا ترانسفير".<br><br>
كما وأوردت الكاتبة أيضًا بعض الأقوال والأمثال والحكم والنصائح ، بعضها متوارث وبعضها الآخر ولد على يد قلمها . وهذه العبارات لا تخلو في مجملها من التشبيهات والمحسنات البديعية ومن ذلك : " قد آن الأوان أن نحاصر حصارنا" و " ما أسهل أن تكون ظالما في مجتمع لا يعترف إلا بمنطق البقاء للأقوى ، وما أصعب أن تصبر حتى يعجز الصبر عن صبرك" و "الوجع سمكة قرش تنهش القلب" و "ليست الحكمة أن تعرف الطريق ، بل أن تمشي فيه."<br><br>
وكما دومًا، هناك أسئلة تبقى معلقةً تبحث عن إجابات رغم سهولتها الممتنعة، ومنها :" كيف أضع رأسكم في الوحل وأنا أسعى لرباط مقدس؟" وكذلك " تهجر وطنك لأجل دينار؟"<br><br>
ولئلا تمتلئ ورقة قلبي الثالثة وتختفي منها الفراغات، أخصص زاوية منها لألخص قراءتي ل "أنا جنونك" بأنه واقع كتبته أنثى لتخبر قارئيه بأن على الأرض من يستحقنَ الحياة.<br><br><br><br><br>
أما الاديبة وفاء بريويش فقد كتبت : <br><br>
أنا جنونك عنوان لمجموعة قصصية يحرّضك على البحث عن جنية تستتر بحُجب الكلام و الصورة الفنية و الرمز .. و تزج بك دون سابق تحذير إلى عمق العمق و تطلقك كسنونو قد يواجه الربيع أو القفص أو الموت ..<br>
تمتاز القصة لدى ريتا عودة بتكامل عناصرها الفنية .. و تسليط الضوء على القضايا الإنسانية و الوطنية .. و الأنثى بتفاصيل معاناتها و آمالها و التي جعلت من حلمها مادة أساسية لرؤيتها و الانطلاق إلى فضاءات الحرية و التخلص من كل ما هو أرضي و معرقل للحركة الفكرية و الظل لبعض بطلات القصص مثل : " حلم آخر " ص35 أو " أبعد من أن تطالني يد "ص84 ..<br>
تؤطر الكاتبة لنظرياتها الخاصة المتعلقة بالذات و الآخر بملامحها الفلسفية و النفسية .. فهي تحمل هما كونيا يتضح بتعدد شخصيات قصصها و تنوعها على اختلاف معتقداتها و جنسها و تطلعاتها و عقدها تقول "
ص18 " فراغ . مجرد فراغ يفصل بي البشر ،مجرد مسافات لا يمكن اجتيازها "
أو في قصة " المسمار" ص 62 التي تحكي عن البعد الداخلي للوجع الذي ينبع من الذات و يظنه الإنسان من تكالب الظروف الخارجية عليه ..<br>
و ناصحة في حين آخر " احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك " <br>
الرمزية لدى ريتا ليست مجازفة .. بل خطة مدروسة لاستثارة ذهن القارئ و تحفيزه و فتح نوافذ التجلي أمامه و حرية الاختيار .. هي تستضيفك حتى نهاية القصة و بعدها تجد نفسك على بحر حيفا أو أمام إشارة حمراء .. أو هواجس عاشقة أو مأساة وطن .. لا يمكنك المكوث في مكان القصة الواحد رغم أرضيته الصلبة .. ستنطلق كسنونو أو كغزال يلتقط رزقه من بئر المعنى أو مسرح الفكرة كيف شاء و ما استطاع أن يحمل في جعبته دون قيود .
تميزت الكاتبة بإدارة المونولوج لشخصياتها بما يكتنفها من صراع بين الأنا الوجدانية و الأنا المنطقية ينتهي في أغلبه بانتصار الأنا العاشقة دون أي اعتبار لأي تحذير قد يطلقه غور النفس العقلانية .. كما اتضح جليا في العنوان الرئيس للمجموعة في قصة " أنا جنونك " .. أو قد تدمج حوارين داخليين بتماهٍ مدهش و بتركيز عال. ريتا تقترف العمق و تنثر الحقائق بذكاء و حرص كما في قصة " أنثى الظل" ص67. أو أنثى الحرائق ص 86.<br>
أحببت استعراض الكاتبة للديانات الثلاث مذ بدء القصص بعيد الغفران اليهودي في قصة "أرض البرتقال " أو نشيد الملائكة في الميلاد المجيد " الأرض حب و في العلى مسرّة " ص96 حتى الاستلهام من النص القرآني لسورة التكوير ص70.
في الختام القراءة للكاتبة ريتا ترجمة واقعية لمعاناة وطن وقع تحت نير الاحتلال و إنسان لبث زمنا طويلاً رهن المعتقدات البالية .. أو العاطفة بسموها و قلقها و غيابها و بعثراتها .. " أنا جنونك " هو إهداء للفكر و الخيال الإنساني بكل تجليات الجنون الثوري العاقل .
<br><br><br><br><br>
<br><br><br><br><br>
</font></center>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-44745241737390093702015-05-06T23:42:00.000-07:002015-05-06T23:46:23.780-07:00الشاعرة ماجدة الأشقر في قراءة ل"أنا جنونك" للأديبة ريتا عودة<center><font size="4" color="pink">
<br><br>
<br>
الشاعرة ماجدة الأشقر في قراءة ل"أنا جنونك" للأديبة ريتا عودة<br><br>
مجموعة قصصية تحتوي على (26) قصة قصيرة هي عباره عن تصريح مباشر عن شعورها الخاص بالحياة فقد صورت ما تراه تصويرا موضوعيا ذاتيا بحيث انها رسمت شخوصها رسما واقعيا واخذت تتنقل بهم ويؤثر انفعالها في اسلوبها وقد رسمتهم في لحظات تتحرك فيها ارواحهم وتخرج جذوة الانسانية من اعماقهم من تحت رماد البؤس
<br><br>
فقصة #الفستان_الأحمر <br>
تأخذنا الى حي عربي في مدينة محتلة في 48 حيث تقيم الكاتبة ومن شارع الى شارع حيث يستقر بها المقر أمام أحد المحلات التي تبيع الملابس وتصف لنا لهفتها حول اقتناء هذا الفستان الغالي ويسرح بها الخيال عندما ترى جنودا في الشارع وتقول في نفسها:<br>
كم من دماء سفكوا وكم من بيوت دمروا في فلسطين.<br>
وهنا يكون التناقض بما تراه وما يدور في ذهنها عندما ترى اعلانا مكتوب عليه حافظوا على نظافة المدينة
#هل_المدينة_فعلا_نظيفة؟؟<br>
وتصدم بطلة القصة بسعر الفستان وتزداد صدمتها عندما ترى امرأة دخيلة على فلسطين تتمكن من دفع ثمن الفستان بكل سهولة.<br>
خطر في بالي بيت الشعر الذي يقول :<br>
حرام على بلابله الدوح<br>
حلال للطير من كل جنس<br><br>
أمّا قصة #أحلام_صغيرة
فهي انتفاضة على البرود والاهمال النفسي وقد لجأت الكاتبة الى الكلمات المشحونة المتوترة التي تثير بركانا في الحياه كقولها لزوجها:انا احب رجلا اخر لتثير فيه غيرة واحساسا لم تراهما من قبل وقد كان يعتبرها شيئا من الأشياء لا نفسا بشريه تحتاج الى الحنان والدفء
ان هذه القصة بالذات تعبر عن مئات النساء في مجتمعنا والتي يهملها الطرف الاخر بعد سنين طويلة من الكفاح والجهد تحدثت بصوتي وصوت غيري
السؤال لماذا صرخات الأنثى صرخات منبوذة محرمة تتهم صاحببتها بالخبل والجنون؟!
<br><br>
#ماجدة_الأشقر<br>
03.05.2015<br>
ندوة الخليل<br>
</font></center>
Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-56959663345870399092015-05-05T23:52:00.003-07:002015-05-05T23:58:41.897-07:00قراءة في كتاب "أنا جنونك" بقلم دعاء عليان
<center><font size="4" color="pink">
<br><br>
<br>
قراءة في كتاب "أنا جنونك"<br>
ل<br>
ريتا عودة<br>
بقلم: دعاء عليان<br><br>
"في القلب ثلاثُ ورقات ، ورقة للأمل ، وأخرى للألم، أما الثالثة فما زالت تحمل بياضها" هذا ما قالته الكاتبة ريتا عودة في "محكومون بالأمل". لأجل ذلك ، سمحت لنفسي بأن أفسد بياض الثالثة الخاصة بي بأن أخط عليها قراءتي الانطباعية لكتاب "أنا جنونك".<br>
"أنا جنونك" .. عنوان يوحي بغير قليل من العزة والكبرياء التي تتجسد على هيئة أنثى . كبرياء جعلها تثق بنفسها إلى الحد الذي يجعلها تخاطب "الآخر" بكل أنفة وشموخ، وهو ذاته الكبرياء الذي تبحث عنه القارئة العربية الواعية المدركة ليكمّل ما لديها منه ، أو يعمقه في نفسها التواقة للتجديد والحياة الكريمة.
<br>
"أنا جنونك" قصص قصيرة بكلماتها ، غزيرة بأفكارها ، عظيمة بمعانيها. وهي انعكاسات لحالات أنثوية ، وصراعاتٌ تمر بها على المستويات الشخصية والاجتماعية والمجتمعية. ورأيت فيها كذلك نصائح من شأنها أن تقود إلى حياة أفضل لقارئها المتمعن المتمكن. وهي أيضًا فرصة للاطلاع على أشكال منسية أو متَجاهَلة للعلاقة بين الرجل والمرأة ،والرجل والأنثى.
في كل قصة قرأتها وجدت شيئًا جديدا يستحق القراءة والتمعن ، وبين ثنايا الكلمات وجدت أشياء تلامسني كأنثى شرقية تعتبر نفسها أو يعتبرها الآخرون من اللواتي يغردن خارج السرب. وإني لأشكرك يا ريتا لأنك جعلتني أشعر مجددًا بأنني لست حالة منفردة ولا فريدة، وإن كنت كذلك فللأفضل وبالأفضل.
<br>
كثيرات هنّ اللواتي يرغبن في الحصول على أشياء يراها الآخرون عادية أو أقل . أشياء يعتبرنها من المستحيل ، ورغم ذلك يصعدن سلم الحلم الذي يرسمنه لأنفسهن في محاولة منهن لرسم البسمة على شفاههن. ولكن "ليس كل ما يتمنى المرء يدركه"، فكثيرًا ما يأتي من يحرك هذا السلم أو ينفث نجاسته لينهار أرضًا هو وكل الأحلام المتعلقة به ، وحينها لا تكفي كل بصقات الدنيا "أعزكم الله" للتخفيف من عذابات الروح وآهاتها ، تمامًا كما حصل مع تلك التي أرادت ابتياع الفستان الأحمر لنفسها.<br>
أما الزواج، والذي تراه الغالبية العظمى من الأولويات، فيحدث وأن يتحول إلى صورة معلقة مهترئة على جدران صامتة وآسرة لكل معاني الحياة. جدران تمنع حتى صدى الصوت من الانتشار، فينسى ساكنوها أنهم أحياء. وما وراء هذه الجدران، أحلام صغيرة،، صغيرة جدّا، أبسطها الحق في الحياة.<br>
هذه الجدران تضم أجسادًا تريد "عاطفة صادقة"، فقط ، وتستصرخ أولئك الذين يعيبهم التعبير عن مشاعرهم أني ها هنا، فرفقًا بي بربكم. ولي صوت فأنصتوا له أرجوكم. وإذا ما ذهبنا إلى ما وراء النص قليلًا ، واستذكرنا حالات لأولئك اللواتي كتب في بطاقاتهن الشخصية كلمة متزوجة محاولين البحث عن نسبة الصمت في حياتهن، لوجدنا ما يندى له الجبين.<br>
والأضواء الحمراء في وطني كثيرة، ما يختلف فقط هو قدرتنا على تجاوزها وتخطيها إلى حيث نريد.و ما يلزم للقيام بذلك هو شيء من التمرد الممزوج بالتحدي والإرادة، ربما لإثبات الذات، وربما لقتل ذلك الشيء الممل الذي يسمى روتين، والذي يقتل معاني التجدد شيئًا فشيئًا.<br>
والواقع السياسي حاضر بقوة في بعض القصص كما هو حاضر في الحياة اليومية للفلسطينيين. ففي "أرض البرتقال" ، تثير الكاتبة تساؤلات وتناقضات مستوحاة من المعاناة الفلسطينية . ومن ذلك تساؤلها عن العلاقة بين الدين والحجارة ، وحديثها عن التناقض الذي يحصل عندما تفرض على الفلسطينيين هجرة داخل وطنهم في ما يسمى "عيد الغفران". فكيف يجتمع الغفران والظلم، هذا ما لا أعرفه!<br>
ومما يرتبط بالواقع السياسي الفلسطيني "المخيم". ذلك الحيز المكاني الصغير بمساحته ، الممتد بما يحمله من قصص وحكايات لبشر يستحقون الحياة.<br>
ومما تجدر الإشارة إليه فيما يتعلق بالمخيم ورمزيته في الأدب الفلسطيني وأدب المقاومة هو أن المخيم ليس مجرد مسرح للبؤس والشقاء، بل هو أيضًا مكان للحياة ومعاني البقاء.<br>
وتطرقت الكاتبة أيضًا لمنع التجول ، ذلك الحصار اللامحكوم بزمن ولا بقواعد أخلاقية ولا إنسانية، والذي يذهب ضحيته الكثيرون لتبقى أصداء أوجاعهم تحلق في فضاءات الوطن المكلوم.<br>
أما الربط بين المرأة والوطن فهو موضوع يتكرر في الكثير من القصائد والنصوص الأدبية على اختلاف لغاتها . ولكن الجميل حقًا في "أنا جنونك" هو تلك الجمالية والخصوصية المستقاة من الواقع الفلسطيني بأدق تفاصيله ، كما الشتات.<br>
و قصة "أنا جنونك" حكاية أخرى ، أراها تربعت على عرش الجمال الأدبي والإنساني والتميز اللغوي ، ولأجل ذلك فهي تستحق بكل جدارة أن تسمى المجموعة القصصية باسمها. هي قصة سلطت الضوء على صراعات تعيشها أنثى كلها طموح وكبرياء. أنثى رأيت فيها من ملامحي الكثير الكثير .<br>
ومما راق لي في هذه القصة هو تلك العبارات التي تلخص فلسفتي في الحياة . أنا كأنثى شرقية تعيش في مجتمع شرقي ، وفلسفة يبغضها البعض لأنه يرى فيها تمردًا على شيء يعتقدون بحتمية الإيمان به والخضوع له. و من أمثلة تلك العبارات التي أحببت: " أنا في انتظار أمير ليس له وجود إلا في خيالي." و "الغبي ! متى يدرك أنه ليس جملة اعتراضية في رواية عشقي، بل هو العنوان" وقولها : الحب فكرة لا تتحقق" و "احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك". أعتقد ان هذه العبارات تعني لي ولكل أنثى الكثير، ولا يشترط ارتباطها بشخص بحد ذاته لتعني ما تعنيه.<br>
ولأنه مجتمع عشائري تقليدي وإن أنكرنا ، فإن للتناقضات حضورها، خاصة عندما يتعلق الأمر بامرأة. حينها يجتمع الجميع لإصدار الحكم أو تنفيذه ، ثم يعود كل واحد إلى تجارته أو خمارته كما تقول الكاتبة ، لتبقى الضحية وحيدة دونما منقذ.<br>
فنص " وقد لا يأتي" يعكس صورة للواقع الملغوم الذي يعيشه الكثيرون في هذا العالم، واقع يفرض على الضحية إما الصمت والاستسلام، أو الموت لتصبح مجرد جثمان. وفي كلتا الحالتين هي ميتة. واختُتِمَ "وقد لا يأتي" بسؤال من تلك الأسئلة المعلقة التي تبرز كل يوم ، فتقول الكاتبة: (متى يأتي نيسان؟ متى يزهر اللوز والليمون والبرتقال ؟ متى ترقص الفراشات الحالمة حول قناديل العشاق؟ متى ؟ متى؟)<br>
كما واستخدمت الكاتبة عبارات تدل على نمطية التفكير الشرقي أو فانقل بعض معالمه كما في قولها : " اطردي شبحها قبل أن يمر بك القطار" و "صرخ بي أن أصمت صونًا لكرامتي". وهنا أتساءل: منذ متى كان الصمت صونًا للكرامة ؟<br>
ومما أكدت عليه الكاتبة في "أنا جنونك" هو أن هناك دائما قطرة مطر تنزل حين جفاف وحين يأس، وذلك حين يظن المرء أن القحل حتمي. جاء هذا في "قطرة مطر" ، هذه القصة التي حملت سؤالا طالما تردد على ألسنة الكثيرين بصيغ مختلفة ، وذلك عندما قالت: ( متى تتلون أحلام البؤساء؟)<br>
وهي ذاتها التي جاءت للقارئ بسؤال آخر حين قالت: (كيف تحط العصافير فوق طبق القلب إذا كانت الأرض غارقة في الطوفان؟)<br>
وجاءت قصة "أنثى الظل" لتسلط الضوء على ظاهرة تفتك شيئًا فشيئًا بالنسيج الاجتماعي، الا وهي الهجرة بحثًا عن فرص عمل يأمل من خلالها المهاجرون بتوفير حياة كريمة وتحقيق أحلامهم. والنتيجة النهائية غالبا ما تكون فراق ودموع وغياب. <br>
وللعلاقة بين الرجل والمرأة والرجل والأنثى بكافة أشكالها حضورها في "أنا جنونك". حيث تطرقت الكاتبة إلى العديد من القضايا والمواضيع المنبثقة عن هذه العلاقة على اختلاف أشكالها ، فتعرضت لهموم باتت تؤرق الطرفين ، وأحلام ما زالت تنتظر الاكتمال. وعكست الكاتبة من خلال ما كتبت حالات نفسية واجتماعية للطرفين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التعرض لموضوع ال"أنا" وال"أنا العليا" التي تنعكس من خلال تصرفات الشخصيات في هذه القصص.<br>
أما لغة الكتاب فجاءت سلسة سهلة بحيث يمكن لكل قارئ أن يستمتع بها ويغوصَ في أعماق النصوص متأملا تارة وباحثًا تارة أخرى. واستخدمت الكاتبة بعض العبارات بالعامية المحكية لتناسب السياق الذي وضعت فيه أحيانًا ولتبين دلالات المعنى أحيانًا أخرى ، ومن ذلك قولها : " طاح المطر على الطين، الله يسلم فلسطين" وقولها "قالوا في الأخبار إنهم رح يعملوا لنا ترانسفير".<br>
كما وأوردت الكاتبة أيضًا بعض الأقوال والأمثال والحكم والنصائح ، بعضها متوارث وبعضها الآخر ولد على يد قلمها . وهذه العبارات لا تخلو في مجملها من التشبيهات والمحسنات البديعية ومن ذلك : " قد آن الأوان أن نحاصر حصارنا" و " ما أسهل أن تكون ظالما في مجتمع لا يعترف إلا بمنطق البقاء للأقوى ، وما أصعب أن تصبر حتى يعجز الصبر عن صبرك" و "الوجع سمكة قرش تنهش القلب" و "ليست الحكمة أن تعرف الطريق ، بل أن تمشي فيه."<br>
وكما دومًا، هناك أسئلة تبقى معلقةً تبحث عن إجابات رغم سهولتها الممتنعة، ومنها :" كيف أضع رأسكم في الوحل وأنا أسعى لرباط مقدس؟" وكذلك " تهجر وطنك لأجل دينار؟"<br>
ولئلا تمتلئ ورقة قلبي الثالثة وتختفي منها الفراغات، أخصص زاوية منها لألخص قراءتي ل "أنا جنونك" بأنه واقع كتبته أنثى لتخبر قارئيه بأن على الأرض من يستحقنَ الحياة.
<br><br><br>
03.05.2015 <br>
ورقة مقدَّمة لندوة الخليل<br>
</font></center>
<br><br><br>
Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-19463281736925281732015-05-05T21:44:00.000-07:002015-05-05T22:39:48.613-07:00رفعت زيتون: قراءة في ديوان ( سأحاولكِ مرة أخرى)..
<center><font size="4" color="pink">
<br><br>
<br>
رفعت زيتون: قراءة في ديوان ( سأحاولكِ مرة أخرى).. للشاعرة ريتا عودة<br><br>
ديوان سأحاولكِ مرة أخرى للشاعرة ريتا عودة من الناصرة عن بيت الشعر الفلسطيني:
هو ديوان الحب واللوعة والمحاولة واللغة، هو ديوان الأنثى وانفعالاتها، حبها وكرهها، غرورها وهدوؤها إن هدأت وعواصفها إن عصفت، هو الأنثى بكل ما فيها. والديوان من نوع قصيدة النثر حيث لم تلتزم الشاعرة بتفعيلات الخليل، رغم
استخدامها القافية في بعض القصائد.<br>
هذه قراءة مررت فيها على أغلب قصائد الديوان أو الشعريات الفلسطينية كما شاءت أن تطلق عليها الشاعرة ريتا، ولسوف أبدأ بنظرة عامة عن الديوان وملامحه وأسلوبه ثم أدخل لتفاصيل أغلب القصائد أتناول كثيرا مما احتوت وليس كل ما احتوت من جمال أو ملاحظات.<br>
أولا : ملاحم عامة للديوان:
<br>
في بنائها العام لنسيج القصيدة وتقديمها للنصوص اتّكأت الشاعرة ريتا عودة على
مجموعة دعائم واستخدمت أساليب مختلفة لإيصال نصّها وفكرتها إلى قلب وذهن
المتلقي ومن هذه الدعائم:<br>
1. البلاغة: تمييز الديوان بأسلوب بلاغيّ رفيع المستوى كما سيظهر من خلال تحليلي للقصائد حيث طغى فيه استخدام محسنات البديع والبيان من تشبيهات واستعارات وانزياحات وجناس وطباق وسجع ومقابلة وتضاد وغيرها.
والشواهد على ذلك كثيرة سأفصل بعضها خلال القراءة العامة للقصائد.
2. التناص القرآنيّ والإنجيليّ في كثير من النصوص، فكرة وجملا وألفاظا. وأحيانا الاقتباس الحرفيّ لهذه الجمل والألفاظ، وهذه بعض الأمثلة على ذلك:
<br>
- ( <br>على عرش النعمة استوى) صفحة 25 تناصّ قرآنيّ
<br>
- ( أين المفرّ ) صفحة 35 تناصّ قرآنيّ.
<br>
- ( لا تقصص رؤياك على أحد) صفحة 49 تناصّ قرآنيّ.
<br>
- ( ربّ الفلق) صفحة 55 تناصّ قرآنيّ.
<br>
- ( مثنى وثلاث ورباع) صفحة65 تناصّ قرآني.
<br>
- ( في غيابة جبّ الغياب ألقيتني) صفحة 65 تناصّ قرآنيّ.<br>
- ( مع الريح يأتي .. كالبشارة) صفحة 30 تناصّ انجيلي.<br>
- ( تراه بالزيت يُعمّد حروف الحكاية) صفحة 36 تناصّ مع الموروث المسيحي.
<br>
- ( لتسلم السنونوة للجلجلة..فيصيح المسيح) صفحة 63 تناصّ إنجيليّ.<br>
- ( في الهزيع الأخير) صفحة 100 تناصّ إنجيليّ.
<br>
- ( العذارى الخمس) صفحة 100 تناصّ إنجيليّ.<br>
وغيرها الكثير.<br>
3. التناص الشعري مع بعض الشعراء أمثال امرؤ القيس ونزار في بعض القصائد<br>
ومثال ذلك:<br>
- ( تكفّ الأرض عن الدوران) صفحة 72 تناصّ مع نزار قباني
<br>
- ( أكرُّ، أفرُّ، أُقبلُ، أُدبرُ) صفحة 74 تناصّ مع امرؤ القيس.<br>
4. استدعاء الرموز التاريخية والأسطورية بشكل مكثف في الكثير ما من النصوص مثل قيس، شهريار، شهرزاد، عشتار، هيرا، إيزيس، ولادة، وغيرهم.<br>
5. استخدام الظواهر الطبيعية والنظريات العلمية وتطويعها لخدمة الفكرة التي تريد، ومثال ذلك الجاذبية الأرضية لنيوتن، مثلث برمودا، المدّ والجزر وظاهرة الخسوف وغيرها.<br>
6. تدعيم القصائد بشيء من الموروث من العادات والتقاليد والأمثال الشعبية
والمقولات المعروفة والحكايات، والأحاديث النبوية الشريفة ومثال ذلك:<br>
- ( إقرأ كفّ من تشاء من النساء) صفحة 69.<br>
- ( سيكون للروح التي مع أشباه الظلال تنافرت.. فاختلفت) صفحة 75.
<br>- ( بيدي ... لا بيد ابن الغجر) صفحة 75.<br>
- ( إكرام الحزن دفنه ) صفحة 82.<br>
- ( بلغني أيها القمر البعيد) صفحة 52.<br>
7. التركيز على موضوع واحد وهو الشعر الوجداني دون سواه من أنواع الشعر<br>
في هذا الديوان، بكل تفاصيله، كالعشق والهيام والبعد والهجر والغيرة وغيرها.<br>
8. استخدام القصص والأحداث التاريخية الحقيقية منها والأسطورية مثل حصان طروادة، قصة سيدنا يوسف، والمثلوجيا الإغريقية واليونانية والمصرية القديمة.<br>
9. استخدام أسلوب التكرار في بدايات الفقرات ونهاياتها للتأكيد غالبا ومثال ذلك:<br>
- ( من سواك ) في قصيدة (يحبني بالثلاثة) صفحة 23.
<br>
- ( أحبكِ، أحبك، أحبك) من قصيدة ( يحبني بالثلاثة) صفحة 23.<br>
- ( أنا أنثى ) في قصيدة (أنا أنثى) صفحة 26.<br>
- (أشقّ البحر ) في قصيدة (في طريقي إليك ) صفحة33.<br>
- ( حين فاضت ) في قصيدة (لا تقصص رؤياك على أحد) صفحة 49.<br>
- ( سيدي) في قصيدة (معمودية القلق) صفحة54.<br>
- لا أريد / سيكون) في قصيدة (ابن الغجر) صفحة 74.<br>
وغيرها في مواضع أخرى.<br>
10. المزج بين الومضات والقصائد:<br>
فقد احتوى الديوان على تسع عشرة قصيدة، وأربع عشرة صفحة من الومضات.<br>
11. تضمين الفلسفة والفكر الإنساني في بعض القصائد ومثال على ذلك،
<br>
( الحب كالموت، وكالمطر وكالفكرة، يكفر بالمواعيد المسبقة) في صفحة 40.<br><br>
ثانيا: عنوان الديوان، وصورة الغلاف:<br>
بداية العنوان وهو أحد قصائد الشعريات الفلسطينية، وهذا ما أطلقت شاعرتنا على
نصوصها الشعرية، ربما لتفادي النقد الذي يمكن أن يقال في حق ديوان نثري من
قبل بعض الكلاسيكيين الذين يرفضون فكرة أن يطلق على النصّ النثري قصيدة.
وأنا أكون من هؤلاء في أحيان كثيرة، ولكني أحيانا أكون أكثر تشدّدا منهم فأسقط
كلمة ديوان أو قصيدة عن نصّ التزم القافية والوزن ولكنه كُتب بحرف ركيك لا
روح شعرية فيه. وبالتالي فالشعر كمفهوم هو أكبر وأشمل من وزن وقافية، الشعر شعور وصور ومجاز وابتعاد عن التقليد، الشعر مفاجأة ودهشة إن لمْ يحققها الكاتب
في نفس المتلقي فهو ليس شاعرا، وهذا رأي وقد لا يعجب الكثيرون.
ومن منطلق هذه المقدمة أريد أن أحكم على شاعرية صاحبة الشعريات، ولكن ليس
قبل أن أغوص في النصوص ومعي من يحب الإبحار في عالم الكلمة، فإذا أصبت
في مكان شدّ على يديّ وإن أخطأت صوّبني وكلنا نخطئ.<br>
" سأحاولكِ مرّة أخرى" والحديث على لسان ذكوري موجه لأنثى، وهذا يجعلني
أتخيل أن النصوص قد تأخذ هذا المنحى في الحديث، لأن العنوان غالبا ما يعبر عن
مضمون الكتاب، والمفاجأة أن كلّ النصوص أو أغلبها كانت بلسانٍ أنثوي، على
عكس ما توقعت في البداية. ولكن عند العودة إلى القصيدة وجدتُ أن عنوان تلك القصيدة يختلف وكان على لسان أنثى كباقي القصائد وهو في صفحة 94 وكان
على هذا النحو " سأحاولكَ مرة أخرى" والخطاب موجه لرجل حسب مضمون النصّ الشعريّ وكذلك الفتحة الظاهرة على كاف ( سأحاولكَ )، فهل هناك خطأ في العنوان عند الطباعة؟
أم أن العنوان قد تغيير لغاية في نفس الشاعرة قضتها؟ وهذا سؤالي الأول للشاعرة.<br>
أما صورة الغلاف فقد حجزت جزءًا يسيرا من هذا الغلاف في وسطه، وقد امتزج فيها اللونان الأبيض والأسود، وتداخلت فيه الوجوه، وللوجوه دلالاتها وكذلك للألوان، فهل كان لاختيار هذين اللونين غرض وغاية عند الشاعرة؟
الأبيض يظهر الأسود، وكذلك الأسود يظهر نقيضه الأبيض، ولكن لا يمكن للواحد
منهما أن يظهر بدون الآخر، وكذلك الذكر والأنثى، كلّ يحتاج الآخر ليكون.<br><br>
ثالثا: قراءة في القصائد:<br>
بداية الإهداء:
<br>
تقول الشاعرة في صفحة 15( إلى اللغة /التي كلما حاولتها / باغتتني باحتمالاتها )،
وقد اعتاد الكتّاب أن يهدوا إصداراتهم إلى من لهم فضل عليهم، وإلى الأعزّ والأقرب من الأهل والأصدقاء. والأم أقرب الأقربين، وشاعرتنا في إهدائها اختارت أمّا من نوع آخر لتهديَها نصوصها، شاعرتنا اختارت اللغة أمًّا فقالت في إهدائها<br>
( إلى اللغة /التي كلما حاولتها/.. باغتتني باحتمالاتها).
<br>
إهداءٌ يدخلك في جوّ خاصّ من السكينة والارتياح، ويشعر القارئ بالأصالة
والانتماء ويأخذنا إلى بَرٍّ من البِرّ لا حدود له، بِرّ من ابنةٍ بارّة بأمّها اللغة.
هي تقول ( كلّما حاولتها) والمحاولة فيها شيء من التعدّدية والحيرة، والحيرة
لها أسبابها، وتكون إما لصعوبة في الموقف، أو لتعدّد سبل بلوغ المراد فلا
يدري سالكها أيّ السبل يسلك، أو لجمال الآخر فنحار كيف تكون أقصر وأفضل
الطرق لوصله. وكلّ ذلك يحتاج المحاولة. واللغة أمّ جميلة، تسعى الشاعرة
للوصول إلى رضاها، فتحاول ذلك بكل الطرق، لتصنع من حليب حروفها أجمل قصيدة فإذا باللغة تفاجئها باحتمالاتها الكثيرة، تفاجئها بحبّ متعدد الرؤى،
وتفتح لها أبواب الجمال على مصراعيها قائلة لها: أي بنيّتي، هذه بساتيني
فاقطفي ما شئتِ من أزهار وخذي منها الرحيق.<br>
بدأت شاعرتنا شعريّاتها، كما أسمتها، بالومضات، وجعلت هذه الومضات
بين قصائدها حسب رؤية خاصة بها.
<br>
أنا شبهت هذه الومضات بالمقبلات التي تسبق الوجبة الرئيسية والطبق الشهي،
فهي بذلك تهيّئ المتلقي لما هو أشهى.
<br>
في هذه الومضات كانت شاعرتنا ترسم جزءا من شخصياتها الأدبية وهويتها الشعرية قبل الغوص بالقصيد. ولعل هذه الومضات كذلك عبّرت عن شخصيتها الإنسانية، أو الشخصية الإنسانية لبطلة القصيدة، فهي إنسانة قبل أن تكون شاعرة وأديبة.<br>
تقول في أول ومضة لها والتي أطلقتُ عليها ومضات التعريف أو ومضات الهوية
( على مهل)، ثم تجلس لارتشاف الشاي بالنعناع وتطلق العنان لخيالها، ثم يكون انفجار القصيدة، فهي تعتني بالتفاصيل، لهذا تتروى كفراشة تطير من زهرة لأخرى تنتقي منها أعطر الرحيق، فهناك متسع من الوقت كيْ لا تخرج القصيدة طفلا خداجا. وجملة ( لانفجار ومضة شعرية) استعارة مكنية جميلة حيث شبهت الومضة بالانفجار وحذفت المشبه به ( القنبلة) مع ذكر قرينته الدالة عليه وهي كلمة (لانفجار).<br>
ثم تمضي الشاعرة بالتعريف بنفسها فتقول إنها ( السنونوة التي نذرت نفسها
للحبّ، والزهر، والقصيدة). ونذرت نفسها أي أنها أخلصت لهذه القضايا دون سواها، فانتبذت كلّ ما يهوى الآخرون من مادة، فكانت هنا كأنها مريم الشعر.
<br>
ولأنها سنونوة فهي من صنف الطيور، والطير حديثه التغريد ولأنها هناك في الأعالي يكون طيرانها عفويا، فيحسدها من لا يطير.<br>
هي لا تضيرها عينُ حسود، لهذا تقول في صفحة 18 ( وإن لفّها الضباب /<br>
تبقى الشجرة الوارفة وارفة). ولا تخفى رمزية الضباب والشجرة الوارفة<br>
على القارئ الذي يقرأ ما بين السطور. ولأنها طيرٌ من شعر، نذرت حرفها<br>
للحبّ فهي تبحث عنه بانتقائية العارف بما يريد فتقول ( كما نبحث عن إبرة<br>
في كومة قش ). وهي كذلك تجد اكتمالها به، فهي تهيئ لذلك كل الظروف،<br>
وأعدّت متكأها وأصرت إصرار صاحبة يوسف حبًّا، فنثرت خصلات شعر<br>
بطلة القصيد، لكنه هو لم يرَ برهان ربّه كما يوسف، فألقى حجر نرده وكتبها قصيدة.
<br>تقول في صفحة 21:<br>
( أنا أحلم .. إذا أنا أحيا<br>
وما دمتُ أحيا ... إذا أنا بحبر<br>
وما دمتُ بحبر... إذا أنا على قيد حبّ).
<br>
انزياحات نحوية وإضافية جميلة تجعلك تتوقع أو تنتظر الكلمة القادمة والمتعارف عليها لتفاجئك بغير المنتظر، فالمتعارف عليه أن نقول ( أنا بخير )، ولكن غير المتوقع والمنتظر أن تقول الشاعرة ( أنا بحبر)، وتقول ( أنا على قيد حب) والمتوقع أن تقول ( أنا على قيد الحياة)، وهذا هو المتعارف عليه والمنتظر فتضيف غير المنتظر بكلمة حبّ بدل حياة، وتقول ( ما دمت بحبر) أي ما دام قلمي يكتب (إذا أنا على قيد حب) تكون بذلك على قيد الحياة، فأي معنى أجمل من ربط الحياة والحب بالكتابة والمداد.<br>
كذلك هناك تسلسل وربط أنيق للأفكار، وصور تكتظ بجمال خاص، تأخذك الواحدة لتسلمك للأخرى بسلاسة، لعلها هنا تجعل من لا يطير من الحاسدين... يطير.<br>
وفي هذه الومضات تشبيهات واستعارات، منها مثلا التشبيه المرسل في جملة
<br>
( كاللقلق على ساق واحدة/ في بحري تقف)، (آه من الحب/ كالنُّسغ / يسري في العروق)، ( كالنسر/ يسمو لا يخشى بروق). والجمل السابقة كلها جمل خبرية. وهناك ترصيع في بعض الجمل في إحدى الفقرات وهو من السجع إذ تضمنت الجمل سجعتين، وكان ذلك في جملتيّ ( الحنين يعبران)، ( للأنين يلوّحان)، هذا
عدا عن السجع العام في الفقرة في الكلمات (يلتقيان، يتدثران، يعبران، يلوحان، يسيران)، وربما يضعف هذا السجع النص كما قال بعض أهل البلاغة إذا كان فيه تكلف ويكون مناسبا إذا طلبه المعنى وساق إليه. وتنتهي رحلة المقبلات الأولى
<br>
( الومضات) وتبدأ عملية انتظار الطبق
الشهي والوجبة الدسمة، فهل ما سيأتي من قصيد سيكون فعلا كذلك؟
<br><br>
قصيدة ( يحبني بالثلاثة) :<br>
تبدأ بجملة ( من سواك) وتكررها في كل فقرات القصيدة، وتنهي بجملة
<br>
( أحبكِ، أحبك، أحبك ) ما عدا في آخر فقرة.<br>
جملة ( من سواك) تفيد أكثر من دلالة، وربما تجعلنا نخمن أكثر من حالة وجدانية كتبت في لحظتها القصيدة، إحداها أنها جاءت في لحظة لقاء كان فيه كل الأنس الذي يجعل من الأنثى فراشة. أما التخمين الثاني، فيحتمل أنها كتبت في لحظة بُعْدٍ فأخذت شكل المعاتبة والتذكير بما كان من ودّ بينهما، ولكن كلا الدلالتين تفيدان التخصيص، فكل ما جاء في فقرات القصيدة من فعل أو قول أو هيام كان فقط منه وله. القصيدة فيها الكثير من البيان ومحسنات البديع وجمال اللفظ وكذلك التمكن وامتلاك الأدوات. فانظر تطويعها للألفاظ والمعاني في جملة ( من سوّل له حلمه) وهو انزياح جميل آخر، والأفعال المتلاحقة ( أبرق، أرعد، عصف، وقصف)
كيف ركبت سيناريو كامل لمشاهد متسلسلة، يستطيع القارئ أن يراها بخياله
ويعيش لحظتها، وتركيب ( الجملة النائمة)، ثم هذه الخاتمة للفقرة
( حفر من حول الأسوار الشائكة حول حبها.... أحبك، أحبك، أحبك)، حيث
شبهت حبه لها بالخندق الحامي في الحرب، وهنا الدهشة في الوصف والتعبير واستخدام التشبيهات والاستعارات.
وفي الفقرة الثانية إسقاط لقصة التفاحة التي سقطت على رأس نيوتن فاستنبط
بذلك قانون الجاذبية. الشاعرة هنا كان لها طرح جديد وجريء في رفض قانون الجاذبية لتستبدله بقانون آخر وهو ( جاذبية الشهب في عينيّ حوائه).
<br>
ثم تعزف بعد ذلك على وتر آخر، وهو الثالوث المقدس، فتحدثت عن الثلاثة
<br>
( أحبك، أحبك، أحبك ) في واحد الذي (هو) فكان ثالوثها المقدس.
حتى لعبة الشطرنج لم تنجُ من تسخيرها لصالح الفكرة، فجعلت منه ملكا دخلت قلعته، وهزمت جنده ووزيره حتى وصلت للملك فرفعت راية استسلامها وإعجابها وحبها. وكانت قبل ذلك قد سخرت الطبيعة وأهل الغابة والجغرافيا والتاريخ وقصص العاشقين برموزها التاريخية، سخرتها كلها لمزج ألوان قصائدها العشقية لتبدو كأبهى لوحة. وكل ذلك تلخصه في فقرتها الأخيرة أنك ما أن ظفرت بنعمة هذه البطلة حتى أزهرت الأرض حبا وتكاثر فيها الخير فكان الثمر حسنا جدا جدا جدا.<br><br>
قصيدة " أنا أنثى ":<br>
وصلت بها الشاعرة فيها إلى ذروة التحليق في رسم الملامح، هي أنثى قوية لا
تعرف اليأس، تقول في صفحة 26 : ( كلّما صفعتها الريح / ...تعاود نبش ملفات التاريخ)، جملة خبرية، وهذه الجملة أوقفتني مليّا.. في ماذا تريد الشاعرة. هي تقول ( كلما صفعتها الريح) ، الجملة تفيد تكرار الصفع وأنه ما زال، وكلما حدث ترجع إلى ملفات التاريخ، فلماذا التاريخ الغابر، فهل تريد الشاعرة أن تقول أن الفرسان الذين تحتاجهم أصبحوا خلف ظهورنا، ولم يعد في أيامنا مثلهم؟ سؤال أطرحه على الشاعرة.
ثم ما أن تجد هذا الفارس حتى تفرد لطيفه جدائلها، ليصعد إلى شاهق القلب، وهذا استخدام لطيف لمعنى الوصول إلى قمة السرور بوصل الحبيب.<br>
وقلت أن ذلك يكون لطيفِهِ، لأن هذا الفارس ما هو إلا مجرد فكرة لجأت إليها عندما عادت إلى نبش التاريخ. وهنا قد أجد تفسيرا لاستدعاء الرموز في القصائد وبهذا الكمّ، وبما أن هذا الكمّ من الرموز الذين استدعتهم، مرتبط بالصفع ذاته، فهذا دليل حياة لم تتوقف فيها الصفعات. وسؤال آخر في قولها أنه يصعد إلى شاهق القلب، فكيف يكون الصعود لهذا الطيف وهو محض خيال، وسؤالي ليس سؤال الجاهلين وإنما سؤال يفضي إلى كيفية كتابة القصيد وتحريك الخيال للوصول إلى قمة الإبداع.<br>
وعودة إلى جوّ النص، فهي أنثى لا تلعن الظلام بل تضيء بدلا من ذلك شمعة،<br>
في صفحة 26 وهذا استخدام وتناص بالفكرة مع القول المشهور.<br>
هي أنثى هوايتها زرع الجمال والزيتون والزعتر، وعالمها في السماء، وبين هذا وذاك تطغى الغواية فتصير الغواية قصيدة( قلم ونزق ودفتر).<br>
بطلة القصيدة أنثى الهدوء، فهي كما قالت في البداية ( على مهل ترتشف الشاي البارد بالنعناع)، تأتي مجددا لتؤكد حبها للهدوء والتمهل في كل شيء، حتى بتحميص مشاعرها على نار الغيرة. فهي تقول في فقرة بالغة الرقة
( أنا أنثى/.. تجعل من رأسها شمسا،/ ومن أحاسيسها بحرا/ لفارس يجيد تحميص مشاعرها/ على نار الغيرة)، وهي جمل خبرية، تقول فيها إنّ هذا الفارس الأسطورة هو ذات الفارس الذي كانت تفتش عنه في كومة قش كالإبرة، هو رجل فريد يعرف متى يشعل النار ومتى يطفئ لظاها، ومتى يجعل من أنثاه رشفة قهوة مصنوعة من بُنِّ حلم شهي. يرتشفها على مهل وهي تقول ما زال في الفنجان المزيد من القهوة الساخنة.<br><br>
وكعادتها عبر صفحات الديوان، بعد كل وجبة دسمة من حلو القصيد، تأتي للقارئ ببعض الحلوى أو المقبلات من الومضات رأفة به وبتحمله، فقدمت الومضة الثانية ووضعت فيها مفهومها للحب، هي تقول إنها في هذه العلاقة هي أصل الأشياء،<br>
( زيت الفتيل) وهي رغم استسلامها للملك إلا أنها ترفض القيد، فها هي تقول<br>
<br>( الحبّ يصنع الحبر) وحتى يصنع الحبر يجب أن يكون حرّا، وتقول كذلك
<br>( أجمل ما في الحب أن تكون من فيضه) وهي قد اعتنقت حبّه وكفرت بكل ما يبدد شوقها إليه. ولأنها سيدة الحكايا فهي سيدة القرار... ومن يملك القرار يستطيع أن يجعل الرعد قبل البرق، فتفر من زرقة القدر للبحر. وهذا ربط جميل واشتغال
متقن على النصوص في قصيدة ( سيدة الحكايا) كما في سائر القصائد. ومرة أخرى تستدعي رموز التاريخ، وهذه المرة تستدعي عبلة وولادة وغيرهما، لتلبس ثوب سيدات العشق ربما، فبهذا الثوب وحده يمكنها أن تمشي على وسائد النهر لتعبر للضفة الأخرى. وهناك يعلنها الفارس "سيدة للحكايا".<br><br>
قصيدة "في طريقي إليك ":
<br>
وفي طريقها إليه تقول: (أشق النهر)، (أشق البحر)، (أشق الفجر)، ثم تقول
( أشق القهر) كل ذلك لتصل إليه، لا شيء يثنيها عن ذلك، فلا حواجز تقف في وجه حبيب يصبو إلى حبيبه لأنه الدثار في البرد، والغمام الذي رسم في خيال الشعراء أجمل الصور، وهو المطر واخضرار الشجر، وهو العيد إذا اكتمل القمر.<br>
هنا وفي كل القصائد تحافظ الشاعرة على شمولية الفكرة، كأنها إحاطة بها من كل جانب. ثم تتبع فتقول ( وأنت آذار القصائد) وهذه لفتة ذكية لآذار الذي فيه مناسبات كثيرة تخص المرأة والإنسان ففي آذار عيد الأم وفيه يوم المرأة وفيه يبدأ الربيع. ولكني لم أفهم الجملة التي لحقتها ( إذا ما أيلول احتضر) فأيلول يأتي بعد آذار، فكيف يجيء آذار بعد احتضار أيلول؟ سؤال آخر للشاعرة.<br>
وهناك ملاحظة على العلاقة بين بعض الجمل في بعض الفقرات<br>
فجملة ( أشق النهر.... وأنت المطر) في الفقرة الأولى وكذلك جملة
<br>
( أشق البحر ... فأنت الدثار) في الفقرة الثانية، وجدت خللا في الربط بين النهر والمطر وبين البحر والدثار أو على الأقل كان يمكن أن يكون من الألفاظ ما هو أصلح من أجل الربط المنطقي بينهما، والدليل على ذلك أن الربط كان موفقا جدا
في الفقرة الثالثة والرابعة، وقد أكون مخطئا. والجمل الشعرية السابقة كلها جمل خبرية.
وبين الجمال والجمال تكون الومضات، ومضة جديدة هي الثالثة في الترتيب
وقد أسميتها ومضات العلاقة بينه وبينها، هي تقول باختصار شديد
( كأني الجزيرة.. كأنك البحر.. فأين المفر)، وهو ذلك المعشوق الذي تعشه
كما جاء في قصيدة " عصفورة الجليل" صفحة 36،
<br>
(وهو أبعد من كل اتجاه)، ( وأوسع من كل مدى)، ( وأقرب من حبل الوتين)<br>
وهي عصفورة الجليل تنتظر أن ينثر لها القمح على تلال الناصرة، ألمْ تقلْ<br>
في قصيدة " يحبني بالثلاثة" سابقا ( من سواك، أطعمني القمح حبة حبة)؟
وهو نشيدها الوطني وهو العنوان وهو الذي لا ضرورة لاستمرارية الحياة،
حتى عند الآخرين، إن لم يعد ضلعها إلى صدره.<br>
ولأنه الفارس الأسطورة، فقد أرادته كيف تشاء ولكنه فاق توقعاتها، فكان
أعنف من خيالها فحاصرها من شروقها إلى شوقها، ومن شمالها إلى جنونها.
وقد فاق توقعاتها عندما اعتقدت نفسها قفصا وأنها ستحتفظ به فيه وستمتلكه،
فأفاقت على غير ذلك، وكان يرفرف في السماء.<br>
الشاعرة لم تكتب شعرا فقط، فللفلسفة عندها نصيب كبير ومن هذا ما قالت في
إحدى ومضاتها ( الحب كالموت، وكالمطر وكالفكرة، يكفر بالمواعيد المسبقة)
وهذا غوص واعٍ وذكيّ وربط علائقيّ دقيق، فالموت والمطر والفكرة تجمعهم
المباغتة ويأتون دون سابق إنذار وكذلك الحب.<br>
( أأملك أن أخفي سرنا الذي شبّ عن قلبينا واندلع)، وهذه كناية جميلة عن
ما وصلت إليه العلاقة بينهما، وقالت ( شبّ عن قلبينا) ولم تقل في قلبينا، بمعنى
أن هذه النار أشعل لظاها قلباهما فانبثقت عنهما واندلعت.<br>
وفي قفزة أخرى غير متوقعة تقول ( فكل الأشياء تزول إلا النابض بحبك) وهذا
من التجاوز في الحق، لأنه لا ينبغي إلا لخالق القلوب، حتى لو كان القول على سبيل المجاز. وهو بذلك قول يخالف الآية الكريمة والتي لا يختلف عليها دين
( كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)<br>
شاعرتنا لا تحبّ مبتذل القول، ولا الحديث المباشر البسيط، الذي يتداوله أنصاف الكتاب والذين يحاولون الطيران اعتباطا في سماء الكتابة، وما أن يبدؤوا بالطيران حتى يُكسر جناحهم فيسقطون. ولأنها كذلك فهي كذلك لا تحب الرجل العادي البسيط، بل تحبه خارقا أسطوريا، تحبه مراوغا يأخذها للبحر ويعيدها وقد كواها العطش، يلوعها حد الجنون، يوحي لها بكل لغات العالم أنه يحبها دون أن يقولها.<br>
تقول في ومضة في ص 43 ( آه.. يا من/ كلما كتبت له قصيدة غزل،/ قام فقص
وألصق حروفها/ على وجه الشمس/ وببرود لصٍ محترف/ نفى عنه.. التهمة).
ولأجل هذا التفرد فيه فهو في خيالها أجمل من النجوم التي فوق رأسه.<br>
وترتفع وتيرة العشق في هذه الومضات لتستحضر معشوقات التاريخ ثانية تأتي بسلمى وولادة وتضيف إليهما شهرزاد وسندريلا، ربما لتعطي معنى عالميا لشعورها، أو لتزيد في مداه وحجمه، فكل زيادة في المبنى فيها زيادة في المعنى. هي استحضرتهن هذه المرة لا لتلبس ثوبهن كما فعلت في المرة السابقة، وإنما لتقف فيهن على عرش العشق وتقول إن حبها له قد فاق ما عرفن من حب على مرّ التاريخ، تقف ساخرة من تجربتهنّ في الحب لتقول لهنّ: أنا البحر أيتها الموجات الصغيرات. ثم بعد ذلك وكعادة كل النساء تسأله ( أتحبني؟).<br>
وتقول ( أدخل في جحر السؤال) والجحر مكان ضيق لا يكاد يتسع لساكنيه أدخلت نفسها فيه بعد السؤال تنتظر جوابا، وكأنها في سجن لا يخرجها منه إلا الرد بالإيجاب، ولكن المفارقة تأتي بجواب منها هي فتقول ( ومن قبضتي يخرج الجواب فارًّا) وهنا جمال الصياغة ودقة التعبير وروعة الصياغة متعددة التركيب بين الجملة الشعرية الأولى والثانية، فقد تمخضت جبال أسئلتها التي حشرتها داخل الجحر فولدت أرنب إجابة وهذا تناص مع المقولة المشهورة ( تمخض الجبل فولد فأرا). وهذه الإجابة تخرج من قبضتها، كناية عن أنها هي تسأل ولا تجد إجابة فتجيب هي عن سؤالها.<br>
ولأن عشقها له صار أمميًّا فقد اختارت له تقويما جديدا، ليس ميلاديا ولا هجريا، تقويم لا يعترف لا بالشمس ولا بالقمر، ويعترف فقط بعشقها، فأطلقت عليه
( تقويمنا العشقيّ).<br>
في صفحة 46. تتكرر في هذه الومضة بعض الجمل التي ذكرت سابقا للمرة الثالثة، مثل ( شرقا.. شوقا)، ( جنوبا.. جنونا) فحبذا لو تجنبت الشاعرة ذلك فليس
التكرار معناه التوكيد دائما، وكلا الثنائيين ( شرقا، شوقا)، (جنوبا، جنونا) يمثلان
جناسا غير تام، وكذلك في كلمتي ( أبقى، أنقى)، والجناس من البديع. وفي جملة
( نتفت أجنحتي) أسقطت كلمة ريش من باب الحذف، والحذف من أساليب البلاغة المتبعة لرفع مستوى اللغة وتقوية الكلام وربّ من يظن أن هناك خطأ في التعبير بينما فيه من البلاغة الكثير، ومن الشواهد على ذلك الآية الكريمة في سورة يوسف، }واسأل العير {وقد حذف منها كلمة أهل العير أو راكبيها فكانت أبلغ وأقوى.<br>
تقول في صفحة 47 ( لكل سؤال إجابة واحدة / وأنا إجابتك) وتقول على لسانه هو
( أنا سؤال يحتمل عدة أجوبة). الفكرة من حيث الصياغة فاقت حد الجمال وجمالها يتحدث عن ذاته دونما تفسير، أما من حيث المفهوم ودقة القول فيكفي أن نقول إن حديثه هذا كان على لسانها هي وحسب رؤية أنثوية محضة معششة في ذهن كل النساء، وهذا سبب كافٍ لنفي الفكرة والمفهوم، ترى هل أصبت؟ السؤال موجه
لمعشر الرجال. وتعود للعبة الشطرنج التي لم تسلم من شعرها كما قلنا وإلى ملكها، ففي قصيدة سابقة هي اقتحمت حصنه وهزمت جنده ووزيره واستسلمت أمامه
دون مقاومة، ولكنها هنا في صفحة 47 تجعله هو من يقدم على المبادرة بالإنذار والهجوم ليقول لها ( أيتها العاشقة المشاكسة،/ أنا الملك /على رقعة الشطرنج هذي،/ لو بسياط الغيرة قتلتني،/ ستنتهي اللعبة). وهذا مزج جميل ولعب بالكلمات وتطويع بليغ. ولي هنا وقفتان، وقفة أعود بها إلى حديثها عن الغيرة، فهي تحب أن يكون
فارسها يتقن تحميص مشاعرها على نار الغيرة، أما هو فالغيرة تقتله وتقتل في قلبه الحب وتنتهي اللعبة، هذه وتلك حقائق لدى أغلب الرجال والنساء، فالنساء تحب الرجل الذي يتقن العزف على وتر الغيرة، وهنا أقصد نوعين منها، الأولى غيرتها عليه بأن يشعرها بوجود غيرها فتتحرك فيها خاصية التملك التي هي تسميها الغيرة، والثانية غيرته هو عليها، فالأنثى تعشق الرجل الذي يشعرها بغيرته عليها لأن في ذلك كل الحب، على أن تبقى في حدها الجميل غير المصادر لحريتها. وشاعرتنا فهمت هذا جيدا، وفهمت كم أن غيرتها قد تنهي لعبة الحب الجميلة. والرجل لا يكره غيرة النساء ولكنه يكره أن تصل الحد الذي لا يصله خيال رجل.<br>
قصيدة " لا تقصص رؤياك على أحد"<br>
والعنوان تناص تام أو اقتباس حرفي من القرآن الكريم، ولا تخفى دلالة العنوان على أحد، حيث حذر النبي يعقوب ابنه يوسف من أن يقصّ على أحد ما رأى في المنام، وكان بعد ذلك ما كان من إخوته. والجملة من الأسلوب الإنشائي الطلبي.<br>
تقول الشاعرة في صفحة 49 ( حين فاضت البساتين بالفراشات)، كأنها اختارت
الحديث عن الفراشات في جوّ ربيعي ساحر، وهي أرقّ المخلوقات وأجملها، في
لحظة عشقية حالمة، أطلقت الشاعرة العنان لخيالها ليصل إلى منتهاه. وأقول منتهاه
لأن نهاية النهايات تكون دخول الجنة أو النار، وشاعرتنا أدخلته الجنة حيث تقول
( أخذني الحنين إلى مملكة الحلم، فرأيتك في الجنة شجرة)، رأته شجرة مورقة
وارفة بدليل جلوسها تحت ظلها ساعات. وللشجرة دلالات كثيرة، منها الثمر والظل والخير وخاصة عند الحديث عن شجر الجنة، وبذلك فقد جمعت له الخير من كل جانب وفي كل زوايا الرؤيا. وليس نيوتن فقط من يسقط التفاح على رأسه ليكتشف قانون الجاذبية المشهور، هي في حلمها تُسقط تفاحة تريدها أن تسقط، لتفتح بسقوطها باب القريض، وليكون بعد ذلك البوح وتقول " وجدتك".<br>
وفي خطوة باتت متوقعة تنبش دفاتر التاريخ مرة أخرى لتستدعي عشتار
والتي تمثل آلهة الحب والجنس والجمال عند البابلين والتي تقابلها عشتاروت
عند الفينيقين وأفروديت عند اليونان وفينوس عند الرومان. فمن هي هذه العشتار؟
هل كانت أنثى أخرى منافسة، وما أن أخبرتها حتى ثارت العاصفة؟ ولهذا قالت في العنوان ( لا تقصص رؤياك على أحد)، وعند العودة لتلك الأساطير يمكن معرفة سبب إدراج اسم عشتار في القصيدة، فعشتار هنا كناية عن أنثى تسعى لسرقة فارسها منها تماما كما كانت تفعل عشتار الآلهة التي كانت تغري حتى البشر بجمالها وتعدهن بالزواج لتستولي على أموالهم. والآلهة هيرا التي هي زوجة الآلهة زيوس وقد اشتهرت هيرا بالمشاغبة والغيرة على زيوس لعلاقاته المتعددة مع النساء، وقد أذاقت زوجاته الأخريات الويلات حسب الأساطير الإغريقية القديمة.
وايزيس تلك الآلهة الفرعونية عند قدماء المصريين والتي قُتل زوجها أوزوريس
على يد ست الذي قطّع الجثة إلى أكثر من أربعين قطعة ووزعها على أنحاء مصر
ثم أعادتها إيزيس وأحيت زوجها لتحمل منه حورس الذي يعيد عرش أبيه.<br>
وشهرزاد جارية شهريار الملك في حكايات ألف ليلة وليلة الشهيرة وكانت الجارية الأخيرة في حياة شهريار الذي تعود أن يتزوج عذراء كل ليلة ثم يقتلها لمعاقبة بنات حواء جزاء خيانة زوجته التي أحبها.<br>
هذه قصيدة الاستدعاءات الكثيرة لرموز تاريخية وهم : نيوتن وقصة التفاحة والجاذبية الأرضية، ويوسف وإخوته الذين أحضرتهم دون ذكر اسمهم، وكان يكفي أن تأتي بالآية الكريمة للدلالة على استدعائهم، وعشتار، وايزيس، وهيرا، وشهرزاد
بكل ما جاء من حكايات وأساطير اقترنت بأسمائهن، فماذا تريد الشاعرة أن تقول؟
هي تأخذك في جمل جميلة تارة إلى أعلى، وإلى الماضي تارة أخرى فتدخلك بطن التاريخ وتخرجك منه كيف تشاء، كل ذلك لتخدم فكرة ما في ذهنها عن الحسد وعن
الغيرة وعن علاقة حواء بحواء وكيف يمكن أن تكون حواء العدو الأول لحواء.
فهل كان هناك بعض الإغراق في هذه القصيدة لكل هذه الحكايات والرموز للوصول إلى فكرة واحدة؟ وهل كان الربط موفقا في استخدام الجمل المختلفة
مع الرموز وهل هناك من علاقة بينهما؟ وأقصد بذلك<br>
ربط ( البساتين والفراشات ب/ عشتار)، و( البحار والحوريات ب/ هيرا)<br>
و( الأعشاش والسنونوات ب/ إيزيس)، و( البراري والغزالات ب/ شهرزاد)<br>
أسئلة حاولت أن أجد لها تفسيرا مناسبا فلم أفلح، فهل من تفسير مقنع؟<br>
كل هذه تساؤلات تبقى من حق القارئ، ولكن ذلك لا يصادر حق الشاعرة في الاحتفاظ بالمعنى الذي تريد.<br>
من ناحية أخرى قرأت جملة ( الأرصاد الجوية) فأحسست ببرودة المصطلح وكم أثر ذلك علي كقارئ بشكل سلبي وهذا مجرد رأي يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب.<br>
أما من حيث البديع فقد تنوع في قصيدتها مثل الجناس غير التام في ( الأمنية، الأغنية)، و( الحنين، الدفين)، و(حبّ، جبّ). ومن التشبيهات ( رأيتك في الجنة شجرة)، ومن الاستعارات جملة ( يقطر في أذني مفردات الشوق الدفين)، وجملة
( ابتلعت العزلة فارسي)، وجملة( حللت سفك شوقي)، وجملة ( فسقط الحب في جبّ الحكاية). وهناك خطأ نحويّ في جملة ( فرأيت في البحر قواربًا) صفحة 50 والأصح (فرأيتُ في البحر قواربَ) لأنها ممنوعة من الصرف، ولم يكن من ضرورة شعرية لصرفها حيث يضطر الشاعر لصرف الممنوع من الصرف كي يستقيم الوزن.<br><br>
ومضات رقم 5:<br>
( كلما وقف الحسدة بيننا ... كان الخسوف)، والخسوف للقمر، فالعلاقة بينهما<br>
قمرية مضيئة رقيقة، هذا ما يخطر لذهني بسبب وجود القمر في النص حتى
لو كان تلميحا، والخسوف يحصل كلما دخلت الأرض الجرداء بين الشمس وبين قمرها الذي تهديه نوره كلّ ليلة، وبالتالي فهو الشمس وهي القمر، وهذا التوزيع منطقي ومقبول ودلالته صحيحة، فالأنثى أقرب للقمر في وصف جمالها ورقتها، والعلاقة بين الشمس والقمر أزلية وهي السائدة فلا قمر بدون شمس تهديه شعاعها، حتى القرآن جمع بينهما في العلاقة فجاء في الآية الكريمة } لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار{ هذه العلاقة الجميلة مباركة من الأعلى، وعندما يأتي الحسدة ليجلسوا بين الشمس والقمر يكون الصدع المؤقت، وهذا كفيل بإطفاء القمر ولو لبعض الوقت.<br>
وهذا توظيف جميل آخر للظواهر الطبيعية.<br>
ومن حكَمَ على قصيدة النثر أنها بلا إيقاع، وجردها من جماليات الشعر،<br>
أقول له ما قالت شاعرتنا في ومضتها في صفحة 52 :<br>
( مبللتان شفاه التوت..<br>
فكيف لها أن تشعلهما<br>
وبين سكوت وسكوت<br>
تحيا.. وتحيا<br>
ثم تموت)<br>
ولا أزيد عليها، فكل زيادة في الرد قد تتسبب بالنقص.<br>
الشاعرة تهوى ركوب المستحيل والصعب، ولها رؤية سريالية للأشياء
فإذا استطاع سلفادور دالي أن يدخل الرجل في بيضة، وجعل من حبة الموز لعبة تأرجح في لوحاته السريالية غير الممكنة في تصور العقل البشري،
فإن شاعرتنا تقول له لست وحدك من يفعل المستحيل، فها هي في ومضتها
تقدم اعتذارها للبحار، فقد كانت تجهل أن ثمة من يفوق البحار مدّا وجزرا
حتى عايشت الحبيب فعرفت أن البحار تغرق في دوامة تفتحها في بحر حبّه.<br>
قصيدة " معمودية القلق" :<br>
تبدأ كلماتها في صفحة 54 بكلمة (سيدي) وهي مع ما بعدها من كلمات جملة إنشائية تفيد الرجاء، وهي كلمة تقال للسيد صاحب القرار النافذ والحكم الآمر، ويقولها محكوم أو تابع أو أمة، فهي بذلك ترمي عصمة أمرها في يديه، وتتنازل له عن حريتها طواعية، وتقول له أما وقد بلغتَ مني ما بلغت (فترفق) لأنك أصبحت في حياتي ثالوث الجمال، ( الشاعر، العاشق، الروح)، ولكن لماذا التنازل عن الحرية بعدما أعتقها؟ هل أصبح بالنسبة لها كالماء للسمكة، فإذا خرجت من الماء هلكت.
<br>
هو يؤمّم قلبه، والتأميم معناه أن تصبح الملكية عامة، وهي ككل النساء تريده
ملكية خاصة لها، ولكنها بالمقابل عرفت أن ذلك مستحيلا فطلبت الترفق
بالأنثى التي آمنت بأقانيمه، والتي كان قد اصطفاها من دون النساء، ولكن
ذلك لم يدم طويلا فضحى بها للنهر على طريقة أهل النيل الذين كانوا
في كل عام يلقون إليه أجمل بنات مصر قربانا كي لا يثور عليهم، وهذا
استحضار آخر لأسطورة قديمة.<br>
وفي الفقرة الثالثة توضيح لما آلت إليه الأمور، فهي التي ظنها غجرية،
ولما تمنعت عن إرضاء أهوائه رماها إلى نار الحنين، وبلغت به ساديته
أن رآها تصبح رمادا وكان مستمتعا بذلك.<br>
وهنا يوجد وقفة مع حواء، فهي إن أحبّت بصدق فقد ترى قاتلها يمامة
فوق غصن ذلها، فهل أرادت الشاعرة إقرار هذه الحقيقة، كي يكون قد
شهد عليها شاهد من أهلها؟<br>
تقول الشاعرة ( سيدي وأنت تؤمم قلبك .. ترفق)، جملة إنشائية مكررة تكررها الشاعرة ست مرات، وقد يكون للتكرار أسبابه في التوكيد، ولكنه عند شاعرتنا يتكرر في أغلب القصائد وكأنه أسلوب وسمة عامة للقصيد. واستخدمت في نهاية فقرات القصيدة كلمات تنتهي بحرف القاف، وهو حرف ثقيل الإيقاع، وله في القلب وقع خاص عند سماعه، وقد كان ذلك في الكلمات
<br>
( الأرق، الغرق، رمق، العلق، العبق، القلق) وكانت موفقة في اختيارها. وفي بعض هذه الكلمات جناس غير تام في الثنائي ( الأرق، الغرق )،
( العلق، القلق).<br><br>
قصيدة " أستميحك بوحا"<br>
جملة إنشائية أخرى، والعنوان انزياح إضافي آخر، ونلاحظ تركيز الشاعرة على هذا النوع من الجماليات في صياغة القصيدة، ربما لما فيه من المفاجأة وقول غير المتوقع لإحداث الدهشة عند القارئ، فهل أكثرت الشاعرة منه
وأغرقت النصوص به؟ سؤال آخر يضاف إلى الأسئلة الموجهة للشاعرة.<br>
واستدعاء آخر للتاريخ في زرقاء اليمامة صفحة 56 ، وهي امرأة عربية
من اليمامة في نجد يقال أنها كانت ترى الناس على بعد ثلاثة أيام، وطبيعة
الإخبار فيما لا يُرى استدعى وجود قوة أكبر من العادي المعروف فاستدعت
الشاعرة بذكاء زرقاء اليمامة لتخبرها بما عرفت.<br>
<br>أما جملة ( أنك ستزفني لليباب) كناية عن الموت، وهي جملة خبرية، أي أن زرقاء اليمامة أخبرتها عن نيته، وجاء الفعل ( فانشطر) موفقا لخدمة الفكرة، لأن هذا الخبر ينفطر وينشطر منه القلب، بل وأتبعت كلمة الانشطار بمعنى عملي مفاده أن مصطلح قوس قزح يأتي عادة بكلمتيه معا، لكنها حققت هذا الانشطار حتى في المصطلح فباعدت بين الكلمتين وألصقت لكل كلمةٍ كلمةً أخرى وهذا عكس ما كان منهما طيلة حياتهما، وهذا توصيف لحالهما فالانشطار أصبح في كل شيء.<br><br>
وبعد القصيدة كالعادة تأتي ومضاتها الجميلة ( ومضات 6)<br>
وهي ومضات العزف على الوجع والنفخ في ناي الغيرة، هو وهي والأخرى
مثلث الوجع العشقي الذي لا ينتهي إلا بسقوط أحد أضلاع المثلث.
تقول في صفحة 57 ( قنديل أنت.. فتيل هي)، وهذه الجملة فيها تشبيهين بليغين لحذف أداة الشبه والمشبه به فشبهته بالقنديل وشبهتها بالفتيل. وهذه الجملة الشعرية المركبة جملة في ظاهرها المدح له وفي باطنها الذم، فهو قنديل والقنديل لا يضيء بدون فتيل، فهو يصبح وعاءً فارغا بلا هذا الفتيل وهي الفتيل وبدونها كأنثى هو لا شيء، وليس هذا فحسب بل في الجملة تجعل من الأخرى ضحية لاستغلاله لأنها ضرورية لاشتعاله. هذه الضحية هي الأنثى الأخرى ولكن بطلة القصيدة تشاهد ما يحدث وتحترق، وأظنّ هذا ابتداع تخيلي على مستوى عال من الصنعة.
وتقول في جملة شعرية لاحقة ( حين تغلي الغيرة.. يتبخر الحب)، تشبيهات
واستعارات جميلة واستخدام جميل لعلوم الطبيعة لإيصال الفكرة في جملة خبرية. فقد شبهت الماء بالغيرة والبخار بالحب، أظنه ابتداع آخر يحسب للشاعرة. وما زالت الومضات العازفة على وتر الغيرة تتوالى، فها هي تقنع نفسها وتخاطب قلبها أنْ آن لك أن تقتنع بأن قلبه لا يشبهك، فأنت أيها القلب
عدد أولي وهو عدد يقبل القسمة على عشرة.<br>
تقول أيضا في صفحة 58 ( في العشق لا تكن كمثلث برمودا)، وهذا أيضا
استدعاء ولكنه من نوع آخر وهذه المرة جغرافي وطبيعي وظاهرة كونية
غريبة تتمثل بابتلاع كل عابر سبيل، فهي إذن ومضات الغيرة التي يظلّ
رأسها عالقا في غيمة بيضاء في سماء الظنون.<br><br>
قصيدة " من مزامير الغياب":<br>
هذا العنوان استحوذ على بعض الشعراء والأدباء، مثل الشاعرة العراقية
دنيا ميخائيل التي استخدمت هذا المصطلح الإنجيلي، وتنقلت كذلك في
التوظيف لإيصال الفكرة بين نصّ إنجيلي وآخر قرآني، وهذا ما فعلته
شاعرتنا أيضا ليس تحديدا في هذه القصيدة وإنما في العديد من القصائد
والومضات الأخرى عبر الديوان، وقد ذكرت ذلك في ملامح الديوان في البداية. وربما استخدمت الترقيم في هذه القصيدة بسبب أن المزامير الدينية
مثل مزامير داوود عليه السلام لها أرقامها فكان المزمور الأول والثاني والثلث وهكذا. والعنوان عادة ما يكون هوية النصّ، وبالتالي فهي أناشيد تتحدث بشكل متسلسل عن الغياب والذكرى من أولها إلى آخرها.
تبدأ هذه الأناشيد والجمل بحرف (إن )، تقول في صفحة 60<br>
( إن ضاق بنا الحلم.....)، وهذه كناية قلة الحيلة والعجز والحزن،<br>
( إن ولجت الغزلان متاهة اللؤم....)، كناية عن وقوع البعض ضحية شرّ الآخرين ومكرهم، وهكذا كمقدمة للولوج إلى متن الفكرة فتذكر الغائب وما كان بالنسبة لها في معاتبة رقيقة أحيانا ولاذعة أحيانا فكان كما أسمته ( الأغلى)، وكان ( الأشهى)، وكان ( الأفعى)، وهذا رسم دقيق لحالة التخبط في تلك الحالة أو الحالات الوجدانية، وتقول في سياق ذلك ( كنت النبي الذي اشترى)،
<br>
( ويهوذا الذي باع)، وهذا أيضا استدعاء لرموز تاريخية ودينية أخرى وهي في هذه المرة أيضا متوافقة مع النسيج العام للقصيدة وحافظت على البناء الموضوعي للنص، فلم يكن الاستدعاء إقحاما غير ضروري للنصّ، وكلا الجملتين من نوع الجمل الخبرية وفيهما مقابلة واضحة. وهناك طباق في كلمتي ( اشترى وباع)، وجناس غير تام في عدة كلمات.
المفردات المستخدمة في القصيدة كذلك خدمت الفكرة العامة لها، مثل
( الغياب، ضاق بنا الحلم، خواء، لوم، الهمّ، الغراب، الضياع)، وبالمقابل
فقد استخدمت ألفاظا مضادة تخدم الفكرة المضادة مثل ( حلم، هتف، الأسمى،
اخضرار، بنفسجة، الأشهى، الإيقاع).<br><br>
ومضات رقم 7:<br>
أسميتها ومضات الرحيل، والغريب أنه رحيل دونما وجع، ولعل ذلك بسبب
الوعي في دخول العشق، وكذلك عند الخروج منه حتى تكون الخسائر أقل
ما يمكن أن تكون، الفكرة بحد ذاتها ليست مستحيلة لكنها ليست بمنطقية
إلى حد ما، فلا أحد يختار العشق ولا يدخله مع احتمال الخروج منه، ولكنها ربما تكون دعوة لنهج جديد أكثر وعيا.
القرار في هذه الومضات كان ذاتيا لذلك لم تكن الأنثى هنا ضحية كعادتها،
بل على العكس فقد عادت بعد رحيله طفلة، والطفولة كناية عن البداية والبراءة، فها هي تعود للهو مع البجع والنحل، ولم تعد تشغل ذهنها كثرة الأسئلة. تقول في صفحة 62 ( برحيلك عدت طفلةً تتمرغ بالرمل)<br><br>
قصيدة سوناتا الندى:<br>
السوناتا معزوفة موسيقية متغيرة الحركات، بطيئة وسريعة، وقد عزف موسيقى السوناتا أشهر موسيقيّ العالم أمثال بتهوفن وموتسارت، وفي
بعض الحقب الزمنية كانت السوناتا معزوفات كنسية استخدمها أهل الكنيسة
في المناسبات الدينية.<br>
الشاعرة في خيالها الواسع سمعت للندى عزفا موسيقيا، فأحبت أن تعزفه
لنورسها الذي نذرت نفسها لعشقه، ولأن عشقه بالنسبة لها مقدسا فقد اختارت
السوناتا لقدسية المكان الذي تعزف فيه، وهذا مجرد تقدير لا أدري كم اقتربت
من صحته في التحليل.
<br>
تقول في صفحة 63 ( وأعزف سوناتا الندى/ لنورس نذرته لعشق مقدس/
فنذرني لذئاب المدى) في جمل خبرية الأسلوب، كناية عن إخلاصها وخيانته، ووفائها وغدره، وهذه مقابلة بين حالتين، الأولى تخصها وتعيشها والثانية تخصه ويعيشها، هي نذرت نفسها لنورسها وهو نذرها للذئاب، ولأنه كذلك أصبح فارسا من سراب، والسراب لغةً هو الماء الوهمي وهذا من جماليات اللغة فهو عكس الشراب الذي هو الماء الحقيقي، هي ظنته فارسا حقيقيا فكانت كالتائه في الصحراء يرى اللمعان في البعيد يظنه شرابا فإذا اقترب اكتشف أنه سرابا. ولأنها السوناتا الكنسية، فالكنيسة حضرت حتى لو تلميحا، وبسبب وقوعها بالجلجلة بعد صدمتها، كان لا بد من منقذ، وفي حديث الجلجلة والكنيسة فلا أفضل من يسوع عليه السلام مخلصا ومنقذا.
والجلجلة في معجم المعاني الجامع هي صوت الرعد، وهي مصدر جلجل،
وهي كذلك صوت الاهتزاز والحركة الشديدة والجمع جلاجل.<br>
والجلجلة حسب الاعتقاد المسيحي هي الصخرة التي صلب عليها السيد
المسيح عليه الصلاة والسلام، وقد أسقطت فكرة الجلجلة على نفسها ولكنها
لم تنكر حق المسيح عليه وعلى أمه السلام بالردّ فاستحضرته لهذا الردّ.
هذا الترابط المتين يدلّ دلالة واضحة على أن الشاعرة تعرف ما تريد، وأن
صناعتها الأدبية مبنية على أسس مدروسة.<br>
وعند قراءتي للقصيدة تمنيت لو انتهت القصيدة عند جملتها الشاعرية
( فيصيح المسيح .. كفاك نفاقا)، لأنها نهاية كانت الأجمل دونما إضافات
فلا حديث بعد ردّ يقدمه يسوع.<br>
وفي القصيدة تراكيب جميلة كباقي القصائد مثل ( فارس السراب ، مزمار الهوى، اللبؤة الحانية، سحب حائرة، حروف ماطرة، ريش الأمنيات)
وفيها انزياح تركيبي في جملة ( لسواك أنا )، فقد أخرت المبتدأ ( أنا) وحقه
التقديم على الخبر المكون من شبه الجملة (لسواك).<br>
وفي جملة (مع الريح تعود/ لتعاود العزف/ على مزمار الهوى)، استعارة
جميلة وفيها انزياح كناية عن الرجوع إلى عادة قديمة توقف عنها مدة،
ولكنها لم تكن مدة طويلة لأنه عاد مع الريح والريح سريعة وفيها الفوضى
والطيش ليمسك آلته التي اعتاد أن يعزف عليها.<br>
ومضات رقم 8: ومضات التحدي كما رأيتها، ولأنها ومضات التحدي
والإصرار على الحياة، تأتي الأسطورة الأنسب لهذا وهي الأسطورة التي
تتحدث عن القيامة من الموت، تقول في صفحة 65<br>
( قهرني البحر،<br>
مثنى.. وثلاث.. ورباع<br>
وفي كلّ مرة كنت كالعنقاء<br>
من بين الرماد أقوم<br>
لكن.. كقارب دونما شراع)<br>
استخدمت البحر والبحر من صفاته المعرفة الغدر، واستخدمت القهر والقهر
مرادف للموت فالله القاهر لعباده بالموت، واستخدمت مثنى وثلاث ورباع
وهي استخدام قرآني عرف بموضوع تعدد الزوجات، ولا شيء يقهر الأنثى
مثل أنثى أخرى يأتي بها الرجل حتى لو شرعا.<br>
ثم بعد كل هذا تأتي فكرة العنقاء لتبرز إصرارها على التحدي والحياة، فتقوم
من بين الرماد، ولكن حتما أنها لن تعود كما كانت، فتعود مكسورة الجناح.<br>
ثم تمضي في حديث القوة والتحدي فتقول:<br>
(ما لطخ الدم قميصي... أنا قتلت الذئب كي أحيا)
<br>
إن استحضار قصة الذئب في القصيدة وما كان من أخوة يوسف عليه السلام
يدل على حضور الكذب والحسد، فليس أقوى في قصص الكذب في التاريخ
من تلك التي واكبت حياة يوسف الصّديق، فهل ذكرها في قصيدة للحبيب
يوحي بكذبه أو حتى أنه اتهام صريح له بصفة الكذب البالغة؟<br>
ونلاحظ مرة أخرى أمرين، الأول توالي اتّكاء الشاعرة على استدعاء الرموز
التاريخية والأسطورية، وكذلك التناص فكرة أو ألفاظا أو جملا مع الكتب
السماوية، إنجيلا وقرآنا.<br><br>
قصيدة فلسفة الحبّ:<br>
( مضى الغراب، والغثاء مرّ وزال .... وفي الأفق سُمع موال)،
هي قصيدة العودة والرجوع والربيع بعد اندثار الغيوم السوداء، فما أن رحل
الغراب عن حياتهما حتى طاب سماع فيروز، والغراب كناية عن الوشاة
والحاسدين وربما سارقي الأحلام وما أكثرهم.<br>
عودة الربيع أعادت الحياة لكل شيء في نظر الشاعرة، فأينع الزهر ونضجت
الفاكهة وأرسلت البحار حورياتها، ودخل النور بعد الظلام، وغرد الكروان.
كلّ ذلك في لامية جميلة محلقة تتراقص فيها الكلمات وتعزف فيها الحروف
لحن فرحتها، القصيدة فيها محسنات بديعية مثل الجناس ( زال، ما زال).<br><br>
ومضات رقم 9:<br>
وهي ومضات العادات والموروث الاجتماعي، تستخدمها وتطوّع مفرداتها
ومعانيها لخدمة ما تريد، فقراءة الكفّ موروث شعبي وعادة عند الكثير من
الناس، ورغم جاهلية الفكرة وعدم علميتها إلا أن الشاعرة استخدمتها،<br>
(إقرأ كفّ من تشاء من النساء) صفحة 69،<br>
لم أجد لهذا تفسيرا إلا أن الأنثى قد تلجأ إلى كل الطرق وأنها لا تعدم الوسيلة
للوصول إلى غايتها، فالشاعرة عبر ديوانها لم تترك أسطورة أو علما أو
رمزا أو مفهوما أو عادة إلا حاولت تطويعها، كي ترسخ صورتها الأنثوية
أمام الحبيب وكذلك الصورة القوية والعنيدة التي تأبى الانكسار، كل ذلك
لتقول له أحبك ولتسأله بعد كل هذا سؤالا واحدا...( أتحبني)؟.<br>
وتقول: ( لست طروادة/ بالبارود تحاصر أسوارها/ لي قلب عصفورة)
وهذا رسالة إنسانية عالية المستوى، وفيها مقابلة بين نقيضين، بين قلعة
عالية عصيّة على الانكسار، وبين مخلوق رقيق لا يليق به إلا الرفق واللين
كما جاء بالحديث الشريف }رفقا بالقوارير{، فهناك من يتعامل مع الأنثى
وكأنها قلعة وهي أوهن من بيت العنكبوت إلا من ارتأت غير ذلك.<br><br>
قصيدة " إيقاع العشق"
قصيدة اختلفت عن سابقاتها في المخاطِبِ والمخاطَب، ولكنها تشابهت إلى حدّ كبير في الأسلوب والصياغة والطرح، فهنا خوطبت الأنثى من قبل عدة مخاطِبين. ففي البداية يكون الحديث أحاديّا ( حبيبتي ) مادحا إياها بأجمل الحديث (يا سليلة النعناع والبرتقال والليمون/ والزعتر البريّ والزيتون)
ثم يجعل سقراط ينهض من كتب التاريخ، وكذا اللقالق يجعلها تتحدث
والبحار والصواري ثم يأتي بالطيور لتطوف حول كعبة حبها سبعا،
وتقول لها ( من الآن نحبك)، فهل أرادت الشاعرة أن تقيم شيئا من التوازن
العشقي بينها وبينه بأن تحدثت على لسانه فحرك لها الصواري والأشرعة وأنطق البحار وجلب الرموز (سقراط/ يونس/ الحوت) كما فعلت هي بكل القصائد؟ سؤال يضاف إلى سلسلة الأسئلة.<br><br>
قصيدة "ابن الغجر"<br>
( لا أريد أن أموت هكذا/ كفأر المتاهة/ أفرّ، أكرّ، أقبل، أدبر/ في مصيدة الصمت) كناية عن الضيق الذي يتبعه الموت. الكلمات تعيدني إلى قول
امرؤ القيس (مكر مفر مقبل مدبر معا**** كجلمود صخر حطه السيل من عل)
هناك الحديث عن خيل سريعة كانت حركتها من أجل الصيد، بينما شاعرتنا
استخدمت ذات الكرّ والفرّ وذات الحركة في الإقبال والإدبار لفأر هو سيكون
ضحية الصيد، والجملة في تضاد في ( أفرّ، أكرّ)، وفي ( أقبلُ، أدبرُ).
والصمت كناية عن الموت لأنّ الموت فيه صمت أبديّ، فكان التوظيف
للفظة موفقا.<br>
وتتكرر جملة ( لا أريد) ثلاثا، كناية عن الرفض القاطع للفكرة.<br>
( سيكون أن .. تنحني السنابل الآيلة للشوق) انزياح إضافي غير متوقع،
وفي جملة ( سيكون للروح التي مع أشباه الظلال تنافرت.. فاختلفت، أن تتعارف مع الغريب القادم من فردوس الأساطير فتتآلف ويكون نور)
وهنا إشارة إلى الحديث النبوي الشريف } الأرواح جنود مجندة، فما تشابه منها ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف{ أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وهذا يعيدنا إلى قصيدة " أنا الأنثى" التي تنبش دفاتر التاريخ بحثا عن فارس
أسطوري ربما كالإبرة في كومة قش، لماذا؟
لأنها لم تتفق مع أشباه الظلال في الواقع فتنافرت معهم، فآن لها أن تجده
أسطورة من تلك الرموز التي صاحبتها عبر هذا الديوان.<br>
وجملة (أشباه الظلال) انزياح آخر كناية عن أشباه الرجال، وهذا الواقع
مع أشباه الرجال يجعلها تعيش في ظلام، بدليل أنها بفارسها الأسطوري
ستدخل فردوس السعادة ويكون النور.<br>
( وفي الذكرى الثانية للجنون المقدس) هذه الجملة في صفحة75 تفتح أمام
القارئ بوابات الاحتمالات على مصراعيها فيما تريد أن تقول الشاعرة،
ولا يكون التأويل بغير ربط الجمل والقصائد ببعضها، فهي تتبع بجملة
( سيهددني باللعنة، فأرتشف الترياق بيدي، لا بيد ابن الغجر) كثيرة هنا التأويلات، ولعل كلّ منها يأخذ القارئ إلى أكثر مما يحتمل النصّ، لذا أحيانا الأجمل أن تترك هناك المساحات للفهم كيفما يشاء المتلقي ويبقى المعنى الحقيقي في بطن الشاعر كما يقال.<br>
( سيكون أن تهدهدني ملائكة فأفيق/ وعلى الجبين أحد عشر اسما ووشما)
خيال فوق غيم الإبداع ، وأمل ترسمه بإسقاطات جميلة، وصور يوسفية الجمال أضيئت من زيت لآل البيت، في جمل خبرية الأسلوب.
<br>
صور فائقة الأناقة كناية على الإصرار على تحقيق الحلم، مهما كان الحلم
خياليا ومجنونا ومغرورا.
<br>
قد يخبو مصباح الأمل قليلا نتيجة مكر الغربان، ولكنهم إلى زوال، وسيبقى
الأفق لهذا الحلم عنوانا.<br>
وفي القصيدة مقابلات عدة مثل ( الأكثر زرقة من يم) و ( الأقل مراوغة من غيم) ومثل ( تنافرت فاختلفت) و ( تتعارف فتتآلف).<br>
وهناك جناس غير تام في ( الأكثر، الأقل) و ( مغرور، مغروم).<br>
واستعارات مثل ( وفي القفص الحلميّ قمر).
<br>
وهناك ملاحظة أن آخر كلمة في القصيدة كان يجب أن تكون عنوانا وليس عنوان لأنها مفعول به منصوب، وربما اضطرت الشاعرة لذلك تماشيا
مع الكلمات السابقة ذات القافية المتشابهة ( الطوفان، الغربان، جان) ولكن
كان بالإمكان أعادة ترتيب آخر ثلاث جمل على النحو التالي للوصول
إلى قافية مشتركة بينها دون خطأ، فتكون:<br>
( كنتُ كيانا/ سأبقى كيانا/ ويبقى الأفق لجناحي عنوانا)<br>
وأنتقل إلى القصيدة صاحبة عنوان الديوان متجاوزا باقي القصائد والومضات، لتشابه الأفكار والصور والاستدعاءات الجميلة للرموز، والاستعارات الكثيرة،
وسحر البيان والبديع.<br><br>
قصيدة "سأحاولكَ مرة أخرى"
<br>وعودة إلى عنوان الديوان الذي حمل ذات المعنى ولكن المخاطب كان مؤنثا،
أما قصيدتنا هذه فالمخاطب فيها مذكرا، فهل قصدت الشاعرة بالعنوان معنى آخر؟
هل لعنوان الديوان علاقة بالإهداء الذي افتتحت الشاعرة به ديوانها فكانت تقصد
(سأحاولكِ أيتها اللغة الأم مرة أخرى حتى أصل إلى ما أريد)؟؟
أما أنه محض خطأ طباعي لا أكثر ولا أقل؟ هذا ما تساءلتُ به في بداية قراءتي
وطبعا الإجابة عند الشاعرة.<br>
وعودة للقصيدة، قصيدة العودة كما رأيتُها....<br>
(قد آن الأوان /أن تعقد قرانك على هذياني )
كناية عن الإصرار والقرار الذي اتخذته الشاعرة مع سبق الإصرار وكأن ما كان من قصائد وومضات ما هم إلا مقدمة لهذا القرار. كأنها تقول له ها قد قدّمتُ لحياتي معك فقدّم مقابله ما أستحقُّ منك فقد آن الأوان. واستخدمت لذلك أدوات التوكيد ربما لأنها متأكدة من النتائج، وفي الجملة انزياح إضافي في كلمة هذياني.
تقول في صفحة ٩٤ ( كي تولد ولو مرة واحدة/ على يدي امرأة / تعرف/ كيف
تغري جوعك/ إلى قمح الحنان) وهذا كناية عن البداية الجديدة، فالميلاد بداية الأشياء، ولكنها ولادة من نوع آخر، ولادة تنقله من عالم الجوع إلى عالم الاكتفاء
حيث مزارع الحب، والجملة فيها من توظيف البيان الشيء الكثير، ولغة المجاز فيها
عالية المستوى، فقد شبهت النقص والحرمان العاطفي بالجوع، والوصل والرضا بقمح الحنان. واستخدمت بذكاء الفعل تغري، فلم تقل امرأة تأخذك بل قالت امرأة تعرف كيف تغري، لعلمها انه يكفي الرجل بعض الإغراء ليذهب بعد ذلك بنفسه.<br>
(قد آن الأوان/ أن أحاولك مرة أخرى/ لأحاور فيك شهرياري/ وقيسي وابن
كنعان )، تكرار كناية عن التأكيد والإصرار الذي ذكر في البداية، ولكن هنا تتحدث عن المحاولة، والمحاولة مرة أخرى تفيد وجود محاولات سابقة كلها كللت بالفشل وإلا لما حاولت مرة أخرى، في هذه المرة ستحاور، والحوار فيه تنازل عن القرار الذي اتخذته سابقا وهذا باعتقادي خلل، ولو كانت هذه الفقرة قبل سابقتها لكانت اقرب لمنطق مراد القصيدة، ولو كان مراد القصيدة المحاولة أصلا فما كان من داع للقرار القطعي المتخذ في البداية بعقد القران<br>.
في هذه الفقرة ستحاور فيه شهريارها وقيسها وابن كنعان، فيه تريده كما هو في مخيلتها ورغبتها، وهنا تناقض أنثوي مقصود ودهاء لحواء ومكر مبطن، فالحواقر يفيد الندية واحتمالات القبول والرفض، وإعطاء الآخر الحقّ لأن يكون هو، لكنها تبدأ حوارها معه على أنه قيسها وشهريارها، وكأنها تقول له كن ما تريد في هذا الحوار ولكن في إطار رغبتي وتصوري.
<br>
وهنا عودة وتأكيد على ان هذا الرجل الذي ستحاوره، تريده كهؤلاء الذين تنبش عنهم في بطون التاريخ، تريده نسخة منهم، لاعتقادها بانقراض هذا النوع البشري وعدم وجوده في هذه الأيام، ترى لماذا انقرض هذا النوع من الرجال، وهل انقراضه مرتبط بانقراض ذلك النوع من النساء الأسطوريات اللواتي كنّ على عهد هؤلاء الرجال؟ وهل طلب الرجل الأسطوري بشكل حثيث من الشاعرة هو فقدان للأمل، فقدان أمل مبعثه الأمل.؟
كلها أسئلة تضاف إلى الأسئلة السابقة في هذا الديوان.
<br><br>
رابعا: الخلاصة والخاتمة:
<br>
لقد قدمت لنا الشاعرة والقاصة ريتا عودة طبقا شعريا شهيا، قد نختلف على
بعضه، وهذا من طبيعة العمل الناجح.<br>
وهذه قراءة متواضعة لم تدخل بكل التفاصيل، قد أكون أخطأت بفهم المراد
في بعض القصائد، وقد أكون قد أطلقت حكما غير دقيق على بعض المواضع.
لكن في النهاية لا بدّ من تهنئة الشاعرة على ما قدمت للمكتبة العربية، مع
أمنياتي بمزيد من التقدم والنجاح.<br>
وأختم بما بدأت به حديثي عن مفهوم الشعر ومن يستحق أن يقال عنه شاعر،
وهل ما جاءت به ريتا عودة من قصيدة النثر، وليس ريتا عودة لوحدها، فهل
للمقطوعات النثرية المبنية على جماليات اللغة وبيانها وبديعها مكان في
وجدان الشعر لنقول عنها قصيدة، أم أن الجدل حول هذا الموضوع سيبقى
قائما كما ذلك التجاذب والصراع والجدل بين آدم وحواء؟<br><br>
بقلم : م. رفعت زيتون<br>
القدس في 30/3/2015<br>
ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع.<br><br>
<a href="http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2015/03/30/361656.html">دنيا الوطن</a>
</font></center><br><br><br><br>
Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-67357559663826062882015-05-01T22:06:00.000-07:002015-05-28T00:43:38.304-07:00قصائد 2015<center><font size="6" color="pink"><br><br>
<br>
" مُبَاغِتـــًا جَاءَ حُبــُّكَ "
</font></center>
<center><font size="4" color="pink"><br><br>
<br>قصائد <br>
2015 <br>
ريتا عودة
<br><br><br><br><br><br>
لَم يَمتَلِك قلبي<br>
إلاَّ<br>
مَن أَتَانِي مِنَ<br>
البَحر
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
أريدُ أن أحيَا<br><br>
أريدُ أن أستيقظَ<br>
معَ الفَرَاشَاتْ<br>
لأَهيمَ على وَجهي<br>
في الحُقولِ<br>
سَاعَاتٍ وسَاعَاتْ<br><br>
أريدُ أن أُشَاركَ<br>
المُزَارعينَ<br>
في زرعِ بُذورِ الأمنياتْ<br><br>
أريدُ أن أحيَا:<br>
أريدُ أن أصغي لصوتِ<br>
قطراتِ المَطرْ<br>
وهي تُعمِّدُ العشبَ<br>
والشَّجرْ ...<br><br>
أريدُ أن أفاوضَ الطيورَ<br>
على أجنحتِهَا،<br>
والناياتِ <br>
على نغماتِهَا<br><br>
أريد أن أحلّقَ<br>
أعلى من النُّسور<br>
أريد أن أغني<br>
أفضلَ منَ العَنادلِ<br>
وشَتَّى أنواعِ الطُّيورْ.<br><br>
أريد أن أنتهرَ جرادَ<br>
الظَّلامْ<br>
وكأنبياءِ العهدِ <br>
القديمْ<br>
أدعُو ..<br>
للوِئَامِ بينَ الأَنَام<br><br>
أريدُ أنْ أفعلَ <br>
أشياءَعديدة ..<br>
عَ د ي دَ ة<br>
لكن...<br>
صَوتَ <br>
طَلقاتٍ<br>
نَاريَّة <br>
بَعيدَة<br>
بَ ع ي دَ ه<br>
يُشَوِّه كُلَّ <br>
... أحلامِي ...<br>
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
شاعِرَة ٌ مَاكِرَة ٌ مَنْ يَجدُهَا..!؟<br><br>
شاعِرَة ٌ <br>
مَاهِرَة ٌ، مَاكِرَة ٌ <br>
مَنْ يَجدُهَا..!؟<br>
ثمَنُهَا يَفـُوُقُ اللآلِئِ<br>
كـُلـَّهَا.<br>
بـِهَا يَثِقُ قلبُ قارئِهَا.<br>
لـَهُ .. لا تصْنـَعُ إلاّ <br>
الدَّهْشَة َوالبَهْجَة.<br>
هِيَ.. كـَسُفـُن ِ التـَّاجـِر ِ،<br>
مِنْ بَعْيدٍ..<br>
تـَجْـلِبُ رُؤَاهَا.<br>
تـَقـُومُ، إذِ الغـَسَقُ قـَريبٌ<br>
تـَتـَأَمَلُ الأ فـُقْ.<br>
ثمَّ، تـَمـُدُّ يَدَيْهَا إلى المِغـْزَل ِ<br>
وَتـَنـْـسِجُ...<br>
مِنْ حَرير ِ الحُلـُم ِ .. قـَصَائِدَهَا.<br>
لا تـَخـْشـَى بَرْقـًا وَلا رَعْدَا،<br>
فـَقـَصْرُهَا مُؤَسَّسٌ عَلى .. الأَلـَقْ.<br>
يَقـُوُمُ قـُرَّاؤُهَا .. وَيُطـَوِّبُونـَهَا،<br>
النـُّـقـَادُ .. فـَيـَمْدَحُونـَهَا.<br><br>
*
<br><br>
كـَثيرَاتٌ ..<br>
حَاوَلـْنَ اللـُّغـَةَ<br>
نـَثـْرًا وَشِعْرَا<br>
أَمـَّا أنــَا..<br>
العَارفة ُسِرَّ<br>
رَحِيــِق ِ الزَّهْرَة..<br>
فـَفــُـقــْـتهُن<br>
جَمِيعًا.<br><br>
7-9-2009
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
کُونِی<br>
کَمَا تَشَاءُ لَکِ الفَرَاشَاتُ<br>
أَن تَکُونِی<br>
کُونِی<br>
غَجَریَّهً یَنحَنِی الکَرمِلُ<br>
لِرُوحِکِ<br>
یَا عُیونِی<br>
کُونِی البَحرَ<br>
کُونِی الرِّیحَ<br>
کُونِی حُلُمَ المَسحُوقِین<br>
کُونِی رَغِیفَ الجَوعَی<br>
دَمعَهَ المُهَمَّشِین<br>
کُونِی ریتای<br>
کُونِی حَنِینِی<br>
کُونِی جُنُونِی<br>
ایَّاکِ ألاَّ تَکُونِی
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي<br>
مُعَذَّبةٌ<br>
فِي الرّيح ِ سُفُنِي ،<br>
مُتعَبَة …
<br>
مِنْ أَشبَاهِ رِجَالٍ<br>
واسطِوَانَاتِ غَرَام
<br>
*
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي،<br>
مُوْحِشٌ جِدًّا طَريِقِي
<br>
*
<br>
كُنْ مَنَارَةً ،<br>
تـَقـُودُنِي<br>
مِنْ وَجهِ الضِّيقِ<br>
إلى بَرِّ سَلام
<br>
*
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي،<br>
في بَحْري ألفُ غَريقٍ<br>
وَغَريق ِ…<br>
*
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي،<br>
آهٍ كَم أشتَهِي<br>
يا صديقي<br>
رَجُلاً يُشبِهُنِـي..<br>
لا يُشَوِّهُنِـي !<br>
يُدَلِلُّني …<br>
عَلَيـــَّا يَدُلُنـي …
<br>
يَغْمـُرُنِي ..<br>
بوَابِلٍ مِن أنـْقـَى <br>
الكَلام …
<br>
يَعبُرُ بي وَادي البُكاءِ<br>
يَصْعَدُ بي إلى السَّمَاءِ<br>
حيثُ السَكِينَةُ ،<br>
حيثُ مُدُنُ الأحلام
<br>
*
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي …!
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي …!
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
فارسٌ مِنْ زَمَن الحُبّ<br><br>
في البَدْءِ<br>
قلتَ للحُبِّ: "كُـنْ"،<br>
فكانَ الرّبيعُ والأراجيحُ<br>
والعُطورْ<br>
وقلتَ للحُلم ِ : " ليَأتِ ملكوتُكْ"،<br>
فصِرْتَ النورسَ<br>
الـ ..جمعَ للسنونوةِ<br>
محاراتِ البُحورْ<br>
وصَارتِ المِسْكَ<br>
الـ .. يـَضُوُعُ مِنْ حَولِكَ<br>
فيحَتارَ البنفسجُ والنرجسُ والفـُلُّ<br>
وتلتاعُ بقيّةُ الزهورْ<br>
ثمَّ قالَ الفرحُ: " لتكـُنْ مشيئتي"<br>
فصَارَ الشّوقُ شجرة<br>
تتوَقـَّدُ ..<br>
تتوَقـَّدُ ..<br>
لا تحترق ُ<br>
ولا تخـُورْ<br><br>
2009 / 2 / 15
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
على غُصنٍ <br>
يُغَرِّدُ الطَّائِرُ<br>
ويستعِدُّ القَنَّاصُ:<br>
للطَلقَة<br><br>
14.01.2015
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
وَردَةً<br>
في المَطرِ كُنتُ<br>
وَحِينَ أَحبَبْتُ صِرْتُ<br>
بُستانًا مِنَ:<br>
العِطْرِ<br><br>
14.01.2015
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
غـَجــَـريــَّة عـَاشــِـقــَة<br><br>
<br><br>
كأنّي ...<br>
في زمنٍ آخـَـر <br>
كُنتُ غَجَريــــَّـة ً <br>
مَسكونَةَ بِالعِشق ِ <br>
كُنتُ حُورِيـــَّـة ً <br>
مُـثــْـقَــَـلـَـة ً <br>
بِالجِرَاح<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
في زمنِ القُبحِ ...هذا<br>
لا تَسَلنِي ... لماذا <br>
فأنتَ لِي <br>
أنتَ ...أنتَ حُلُمي<br>
وأنتَ للفرحِ المِفــَـتـــَاح<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
كَي يـَتـَنَـفَـَسَ الصَّبَاحُ<br>
كَي تـَكُونَ لـِذَاكِـرَتـِي <br>
نَبْعَ الإنشـــِرَاح<br><br>
أحِبــــُّـكَ:<br>
كَي تُنجِبَ الأُمَهَاتُ <br>
أَبطَالاً<br>
فَأنْتَ المـَوَّالْ <br>
أنــِيـــِـنُ الخِــلخـــَالْ<br>
حَبُّ الـ ... هـَالْ <br>
في قَهوَةِ الفَلاَّح<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
لأنِّي مَعَكَ<br>
لا أسيرُ حَائِرَة ًفِي دَائِـــرَة<br>
بــَـلْ ...<br>
مَعَ الكـَوْنِ<br>
أ... تـَـ ... دَ... فَـَّ ... قُ<br>
دُونَ قـُيـُودٍ جَائِرَة <br>
دُونَ نـُوَاح<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
حِينَ يَنَامُ فِي حِـضْنِي القَمَر <br>
أحِبــــُّـكَ<br>
حِينَ تَعزِفُ حَبـَّاتُ البـَرَدْ<br>
عَلى نـَافِذَتـِي إيقَاع َالمَطَر<br>
أحِبــــُّـكَ<br>
حِينَ يَتَأوَّهُ فِي تُربَتِهِ الشَجَر<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
فِي لــَيـَـالِي السَّهَر<br>
حِينَ تَتَلَوَّى فِي المَوْقِدِ <br>
حَبـَّاتُ الكَسـْتَنـَاءِ<br>
أحِبــــُّـكَ <br>
حينَ ترسِمُ فِي خَيالِي <br>
المُزدَحِمِ بِكَ<br>
أَبْهَـــــى...<br>
أَبْهَــــى الصُّـوَر<br><br>
أحِبــــُّـكَ<br>
أبْعَدَ مِنَ كُلِّ ... اتِجَاه<br>
أَوْسَعَ مِن كُلِّ ... مَدَى<br>
أنقى من كلِّ اعتراف<br>
أكثر حِدَّةً مِن وابلِ شَجَن<br>
أحِبــــُّـكَ<br>
يا بَعضِي وَكُلِّي <br>
وَتـَاجَ جَبـِيـِنـِي<br>
أحِــبــــُّـكَ<br>
وَأَعِـدُكَ <br>
أنْ نـَلـْتَـقـِي<br>
كَــ التِقاءِ جَبَل ٍ بِــ ... جَبَلْ <br>
أحِـــبــــُّـكَ<br>
وَأَعِــدُكَ<br>
أن تـَحـْتــَفِي بِحُبـِّنـَا <br>
الطُيُورُ وَالزُهُورُ<br>
وَكُلُّ أَبْنــــَاءِ كَوْكَبِ الغـَجــَـر<br><br><br>
15.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
أنتَ<br>
هَمزَهُ وَصلٍ<br>
بيني وَمَزَارع<br>
الحَبَق...<br>
أنتَ المَعمَدَانُ الذي<br>
يُعِدُّ الطريقَ أمامِي<br>
.........للغَرَق<br>
للأَلَق<br><br>
18.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
وأنا أبحثُ عَنِّي ..... وَجَدْتُكَ
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
لمَ .. هذا الصَّباح... في كُلِّ المَرَايَا .....أَرَاكَ ..؟؟
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
كَأَنِّي جَزيرَة ... كَأَنَّكَ البَحْرُ ... فَأَينَ..؟! أَينَ المَفَرُّ .....؟!
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
كَأَنِّي ... قَبْلَ الكَوْنِ
كُنْتُكَ ... كُنتَنِي .. وَكَانَ العِشقُ ...حاَرِسَــــنـَا
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
يُعَرِّشُ الْحُبُّ عَلَى جُدْرَانِ الْقَلْبِ<br>
كَمَا وَرَقِ الْعِنَبِ<br>
حِينَ.. كَمَا أَنَا تُحِبُّنِي.
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
لِمَ لا نلتقي ...
على ما يُمكِنُ أَن ...يُحَوِّلَ الدُّودَ إلى...فَرَاشَاتِ حُقُول ..!
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
وَعَدْتَنِي بالرَّعْدِ ... وَقَبْلَ البَرْقِ ..........رَحَلتَ ؟!
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
في غَمْرَةِ انْبِهَاري بِكَ ...نَفَذَتْ ...صَلاحِيَّةُ ...الحُلُمْ.
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
لماذا<br>
كلَّما اقتربتُ<br>
مِنَ البَحرِ...يبتعِد !؟
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
سَیِّدَةُ الدَّهْشَه<br> <br>
قـَدَری<br>
أنْ تُوْقِـظَـنِی<br>
مِنْ سُـبَاتِـی<br>
سَـیِّـدَةَ الحُلُمِ<br>
لتسوقَنِي الى مرعَى
مُفَخَّخٍ بالدَّهْشَه<br><br>
20.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
کاشتیاقِ <br>
الطُّيور<br>
لأعشاشِهَا ..<br>
اشتقتُ لَک.<br>
کاشتیاقِ الوُرودِ<br>
لبراعِمهاِ ..<br>
اشتقتُ لَک.<br><br>
فتعالَ...<br>
علی قلبی<br>
المُکتَظِ عِشقًا ..<br>
لاتتعَالَی ..<br>
حبیبی<br><br>
20.02.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
إلى رجل أناني<br><br>
عَلَّمَنِي حُبُّك<br>
أنَّ الغَرَقَ<br>
فِي بَحرِ العِشقِ<br>
مَمْنُوعٌ .. مَمْنُوعْ<br><br>
عَلَّمَنِي غدْرُكَ<br>
أَنْ أَحْرِقَ المَرَاكِبَ<br>
بَعْدَ رَحِيلِكَ<br>
أنْ أَكْبِتَ الآه َ فِي مَهْدِهَا<br>
وأَلعَنَ الدُّمُوعْ<br><br>
عَلَّمَنِي صَدُّكَ<br>
أَنْ أَكْتُبَ وَجَعَ الغِيابِ<br>
بِالطبْشُورِ <br>
عَلَى الحِيطَانِ<br>
وَأُشْعِلَ الشُّمُوع<br><br>
عَلَّمَنِي غِيابُكَ <br>
أنْ أَتَأَلَمْ ...<br>
أَلاَّ أَتَكَلَمْ...<br>
بَلْ أحْتَفِي بِطَيْفِكَ<br>
كُلَّ لَيلَة<br>
مَعَ قَلْبيَ ... المَوجُوعْ<br>
قَلبِيَ ... المَخْدُوعْ<br><br>
22.02.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
لأنِّی<br>
عَلَی الأرض<br>
أُقَرفِصُ<br>
لا علی سریرٍ<br>
مِن عَاج..<br>
تأتی القصیده<br>
طازَجَه..<br>
وگرَغیفِ الخُبزِ:<br>
... شَهِیَّهٌ ...<br><br>
23.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
صوتٌ مِن بعيد<br>
ناداني<br>
لأَكونَ في معْبَدِهِ<br>
جَمْرَة<br>
وَيَكُونَ للجمرَةِ<br>
الرِّيح<br><br>
24.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
بينَ أَموَاجِكِ<br>
حَيفَا<br>
سُفُنٌ صَغِيرَة<br>
صَغِيرَة<br>
للصَّمْتِ مُستَكِينَة<br>
تَمَامًا,, تمامًا<br>
كَمَا قَلبي<br><br>
24.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
مَا أَوسَعَ هذا المَدَى<br>
آهٍ كَم أَشتَهِي<br>
أَن تَمْلأَهُ حبيبي<br>
بكلمة:<br>
... أُحِبُّكِ ...<br><br>
24.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
بعیش فیک<br><br>
أنا بعشقک<br>
عشان أعیش<br>
وأتنفسک<br>
غیرک ملیش<br>
تعالَ قرَّب<br>
من حُبِّ ممکن<br>
یملا الکون...مطر<br>
یملا البساتین شجر<br>
حبیبی... یا أنایَ<br>
روحی .... یا هنایَ<br>
تعال امسح ... دمعتی<br>
تعالَ جَرَّب ...جَنِّتی<br>
بحبّک...بذوب فیک<br>
بحبَّک ...أنا کلّی لیک<br>
بحبَّک...بموت... بموت<br>
وبَعِیش یا حبیبی فیک<br><br>
25.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
إلى سيّد الرجال...حبيبي<br><br>
أمهلني قليلا<br>
.........لأقتربَ مِنكَ<br>
.........كَي أتَحَرَشَ بِحُروفِكَ<br>
مُفرَدَاتِكَ ...<br>
جُمَلَكَ الشعريَّة والعِشقِيَّه<br>
فأَنتَ....<br>
آهٍ يا سيِّدَ الرِّجالِ<br>
كَم أنتَ مُختَلِف!<br><br>
أمهلني قليلا<br>
كَي تَتَوَحَدَ الحُروفُ<br>
... تَتَدَاخَلَ<br>
وَفِي بَوتَقَةِ العِشقِ<br>
تنصَهِرَ...<br>
ثُمَّ ...<br>
تَنهَضَ <br>
كَالفَرَاشَاتِ المُلَوَّنَة<br>
مُرْتَدِيَةً هَالاتِها<br>
تُطَالِبُكَ<br>
بِهَا أن تَعتَرفْ<br><br>
أمهلني قليلا<br>
كَي آتيكَ بِنُوري وَنَاري<br>
وَدَفَاتِرِ أشعَاري<br>
كَي تَقرَأنِي<br>
كَمَا يَشتَهي نَبْضُ الأنثَى<br>
فِي عروقِي<br>
فَيَرِفُّ الحَمَامُ<br>
.............فَوْقَ الصَفْصَافَة<br>
آهٍ... كَيفَ يَرِفّْ !<br><br>
أمهلني قليلاً<br>
كَي أَكُونَ الأمِيرَة<br>
الفَقِيرَة<br>
التي سَتَأتِيكَ بِكِسْرَةِ<br>
........حُلُم<br>
وَتُغَادِرُكَ<br>
فِي الثانِيَةَ عَشْرَةَ <br>
......عِشقًا<br>
فَتَكُونَ فِي خيَالِهَا<br>
رَجُلَ الحُلمِ<br>
قَبْلَ أَنْ تَنْصَرفْ<br><br>
أمهِلني كثيرًأ<br>
................كَثيرًا<br>
لأعشَقَكَ<br>
كَمَا تَشتَهِي<br>
.................وَأَشْهَى<br>
........................وَأَشْهَى<br>
وَتَعْشقَنِي كَمَا أَشتَهِي<br>
.................<br>وَأَشْهَى
........................وَأَشْهَى<br>
.......وَأَحْلَى<br>
مِنَ السَّنابِلِ حِينَ فِي الحُقُولِ<br>
كَالعَصَافيرِ تَقِفْ<br><br>
27.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
مُدَّ یَدَکَ <br>
تناولْ مِن يَدي التفاحة<br>
حبیبی<br>
کَی یخضَرَّ الحُلُمُ<br>
فأکونَ مِرآتــَکَ<br>
التي<br>
تَعرفُکَ أکثرَ مِن ذاتِکَ <br>
تعرفُ جميعَ.. جميعَ<br>
لُغَاتِك<br><br>
28.02.2015
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
لماذا<br>
حينَ عَاهَدتَنِي<br>
أَن تَكُونَ لي<br>
الصَّوتَ والصَّدَى<br>
طَارَتْ<br>
سُنُونُوَّاتٌ مِن صَدري<br>
واتَّسَعَ المَدَى..!؟
<br><br>
02.03.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
حينَ تَغِيبُ عَنِّي<br>
تَغِيبُ الحُقُولُ والطُّيورُ <br>
والزُّهُور<br>
وَكَأُنثَى العَنكَبُوتِ<br>
أَظَلُّ<br>
حَوْلَ نَفسِي أَدُورُ<br>
وَأَدُور
<br><br>
02.03.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
مُنذَ غِبتَ عَنّي<br>
وَأَنَا أُطعِمُ النَّوَارسَ<br>
فُتَاتَ حُلُمِي<br>
وَهِيَ تَأْتِيني<br>
بِأَصْدَافِ الصَّبْر
<br><br>
02.03.15
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
تعيشي يا مصر<br> <br>
تعیشی یا مصر<br>
یا أمِّی...یا هَمِّی...<br>
یللی حُبِّک ترنیمه<br>
فی دَمِّی<br>
تعیشی یا مصر<br><br>
تعیشی یا مصر<br>
یا ستِّ الکُلّ<br>
یللی تاریخک<br>
یاسمین وفُلّ<br>
تعیشی یا مصر<br><br>
تعیشی یا مصر<br>
ب: نیلِک ... نَخيلِك<br>
مَوَاویلِك ... قنادیلك<br>
أهلِك وِنَاسِك<br>
تعیشی یا مصر<br><br>
"تعیشی یا مصر"<br>
رُوحِي بِتنَادِلِك<br>
من قلبی بَدعِیلِك<br>
تِعِیشی یا مصر<br><br>
تِعِیشی یا مصر<br>
یا مَهدِ الحَضَارات<br>
یا بنت الأهرامات<br>
یا أرضِی ... یا عِرضِی<br>
یا تاج علی جبینی<br>
تعیشی یا مصر<br><br>
تعیشی یا مصر ...<br>
یا بلَدِی<br>
یاحِضن ِتانِی لوَلَدي<br>
حبّک بیروینی ..نیلِک بیحیني<br>
تعیشی یا مصر ...<br><br>
تعیشی یا مصر ...<br>
حِضْنِك بِضُمِنــَا<br>
حُبِّك بيجري في دَمِّنــَا<br><br>
تعیشی یا مصر ...<br><br>
تعیشی یا مصر ...<br>
یا قمری .. يا شمسی<br>
يا بُکرَه وِأمسِی<br>
بحبّك في صَمْتِـــی<br>
بحبِّك في هَمسِــی<br>
تعیشِی یا مصر<br><br>
تعیشِی یا مصر<br>
یللی وَضَعتیِّ للطُّغـْـیـَانِ<br>
...........حَدّ<br>
یللی شَعبِك للعـُـدْوَانِ<br>
..........سَدّ<br>
تعیشِی یا مصر<br><br>
تعیشی یا مَصْر<br>
یا رَایة النَّصر<br>
يا فُلَّة.. يا عِطْر<br>
يا نُور الفَجْر<br>
تعیشی یا مَصْر<br><br>
06.03.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
للعِشقِ أنبياء<br><br>
العِشقُ يا صَغِيري<br>
لا يعتنقهُ إلاّ الأنقياء<br>
الأتقياء<br>
الأنبياء<br>
وأنتَ جُندِيٌّ<br>
مُشَاغِبٌ ..<br>
جاءَ يَستَعمِرُ خَيَالَ<br>
سيِّدَةَالنِّسَاء<br><br>
أيُّها الشَّاعِرُ<br>
المأْزُومُ<br>
المَهزُوم<br>
سَفِيرَةَ الشُعَرَاءِ<br>
أنــــَا<br>
مملكتي ... مِن ذُهُول<br>
مُفرَدَاتي ... لا يَعتَريهَا أُفُول<br>
لطُمُوحِي لا حُدُود<br>
حَوْلَ جُمُوحِي الشِعْرِيِّ<br>
.. لا سُدُودَ..لا قُيودْ<br>
وأنتَ<br>
أنتَ لستَ حُلُمي المَنشُود !
<br><br>
2015–03–12
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
مُبَاغِتـــًا جَاءَ حُبــُّكَ <br><br>
مُبَاغِتًا<br>
جَاءَ حُبُّکَ<br>
لَم یَتَزَامَن مَعَ البَرقِ<br>
رَعدُکَ...<br>
لَم تَتَنَبَأ <br>
أَرصَادیَ العِشقِیَّه<br>
بِکَ <br><br>
مُشَاکِسًا<br>
جَاءَ حُلمُکَ<br>
کَحَالَهٍ استِثنَائِیَّه<br>
لانفِجَارَاتٍ<br>
ضَوئِیَّه<br><br>
غَجَریًّا<br>
جَاءَ قَلبُکَ<br>
أَوقَدَ حَطَبَ اشتِعَالی<br>
نَسَفَ أَسوَارَ خَیَالِی<br>
صَالَ وَ.. جَالَ وَأَربَکَ<br>
حَالِی <br><br>
جَریئًا<br>
جَاءَ فِکرُکَ<br>
خَلَعَ عَنِّی خِلخَالِی<br>
أَطلَقَ فِی الفَضَاءِ الرَّحب<br>
مَوَّالِی <br>
فَرُحتُ أَهِیمُ<br>
................. أَهِیمُ<br>
فِی بَسَاتِینِ العِشقِ<br>
لَیلَ ...نَهَارِ ...<br>
مِلءَ اختِیَاری<br>
مِلءَ انبِهَاری
<br><br>
02.04.2015
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
حَائِــــرَةٌ<br><br>
حَائِرَةٌ<br>
بینَ أَنْ أَضَعَ<br>
نُقطَةً<br>
فِی آخِرَالسَّطرِ<br>
أَو<br>
أَدَعَ القَصِیدَةَ<br>
تَتَدَفَّق كَ<br>
النَّهرْ<br><br>
حَائِرَةٌ<br>
بینَ أنْ أنذرَ قَلبِی<br>
لَكَ<br>
حتى تَعشَقَنِی<br>
أَو<br>
أنذرَهُ للقَصِیدَةِ<br>
فأعشَقَهَا<br>
عِشقَ السُّنُونُواتِ لِ<br>
الشَّجَرْ<br><br>
حَائِرَةٌ<br>
بینَ أَن أَفرَّ مِنكَ<br>
فَتَخضَرَّ<br>
المُفرَدَاتُ <br>
أَو<br>
أَعُودَ اليكَ<br>
غیمَهً<br>
فَیوُمِضَ البَرقُ<br>
والرَّعدُ<br>
والوَعدُ<br>
والمَطَرُ المُنتَظَرْ<br><br>
04.04.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
أتحدَّاک<br><br>
وأنا أبحثُ عنِّی<br>
وجدتُکَ<br>
فاقتحمتُ کهفَ<br>
عُزلتِکَ<br>
لأُصَافِحَ الطِّفلَ<br>
المَسجونَ<br>
فی زنازینِ خَیالِکَ<br><br>
أتحدَّاک<br>
ألاَّ تعشقنی<br>
فأنا شاعرَه <br>
استثنائیَّه
تُتقِنُ صَیدَ غُزلانِ<br>
الأبجدیَّه<br>
وأنا نبوءهُ الشُّعراءِ<br>
سفیرَهُ الفُقراءِ<br>
وأنا القصیده<br>
حینَ علی <br>
جبلٍ عالٍ تَتَجَلَّی<br>
لتُشبِعَ <br>
-الی قمحِ الذهولِ-<br>
جُوعَکَ<br><br>
أتحدَّاکَ<br>
ألاَّ تَعتنِقَ حُلُمِی<br>
حینَ تَعقِدُ قَرَانَ<br>
حُروفِکَ<br>
علی حُروفی<br>
الثمِله<br>
مِن صَدِّکَ<br><br>
أتحدَّاکَ<br>
ألاَّ تستکینَ<br>
حِینَ<br>
أَحرثُ بحورَ<br>
الشِّعرِ<br>
وأَصیرُ<br>
فی لیلهِ القمرِ<br>
المَحمُومِ<br>
رَقصَتَکَ الأُولی<br>
والأخِیرَه<br>
وحبیبتَکَ الأثیره
التی تعلمُ<br>
کیف تُرَاوغُ<br>
غُرُورَکَ<br><br>
أَتحدَّاکَ<br>
ألاَّ تلمسَ شفتیَّ<br>
بجمرَه<br>
مِن علی مَذبحِ<br>
الشَّوقِ<br>
حِینَ أَهمِسُ لکَ:<br>
أُحِبُّکَ<br><br>
أَتحدَّاکَ<br>
أن تفرَّ مِن<br>
تسونامِی الجُنون<br>
وهذا الحنین<br>
الذی تورَطَ بِکَ<br>
فَسَرَی<br>
فی تیَّارِ العشق<br>
مَعَکَ<br>
وَسَرَی ضِدَّکَ<br><br>
05.04.15
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
فی طریقِکَ <br>
.....الیَّ<br>
لا بُدَّ لکَ أن
تخترعَ<br>
..لـُغَهً أُخرَى<br>
تَليقُ ب:<br>
سَيِّدَةِالمُفرَدَات <br><br>
10.04.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
الحُبّ الکَبیر<br><br>
أَحَقًّا<br>
لَم تَعُد<br>
عَلَی عَرشِ العشق<br>
تَتَرَبَّع ...
<br>
حَنِینِی تَسمَع<br>
نَجمًا فِی سَمَاءِ<br>
القَصِیدَه<br>
تَلمَع !؟<br><br>
أَحَقًا<br>
مَاتَ الحُبُّ المُثِیرُ<br>
وَهُوَ عَلَی <br>
ثَدیِ الشَّوقِ<br>
یَرضَع..<br>
لِیُخَلِّفَ لِی حُرُوفًا<br>
تَدمَع..<br>
مُفرَدَاتٍ تَتَوَجَّع !؟<br><br>
أَحَقًا<br>
الی بَرقِی وَرَعدِی<br>
وَمَوجِی<br>
لَن تَرجِع..<br>
حُقُولَ اللهفَهِ<br>
قَمحًا لَن تَزرَعَ<br>
لِعُهُودِ الوَلَهِ<br>
ثَانِیَهً<br>
لَن تَرکَع !؟<br><br>
أَحَقًّا<br>
هذا الحُبُّ الکَبیرُ<br>
تَصَدَّعَ..<br>
إرَبًا إرَبًا تَقَطَّعَ<br>
کُلُّ الدُمُوعِ<br>
بِهِ لَن<br>
تَشفَعَ!؟<br><br>
11.04.2015
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
شاعرةٌ<br>
تحتَ الآلامِ<br>
أنا<br>
أُكثِرُ التأمُلَ<br>
فتُمطِرَ المُفرَدَاتُ<br>
وتُعطِي القصيدةُ<br>
قمحَهَا<br><br>
11.04.15
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
كالتِقَاءِ<br>
فَرَاشَةٍ بِوَردَة<br>
التَقَيْنَا<br>
لِتَخضَّرَ الحُروفُ<br>
وَتَكتَمِلَ القَصِيدَة<br><br>
03.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
تُرَاكَ َأَتيتَ<br>
لحظةَ تَكَحَّلَتْ عَيناي <br>
برؤياكَ<br>
أَم أَنَّكَ<br>
كُنتَ هُناكَ<br>
قبلَ ولادَةِ<br>
الحُلُم ..؟<br><br>
03.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
کُلُّ العَابِرَاتِ<br>
قَلبکَ<br>
کُنَّ کَالسَمَکَاتِ<br>
التی تُزَیِّنُ البِحَارَ<br>
ألاَّ أَنَا<br>
لأَنِّی اللُؤلُؤَهُ<br>
التی أَنجَبَتهَا<br>
المَحَارَه<br><br>
03.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
حَيَاةٌ وَاحِدَة<br>
لا تَكفِينِي<br>
لأُحِبَّكِ كَمَا يَليقُ<br>
بِـ جُنُونِي<br><br>
03.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
أَنتَ الرَّجُلُ<br>
الذي سَيَتَشَكَّلُ في<br>
رَحمِ القصيدَة<br>
وَأَنا الأُنثَى<br>
التي الي صَدرِكَ<br>
سَتَعثودُ<br><br>
08.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
حبيبي لِي<br>
وإليهِ اشتياقِي<br>
أَتَى ليَبقَـــــــــــي<br>
جَمرَةً<br>
فَيبدأَ بِنَا زَمَنُ<br>
الإحتِرَاقِ<br><br>
08.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
أنا في مُخَيـَّمٍ<br>
... هُنا<br>
وأنتَ في المَنفى<br>
.. هُناك<br>
....لا يربطنا <br>
إلاّ حَبلٌ سِرِّيٌّ<br>
مِنَ العِشقِ<br>
وذاكِرَةَ<br>
... هَلاَك ...<br><br>
10.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
عندما<br>
ينامُ القُبطانُ<br>
يَسهَرُ القَمَر<br>
لِيُعَاكِسَنِي
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
کانَ حُبُّنَا<br>
فَرَاشَهً<br>
علی الحَصَی<br>
حَطَّت<br>
لا علی الوَردِ<br><br>
11.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
حينَ بيديكَ<br>
أجنـَّة َ الشّوقِ<br>
قتلتَ<br>
ما صلبْتَ الحنينَ<br>
على خشبة ِ الذاكرة<br>
المتخمة بِكَ<br>
ما هزمتَ جيوشَ الكرَى<br>
إنـَّما:<br>
... شُبِّهَ لكَ ...<br><br>
11.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
أَرتَشِفُ خَلَّ غِيابِكَ<br>
وبالصَّبرِ أَتَجَمَّل<br>
مَا عَادَ قلبي<br>
ثلجَ الصَّدِ يَتَحَمَّل<br><br>
11.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
حينَ يَأخُذُنِي<br>
الحَنِينُ<br>
الى الطُّيورِ<br>
أَحُطُّ على كَفِّ<br>
حبيبي<br><br>
13.05.15
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
"أنتَ کَالحُلُم"<br>
آهٍ...<br>
کَم أَشتَهِی<br>
أَن تَسقِطَ<br>
عَن هذی<br>
الرُؤیا<br>
کافُ التشبیهِ<br><br>
13.05.15
<br><br>
<br>
من وحی روایه:<br>
فی کانون یموتُ الحبّ حیّا للروائی<br>
أحمد الحرباوي
<br><br>
فی کانون یموتُ الحُبُّ حَیًّا<br>
فتنتفضَ مِن کَفنِها الذکریات<br><br>
لتُشَیِّعَ الحُلُمَ الی مَثواهُ<br>
الأخیرِ علی قارعَهِ الأُمنِیَات<br><br>
فی کانون لا قانونَ یمنعُ<br>
أن یجلِدَنِی شَجَنُ النایَات<br><br>
أو یزورَنی الحنینُ فیَجِدَنِی<br>
مُضَرَّجًا بالآهاتِ والخَیَبَات<br><br>
فی کانون تصطَّفُ المُفرَدَاتُ<br>
کَالجُنُودِ فی طابورِ الحِکَایات<br><br>
لتُرَتِّلَ الأَلَمَ صَمتًا وتختنِقَ<br>
کما الثکالی بالعَبَرَات<br><br>
فی کانون اخترتُ أن أَکُونَ<br>
لصباحِکِ التَّغریدَ والأُغنیات<br><br>
لکنَّکِ اخترتِ نَفیَ قلبی عن<br><br>
جزیرهِ حُبّکِ حتَّی الممات<br><br>
23.05.2015
<br><br><br>
أنتَ اخضِرَارُ حُلُمِي<br><br>
ويكونُ<br>
في يومِ القيامَةِ<br>
أنّي أقومُ...<br>
في دربِ الآلامِ العسيرِ<br>
إليكَ أسيرُ..<br>
أصيرُ أغنيةً وأمنيةً<br>
...........أطيرُ<br>
أمشي على البحرِ<br>
فتمشِي<br>
على خُطايَ الأيائِلُ...<br>
أصعدُ سُلَّمَ الأحلامِ,<br>
فتصعدُ في رُؤايَ<br>
السنابلُ والجداولُ<br>
وتتبَعُنا البلابلُ<br>
والقوافلْ...<br>
أجتازُ الحدودَ والسدودَ<br>
وعيونَ الجُنودِ<br>
وهُم يَصطادونَ ويُصَادِرُونَ<br>
هُويَّــاتِ العَنــَادِلْ ...<br>
أجتازُ البنادِقَ والمَشانِقَ<br>
فتُبـَرْعِمُ في لغتي <br>
وذَاكِرَتِي<br>
..............الزنابِقْ<br><br>
آتيكَ بأثقالِي<br>
وأحْمـَالي<br>
بتَعَبِ أيّامِي
وأحْلامِي...<br>
مِنَ الجليلِ آتيكَ<br>
بوجعِ عشقيَ المُزمِنْ<br>
فأنتَ لي....<br>
أنتَ اخضِرَارُ حُلُمِي<br><br>
مِنَ الكَرمِلِ آتيكَ ،<br>
لأتجلَى لكَ<br>
حوريةً<br>
ووردةً جوريَّةً<br>
لأسري في نبضِكَ<br>
كُرَةً عِشْقِيـَّةً<br>
ولا يرى أحدْ<br>
..........ولا يسمع أحدْ<br>
..........ولا تطالني لعنةٌ<br>
من فمِ أحدْ<br>
أو تُردينِي قتيلةً<br>
......طلقةٌ<br>
مِنْ بُنْدُقِيَّةِ أحَدْ<br><br>
2014
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
أنتَ وطني والحبّ جيشُ هذا الوطن
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
ومضات نسويّة<br><br>
-1-<br>
زَهرَةُ عَبَّادِ الشَّمسِ..أَنـــَا<br>
أَرْفَعُ رَأْسِي .. وَأَحْــيــــَا<br>
فـَبــَقَائِي ...في كِبْــرِيـــَائِي<br><br><br>
-2-<br>
أنـــَا ... لا أعارضُ كوني ... أنثـــى<br>
إنــَّما .... أعترضُ على ....<br>
مَوْقـِــفِـــكـُـمْ مِـنــِّي<br>
لِكوْنــِي أنثــــَى ...!<br><br><br>
-3-<br>
أنـــَا لا أكتبُ<br>
كي أُقـَاتـِلَ نــَـيـــْـرُون.<br>
أنـــَا أكتبُ كي ... أكون.<br><br><br>
-4-<br>
عِدْنِي ألاَّ تَرَانِي<br>
قَلَمَ رَصاصٍ<br>
تَسْعَى<br>
لِتُعْمِلَ فيهِ<br>
المِبْرَاةَ!<br><br><br>
-5-<br>
أَكونُ لكَ سُنُونُوَّة حِينَ لا تَكُونُ لِيَ... القَفَص.<br><br><br>
-6-<br>
اكتشفتُ<br>
أنّ بحرَ مشاعركَ<br>
مُعْرَب<br>
فتمنيتُ <br>
لو لم تكنْ<br>
علامة بنائي أنا<br>
-السّكون-<br><br><br>
-7-<br>
التجـأتُ لكفـِّكَ<br>
عـَدوًا خلفَ<br>
قمح ِ حـَنـَان<br> ٍ
فاكتشفتُ أنّها<br>
أيضـًا<br>
على الصَّـفع ِ<br>
قادرة<br><br><br>
-8-<br>
وَكَانَ أَنْ وَعَدَهَا<br>
بِحُقُولٍ مِنْ قَمْحٍ<br>
وَبِفَيْرُوزٍ مِنْ بَحْرٍ<br>
وَلَمْ تَسْتَقْبِلْ إِلاَّ<br>
أَمْوَاجًا مِنْ قَهْر<br><br><br>
-9-<br>
كَم مَرَّة ...كَم مَرَّة ... كنتُ لكَ الوَطَنَ ... وكُنتَ ....المَنفَى !
<br><br><br>
-10-<br>
لستُ فراشَة..لستَ قِنديلي.. أنا يا رفيق ...زيتُ الفَتيلِ
<br><br><br>
-11-<br>
قَرَنْفُلَةً مَزْهُوَّةً بــِشَمْسِهَا <br>
كَانـــَتْ <br>
قَطَفَهَا<br>
وَعَلى رَفٍّ مـــَا<br>
في مَنْزلٍ نــــَاءٍ<br>
خَلَّفَهـــــَا<br>
مِنْ غَيْر مـــَا<br>
مـــَاء <br>
وَإلَى الآنْ هِيَ<br>
... أنــــــَا ....<br><br><br>
-12-<br>
لستُ طِروادة ً<br>
بالبارودِ تُحَاصِرُ أَسوارَها<br>
وتُبَاغِتُهَا بالعَسْكَر<br>
لي قلبُ عُصفُورَة<br>
لو رَقَّ ..<br>
تذوبُ مِن عُذُوبتِهِ الصُخُورُ<br>
بَل تَسْكَر<br><br><br>
-13-<br>
أنا كُلُّ الإناثَ<br>
فلا...<br>
تبحث عن أجزاءٍ مِنِّي<br>
في غَيري<br><br><br>
-14<br>
يُحاصرُني الحُزنُ <br>
فأحَاصِرُه ُ حتـّى آخَرَ رَمَــق<br> <br>
حقــًا: البقاءُ دومًا للأقوى<br><br><br>
-15-<br>
صليب الصّمت<br><br>
علّقوني على صَليبٍ<br>
مُذْ وُلِدْتُ<br>
وقالوا: أنثـــــَى !<br><br>
ثــَبــَّـــتـــــُوا يَدَيّ بالمسَامِيرِ<br>
على خَشـَبــَـةِ الزَّمـَـنْ<br>
ثــَبــَّـــتـــــُوا رِجـْـلَيَّ بالمسَامِيرِ<br>
على خَشـَبــَـةِ الغَبَنِ<br>
وقـَالـُوا: <br>
"أنثـــــَى .. أنثـــــَى !"<br><br>
غسلوا أفكاري <br>
رويدًا رويدًا<br><br>
زرعـُوا حقولَ إرادتي<br>
شجرة<br>
تظلُّ تتآكلُ تتآكلُ<br>
شَيئـــــًا فَشَيْئـــــًا<br><br>
عـَلّمُونـــِي<br>
كلَّ أبجديّةِ الحَزَنِ<br>
ألبسُونـــِي<br>
كلَّ أقنعةِ الصَّـمــْــتِ<br>
وقــَـالـُوا:<br><br>
آهٍ أنثـــــَـى ..<br>
مُـجــَــرَّد أنثــــــــــَى! "!!!"<br><br>
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
من مراثي درويش
<br><br>
(1)<br>
- ليسَ الشَّاعرُ ههُنـَا -<br><br>
" ليسَ الشَّاعرُ ههُنـَا،<br>
فقد قامَ كما وَعَدَ ".<br>
أتى صوتٌ كالرَّعْدِ<br>
صَبَاحَ الأحَدْ.<br>
" لا أَحَدَ ههُنـَا،<br>
لا جَسَدَ.<br>
سِوَى الوَرْدِ <br>
الجُوريِّ،وباقاتِ الفُلِّ ، <br>
فوقَ اللَّحْدِ،<br>
مَا مِنْ شئ ٍ أو أحَدْ.<br><br>
اذهبُوا سَريعًا، قولوُا لهُم:<br>
ها دَرويشُ إلى الجليل ِ
<br>
يسبـِقـُكـُمْ..<br>
هناكَ هُوَ -<br><br>
كالنَّعناع ِ والحَبَق ِ <br>
والرِّيحانْ<br>
والزَّعْـتـَر البَريِّ<br>
والمِيرَيميّة والزَّيتون<br>
والسِّنديان ِ الشَّامِخ ِ<br>
وعصا الرَّاعي<br>
وشقائق ِ النّعمَانْ<br>
وأحمد العربيّ<br>
وأمُ سَعْدْ<br>
وتراب البَلـَدْ-<br>
باق ٍهُوَ في قلوبـِكُمْ<br>
إلى الأبَدْ.<br><br>
يا شعبَ غزَّةَ<br>
وأريحا، نابلس<br>
وبيتَ لـَحْمْ<br>
جِنينَ، رَامَ الله،<br>
القدس وطـُولـْكـَرْمْ،<br>
ها أنا قد قلتُ لـَكُمْ<br>،
فقولوا لـَهُم:<br>
لنـَا السّلوانُ <br>
في محمود،<br>
ولكـُمْ.. يا فـُرسَانُ
الشـَّتـَاتِ المُجـَلـَّدَة<br>
صُبــَّارَ الجَلـْدْ ".<br>
(2)
<br>
- فــَارسٌ بـِلا جـَوَاد -<br><br>
آهٍ محمود..<br>
أنا ريتــا،<br>
ومـَنْ لا يعرفُ
ريتـــــَـاكَ ..!<br><br>
أنــَا ريتـــا<br>
الــ .. دوَّختِ
العُظماءَ والنـُبلاءَ<br>
أمريكـــَا ولوركـــَا<br>
أنــَا الكلمةُ<br>
الماضِية ُفي عُرْس ِالخـَيــَالْ<br>
المـُعَمــَّدَة ُ<br>
بمليون ِسؤال ٍوسُؤالْ<br>
الغجريّة<br>
المـُتسَرْبلـَة بالخلاخيل<br>
والغـَزَل ِوالدلالْ<br>
السُّنونـُوَّة ُ<br>
العاشِقة ُ للأفق<br> ِ
المـُحــَال<br><br>
أنــَا<br>
بينَ الإنــَاثِ <br>
أنثــَى الغـَزالْ<br>
أنــَا<br>
على فم المساكين ِ
<br>
...... بالرُّوح ِ<br>
مـَوَّالْ<br>
أنــَا أحلامُ العابرين<br>
مِنَ الأهْوَالِ<br>
الى مُدُنِ الجَمَال<br><br>
أنا الحـَقُّ<br>
إذا مــَا الميزانُ<br>
مـَالْ.<br>
لـِي ظِلالٌ ،<br>
بَيدَ أنّها موجوعة ٌ <br>
على خريـطة الصـُقـُور<br>
هذي الظـِلال<br><br>
أنا<br>
في كـُتــُب ِالأنبيــَاءِ<br>
والشعراءِ <br>
عرُوسُ النـِّضـَالْ<br>
سَواعِدُ الأبطال
<br><br>
أنــَا<br>
الحـُلمُ الأَكـْبـَرُ <br>
المُـلْـقـَى<br>
على كـَفـَّةِ المَوازيـْنْ<br>
وأنــَا<br>
الأخضرُ المُمْـتـَدُّ<br>
عـَبْـرَ قـَحْطِ المَعَايـيـِرْ<br>
عَبْرَ السِّنـِين ِ<br>
ووخز ِالأَنينْ<br>
وأنــَا صَرْخـَة ُ آخِر ِاللـَّيـْل ِ:<br>
"الجَرْحُ <br>
مـُهـِيـِنْ... مـُهـِيـِنْ،<br>
بيدَ أنَّ الفـَجـْرَ <br>
مـُبـِيـنٌ... مـُبـِيـنْ "<br><br>
آهٍ محمود..<br>
أفلا يعْشَق ُبـُرتقالي وزعتـَري البـَرِّيِّ<br>
والنعنـَاعَ والصُّبـَّارَ <br>
والجـُلـَّـــنـَارَ<br>
والأشجارَ<br>
والبـِحـَارْ<br>
درويشٌ كـَ أنـــَتَ..!<br><br>
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
عندما<br>
ينامُ القُبطانُ<br>
يَسهَرُ القَمَر<br>
لِيُعَاكِسَنِي
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
قَطرة حُبّ<br><br>
قطرَتا هيدروجين<br>
أَنا<br>
فَأَينَ قطرةُ الأُكسجين<br>
ال كانت<br>
مِنْ أَحلِ أَن<br>
أَكُون
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
أكتبُ الحُبَّ<br>
قصائدًا..<br>
قصائدًا..<br>
تصيرُ زوارقــًا<br>
تبحرُ..<br>
وتبحرُ..<br>
إلى أن ترسو<br>
في ميناءِ<br>
.. الحنين..<br><br>
04.11.2010
<br><br><br>
------------
<br><br>
<br>
إحذرْ،<br>
فالطريقُ إلى قلبي<br>
باتجاهٍ واحِدٍ..!<br><br>
04.11.2010
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
داخلَ شرنقةِالحُبِّ<br>
أتخـَبـــَّـ ــ ــط ُ..<br>
إلى أن ينبُتَ لي جناحان<br>
فأنطلقُ..<br>
صَوْبَ فردوس<br> ِ
.. الحكاية ..<br><br>
04.11.2010
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
كلّ الدبابيس<br>
التي شهرتها في وجههِ<br>
كي يكفَّ<br>
عن ِ الاقتراب<br> ِ
من نسيج ِ الحُلم<br> ِ،
انتظمَتْ...<br>
وفوقَ مغناطيس ِ الحُبِّ<br>
استكانتْ<br><br>
04.11.2010
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
<br><br><br>
------------
<br><br><br>
<br><br><br>
------------
<br><br><br><br><br><br><br><br>
<br>
رسائل لیست للنسیان<br>
<br>
-1-<br>
دیوانک:" سأُحاولکِ مرّه أخری" أَرهَقَنی جمالاً.<br><br>
الشاعر رفعت زیتون، القدس<br>
02.04.15
<br><br><br>
-2-<br>
ريتا عودة <br>
الشاعرة المتألقة والرائعة، التقائي بك كان حدثاً أدبياً رائعاً، وأتمنى أن تستمر صداقتنا للأبد
<br><br>
د. سناء عطاری، القدس<br>
03.04.15
<br><br><br>
-3-<br>
السلام عليك<br>
يسعد صباحك ياااااارب...سررت جدا بك...
<br>
و قرأت كتاب أنا جنونك...و ساحاولك مرة اخرى....شئ رائع جدا يفوق الوصف و التخيل....ما شالله عليك..ربي يسعدك و ينور دربك و يشرح صدرك....و يوفقك ياااااارب....<br>
قدما والى الامام<br><br>
سماح نبریصی<br>
07.04.15
<br><br><br>
-4-<br>
ریتا أنا منبهر بحرفکِ.<br>
رقَّه صیاغتکِ تُدهِشُ المُتَلَقِّی.<br>
لحرفکِ مَذاقٌ خاص وعُمق متمیز.<br>
مبدعه<br>.
مُختلفه أنتِ...<br>
الطفوله قابعه داخل حروفکِ..<br>
تعشقینَ الحروفَ وهیَ تعشَقُکِ.<br>
مَن یقرأ لکِ یَرَی أنَّکِ<br>
صَاحِبَه فِکر عمیق<br>
لامرَأه تجاوزَت الثمانین <br>
مِنَ خِبرَهِ الکِتابه...<br>
فی الوقت الذی <br>
یرَی فیهِ المُتَذَوِّق<br>
بَراءَه حَرفِکِ ونقائِهِ <br>
گ طفله <br>
لم تتجاوز العاشِرَه.<br>
ولعلَّ هذا هو سبب انبهاری بک ریتا.<br>
ریتا الصدیقه<br>
التی أعتزُّ بها وأفتخر.<br>
ریتا الانسانه<br>
التی یکسو ملامحها حزنٌ عمیق<br>
و
ریتا الشاعره<br>
التی تُبهِرُنی حروفُها حَدَّ الجُنون.<br><br>
***
<br><br>
مُتَیَمٌ أنا<br>
ریتا<br>
بِ <br>
حَرفِکِ
<br>
.... المُختلف ...<br><br>
23.02.2015<br>
الروائي محمود قنديل-مصر
<br><br><br>
-5-<br>
غسلتُ الرُّوح هذا الصَّباح بقصائد ريتا عودة <br>
في ديوانها الجميل(سأُحلولكِ مرَّةً أُخرى). شعر <br>
جميل مُضيئ الحرف. شكرًا للإبداع الجميل<br><br>
الأديب السيد حافظ<br>
07.05.15
<br><br><br>
-6-<br>
أبحري وأتحفينا بكلامك الجميل<br>
دمت ذخرا وفخرا للشعر والقصيده<br><br>
يا أميرة الشعر كل المفردات تضيع بين مد وجزر بحرك وكل المفردات تتقزم امام عملاقة الكلمات وحورية البحور واميرة القافية<br><br>
تتزودي من العام انفاسا لتضخي بالعام اعوما من العطاء والأخلاص وتنثري الحب بذورا لتحصدة بيادرا يعم خيره الفضاء الرحب تمنياتي بالمزيد من الأعوام سنابلها تطرح اضعافا مضاعفة من بوح الحروف************مزيدا من الأعوام مزيدا من الصحة ومزيدا من العطاء<br><br>
10.05.15<br>
Dalia Zireeni
<br><br><br>
-7-<br>
يا أميرتي بحثت في قوائم الاميرات فلم اجد غيرك اميرة للقوافي وسيدة المفردات وملكة بحور الشعر *فها هو تاج الشعر نزين به جبهتك.<br><br>
10.05.15<br>
Randa Sharaf
<br><br><br>
-8-<br>
كلماتك الخصبة. تملأ الحقول قمحاً وغلالاً ويفيض بها البحرُ لؤلؤاً ومرجاناً .. عشقك للعطاء ، يا ريتا ، هو عشقٌ لا متناهيٍ ويصل بك الى حدود المطلق اللا مرئي واللا محسوس ، وهذه الفنطازيا تجسديها في قصيدتك لترتوي بها.. وتروينا .<br><br>
10.05.15<br>
Yousef Hanna<br><br>
أهنئك يا ريتا على هذا الفوز واسمح لأنفسنا أن نتلقى التهاني معك، تهاني نيلك لهذه الجائزة ، فأن تحظى شاعرة فلسطينية اصيلة مثلك بهذا الفوز يعني الكثير الذي يتجاوز أنا الفرد ليعبِّر عن نحن المجتمع
لأنك تقفين اليوم رمزاً من رموزِ إبداعات هذا الشعب ، ودليلا معاصراً على عذوبة نهر عطائه.<br><br>
16.04.2015<br><br>
(عن قصه : سندریلا)<br>
لوحة نثريّة مطعّمَة بكل مقومات الشعر بصورها وإيقاعها وموسيقاها .. وفيها من الرواية سرد جذاب يتملك القاريء ويستحوذ بأحاسيسه .<br>
قمة الإبداع يا ريتا !<br><br>
(عن : من کل بحر موجه)<br>
في كل كلمة وفي كل ومضة تضاهي قصائدَ طِوال، تجعلينا، كقراء ، نسير في درب الآلام ذاته معك وإياك ، قرباناً من أجل الإنعتاق .<br>
لا فضَّ فوكِ ، ايتها المبدعة،ولا نَضُبَ يراعُك .<br><br>
09.04.15<br>
الطبیب والمبدع د. یوسف حنا/الناصره
<br><br><br>
-9-<br>
كتاباتك رائعة فوق الوصف.<br>
استعمالك للصور التشبيهية تثير اعجابي حقًا.<br>
هي قمّة الابداع<br><br>
ايمان عدوان
11.05.2015
<br><br><br>
-10-<br>
أنتِ قصيدة تُورقُ في الليل<br>
وتُزهِرُ في النَّهار<br><br>
روضة معروف<br>
12.05.2015
<br><br><br>
-11-<br>
ريتا الرائعة <br>
باقات محبة أبدية العطر لك<br> شاعرة و مفكرة و فلسطينية من الطراز الكنعاني الأعرق<br>
لقلبك كل الورد و الود <br><br>
وفاء ابریوش<br>
18.05.15
<br><br><br>
-12-<br>
ريتا الجميلة .. أتعلمين أنك الكاتبة الوحيدة التي وصلت للعالمية وتمتلكين قدرة عظيمة على منح الآخرين حب لا يمكن أن ينكره أحدا لك ..<br>
وتعلمين أيضا انك الكاتبة والشاعرة التي تفوقت على غيرها بالكثير وفي والتواضع بالتحديد لتمر على نصوصنا وكلماتنا ونحن لا نعد الا نقطة في بحر ابداعك ...<br>
تأكدي اننا لم نتعرف على أحد يهبنا هذا الاهتمام سواك انت ..<br>
سنحبك بكل اللغات الى ابد الخلود صديقتی<br><br>
فاطمة حوامدة <br>
21.05.15
<br><br><br>
-13-<br>
تحية لحرفك الحساس الشاعر<br><br>
سامیه قزموز بکری<br>
22.05.15
<br><br><br>
-14-<br>
يأخذني قلمك لما وراء السحاب. أمتطي صهوة حرفك المزركش بخيلاء الفلسفة وعمق المشهد. أنسى كل تفاصيل يومي وأنا غارقة ببحر ابداعك. أسلم روحي الهائمة في فضاء احتراق الحرف شوقاً ، وأهوي مضرجة بفكري ، لا رغبة لدي في مغادرة سردك المتناهي عذوبة آسرة. أتمنى أن تطول القصة أكثر فلا زال هنالک متسع من الوقت لأقرأك أكثر .<br>
من قراءة في قصة بعنوان "في انتظاره" ل لأدیبه ريتا عودة ومجموعتها "أنا جنونک".<br><br>
كلما قرأت قلمك أحسست بمعاني جديدة للحياة.<br><br>
10.04.15<br><br>
اشعر وكانني أقرأ ريتا من جديد في كل مرة<br><br>
Khawlah Salem<br>
23.05.15
<br><br><br>
-15-<br>
من لديه صدق انتمائك هو في سِجِلّ الخالدين حتماً.<br>
ما أجمل عنب الخليل عندما يصافح كنائس الناصرة ليثمر الوطن أدباً كثريَّات العنب حلو المذاق.<br><br>
16.04.2015<br><br>
وان ذبلت فيك زهرة فأنت روضة معطاءة ولودة بالحب ودودة بالروح.<br><br>
الروائي أحمد الحرباوي/الخليل
<br>
23.05.15
<br><br><br>
-16-<br>
كم هو جميل ابحارك الغجري في تليين المفردات<br><br>
زعل ابو رقطی<br>
23.05.15
<br><br><br>
-17-<br>
لك وللبحر دهشة وعنفوان وصخب داهش شاعرتنا<br><br>
ناصية الجنوبى محمود مغربى<br>
24.05.15
<br><br><br>
-18-<br>
You are truly a gifted artist. <br><br>
Karen
<br><br><br>
-19-<br>
حقیقه، ولا أجامل، أنتِ کزیتون فلسطین.<br>
وانت بشموخك كجبلي جرزيم وعيبال<br><br>
عثمان ابو العز<br>
17.04.2015
<br><br><br>
-20-<br>
الاشياء الجيدة تأتي لمن ينتظرونها ، أما الذين يسعون اليها فيحصلون دائما على الافضل والاعظم.
<br><br>
محمد نویر<br>
16.04.2015
<br><br><br>
-21-<br>
انت ظاهرة فريدة ومتميزة <br>
ربنا يسعدك<br><br>
Shiraz Shah<br>
17.04.2015
<br><br><br>
-22-
<br>
نبارك لأنفسنا ان لدينا صوت عالمي ومبدعة من بيننا. صوت هزَّ العالم. صوت أنثوي راقي ُنباهي به وجه الدنيا في كل الفصول. ريتا يا ألق العصر، يا صوت يخترق الأصول والفروع ويجتاز كل الصعاب دون وهن أو رجوع، بوركت وبوركت أنفاسك النزيهة العطرة كيفما كانت نثرا شعرا أو ابتسامه . يا فراشة الربيع والسلام ، حماك ربي وَبَاركْ لك.<br>
<br>
روضة معروف<br>
16.04.2015
<br><br><br>
-23-<br>
عزيزتي ريتا<br>
قراءتي لنبض روحك يملؤ قلبي بتوليفة سحرية..فك شيفرتها يبعثرني بفرح المستكشفة لأحجية حتى في نوع الخط الذي اخترتيه أحيانا للتعبير عن بوحك الشعري.<br><br>
Hanan Abu Dalu<br>
12.04.15
<br><br><br>
-24-<br>
الجميلة ريتا صاحبة الجمال بتفاصيله/باسمها وحضورها وقلمها<br>
اسمحي لي أن أعبر عن إعجابي بكِ وبما تخطين رغم قصر المدة الزمنية التي تابعت قلمك فيها.<br><br>
دعاء عليان<br>
الندوة التقافية..الخليل<br>
10.04.15
<br><br><br>
-25-<br>
قرأت لك من خلال أصدقاء مشتركين لنا ..<br>
قرأت لصوت المرأة بكل حالاتها فأحببت صدق الإحساس وجمال بوحك الشعري <br>
دمت بكل الابداع<br><br>
Hanan Abu Dalu
<br><br><br>
-26-
<br><br><br>
-27-<br>
<br><br><br>
-28-<br>
<br><br><br>
-29-<br>
<br><br><br>
-30-<br>
</font></center>
Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-38264656749310719412015-05-01T21:52:00.001-07:002015-05-01T22:11:09.094-07:00تحليل قصيدة"كن رفيقي" بقلم الناقد عبد المجيد جابر
<center><font size="4" color="pink">
<br><br>
<br>
تحليل قصيدة “كن رفيقي” للشاعرة ريتا عودة <br>
بقلم الناقد: عبد المجيد جابر <br><br><br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي<br>
مُعَذَّبةٌ<br>
فِي الرّيح ِ سُفُنِي ،<br>
مُتعَبَة …
<br>
مِنْ أَشبَاهِ رِجَالٍ<br>
واسطِوَانَاتِ غَرَام
<br>
*
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي،<br>
مُوْحِشٌ جِدًّا طَريِقِي
<br>
*
كُنْ مَنَارَةً ،<br>
تـَقـُودُنِي<br>
مِنْ وَجهِ الضِّيقِ<br>
إلى بَرِّ سَلام
<br>
*
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي،<br>
في بَحْري ألفُ غَريقٍ<br>
وَغَريق ِ…<br>
*
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي،<br>
آهٍ كَم أشتَهِي<br>
يا صديقي<br>
رَجُلاً يُشبِهُنِـي..<br>
لا يُشَوِّهُنِـي !<br>
يُدَلِلُّني …<br>
عَلَيـــَّا يَدُلُنـي …
<br>
يَـغْــمـُــرُنِــِي ..<br>
بوَابِلٍ مِن أنـْـــقـَـــــــــى <br>
الكَلام …
<br>
يَعبُرُ بي وَادي البُكاءِ<br>
يَصْعَدُ بي إلى السَّمَاءِ<br>
حيثُ السَكِينَةُ ،<br>
حيثُ مُدُنُ الأحلام
<br>
*
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي …!
<br>
كُنْ رَفـِـيــِـقي …!
<br><br><br><br><br>
التحليل الأدبي <br>
تستهل الشاعرة نصّها قائلة: <br>
“كُنْ رَفـِـيــِـقي/ مُعَذَّبةٌ/ فِي الرّيح ِ سُفُنِي،/ مُتعَبَة …/ مِنْ أَشبَاهِ رِجَالٍ/ واسطِوَانَاتِ غَرَام”
<br><br>
العنوان<br>
عنوان القصيدة “كن رفيقي” ويتكون من فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر تقديره “أنت” وحال “رفيقي” والعنوان يختزل النص، وقد حمّلته شاعرتنا ماريتا بمقدرتها الشعرية الدلالات الناطقة والمعبِّرة عن روحها ووجدها، حيث استهلته بالأسلوب الإنشائي وهو فعل الأمر “كن” والأمر يفيد الالتماس، وتطلب الشاعرة الرفقة الطيبة وقد جاء في باب “ر ف ق” في مختار الصحاح: الرِّفْقُ ضد العنف وقد رَفَقَ به يرفق بالضم رِفْقاً ورَفَقَ به وأرْفَقَهُ وتَرَفَّقَ به كله بمعنى، وأرْفَقَهُ أيضا نفعه، والرِّفْقَةُ الجماعة ترافقهم في سفرك بضم الراء وكسرها أيضا والجمع رِفَاقٌ تقول منه: رَافَقَهُ وتَرَافَقُوا في السفر والرَّفِيقُ المُرَافِقُ، والجمع الرُّفَقَاءُ، فإذا تفرقوا ذهب اسم الرفقة ولا يذهب اسم الرفيق وهو أيضا واحد وجمع كالصديق، قال الله تعالى { وحسن أولئك رفيقا } والرَّفِيقُ أيضا ضد الأخرق.<br>
فما تريده شاعرتنا رفيقا مصاحبا لها بمَحَنيَّتِه وحنانه في هذا الجو المضطرب وهذه القسوة في محيطها السياسي القاهر والاجتماعي الممزقة عراه، ما تحتاجه رفيقا صديقا حنونا في لظى حياة مسستعرة أوارها، والرفقة أكثر تحنانا من الصداقة وأكثر ديمومة.<br>
والعنوان “نظام دلاليٌّ رامز له بنيته السطحية، ومستواه العميق مثله مثل النّص تمامًا “من حيث إنّه حمولة مكثفة من الإشارات و الشيفرات التي إن اكتشفها القاريء وجدها تطغى على النّص كله، فيكون العنوان مع صغر حجمه نّصًا موازيا(Paratexte)، ونوعا من أنواع التعالي النّصي (Transtextualité)، الذي يحدد مسار القراءة التٌي يمكن لها أن “تبدأ من الرؤية الأولى للكتاب” (1) <br>
و”يمثل العنوان العبارة المفتاحية للنص، مهما كان النوع الأدبي، سواء كان قصة أو شعراً أو رواية أو مقالة، فالعنوان هو أول ما يفاجئ القارئ، وعليه فإما أن يجذب القارئ أو يبعده، أو يبقيه على الحياد مع نص قد يكون غنياً أو عادياً، إضافة لما في العنوان من دلالات معرفية ذات أبعاد مختلفة الأطياف، تكشف عن ثقافة صاحب النص، وغوصه في المكنون الفكري الذي يستلهمه أو يعيشه أو ينتظره، من الماضي والمعاش إلى الحالة المستقبلية، لذا أولى النقاد مسألة العنوان أهمية كبرى، وكانت له مكانته في الدراسات النقدية النصية.(2)
“وإذا كان الهدف البعيد للشاعر هو تحقيق التآلف بينه وبين الحياة، فإنه إنما يعبر بذلك عن الهدف الذي تسعى الجماعة نفسها إليه، ولا يتحقق ذلك التآلف بين الجماعة والحياة إلا من خلال الموقف أو العقيدة المشتركة”(3)
ولقد كررت الشاعرة مستهل نصها “كن رفيقي” مرارا و”يستهدف التكرار الاستهلالي في المقام الأول الضغط على حالة لغوية واحدة، توكيدها عدة مرات بصيغ متشابهة ومختلفة من أجل الوصول إلى وضع شعري معين قائم على مستويين رئيسيين: إيقاعي ودلالي(4). <br>
“مُعَذَّبةٌ” :وهذه الجملة تشي بحالة الشاعرة النفسية التي تفتقد للرفقة الحميمة والصحبة الرقيقة وما تحسِّده من معان رقيقة تحتاج لها الروح ويستمد القلب منه جمال نبضاته
<br>
“فِي الرّيح ِ سُفُنِي،/ مُتعَبَة …” : <br>
وهنا تلجأ الشاعرة للرمز؛ ف”الريح” رمز للاضطراب وعدم السكينة والاستقرار، و”سفني” رمز لما تسعى إليه الشاعرة بعزيمتها وعزمها وأمانيها للوصول إليه وتحقيقه، لكن ما يحيط بها هموم ومعيقات أقوى من أن تتغلّب عليها.
وفي السطرين السابقين انزياح تركيبي، يتمثل في مخالفة التراتبية المألوفة في النظام الجملي. من خلال بعض الانزياحات المسموح بها في الإطار اللغوي كالتقديم والتأخير في بعض بنى النص، فقد قدّمت الشاعرة شبه الجملة “في الريح” وحقها التأخير على كل من المبتدأ والخبر”سفني متعبة” وحقهما التقديم.<br>
إن جمالية الانزياح تتمثل في أن تخلق اللغة الإبداعية هوامش رحبة وواسعة، على حساب اللغة المعجمية وانطلاقاً منها، ففيها يتأتى للقارئ الإقبال على العمل الفني الأدبي، وتذوقه وتفهمه واستيعابه بلهفة وشوق، ويتسم ببعض السمات المصاحبة له كالابتكار والجدة والنضارة والإثارة، ويتم به الاستمتاع الذهني والوجداني وتتولد منه الإثارة والاقتناع به فنياً وجمالياً.
<br>
وفي السطرين تناص أدبي يتقاطع مع قول الشاعر المتنبي:<br>
ما كل ما يتمناه المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن <br>
ترى جوليا كريستيفا أن “التناص” ” كل نص يتشكل من تركيبة فسيفسائية من الاستشهادات وكل نص هو امتصاص أو تحويل لنصوص أخرى “(5) <br>
“مِنْ أَشبَاهِ رِجَالٍ/ واسطِوَانَاتِ غَرَام” : وهنا تحدد الشاعرة مصدر همها وكبواتها، فالمجتمع الذكوري لا يرحم ولا يراعي أحاسيسها بل هو مدمر لكل أمانيها وأحلامها وما تصبوا إليه، وفي سطر:
“واسطِوَانَاتِ غَرَام” : كناية عن أن هذا الرجل الذي يدمر بسطوته أحلام الشاعرة لا يتمسك بالمثل الأخلاقية بل تسوقه نزواته ورغباته، فالشاعرة في خضم هذه الحياة تريد أن يقف معها الرجل ويكون رفيقا وفيا مخلصا لعواطفها الرقيقة ومقدر لمشاعرها العذبة.
<br>
وتتابع الشاعرة نصها:<br>
“كُنْ رَفـِـيــِـقي،/ مُوْحِشٌ جِدًّا طَريِقِي” : <br>
وتبدأ الشاعرة المقطع الثاني بما بدأت به في المقطع الأول: “كن رفيقي”، وتستمر الشاعرة بأسلوب الإنشاء وهو الأمر “كن” الذي يفيد التمني أو إن شئت الالتماس فالخطاب موجه لندّها الرجل، تريد الشاعرة أن يحمي كيانها رجل، تستشعر في رفقته الأمن والأمان في هذه الحياة التي تتلاطم أمواجها. وفي هذا السطر التقاء مع كلمات عمر بو عرم التي يقول فيها:
<br>
“كن صديقي…. كن رفيقي” وهذا ما يسمى بالتناص الأدبي.<br>
“مُوْحِشٌ جِدًّا طَريِقِي” : كناية عما يعترض طريق الشاعرة في حياتها من نكسات ومعيقات ومحبطات خالية من اللين والأنس مخالفة لقول الرسول محمد “ص” حيث يقول: ” رفقا بالقوارير”. فالشاعرة تريد الدفء العاطفي وسماع الكلمات التي تغزو الأحاسيس وترهف الذوق. وجاءت كلمتا: “رفيقي” و”طريقي” على نفس الوزن لتعطيا النص الإيقاع العذب.
وتستمر في قصيدتها:
<br>
“كُنْ مَنَارَةً،/ تـَقـُودُنِي/ مِنْ وَجهِ الضِّيقِ/ إلى بَرِّ سَلام” : <br>
وتتابع الشاعرة استخدامها للأسلوب الإنشائي وهو الأمر “كن” الذي يفيد الالتماس والتمني، وهذه السطور كناية في كل عن افتقاد الشاعرة لبر الأمان في هذه الحياة المضطربة. <br>
والقصيدة من الشعر الوجداني، والشعر الوجداني “يتجه إلى الآخرين ويحتضنهم ويبثهم فكراً شعرياً طازجاً لصيقاً بالتجربة الحيوية المعيشة ومتغيراتها الملموسة، فهو يمثل نوعاً من شباب الشعر ونزقه وحرقة تجربته المشتركة مع المتلقي في لون جديد من الفردية غير الانعزالية، إنها الفردية النموذجية للإنسان الذي يريد أن يكون ناضجاً وممثلاً لمجتمعه”(6). <br>
“وحين تقترن بهذه المشاعر الصادقة العميقة قدرات أدبية على البيان وتجارب مختلفة في ميادين التعبير الأدبي عن الأفكار وعن الأحاسيس والمشاعر النفسية أو الوجدانية، فإن القدرة على التعبير عن هذه المشاعر تكون أكمل وأرقى وأوفى، ثم يكون الكلام أكثر نفاذاً إلى أعماق سامعيه أو قارئيه وأكثر تحريكاً لمشاعرهم.
وتشدو الشاعرة في المقطع الرابع:
<br>
“كُنْ رَفـِـيــِـقي،/ في بَحْري ألفُ غَريقٍ/ وَغَريق ِ…” <br>
وتكرر الشاعرة مطلع نصها “كن رفيقي” لأهمية التكرار، فهو يحمل بنية النص ويفيد التأكيد ويمدّه إيقاعا عذبا، والسطران الأخيران كناية عن الضياع والفقد الذي يلفّ حياة الشاعرة، حيث تلجأ للرمز، و”الرمز هو ما يتيح لنا أن نتأمل شيئاً آخر وراء النص. فالرمز هو، قبل كل شيء، معنى خفي وإيحاء. إنه اللغة التي تبدأ حين تنهي لغة القصيدة أو هو القصيدة التي تكون في وعيك بعد قراءة القصيدة”(7) <br>
وفي الرمز”يمكن أن ننقل الأشياء من دالها الطبيعي إلى مدىً أوسع حيث يمكننا أن نسوق لها مدلولات غير التي تظهر بها، فيكون الدَّال الظَّاهر إطاراً خارجياً لمضمون يستوحى منه، وقد يكون هذا النَّقل موافقاً ومطابقاً لما قصد إليه الأديب، وربما يكون خلافه، ويستنبط المعنى من مجموع الدَّلالات التي تلحق به ويكون الاستنتاج هو الرَّابط بين الدَّال والمدلول، وهذا ما أتفق على تسميته “الرمزية ” وهي ” طريقة في الأداء الفني تعتمد على الإيحاء بالأفكار والمشاعر وإثارتها بدلاً من تقريرها أو تسميتها أو وصفها ” (8)<br>
وتغزو لبّ المتلقي هنا الصورة الشعرية العذبة، فـ” ليست الصورة الشعرية حلى زائفة، بل إنها جوهر فن الشعر”(9). <br>
“والرمز ذو تقنية مزدوجة، من حيـث التلمـيح واﻻسـتمرارية، واﻹيحـاء والديمومة، فعبر اﻹيحاء يخلق الرمز كوناً شعرياً يتميز بفعالية صـوره،” وذلـك مـا نسميه اليوم بالنص المفتوح أو التعددية الدﻻلية أو اﻹشارة
الحرة (10).
<br>
ونلحظ أن لغة الشاعرة موحية ولقد “تغيرت اللغة الشعرية وصارت لغة إيحائية تـستغل القـدرات الكافيـة فـي اﻷصوات والكلمات والتراكيب، وتتجه إلى إيجاد معنىغير مـألوف “فاﻻسـتعارة ﻻ تعدو أن تكون إسقاطاً لدﻻلة الصورة اﻷولى مع بعثها لدﻻلة جديدة”(11).
<br>
وتستمر الشاعرة في شدوها:<br>
“كُنْ رَفـِـيــِـقي،/ آهٍ كَم أشتَهِي/ يا صديقي/ رَجُلاً يُشبِهُنِـــــي.. / لااااااااااااااااااااااا يُشَوِّهُــنِـــــي! يُدَلِلُّنِـــــــــــــــــــــــي …/ عَلَيـــَّا يَدُلُنــــِـــــــــــــــي … يَـغْــمـُــرُنِــــــــــــِي .. / بوَابِلٍ مِن أنـْـــقـَـــــــــى/ الكَلام .. /. يَعبُرُ بي وَادي البُكاءِ/<br>
يَصْعَدُ بي إلى السَّمَاءِ/ حيثُ السَكِينَةُ،/ حيثُ مُدُنُ الأحلام”
<br>
وتكرر الشاعرة في بداية أغلب مقاطع القصيدة “كُنْ رَفـِـيــِـقي” كما كررت الفعل المضارع “يدللني”وربما بلغت ظاهرة التكرار في القصيدة العربية أقصى تأثير وحضور لها في القصيدة الحديثة، إذ أسهمت كثيراً “في تثبيت إيقاعها الداخلي وتسويغ الاتكاء عليه مرتكزاً صوتياً يشعر الأذن بالانسجام والتوافق والقبول.<br>
“كما أن هذا الانسجام قد تجاوز هذا البعد الإيقاعي في التأثير، متدخلاً حتى في تشكيل البنية الدلالية للقصيدة من خلال النظم المختلفة والمتباينة التي يمكن أن يأتي عليها التكرار، فهو يجيء على مستويات عديدة لا يمكن حصرها حصراً كاملاً نتيجة لارتباطه بقدرات الشعراء المستمرة على الابتكار والتجديد والتجريب بما يناسب طبيعة التجربة الشعرية ووحدتها.
<br>
من هنا يمكن القول إن البنية التكرارية في القصيدة الحديثة أصبحت تشكل نظاماً خاصاً داخل كيان القصيدة، يقوم هذا النظام على أسس نابعة من صميم التجربة ومستوى عمقها وثرائها، وقدرتها على اختيار الشكل المناسب الذي يوفر لبنية التكرار أكبر فرصة ممكنة لتحقيق التأثير، من خلال فعاليته التي تتجاوز حدود الإمكانات النحوية واللغوية الصرف، لتصبح أداة موسيقية – دلالية في آن معاً.<br>
إن ذلك إنما يساعدها على أن تؤدي دوراً شعرياً مهماً، انطلاقاً من أساس كونها مكملاً موسيقياً للكيان التشكيلي العام للقصيدة. (12)<br>
ومن الملاحظ أن شاعرتنا قد اتكأت على الفعل المضارع في هذا المقطع، لتفيد الاستمرارية في المأساة وتتابعها وتلاحقها، ومن أمثلة ذلك:<br>
“يُشَوِّهُــنِـــــي، يُدَلِلُّنِـــــــــــــــــــــــي “مكررة مرتين” ،…يَـغْــمـُــرُنِــــــــــــِي، يَعبُرُ بي، يَصْعَدُ بي” <br>
ونرى ظاهرة الانزياح الإضافي في سطري: <br>
“يَعبُرُ بي وَادي البُكاءِ/ حيثُ مُدُنُ الأحلام” :<br>
والانزياح الإضافي: يتمثل في المفاجأة التي ينتجها حصول اللامنتظر من خلال المنتظر؛ أي أن يتوقع المتلقي مضافاً إليه يتلاءم والمضاف، كأن يتوقع بعد كلمة “وادي” وجود كلمة “السباع” مثلا غير أن يتفاجأ بوجود كلمة أخرى هي “البكاء” وعندما يسمع كلمة “مدن” يتوقع أن تكون مضافة لكلمة “العالم” مثلا لكنه يتفاجأ بوجود كلمة أخرى هي “الأحلام” وهكذا يصبح لدينا انزياح إضافي شعري خالص وصافٍ.<br>
“فالأسلوب بهذا المعنى توتر دائم بين لذات التلقي وخيبة الانتظار لدى المتلقي”(13)، وهذا التوتر الدائم هو جوهر العملية الأسلوبية، أو ما عبر عنه ريفاتير بعنصر المفاجأة، الذي يمكن أن نؤصل له بالعودة إلى ياكبسون الذي قرر بأن المفاجأة الأسلوبية هي “توليد اللامنتظر من خلال المنتظر”(14).<br>
فهي تريد من الرجل أن يعاملها برفق وحنان يدللها وتسمع منه كلمات المديح والثناء لا كلمات المسبّات وتدمير الذات، تريد منه كما ترى الشريعة السمحاء، فقد ورد في صحيح البخاري ومسلم من حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:<br>
(يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) .
وتختتم الشاعرة نصها بما استهلت به “كن رفيقي” إن أشكال التكرار متنوعة جداً، منها عودة لازمة على فترات منتظمة، واستعادة مقطع البداية في الخاتمة، مما يسمح للفكرة الشعرية بأن تلتف حول نفسها وتغلق القصيدة، وهكذا تشدد على انطباع الـ (حلقة) والـ (دائرة المغلقة)، فضلاً عن أشكال أخرى يمكن رصد أهمها وأوسعها انتشاراً وتحديدها بما يأتي(15).<br>
“إن هذه الأشكال التكرارية يمكن رصدها في أغلب دواوين شعر هذين الجيلين، لما يشكله التكرار من حضور استثنائي في بنية القصيدة الحديثة. <br>
ويؤدي التكرار الختامي دوراً شعرياً مقارباً للتكرار الاستهلالي، من حيث المدى التأثيري الذي يتركه في صميم تشكيل البنية الشعرية للقصيدة، غير أنه ينحو منحى نتجياً في تكثيف دلالي وإيقاعي يتمركز في خاتمة القصيدة.
وإذا ما جاء هذا التكرار تكريساً لرسالة عنوان القصيدة كما هو الحال في قصيدة (نغني في الطريق) للشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، فإن العمق التأثيري له يكون له أكثر اتساعاً وأهمية(16).<br>
<br>
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين<br><br><br><br>
</font></center>
<center><font size="7" color="pink">
<a href="http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=16001">منابر ثقافيّة</a>
</font></center>
<br><br><br><br>
Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-28887797391523645122015-04-30T09:17:00.003-07:002015-04-30T09:19:54.511-07:00ريتا عودة وجنون الأدب في المجموعة القصصية أنا جنونك
<center><font size="4" color="pink"><br><br>
<br>
جميل السلحوت:<br>
ريتا عودة وجنون الأدب في المجموعة القصصية أنا جنونك<br><br>
صدرت مجموعة "أنا جنونك" القصصية للأديبة النّصراوية ريتا عودة عام 2009، وتحوي المجموعة التي يحمل غلافها الأول لوحة لبيكاسو وتقع في 107 صفحات من الحجم المتوسط حوالي خمس وعشرين نصّا قصصيّا.
وهذه هي المرّة الأولى التي أقرأ فيها قصصا لأديبتنا، وكانت مفاجئة لي كوني أعرف أن أديبتنا شاعرة، وتبيّن لي أنّها قاصّة ولها روايتان قصيرتان أيضا كما جاء على غلاف مجموعتها القصصيّة، وجهلي باصداراتها السّرديّة لا ينتقص من أدبها شيئا.
<br>
واعترافي هذا يأتي لصالحها طبعا، حيث أنّني من المعجبين بشعرها ولغتها –مع أنّني لا أعرفها شخصيّا- وهذا يعني أنّ شهادتي حول قدراتها الأدبيّة تأتي محايدة لا تأثيرات عليها، وإن كنت أعترف بأنّني لست ناقدا محترفا، وأزعم أنّني أقرأ الأدب وأتذوّقه، وأكتب انطباعاتي الشّخصية حول بعض قراءاتي. وطبعا ستكون لي قراءة لأحد دواوينها الشّعرية، مع تخصيصي هذه القراءة المتواضعة لمجموعتها القصصيّة"أنا جنونك."
وقد لفت انتباهي في قراءتي لبعض نتاج أديبتنا هو ثروتها اللغويّة الواضحة، وارتكازها في نتاجها على جماليات الّلغة لتخدم مضامين نصوصها، فالّلغة الشّاعريّة واضحة في نثرها أيضا، ممّا يزيد نثرها جمالا على جمال...ونصوصها تشي بثقافتها الرّفيعة، ممّا يثبت بأنّها مطالعة ومطّلعة على الكثير من موروث ثقافتها العربيّة، وثقافات أخرى، ويبدو أنّ دراستها للغة الانجليزية قد أعطاها فسحة أخرى للمطالعة بهذه اللغة، وبالتّالي فإن التّزاوج الثّقافيّ عندها مع موهبتها الأدبيّة ينضح بالتميّز.<br>
وممّا يلفت الانتباه في كتاباتها الأدبيّة أنّها تكتب وتبوح بلسان أنثويّ، أي أنها منحازة لبنات جنسها، وهذه نقطة أخرى لصالحها...وواضح لمن يقرأ نتاجها أنّها تكثر من استعمال البحر والسّمك في نصوصها، وسواء جاء ذلك بشكل مقصود أو عفويّ، فإن لذلك دلالاته الّلغويّة والمعنويّة أيضا...فالبحر عميق لا حدود له، والسّمك هو ابن البحر الذي يعيش في أحضانه أيضا.
<br>
وإذا عدنا إلى بعض نصوصها القصصيّة سنجد في بعضها انحيازا لقضايا شعبها وما يعانيه من اضطهاد وتمييز، ويظهر ذلك جليّا في قصّة"الفستان الأحمر" حيث جاء فيها: "بدأت أعبر الشّارع الفاصل كحدّ السّيف بين الحيّ العربيّ المهمل عبر سنوات الجفاف، والحيّ الآخر المزروع بالجنّة"ص9. والحديث عن حيفا طبعا، وهذه إشارة واضحة إلى التّمييز بين العرب واليهود في حيفا المدينة المختلطة، وبالتّالي فإنّ هناك من يقف حائلا بين خروجها من "الحيّ العربيّ المهمل، وبين دخولها للحيّ اليهوديّ"المزروع بالجّنة" تقول: (خطواتي متثاقلة كسلى، صرخ أحد السّائقين الذي كاد يدهسني بشاحنته الضّخمة، "عمياء...الضّوء أحمر.)ص9 وطبعا فإنّ عبور الطريق في الضّوء الأحمر ممنوع، والذي صرخ بها جنديّ طبعا. وهذا الجنديّ يذكّرها بممارسات جنود الاحتلال القمعيّة فماذا كانت ردّة فعلها؟ "بدأت تتراقص في ذاكرتي صور أجساد مبتورة، وبيوت مهدّمة، دموع، هلع، دم، صور تطالعنا بها النّشرات الاخباريّة كلّ يوم، بل كلّ ثانية"ص9. وهي تتعاطف مع أبناء الكادحين والمحرومين أيضا، فالسّاردة التي تتحدّث بلغة"الأنا" في وهي عاملة بسيطة فقيرة تعيل براتبها الذي لا يتجاوز الألفي شاقل أهلها وإخوتها الثمانية، كان في خاطرها أن ترتدي فستانا جميلا أحمر الّلون، رأته معروضا في واجهة إحدى المحلّات، فسألت البائعة عن ثمن الفستان(كم؟ همست ببرود " ألف")ص11 ورغم حاجتها الماسّة للألف شاقل إلا أنّها قرّرت شراء الفستان، فأخرجت ألف شاقل من حقيبتها؛ لتدفعها ثمنا للفستان، وكانت المفاجأة:" ابتسمت المرأة بإعياء ولم تتناول المبلغ، ابتسامتها الصّفراء شلّت حواسّي، بعثرت هدوئي، قالت: ألف دولار "تركتْها خائبة و"استدارت لتحيّي امرأة تلفّ جسدها بالفراء"ص12، إذا فالفقراء غير مرحّب بهم في هكذا محلّات.<br>
وفي قصّة "وقد لا يأتي" ص48 تثير أديبتنا قضية غاية في الأهميّة، وهي منع الزّواج بين أتباع الدّيانت المختلفة، فقد صاح والد الفتاة بها:"تخطّطين أن تضعي رأسي في الطين؟" ص48، فردّت البنت التي كانت تنتظر المساعدة من والدتها:"كيف أضع رأسكم في الوحل وأنا أسعى لرباط مقدّس؟ "ص49 فعاجلها بالسّؤال:"هل فاتك أنّه من غير دينك؟"ص49 واجتمع وجهاء العائلة من مناطق مختلفة و"قرّروا أن يقوم أبي وابن عمّي بالمهمّة، ثمّ عاد كلّ إلى تجارته وخمّارته وبقيت وحدي"ص50، وعندما استلّ والدها السّكين وهجم عليها لذبحها:"أجفلتُ...انتفضت كقشّة في مهبّ الحقد...صرخت من قحف رأسي: يمّاااااا...صرخ بي أن أصمت صونا لكرامتي"ص51 وقبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة كانت تتساءل"متى ترقص الفراشات الحالمة حول قناديل العشّاق؟ متى؟ متى؟"ص51.<br><br><br>
02.04.2015
</font></center><br><br><br>
Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-71839511487888396772015-04-30T09:10:00.001-07:002015-04-30T09:13:47.332-07:00قراءة في كتاب "أنا جنونك
<center><font size="4" color="pink"><br><br>
<br>
قراءة في كتاب "أنا جنونك"، للكاتبة: ريتا عودة، 2009
<br>
بقلم: رفيقة عثمان أبوغوش<br><br><br>
جمعت الكاتبة ريتا عودة مجموعة قصصيَّة، في ستٍّ وعشرين قصَّة، منذ سنة 1982، ولغاية سنة 2009.
كانت المجموعة القصصيَّة قصيرة، وهادفة جدًّا ذات مغازٍ عدَّة، بصوت امرأة في معظمها تكون هي الراوية، مما تضيف مصداقيَّة على النصوص؛ بحيث استوقف الكاتبة فكرة ما، أو خاطرة قدَّمتها بأسلوب شيِّق وجميل، كنقد لاذع، أو بأسلوب هزلي تارةً تطغى عليه المفارقات، أسلوب جاد تطغى عليه الجديّة والحزن.<br>
تطرَّقت الكاتبة لمضامين، تعكس حياة النساء، من خلجان أنفسهنَّ، كالنساء اللّواتي يعشن في طبقات مختلفة، كما ورد في قصَّة "الفستان الأحمر"، المرأة البسيطة، الفقيرة، والمرأة الفنيَّة غناء فاحش.
<br>تعتبر لغة الكتاب عربيَّة فصحى، لغة السهل الممتنع، وهي غنيَّة جدًّا بالمحسنات البديعيَّة، والتصوير الأدبي الجميل؛ إلا أنها استخدمت اللغة العربيَّة العاميَّة أحيانًا عندما اقتضت الحاجة، وكانت في موقعها، تُعبِّر عن الحدث بصدق، وباللهجة المحليَّة؛ كما في قصَّة ترانسفير "قالوا في الأخبار إنهم رح يعملوا لنا ترانسفير"، "دَخلِك شو معنى هالكلمة الغريبة يا خيتا؟"." يمًّا، أشتهي اليوم طبخة فريك"، كما ورد في قصَّة "قطرة مطر".<br>
ظهر تلاعب لغوي للتعبير عن رمزيَّة المضمون، كما ورد في قصَّة "شرطة": "ارتطمت نظراته بلافتة مصلوبة على مبنى الشرطة. ابتسم قهقه حتى ثمالة المرارة، فقد سقط المقطع الحديدي "طة" عن المقطع "الشر" في العبارة: "الشر... في خدمة الشعب"" كما يسقط القناع عن وجه الحقيقة."؛ كذلك كما ورد في قصَّة "محكومون بالأمل "هؤلاء المحكومون بالأمل! نحن المحكومون بالألم".<br><br>
تأثَّرت الكاتبة عودة بالحياة المختلطة مع اليهود، كما ورد في قصَّة الفستان الأحمر"، "سأطلب من (يوسي) أن يُرتِّب لي ساعات عمل ليليَّة"؛ كذلك في قصَّة "أرض البرتقال" ، والتي تعتبر قصَّة رائعة، حيث صوَّرت الكاتبة صورة حياتيَّة، لم يتطرَّق اليها الكتاب، بتصوير حياة عائلة فلسطينيَّة تعيش داخل الخط الأخضر، ومما تعانيه من أزمات نفسيَّة خلال الأعياد اليهوديّة؛ خاصَّة في عيد الغفران ، نجحت الكاتبة في تصوير فعاليات، وخلجات نفسيَّة مضغوطة خلال مدّة زمنيّة محدودة، قصَّة واقعيَّة جدَّا، صوَّرت الكاتبة خلالها أحاسيس وتفكير، ومونولوغ في آن واحد، بواسطة تحريك الشخصيَّة المحوريَّة، والشخصيَّات الثانويَّة الاخرى في واقع درامي خيالي تصويري يصلح لتصوير فيلم درامي بالأسلوب المُضحِك المُبكي.
<br>تخلَّلت الرمزيَّة في قصص الكاتبة ريتا، في القصص الوطنيَّة، كما ورد في قصَّة "قصَّة ليست قصيرة" "هنالك من سيرتدي السروال الأبيض من بعد خالد".
<br>
المرأة في قصص الكاتبة ريتا: مجَّدت الكاتبة المرأة الفلسطينيَّة، كما ورد في قصَّة "قصَّة ليست قصيرة": "هذي الأم الفلسطينيَّة التي كانت وستبقى في ذاكرة كل أبناء المخيَّم حضنًا لكل موجوع، ومنديلا لكل دمعة، وطلقة لكل يد تتحدى القهر".<br>
كما ورد بقصَّة: "ومات البلبل وحيدًا "لو مات بلبل واحد لا بُدَّ أن يولد من رحم الأرض ألف وألف بلبل. لابدَّ يومًا أن تُكسر كل الأقفاص؛ لتحيا الطيور في الفضاء الرحب حرَّة طليقة كما كتب لها منذ بدء الخليقة. لا بدَّ.. لا بُدَّ!
عبَّرت الكاتبة عن مشاعر وخلجات الطفلة الصغيرة، كما ورد في قصَّة "أبعد من أن تطالني يد"، البنت التي خلقت عالمًا خياليَّا، رغم القمع والحرمان من اللعب بالحبل، وإجبارها بغسل الصحون: "تستهويني فقاعات الصابون وهي تتطاير من حولي كالفراشات الملوَّنة. أتناول طبقا. أصنع حبلا، ومع كل طبق أحلِّق بعيدًا؛ فوق البنايات والسهول، فوق المراكب، فوق الكواكب، أبعد، أبعد من أن تطالني يد".
<br>
العاطفة والخيال: طغت على الكتابات القصصيَّة عاطفة جيَّاشة، فيها تعابير صريحة حول الحب والعلاقات بين الجنسين، ظهرت هذه العاطفة بشكل واضح خاصَّة في القصص الأخيرة من صفحة 39 لغاية صفحة 107. ( منذ سنة 2004-2009).
مزجت الكاتبة الرومنسية الخياليَّة مع ظواهر الطبيعة، في كافَّة الفصول: كما ورد في قصَّة "أميرة الحكاية" ، لو يدري كم أحبُّه، هو نور القلب..". :ما ورد في قصَّة "أنا جنونك" عنوان الكتاب: "أنتِ العشق والعشق أنتِ"، كذلك كما ورد في قصَّة "كل شيئ صامت"، "احبَّه بسذاجة فراشة، وبراءة وردة، ودومًا أشعر أنه بعيد بعيد..". في قصَّة "زرقة البحر" " أنت الأصل، وهم اشباه الرجال. فيكَ من البحر زرقته، ومن الاشجار خضرتها، ومن النسيم رقَّته، ومن السماء قدسيَتها، ومن الأريج أريجها، ومن الليل غموضه، ومن الطيور تغريدها، ومن النمل صبره، ومن النحل حكمته، ومنِّي جنوني.
<br><br><br>
02.04.2015<br>
</font></center><br><br><br>
Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-54366972893104747902015-04-30T09:04:00.000-07:002015-04-30T09:04:33.357-07:00قراءة في طوبى للغرباء <center><font size="4" color="pink"><br><br>
<br>
قراءة في طوبى للغرباء<br>
احمد الحرباوي<br><br><br>
رواية أخرى للكاتبة توقع بي في فخ مدجج بجمال لغوي متمرد على نفسه لأستسلم لحواسي التي سارت بي بين أروقة أحداث ولغة الرواية التي بنيت على الدهشة، أسلوب عميق يكرس المشاعر الإنسانية حد التماهي بألمها وهذا يدل على عمق احساس الكاتبة بما تكتب وعنصر الإبهار الذي توقعنا بشباكه.
الألم الذي حف الشخصية الرئيسية للرواية وهي (حنّى) وقدرة الكاتبة على الغوص في مونولوجها الداخلي جعلنا نتعايش مع الحدث بمرارة وقائعه وبؤس ما قد يصل له الإنسان من المشي بخطى تائهه الى الموت انتحاراً من أجل التخلص من ظلم يفرضه الواقع علينا رغماً عنا، وظلم ما قد نتعرض له من أقرب أشخاص إلينا كزوج البطلة الذي سلبها كيانها ووجودها من أجل أن يتمرغ بحياته على شطآن أملها وألمها. <br><br>
وشخصية الحبيب (فادي) المصلوب على جذع أمنيات البطله لم يكن سوى نبي مخلص بآلامه لحياتها التي عاشت تتضرع للوصول اليه ولكن ليس كجثة باردة كما حملتها في احلامها.<br>
هذا المزيج المأساوي سلط الضوء على عذابات النفس البشرية وما قد تتعرض له من ضغوط يفرضها عليها المجتمع والظلم الذي يجب أن نقابله ببصيص من الأمل قد ينطفئ يوماً، وما أرادت أن توصله الكاتبة هو أن في الحياة ما يستحق أن نعيش لأجله ولو كان طيف حُلم.<br><br>
الرواية على قصرها ووحدة حدثها إلا أنها تُشبع الحس النفسي للقارء وهذا نقطة في رصيد أي كاتب أن يوصل ما يريد بشيء حجمه الكتابي صغير ولكن مفعوله يفوق حجمه بأضعاف، لغة السرد متينة ومزركشة بجمال بلاغي لاذع للشعور حتى لو كان فيه جزء من المبالغة التي لم تؤثر سلباً ولم تأتي بشكل مُنفر، أسلوب جميل وراقي ومتميز يبعث الثقة في مستقبل الأدب الفلسطيني.<br><br><br>
11.04.15
</font></center><br><br><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-58077649138547018172015-04-30T08:56:00.001-07:002015-04-30T08:59:51.682-07:00سأحاولك مرّة أخرى<center><font size="4" color="pink"><br><br>
<br>
سأحاولكِ مرة أخرى ....أنا جنونك - ريتا عودة<br>
محمد عمر يوسف القراعين:<br><br><br>
ريتا عودة قاصة وشاعرة صادقة في مشاعرها، تتناول في قصصها القصيرة أحاسيس المرأة في مختلف حالاتها، عاطلة عن العمل يقتلها الفراغ، عاملة دخلها لا يلبي تطلعاتها، تعيش التمييز في وطن مغتصب، ولكنها تحلم وتصل بحلمها إلى السماء، وأحيانا تشدها الوساوس لقارئة الفنجان. هي قوية لتدوس من يلسعها كأنّه صرصار، وتعطي الأمل للمحكومين بالألم، فإذا مات بلبل واحد لا بد أن يولد من رحم الأرض ألفُ ألفِ بلبل، وإذا سقط خالد فهناك من يرتدي السروال الأبيض من بعد خالد، جيّاشة في مشاعرها نحو الفقراء والمظلومين، حتى أنها أنطقت قطرة المطر، موضوعها القلوب مهما اختلفت الأديان، إلا أن سكّين شرف العائلة كانت أقوى من أحاسيسها، فما عليها إلا انتظار نيسان. ولتقديم العذر لأنّها لم تقدّم الحلّ لهموم حواء، تحجّجت بأنّ هذا ليس من وظيفتها التي هي أن تلقي حجرا في بئر راكدة، وهذه هي الدّنيا، أحيانا بالمقلوب، "تيجي تِصيده يْصيدك". كل هذا وذاك، تعبر عنه ريتا بأسلوب أدبي شاعري جميل، حافل بتخيلات ثرية وتشابيه غنية، قصصها كأنّها قصائد نثر، والشّعر في ديوانها حدوثة، فيختلط الشعر مع القصة بلغة ليست بالبسيطة ولا بالمعقدة ولكنها ملونة، كما قال محمد حلمي الريشة، لتثبت أنها تملك زمام اللغة، وتلجأ في خيالها إلى رمزية مناسبة للموضوع، لا تتعدى ربات الحب والخصب، بحيث يبقى المعنى في متناول القارئ.<br>
تناولت حدوتتها الشعرية قصّة البقاء في الحياة في ومضات جميلة، تبدأ في أولاها " السنونوّة المجبولة من طين الحنين...المنسوجَ حلمها من حرير الحب "، ولكنها تحتاج إلى جناح ثان مع جناحها لتتمكن من التصفيق. كأنثى تبحث عن فارس كما دون كيشوت، يحارب طواحين الهواء لتحرير حبيبته، فليحارب فارسها طواحين كبريائه حتى " ترخي له جديلتها ليصعد إلى قلبها.. يحتاجها لبؤة وقطة وديعة، تحتاجه رعدا وبرقا ومطرا بديعا". لا تنسى ضيفتنا المساواة والحرية. "أكون له سنونوّة .. حين لا يكون ليَ القفص"، وجزيرة يحيط بها البحر، فيفيض عليها بالنسيم.
وفي الومضات الرابعة، تبلغ قمة التعبير عن حالتهما في الجوى والهوى، تُطوّف بهما الجهات الأربعة " ال..تتجاوز مدًا وجزرًا.. شوقًا وشرقًا..جنوبًا وجنونًا". <br>
لها الحق أن تحلم "سقطت تفاحة فوق رأسي، ورأيت فارسا فوق الغيم يراقصني، وفي البحر قوارب تمنيت لو إليك تحملني، وبساطا انتظرت أن يأتي بك إلي".<br>
لجأت إلى عشتار وهيرا وإيزيس وشهرزاد، فلم تجد حلا، " فسقط الحب في جب الحكاية، وظل للآنَ أحجية".
الحياة كما تعلمون مدّ وجزر، فبعد أن آمنت بأقانيمه الثلاثة، عمدها بالأرق مع الفجر، وأسلمها للنهر، " ووحده الموج حن على أشلائها، ومنحها حق الغرق". نعم قهرها الموج مرارا، ولكنها "كالعنقاء من بين الركام تقوم".
وفي إحدى الومضات، تشعر بيأس لأنهما تباعدا " كخطين متوازين، لا أحد يود أن ينكسر..كالنهر الذي فقد مجراه أنت.. كالسكة التي غادرها قطارها أنا "، فأصبحت وحيدة "، وحيدة، حتى أنني لم أعد أعرفني". كل شيءٍ هائم، أما الحب فقد قرفص، "وكل شيء عائم، إلى أن أعثر..على من تعشقه الأذن قبل العين"، فنفتتح مهرجان العودة.
مع كل هذا، لم تردعها الحسرة، والذكريات المدمرة عن أن تعلن "أن قلبها وطن"، وهي مدمنة، فكلما وأدت حبا ولد اثنان، "فقد آن الأوان أن أحاولك مرّة أخرى.. لأحاور شهر ياري ..من الليلة الألف للحكاية"...<br>
وفي نهاية الومضات تهتف...في الشعر ما خفي كان أعذب<br>
الكتابة فعل بقاء<br>
سأمضي لأفضح الصمت"<br><br><br>
02.04.2015<br>
</font></center><br><br><br>
Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-51868176156471736452015-04-30T08:35:00.001-07:002015-05-12T02:00:05.121-07:00دراسة وصفية فنية في إبداع ريتا عودة ,<center>
<font size="4" color="pink">
<br><br>
<br>
دراسة وصفية فنية في إبداع ريتا عودة <br>
د. عمر عتيق<br><br><br>
ريتا عودة<br>
شاعرة وقاصّة من مواليد النـّاصرة (1960) . مدرسة للغة الانجليزية في المدرسة الثانوية البلدية في الناصرة. حاصلة على شهادة اللقب الأول في اللغة الانجليزية والأدب المقارن من جامعة حيفا(1984). فازت بالمرتبة الأولى في مسابقة لكتابة قصيدة "الهايكو" و"الهيجا" على مستوى العالم.
الإصدارات :1) ثورة على الصّمت . وزارة الثقافة والمعارف ، الناصرة ، 1994 2) مرايا الوهم. المدرسة الثانوية البلدية الناصرة 1998 3) يوميات غجرية عاشقة . دار الحضارة ، القاهرة، 2001 . 4) ومن لا يعرف ريتا . دار الحضارة ،القاهرة ، 2003 5) قبل الإختناق بدمعة . دار الحضارة ، القاهرة، 2004 . 6)سأحاولكِ مرّة أخرى .بيت الشعر الفلسطيني ، رام الله ، 2008 7) أنا جنونك .(مجموعة قصصيّة). بيت الشعر الفلسطيني ، رام الله، 2009.
ولها عدد من المجموعات القصصية الكترونيّة: بنفسجُ الغربـــَة. (رواية قصيرة) 2008. طوبى للغرباء(رواية قصيرة)2007 سيمفونية العودة(رواية) 2010 . تُرجم عدد من نصوصها إلى العبرية والفرنسية والفارسية والألمانية والايطالية والصينية .<br>
قصائد الهايكو والهيجا<br>
نوعان من القصائد منتشرة في اليابان، فقصيدة الهايكو قصيرة جدا، أما الهيجا فهي صورة مع قصيدة . وفي كل شهر تعلن الجمعية اليابانية للهايكو والهيجا عن مسابقة عالمية في كتابة قصائد من هذا النوع. وقد حصلت ريتا عودة على المرتبة الأولى على مستوى العالم في كتابة قصائد الهايكو، أما في قصائد الهيجا فقد تمّ اختيار اعمالها بين العشرة الأوائل غير مرّة .( )<br>
إشراقات أسلوبية في شعر ريتا عودة <br>
يحفل النص الشعري / النثري بالتناسل الدلالي ( التناص ) الذي يكشف عن وعي الشاعرة بالآفاق المعرفية من جهة ، ويقتضي من المتلقي مضاعفة يقظته لمحار المعنى المخبوء في أصداف اللغة ، ويجعل التناص من النص طبقات دلالية أو مرايا تأويلية . ومن تجليات التناص استدعاء معجزة السيد المسيح حينما جعل خمسة أرغفة تكفي لإشباع آلاف الجوعى في قولها ( خمسة ُ أرغفة/ قد تصنع معجزة/ فتطعم شعبًا مِنَ الجياع/ لا ..لن أغفر لكَ) . ( ) وذلك في سياق وجداني مشبع بالعتاب "لحبيب" تخلى عن وعده في تحقيق معجزة الحلم الموعود، فالربط بين معجزة السيد المسيح ، وسراب الوعود يجسد المفارقة بين الحقيقة الخالدة ، والوعود الكاذبة في الخطاب الاجتماعي. وتلوذ الشاعرة بعذابات السيد المسيح كي تمنحها صبرا في فاجعة قلب وخيبة حلم وانكسار انتظار في قولها: (انحنت سيقان قمحي، التي ضجَّتْ بالغرور دهرًا/ حصدَ شوقي / ناولني صليبًا من خشب النسيان.) ( )وتستهل قصيدة ( أرض الشك كروية ) بتعويذة مستدعاة من مشهد تقديم الهدايا من المجوس للطفل يسوع في المغارة في قولها :( أأخذلُ المجوسَ الذين أتـّوا مغارة ميلادنا/ ليقدموا لنا ذهبًا ولبانًا ومرًّا؟)( ) وتستدعي طقوس " التعميد كي تكون بلسما لنزيف الذاكرة في قولها :( أُبَ عْ ثِ رُ/ أَوْرَاقَي بِفَوْضَى / وَأَسْتَلُّ مَا أَشَاءُ / مِنْ جِرَاحِي / لأُعَمِّدَ الذَّاكِرَة ) . ( )وتتسم مرجعية التناص الديني بتنوع الديانات ، فمرجعية ما تقدم هي الانجيل ، وفي قولها :( (هذي جراحي/ فادخلوها آمنين) ( )إشارة إلى نص من القرآن الكريم . وتستمد من التوراة الوصايا العشرة في قولها :( لا/ تكسر الوصايا العشر/ المنقوشة/ على أبوابِ قلبينا/ لئلا/ نرتديَ أقمشةَ اللعنة/ فتتوارثها الأجيال). ( )لتشير إلى تخلي " بني إسرائيل " عن الاستحقاقات الإنسانية والأخلاقية للوصايا العشر .
وتعبر عن التعالق بين الإنسان والأرض بالتناص الرقمي في قولها : (( عنْدَمَا أَدْخُلُ الْجَنَّة / أَوَدُّ أَنْ يَظَلَّ / صُنْدُوقُ بَرِيدِي /1948 / كَيْ يَسْتَدِلَّ حَبِيبِي / عَلَى عُنْوانِي ) ( )وتبرز في قصائد ريتا عودة تقنية التحوير اللغوي حينما تعمد إلى تغيير كلمة في المثل أو المقولة الشائعة لينسجم المعنى مع السياق الدلالي للقصيدة ، نحو : (أتيتُ قاطعة ً الشكَّ بالحنين...".) ( )ولا يخفى أن قولها تحوير لمقولة ( قطع الشك باليقين ) .و (أحبُّكَ بالثلاثة / وأحلمُ / أن نعبرَ / نهرَ العناء/ لنعودَ إلى أرض ِ العسل) ( ) وقولها ( أحبك بالثلاثة) تحوير لمقولة ( الطلاق بالثلاث ).
وفي جل الدواوين تتجلى تقنية التشكيل البصري في لغة القصيدة ؛ إذ تعمد الشاعرة إلى كتابة الكلمة بأشكال فنية تنسجم مع الحالة الوجدانية ، نحو: ((كُلَّمَا فَاضَ نِيلُكَ / عَلَى ضِفَافِي/ أَخْتَارُ طَوْعًا / أجْمَلَ/ عَلَى لَهَبِ شَفَتَيَّ/ وَأَقْذِفُهَا دُونَمَا طُقُوسٍ/ إِلَى حِضْنِ أَمْوَاجِك/ إِلَى أَنْ<br>
تَ <br>
هْـ<br>
دَ <br>
أَ<br>
عَ. وَ. ا. طِ. فُ. كَ ) ( )<br><br>
وتقطيع الحروف وكتابتها أفقيا ورأسيا يضاعف من يقظة المتلقي لدلالات تعجز عنها الكتابة المألوفة. <br><br>
وتجسد الشاعرة الصراع بيت حرية المرأة والبعد الذكوري في الثقافة الشرقية بمكونات " لعبة الشطرنج" في قولها : (أيّها الطائر الشرقي/وحدي أنا مَدَاكَ/ غافلتُ الجنود والملك والوزيرين والملكة/ وتسللتُ من القلعة / أتيتُ قاطعة ً الشكَّ بالحنين.)( ) وتسجل موقفا رافضا للثقافة الطائفية المؤسسة على تحريم زواج الفتاة من غير طائفتها الدينية كما يتجلى في قولها :( عندما اخترتك / لتكون تاج كرامتي /لم تؤرقني سهام القبيلة / ولا الألسن الصفراء الكثيرة/ لم تشغلني / بطاقة ديانتك .) ( )<br><br>
صورة " الآخر في مجموعة ( أنا جنونك)<br>
تحفل قصص المجموعة برصد مشاهد تصويرية تجسد البنية الفكرية والنفسية لليهودي ، وترسم أبعادا نفسية تكشف عن إشكالية " التعايش" بين الفلسطيني واليهودي ، وتجسد التحديات القومية التي يكابدها الفلسطيني على أرضه في ظل " الجوار القسري" بينه وبين اليهودي.وتتخذ المشاهد التصويرية ثلاثة مسارات ؛ الأول : صورة اليهودي العسكري الذي يستدعي همجية الاحتلال ومعاناة الضحية ، كما في قولها : (قميصَهُ الَّذي دلَّ على كونِهِ جنديًّا أثارَ فضُولِي، فبدأَتْ تتراقصُ في ذاكرتِي صُوَرُ أجسَادٍ مَبْتُورَة، وبيوتٍ مُهَدَّمة. دمُوعٌ، هلعٌ، دَمٌ. صُوَرٌ تُطَالعُنَا بِها النَّشراتُ الإخباريَّة كلّ يوم) . ( )والثاني : ثقافة العنصرية المؤسسة على ثنائية استعلاء اليهودي ودونية العربي ،إذ تحرص العنصرية على تشويه الحق الإنساني الفطري ، نحو حق الفلسطيني في التعليم الجامعي في قول الكاتبة : (أتظُنُّ أنَّ العِلْمَ لنا؟ نحنُ (في نظرهِم) دونَ مستوَى الالتحاق بالجامعات. نحنُ عُمّالُ نظافة لا أكثر.) ( )والثالث : ثقافة الحقد والكراهية التي يشكلها الفكر التوراتي المحرف الذي يسعى إلى تغييب الفلسطيني وتهجيره ، كما يحدث في " الناصرة العليا ذات الأغلبية اليهودية، فالتفوق الديمغرافي في بعض المدن يشجع اليهودي على إظهار كراهيته وحقده ، وبخاصة في الأعياد الدينية لليهود ، كما حدث في " عيد الغفران " في وصف الكاتبة :( متى نخرج من هذه الكارثة؟ هل سيقذفون الحجارة علينا؟... مررنا بهم. مجموعات من الأطفال لم نرَ من وجوههم إلاّ قُبّعَات صغيرة تُغطّي قمة رؤوسهم. لم يَرونا. ... تُرَى، ما العلاقة بينَ الدين والحجارة؟ )( ) وتسجل قصص المجموعة مفارقة حادة بين دلالات المسارات الثلاثة لدى اليهودي والثقافة الاجتماعية الحضارية لدى الفلسطيني حينما يتجلى الشعور بالشفقة على العجوز اليهودية التي تعاني من الوحدة ، ولا أحد يزورها إلا في الأعياد، والتعبير عن " حسن الجوار " مع الجارة اليهودية المصرية وابنها " يوسي " ، وهو جوار اجتماعي لا يقبل حديثا في السياسة كيلا يخسر الجارُ جارَه . ( )<br>
اللغة الشعرية في النص السردي<br>
حينما يشرع المبدع بتشكيل النص لا يستطيع أن يسجن الدفقات الإبداعية والأطياف النفسية في دائرة لغوية محددة ؛ فكل دفقة شعورية تقتضي شكلا لغويا وأسلوبيا يندغم معهما. فلا وجود لفروق " مقدسة " بين لغة القصيدة ولغة القصة ، واستئناسا بما تقدم فإن لغة قصص المجموعة تنبض بإيقاع الشعر ، وتعبق بالصورة الاستعارية ، وتمنج المتلقي أفقا لتحليق خياله ، وتوليد معان تعجز عنها اللغة المعيارية التي يتوهم بعض النقاد أنها لغة القصة . وتأتي لغة الشعر التصويرية في القصة في المشاهد الوجدانية الأكثر توترا وكثافة ، نحو (انتظرْتُ صوتَهُ يُضيءُ عتمةَ حواسّي. انتظرْتُ رائحةَ عَرَقِهِ تُخَدِّرُ صَمْتِي). ( )كما تُضمر دلالات رمزية تشكل عصبا رئيسا في الرؤية الفكرية للقصة ، نحو (أنت سنونوتي ما دام في الأفق جناح يخفق، وأنا نورسك ما دامت الشواطئ ميادين ثورتي) ( )وتحفل لغة القصص بتقنيات تبادل الحواس ، وإعادة صياغة عناصر الوجود ، نحو(هزمني ذبولُ صوته. انتفضتْ عصافيرُ صغيرة كثيرة داخل قضبان قلبي وصرختْ بي: "مجنونة! هو يحبّك) ( )<br>
الفضاء الدلالي<br>
ترصد الكاتبة المفاصل الرئيسة للسياقين الاجتماعي والسياسي ؛ فتعرض النتائج الإنسانية للبطالة والفصل من العمل ، والفجوة الطبقية التي تتجلى في ثنائية الترف والحرمان. وتصور دموية المشهد السياسي من اعتداء وهدم بيوت واعتقالات تعسفية . ومصادرة الأرض والنزوح والنفي . وتصور همجية الاحتلال وسلوكه السادي في الحواجز العسكرية التي تشهد موت المرضى الذين يُمنعون عن اجتياز تلك الحواجز. ( ) <br>
تصاعد وتيرة الحدث<br>
يتميز المستوى اللغوي بتقنيات أسلوبية تمنح الفضاء السردي كثافة في الحدث بوساطة الجمل القصيرة المتلاحقة التي تقترب من اللقطات السينمائية المتسارعة ، وتقترن كثافة الحدث وتسارعه بكثافة التموجات النفسية للشخصية ؛ إذ يشترك نمو الأحداث والتموجات النفسية بالصعود والكثافة ، نحو : (دخلتُ المطبخ. خرجتُ. عُدْتُ إلى غُرْفَةِ النّوم، إلى الشّرفَة. جَمَعْتُ الغَسيل. أغْلَقْتُ النّوافذ. عدتُ إلى المطبخ. غَسَلْتُ الأطْباق. لقد تأخرَ زوجي! قالَ إنّهُ سيعود اليوم منَ العمَلِ مبكرًا. لماذا تأخرَ؟ تُرى ماذا أحْمِلُ لَهُ ؟علبة التبغ؟ الجريدة؟ بنطالاً آخر؟ ) ( )
التناص ( التناسل الدلالي) في النص السردي<br>
تتوزع المشارب الثقافية التي أسهمت في تشكيل الرؤية الفكرية السردية إلى مرجعيات مختلفة ، ومن أبرزها المرجعية الوطنية التي تختزل مفاصل القضية الفلسطينية ، نحو استعداء شخصية الشهيدة لينا النابلسي التي استشهدت في نابلس ( 15 أيار 1976 )في قولها :(عادَتْ (لينا) تبكي. تذكرتُ القول: "شعبُ لينا لن يَلينا".)( ) في سياق قصة " أرض البرتقال " التي صورت اعتداء اليهود على العرب في عيد الغفران في الناصرة العليا . ولا يخفى التعالق الدلالي والنفسي بين استدعاء الشخصية وبؤرة الحدث . <br>
وفي قصة ( وقد لا يأتي ) تربط الكاتبة بين " نكبة " المرأة ثقافيا حينما تُحرم من الزواج من رجل من غير دينها ونكبة فلسطين في قولها ( مرّ بي ستون احتضارا، وما زالت عيناي معصوبتين.) ( )انطلاقا من أن الانحطاط الثقافي سبب في الهزيمة السياسية .وترصد التفاوت المؤلم بين خطاب تاريخي مشرق ، وخطاب سياسي مظلم في قولها : (آ آ آ ه يمّا! درس التاريخ كان صعبًا للغاية اليوم! المدرّس كان يتحدث بصوت رخيم عن (صلاح الدين الأيوبي). ( )
وتتكئ على البعد الأسطوري في غير موضع ، نحو تحوير أسطورة صخرة " سيزيف " في سياق الإصرار على مواجهة الاحتلال في قولها : (رميتُ الصخرة خلفي وأنا أصعد إلى القمة.) ( )وامتصاص أسطورة إيكاروس وابيه ديدالوس اللذين كانا سجينين في قلعة في جزيرة " كريت " في قولها من قصة ( محكومون بالأمل :( لا أخشى إلا أن يذوب الصمغ عن جناحيّ وأنا أقترب من الحقائق برشاقة. تمطّى ظلٌّ قربي، وارتفع صوت ينخر ضميري.) ( )<br>
وتتجلى ثقافة التوحيد في حنايا القصص ؛إذ يشكل القرآن والإنجيل نسيجا ثقافيا في الرؤية السردية ، فتستدعي آيات من القرآن الكريم تصل إلى درجة الاقتباس ، نحو(ويلاه!" صرخَ، فخيّل إليه أنَّ السماء انفطرت، والنجوم انتثرت، والبحار فُجّرت، والقبورُ بُعثرتْ) ( )وتستحضر المشهد المأساوي لقتل يوحنا المعمدان على يد ابنة هيروديا( سالومي) في قولها : (تجمَّدَ الألمُ في عروقي. تراختْ كلُّ عضلاتي المتشنجة. سقطتْ صورةُ (سالومي) التي سَعتْ من خلال رقصةِ إغواء لقطعِ رأسِ المعمدان). ( )<br> <br><br><br><br>
مراجع الدراسة <br>
1-دلة ، بطرس : مع الشاعرة ريتا عودة (قبل الاختناق بدمعة ) . صحيفة الأخبار 18/4/2008<br>
2-عودة، ريتا : مرايا الوهم. . المدرسة الثانوية البلدية الناصرة 1998 <br>
3-عودة، ريتا : قبل الاختناق بدمعة. دار الحضارة ، القاهرة، 2004 <br>
4- عودة، ريتا : يوميات غجرية عاشقة. دار الحضارة ، القاهرة، 2001<br>
5-عودة ، ريتا: مجموعة أنا جنونك . بيت الشعر الفلسطيني ، رام الله، 2009<br>
</font></center><br><br><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-15283271264332696882015-04-16T21:40:00.000-07:002015-04-30T08:48:38.317-07:00سيرة العاشقة المصلوبة.. قراءة في نصّ ” طوبى للغرباء..” للكاتبة ريتا عودة .. بقلم: الناقد الحبيب بالحاج سالم
<CENTER><font size="4" color="pink">
<br><br><br><br>
سيرة العاشقة المصلوبة
..
<br>
قراءة في نصّ “طوبى للغرباء.” للكاتبة/ ريتا عودة"
<br>
بقلم: الناقد الحبيب بالحاج سالم<br><br><br>
تقديم :<br>
“رواية قصيرة جدا..” تحدّ مصطلحيّ أجناسيّ مدمج لمعايير الكتابة الأقصوصيّة والكتابة الرّوائيّة والكتابة الشعرية جعلته الكاتبة من عتبات هذا النّصّ القصير قصر اللحظة، الطويل طول الحياة، بل طول الغربة تقتضي رواية لكتابة تاريخ للغربة..غربة فرد/امرأة /رسولة/قديسة مجنونة عاشقة مضطهدة متمردة رومانسية خارقة..
هي قصة رواية أو مشروع رواية لم تكتب أو لم تبدأ كتابتها أو لم تنته أو تأبى أن تكتب :
” تتثاءب حروف الرواية<br>
طوبـــــى للغربــــــــاء…<br>
تدغدغني..”
<br>
طوبى للغرباء…ليس العنوان مجرّد استعارة حديثيّة /رسوليّة وإنّما هو عتبة أخرى موجّهة مساعدة مقدمة لمفتاح قرائيّ تأويليّ لنصّ من تلك النصوص التي تحبّ أن تقرأها ولا تريد أن تفلفهم والإفهام والإخضاع لمنهج في التّحليل وإنتاج المعنى، لأنه حالة محاكية لحالة، محدثة في نفسك لحالة من الصّمت والخشوع والامتلاء بكاء ومهابة وتعظيما للإنسان/النبيّ في صورة امرأة هي كل النّساء وكل الرّجال، وهي الإنسانيّة كافّة..
رواية من حيث زمنها الخبريّ (قصّة حياة..) أقصوصة من حيث زمنها القرائيّ (دقائق..) جامعة بين الأثر الأقصوصيّ والأثر الدراميّ والأثر الشّعريّ، لأنها صادمة صاعقة “مفحمة” إفحاما فنّيّا نادرا..<br>
يمكن أن تدخل كونها من أبواب كثيرة، لكنّ تلك الأبواب إن لم تفض إلى الجوهر، تكون قد جزّأت وفصلت وفصّلت، فيضيع الكلّ، الكلّ الدالّ مجتمعا ملتئما.. فلك أن تقرأها قصة أنوثة مضطهدة، أو أمومة مقهورة، أو أبوّة قاهرة، أو زوجيّة بائسة، أو طفولة موؤودة، أو ذكوريّة مستبدّة، أو حبّ سرّي ممنوع، أو اعترافات، أو مذكرات بلا تاريخ، أو أدبيّة مستعصية، أو رقابة خارجية أو ذاتيّة، أو وجود بلا معنى، أو أحلام مستحيلة، أو جنون امرأة، أو جنون مجتمع ومؤسسات.. ولكن كل هذه العناصر هي ظلال للمعنى، لا المعنى، ولم تكن غاية الكاتبة أن تكشف أو تصلح أو تدين..بل أن تكتب رواية ..رواية بتقنية أخرى، غير ما تحدده ” المعاير الدّوليّة..”وأن تكتب “رواية كونيّة” تندمج فيها كل أبعاد الوجود الإنسانيّ، وتحضر فيها كلّ الأصوات، ويختزل فيها التّاريخ كلّه في لحظة هي لحظة تذكّر، لأن الرواية في اصطلاح كاتبتنا، “سيرة ذاتيّة “مثقوبة” فيها فراغات كثيرة وقفزات كثيرة ونسيان وانتقاء وتداخل والتباس وتشتّت وتشظّ وامتناع، و” أحداث قليلة” و”أقوال كثيرة”..وهذا ما يجعلها حكاية أصوات لا حكاية أشخاص.. وهذا يبعّد ويجرّد ويخفي مألوف الملامح، لتكون القصّة قصّة الإنسان/ النبيّ الغريب المصلوب الحامل آلام الإنسانيّة الصّاعد إلى حيث المخلّص والخلاص، في حياة هي الحياة، غير هذه الحياة..حياة الآلام ولا شيء غيرها..لأنها هكذا ينبغي أن تكون..هي قصة الخروج من الجنّة، وقصّة الرجوع إليها..وليست هذه زاوية قراءة ميتافيزيقيّة مسقطة، بل هي ما دفع ووجّه الكتابة/القراءة، ورسم الإنسان والكون، الإنسان في الكون..وكذا تفعل كلّ الآداب..ولذلك اتخذت الكاتبة من الحنين والسّرد الاستعاديّ المستعصي لطفولة كانت هي الأبد (ها أنا أسعى لأستردّ نبيذ حكاية تعتقت في خوابي العاطفة…) أفقا كتابيّا مداره البحث لاستعادة الفردوس المفقود..وما من سبيل إلى تلك الاستعادة إلاّ الذّاكرة :
ها أنا أعود لمهد طفولتنا كي أبحث عنك…<br>
وهكذا تنعكس كتابة الذّاكرة على إنشائيّة السّرد، لتكون صورة لها ومحاكاة لتداعياتها وتوارد ما استقر فيها، ليتاح ويظهر بحسب منطق الذّاكرة الباطنيّ الذي يجد في “نظام الحكي” بعض ظلاله وفوضاه…<br>
التّشظّي الزّمنيّ..هكذا تحدّثت الذّاكرة..<br>
” في الوقتِ متسعٌ لأسرد لكَ حكاية موعدي مع الذاكرة, حينما أورقت العاطفة وبرعمت دونما سابق انذار, ففاحَ أريجُ الحبّ الذي ترصد بحري المضطرب الى أن أوقع ببعض الأسماكِ في شبكة الرومانسية …”<br>
هكذا تصوغ الكاتبة برنامجها الكتابيّ وتكتب عقدها مع مخاطبها ومعنا، لأنها إياه وإيانا تعني (أسرد عليك..) فالكتابة عندها موعد نادر مع الذاكرة العصيّة الضّنينة :”لي موعد مؤجل مع الذاكرة..”<br>
هي لا تكتب بإرادة تذكّر عقلانيّة تسجيليّة مثلما يحدث في السّرد “التسجيلي” الوقائعي المنطقيّ، بل تكتب ما يمكن أن يطفو ويمنح نفسه وتطلقه الذّاكرة من إساره ..فتكون الكتابة فعلا تذكّريّا تحويليّا أليما مضنيا، لأنّه مزدوج الوجود من حيث هو مادّة كامنة في قعر الذاكرة، ثمّ مادة كلاميّة /نصّيّة مسكوبة فوق الورق :<br>
” قررتُ أن أتجاهل ندائها الملحّ وأن أفرغ من أوجاع الذاكرة في أن أسكبها فوق الورق ، لعلّ حبيبي يقرؤها، ويذكر أن ليلاه تحترق نهارا وليلا…”
فجاءت الحكاية “ذكرى موجعة تلو الأخرى..” لا معيار في سردها إلا منتهى الوجع :”رحت أستعيد الذكريات الأكثر وجعا…” واتّخذت الكاتبة من هذا المعيار ما به “رتّبت” الأحداث في الخطاب، فلم يكن التّوالي الخطابيّ مطابقا للتّوالي الخبريّ، وهذا متوقّع واختيار فنّي “كلاسيكيّ” ولا ينبغي أن نعتبره مزيّة هذا النّصّ، لأنّ مزيّته الحقّ هي في ” نظام الفوضى” السّرديّة المعتمدة، وهو نظام ينشأ منزّلا على لحظة من محور الزّمان نعلمها تلفّظيّا (زمن الحكي الحاضر مطلقا) ولكن لا نعلم ما اللحظة المطابقة لها أو السّابقة (لأن التّزامن غير ممكن غالبا..) على محور الخبر (الأحداث)..
وهذا الامتناع أو العسر السرديّ/التذكّريّ لهو من المداخل الممكنة لاكتشاف الكون الخطابيّ /السرديّ الدّلاليّ الناشئ على ركام ذكريات تنتزع انتزاعا، فتشكّل خطابا اعترافيّا في حضرة الرّبّ :<br>
“أيّها الرّبّ! ها أنا أعترف أنّي أقترف الحنين لرجل مختلف…”
<br>
ولأنّ الحنين “إثم” تكون كتابته “إثما” وممارسة سرّيّة ممنوعة ممتنعة في ” كون شرّير..” يعاقب العاشقين وينفيهم، ليحيوا غرباء، ثمّ يصلبون…
وفي كسر وانكسار لخطّيّة الزّمن والأحداث، تستعاد هذه الأحداث انطلاقا من حوار بين “الغريب” و “الغريبة” (بين حنّه وفادي..) بين عالمين منفصلين متباعدين تلتبس فيهما الحياة بالموت أو عالم الاحياء وعالم الأموات.. وهذا الالتباس مقصود بل جوهريّ، ويتنزّل في صميم وعي الشخصية ووجهة نظرها المتعلقة بالسؤال الوجوديّ/الكونيّ: ما الحياة؟ ما الموت؟ من الحيّ؟ من الميّت؟..<br>
” أرعبتني الفكرة فما زلت أسعى للتحرر من هذا القبر رغم هذا الوهن الجسدي..”<br>
≠<br>
” رحلتِ …<br>
فرحلتِ الطيور والزهور والفراشات الملونة<br>
وبقيتُ وحدي، أتوسل الأفق أن يأتيني بقوس قزح.<br>
أجرجر الذاكرة خلفي…”<br>
وبواسطة هاتف عجيب يكون التّواصل بينهما و” كلٌ على طرف آخر من أقطابِ العاطفة…” وهذا التّواصل هو سؤل السّاردة/الشّخصيّة والمحرّك لفعلها.. وتتلاحق الأحداث المستعادة موزّعة توزيعا لا تتكافأ فيه الفصول الثّلاثة :<br><br><br>
الفصل1
<br>
تظهر فيه شخصية الزوج في صورة تقترن بسلطة المؤسسة الاجتماعيّة الرّقابيّة القمعيّة القاهرة للحبّ والكتابة…
<br><br>
الفصل2
تظهر فيه شخصيات جديدة هي وجوه أخرى للزوج (الأب/الأخ/الطبيب/الطبيبة..) وفيه يكون الجنون هو التشخيصية العقابيّة التي تمارسها المؤسسة العلاجية ضد “المنحرفين” عن نهج الحياة ..وتتراكم أحداث تتوغّل بنا في ماضي الشخصية (طفولتها وقتل أبيها أمها وسجنه واضطرارها للعمل لتعيش وتدرس ..)ثم الرجوع إلى أحداث أقرب (الإقامة في المستشفى والخروج والرجوع إلى بيت الأخت والعلم بتطليق الزوج إياها..)<br><br>
الفصل 3<br>
تخصّصة الساردة لقصة الحبّ وموت الغريب/الحبيب…<br>
وكان آخر ضراعتها ودعائها:<br>
“لا ترحل حبيبي قبل ان ترفعني اليك…”<br>
وهذه الاستعادة التذكّريّة الانتقائيّة التّرتيبيّة بحسب منطق ما (الأكثر فاجعة..) ينزّل موت الغريب/الحبيب في الذّروة من حيث الفاجعة، لأنّه كان شرط الغربة الكاملة، وأقصى الصّلب..لذلك ” أرجأت” حكيه، وكان آخر ما ترويه الشخصية، لأنّه موجع لها ولنا، ويمثّل “السّقطة” الختاميّة المضيئة للقصّة حتّى تعاد قراءتها على وجه آخر..<br>
فالقصّة، على تنوّع أحداثها وكثرة تقلباتها، ما هي إلا تشكّل للغربة، بعزلة الشّخصية وعزلها عن كلّ “مساعدة” (إلا ما كان من الأخت والصديق في المشفى، ولا يرتقي عملهما إلى مستوى العمل الدافع أو المغيّر لوجهة الأحداث وحتميّة المصير..) وهذا “العزل” به تكون البطولة الكاملة والغربة الكاملة والوحدة الكاملة، لتتجلّى الشخصيّة /البطلة في كلّ بهائها التراجيديّ وكمامل وعيها الفاجع بمنزلتها في الكون:
وحيدة أتيت الى هذا الكون الشرير.. <br>
وحيدة سأغادره…
<br>وبين الإتيان والمغادرة أو النّزول والارتقاء، مساحة وجوديّة للألم والانتظار والضّراعة والابتهال والصّلاة.. لذلك فلا معنى للأحداث إن لم تتحوّل بصوت الشّخصيّة وعيا وطهرا وألما وصلاة :<br>
أيّها السماويّ : <br>
أعدني الى صدر حبيبي<br>
فقد طالت غربتي ,<br>
ولفظتني المنافي.<br>
أيّها الغريب ,<br>
عد …<br>
أو أطلق يمامة العشق<br>
كي تأتيني بنبوءة كونك في انتظاري.<br>
في انتظاري…
<br>
هذا أنموذج من صلوات الغريبة بين الفاجعة والفاجعة، وهي تنتظر المخلّص والخلاص والفادي يعود ليرفعها إليه، وتسير وعلى ظهرها صليبها في طريق الجلجلة..فينفتح السرد على الشعر، ويتماهى الإنسان والنبيّ والرّبّ، وتندمج السيرتان اليسوعيّة المحمّديّة في نشيد خلاصيّ رهيب جليل…
بنية الفواعل…الغريبان/الحبيبان ومن بينهما…
<br>
تنبني شبكة علاقات بين الذوات في هذه القصّة مركزها حنّة/ الغريبة الشفافة ..الحالمة..الرقيقة..الأنثى المشتهاة..الملقاة على مزبلة الأيّام..الضعيفة..النّاشدة “حبّا في نقاء حبات المطر…”المفتقدة حبيبا نبيّا كان ثم ارتفع أو صّلب، وهي في غيابه غريبة منتظرة..أو هي الرّسولة /الغريبة تتماهى مع سير الأنبياء لتلعن نظاما ومصيرا وتحلم بنظام ومصير مختلف…”
آه كم افتقدتُ هذا النبض !!<br>
آهٍ كم افتقدت دفء ابتسامته
<br>
وجهه الطاعن بالبراءة<br>
وكأن به وجه نبيّ.<br>
ويل لي أنا الغريبة التي لم تملك يوما من الحبّ كفافَ يومها.<br>
ويلٌ لي أنا الأنثى المشتهاة الملقاة في مزبلة الأيام.<br>
ويلٌ لهذه الصدفة التي جمعت بيننا كلٌ على طرف آخر من أقطابِ العاطفة.<br>
ويلٌ لي كيف سأقاومُ بعد اللحظة ضعف الأنثى وهي تواجه حبّا في نقاء حبات المطر…”<br>
وتجد الغريبة في غربة المسيح نبراسا وهديا، فتقرؤها، وبها تقتدي، وإيّاها تكتب، لأنّها غربتها :<br>
ها هم يجرّونني الى صليبي المطروح أرضًا.<br>
ها هم يدفعون هذا الجسد فوق الخشبة.<br>
ها أنا أرتدي اللعنة.<br>
ها يدٌ تضع السلاسل على معصميّ.<br>
ها يدٌ أخرى تضرب المسمار في كف يدي .<br>
أنزف..<br>
أصرخ الى الرّبّ…<br>
وتنبثق عنها، منها وإليها شخصيّة فادي/الغريب والحبيب..آدم فردوس الطفولة وفارس الصّبا والجمال.. متعال بموته في سمائه، يحضر هاتفا مشتاقا وروحا رسوليّة ووحيا سماويّا (وجهه الطّاعن بالبراءة وكأن به وجه نبيّ…) الوجه الآخر للنّبيّ الغريب في عليائه :
” طمئني الغريب أيا غريبة عن نبضِ الحبيبة! <br>
ببطانيّة الوجد دثّريني …<br>
دثّريني..<br>
دثّريني…”<br>
أمّا من بينهما، ففي منطق التّصنيف البسيط شخصيّات معرقلة، تتعدّد ولا تختلف، فليس الزّوج والأب والأخ والطّبيب والطّبيبة سوى وجوه لسلطة قمعيّة واحدة، متضافرة مكوناتها ل”صنع” الغربة، بكونها أيضا نفيا لها، أي نفيا للحبّ، للحياة حبّا..لله الحبّ..<br>
وفي معسكر ضعيف توجد شخصيات مساعدة بلا قوّة، هي الأخت وابنتها والصّديق في المشفى والأم غريبة صامتة مضطهدة قتيلة…
وبمنظور ما كلّهم قتلى أو موتى، لأنّ من سَلب الحياة ميّت، ومن سُلبها ميّت..<br>
لذلك كتبت السّاردة قصّة الموت والموتى، توقا إلى الحياة الأبديّة…
<br><br>
19.03.2015
<br><br>
<a href="http://suomer.blogspot.co.il/2015/03/blog-post_83.html?spref=fb">سيرة العاشقة المصلوبة</a>
<br><br>
http://suomer.blogspot.co.il/2015/03/blog-post_83.html?spref=fb
</font></CENTER><br><br><br><br><br>
Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-71042242279007748082015-03-20T20:37:00.000-07:002015-03-20T20:37:42.498-07:00نصوص جديدة في الحوار المتمدن--- LINKs<font size="4" face="Comic Sans MS" font color="red"><br /><b>:NEW POEMS<br />قصائد جديدة<br />(متوفرة في موقع الحوار المتمدن)<br /><br /><br /></font><font size="3" face="simplified arabic" font color="black"><br /><a href="http://www.ahewar.org/m.asp?i=75">رواية: "سيمفونية العودة"-سبتمبر 2010</a><br /><br /><br /></font><font size="3" face="simplified arabic" font color="black"><br /><a href="http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=75&aid=190190">مذكراتُ أنثى عاطلة عن الأمل</a><br /><br /><br /><a href="http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=75&aid=189955">الطَّريقُ هيَ الطَّريق30/10/2009</a><br /><br /><a href="http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=189466">ليسَ بالخـُبـْـز وَحْدَهُ أحْيــــَا 26/10/2009</a><br /><br /><a href="http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=188590#">قَانُونُ الجَاذبيَّةِ العِشْقِيَّة</a><br /><br /><a href="http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=187753">فَرَاشَة ُ الحُلُم</a><br /><br /><a href="http://www.thaqafa.org/Main/default.aspx?xyz=BOgLkxlDHteZpYqykRlUuI1kx%2fVDUOForkAzx31vDuFSGOGpwBWcCwX0qVztRWTb9AIYTC15KdEc%2bdS0GD%2fc5JhS5CQOZQTLuCoV%2foHMWGbLefwzRvXpNDiSqEshcHRjXFbxz%2fOV7hY%3d">أريدُ أن أحْيـَا</a><br /><br /><a href="http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=183375">لتكُنْ مشيئتي..!</a><br /><br /><a href="http://www.arabs48.com/display.x?cid=5&sid=119&id=65653">ليسَ الشَّاعرُ ههُنـَا</a><br /><br /><a href="http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=75&aid=182113">فارسٌ بلا جواد</a><br /><br /><a href="http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=75&aid=185396">شاعِرَة ٌ مَاكِرَة ٌ مَنْ يَجدُهَا..!؟</a><br /><br /><br /><br /></font><br /><CENTER><font size="3" face="simplified arabic" font color="red"><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">SIGN MY GUESTBOOK</a><br /><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">رأيـــُكَ يـَهمـُّــنــــِي</a><br /></CENTER></b><br /></font><br /><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-48918843222528287752015-02-03T20:17:00.000-08:002015-02-03T20:17:55.664-08:00Haiku, Short Poems by : Poetess Rita Odeh<br><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgPkvB-gL-qF4KIR3GIQ5MudZ2T9baag8Xy4h26evuZcB1bDmq2h0HpyNIyAU6RiITc81xEbfTlEVN5iTvecFXpJuRO-JCNdcsHvwtc7ztw9VPp019tUrn8Neb-hSiStd8fRX5x5CyMJHk/s1600-h/r13.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 136px; height: 226px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgPkvB-gL-qF4KIR3GIQ5MudZ2T9baag8Xy4h26evuZcB1bDmq2h0HpyNIyAU6RiITc81xEbfTlEVN5iTvecFXpJuRO-JCNdcsHvwtc7ztw9VPp019tUrn8Neb-hSiStd8fRX5x5CyMJHk/s320/r13.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5372480839057421170" /></a><CENTER><br /><font size="5" color="red">Haiku By:Rita Odeh</font><br /><br /><br /><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="#000066"><br /><br />the scent<br />not the flower<br />is driving me crazy<br /><br /><br />~<br /><br />...cloudy morning<br />a kite flies higher<br />than its string<br /><br /><br /><a href="http://tinywords.com/haiku/2007/04/13/">tinywords</a><br /><br /><br />~<br /><br />autumn morning<br />strutting behind his shadow<br />the old turkey<br /><br /><br /><a href="http://www.haikuworld.org/kukai/archive.nov2007.html">Rita Odeh<br /> winner of our Kigo section<br />November 2007 Kukai<br />haikuworld.org </a><br /><br /><br />~<br /><br />...still lake<br />seagulls stir<br />the far moon<br /><br />~<br /><br />-refugee camp<br />sculpting the tree trunk<br />into a cross<br /><br />~<br /><br />-funeral procession<br />a neighbour's swing sways<br />with the wind<br /><br />~<br /><br />- borders<br />sparrows fly above<br />the rusty barbwire<br /><br /><br /><a href="http://simplyhaiku.com/SHv5n2/haiku/Odeh.html">Simply Haiku</a><br /><br /><br />~<br /><br />...mud spot<br />old rooster stirs<br />his shadow<br /><br />~<br /><br />-winter stillness<br />only a sparrow<br />to share my meal<br /><br /><br /><br /><a href="http://tinywords.com/haiku/2007/02/16/">tinywords</a><br /><br />~<br /><br />-almond blossoms<br />an old man squatting<br />near an open cage<br /><br />~<br /><br />-a blown kiss<br />pampas grass sways<br />towards the river<br /><br />~<br /><br />-women shelter<br />yasmine scents spread<br />beyond the fence<br /><br />~<br /><br />-Valentine morning<br />time to release<br />the lovebirds<br /><br />~<br /><br />after a<br />...long night<br />the morning glory<br /><br />~<br /><br />-first butterfly<br />a child asks<br />if it's real<br /><br />~<br /><br />-crowded park<br />a couple hugs<br />in my shadow<br /><br />~<br /><br />-silent love<br />the rose unfolds<br />its first petal<br /><br />~<br /><br />-waning moon<br />,on her mourning dress<br />a white pacifier<br /><br />~<br /><br />-peace talk<br />the third crow<br />of a rooster<br /><br />~<br /><br />-Romeo and Juliet<br />the seat next to me<br />remains vacant<br /><br />~<br /><br />-that fish<br />endlessly swimming<br />in the same pot<br /><br />~<br /><br />...calm night<br />those clouds weave<br />one dream after another<br /><br />~<br /><br />...wedding <br />a daisy stretches its roots<br />in an olive tree's soil<br /><br />~<br /><br />...setting sun<br />taller than the kid<br />grandma's cane<br /><br />~<br /><br />...earthquake alarm<br />trees raise their hands<br />towards the sky<br /><br />~<br /><br />...camp<br />she asks her father<br />!what is a refugee<br /><br />~<br /><br />...borders<br />the olive branches sway<br />beyond the barbwire<br /><br />~<br /><br />-turbulent sea<br />the silence of a fish<br />on that rock<br /><br />~<br /><br />...by the river<br />my rough dream drifts<br />towards the sea<br /><br />~<br /><br />...a pine tree falls<br />the sparrow's song<br />goes on<br /><br />~<br /><br />...winter morning<br />high waves challenge<br />an empty chair<br /><br />~<br /><br />-first dew touch<br />shlyly, the lily unfolds<br />her petals<br /><br />~<br /><br />...that full moon<br />a coin falls into<br />the beggar's palm<br /><br /><br /><a href="http://www.dailyhaiku.org/?s=haiku&c=Rita-Odeh">dailyhaiku</a><br /><br />~<br /><br />-Valentine's dawn<br />awakened by a woman's<br />scream<br /><br />~<br /><br />...still lake<br />a frog jumps into<br />its reflection<br /><br />~<br /><br />still wandering<br />over fields of chysanthemum<br />my old dream of love<br /><br />~<br /><br />-deepening dusk<br />tearfully, he counts<br />the tents<br /><br />~<br /><br />-crowded tents<br />how can the cactus<br />؟bloom<br /><br />~<br /><br />...sunny day<br />first crocus blooms in the garden<br />of a late neighbour<br /><br />~<br /><br />-autumn leaves <br />the stillness of the girl's sandals <br />near a headstone<br /><br /><br /></font><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="red"><br /><br />jesenje lišće<br><br />miruju devojačke sandale<br><br />kraj nadgrobnika<br><br><br /><br />Translation: Saša Važić <br /> <br /><a href="http://www.geocities.com/ana_vazic/haikuodab1.htm<br />">Selected Haiku</a><br /></font><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="#000066"><br /><br />~<br /><br /><br />-noisy market<br />lulled by mom's begging<br />he drifts to sleep<br /><br />~<br /><br />the eagle's wing<br />understands well<br />the language of wind<br /><br />~<br /><br />piercing<br />a distant frak frakkkk<br />the cicadas' ssss<br /><br />~<br /><br />-a rainy night<br />even without sandals<br />the clouds jog<br /><br />~<br /><br />fluttering<br />in the spider's web<br />~ may fly ~<br /><br />~<br /><br />-lonely tree<br />waiting for the moon<br />to defeat that cloud<br /><br />~<br /><br />-river breeze<br />as he flies the kite<br />butterflies flock<br /><br />~<br /><br />-wilderness<br />isn't love<br />!green<br /><br />~<br /><br />sparrows go<br />behind the hill singing of<br />lost identitiy<br /><br />~<br /><br />-I'm hungry for you<br />the sea whispered to the<br />subtle fish<br /><br />~<br /><br />a stone frog<br />in the public garden <br />!.wondering who I am<br /><br />~<br /><br />When will<br />that waning moon<br />-realize that<br />there is no other sky<br />?!...for him except me<br /><br />~<br /><br />christmas<br />morning; a child on<br />the crowded<br />lorry counting one<br />soldier . . . two, three<br /><br /><br /></font><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBTWfnn68ugiMbdgiaz1XE9qyzVl2EUdUg0hR6wnn64dcM1JaYdOSIEORTWv88302kDmIGP_df-WpuunbzVLGhZn95ueculEJwapwmpF4aI2nBrhAe38nIP_TAiaO9gJ4Lo_LPgS9BL8c/s1600-h/75.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 125px; height: 163px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBTWfnn68ugiMbdgiaz1XE9qyzVl2EUdUg0hR6wnn64dcM1JaYdOSIEORTWv88302kDmIGP_df-WpuunbzVLGhZn95ueculEJwapwmpF4aI2nBrhAe38nIP_TAiaO9gJ4Lo_LPgS9BL8c/s320/75.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5372637287637858882" /></a><br /><br /> <font face="Comic Sans MS" size="2" color="#000066"><br />Rita Odeh <br /><br />I was born in Nazareth 29 of September 1960.<br />I have B.A. in English and Comparative Literature <br />.from Haifa University <br />.High school teacher in my town<br />Published so far<br />:6 books of poetry <br /><br />Revolution Against Silence-1994<br /><br />Mirrors Of Illusion-1998<br /><br />A Diary Of A Gypsy Lover-2000<br /><br />Who Doesn't Know Rita..!?-2003<br /><br />One Tear Before Getting Suffocated-2005 <br /><br />I Will Try You Once More-2008<br /><br />: MY E_BOOKS <br />WATCHING THE BUDS OF DREAM-Haiku,2006<br /><br /><a href="http://www.geocities.com/ana_keyan"> CLICK HERE TO READ MY TRANSLATED LITERATURE</a></font><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg4MqCBLhhTJEgmlvya8hRc4D8aazB6NTGoMwMhkmNJks9Z2WrWAmeRF6b6QDuUebivq_HtnbuJbGM0PFfNkoq0dvjLysbSaBa0ZUE63dWk6TMfJVCcDBSeZ7OQnOGPu2TSLbYzmu6m7yM/s1600-h/tear_rita.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 200px; height: 154px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg4MqCBLhhTJEgmlvya8hRc4D8aazB6NTGoMwMhkmNJks9Z2WrWAmeRF6b6QDuUebivq_HtnbuJbGM0PFfNkoq0dvjLysbSaBa0ZUE63dWk6TMfJVCcDBSeZ7OQnOGPu2TSLbYzmu6m7yM/" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5372643326235365778" /></a><br /><br /><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="red"><br />"The Countess Of Sadness"<br />By: Rita Odeh, Nazareth<br /></font><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="#000066"><br />Silently, <br />as she observes <br />the wren's jointly dance <br />with a white charming cloud, <br />the Iris folds<br />her new- born petals <br />withdrawing a dream <br />heaped with wheat ; <br />drifting behind tears<br />which kept sprinkling <br />her leaves<br />till the stars<br />grew dim...<br /><br />Silently,<br />the shadow of two in dance<br />grows transparent<br />so the sparrow of yearning<br />loses countless feathers. <br /><br />Silently,<br />bored spiders<br />start weaving webs<br />on the remnants<br />of a lost dream,<br />while, the Countess<br />of sadness<br />rides the cloud less beaming<br />heading towards rivers, <br />fields and white pure<br />flakes of snow. <br /><br />Finally,<br />the rainbow<br />of the far<br />gloomy horizon<br />is restored. <br /><br /><br />15Oct.2006 <br /></font><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s1600-h/frog.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 108px; height: 61px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s320/frog.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5372644001843417954" /></a><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="red"><br />Her Ghost <br />By: Rita Odeh, Nazareth<br /></font><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="#000066"><br />Slipping out of<br />the scarecrow pocket<br />asking to be <br />...re-caught <br /><br />Stirring the mud in <br />the bottom ofa sparrow’s dream <br /><br />Sucking the sap of <br />A swallow’s stream… <br /><br />,Re-sinking in vague darkness<br />Leaving the sense of a ghostly steam<br /><br /><br />Nov. 25, 2006 <br /></font><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s1600-h/frog.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 108px; height: 61px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s320/frog.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5372644001843417954" /></a><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="red"><br />“Descending the Cross” <br />By: Rita Odeh, Nazareth<br /></font><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="#000066"><br />A tiny butterfly<br />in a spider’s web<br /><br />Fighting for the right<br />,to enjoy the scents of joy<br />seeds of soy<br /><br />to descend the cross<br />to make her unique floss<br />,to grow, not to bow<br />to run after the rainbow<br /><br />to reject the fate of siege<br />the wailing of Troy<br /><br /><br />Nov. 26, 2006 <br /></font><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s1600-h/frog.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 108px; height: 61px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s320/frog.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5372644001843417954" /></a><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="red"><br />“Dancing With Words” <br />By: Rita Odeh, Nazareth<br /></font><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="#000066"><br />,Come dance with me <br />...with words unlike common words <br />,high leaps beyond borders <br />where you will see <br />what a butterfly may see <br />,when in love with a rose <br />what a cricket can hear <br />,after a heavy rain shower <br />what a sea can say <br />...at the first touch with the shore <br />,come soar with me<br />...once with, once against the wind <br />,across clouds, mountains and hills <br />...under the grace of the high moment<br />,come defeat the dragon <br />,fight the dark <br />,trace the rainbow <br />,fool the wolf <br />,eat some of Little Red Riding Hood's sweet cakes <br />,wear Cinderella' charming shoes <br />...feel the wonder of the word <br />for the world <br />:will one day tell <br />,merely, those crazy poets can sing <br />.the sparrows' merriest songs <br /><br /><br />Nov.2006 <br /><br /></font><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s1600-h/frog.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 108px; height: 61px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s320/frog.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5372644001843417954" /></a><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="red"><br />“Memories” <br />By: Rita Odeh, Nazareth<br /></font><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="#000066"><br />He sent me an old pebble<br />from the holy land,a shard<br /><br />Whenever I hold it<br />I cry hard...<br /><br />the dying scream<br />the drying sky<br /><br />the bubbles of dream<br />the endless sigh<br /><br /><br />Nov.26, 2006 <br /></font><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s1600-h/frog.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 108px; height: 61px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiF8cdcRtHhg-odDUbYxZCOi97aEGGYnGD6k2lb1qaue9mmX1NMx0g5iZ1IxrLga9gGfI4HSCtHyiA28uDnzrYR1mZcvExXXL5ynqgV-SWX1nOBNDyK6aSgf9Y1OXQ0eTX8s3auLKUtgJI/s320/frog.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5372644001843417954" /></a><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="red"><br />Associations<br />By: Rita Odeh, Nazareth<br /></font><br /> <font face="Comic Sans MS" size="3" color="#000066"><br />Love <br />The fantasy of madness<br /><br /><br />Marriage <br />A flute without holes <br /><br /><br />Writing <br />A creative anxiety <br /><br /><br />A Word <br />The cocoon of an idea <br /><br /><br />Reading <br />A formal inspection of the other s mood <br /><br /><br />Life <br />A lamp, but who switched off its oil ..?! <br /><br /><br />Dance <br />The ecstasy of a possessed release of the body from the grip of stillness<br /><br /><br />Music <br />The post solitude rituals<br /><br /><br />An apple <br />The delicious curse<br /><br /><br />Homeland <br />An evergreen tree<br /><br /><br />Clouds <br />The sky s letters <br /><br /><br />The sea <br />The mirror of a heart in love<br /><br /><br />Hope <br />The compass of a blind heart<br /><br /><br />The horizon <br />The temptation of the impossible <br /><br /><br />Birds <br />The traps of imagination<br /><br /><br /> 25/1/2008 <br /><br /> </font></CENTER>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-5442088430160687252013-05-28T10:32:00.001-07:002015-02-04T16:36:37.788-08:00A collection of Rita Odeh's poems in Arabic, English and Hebrew<CENTER><br /><font size="4" color="grey"><br /><br />ריטה עודה <br />משוררת וסופרת, ילידת נצרת 29.9.1960<br />תואר ראשון בשפה אנגלית וספרות השוואתית<br />עבדה כמורה לאנגלית בתיכון העירוני- נצרת<br /><br />מהפרסומים שלה בתחום השירה :<br /><br />מהפך על השתיקה- 1994<br />מראות האשליה 1998<br />יומנה של צוענית מאוהבת- 2001<br />ומי לא מכיר את ריתה- 2003<br />לפני החניקה בדמעה- 2004<br />אני אנסה אותך פעם נוספת- 2008<br /><br />יצא לאור מעבודותיה בתחום הספרות:<br /><br />אני השגעון שלך- 2009<br /><br /><br />שני רומנים קצרים: 2007 - 2008 .<br /><br />שיריה תורגמו למספר שפות דרך רשת האינטרנט.<br />קיבלה מקום ראשון ברמה העולמית בתחום כתיבת שירת "ההיקו".<br /><br /><br /><br />ومضات شعـريــَّة<br />ريتـا عودة<br /><br />ריטה עודה<br />שירים<br />מערבית: לאה גלזמן<br />Translation into English by:<br />Rita Odeh<br />Nazareth<br /><br /><br /><br />1-<br /><br />هذي<br />جراحي<br /><br />فادخلوها<br />آمنين<br /><br /><br /><br />אלה הם <br />הפצעים שלי<br /><br />כלם חרוטים <br />כעשרת הדיברות<br />על לוח לבי <br /><br />תכנסו<br />בתחושה של<br />בטחון<br /><br /><br /><br />These are my wounds. So, do come in feeling safe.<br /><br /><br /><br /><br /><br />==============<br /><br /><br /><br /><br />2-<br /><br />صرخة إعراب<br /><br />إلى متى<br />يظلّ الإنسانُ الصادقُ <br />ضميرا مستترا <br />وتظلّ الأقزام <br />المشبّهة بالأفعال <br />تنصب وترفع <br />ما تشاء <br />متى تشاء..!!<br /><br /><br />צעקת דקדוק<br /><br />עד מתי<br />יהיה האדם<br />הישר<br />גוף נסתר<br />ואילו הגמדים שדומים <br />לפעלים<br />יעלו ויורידו כל מה שהם <br />רוצים<br />מתי שהם <br />רוצים<br /><br /><br /><br />A Cry of Grammar<br /><br />Till when <br />will the honest<br /> human being,<br /> be<br />, an absent pronoun <br />and the dwarfs<br />,"who look like" verbs <br />put down, and put up, <br />whatever they want,<br />!..whenever they want<br /><br /><br /><br />====================<br /><br /><br /><br /><br />3-<br /><br />لصوصيّة <br /><br />الحياةُ قنديلٌ . لكن :من سرقَ زيته..؟!<br /><br /><br /><br />גנבה<br /><br />החיים הם מנורה. אך : מי גנב את הזית שלה..؟!<br /><br /><br /><br />Robbery<br /><br />Life is a lamp. But, who stole it's fuel..?! <br /><br /><br /><br />=============<br /><br /><br /><br />4-<br /><br />صـِرَ ا ع <br /><br />يُحاصرُني الحزنُ <br />فأحاصرُه. <br /><br />حقــًا: البقاءُ دومًا للأقوى <br /><br /><br /><br /><br /><br />מאבק<br /><br />כשהעצב <br />שם עלי מצור<br />אני שמה עליו<br />מצור כפול. <br /><br />בעצם :<br />רק לחזק יש קיום<br /><br /><br /><br /><br /><br />Conflict<br /><br />Sadness besieges me. <br />I do besiege it. <br /><br />Indeed, <br />only the strongest survives.<br /><br /><br /><br /><br />====================<br /><br /><br /><br /><br />5-<br /><br />صمــت <br /><br />لـنصمتَ قليلاً <br />لنـُنـْصتَ طويلاً <br />هاهـُم:<br />إنَّ<br />وأنّ <br />وليتَ <br />ولعلّ <br />يهرولون إلينـــا <br />ونحن وحيدان <br />و حــ يـــ د ا ن <br /><br /><br /><br /><br />שקט<br /><br />בוא נשתוק<br />לרגע.<br />בוא נקשיב <br />לרגע.<br /><br />הנה הם :<br />למה<br />איך<br />איפה<br />ומתי<br />רצים אלינו<br />ואילו <br />שנינו בודדים<br />ב ו ד ד י ם<br /><br /><br /><br /><br /><br />Scilence<br /><br /><br />.Let's hush for a while <br />.Let's listen <br />:Here they come<br />,what <br />,where<br />,when<br />and <br />..why <br />rushing towards us <br />while we are both <br />.lonely <br />So<br /> l o n e l y<br /><br /><br /><br /><br />=========================<br /><br /><br /><br /><br />6-<br /><br /><br />ازدواجيــّة <br /><br />التجـأتُ لكفـِّكَ <br />عـَدوًا خلفَ <br />قمح ِ حـَنـَان ٍ<br />فاكتشفتُ أنّها <br />أيضـًا على الصَّـفع ِ <br />قادرة ٌ<br /><br /><br /><br /><br /><br />כפילות<br /><br />חיפשתי מקלט<br />תוך כף היד<br />שלך<br />בריצה אחרי<br />חיטה של חיבה<br />וגליתי<br />שביכולתה<br />גם לתת מקות<br /><br /><br /><br /><br />Double Attitude<br /><br />I sought refuge<br />, your hand in<br />chasing<br />.the wheat of affection <br /><br />I found out<br />that it can also beat. <br /><br /><br /><br /><br /><br />=====================<br /><br /><br /><br /><br />7-<br /><br /><br />حَظرُ تَجَوُّل<br /><br />تسللتُ بحريّة<br />إلى مدينة ِ أفكاركَ<br />فاستوقفني جنديٌّ عابر<br />على بوَّابةِ أسراركَ ،<br />وصرخ َ: "هُويَّة "!<br />حينَ أدركَ أنـّي عربيَّة<br />صادرَ أَحلاَمِي <br /><br /><br /><br />עוצר<br /><br />שוטר שהזדמן<br />ליד השער של <br />מחשבותיך<br />עצר אותי בצעקה:<br />" תעודת זהות..! "<br />כשנודע לו<br />שאני ערביה<br />הוא עקל את<br />חלומותיי<br /><br /><br /><br /><br />Curfew <br /><br />A passing-by soldier <br />stopped me,<br /> at <br />, the gate of your thoughts <br />shouting: <br />."!..Identity Card" <br />When he discovered that<br />Arab, I am an <br />.he confiscated my dreams<br /><br /><br /><br /><br />==================<br /><br /><br /><br /><br /><br />8-<br /><br /><br />لمَ، هذا الصّباح، في كلِّ المرايا، أرَاك..!؟<br /><br /><br /><br />מדוע, בכל מראה, אני רואה אותך הבוקר?!.. <br /><br /><br /><br />!?..Why, in every mirror, I do see you this morning<br /><br /><br /><br /><br />===================<br /><br /><br /><br /><br />9-<br /><br /><br />حريّة<br /><br />أكونُ لكَ<br />سنونوّة<br />حين لا<br />تكونُ ليَ<br />القفص <br /><br /><br /><br /><br />חופש<br /><br />אני יכולה להיות<br />הצפור שלך,<br />אם אתה מבטיח<br />לא להיות<br />הכלוב שלי.<br /><br /><br /><br /><br />Freedom<br /><br />I can be<br />your swallow,<br />if you promise<br />not to be<br />.a cage<br /><br /><br /><br /><br />==========================<br /><br /><br /><br /><br />10-<br /><br />حقائق<br /><br />اللسان الذي لا <br />يستطيع أن يقول:" لا " ،<br />ليس لسان إنسان.<br /><br /><br /><br /><br /><br />עובדות<br /><br />לשון<br />שלא יכול לומר: "לא",<br />הוא לא <br />לשון של אדם.<br /><br /><br /><br /><br />Facts<br /><br />A tongue that<br />cannot say: " no ",<br />isn't a tongue<br />of a human being.<br /><br /><br /><br /><br />=======================<br /><br /><br /><br /><br />11<br /><br />الحبر أبقى<br /><br />كــَفاكَ عويلا <br />على حلم ٍمٍَســْكـُوب <br />كـَفـْكـفْ دَمعـَكَ <br />واكتـُبنـي: <br />الحبـرُ أبقـَى <br />مِن الحُـــبّ<br /><br /><br /><br /><br />רק הדיו <br /><br />תפסיק לילל<br />על חלום שנשפך <br /><br />את דמעותיך<br />תנגב<br />ותכתב אותי<br /><br />הדיו יאריך <br />ימים<br />יותר מהאהבה<br /><br /><br /><br /><br /><br />Ink Lasts Longer <br /><br />Stop weeping over <br />a poured out <br />dream. <br />Dry your tears, <br />and write me. <br />Ink lasts longer <br />than love.<br /><br /><br /><br /><br /><br />==========================================<br /><br /><br /><br />HAIKU BY POETESS RITA ODEH<br />Nazareth<br />2010<br />מאנגלית: אמיר אור<br /><br /><br /><br /> the scent<br />not the flower<br />is driving me crazy<br /> <br />הריח,<br />לא הפרח<br />משגע אותי<br /> <br /> <br />ليست الوردة<br />إنما عطرها<br /> هو ما يُدَوِّخـُنـِي<br /> <br /> <br /> <br /> <br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-cloudy morning<br />a kite flies higher<br />than its string<br /> <br /> <br />בוקר מעונן –<br />עפיפון עף גבוה<br />מן החוט שלו<br /> <br /> <br />صباحٌ ضبابيّ-<br />ثمة طائرة ورق تطير أعلى<br />من خيطها<br /> <br /> <br /> <br /> <br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-waning moon<br />,on her mourning dress<br />a white pacifier<br /> <br /> <br />לבנה מתמעטת-<br />על שמלת האבל שלה<br />מוצץ לבן<br /> <br /> <br />قمرٌ متضائل-<br />ثمةُ مصاصة ٌ بيضاء<br />على ثوبِ حِدادها<br /> <br /> <br /> <br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-first butterfly<br />a child asks<br />if it's real<br /> <br /> <br />פרפר ראשון –<br />ילד שואל<br />אם זה אמיתי<br /> <br /> <br />الفراشة ُ الأولى-<br />طفلٌ يسأل:<br />أهي حقيقيّة.!<br /> <br /> <br /> <br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-crowded park<br />a couple hugs<br />in my shadow<br /> <br /> <br />גן הומה אדם<br />שני חיבוקים<br />בצלי<br /> <br /> <br />منتزهٌ مزدحم-<br />ثمة ُ عاشقان يتعانقان<br />في مجالِ ظلـّي<br /> <br /> <br /> <br /><br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-refugee camp<br />sculpting the tree trunk<br />into a cross<br /> <br /> <br />מחנה פליטים<br />מפסל את גזע העץ<br />לצלב<br /> <br /> <br />مخيمُ لاجئين-<br />ثمةُ من ينحتُ صليبًا<br />من جذع شجرة <br /> <br /> <br /> <br /><br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-Borders<br />sparrows fly above<br />the rusty barbwire<br /> <br /> <br />גבולות –<br />דרורים עפים מעל<br />התיל החלוד<br /> <br /> <br />حدودُ البلاد-<br />عصافيرُ الدوريّ تطيرُ فوقَ<br />الأسلاك الصَّدئــَة<br /> <br /> <br /> <br /><br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-Borders<br />the olive branches sway<br />beyond the barbwire<br /> <br /> <br />גבולות –<br />ענפי הזית מתנועעים<br />מעבל לתיל<br /> <br /> <br />حدودُ البلاد-<br />فروعُ شجرةِ الزيتون تتخطّى<br />الأسلاك الشائكة<br /> <br /> <br /><br /> <br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-Camp<br />she asks her father<br />!what is a refugee<br /> <br /> <br />מחנה –<br />היא שואלת את אביה<br />מה זה פליט!<br /> <br /> <br />مخيَّم-<br />تسألُ والدها ما معنى<br />كلمة لاجئ<br /> <br /> <br /> <br /><br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-peace talk<br />the third crow<br />of a rooster<br /> <br /> <br />שיחת שלום –<br />קריאתו השלישית<br />של תרנגול<br /> <br /> <br />محادثةُ سلام-<br />الصّياح الثالث<br />للدّيك<br /> <br /> <br /><br /> <br />~~~~~<br /> <br /> <br /><br /> <br />christmas<br />morning; a child on<br />the crowded<br />lorry counting one<br />soldier . . . two, three<br /> <br /> <br />בוקר כריסטמס;<br />ילד על משאית<br />צפופה, סופר חייל<br />אחד... שניים, שלושה<br /> <br /> <br />الصباحُ الأول للميلاد-<br />طفلٌ في شاحنة<br />يواصلُ العدَّ:<br />جنديان..ثلاثة<br />أربعة...<br /> <br /> <br /><br /> <br />~~~~~<br /> <br /> <br /> <br />-autumn morning<br />strutting behind his shadow<br />the old turkey<br /> <br /> <br />בוקר סתו –<br />טופף אחרי צלו<br />תרנגול ההודו הזקן<br /> <br /> <br />صباحٌ خريفيّ-<br />خلفَ ظلِهِ يختالُ<br />الديك الرُّوميّ<br /> <br /> <br /> <br /><br />~~~~~<br /> <br /><br /> <br />...that full moon<br />a coin falls into<br />the beggar's palm<br /> <br /> <br />הירח המלא ההוא...<br />מטבע נופל לתוך<br />כפו של הקבצן<br /> <br /> <br />ذلكَ القمر المكتمل-<br />قطعة ُ نقودٍ تقعُ<br />في راحةِ مُتسَوِّل<br /><br /><br /><br /><br /></font></CENTER><br /><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-74909707724868132912012-05-13T20:08:00.000-07:002015-04-16T21:58:25.651-07:00ריטה עודה<br><br /><CENTER><br />
<font size="3" face="Times New Roman" font color="pink"><br />כשמשהו בא, הוא בא אלי כמו נהר<br />מאת עלית קרפ<br /> <br /><br />שלושה משוררי הייקו מספרים בשולי "שער", פסטיבל השירה הבינלאומי,<br /><br />שער", פסטיבל השירה הבינלאומי, חוגג את שנתו העשירית בפסטיבל "סקס, שקרים ואלוהים - בעקבות עשרת הדיברות". בין שאר המשוררים מישראל ומהעולם משתתפים בו גם באניה נאטסואישי מיפאן, קזימירו דה ברטו מפורטוגל וריטה עודה מישראל, כולם משוררי הייקו ששירתם תורגמה לעשרות שפות.<br /><br /><br />ההייקו הוא סוגת שירה שהתפתחה ביפאן, ועל פי הפרשנות המערבית שניתנה לה, היא כוללת 17 הברות בלבד, עוסקת על פי רוב בטבע ומשתמשת בשני דימויים שבדרך כלל קשורים תימטית זה בזה. כבר מתחילת המאה העשרים זכו שירי ההייקו לתשומת לב רבה בעולם המערבי, גם באמצעות תרגומים וגם באמצעות שירה מקורית שצייתה לפחות לחלק מכללי הסוגה וזכתה לשמה.<br /><br /> <br />נאטסואישי, דה ברטו ועודה מפרשים את ההייקו בדרכים שונות מאוד זו מזו, חלקן מסורתיות יותר וחלקן פחות. הדיון בסוגיה מתנהל באווירה סוערת למדי, גם אם ידידותית, ובסופו מתברר שדווקא המצדדים במודרנה שואבים נושאים רבים מהמסורת, ומי שהצהירה על אהדתה למסורת משלבת בשירתה תכנים פוליטיים, פסיכולוגיים וחברתיים.<br /><br /> <br />השירה פרצה גבולות סגנוניים רבים במאתיים השנים האחרונות. באיזו מידה שירת ההייקו, על כל הגבלותיה, רלבנטית למאה ה-21?<br /><br /><br />ריטה עודה: "אני אוהבת את ההייקו הקלאסי, שבדרך כלל עוסק בטבע. אם בשירה המקובלת בעולם המערבי עלי לייצר את דימוי, הרי שבהייקו הוא עולה מאליו, מתוך תופעות הטבע שמקיפות אותנו. הדימוי הזה תמיד מספר משהו על הטבע האנושי".<br /><br /><br />דה ברטו: "במשך ארבעים שנה אהבתי את ההייקו הקלאסי ותירגמתי שירת הייקו מיפאנית לפורטוגלית. לאחר שפגשתי את באניה נאטסואישי למדתי ממנו רבות על ההייקו המודרני וגיליתי שהסוגה הזאת שואבת מההיסטוריה של השירה כולה. היום היא עוסקת למעשה בכל תחום: יש הייקו סוריאליסטי, יש הייקו פוליטי, כמו השירים שנכתבו לאחר הירושימה, ויש גם הייקו חברתי. ההייקו הוא אמנם קטן וזעיר, אבל הוא מועט המחזיק את המרובה ויש בו אפילו שירים ארס-פואטיים.<br /><br /><br />"פיתחתי שיטה, שנדמה לי שהיא שיטה חדשה בשירת ההייקו, והיא מבוססת על כך שאני רואה את הטבע בעולם כולו, גם בבני האדם וגם במה שיצרו. בפילוסופיה שלי, שרבים הושפעו ממנה, האדם אינו חשוב יותר מגרגר של חול וקיים שוויון בין כל תופעות הטבע כולן. ההייקו המודרני אינו אלא דרך לומר דברים בנשימה אחת ויחידה וזו תמיד אמירה אלגנטית, כי הקיצור הוא מהותה".<br /><br /><br />נאטסואישי: "בארצות הרבות שבהן ביקרתי ואולי גם ביפאן, יש דעות קדומות על הייקו, והראשונה שבהן היא המחשבה שהייקו עוסק בטבע ומסתפק בשני דימויים בכל שיר. הסוגה המוקדמת יותר של הייקו, הטנקה, שיש בה 14 הברות נוספות, משתמשת באוצר מלים קטן יותר, ובוררת את מלותיו בקפידה, בעוד ההייקו משתמש באוצר מלים רחב יותר ופשוט יותר ואפילו בביטויים מיניים. ההבדלים הללו משקפים את העובדה שבראשית הדרך היתה הטנקה שירת המעמד הגבוה וההייקו שירת המעמד הנמוך, אבל ההבדלים הללו היטשטשו במהלך השנים. אמנם, בתחילת דרכו כמשורר הייקו משתמש באשו (משורר יפאני בן המאה ה-17) באוצר מלים שעוסק בטבע ויוצר דימויים עשירים ובלתי צפויים, אבל שירתו היתה נטולת עומק בשלב הזה, ורק מאוחר יותר השתנה סגנונו הספרותי, בד בבד עם שינוי אורחות חייו: הוא יצא אל הטבע הפראי. כשהתעמת עם דברים שקשה לבטאם במלים נאלץ ליצור חידושים וכך הפך אוצר המלים שלו לאוצר מלים מהפכני ואבנגרדי. זו מהות ההייקו המודרני: עיסוק בכל נושא, תוך שימוש מהפכני במלים".<br /><br /><br />בשיר הראשון במחזור "הייקו עם עשרת הדיברות" של נטסואישי הוא כותב: "סופת חול / אני נושא אתי / אל חושב".<br /><br /><br />כשניסיתי להצמיד את כל אחד מהשירים במחזור הזה לאחד מהדיברות, נכשלתי. אתה מודע למתח שקיים בין הנושאים שאתה עוסק בהם בשירתך לבין הנושאים המקראיים של עשרת הדיברות?<br /><br /><br />"שירת ההייקו שלי יוצאת דופן ביפאן וגם בארצות אחרות: אני משורר יפאני, אבל נולדתי בקובה ולמדתי בבית ספר קתולי, ככה שאני מכיר את התרבות הנוצרית, את הדוקטרינה שלה ואת הדוגמה שלה, ואני תמיד חושב גם על האל המונותיאיסטי וגם על האלים היפאניים. הפער ביניהם הוא מה שמזין אותי. מאמיניו של האל המונותיאיסטי מתקוטטים זה עם זה במיוחד בחלק הזה של העולם, אבל כשאני כותב על עשרת הדיברות אני חושב עליו, על האל המונותיאיסטי, גם משום שיש לי סימפתיה אישית עמוקה לישו. אני חש שעשרת הדיברות יוצרים בי אווירה שבתוכה התפתחו הנצרות והיהדות, אבל אני לא מזדהה דווקא עם הגוון המוסרי במובהק של הדברים".<br /><br /> <br />קזימירו דה ברטו, משורר הייקו מפורטוגל, גילה את שירת המזרח כשהיה בן 18, וירש את חדרו של פרופסור לתרבות המזרח באוניברסיטת וסטרפילד באנגליה. הוא מספר על אותו רגע, שהשירה הזאת הרעידה את עולמו כרעם ביום בהיר והוא חש שהיא מבטאת את התחושות העמוקות שיש לאדם ביחס לטבע. אבל שירי ההייקו שלו מבשרים דבר מה אחר לחלוטין. באחד מהם הוא כותב: "אחרי שחציתי את המדבר - עכבר! / הוא שר? גם אני".<br /><br /><br />המוות, התפוררות הגוף והחיפוש אחר שלוות הנפש הם נושאים שמעסיקים אותך רבות בשירתך. והנה, פתאום בהייקו מתגלה שיש לך חוש הומור. האם התבנית ההדוקה משחררת אותך?<br /><br /> <br />"אני לא חושב ששירות ההייקו שלי היא הומוריסטית, אלא פילוסופית. אני כותב מתוך חמלה לכל היצורים, וכך אני משווה בשיר שלי בין האדם לבין העכבר. בעיני, החיים מתקיימים רק כאן ועכשיו, אבל לרגע הקצר הזה עלי להכניס את כל הדברים כולם. זו בדיוק החוויה שאני מנסה לשקף בשירתי. בשירי על הפרפר אני אומר: 'ברח פרפר! / אנשים באים, / צבאותיהם'. זו דוגמה נוספת לנושא שאפשר לכתוב עליו עשרות אלפי מלים, אבל כאן הוא מתומצת. הקיצור והחסכנות של ההייקו גורמים לכך שמשיר לשיר אני משתתק, כי המלים אינן יכולות לבטא את מה שהשקט אוצר בתוכו. יותר ויותר אני מתמקד בקטן ובפשוט".<br /><br /> <br />על אף חיבתה המוצהרת של ריטה עודה מנצרת לטבע, עוסקת כתיבתה בדרך כלל בנושאים פוליטיים וחברתיים: מצב הנשים בחברה הערבית בישראל בפרט ומצב הערבים בחברה הישראלית בכלל. גם בשירת ההייקו שלה עובר המסר הפוליטי-החברתי-הפסיכולוגי כחוט השני. אהבתה להייקו הקלאסי מוצאת ביטוי בשירתה, ביחד עם תובנות אישיות על אודות נפש האדם. וכך היא כותבת: "בוקר מעונן / עפיפון עף גבוה / מן החוט שלו".<br /><br /> <br />באיזה פורמט את מעדיפה לכתוב את שירייך?<br /><br /> <br />"כתיבתי נולדה ביחד אתי. גם כשניסיתי להפסיק לכתוב היא קראה לי אחרי שנות התנזרות. התנסיתי בכל סוגי הכתיבה: כתבתי שירה, פירסמתי שלושה רומאנים וסיפורים קצרים, ואין סגנון שאני מעדיפה על פני האחרים. אני רואה בעצמי מצלמה של העולם, שרגישה לכל מה שמתחולל בו: מצבן של הנשים, מצבם של הערבים, מצבו של הטבע ונושאים נוספים, אבל לעולם אינני רואה בי יועצת לאף אדם בשום דבר ועניין. אינני מומחית לשום נושא, אני רק כותבת, מאירה את הדברים למען קוראי, שיחליטו בעצמם מה שיחליטו. כשמשהו בא, הוא בא אלי כמו נהר ולעולם אינני יודעת כמה מהיר וכמה עמוק יהיה הזרם. הוא שמחליט לעצמו את דרכו, לא אני".<br /><br />(2009)<br /><br /><br />
<a href="http://www.haaretz.co.il/hasite/spages/1195600.html">Haaretz</a>
<br /><br /><br />
<br /></CENTER></font><br /><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-24128806290337702152010-10-19T02:10:00.012-07:002015-05-02T04:27:11.786-07:00انا كيان<br><br /><CENTER><br /><br /><br />Blog in ENGLISH<br /><br /><font size="4" color="black"><br /><a href="http://rita-odeh.blogspot.com">CATCHING THE MOMENT<br />Rita Odeh's Blog<br /> devoted to<br /> HAIKU and HAIGA</a></font><br />(click the above link)<br /><br /><br /><br /><br />***<br /><br /><br /><br /><br /><br />Blog in ARABIC<br /><font size="4" color="white"><br />ريتـــا عودة<br />هذي جراحي فادخلوها آمنين<br /> </font><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg39GpMvtUk9ebd005jfwRRGSswdaxgJLEMiGzuzCGnGxBovy1-qh1Eyew17kedzR2SZRo4gxLfxtzFbSfvDwUh9ZCsUAXkeReYeXYXECl-y7Yse_pqkS-WORg7wGb1qvg_EZKYEepW3QA/s1600/Rita_sayings1_small.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 282px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg39GpMvtUk9ebd005jfwRRGSswdaxgJLEMiGzuzCGnGxBovy1-qh1Eyew17kedzR2SZRo4gxLfxtzFbSfvDwUh9ZCsUAXkeReYeXYXECl-y7Yse_pqkS-WORg7wGb1qvg_EZKYEepW3QA/s400/Rita_sayings1_small.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5530820047051876242" /></a><br /><br />زهرة <br />عبّاد الشمس<br />أنا<br />أرفعُ رأسي وأحيا<br />فبقائي<br />في كبريائي<br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhypMMsb6hRD5PQYrtei-bzJa1tss_OAS5i3bDPlGGDLQb0j5yl22954VzagM3q5QQpiQxHDjXvEPg_LAExuFK3B5Nbrf4Pl2cUhkPhPwFWu9ApyZb3xe-5sc_u6ODTk470MnkDAZqkrqQ/s1600/%D8%A7%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84+%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%A7-2.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 282px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhypMMsb6hRD5PQYrtei-bzJa1tss_OAS5i3bDPlGGDLQb0j5yl22954VzagM3q5QQpiQxHDjXvEPg_LAExuFK3B5Nbrf4Pl2cUhkPhPwFWu9ApyZb3xe-5sc_u6ODTk470MnkDAZqkrqQ/s400/%D8%A7%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84+%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%A7-2.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5531462836332486386" /></a><br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#330099"><br />ריטה עודה<br />שירים<br />מערבית: לאה גלזמן<br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhrxStswgL21JaMx930eMdxV4tjM3AarOv7EMMKvtUOxv1v8qAK-G_fird_4f-YI6QvtVNzodFKFY1vqJAy1Vxn_RxzTFiGufDjZvXYLA0HZ7EIZLfYQqrqGQKhqTSVDhsB4FxD0V6WiFs/s1600/the_best.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 282px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhrxStswgL21JaMx930eMdxV4tjM3AarOv7EMMKvtUOxv1v8qAK-G_fird_4f-YI6QvtVNzodFKFY1vqJAy1Vxn_RxzTFiGufDjZvXYLA0HZ7EIZLfYQqrqGQKhqTSVDhsB4FxD0V6WiFs/s400/the_best.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5543864459319429234" /></a><br /><br /><br />Translation into English by<br />Rita Odeh, Nazareth</font><br /><font size="4" color="red"><br /><br /><br />1-<br /><br />هذي<br />جراحي<br /><br />فادخلوها<br />آمنين<br /> </font><br /><br /><br />אלה הם <br />הפצעים שלי<br /><br />תכנסו<br />בתחושה של<br />בטחון<br /><br /><br /><font size="2" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />.These are my wounds<br />,So<br />.do come in feeling safe<br /> </font><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg6sfd9JFpwHkPZsgjyeCgjqLE6N9RR3M6TMFoSuak1mt10CxuHHHVYZv6m2VkrCpWdKWlVXG06h0WSGOCpYjLYqQIARfX9X34Mi9LuYG0fwwJud-EJYgy-0mhNnhzVgEZdbIPFNc-geYk/s1600/%D8%A7%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84+%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%A7-2.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 362px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg6sfd9JFpwHkPZsgjyeCgjqLE6N9RR3M6TMFoSuak1mt10CxuHHHVYZv6m2VkrCpWdKWlVXG06h0WSGOCpYjLYqQIARfX9X34Mi9LuYG0fwwJud-EJYgy-0mhNnhzVgEZdbIPFNc-geYk/s400/%D8%A7%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84+%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%A7-2.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5533689239894085394" /></a><br /><br /><font size="4" color="red"><br />2-<br /><br />صرخة إعراب<br /><br />إلى متى<br />يظلّ الإنسانُ الصادقُ <br />ضميرا مستترا <br />وتظلّ الأقزام <br />المشبّهة بالأفعال <br />تنصب وترفع <br />ما تشاء <br />متى تشاء..!!<br /> </font><br /><br /><br /><br />צעקת דקדוק<br /><br />עד מתי<br />יהיה האדם<br />הישר<br />גוף נסתר<br />ואילו הגמדים שדומים <br />לפעלים<br />יעלו ויורידו כל מה שהם <br />רוצים<br />מתי שהם <br />רוצים<br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />A Cry of Grammar<br /><br />Till when <br />will the honest<br />,human being<br />be<br />,an absent pronoun <br />and the dwarfs<br />,"who look like" verbs <br />,put down, and put up <br />,whatever they want<br />!..whenever they want<br /> </font><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiXTpxWZMqGQyEKViSMowZKLAnQl2gnZ3R5SfuQphPNFwuonqyiVhgSiT8OPiRXCXAqXVeA450KAySWyA6vCA9la4JR04MpVaxUCBXM8ufMqY48ul_rocNE6mwS638Xi23FAtumGXxbJhQ/s1600/life_haiga.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 400px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiXTpxWZMqGQyEKViSMowZKLAnQl2gnZ3R5SfuQphPNFwuonqyiVhgSiT8OPiRXCXAqXVeA450KAySWyA6vCA9la4JR04MpVaxUCBXM8ufMqY48ul_rocNE6mwS638Xi23FAtumGXxbJhQ/s400/life_haiga.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5535563902899211666" /></a><br /><br /><font size="4" color="red"><br />3-<br /><br />لصوصيّة <br /><br />الحياةُ قنديلٌ . لكن :من سرقَ زيته..؟!<br /> </font><br /><br /><br /><br />גנבה<br /><br />החיים הם מנורה. אך : מי גנב את הזית שלה..؟!<br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />Robbery<br /> </font><br /><br />.Life is a lamp<br />,But<br />?!..who stole it's fuel <br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjaeOjpJ8DGS6meX4d-vSmQRdJ2GcfMirt3E5jHNe69bH6xNinNECaJbPk5W9zQmN-IY_9z1NORZuqsm_VxVw4XEEs5FIE5xhLBhM7Uy5TKmerbKHITc2HhXPnmVke5zqBUelFMOreCM-Y/s1600/haiga-thestrongest.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 322px; height: 400px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjaeOjpJ8DGS6meX4d-vSmQRdJ2GcfMirt3E5jHNe69bH6xNinNECaJbPk5W9zQmN-IY_9z1NORZuqsm_VxVw4XEEs5FIE5xhLBhM7Uy5TKmerbKHITc2HhXPnmVke5zqBUelFMOreCM-Y/s400/haiga-thestrongest.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5546167874683649394" /></a><br /><br /><font size="4" color="red"><br />4-<br /><br />صـِرَ ا ع <br /><br />يُحاصرُني الحزنُ <br />فأحاصرُه. ُ <br /><br />حقــًا: البقاءُ دومًا للأقوى <br /> </font><br /><br /><br /><br />מאבק<br /><br />כשהעצב <br />שם עלי מצור<br />אני שמה עליו<br />מצור כפול. <br /><br />בעצם :<br />רק לחזק יש קיום<br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />Conflict<br /><br />.Sadness besieges me <br />.I do besiege it <br /><br />,Indeed <br />.only the strongest survives<br /> </font><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhz9XOvpAfbTX9pcFy1DC0kb3PII54eMJpQ6RWvLRgXWiCfjWSyDhJBm0C_PzLjevEe6SB3oub6SnBOMHfXnpc7_Zf7G69jVq0l3WaZRib_EnQs5X08cwvjkYNFJYx9HBDtaXcu6nIUbfk/s1600/lonely_haiga.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 400px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhz9XOvpAfbTX9pcFy1DC0kb3PII54eMJpQ6RWvLRgXWiCfjWSyDhJBm0C_PzLjevEe6SB3oub6SnBOMHfXnpc7_Zf7G69jVq0l3WaZRib_EnQs5X08cwvjkYNFJYx9HBDtaXcu6nIUbfk/s400/lonely_haiga.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5535560813117132914" /></a><br /><br /><font size="4" color="red"><br />5-<br /><br />صمــت <br /><br />لـنصمتَ قليلاً <br />لنـُنـْصتَ طويلاً <br />هاهـُم:<br />إنَّّ<br />وأنّ <br />وليتَ <br />ولعلّ <br />يهرولون إلينـــا <br />ونحن وحيدان <br />و حــ يـــ د ا ن <br /> </font><br /><br /><br /><br />שקט<br /><br />בוא נשתוק<br />לרגע.<br />בוא נקשיב <br />לרגע.<br /><br />הנה הם:<br />למה<br />איך<br />איפה<br />ומתי<br />רצים אלינו<br />ואילו <br />שנינו בודדים<br />ב ו ד ד י ם<br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />Scilence<br /><br />.Let's hush for a while <br />.Let's listen <br />:Here they come<br />,what <br />,where<br />,when<br />and <br />..why <br />rushing towards us <br />while we are both <br />.lonely <br />So<br /> l o n e l y<br /> </font><br /><br /><br /><br /><br />=== ===<br /><br /><font size="4" color="red"><br />6-<br /><br />ازدواجيــّة <br /><br />التجـأتُ لكفـِّكَ <br />عـَدوًا خلفَ <br />قمح ِ حـَنـَان ٍ<br />فاكتشفتُ أنّها <br />أيضـًا على الصَّـفع ِ <br />قادرة ٌ<br /> </font><br /><br /><br /><br />כפילות<br /><br />חיפשתי מקלט<br />תוך כף היד<br />שלך<br />בריצה אחרי<br />חיטה של חיבה<br />וגליתי<br />שביכולתה<br />גם לתת מקות<br /><br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />Double Attitude<br /><br />I sought refuge<br />,in your hand <br />chasing<br />.the wheat of affection <br /><br />I found out<br />.that it can also beat <br /> </font><br /><br /><br /><br />=======<br /><br /><font size="4" color="red"><br />7-<br /><br />حَظرُ تَجَوُّل<br /><br />تسللتُ بحريّة<br />إلى مدينة ِ أفكاركَ<br />فاستوقفني جنديٌّ عابر<br />على بوَّابةِ أسراركَ ،<br />وصرخ َ: "هُويَّة "!<br />حينَ أدركَ أنـّي عربيَّة<br />صادرَ أَحلاَمِي <br /> </font><br /><br /><br /><br />עוצר<br /><br />שוטר שהזדמן<br />ליד השער של <br />מחשבותיך<br />עצר אותי בצעקה:<br />" תעודת זהות..! "<br />כשנודע לו<br />שאני ערביה<br />הוא עקל את<br />חלומותיי<br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />Curfew <br /><br />A passing-by soldier <br />,stopped me <br />, at the gate<br />of your thoughts <br />:shouting <br />."!..Identity Card" <br />When he discovered that<br />,I am an Arab<br />.he confiscated my dreams<br /> </font><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhvjM7n_g6ajvC0D5hbp-zT7BH89TIdblXbrw6v4VCB3UT91udZrWCVF_-NY1sBqLIrdx2Xtl9xK35wrer8xjs14Otr1eSOYdoR69qUrgrjVfjMbyzoZlxQ7PcF7NVdwoYrmMitMHbzQtU/s1600/multi+faceted+mirror.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 300px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhvjM7n_g6ajvC0D5hbp-zT7BH89TIdblXbrw6v4VCB3UT91udZrWCVF_-NY1sBqLIrdx2Xtl9xK35wrer8xjs14Otr1eSOYdoR69qUrgrjVfjMbyzoZlxQ7PcF7NVdwoYrmMitMHbzQtU/s400/multi+faceted+mirror.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5531465861110808450" /></a><br /><font size="4" color="red"><br />8-<br /><br />لمَ، هذا الصّباح، في كلِّ المرايا، أرَاك..!؟<br /> </font><br /><br /><br />מדוע, בכל מראה, אני רואה אותך הבוקר?!.. <br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />!?..Why do I see you in every mirror this morning<br /> </font><br /><br /><br />Pourquoi ce matin, dans tous les miroirs.. je te vois.. ! ? <br />(French Version) <br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEisYUSE5go3OcGNs6vFBzVNw3_abTHYGguIWC1dmmRTLK3izRkY80yl1jwss7R3PKiXa4cqq4GtxAyTjrYA8r9yiXrEhlkqstg1zQZnS_Tj-mtjpMv4UoNtg5rtmrIyTSMuMzWOAq65yl8/s1600/cage.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 356px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEisYUSE5go3OcGNs6vFBzVNw3_abTHYGguIWC1dmmRTLK3izRkY80yl1jwss7R3PKiXa4cqq4GtxAyTjrYA8r9yiXrEhlkqstg1zQZnS_Tj-mtjpMv4UoNtg5rtmrIyTSMuMzWOAq65yl8/s400/cage.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5543821002240920146" /></a><br /><br /><br /><font size="4" color="red"><br />9-<br /><br />حريّة<br /><br />أكونُ لكَ<br />سنونوّة<br />حين لا<br />تكونُ ليَ<br />القفص <br /> </font><br /><br /><br /><br />חופש<br /><br />אני יכולה להיות<br />הצפור שלך,<br />אם אתה מבטיח<br />לא להיות<br />הכלוב שלי.<br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />Freedom<br /><br />I can be<br />your swallow<br />if you promise<br />not to be<br />.a cage<br /> </font><br /><br /><br /><br /><br />=======<br /><br /><font size="4" color="red"><br />10-<br /><br />حقائق<br /><br />اللسان الذي لا <br />يستطيع أن يقول:" لا " ،<br />ليس لسان إنسان.<br /> </font><br /><br /><br /><br />עובדות<br /><br />לשון<br />שלא יכול לומר: "לא",<br />הוא לא <br />לשון של אדם.<br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />Facts<br /><br />A tongue that<br />,cannot say: NO<br />isn't a tongue<br />.of a human being<br /> </font><br /><br /><br /><br />=== ===<br /><br /><br /><font size="4" color="red"><br />11-<br /><br />الحبر أبقى<br /><br />كــَفاكَ عويلا <br />على حلم ٍمٍَســْكـُوب <br />كـَفـْكـفْ دَمعـَكَ <br />واكتـُبنـي: <br />الحبـرُ أبقـَى <br />مِن الحُـــبّ<br /> </font><br /><br /><br /><br />רק הדיו <br /><br />תפסיק לילל<br />על חלום שנשפך <br /><br />את דמעותיך<br />תנגב<br />ותכתב אותי<br /><br />הדיו יאריך <br />ימים<br />יותר מהאהבה<br /><br /><br /><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />Ink Lasts Longer <br /><br />Stop weeping over <br />a poured out <br />.dream <br />,Dry your tears <br />.and write me <br />Ink lasts longer <br />.than love<br /></font><br /><br /><br /><font size="3" color="red"><br />صليب الصّمت<br /><br />علّقوني على صليب<br />منذ ان وُلِدتُ<br />وقالوا: أنثى <br />ثبّتوا يديّ بالمسامير<br />على خشبة الزمن<br />ثبّتوا رجليّ بالمسامير<br />على خشبة الغَبَن<br />وقالوا: <br />"أنثى .. أنثى !"<br />غسلوا أفكاري بالنار<br />رويدا رويدا<br />زرعوا حقول إرادتي<br />شجرة<br />تظلّ تتآكل تتآكل<br />رويدا رويدا<br />علّموني<br />كلّ أبجديّة الحَزَن<br />ألبسوني<br />كلّ أقنعة الصّمت<br />وقالوا:<br />"آه أنثى ..<br />مجرّد أنثى !"<br /></font><br /><br /><br /><br />צְלַב הַשְּׁתִיקָה<br /><br />תָּלוּ אוֹתִי עַל צְלָב <br />מֵאָז נוֹלַדְתִּי<br />וְאָמְרוּ: "אִשָּׁה"<br />קִבְּעוּ יָדַי בְּמַסְמְרִים<br />עַל קֶרֶשׁ הָעִתִּים<br />קִבְּעוּ רַגְלַי בְּמַסְמְרִים<br />עַל קֶרֶשׁ הַמִּרְמָה<br />וְאָמְרוּ: "אִשָּׁה... אִשָּׁה!"<br />כִּבְּסוּ מַחְשְׁבוֹתַי בָּאֵשׁ <br />לְאַט לְאַט<br />שָׁתְלוּ בַּשָּׂדוֹת<br />מַאֲוַיַּי<br />עֵץ הַהוֹלֵךְ וּמִתְפּוֹרֵר<br />קִמְעָה קִמְעָה<br />לִמְּדוּ אוֹתִי <br />אֶת אָלֶפְבֵּית<br />הַצַּעַר כָּל כֻּלּוֹ<br />הִלְבִּישׁוּנִי<br />בְּכָל רַעֲלוֹת הַשְּׁתִיקָה<br />וְאָמְרוּ:<br />"אָה... אִשָּׁה!<br />בְּסַךְ הַכֹּל אִשָּׁה"<br /><br /><br /><br /><font size="2" face="Comic Sans MS" font color="white"><br />The Cross Of Scilence<br /><br />They have hung me on a cross<br />since I was born<br />Saying: female.<br />They nailed my hands<br />on the tree of Time,<br />They nailed my legs<br />on the cross of injustice<br />Saying:" female .. female!"<br />By and by,<br />they brainwashed my thoughts with fire.<br />They planted a tree<br />which keeps withering<br />in the fields<br />of my freewill.<br />They taught me<br />the alphabet of grief.<br />They made me wear<br />all the masks of silence,<br />saying:<br />"Ah .. female<br />Just a female..! "</font><br /><br /><br /><br /><br /><br />=== ===<br /><br /><br /><font size="4" color="red"><br />ריטה עודה <br />משוררת וסופרת, ילידת נצרת 29.9.1960<br />תואר ראשון בשפה אנגלית וספרות השוואתית<br />עבדה כמורה לאנגלית בתיכון העירוני- נצרת<br /><br />מהפרסומים שלה בתחום השירה :<br /><br />מהפך על השתיקה- 1994<br />מראות האשליה 1998<br />יומנה של צוענית מאוהבת- 2001<br />ומי לא מכיר את ריתה- 2003<br />לפני החניקה בדמעה- 2004<br />אני אנסה אותך פעם נוספת- 2008<br /><br />יצא לאור מעבודותיה בתחום הספרות:<br /><br />אני השגעון שלך- 2009<br /><br /><br />שני רומנים קצרים: 2007 - 2008 .<br /><br />שיריה תורגמו למספר שפות דרך רשת האינטרנט.<br />קיבלה מקום ראשון ברמה העולמית בתחום כתיבת שירת "ההיקו".<br /> </font><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBoksFtWOnM0IA3fHflAkzCDDXtmwmPmLwQGJLqDA3dd9uj1wIr01pXC6C3AhLRAoiSUq9Gr2BXEJ1FxRtzDM4E6KcBOq9gbuQwxWU9y7BO-_dp65XYIfKXBkOGRiVuGULxZpgdNSSLdU/s1600/%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%2586%25D9%258A%25D8%25A9+%25D9%2581%25D9%258A+%25D8%25A8%25D8%25B1%25D9%2583%25D8%25A9.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 356px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjBoksFtWOnM0IA3fHflAkzCDDXtmwmPmLwQGJLqDA3dd9uj1wIr01pXC6C3AhLRAoiSUq9Gr2BXEJ1FxRtzDM4E6KcBOq9gbuQwxWU9y7BO-_dp65XYIfKXBkOGRiVuGULxZpgdNSSLdU/s400/%25D8%25A7%25D9%2585%25D9%2586%25D9%258A%25D8%25A9+%25D9%2581%25D9%258A+%25D8%25A8%25D8%25B1%25D9%2583%25D8%25A9.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5538525056996348626" /></a><br /><br />HAIKU BY POETESS RITA ODEH<br />Nazareth<br />2010<br />מאנגלית: אמיר אור<br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgm_FyIiJ7hBC3-B4EVraHGxSQrVliUA0lbkvZVYecBuTjWkST2zdnoBbLrt5vO-QyW-1O1mAp586iArLVGMCjJY3FJIHDYDJgYsRdpHxd8Od7Zru0Y4v7SxBXByaAZ1rvaZE9ICDw1HQc/s1600/the+scent-haiga.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 356px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgm_FyIiJ7hBC3-B4EVraHGxSQrVliUA0lbkvZVYecBuTjWkST2zdnoBbLrt5vO-QyW-1O1mAp586iArLVGMCjJY3FJIHDYDJgYsRdpHxd8Od7Zru0Y4v7SxBXByaAZ1rvaZE9ICDw1HQc/s400/the+scent-haiga.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5539692034939233330" /></a><br /><br /><br />the scent<br />not the flower<br />is driving me crazy<br /><br />הריח,<br />לא הפרח<br />משגע אותי<br /><br /><br />ليست الوردة<br />إنما عطرها<br />هو ما يُدَوِّخـُنـِي<br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDEcN_-XYLWRul68tPhRf6BJkdHsHz63lyhiYQbym0GCVPHTFQhoNvrWbyItytebQMlyhIIzCzyw9X1p4C5J1lvTzMkckJT0Vm4MBySAEfgDwc42ayXMXisZ5QCm1RQngbnQM4bsbOemY/s1600/kite_haiga.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 400px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDEcN_-XYLWRul68tPhRf6BJkdHsHz63lyhiYQbym0GCVPHTFQhoNvrWbyItytebQMlyhIIzCzyw9X1p4C5J1lvTzMkckJT0Vm4MBySAEfgDwc42ayXMXisZ5QCm1RQngbnQM4bsbOemY/s400/kite_haiga.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5535516213333130962" /></a><br /><br />-cloudy morning<br />a kite flies higher<br />than its string<br /><br /><br />בוקר מעונן –<br />עפיפון עף גבוה<br />מן החוט שלו<br /><br /><br />صباحٌ ضبابيّ-<br />ثمة طائرة ورق تطير أعلى<br />من خيطها<br /><br /><br /><br /><br />~~~~~<br /><br /><br /><br />-waning moon<br />,on her mourning dress<br />a white pacifier<br /><br /><br />לבנה מתמעטת-<br />על שמלת האבל שלה<br />מוצץ לבן<br /><br /><br />قمرٌ متضائل-<br />ثمةُ مصاصة ٌ بيضاء<br />على ثوبِ حِدادها<br /><br /><br /><br />~~~~~<br /><br /><br /><br />-first butterfly<br />a child asks<br />if it's real<br /><br /><br />פרפר ראשון –<br />ילד שואל<br />אם זה אמיתי<br /><br /><br />الفراشة ُ الأولى-<br />طفلٌ يسأل:<br />أهي حقيقيّة.!<br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjxFWwu9szOABaXGhfMsX973NIyQs_e9NpaSetE-Cho6VUUl39PAmBQ8itbRZEAPiaVzdwtQRdqcCxzTgnODYU5-oQgEvW8r9lBB06FJo3j_Pk0kShF0kHJI_0WAnH8aaLsGuC0lHq5QVg/s1600/a+couble+hugs-haiga-rita.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 356px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjxFWwu9szOABaXGhfMsX973NIyQs_e9NpaSetE-Cho6VUUl39PAmBQ8itbRZEAPiaVzdwtQRdqcCxzTgnODYU5-oQgEvW8r9lBB06FJo3j_Pk0kShF0kHJI_0WAnH8aaLsGuC0lHq5QVg/s400/a+couble+hugs-haiga-rita.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5538238711836977394" /></a><br /><br /><br />-crowded park<br />a couple hugs<br />in my shadow<br /><br /><br /><br /> גן הומה אדם<br />זוג מתחבק<br />בצלי<br /><br /><br /><br />منتزهٌ مزدحم-<br />ثمة ُ عاشقان يتعانقان<br />في مجالِ ظلـّي<br /><br /><br /><br /><br />~~~~~<br /><br /><br /><br />-refugee camp<br />sculpting the tree trunk<br />into a cross<br /><br /><br />מחנה פליטים<br />מפסל את גזע העץ<br />לצלב<br /><br /><br />مخيمُ لاجئين-<br />ثمةُ من ينحتُ صليبًا<br />من جذع شجرة <br /><br /><br /><br /><br />~~~~~<br /><br /><br /><br />-Borders<br />sparrows fly above<br />the rusty barbwire<br /><br /><br />גבולות –<br />דרורים עפים מעל<br />התיל החלוד<br /><br /><br />حدودُ البلاد-<br />عصافيرُ الدوريّ تطيرُ فوقَ<br />الأسلاك الصَّدئــَة<br /><br /><br /><br /><br />~~~~~<br /><br /><br /><br />-Borders<br />the olive branches sway<br />beyond the barbwire<br /><br /><br />גבולות –<br />ענפי הזית מתנועעים<br />מעבל לתיל<br /><br /><br />حدودُ البلاد-<br />فروعُ شجرةِ الزيتون تتخطّى<br />الأسلاك الشائكة<br /><br /><br /><br /><br />~~~~~<br /><br /><br /><br />-Camp<br />she asks her father<br />!what is a refugee<br /><br /><br />מחנה –<br />היא שואלת את אביה<br />מה זה פליט!<br /><br /><br />مخيَّم-<br />تسألُ والدها ما معنى<br />كلمة لاجئ<br /><br /><br /><br /><br />~~~~~<br /><br /><br /><br />-peace talk<br />the third crow<br />of a rooster<br /><br /><br />שיחת שלום –<br />קריאתו השלישית<br />של תרנגול<br /><br /><br />محادثةُ سلام-<br />الصّياح الثالث<br />للدّيك<br /><br /><br /><br /><br />~~~~~<br /><br /><br /><br /><br />christmas<br />morning; a child on<br />the crowded<br />lorry counting one<br />soldier . . . two, three<br /><br /><br />בוקר כריסטמס;<br />ילד על משאית<br />צפופה, סופר חייל<br />אחד... שניים, שלושה<br /><br /><br />الصباحُ الأول للميلاد-<br />طفلٌ في شاحنة<br />يواصلُ العدَّ:<br />جنديان..ثلاثة<br />أربعة...<br /><br /><br /><br /><br />~~~~~<br /><br /><br /><br />-autumn morning<br />strutting behind his shadow<br />the old turkey<br /><br /><br />בוקר סתו –<br />טופף אחרי צלו<br />תרנגול ההודו הזקן<br /><br /><br />صباحٌ خريفيّ-<br />خلفَ ظلِهِ يختالُ<br />الديك الرُّوميّ<br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjqk0UW3dhJ1gJGExil_tYKlJRYQtudHVUjoLGZGUt5bSwbeUZDAlctCQ1ie89jeUP0IIfxO8VxEHY3UGi5pTPoZO-9VyqghAwvffoa_iVhfkveRBXAihyphenhyphenacV14KIhKL8jIDs7l6lojJso/s1600/begger_palm_haiga.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 400px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjqk0UW3dhJ1gJGExil_tYKlJRYQtudHVUjoLGZGUt5bSwbeUZDAlctCQ1ie89jeUP0IIfxO8VxEHY3UGi5pTPoZO-9VyqghAwvffoa_iVhfkveRBXAihyphenhyphenacV14KIhKL8jIDs7l6lojJso/s400/begger_palm_haiga.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5535523846878895346" /></a><br /><br />...that full moon<br />a coin falls into<br />the beggar's palm<br /><br /><br />הירח המלא ההוא...<br />מטבע נופל לתוך<br />כפו של הקבצן<br /><br /><br />ذلكَ القمر المكتمل-<br />قطعة ُ نقودٍ تقعُ<br />في راحةِ مُتسَوِّل<br /><br /><br /><br /><script language="JavaScript" type="text/javascript" src="http://pub17.bravenet.com/counter/code.php?id=370520&usernum=1438002654&cpv=2"></script><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">SIGN MY GUESTBOOK</a><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">دفتر الزوار</a><br /><br /></CENTER>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.comtag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-68077574611919361962010-10-10T09:04:00.002-07:002015-03-20T20:19:13.603-07:00فيديو قصيدة: " أفتقدك"<br><br><br /><a href="http://www.youtube.com/watch?v=kR9MsBWrcdg">فيديو قصيدة أفتقدك</a><br /><br><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com6tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-15385091930994473962010-10-09T04:24:00.007-07:002015-02-03T20:10:16.910-08:00"أنا جنونـُك"- مجموعة قصصيّة<br><br><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEibLmT2idBb0cEz9CRIY7IOAIBzqs8sDP_uxalWFzfYecai6nDCdRkEWvufhiHxIcchFMWv1LT6vFb_KOzaNO6jIzXhOUTMOf6oW5i6tROpExNwq7p63mqiDDsPbRMEc6rMe2O7s363dHo/s1600/rita_cover-small.JPG"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 400px; height: 205px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEibLmT2idBb0cEz9CRIY7IOAIBzqs8sDP_uxalWFzfYecai6nDCdRkEWvufhiHxIcchFMWv1LT6vFb_KOzaNO6jIzXhOUTMOf6oW5i6tROpExNwq7p63mqiDDsPbRMEc6rMe2O7s363dHo/s400/rita_cover-small.JPG" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5526401129048621826" /></a><br /><br><br /><font size="3" face="Times New Roman" font color="pink"><br />أنا جنونكَ<br /><br />* الكتاب متوفر في مكتبة حكايات،شارع النمساوي،الناصرة*<br /><br /><br /> <br />ريتا عودة<br />"أنا جنونك"<br />قصص<br /><br /><br /><br />الطبعة الأولى (2009)<br />جميع الحقوق محفوظة للمؤلفة<br />صورة الغلاف: بيكاسو<br /><br /><br /><br />(إصدار خاص) <br /><br /><br /><br /><br />جميع الحقوق محفوظة. لا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب، أو أي جزء منه، أو تخزينه في نطاق استعمال المعلومات، أو نقله بأي شكل من الأشكال، دون إذن مسبق من المؤلف.<br /> <br />قصص<br /><br /><br /><br /><br /><br />ريتا عودة<br /><br />أنا جنونك<br /><br /> <br /><br /><br /><br /><br />الكتابة.. فعلُ بقاء<br />والكتابة.. فعلُ ارتقاء<br />هي جنوني<br />كما.. <br />أنا جنونكَ!<br /><br /> <br />(ريتا عودة)<br /> <br /> <br /><br /><br /><br /><br />الفهرست<br /><br />الفستان الأحمر 9<br />أحلامٌ صغيرة 13<br />الضَّوْءُ الأحْمَر 17<br />أرضُ البرتقَال 24<br />عودةُ النورس 31<br />حلٌم آخَر 35<br />شر .. طة 37<br />أميرةُ الحكاية 39<br />أنا جنونك 44<br />وقد لا يأتي 48<br />إصْرَار 52<br />قطرة مطر 56<br />الحلم الأخير 59<br />المِسْمَار 62<br />محكومون بالأمل 64<br />ترانسفير 68<br />صَرْخَةُ آخِر الليل 70<br />وماتَ البلبلُ وحيدًا 72<br />أنثى الظلّ 76<br />قصة ليست قصيرة 80<br />أبعد من أن تطالني يد 84<br />أنثى الحرائق 86<br />كلُّ شئٍ صامت 89<br />زُرقةُ البَحْر 92<br />شَغَبُ الأسئلة 97<br />في انتظاره 102<br /><br /><br />----------------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />الفستانُ الأحمر<br /><br /><br /><br />استوقفتني إحْدَى جاراتِنَا على بابِ المَنزلِ وهي تتساءَلُ: "إلى أينَ؟"<br />حَدّقْتُ في الأفُقِ البَعيدِ، وهمسْتُ: "لا أعلَم"، وأخذْتُ أبتعِدُ وصَدَى صَوْتِهَا يُلاحِقُنِي بإصْرَار: "فتَاة غريبة!"<br />بدأتُ أعبُرُ الشَّارعَ الفَاصِلَ كَحَدِّ السَّيْفِ بينَ الحيّ العربِي المُهمَلِ عبرَ سنواتِ الجفافِ والحيّ الآخَر المزْروع بالجَنّةِ. خطواتِي مُتَثاقِلَة كسلَى. صرخَ أحدُ السّائقين الّذي كادَ يَدْهَسنِي بشاحنتِهِ الضَّخمَة: "عَمْياء. الضَّوءُ أحْمَر!"<br />لمْ تُثِرْ صرختُهُ انفعالي، لكنَّ قميصَهُ الَّذي دلَّ على كونِهِ جنديًّا أثارَ فضُولِي، فبدأَتْ تتراقصُ في ذاكرتِي صُوَرُ أجسَادٍ مَبْتُورَة، وبيوتٍ مُهَدَّمة. دمُوعٌ، هلعٌ، دَمٌ. صُوَرٌ تُطَالعُنَا بِها النَّشراتُ الإخباريَّة كلّ يوم، بل كلّ ثانية، حتّى أنّها صارتْ جزءًا أساسًا من كلّ نشرَة.<br />مرَّتْ بِي شاحنة مُزدحمة بالرّجال، فتملّكني هاجسُ عَدِّهِم. بدأتُ بالعدِّ كطفلة تعلّمتْ لتوِّها الأرقامَ الحسَابيّة: جُنْدي، جُنْديّانِ، ثلاثَةُ جُنُودٍ، أربعَة، خَمْسَة. تَلَقّفَ أنفي رائحَةُ طعَامٍ مَا. فكرْتُ باقْتِحَامِ المكانِ، لكنّي أحْجَمْتُ حينَ تذكرّتُ أنَّ ملابسي العاديَّة لا تتناسبُ والملابس الفاخرَة على أجسادِ هؤلاء، فواصلتُ سيري، وبدأتُ بقراءَةِ الإعلاناتِ المَصْلُوبَة على أعمدةِ الكهرباءِ: "حافظُوا على نظافةِ المدينة. بلديَّة حيفا".<br />ابتسمتُ ابتسامةً شاحبة، وتمَنّيتُ لو ألتقي ثانية بذلكَ الجندي الّذي صرخَ في وجهي إنَّ الضَّوءَ أحمر، لأسألَهُ إن كانت المدينة حقًّا نظيفة.<br />تنازلتُ عن الفكرَة سريعًا، وبدأتُ بالتّنْقيبِ عن شيء ما بإمكانِهِ إشْغالِي نصفَ السَّاعة المُتبَقِّيَة على ابتداء مُنَاوبَتِي المسائيَّة في معمل النسيج.<br />جذبَ انتباهي لونٌ أحمرُ لفُستانٍ ما على دُمْيَة. رغمَ المسافة بيننا، رأيتُ المرْأةَ منهمكةً بوضْعِ الثَّوبِ على جسَدِ الدُّمية. ركضْتُ نحْوها، فَقَدْ جعلَ اللَّوْنُ الأحمرُ دَمِي يَجْري بشراسة فِي عرُوقي. إنَّهُ أحمرُ، لكنّه غريبٌ.. غريبٌ جدًّا.. أرْبَكَ أفكاري.. دَوَّخَنِي.. حدّقتُ بهِ وتُهْتُ. كم أحسدُ تلكَ الدُّمْية الصَّامتة الّتي تَفْتَقِدُ مشاعرَنَا الإنْسانيَّة، إلاّ أنّها "تَتَمَتّع" بمَا يَنْقُصُنْا نحنُ! تمنّيتُ لو أتمكن منْ وضْعِ الثَّوْبِ الأحمر على "جسَدي أنا"، بدلَ هذه الثِّيَاب البالية الّتي فقدَتْ رونقَها منذُ زمن!<br />دونما تفكير، كأنّي أستفيق من حُلُمٍ، دفعتُ جسدي داخلَ الغرفة، وطلبتُ منَ العامِلة أنْ تُنَاولَني ذلك الثَّوبَ الأحمرَ لأرتَديهِ. تَفَحَّصتْ هيَ ثيابِي بنظْرَةٍ خاطِفَة، ثمَّ أعلنتْ ببرُودٍ وبلَهْجَة عربيَّة ثقيلة: "دَه غَالي!"<br />شعرْتُ أنَّ جدرانَ الغرفة تدورُ منْ حولي، فسألتُهَا بلهفة: "كَمْ؟"<br />همستْ ببرود: "ألف".<br />ألف! دَوَّى هذا الرَّقمُ داخلَ رأسِي، فصارَ رأسي كخَلِيَّة نَحْـل مُضْطَربَة. يجِبُ أن أشتري هذا الثَّوب. يجبُ، ولَوْ مَرَّة، أنْ أحصل على شيءٍ أتمنّاه! سأدفع لهَا ما يُعادِلُ نصفَ راتِبي، بَلْ أكثر. ليتنِي ما كنتُ عاملة في مصْنَع. لو كنتُ مُتَعَلّمَة كغَيْري منَ الفتيات، لتَقَاضَيْتُ مَبْلَغًا لتسديدِ احتياجاتي أنا وأهلي وإخوتي الثمانيَّة، الّذينَ ينتظرونَ راتِبي كلَّ شهر بفارغِ الأمَل. حسنًا. سأطلب من (يوسِي) أن يُرَتّب لي ساعات عمل ليليّة لتحسين راتبي في الأشهر القادمة.<br />فتحتُ الحقيبة، وتناولتُ المبلغَ، ثمَّ بسَطْتُ ذراعي وعلى راحةِ يَدي ألفُ شَاقِل.<br />ابتسمَتِ المرأة بإعياء ولمْ تتناوَل المَبْلَغَ. ابتسامتُهَا الصَّفراء شلَّتْ حواسّي. بعثرَتْ هدوئي. قالتْ: "ألف دولار"، وَاستدَارَتْ لِتُحَيّي امرأة تَلفُّ جسدهَا بالفِرَاءِ دخلت الغرفة تلكَ اللّحْظَة كمَا تدْخلُ السَّمَكَةُ البَحْرَ.<br />حملقتُ في كلّ ما حولي. تراختْ شفتَاي. خرجتُ منَ الغرفة بخُطُواتٍ مُخَدَّرَّة. لا أدري لمَ في تلكَ اللَّحظة بالذات، تمَلّكَتْني رغْبَةٌ جامحة في أنْ "أبصِقَ"!<br /><br /><br />(1982)<br /><br /><br />-------------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br /> <br />أحلامٌ صغيرة<br /><br /><br /><br />غطى أُذُنَيْهِ بكلتا يديْهِ، لكنَّ صوتها ظَلَّ يلاحقه كَضَرْبَةِ بَرْقِ: "أ ُحِبُّ رجلاً آخر". أخذتْ تراقبُ حركاتِهِ كقطّة تتربَّصُ بعصفور صغير، ثمّ واصلتْ طَعْنَهُ بكلماتها الحَادّة: "حاول أن تفهم".<br />قفزَ عن السرير كطلقةِ رصاصةٍ تنفلتُ من مسدس. لم يُصَدِّقْ ما قالته. لم يشكّ في حبِّها له ولو مرّة. انطلقَ نحوها كالسهم. أخذ يهزُّها من كتفيها النحيلين، لكنّ صوتها ظلّ يكرر بإعياء: "أُحِبُّ رجلاً آخَر". حاولتْ الإفلاتَ من قبضتَي يديْهِ، لكنَّه اعتقلَ خطواتِها:<br />- مَنْ هُوَ؟ قولي.<br />= لا أحد.<br />- ماذا؟<br />= لا أحد.<br />- لا تكذبي. قولي فورًا مَنْ هُوَ؟<br />شعرتْ بالرهبة. تمتمت: "قلت لكَ: لا أحد، لا أحد".<br />عاد يهزُّها مِنْ كتفيها. صارَ قطًّا مذعورًا وهو يصرخ:"كذابة.. كذابة..". أخذَ يَتحَرّكُ داخل الغرفة كَكُرَةٍ مطَّاطِيَّة دونمَا هَدَف. اتجهتْ نحوَ النافذة تبحثُ عن شُعَاعِ شَمْس. لَمَحَتْ صورةَ زفافِهما مصلوبة على الحائط منذُ سنة. شعَرَتْ كأنّ الصورة تستنجد بها لتحررها من سجنها المؤبد. <br />عادَ صوتُهُ كالرّعد المفاجئ: "خائنة. خائنة."<br />كقاض في محكمةٍ بعدَ عناء يوم عمل طويل همَسَتْ بإعْيَاء:<br />= إنْ كُنْتُ أنا خائنة، فأنْتَ مَنْ دفعَني لذلك! أنتَ السبّب.<br />- خائنَة.. خائنَة..<br />ظلَّ يكررها كأنها كُرَةٌ تسقطُ من ارتفاعٍ شاهِق. اتجه نحو الباب. عاد إلى السرير. اتجه يمينًا. اتجه يسارًا. أخفى وجهه بين أحضانِ يديه وسأل:<br />- أتحبّينه أم تحتاجينَ نقودًا؟<br />= ما أحتاجه أثمن بكثير من النقود.<br />- ماذا؟!<br />= أحْتَاجُ عاطفة صادقة. أحتاج رجلاً يحترمني ويفهمني لا رجلاً يمتلكني. أنتَ تتعاملُ معي كما تتعامل مع "أشياء" البيت، كأداة لا ككائن بشري، وأنا أحتاجُ رجلاً يساندني وأسانده. لا يغيب عنّي ساعات وساعات سعيًا وراء المادة. لا أراهُ إلاّ نادرًا. لا أحتاج صورة على حائط، بل أحتاج رفيق طريق، لا مُعيلاً، بل شريكَ حياة، لا سَيِّدًا، بل...<br />- كفى.. كفى أوهام. أمْقُتُ هذه الرومانسيّة الفارغة.<br />= دائمًا تقولُ إنّني رومانسية، وإنك تكره رومانسيتي. أنا إنسانة. أنا إنسانة. (رددت بإرهاق وبصوت متقطع)، وهذه م ش ا ع ري.<br />* * *<br />تراخى جسده. نظر نحوها دون أن يراها. بدا كأنّه يستعرض في خياله أوراق حياته معها. أنّه يمقتْ رومانسيتها لأنها تجعلها في نظره غير واقعيّة، بل مجرد مراهقة، لكن يبدو أنَّ مشاعره المتجمدة جرحتْ أحاسيسها. إنّه مشغول عنها بشكل متواصل بمشاريعه وحساباته البنكيّة والأوراق الماليّة والزبائن وأحلامه الماديّة التي لا تنضبَ أبدًا، والتي تستنفد كل وقته ومشاعره، وتعطيه الرضا الذاتي والاكتفاء حتّى أنّه ينسى أحيانا أنّه مرتبط بعائلة، وهو يشعر نفسه كصندوق مغلق عاطفيًّا. يخجل أن يُعَبِّر لها عن مشاعره. أليس الرّجل الذّي يعبّر عن مشاعره يعتبره المجتمع ضعيف الشخصيّة، فكيف يمحو الآن رواسب سنوات؟!<br />وقف قرب المقعد المتحرك. بدا له أنّ المقعدَ جامدٌ في مكانه بشكل مرعب. أَقْلَعَ صوتُهُ عن حنجرته بإعياء وقد عاد يتمتم: "من هو؟". ناداهُ حنينُ صوتها، لكنّه ظلّ يتمتم: "من هو؟ من هو؟".<br />اكتسح الجراد بساتينه. لم تقوَ على رؤيته ينهار أمامها. أرادت أن تكشف له كلّ أوراقها. هتفتْ كلبؤةٍ تصطادها شبكة:<br />= لم تُعْطِني ولو مرّة فرصة التحدث معك. اعتدتَ أن تقاطعني بطعنة "خيال مجرد خيال". (راقبتْ بوصلة عينيه وأكملت)، فاضطررتُ إلى إيجاد طريقة أجبِرُكَ فيها على الإصغاء إليّ. ليس هنالك رجل آخر، لكنّ الكآبة تنهشُ كياني. أسألك أن تعيد التفكير في حياتنا معًا.<br />* * *<br />تراخى جسده فوق المقعد المتحرك. بدأ المقعد يهتزُّ. فجأة أدْرَكَ أنَّ المقعد يتحرك. قبل لحظات كان جامدًا كصندوق مغلق، كتمثالٍ فرعونيّ في متحف. ضحكَ. ضَحِكَ. صارتْ ضحكته زَخَّةُ مطرٍ مُفاجِئ في صيفٍ شديدِ الحَرّ. أخذَ يسْعُلُ، وبعدَ دقائق هَتَفَ كطفل يُجَرّبُ أولَى خطواته في المشي: "المقعد المتحرّك! المقعد المتحرك أنا".<br /><br /><br />(1982)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />---------------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />الضَّوءُ الأحمَر<br /><br /><br /><br />- "احْذَري!"<br />صرخَ الشُّرطيُّ، ثمَّ ابتسمَ ابتسامةً مدروسَة، وتابعَ:<br />- "لا يمكنُكِ اجتيازَ الشّارع والضَوء أحمَر!"<br /> دهِشْتُ! كيفَ استطاعَ أنْ يبتسِمَ ولو مرّة؟! ترَاهُ مَلَّ مُلاحَقتِي بغراماتِهِ الماليَّة، أم أنّهُ أدركَ أنّي لا أملكُ ثمنَهَا، أم أنَّه اقتنعَ أخيرًا أنَّ الضَّوْءَ الأحمرَ لَيْسَ إلاّ قَانونه هوَ؟<br />= حسنًا.<br />هتفتُ وأنا أخفي راية النّصْر خلفَ شفتَيَّ. أخذتُ أستعدُّ لاجتياز الشَّارع ثانيةً، لكنّهُ لمْ يتحرَكْ. لمْ يَستعدّ للّحَاق بي. أصبحَ يعرفُنِي جيِّدًا. يعرفُ أنِّي أرفُضُ أنْ أطيعَ أوامِرَهُ ويظنُّ ذلكَ لكونِهِ رَجُلاً. لكي أستَفِزَّ غضَبَهُ قررْتُ ألاّ أعبُرَ الشّارع. قرّرتُ أنْ أصلِبَ نظراتِهِ فوقَ خُطواتي؛ ستعبُر. لنْ تعبُر!<br />بدأتُ أبحثُ عنْ أيّ شيء يثيرُ فضولي. لاحقنِي صوتُ امْرَأةٍ تؤكدُّ على الهاتف: "لا تَتَأخَّر!"<br />ارتفعَ صوتُ شابٍّ منْ خلفي: "تفضّلي". ترَدَّدْتُ، فهتفَ: "ألا تريدينَ استعمالَهُ؟". تملّكتني نوبةُ ارتباك. أُريدُ أن أتحدثَ إلى أيّ كانَ، لكنْ مَنْ يسمع؟ فجأة، اقتنصَتِ الفرحةُ غاباتِ أفكاري: لماذا لا أطلبُ أيّ أرقام فأتحدثُ إلى أيّ كانَ؟ أجبتُ بكبرياء: "نعمْ سأتحدثُ فهلْ تمانع؟". لمْ يكتَرثْ لقولِ لا أو حتَّى نعم. فرَاغ. مجرّدُ فرَاغ يفصِلُ بينَ البشر. مجرّدُ مسافات لا يُمكنُ لإنسَان اجتيازها. ابتعدَ ربما ليبحثَ عنْ هاتفٍ آخَر فِي مكان آخر. لا يمكنهُ الانتظار ولو لحظة. قلَق. أرَق. إرهاق يأكلُ وقتَهُ، بل وقتَ جميع شبابنا. لماذا؟ تساءلتُ وأنا أخْنِق غصَّةَ ألَم في حلقي. ألأنَّ أحلامهُم مكبوتة؟<br />نظرَ إلى الضّوءِ بإمعانٍ، ربما ليتأكدَ أنَّه ليسَ أحمرَ. ثمَّ اجتازَ الشّارع كالبَرْق، وتركني وحدي أبحثُ عن شَيء يثيرُ فضولي. قبضْتُ على سماعَةِ الهاتفِ، وأخذتْ أصابعي النّحيلة تتحَرّكُ بنهَم فوقَ الأرْقام. زقزقَ قلبي. ارتفعَ صوتُ رجُلٍ (ما) يهمسُ بِتكاسلٍ: "ألووو". بَدَا لي من رائحةِ عَرَقِهِ عَبْرَ الهاتفِ أنّهُ أفاقَ لتوِّهِ من حُلم.<br />= مَنْ؟<br />تساءلتُ بلهفة، فصرخَ بعصبيّة:<br />- مَنْ يطلبُ رقمًا يُعَرّفُ نفسَهُ لا العَكْس.<br />= نعَم، ولكن بإمكاني تلفيق أيّ اسم لكَ. هذا ليسَ جوهرَ الموضُوع.<br />قالَ وهوَ يتثاءَبُ:<br />- مَا هوَ الموضوع إذًا؟ أنتِ تُعاكِسينَنِي!<br />= أنا لا أعرفُكَ.<br />- إذًا، عُذْرًا. سأقطَعُ المكالمة.<br />صرختُ مُتوسّلةً:<br />= لا. أرجوك.<br />صمتُهُ المُفاجئ أيقظ َعاصفةً مَا داخِلَ آباري فبدَأتُ أرَدّدُ بتوَسُل:<br />= ألو. ألو.<br />- حَسَنًا. حَسَنًا. قولِي ما عندَكِ بسرعة.<br />همسَ متأفّفًا ورائحة عَرَقِهِ تتمَلّكُني منْ جديد. أدركتُ أنّهُ ينتظرُ، ففرحْتُ لأنّي سأتمكنُ أخيرًا منَ التّعْبير عن مخَاوفي. أعلنتُ بحُرْقة:<br />= إنّهُ الملَلُ.<br />- ماذا؟<br />صرخَ مذهولاً، فَنُحـْتُ:<br />= المَلَلُ عدُوّي.<br />انتظرْتُ صوتَهُ يُضيءُ عتمةَ حواسّي. انتظرْتُ رائحةَ عَرَقِهِ تُخَدِّرُ صَمْتِي. انتظرْتُ صَرْخَةً كصرخاتِ الشّرطيّ تشْتمُنِي. انتظرْتُ. انتظرْتُ، لكنّ الصَّمْتَ اغتصبَ شفتيهِ. بدا لي أنّهُ نهضَ عن السّرير، فقد وصلني صوتُ ضجيجٍ خفيف. أخيرًا قالَ:<br />- اشتغلي.<br />أحسستُ أنّ الجُرْحَ قد عثر على الخنجر الَّذي طعنهُ فأجبتُ:<br />= لا أجدُ شُغْلاً.<br />- لمَ؟ <br />= بسَبَب...<br />ترددْتُ، ثمّ ألقيتُ حجرَ النّرد على رقعةِ الألمِ:<br />= البَطَالَة.<br />- البطالة؟<br />= نعَم. أبحثُ عن عملٍ دونَ جدوى.<br />تمتمتُ بإعياء:<br />= هُنالكَ رجالٌ كالصّخور يستيقظون كالطّيور معَ الفَجر لِيسافرُوا إلِى مناطِقَ عَمَل مُجَاورَة، فيَجدُون أنْفُسَهُم مطرودينَ من أعمالهم بعدَ ضياعِ شبابهم، فتضيع كرامتهم بصمتٍ. لا يبكون ولا يصرخون، بل يصرخُ الجوعُ في أحشاءِ أطفالهم، فماذا بإمكاني أنا أنْ أفعل؟<br />تنهدَ ذلكَ الرّجُل. فكرَ طويلاً، ثمّ تمتمَ:<br />- استخدمي شهاداتكِ لتوفير فرصة عَمَل.<br />= لا أملكُ شهادة.<br />- لماذا؟<br />تساءلَ بلهفة، فقلتُ بمرارَة:<br />= مَنْ يدفَع لِي الأقساط الجامعيّة؟ أتظُنُّ أنَّ العِلْمَ لنا؟ نحنُ (في نظرهِم) دونَ مستوَى الالتحاق بالجامعات. نحنُ عُمّالُ نظافة لا أكثر. الجامعاتُ لأبنائهم هم، وحتى لو حاولنا الالتحاق بجامعاتهم، سيضعون ألف عثرة في طريقنا.<br />خفت صوتي وأنا أعلن:<br />= كمْ تمنيتُ لو ألتحقَ بإحداها.<br />- إذًا تزوَّجِي كهلاً ثريًّا كغيرك من الفتيات.<br />= مستحيل أن أكون تحفةً في قبضةِ الّذي يدفعُ أكثر.<br />- إذًا؟ <br />همستُ بإرهاق:<br />= لمْ يَبْقَ إلاّ المَلَل. لمْ تَبْقَ إلاّ حكايات الجَدّات عن العَريسِ المُنْتَظَر. لمْ تَبْقَ إلاّ أحلام الشُّيوخ ببطولةِ الأجداد. لمْ تَبْقَ إلاّ صرخَات النِّساءِ على أطفالهنّ حين تنتهي مُهمَّةُ تنظيف المنزل من خيوطِ العناكِب، فيطول انتظار عودة الزوج، ويسُود المَلَلُ حين لا يجدْنَ لآمالِهِنّ منفذًا إلاّ الأحلام المستحيلة، أمّا أنا فأريدُ أنْ أحيا بكرامة؛ أن أشعر بقيمة نفسي، بأنّي كِيَان قادرة علَى الأخذِ والعَطاء والمشاركة، لكنْ، حتّى العَطاء هنا مُقَيَّد.<br />لففتُ وجعي بأوراقِ الصمت، فأعلنَ الرّجُلُ بأسَى:<br />- آسِف لأنّي لا أملكُ لكِ حَلاً، فكُلّنا نجتمر في المِرجل ذاته.<br />بلهفة سألتهُ: ماذا تَعْمَلُ؟<br />- أنَا؟<br />= نعَم أنتَ.<br />كرضيع فقدَ ثديَي أُمّه ناحَ: حارس ليلي.<br />خِلتـُهُ يمسحُ دمعةً بلَّلَتْ وجنتـَهُ. تابعَ بصرامة:<br />- يجب أن أعودَ إلى النّوم كي لا أُطْرَدَ منَ العملِ ليلاً. إلى لقاء.<br /> بدأ فورًا نقيقُ الهاتف يعلنُ عن انقطاع المكالمة.ألحّت عليّ هواجسي بسؤال: "ترَى، هل عانى هذا الرّجُل يومًا من ملاحقة الشّرطي؟ هل مَلّ هو، أيضًا، صرخاته وشتائمهُ ولعنتهُ أنّنا أجساد متحرِّكة، دُمَى؟"<br />سقطتْ سمَّاعةُ الهاتف من يدي. سقطتْ خيبةٌ ما داخل آبار أعماقي. هجرتُ أنينَ الهاتف، وأخذتُ بنزقٍ أبحثُ عن ذلك الشّرطي، عن عينيهِ الزّرقاوَين وشعره الأشقر. ألا يعاني ذلك الشّرطي هو، أيضًا، من الملل؟ ألا يخشى هو، أيضًا، التهديد بالطّرد من العمل؟ ألا يخاف شبحَ الجوع والبطالة؟ ألا يملّ تسجيلَ الغرامات للمارّة؟ ألا يملّ ملاحقة عيونهم وترقبّ خطواتهِم؟ ثمّ ما هو راتب هذا الشّرطي؟ أيكفيه أن يتنفس، ويَحلُم، ويُعلنُ بكبرياءٍ أنّه حيٌّ؟ ألا يُؤرقُ ساعاتِهِ الخوفُ من المجهول، ومِن فجر لا يجد فيه ما يُخْمِدُ فيه فحيحَ الجوع في أحشاء أطفاله؟ ألا يخاف غدر الزمان والمكان؟ أم أنَّهُ لا يُطْرَد لأنَّه في هذا الحيّ ممنوع ترْك خطوات المسحوقين دون مُراقبة، ودون حصار الغرَامات الملعونة، وسياطِ الأسياد؟<br />وجدتـُهُ عَلَى الْرّصيفِ الآخَر؛ كانَ يتلوّى كقطٍّ جائِعٍ. ركضتُ نحوه. قد آن الأوان للغزالة أن تباغتَ الأسدَ. <br />عندما تأكدتُ أنّهُ يراني، أخذتُ أجتاز الشارع خطوة. خطوة. قوانينـُهُ لا تروق لي ليسجّل لي غرامةً أخرى، ليُسجل أنّي ثائرة على ظِلّي. يكفيني فخرًا أن أكون قد تمكنتُ من التعبير عن موقفٍ ما ولو مرَّة منذ أدركتُ كوني أحيا في وطن مُغتصَب.<br />أخذَ صوتُهُ يطاردني، وخطواتي تعلنُ ثورتها على قيوده:<br />ممنوعٌ اجتياز الشّارع والضوء أحمر!<br /><br /><br />(1984)<br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />---------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br />أرضُ البرتقَال<br /><br /><br /><br />واحد. اثنان. ثلاثة. تقرع الساعة كأنها ستقفز عن الحائط، وتخبط يدٌ فوق باب منزلي.<br />واحد. اثنان. ثلاثة. صوت ضحكة صاخبة ترتفع من ساحة المبنى المقابل لبيتي. إنّهن جاراتي اليهوديات. يتداخل صوت الضحكة ببكاء ابنتي التي استيقظت مفزوعة على صوت قرع الباب.<br />حدقتُ في الساعة بذهول. لم يبقَ أمامي إلاّ ساعة. ساعة! أي ستون دقيقة. ترى هل سأتمكن من جَمْع حاجياتي خلال ساعة؟ يجب ألاّ أنسى شيئًا هنا لأنني لن أتمكن من العودة إلى البيت. أخذتْ اليد تخبّط بقوّة. سِرْتُ إلى الأمام.عُدْتُ إلى الخلف. تَوَقّفْتُ. تَوَجّهْت نحو غرفة النوم، إلى النافذة لمراقبة الشّارع.لا! لا يمكن أن أقوم بكل شيء في اللحظة نفسها! شعرتُ بالضيق وأخذتُ أفكر: هل هذا وقت زيارة؟!<br />ناداني صوت. إنها جارتي. هرعتُ إليها. اصطدمتُ بالمقعد. وَقَعْتُ. آهٍ، لمَ لا أستطيع إنجاز شيء اليوم؟! كم بقي من الوقت؟ خمس وخمسون دقيقة! فَتَحْتُ الباب.<br />- "أمَا زلْتِ هنا؟!". تساءلتْ وهي تلاحق بعينيها زوجها الّذي اتجه نحو المصعد مع أولادهما وأكياس خضراء، وحمراء، وبيضاء، وسوداء.<br />- أسْرعِي سوفَ تَتَأخّرين.<br />= الآن عُدْتُ من العمل، وأنا مُرْهَقَة.<br />- هيا أسْرعي.<br />= حسنًا، سأحاول.<br />- إلى اللقاء.وَصَلَ الْمصعَد.<br />أجبتُ باستسلام: إلى اللقاء.<br />تَوَارَتْ داخل المصعد، فَعُدْتُ إلى المنزل أجُرُّ خُطُواتي خَلْفِي. آه، مِنْ أينَ أبْدَأ؟ حَدَّقْتُ في السّاعَة. إنّها تتحدّانِي. يركض عقرباها أحدهم خلف الآخر، وكل حركة أحسّ أنّها سكينٌ تُغرس داخل صدري.<br />عاد أنينُ ابنتي عندما لمحتني في الغرفة. أخذتُ أغيّر لها ملابسها بينما راحت هي تدفعني برجليها بعنف كي أكُفّ. ماذا الآن؟ سأجمع الملابس التّي سنكون بحاجة إليها. أنا بحاجة إلى ملابس صيفيّة وملابس دافئة فقد يكون يوم الغد ماطرًا. ماذا أيضًا؟ تَوَجّهْتُ إلى المطبخ وكأني عقرب الثواني في السّاعة. دخلتُ المطبخ. خرجتُ. عُدْتُ إلى غُرْفَةِ النّوم، إلى الشّرفَة. جَمَعْتُ الغَسيل. أغْلَقْتُ النّوافذ. عدتُ إلى المطبخ. غَسَلْتُ الأطْباق. لقد تأخرَ زوجي! قالَ إنّهُ سيعود اليوم منَ العمَلِ مبكرًا. لماذا تأخرَ؟ تُرى ماذا أحْمِلُ لَهُ ؟علبة التبغ؟ الجريدة؟ بنطالاً آخر؟<br />السّاعة تتلوّى بضجر. الثالثة والنصف. يجب أنْ أغادر المنزل الآن، ولكن ماذا بالنسبة للأكياس كيف سأنقلها إلى السّيارة؟ حسنًا، سأطلب من (يوسي) ابن جارتي اليهوديّة المصريّة أنْ يساعدني. إنهم جيران مسالمون، ربّما لأنّ علاقتنا بهم لا تتعدى التحيات العاديّة وفنجان قهوة عربيّة لديّ، أو فنجان (نِسْ كَفيه) لديها يتخلله حديث عادي عن الأطفال، دون أن نجرؤ على التحدث في الأمور السياسيّة كي لا تخسر إحدانا الأخرى. <br />نظرتُ منَ النافذة أبحَثُ عن ابنها. لم أجد إلاّ الجارة اليهوديّة العجوز، والتي ما زالت تجلس فوق المقعد الخشبيّ الصغير ذاته تطالع الصحيفة وكأنّها لوحة صامتة. كنتُ دائمًا أتعجب لماذا لا يزورها أحد إلاّ مرّة أو اثنتين في السنة؟! حزنتُ لأجلها، فقد يتوفاها الله قبل أن يزورها أحد!<br />حَدَّقْتُ في الشارع الرئيس، فَكِدْتُ أقَعَ على الأرض وأنَا أشاهِدُ أكياسًا بشتّى الألوان والأحجام تتحرّك بين أيدي رجال ونساء وأطفال نحو السّيارات. نَظَرْتُ بتمعن ولهفة، فتملّكتني فكرة أنهم مهاجرون.<br />انتفضتُ بِرُعْبٍ! شاهدتُ طفلاً يحمل كُرَةً بيضاء مُخَطّطة بالأزرق، وطفلة تَجُرُّ خلفها عربة أطفال، وفتى يَقْضِمُ بُرْتُقالَة! وسمعتُ صوتَ السّيارة والأب يشغّل المحرك ويضغط على دوّاسة البنزين بعصبيّة وقلق. تُرَى ماذا يَحْدُث لو تَعَطَلَتْ سيارته الآن؟!<br />تدَاخَلَ صوتُ سيارته بصوت سيارة أخرى تَوَقّفَتْ بعصبيّة. إنّه زَوْجِي. أخيرًا عادَ. سأضع الأكياس قرب المصعد لكي نغادر فور وصوله.<br />بُكاء. عادَتْ (لينا) تبكي. تذكرتُ القول: "شعبُ لينا لن يَلينا". اللعبة التي أعطيتها إياها قبل دقائق لتهدأ لم تعد ترضيها. قذفتْ بها بعيدًا. اهْدَئي الآن. لا وقت! أخَذَتْ تَسْعُلُ وهي تُحَدّق بي لتتأكد إنْ كُنْتُ سَأشْفِقُ عليها أم لا. وصلَ زَوْجِي وابني يتوارى خلفه كظلِّه.<br />- غَيّري له ثيابه بسرعة لقد وَقَعَ بالوَحْل.<br />= الآن؟!<br />- هيّا لم يبق إلاّ ربع ساعة.<br />= هيّا.<br />أخذنَا ننتظر المصعد. انتشرَ دُخان سيجارته حولنا. لفّنا كغمامةٍ سوداء. أخذنا نتلوّى.<br />- اتركوا المصعد يا ولاد الـ... (صرخَ بجنون).<br />قهقه بعض الأطفال. وصل المصعد وأخذ ينزل بنا.<br />أخيرًا، تَرَاخَيْتُ فوق مقعد السّيارة بارتياح. لم أنسَ حزام الأمان. ارتفع صوت محرك السيارة يتحدى الدقائق الباقيّة، لكن، إلهي، لقد فاتني أن أحضِر نظاراتي الطبيّة!<br />- يجب أن أعود.<br />= مستحيل. سنتأخر. اتركيها.<br />- لديّ يوم عمل غدًا. سأحتاجها. انتظروني.<br />هرعتُ ثانيّة إلى المصعد، لكنه كان يقف عند الطابق السادس عشر، لا يتحرك، فأدركتُ أنه لا مجال أمامي إلاّ الأدراج الخلفيّة. أخذتُ أعُدُّ الأدراج كي أنسى الإرهاق: واحدة، إحدى عشرة، مئة وإحدى عشر. دخلتُ المنزل، وألقيت على السّاعة تلك النظرة الأخيرة. وَدّعْتُهَا. كانتْ تَصْرُخُ كَحِصَانٍ تُركَ وَحيدًا!<br />عدتُ إلى الأدراج. واحدة، واحدة، واحدة، إلى أن هبَطْتُ بكل ثقل جسدي فوق مقعد السيارة. أخذتُ أحاولُ أنْ أتنَفّسَ باتّزان، لكنّ القلق راح ينهش هدوئي. حتمًا تأخّرنا!<br />- حاول عدم المرور بشارع المتديّنين.<br />= حسنًا. لا تخافُوا.<br />لا أعرف لماذا أخذتُ أقضم أظافر يديّ وأنا أراقب الشارع. متى نخرج من هذه الكارثة؟ هل سيقذفون الحجارة علينا؟ كان هو يتكلم، لكنّي لم أسمع شيئًا مما كان يقول. مررنا بهم. مجموعات من الأطفال لم نرَ من وجوههم إلاّ قُبّعَات صغيرة تُغطّي قمة رؤوسهم. لم يَرونا. كانوا مشغولين عنّا بجمع الحجارة وتكديسها فوق الأرصفة للحاجة. تُرَى، ما العلاقة بينَ الدين والحجارة؟<br />تذكرتُ زوجي وهو ينبّهني هذا الصباح ألاّ أقول: "عيد سعيد" للجارات. ابتسمتُ، وأخَذْتُ أمسح قطراتِ العَرَقِ عَنِ جبيني.<br />أخيرًا، كَمَنْ يَسْتَفيقُ مِنْ كَابوسٍ مٌرْعِب، غادرنا النّاصرة العُليَا كغيرنا مِنَ (العَرَب)، وبدا كأنّنا لَم نتنفّس منذ ساعات.<br />فجأةً، لَمَحْتُ بُرْتُقَالَةً كانَ ابني قد عثرَ عليها داخل أحد الأكياس، فأطلَقَ سَرَاحَهَا، وَرَاحَ يُقَلِّبهَا بين يديه الصغيرتين. تَدَاعَتْ فِي مُخَيّلَتي قصةُ "أرْضُ الْبُرْتُقال الْحَزيِن" للأديب (غسان كنفاني). حَدَّقْتُ بالبرتقالة بِرُعْبِ خمسين عامًا على النكبة. لا! لَنْ تَذْبَلَ أرض البرتقال.<br />تَوَقّفَ شَريطُ الذّاكرة على سؤال حائر ردّده ابني الذّي يبلغ من العمر خمس سنوات:<br />- ماما إلى أين؟<br />= حبيبي (فادي)، إلى جَدّيكَ لننام الليلة هناك.<br />- لماذا؟<br />= لأنّه لا يمكننا استعمال السيارة اليوم وغدًا. قد يقذفون علينا الحجارة.<br />- الحجارة؟! هل هم (أطفال الحجارة) الّذين نراهم في التّلفاز؟<br />= لا. إنهم يهود.<br />- لا أحب النوم عند أحد. دعونا نعود. أحب البيت.<br />فكّرتُ لماذا لا يُعْلَنَ عن يوم غَد كعطلة رسميّة، فيُعفوننَا مِنْ هذه الهجرة السّنويّة داخل الوطن.<br />حَدَّقَ ابني في الطّريق أمامه دون أن يُحَرّكَ عينيه. همسَ برعب:<br />- لكن، لماذا يقذفون الحجارة؟<br />= إنّه عيد الغُفْرَان.<br />- مَا مَعْنى الغُفْرَان؟<br />= إنهُ الـ.. تسامُح.<br />"تسامُح"! دَوَّتْ هذه الكلمة كتصفيرة في بوق في كل أرجاء السيارة وانتقلتْ إلى السيارات الأخرى. تسللتْ بصمتٍ وحيرة وارتباك. تُرَفْرفُ. تُرَفْرفُ بينَ الأزقَّة. تبحثُ عن... قُلُوب دافِئة.<br /><br /><br />(1999)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br /><br />عودةُ النّورس<br /><br /><br /><br />جلستُ في الصفّ الأخير في الزاوية أراقبُ الجميع ولا أحد يراقبني. الضجيج من حولي وأنا وحيدة وحيدة كعجز بيتٍ في قصيدة، كجمرةٍ في مهب ريحٍ عنيدة.<br />قلبي يقرع بصخب. ثمة يد تمتد من خلف ظهر فتاة تحاصرها. تتلمس عنقها. ترتدّ الفتاة إلى الأمام بخجل. ترتدّ نظراتي عنهما إلى الرسائل المتراكمة في حضني. يفوح عطر الكلمات.<br />* * *<br />(وردة).. <br />دعينا نتعاهد أمام ضمائرنا أن نكون لبعضنا روحًا وفكرًا وجسدًا وأنا أمدّ لك شرايين قلبي وروحي وأبدؤك العهد فهل تعاهديني؟<br />حبيبتي.. <br />نحن نمثل حالة فريدة؛ امرأةً في وطن، ووطنًا في امرأة، وأنا الذي في الشتات وجدت فيكما نفسي وحياتي وهويتي، فصرتِ وطني وصار الوطن أنت.<br />أحبك رغم الشتات، رغم المنفى، رغم الغربة، وسأحبك أكثر لو كنتِ أنتِ أماني وموئلي وسكني ووطني.<br />ثقي أنّكِ لي، واسلمي لعمري يا عمري.<br />* * *<br />أنت سنونوتي ما دام في الأفق جناح يخفق، وأنا نورسك ما دامت الشواطئ ميادين ثورتي.<br />ليتني أستطيع أن أجمع لك من بساتين الدنيا عطر زهورها، ومن حدائق القصور أريج ورودها، وليتني أجمع من واجهات المحلات كل جميل يسعدك، وكل رقيق ساحر يلمس ثنيات جسدك. الألوان كلها والعطور كلها وقبلها وبعدها.. أنا...؟ ولا أملك من حلمي غير الحلم، ولا أملك من أمر نفسي غير نفسي، فهل تقبلي وفائي وإخلاصي وعشقي وروحي وجسدي لك هديّة؟<br />خذيني فأنا لك.<br />أحبك حتى آخر مدى الحب وأنتظرك.<br />* * *<br />أطفئتِ الأنوار. أطبق الصمتُ على الشفاه. نما لي جناحان, فحلّقتُ في فضاء القاعة أراقب العيون المحدّقة في الشاشة الصمّاء.<br />الأضواء كما البرق تلمع بكل الألوان والقلوب تترقب الحَدَث:<br />ينهض الفارسُ من شتاتِهِ, يقتحم الأسوار الشائكة ليحرر الوردة من الأيدي الملوثة.<br />حاصرني عطر رجل هبط على المقعد الخاوي قربي. هبطتُ من سقف الحلم إلى مقعدي. تفتحتْ كلّ الورود على فستاني وحررتْ عطرها. انتشل يدي عن الرسائل الكثيرة كما تنتشل الصّنارة سمكة من صخب موجة. راح يردّد: معقول؟! معقول؟!<br />وقلبي يزقزق ويترنم: أنا الوردة. أنا (وردة).<br />صوته يحاصر ذهولي: (وردة) ما بك حبيبتي. أنا هنا. هنا. ما بك؟!<br />من قاع بئر الآهِ صرختُ:<br />تسألني ما بي؟ ألا تدري أن هذا اللقاء أكبر من كل أحلامي! أحقًّا أنت هنا، روح وجسد؟! ألم يكن حلمي وهمًا؟ هل أصدّق عودتك؟ هل أصدق أن ستار مسرحية العبث أخيرًا أُسْدلَ؟! هل أصدّق أن مئات الرسائل المكومة كالنوارس في حضني بدأت ترفرف محتفيةً بعودة النورس إلى شاطئه، الزعتر إلى تربته، ثمر الزيتون إلى أشجاره؟! أتراهُ الصّبّارُ أورقَ أم أني أهذي؟!<br />يده تتسلل إلى يدي. يحتويني كما يحتوي البحر قاربًا صغيرًا. يشدّني إليه.<br />- تعالي نغادر هذا المكان. أحتاج أن أراكِ في الضوء.<br />أتشبث بمقعدي وأنا أهمس بارتياب:<br />= حبّنا ولد في العتمة، ليس له مكان تحت الشمس.<br />- لا يا حبيبتي! نحن من نصنع أحلامنا.<br />= ولكنك تدرك أنه الحبّ المستحيل.<br />- حبيبتي، يا مطرًا يأتي بالعصافير الصغيرة والزنابقِ والثمرِ المُنتَظَر. هات يدكِ. <br />صمتَ. رحلتْ نظراته نحو الأفق. فجأة ارتفع صوته كالنشيد الوطنيّ:<br />- قد آن الأوان أن نحاصر حصارنا.<br />* * *<br />جذبني إليهِ. بدأنا نخطو معًا في الظلام نبحث عن منفذ للنور، للبحار، للأشجار والأعشاش، لطائراتِ الورقِ وقهقهات الأطفال، للصور الملونة، للحبّ، لنبض الحياة.<br />فجأة، شلَّ خطواتي صوتُ طلقة ما. صرختْ كلُّ الورود الحمراء على فستاني الأبيض وهي تكتسي بلون أحمر أكثر نقاء. <br />غاب، لكنّ صوته ظلّ في الأفق:<br />- لو مات نورسٌ، يبقى في الأفق ألف ألف نورس.<br /><br /><br /><br />(2002)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />----------------------------------------------------<br /><br /><br /><br /> <br />حلمٌ آخَر<br /><br /><br /><br />تقوقعتُ كما الجنين داخل رحم الأرجوحة التي راحَتْ تتمايلُ بي بين شجرتَي زيتون تحت رذاذ المطر.<br />رأيتهُ؛ على الضفة الأخرى من الحلم كان يرفرفُ.<br />رآني؛ فاقتربتْ ضفةٌ من الأخرى.<br />حين نظرتُ إلى عينيه، أبصرتُ البحرَ الذّي طالما راودني في حلم، فانتظرتُ أمواجَهُ حتّى آخر رَمَقِ أمل.<br />* * *<br />استفقتُ على تأنيبها الجارح:<br />- ما زلتِ هنا تحلمين!<br />= لمَ قطعتِ حبالَ خيالي؟<br />- لأنّك دومًا تنسجين حولك خيوط الوهم، وتحلقين بعيدًا عن الواقع.<br />= وهل أزعجتُكِ بشيء؟<br />- أنت غريبة الأطوار منذ طفولتك! دومًا تحلّقين خارج السرب. ألا تكونين واقعيّة مرّة في حياتك؟<br />أوجعني تعنيفها فصرختُ:<br />= عن أيّ واقع تتحدثين؟<br />- عن الحرب الوشيكة أن تُقَوّضَ أركانَ الكون. عن والدنا الملقى على سرير الأوجاع منذ أعلنت شركتهم إفلاسها فصارت لقمة العيش مريرة. عن أخيكِ الذّي توقف مرغمًا عن دراسته الجامعيّة ليمدّ لنا يد العون. عن والدتك التي تُعاني بصمت والكآبة تنهش جسدها. عن وعن...<br />= لأجل هذا الواقع بالضبط، أحتاجُ أن أحلُم. هل فهمتِ؟<br />تمتمتُ دون أن أتيحَ لها أن تسمعني: "بين اليأس والأمل حلمٌ واحد".<br />عدتُ أتمايل على الأرجوحة؛ تارة تنقلني إلى السماء فأرى أختي من فوق إلى تحت، وأخرى تعود بي إلى الأرض فأراها من تحت لفوق.<br />لم تتنازل عن غيظها. استلّت سيفًا آخر من غمد غضبها لتطعنني به:<br />- لكي تمتدّ يدُكِ إلى أعلى الشجرة تحتاجين يا صغيرتي سلّمًا.<br />همستُ وأنا أنظر إليها من تحت لفوق:<br />= أملكُ سلّمًا يشقّ الغيم ويصل بي إلى السماء.<br />* * *<br />عدتُ.. أمرّرُ حباتِ الخرز واحدةً واحدة في خيطِ الحُلم.<br /><br /><br /><br />(2003)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />---------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />شر .. طة<br /><br /><br /><br />فرّ بحرقة من توسّلها الصباحيّ: "بابا، ألا تشتري لي ثيابًا جديدة للعيد كبقية الأطفال؟". راح يمدّ أنامله داخل جيوبه واحدة تلو الأخرى ليطمئنّ إلى ما تبقّى فيها من قطع نقدية وهو يردّد: "سأشتري يا حبيبتي من المعاش القادم. اصبري بضعة أيام فقط".<br />تسمّر قرب المكتبة يطالع على عجل العناوين الرئيسة للصحف قبل أن يحدجه البائع بنظرة غاضبة وكأنه يسرق نكهتها.<br />"إعلان ساعة الصفر لبدء الحرب. وزارة الدفاع في... توصي المواطنين بتحضير لوازم الحرب" <br />"واشنطن بدأت العدّ التنازلي لعدوانها على..."<br />تسارُع الحشد العسكري برًّا وجوًّا وبحرًا"<br />"السلطات تهدم المسجد في قرية... غير المعترف بها في..."<br />"العليا تُلزم الجيش بتغيير إجراءات اعتقال الـ..."<br />"ستة شهداء برصاص الاحتلال في..."<br />شعر باختناق كأنّ صخرة ضخمة هوَتْ من صدره. نظر للسماء بحثًا عن منفذ للأمل. ارتطمت نظراته بلافتة مصلوبة على مبنى الشرطة.<br />ابتسم. قهقه حتى ثمالة المرارة، فقد سقط المقطع الحديديّ "طة" عن المقطع "الشر" في العبارة: "الشر.. في خدمة الشعب"، كما يسقط القناع عن وجه الحقيقة.<br /><br /><br />(2004)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />أميرةُ الحكاية<br /><br /><br /><br />- هذا هو. أترينه؟<br />أقتربُ منها بتوجس. يكادُ رأسي يصطدم برأسها.<br />- ترين هذي النخلة؟ إنّها هي.<br />تتصاعدُ هواجسي مع البخور المتصاعد من الموقد الجاثم بيني وبينها.<br />زمّت شفتيها.<br />- نافذتُهُ مغلقة من جهتك ومفتوحة من جهتها.<br />نقبّتُ عن المرآة داخل حقيبتي. نظرتُ إلى وجهي على صفحتها الضبابيّة.<br />كان ممتقعًا برعب. دسستُها بحنق في قعر الحقيبة.<br />مدّتِ العجوز يدها نحو حقيبتي بتلهف. تناولتُ رزمة نقود وأودعتها صدرها النافر. عادتْ تنعقُ.<br />لم أعد أرى منها سوى شفتين تتحركان كقطار داخل كهف رعب.<br />حقًّا، لا شيء حقيقي سوى ما هو مرعب!<br />أحقًّا خان الوعود والعهود؟! أما كنتُ سنونوته، ولؤلؤة، بحره وأميرة الحكاية؟! أيعقل أن ينقلب الحلم الشهيّ إلى كابوس مرعب؟!<br />ويح قلبي ما أقسى الطعنة. اللعنة على الذكريات. كانت رياءً؛ مجرد رياء! ما كنتُ آسرة قلبه ولا ندى أزهاره. ما كنتُ الأنثى ولا أنثى سواي في مملكته! آهٍ.. كيف أحتمل نزوح قبائل الحزن إلى قارة أفكاري؟! كل كلماته التي ظننتها حبات خرز وعلقتها على جيدي كالعقد أتباهى بتفرّدها، أما كانت إلاّ نفاقًا! آهٍ أيها القلبُ المُثقل. ابْكِ. اصرخْ. تمرّدْ.<br />تسلل تيارٌ بارد من النافذة المفتوحة على الجبل الأجرد. رحلت نظراتي إلى الحديقة. لم أر سوى أوراق شجرة تين صفراء مبعثرة فوق أرض موحلة.<br />- ما بكِ؟<br />= لا شيء.<br />- فهمتِ كل شيء؟<br />= أي شيء؟<br />- بالله عليكِ استيقظي لحظة من أوهامك لننهي الحكاية.<br />اختزلتُ حزني:<br />= كلّي آذان صاغية.<br />- حسنًا. خذي هذا الفنجان. اصنعي له قهوة واسكبيها هنا. ستذوب النخلة في القهوة، وحينَ يرتشفها يَبْطل تأثير الأخرى على قلبه. فهمتِ؟ <br />أنتظرُ عودتهُ بتحرّق. الانتظارُ صخبٌ مبعثه القلق. هكذا كتبَ (رولان بارت)، وهكذا أشعر الآن. قلبي نحلةٌ نزقة تقفز فوق أغصان الانتقام.<br />ها هو يقرعُ الباب. آه لو يدري أني أدري! أفتحُ الباب. كلّ المعادلات أصبحتْ مستحيلة هذه اللحظة. ما عدتُ أراه سوى شبح مرعب لرجل لم أعد أشتهي حبّه عن ظهر قلب. رغم أنف النزف أتمالك ثورتي. تحاصرني عيناه. أفرّ من بريقهما. يطبع قبلةً على جبيني. آهٍ كيف استطاع أن يسقيني الخلّ ويلدغني في عقر قلبي دونما رحمة؟! جراحي المفتوحة على مصراعيّ الألم تصرخ في وجهه. تلتفُّ يداهُ حول عنقي. تتملكني برودة. يا له من ماكر. أيشتري خنوعي بعقد من اللؤلؤ؟!<br />- كلّ (فالنتين) وأنتِ عيدي.<br />يغرّد، فأصمّ أذنيّ عن نغمة الحنين في همسه.<br />- كلّ عمر وأنت الأميرة.<br />يترنّم، فأغلق إحدى نوافذ القلب دون أمواجه.<br />- كلّ ربيع وأنتِ سنونوتي.<br />يهذي، فأقع في أحضان اليأس. ما بي؟ شرعتُ أتأرجح على حبال الشّك واليقين: يُحبّني. لا يُحبّني. يُحبّني.<br />- يا غالية، ما بكِ؟ وجهك كورقة خريف. قلبك محنّط كتمثال (كليوباترا). أخبريني الحقيقة. هيّا. هل أسأتُ لكِ من حيثُ لا أدري؟<br />قررتُ أن أبثّه همّي:<br />= هيَ.<br />- مَن؟ <br />= النخلة.<br />- أي نخلة؟<br />= حبيبتكَ.<br />- أيّ حبيبة؟!<br />ألن ننتهي من هذا الموّال؟ متى تُصدقين أنّك أنتِ ولا سواك؟ لا شمس في كوني سواك. اعقلي يا مجنونة. أنتِ خياليّة جدًّا. بل أنتِ مجنونة فعلاً. لستُ بطلاً في قصصك تحبكين له الحكاية تلو الحكاية. أنا فارس أحلامك، نورسُ بحرك. استيقظي يا عمري قبل أن نصطدم بجدار لا رجعة بعده. أنا لم أعُد أقدر على الصمود أمام اتهاماتك المتكررة. أنتِ تطعنين حبّنا كلّ يوم مع سبق الإصرار والترصّد.<br />هزمني ذبولُ صوته. انتفضتْ عصافيرُ صغيرة كثيرة داخل قضبان قلبي وصرختْ بي: "مجنونة! هو يحبّك. لا تهدمي ملكوتك بيديك. كوني عاقلة. تلك الشمطاء استنزفت أموالك، وهي التي سحبت البساط الورديّ من تحت أقدامك لا هو. اطردي شبحها قبل أن يمرّ بك القطار فتندمين من حيث لا يُجدي ندم."<br />أجاهدُ لأتخلصَ من رحم الشرنقة. أغسل ما علِقَ بي من دَبَق. أتحرر فراشةً بيضاءَ. أرفرف حوله. أقف على كتفه. أقبّل جبينه. لو يدري كم أحبّه! هو نور القلب، فهل أحيا مكفوفةً مدى الحلم بسبب عجوز ماكرة؟!<br />تسبقني خطواتي إلى المطبخ. أتناولُ فنجان القهوة. أحدّق في النخلة. أتجه صوب جذرها بخنصر يدي اليمنى و... أمحوها بجرّة بصمة. <br />ثمة تمتماتٌ خافتة على الهاتف. <br />أنصِتُ بوجل.<br />تذوبُ كلماتُهُ كالشمع وهو بدلالٍ مدروسٍ يهمس:<br />"لا أحد سواكِ يا مجنونة!"<br /><br /><br />(2004) <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />أنا جنونكَ<br /><br /><br /><br />لغطٌ غير اعتيادي في الداخل سيّرني إليه. رأيته واقفًا متكئًا كتمثال من ثلج على حائط، وهي ممدّة على الأريكة مقابل نافذة مطلّة على بحر، وكلاهما يلوكُ الكلمات:<br />- هذا لا يمنع أن...<br />= لستَ الأمير الذي سيأتينني بفردة حذاء على قدّ أحلامي.<br />- آتيكِ بالنيل والبحر والهرم لو...<br />= أنا في انتظار أمير ليس له وجود إلا في خيالي، لذلك هو حتمًا ليس أنت.<br />- من أنتِ لتتعالي عليّ؟!<br />= أنا! ......... "أنا جنونك".<br />* * *<br />ذابَ ثلجه، فتدفق خارج الغرفة، وغمر في طريقه الزهور، فأورقتْ، وجرف كلّ الحَصى والطحالب، فاخضرّت الحقول. <br />استبدّتْ بي رغبة جامحة لتحذيرها. قفزتُ إلى رأسها، ورحتُ أنصِتُ لتسارع أفكارها. استوت على عرش الوحدة، وراحت تتلذذ باحتساء خمر عشقها: <br />"الغبيّ! متى يدرك أنّهُ ليسَ جملة اعتراضيّة في رواية عشقي، بل هو العُنوان. الحلم لا يتكرر مرّتين وهو حلمي. هو حلمي. هو حلمي."<br />تقززٌ مرير سرى في عروقي. يا لها من بائسة. يجب أن أحذرها لئلا تخور إزاء إغراءاته العبثيّة. بسرعة وسوستُ لها:<br />"استيقظي من أوهام الرومانسية يا صغيرة، فالحبّ فكرة لا تتحقق. بذرة طريّة، لكنها لا تنمو. هيّا، احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك. دلّلي نفسك بنفسك. اشتري لك الهدايا التي تشتهي أن يباغتك بها عاشق. اروِي أنوثتك بكلمات: "يا عمري، يا عشقي، يا ...". لا تنتظري النقاء من رجل. يا لقلبك! بسرعة صفحتِ عن آثام حبيبك الأوّل الذي برع في اعترافاته العشقيّة لك أنّكِ سيّدة أحلامه، وأنّكِ حبّه المستحيل، وأنّكِ (أفروديت)، وأنَّ وإنّ ولكنّ وليتَ ولعلّ، إلى أن بدأتِ تئنّين حين استيقظتِ وأنتِ في ذروة انبهارك بهِ على نفاذ صلاحيّة الحلم. يا لقلبك! أهكذا تصفحين بسهولة عن (عبلة) و(ليلى) و(سلمى) اللاتي خرجن بغتةً من قبعته؛ كلّ تطالب قلبه بحقها من الميراث، وكلّ لوّثت حلمك الوردي بآمالها."<br />شيء ما التصق برأسها.<br />= ألو.<br />- يا مجنونة أحبّكِ.<br />غفتْ كلماتهُ في حضن أحاسيسها كما تغفو في حضن ورقة. صرختُ من قحف رأسِها: "إياكِ أن تصدقي!"<br />استمرَ الترنيمُ الرّوحيّ:<br />- "أنتِ لي."<br />صرختُ بها ثانية: "إياكِ أن تصدّقي!"<br />- "أنتِ جنوني."<br />تراختْ خلاياها.<br />صرختُ ثالثةً:"إيَّاكِ."<br />استرسلَ هو:<br />- "أنتِ اشتعالُ الفكرة ووهج الإبداع. أنتِ العشق والعشقُ أنتِ. أنتِ أنا وأنا أنت. أنت وأنا مسوّدةُ حبرٍ واحد وروح واحدة. تعالي. لا تخافي. ادخلي روحي. أشعلي في كل خُطوة مصباحًا، وفجرّي كتابةً على جسد الحنان يا حناني. تعالي. كوني جنوني. إيّاكِ ألاّ تكوني!"<br />كان يشدّ قلبَها إليهِ كالحاوي الذي يسحبُ المناديل الملونة من قبعته السحريّة ببراعة حرفيّة.<br />راحَ قلبُها يزقزقُ:<br />"تبًّا لكَ. لمَ نسفتَ الأسلاكَ الشائكة، والأسوار والجنود من حول جنون الأنثى في عروقي! أخبرني كيف سأتفنّن الآن في إخماد اشتعالي؟!"<br />* * *<br />بسطتُ أصفادي حول دماغها في محاولة مستبسلة للجمها عن الاستماع إلى صوته، لكنّها ضغطت فجأةً وبقوّة على صدغها، ثمَّ وقفتْ وسارتْ باتجاه الحديقة. أوْرَقتِ الزّهورُ واخضّرَتِ الحقول.<br />وقعتُ أنا كورقةِ خريف صفراء في مهبّ حبّ عاصف، وغبتُ عن الوعي.<br /><br /><br /> <br />(تمّت، وبالأحرى بدأت في 9/1/2004)<br /><br /><br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-----------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br /><br />وقد لا يأتي<br /><br /><br /><br />مع إسدال الستارة على النافذة الأخيرة , أرمي للبحر حلمي، وأعود لرحم أمي كي تلدني من جديد.<br />* * *<br /> مرّ بي ستون احتضار، وما زالت عيناي معصوبتين. لا أرى، لكنّي أختنق من رائحة العَرَق المتصبب من جسديهما. بدأتِ الشاحنة تنزلُ بنا في طريق حلزونيّ، والطريق تضيق.<br />* * *<br /> - نادي عليها!<br />زأرَ صوته من غرفة المعيشة، فانتفضتُ كسنونوّة بللّ جناحيها مطرٌ مباغت. تحشرج صوتٌ: (بيسان) تعالي يما.<br />زفرتُ من رئتيّ هواءً ثقيلاً، ومشيتُ نحوهما منتصبةَ القامة ودماغي يعزفُ نغمة "أكون أو لا أكون". تسمرّتُ أمام لهيب عينيه. زأرَ بتوتر:<br />- تخطّطين أن تضعي رأسنا في الطين؟<br /> نقلت نظراتي إلى وجه أمّي علّي أستنزف شفقتها. كان وجهها شاحبًا كالمعتاد وشفتاها متيبستان، أما تلكَ الضفيرة الشائبة فما زالت تطلّ بحنوّ من خلف منديلها الأبيض المبرقع ببصمات سوداء. <br />نظرتُ حولي؛ لمَ يبدو لي كلّ شيء شاحبًا؟! الأبواب والنوافذ وشقائق النعمان وحتّى الفراشات الصغيرة. زأرَ ثانية فأجفلت:<br />- أجيبي.<br />= كيف أضع رأسكم في الوحل وأنا أسعى لرباط مقدّس؟!<br />- هل فاتكِ أنه من غير دينك؟<br />= مَنْ فينا اختارَ دينه؟<br />- أنتِ تحفرين قبرك بيديكِ.<br />= أموتُ بكرامة أفضل من أن أحيا بهوان.<br />سرجتُ خيول أفكاري. لم أعُد أرى منه سوى مدّ وجزر شفتيه، ومع كلّ مدّ جديد كانت تحاصرني نوبةُ حقدٍ جديدة ومواعظُ غزيرَة.<br />صحوتُ على صوتِ أمي وهي تدفع بي إلى قفصي ولعنته تطاردُ أجنحتي:<br />- منطقكِ أعوج. لطالما أنذرتكِ، والآن نفدَ صبررررري!<br />* * *<br />لا أدري أيّ قوّة نجحتْ في لمّ شمل جميع وجهاء العائلة من أقطاب الأرض. لا أعرفهم سوى من صورهم الباهتة المصلوبة على جدران الغرف، أتوا محملين بلعنات صبّوها في قلبي. اجتمعوا وتشاجروا، ثمّ قرّروا أن يقوم أبيّ وابن عمي بالمهَمّة، ثمَّ عادَ كلّ إلى تجارته وخمّارته وبقيتُ وحدي.<br />* * *<br />بدأتِ الشاحنةُ تسيرُ في طريقٍ ترابيّ مُوْحل. لا بدّ لي أن أبدّد الزفرات الأخيرة من حياتي بشيء يستحق الفرح. <br />أطلّ وجهه على مرآة أحلامي. رأيتُ جبينَهُ مكللاً بالغار. ليديهِ رائحةُ نعناعٍ أخضر. همسَ، فخلتُ النخيلَ ينحني: لكنهم قد يقتلونك.<br />= أموتُ بكرامة أفضل من أن أسلّم جسدي لرجل غريب لا يبالي سوى بقطف التفاح عن أشجاري.<br />- (بيساني)، تموتينَ عشقًا لأجلي؟! ألهذه الدرجة تحبينني؟!<br />= الحبّ بابٌ ضيق لانفجار ضوئيّ.<br />- لن أدعهم ينالون منّا. بأسناني سأحميكِ. للسماء السابعة سأخطفك. (بيسان)، تعاهديني؟<br />= على ماذا أعاهدك؟<br />- لو قتلوا أحدنا يكون الثاني في استقباله في الفردوس.<br />= أعاهدك.<br />* * *<br />نحوَ الساعة التاسعة مساء دفعاني خارج الشاحنة. تلعثمتْ خُطواتي. أزال ابنُ عمّي العصابة عن عينيّ. كم كانت أنامله باردة. تدفقَ نورٌ داخل عروقي. ساد صمتٌ كئيب. تناهى لسمعي صوتٌ من بعيد، بعيد، لبلبلٍ غرّد نغمةً حزينة، ربما من على شجرة لبلاب.<br />اتجه والدي نحوَ الشاحنة وبعثر محتويات صندوق أسود، ثمّ استلّ سكينًا كبيرة، ووثبَ نحوي كأسد جائع. أجفلتُ. انتفضتُ كقشّة في مهبّ الحقد. صرختُ من قحف رأسي: يمّاااااا. <br />صرخَ بي أن أصْمت صونًا لكرامتي.<br />* * *<br />حللتُ ضفيرتي، فانسدلَ شعري الأسود الطويل فوقَ الكون. سادَ ظلامٌ شديد. صرختُ ثانيةً: يَمّا، ساعديني أتجرع هذي الكأس.<br />* * *<br />فجأة، تزلزلتِ الأرضُ. تشققتِ الصخور والقبور تفتحتْ. صرختُ ثالثةً بصوتٍ عظيمٍ قبلَ أنْ أ ُسْلمَ الرُّوح: <br />- يمّا، متى يأتي نيسان؟ متى يُزهرُ اللوزُ والليمونُ والبرتقال؟ متى ترقص الفرَاشاتِ الحالمة حولَ قناديل العُشاق؟ متى؟ متى؟!<br /><br /><br /><br />(2004)<br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-----------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br /><br />إصـرَار<br /><br /><br /><br />كان لا بدّ لها أن تقع لتدرك أنّ للوقوف لذّة الانتصار. كيفَ لا وقد اقتضى الحلم الشهيّ منها أن تنام على سرير من مسامير، والذي طالما ارتعبتْ منه أتاها بغتة. صرصارٌ أسود مقيت، ما أن بان لها حتّى جفلتْ منه، لكنّه سارع في ارتداء قناع فارس شهم فاستكانتْ. بادرها بخشوع:<br /> - "تخافين منّي؟" <br />ارتبكتْ، فاسترسلَ: <br />- "لا تخافي. لستُ وحشًا ولستِ الجميلة. أنا فارس. اقتربي." <br />اقتربتْ منه بتوّجس. صرخ فيها صوتٌ من الداخل: <br />- "لا تقتربي! هذا صرصار. أتفهمين معنى كونه صرصارًا؟"<br />أخمدتِ الصوتَ، وسَارتْ إليه خُطوةً خُطوة، ومع كلّ خُطوة كانت أوراق استحواذ كون الصرصار حشرة مثيرة للاشمئزاز...<br />تَ<br />تَ<br />سَ<br />ا<br />قَ<br />ط<br />أشارَ لها أن تجلس على الأرض قربه فجلستْ. قطف لها الورد من حدائق الخيال وخبأها تحت جناح حلمهِ. راح يُغني لها عن الأميرة التي عشقتْ فارسًا فقيرًا. استكانتْ. بدأتْ تحلمُ بشمسٍ تُفجّر سلسبيلاً، وتشيّد قصورًا من رمال فوق سحب كثيرة. تنهدّتْ.. اقتربَ الصّرصار بغتة من صدرها ولسعها ثمّ ولّى هاربًا. ظلّ يعدو ويعدو إلى أنْ صارَ صفرًا على عرض الأفق.<br />* * *<br />عادتْ مُثقلةً بالحسرة تسترُ قلبها النازف تارةً بمناديل الصّمت، وأخرى بمناديل الأنين. تناسلَ الوجعُ، صارَ سيوفًا تُقطّع أحشاءَها. صمّمتْ ألاّ تستلم للهوان. لا بدّ أن تنالَ منه!<br />سارت بإصرار نحو غرفتها. ارتعد جسدها النحيل من برد تشرين. لمحتْ عباءةَ الجَدّة على المشجب القريب فسارعتْ بارتدائها، واستلقتْ على سرير من مسامير في انتظاره.<br />* * *<br />أتى تُسيّره رائحة النعناع على كفيّها. اقتربَ منها متوجسًا. بادرته:<br />- "تخافُ منّي؟"<br />ارتبكَ فاسترسلتْ:<br />- "لا تخف. لستُ الجميلة، ولستَ الوحش. أنا الأميرة. اقْتربْ."<br />اقتربَ منها بتوّجس. صرخَ فيه صوتٌ من الداخل: "لا تقترب! هذه أميرة. أتفهم معنى كونها أميرة؟"<br />أخمدَ الصوتَ وسارَ إليها خطوةً خطوة، ومع كلّ خطوة كانت أوراق استحواذ كون الأميرة أنثى خطيرة...<br />تَ<br />تَ<br />سَ<br />ا<br />قَ<br />ط<br />* * *<br />أشارَتْ له أن يجلسَ على الأرض قربها فجلسَ. قطفتْ له الوردَ من حديقةِ خيالها وخبأتْهُ تحت جناح حلمِهَا. راحتْ تُغني له عن الفارس الذي عشقَ أميرة خطيرة. استكانَ. بدأ يحلمُ بشمسٍ، يُفجّرُ سلسبيلاً ويُشيّدُ قصورًا من رمال فوقَ سحبٍ كثيرة. تنهدّ. اقتربتْ بغتة ًمن صدره وداستْهُ بإصرار وقوّة تحت قدمِهَا.صرخَ صرخة مريرة.<br />* * *<br />استيقظتْ الأميرة وحباتُ عَرَقٍ تتصبّب كرمال رقطاء من جبينها. حدقتْ في الفراغ. بحثتْ عن جثة الصّرصار في كل ركن حولها. لم تعثرْ له على أثر، لكّن رائحة كلب ضال بلّله مطرُ ليلةٍ عاصفة سيطرتْ على أرجاء الغرفة واستنفرَت ذاكرتها.<br />* * *<br />رويدًا رويدًا أدركتِ الأميرة أنّ كلّ ذلك الرّعب المقزّز ما كان سوى حلم وانقضى. ارتجفتْ. استكانتْ. ابتسمتْ. سلامٌ يفوق العقول بدأ يتدفقُ بدفء في عروقها. كيف لا وقد سحقته سحقةً مميتة!<br /><br /><br /><br />(انتهت في 11/01/2004)<br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-----------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br /> قطرة مطر<br /><br /><br /><br />نظرتُ إلى الأرض أبحث عن مكان أهطل فيه، فقد قررتُ أن أكونَ متفرّدة في هطولي كي لا أتبدّد عبثًا. أبصرتُ مجموعة من الأطفال يتقافزون حُفاةً فوق برك الماء، يطاردون كرة، ويُردّدُونَ بفرح: "طاح المطر على الطين- الله يسلّم فلسطين".<br />ثمّ أبصرتُ كهلاً يجلس القرفصاء قريبًا منهم يرقب الطيور الصغيرة البعيدة في السماء وهو يقول في سرّه: "متى تتلوّن أحلام البؤساء؟"<br />استقرّت الكرة فوق أنفه، فصحا على أطفال هرعوا يقطفون عن وجنتيْهِ ثمار الصباح.<br />عبرتُ بين الأزقة المُوحلة، وتسمرتُ قرب غرفة طبيب نحيل يرتدي ثوب البرّ. نظر من النافذة ليراقب العصافير الصغيرة البعيدة وهو يحلم أن تحطّ ذات أمل على كتفه.<br />عاد من تيهه إلى المرأة العجوز التي انتهى لتوه من الكشف عن سبب أوجاع صدرها. راقب يديها بتوجّس وهي تحاول فكّ صرّةِ قماش حفنتْ منها ملء راحتها قطعًا نقدية نحاسيّة صغيرة، بعثرتها أمامه على المنضدة وعيناها تتوسلان أن يرضى بهذه الذبائح الشحيحة. تنهد الشاب وقال وقد تحشرج صوته في حلقه: "ضُبّي نقودك يمّا، الدنيا لسّه بخير."<br />تدفقت أنهارٌ من الحنان في عروق المرأة. اقتربتْ من الشاب وحضنته. لفّتْ كتفيه بثوبها الخمري المُبرقش بالقُطَب الفلسطينية الكالحة، فأزهرَ اللوزُ على أشجار القلب.<br />رحتُ أواصلُ رحلتي كأنني فراشة خرجت للتو من شرنقة.<br />اقتربتْ فتاةٌ لتفتح نافذةً، فاقتربتُ منها، وسرعان ما عادت إلى الداخل وهي تسير بخطوات بطيئة، فأدركتُ أنّها كفيفة. جلستْ قُرب المرأة المُسنّة تقول: "يمّا، أشتهي اليوم طبخة فريك."<br />تحسّستْ العجوز جيبَ معطفها. لم تعثرْ إلاّ على بضع ورقات نقدية والشهر ما زال في أوّله. لم تتأفف. ابتهلتْ: "إلهي، أعطنا خبزنا كفاف يومنا". هتفتْ بحنوّ لـ(سَعْدَة): "تعالي نحصل على قسط من الراحة، وحين نستفيق ربّك يفرجها".<br />عندما استيقظتْ من نومها عثرت على دجاجة في المطبخ، فلم تشغل بالها بمصدر رزقها، بل شرعت في إعداد الفريك. وهي منهمكة في عملها وصل ابنها، فأخبرها أن أحد الرجال زار المستشفى، وفي يده بعض الدجاجات أتى بها للطبيب الذي استأصل الرصاصة من أحشائه دون أن يتوفر له ثمن العلاج، وحين رأى (سعدًا) في الرّواق، رقّ قلبه وأعطاه دجاجة.<br />حدّقت الأم في السماء البعيدة. رأت عصافير كثيرة. احتضنتْ ابنها. أحاطتْ عنقه بضفيرة شعرها الشائبة، فحطّ كروانٌ على سطح أحلامها.<br />أخذتُ أتقافز بفرح كما العصافير الصغيرة في بيادرِ قمحٍ، إلى أن رأيتُ امرأة عجوزًا تكاد بشرتها تكون كقشرة برتقالة جافة. كانت تقرفص بسكُون فوق الأرض. علتِ الهتافاتُ من حولها، كلّ يستنكر هدم منزلها، أما هي فقد كانت تراقب الغبار الذي تراكم فوق شجرة الصبّار الشاهدة على هدم مأواها، عشّ أحلامها. دفنتْ هواجسها في الرمال وراحتْ تحلمُ براعٍ يسوقُ قطيعَ آمالها إلى مرعى أخضر. تنهدتْ بحسرة وهي تتمنى ولو عَبْرَةً واحدة تجفف حُرقة قلبها. نظرتْ إلى فوق، تستجدي العونَ منَ السماءِ، فلمحتْ عصافيرَ كثيرة، بعيدة، بعيدة. تنهدتْ بحُرقة وراحتْ تناجي نفسها: "آآآخ. كيف تحطّ العصافير فوق طبق القلب إذا كانت الأرض غارقة في الطوفان؟!" التقتْ نظراتنا. رقّ قلبي لحالِ هذي المرأة الشامخة كنخلة، الصامدة كشجرة زيتون في تربة خصبة. قررتُ أن أهبطَ إليها لأخففّ عنها خَلَّ تلك اللحظة. قفزتُ داخلَ مآقي عينيها، وهناك بدأتُ أتضاعفُ برويّة. فجأة، أجهشتِ المرأةُ في البكاء.<br /><br /><br />(2004)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-------------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br />الحلم الأخير<br /><br /><br /><br />ألهثُ فوق السهول خلف طائرتي الورقية والريح عاتية. أرى الخيط المتدلي منها، كأنه أمل ضرير. أركضُ عكس الريح.<br />- بالروح، بالدم نفديك يا ...<br />يتعالى الهتاف من حولي وأنا لا أبالي. لا أحلم إلا باستعادة تلك الطائرة. أُلقي حقيبتي المتهرّئة فوق حصيرة القش، وأمدّ يدي النحيلة خلف الوسادة لآتي بطائرة ورقية لوّنتها بالأحمر والأبيض والأسود والأخضر. أغادر المخيم وأنا أتأبطها. أُخفيها بمهارة عن العيون كأنّها حلمٌ أخشى أن يسرقه مني أحد.<br />- كل يوم عدس؟!<br />هكذا اعتدت أن أتبرم وأتلوى كلما عدت ظهرًا إلى حضن أمي. ما بالي اليوم أرى أن العدس نعمة بمقدورها أن تخمد هذا الجوع الكافر الذي أخذ ينهش أمعائي؟ "ما من طعام اليوم. أخمد جوعك بالجري في الحقول يا (خالد)". قالت أميّ بأسى. فغادرت بسرعة، وبدأت بصعود الجبل.<br />* * *<br />رميتُ الصخرة خلفي وأنا أصعد إلى القمة. أحلم بتحرير الطائرة التي يربطني بها ذلك الحبل الرفيع، وككل يوم حين أفلت خيطها المربوط إلى كف يدي، تنفلت من قبضة القلب كل أوجاعي الدفينة. <br />مرّت ساعة. زالَ ألمُ أحشائي. الآن بإمكاني أن أبدأ رحلة العودة. ولدٌ مفتول العضلات اعترض طريقي. ارتمى ظله فوق ظلي.<br />- هذه لي.<br />قال بسخرية، فانفرجتْ شفتاه عن أنياب صفراء. تشبثتُ بطائرتي. واريتها خلف ظهري وأنا أهتف:<br />- هذه طائرتي أنا.<br />= بل هي لي، هاتها وإلاّ...<br />اقترب مني، وبدأ يلوي يدي محاولاً أن يغتصب الطائرة، لكنني استجمعت كلّ ما أملك من عزيمة لمقاومة غطرسته. لمحتُ حجرًا صغيرًا على الأرض فانحنيتُ أتناوله. مرّ بنا شاب أنيق. استبشرتُ به خيرًا. فصل بيننا. ثم وقف كالمسمار المعقوف، رأسه في اتجاه الآخر. هتف من عليائه: <br />- أعطه الطائرة يا...، ألا يكفي أنك سرقتها منه، تريد أيضًا أن تضربه بحجر؟<br />أفلتُّ الطائرة من يدي. استجمعتُ كل ما أوتيت من عزيمة وضربته بالحجر. بدأ ينزف. انشغلا عنّي. أخذتُ أعدو خلف طائرتي بجنون لأستعيدها وكأني سأستعيد حلمي الأخير: "بالرّوح بالدّم نفديك يا..."<br />تجمهر المارّون من حولي. تملّصتُ من دوامة الطنين دون أن تغفل عيناي لحظة عن طائرتي. خفتتْ أصواتُ المتظاهرين وهم يسيرون باتجاه المقابر. بدأتُ أسيرُ باتجاه النهّر، أقتربُ من الحبل. قفزتُ نحوه بكلّ ما أوتيتُ من قوّة. أخيرًا، قبضتُ عليه. جذبتُ الطائرة إلى قبضة يدي. تنهدتُ. أغمضتُ عينيّ. أخذتُ نفسًا عميقًا. زفرتُ الهواء من رئتيّ. استكنتُ. مسحتُ الوحل عن ثيابي. شرعتُ بالبحث عن حقيبتي لئلا أنال اليوم عقابًا من والدتي. آ آ آ ه يمّا! درس التاريخ كان صعبًا للغاية اليوم! المدرّس كان يتحدث بصوت رخيم عن (صلاح الدين الأيوبي)، وأنا كنت أحلم بالطائرة وكأن قلبي دليلي.<br />- الله اكبر. الله اكبر.<br />ارتفع صوت المؤذن. موجة دفء دثرتني فأخمدتِ اضطراباتِ أمواجي. شرعتُ بالعودة. يجب ألا تفوتني صلاة الظهر. حتمًا سيرفعون اليوم صلاةً على روح الغائبين.<br /><br /><br />(2004)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />------------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />المِسمَار<br /><br /><br /><br />حينَ مررتُ به، كان يتأوهُ وقد جفَّفَ الحزنُ زيتَ عينيه.<br />- ما بكَ؟<br />= موجوع.<br />- مِمَّ؟<br />= أجلسُ على مسمار.<br />هدوؤه ألقاني في بئر الهواجس، فصرختُ:<br />- تجلسُ على مسمار وتدركُ أنَّكَ تجلسُ على مسمار ولا تنهض عنهُ؟!<br />= آه...<br />- مَا بكَ؟<br />جَفّتِ الكلماتُ على شفتيه وهو يصطادها حرفًا حرفًا من بركان الرثاء:<br />= حاولتُ أنْ أتخلص منه.<br />- ثُمّ؟<br />= المصيبة أنَّه يتبعني إلى كُلّ مكان!<br />- يتبعُكَ؟ ما هذا الهراء؟!<br />= تجرأتُ ذات يوم وَ... تَحَسَسْتُ مَوْضِعَه.<br />- ثمَّ؟<br />انطفأتْ آخرُ ومضة في عينيه. احترقَ رغيفُ الاعتراف داخل تنوّر أوجاعه.<br />= ثُمّ... وجدتهُ قطعةً منّي!<br /><br /><br />(2004)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />------------------------------------------------------------<br /> <br /><br /><br /><br />محكومون بالأمل<br /><br /><br /><br />كلمة "ألم" مكوّنة من ثلاثة حروف (أفقي)، يقابلها كلمة "أمل" من خمسة حروف (عمودي). أكدحُ ذهني. اللعنة على هذي الكلمات المتقاطعة! إنّها تستحوذ على أفكاري، وتستنفذ كلّ طاقاتي. تتزاحم الكلمات في رأسي، وتتضافر لتتقاطع صورًا على صفحة الذاكرة. أحبسُ أنفاسي. أتنهّد. أنتقلُ إلى صفحة الإعلانات عن وظائف شاغرة، ربما يحالفني السعدُ اليوم فأعثر على لقمة تكفيني سدّ عوز عائلة تتعلّق بعنقي كحبل المشنقة. تطاردني رائحة عفونة. ألقي بالصحيفة على الأرض. أعود فأتنهدّ وأبحثُ عن نافذة.<br />* * *<br />يستهويني منظر الثلج وهو يتساقط بخفّة، كأنّ أسرابًا من الطيور خلعتْ عنها ريشها ونثرته في الفضاء. يستهويني صخب الأطفال وهم يركضون حُفاةً تحت الثلج دونما شكوى، ويتنافسون على بناء رجال من الثلج. <br />هؤلاء هم المحكومون بالأمل! <br />نحن المحكومون بالألم!<br />تحرّكَ الحنينُ داخلي إلى مرتع الطفولة، إلى أيدٍ صغيرة تتسابق لتصطاد العصافير من أعشاشها، فتزجّ بها بفرح داخل الأقفاص الصغيرة وتروح ترقبها بفضول، وشيئًا فشيئًا تذبل اللهفة حين تدرك أن العصافير لا تغرّد إلا على شجر.<br />ألقيتُ حقيبتي المدرسيّة فوق عتبة المنزل. الباب موصد. لمحتُ والدتي وأنا في طريق العودة من المدرسة تدخل الجامع بخطوات مُتثاقلة. لا بُدّ أن أنتهز بضع دقائق لأستردَّ الشمس في عروقي. خلعتُ حذائي وواريتُ جواربي المثقوبة في أقصى نقطة منه. طفقتُ أنبشُ حفرة على طول جسدي النحيل داخل تلال الرمل.<br />ببرود هبطتُ داخلها. طمرتُ جسدي حتى عنقي. الشمس في منتصف الحلم وأنا بحاجة للدفء.أغمضتُ عينيّ ورحتُ أرتفع. هكذا سأبقى في ارتفاع دومًا. لا أخشى إلا أن يذوب الصمغ عن جناحيّ وأنا أقترب من الحقائق برشاقة. تمطّى ظلٌّ قربي، وارتفع صوت ينخر ضميري:<br />- (هشام)، عدتَ لنبش الحفر؟!<br />امتدّت ذراعاها نحوي لتنتشلني من مرتع أحلامي. ارتعدتُ. سقط منديلها المبرقش فوق يدي. بانت ضفيرتها الشائبة. تلوّى فستانها الأسود المطرّز بقطب فلاحيّة بالية وهي تنحني لتنتشلني من الحفرة. انحسر فمها عن أسنان متهالكة.<br />- يا قلبي لمَ تهوى المشاكسة؟!<br />كالمعتاد، جاء حرف القاف رخيمًا متضمخًا بالنبرة الفلسطينيّة التي تطرب قلبي. جحظت عيناي. تراها تعفو عنّي هذه المرّة أم ستعاقبني؟! قالت بحنوّ وأنا انتصب كشجرة نخل في جنتها:<br />- يا صغيري، هيّا إلى طشت الماء.<br />طفقتُ أتهادى بفرح أمامها كجندي مشاةٍ في يومه الأوّل.<br />* * *<br />نظرتُ عبر زجاج النافذة. الشمس محتجبة منذ سنوات. سأنتهز بضع دقائق لأستردّها في عروقي. فتحتُ الباب برويّة وخرجتُ. في السماء غيوم متلبدة. في القلب ثلاث ورقات؛ ورقة للأمل، وأخرى للألم، أمّا<br />الثالثة فما زالت تحمل بياضها.<br />رحتُ أتناول الثلج وأكدّسه كومة فوق كومة. سأبني رجلاً من ثلج، هذا الذي طالما راودني في صحوتي ومنامي ووهبني قصفة حبق تُعطّرُ عفونة شتاتي، فتجعل للمنفى طعمَ وطن. أشرقتِ الشّمسُ في عروقي. سأضع له عينين من خرز، وأذنين من خشب، وفمًا من صوّان. سآتيه كلما اشتدّت وطأة الغُربة على قلبي. ها هو كما دومًا تخيلته؛ رجل من ثلج!<br />* **<br /> - (هشاااااااااااام).<br />حاصرني صوتها وكأنّه الماضي المستمر. وقفتْ قربي مذهولةً؛ تارةً تتأمل رجل الثلج، وأخرى تتملّى ملامح وجهي. تراها تراني مشاكسًا بعد مرور أكثر من عشرين سنة على أعراض الطفولة؟!<br />انتصبَ الرعبُ ككوز من الصبّار في جوف حنجرتي. ابتسمتْ برقّة. <br />حاصرني حنانها من شرقي إلى شوقي:<br />- يا ابني ألم تكبر على اللعب بأعصابي؟!<br />تحرر قلبي من قبضة الرّهبة. قهقهتْ بصخب. أصابتني العدوى.<br />قهقهتُ:<br />ههه... على جرح وطن سليب.<br />هههه... على ضياع هُوية.<br />ههههه... على رجال من ثلج على امتداد خريطة الأوطان العربيّة. ههههههههههههههههه.<br /><br /><br /><br />(2004)<br /><br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />----------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br /><br />ترانسفير<br /><br /><br /><br />(أمّ حسن) تنادي بلهفة على أم حسين فتطلّ كلّ من نافذة.<br />- "سمعتِ آخر خبر يا (أمّ حسين)؟"<br />يتعالى ضجيج من الزقاق الترابيّ الممتدّ بين البيتين، فيقطع حبل الودّ بين المرأتين. كلتاهما تحدّقان في (حسين) وهو يتهادى كالصقر بين البيوت، في يده بالون يدّسه في فمه، وينفث أنفاسه داخله، ويلهث (حسن) خلفه باعياء نملة تطارد فيلاً وهو ينشج:<br />- "هذا بالوني أنا."<br />(أمّ حسين) تنبش بأظافرها رأسها لعلها تعثر على الخبر. يقع منديلها المبرقش على الأرض، فتلمع ضفيرتَي شعرها الشائب تحت شعاع الشمس!<br />- "أي أخبار يا خيتا؟"<br />(أمّ حسن) تقرأ الفاتحة ثمّ تتمتم:<br />- "قالوا في الأخبار إنهم رَحْ يعملوا لنا ترانسفير."<br />صمتتْ، ثمّ راحت تتمتم وهي تستشعر خطرًا يتربص بهم:<br />- "دَخلكْ شو معنى هالكلمة الغريبة يا خيتا؟"<br />(أمّ حسين) تعبّر عن إفلاس أفكارها بزمِّ شفتيها. (حسين) يصرّ على مواصلة النفخ. البالون يتضخّم بين يديه. ينفجر. تتطاير قطعه المبللة بأنفاسه هنا وهناك فوق بيوت المخيم، وتلتصق بقوة فوق إطاري نافذتي (أمّ حسن) و(أمّ حسين).<br /><br /><br /><br />(2004)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />--------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />صرخة آخر الليل<br /><br /><br /><br />رأى، فيما يرى النائم، ما أفزعه، فهرع إلى المرآة يستجديها رحمةً، إلا أنّها أصرَّت هي الأخرى على أن تفتح أمامه باب الضياع على مصراعيه.<br />"ويلاه!" صرخَ، فخيّل إليه أنَّ السماء انفطرت، والنجوم انتثرت، والبحار فُجّرت، والقبورُ بُعثرتْ. طفق يتحسّس بصمت ملامح وجهه، فإذا بأنامله تؤكد له ألاّ ملامح له البتّة. ما هنالك سوى بشرة عجفاء، وعينين غائرتين تشيان برعب لا مثيل له.<br />غاصتْ ذاكرته في دياجير الألم تبحث عن سبب منطقيّ لطفرة كهذه. بغتةً، استقرّتْ عند يوم كان شرّه مستطيرًا حين اقتحمَ عابرُ سبيلٍ منزله، وتحت تهديد البارود استولى على بيارة البرتقال. لم يكتفِ، فقد استلّ يده وصفع الرجل. لعق الرجل جرحه، ومضى والشمس تتوارى خلف ظهره. نزح عن بيته كعصفور رفضته كل الأشجار. هكذا، صار جرحه منفاه، وهكذا، بدأ يفقد ملامح وجهه شيئًا فشيئًا، لكن الرعب منعه من تصديق رؤياهُ. <br />عاهد البحر ألاّ تدمع عيناه، وكثيرًا ما خِفيةً دمعتْ.<br />عاهد الزيتون ألا تجفّ مآقيهِ وجفّتْ. آه من جور الزمان. أيّ الذنوب ارتكب كي يحمل وطنه على كاهله ويتوه باحثًا عن خيمة؟<br />ما أسهلَ أن تكونَ ظالمًا في مجتمع لا يعترف إلاّ بمنطق البقاء للأقوى، وما أصعب أن تصبر حتّى يعجز الصبر عن صبرك!<br />آه من جور الزمان. أيّ الذنوب ارتكب كي يفقد ملامح وجهه؟ أليس الموت أخفّ وطأة من حياة دونما كرامة؟ لكن، أليست الصرخة أقوى من طاغوت السلاسل؟ سيصرخ. لعلّه يستعيد فمه. سيصرخ. لعلّه يستعيد أُذنيهِ. استجمع في الذاكرة قطرات العَرَق على جبين فلاحٍ كهل، وعبرات امرأة صامدة فاجأها المخاض، ووخز بطون الجِياع إلى رغيف خبز، وصرخ الصّرخَةَ الكبرَى!<br />استيقظ مذعورًا. اعتدلَ في سريره. بوجلٍ ولهفة تحسس وجهه. لم يصدّق ما بثّته أطرافُ أنامله لقلبه المكلوم. قفزَ إلى المرآةِ وهو يتمتم: "وَالظَّالِـمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا". تناهى إلى سمعه عبر ضباب تشرين المتكاثف في كلّ أزقّة المخيم صوت المؤذّن، الذي تداخل مع لحن نايٍ حزين خُيِّلَ إليه أنّه أتى من بعيد: "الله أكبر". <br />حدّقَ في المرآةِ طويلاً. سَرَتِ الطمأنينة في قلبه كسريان ماء المطر في جدولٍ جافّ والمِرآة تعكس برأفةٍ ذلك الجبين والأنف والفم وبقيّة ملامح وجهه الهزيل.<br /><br /> (2005)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-----------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br />وماتَ البلبلُ وحيدًا<br /><br /><br /><br />هَمْهَمَتْ بجواري وهي تلوحُ بيدها تشيرُ إلى أحد الأقفاص المتناثرة هنا وهناك: ماتَ البلبل!<br />ترصّدتُ الأسَى في نبرة صوتها. ارتعشتْ شفتاي. حشرجَ صوتي: أحقًّا مات؟!<br />* * *<br />المطر ينهمر ببرود. أرفع رأسي للسماء. أتنفّس بعمق. ياه. كيف سرتُ كل تلك المسافة من البيت إلى المقبرة دون أن أشعر بعري قدميّ، ودون أن يشعر أحد أنّي بدأت أغوص في الوحل اللزج.<br />* * *<br />هكذا ببساطة رحلَ! تركني وحيدةً بعدما اختمرتْ عجينة القلب. أين منّي يده تمتدّ الآن نحو تنور الشّوق لتتناول أرغفة طازجة من حبّ شهيّ؟! يحتقن الحلقُ بغصّة. عاش في دمي أكثر من عشرين ربيعًا ورحلَ قبلَ عشرين دقيقة. أغصاني مُثقلة بثلج الفُراق. ألوّحُ له بمنديل أبيض ولا يراني، ولا أحد من المُشيعين يراني. ها هو ممدد داخل كفن لا يدري بحالي. أذرفُ الدّمعَ كحبات خرز تنفرط عن خيط الحلم،كلّ حبّة تحرق آمالي وهو ما زال ممددّا داخل كفن لا يراني. أنفثُ أنيني بخارًا أسودَ، يخنقني، يجلدُني، يقتلني، وهو ما زال ممددًّا داخل كفن لا يأتي ليرأفَ بحالي. يسقط قلبي بين ضلوعي. لقد فقدتُ اليوم حبيبًا. فقدتُ أكسجينَ رئتيّ. آهٍ لو يدرون! مَن سيُهديني بعد اليوم حقول القمح؟ مَن؟ مَن سيُدثرني بشال حنانه ليقيني من زمن النكبة؟ مَن؟ مَن سيجعلني فصولاً أربعة بعد اليوم. مَن؟ <br />أصمتُ. الصّمتُ فخُّ الحُلم. <br />* * *<br />على حُبّ كبير تعاهدنا وتواعدنا، وكان جذع شجرة الزيتون شاهدًا على وشم قلبينا. منذ بدأنا نجري كالأرانب البريّة فوق السهول والحقول وكلّ مَن حولنا يُردّد: (سلمى) لـ(سالم) و(سالم) لـ(سلمى). نمتْ بذرةُ الحبّ في تُربة خصبة وأورقتْ أملاً بالارتباط المُقدّس. لكن كانَ المسمار الذي دقّه (سالم) إلى شهادتينا الجامعيّة على حائط الانتظار مقصلة للحلم. بحث وبحث عن عمل يكفل لنا كرامة الارتباط، وقبل أن يعثر على بصيص أمل، اغتالته طلقة قنّاص محترف قبل عشرين دقيقة.<br />* * *<br />آه (سالم)! الوجع سمكةُ قرشٍ تنهشُ القلب. عُد إليّ يا حبيبي. أنادي بصمت خافت ولا أحد يسمع ولا أحد يُجيب. لا أحد يملك سوى تعاويذ التّعزية. قدماي تغوصان عاريتين داخل الوحل. رطوبة الأرض تُنعشُ عروقي. أغوصُ في ملامح وجهٍ حفظتهُ عن ظهر حُبّ. أتزوّدُ من حنانه. <br />"الأمل الأبيض لليوم الأسود". أسمعه. كأنّه يهمسُ الآن من داخل كفنه ملتاعًا:<br />- (سلمايَ) أنا لكِ.<br />أرتلّ:<br />= أنا لكَ.<br />- أنتِ لست أنثى عاديّة! أنتِ وطنٌ يا (سلمى). أنتِ وطني وأماني وموئلي ودُنيايَ. (سلماي) أنا زيتونةٌ دائمةُ الخُضرة.<br />* * *<br />أستفيقُ من هذياني المحموم على أيد تصافحني، وأخرى تحضنني، وهمهمات تواسيني، وخطوات راحلة. تتعلق نظراتي بالشاهدة. آآآآه.. كم أفتقده! أهو الخريف إذًا؟ أما من ربيع محتمل؟ كيف أقوى على الأحزان من بعده؟! أتذّكرُ قولاً كان خبزه الفلسفيّ اليوميّ: "إذا كنتَ تريدُ قوس قزح، عليكَ أن تحتملَ المطر ".<br />أنتشي. تنتفضُ أغصاني المثقلة بثلج الفراق. أرفعُ رأسي إلى السماء من حيث يأتي عوني. أغرزُ رجليّ أوتادًا في الأرض الرطبة. أسيرُ إلى الأمام لا ألوي على عودة. لا أنظرُ خلفي. يذوب الثلج. تخضّرُ الحقول وترتوي السهول. أرى قوس قزح على عرض الأفق. غدًا، لا بدّ أن يجفّ الوحل. غدًا، لا بُدّ أن تُشرقَ شمسٌ.<br />* * *<br />عادَ صوت جارتي متعاطفًا:<br />- ما أصعبَ أن يموتَ العصفورُ وحيدًا داخل قفص!<br />أيقظتني نبرة الحزن المزمن في صوتها من هذياني المؤقت. رفعتُ عينيّ إلى السماء. تعلقت نظراتي بغيمة بيضاء. هتفتُ بإصرار:<br />= لو ماتَ بلبلٌ واحد لا بدّ أن يُولد من رحم الأرض ألفٌ وألفُ بلبل. لا بدّ يومًا أن تُكسرَ كلُّ الأقفاص لتحيا الطيور في الفضاء الرّحب حرّة طليقة كما كُتِبَ لها منذ بدأ الخليقة. لا بدّ... لا بُدّ!<br /><br /><br /><br />(2005)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />--------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />أنثى الظّل<br /><br /><br /><br />ليستِ الحكمةُ أنْ تعرفَ الطريقَ، بل أن تمشيَ فيه. هكذا طفقتُ أوَسْوسُ لصاحبي إلى أن بدأت الفكرة تختمر في رأسه. أخيرًا، نجحتُ في بث اليقين في صدره أنّ الزحامَ على هذا الطرف من الشارع خانق، وأنّ الوجوه بائسة مُثقلة بأخبار ويلات وحروب ومجاعات، ناهيكَ عن الظلال التي تصطدم بي من كلّ صوب، فتشوّه معالمي، وتطرحني في ظلمات الحيرة لا أدري أأنا ظلّ أم مجرد انعكاسات عبثيّة لهذا الرجل اليافع؟<br />بعدما تيقنتُ أنّي نجحتُ في زرع بذرة الفضول في قلبه، أردفتُ أنّه كشاعر يحتاجُ أن ينهضَ من الدوائر المغلقة لينطلقَ إلى أقصى أقطاب التجربة، فمَن يسعى لصيدٍ أوفر عليه حتمًا أن يمضيَ إلى العمق.<br />ألقى صاحبي عليّ نظرة امتنان، وبدا لي كأنّه عثر على قارب سيبْحِرُ به إلى الضفّة الأخرى ليشرب من كأس إبداع مغاير. وثبَ عن مقعده، وراح يقطع الشارع إلى الرصيف الآخر حيث النخيل والأعناب والتين والزيتون، وأنا أهرول خلفه بفرح غامر، إلاّ أنّه سرعان ما شرّد قطعان أحلامي إذ هوى على أول مقعد خشبي بعدما خلبته الأشجار الوارفة، فجلس يتأمل روعتها، وغرق في مخاض قصيدة.<br />تكوّرتُ على الأرض أمامه لا أجرؤ على أن أنطق ببنت شفة لئلا يعنفني بعباراته النرجسيّة المألوفة: "ما أنتَ إلاّ ظلّ لي". رحتُ أطالع النشرات النفسيّة في وجوه العابرين؛ بدوا كالأطياف يتحركون بهدوء عجيب كلّ يسير مع ظلّه إلى هدف لم أتمكن من رؤيته، لكنّي تيقّنتُ من وجوده في مكان ما خلف الأفق.<br />مرّت الدقائق. سقط ظلّ فوق ظلّي، وسرعان ما انشقّ عنّي، وجلس قرب صاحبي. لا أدري ما الذي شدّني إلى هذا الظلّ بالذات؛ أهو الشذا الذي فاح فجأة من حولي؟ باستحياء، رفعتُ نظراتي إلى صاحبة الظلّ. سرعان ما رحتُ أهذي:<br />- "ما شاء الله! سبحان الخالق! يا أجمل الإناثِ. يا أطهر الوجوه. يا أنتِ. يا أنثاي."<br />راقبتها. بدتْ لي كحوريّة من الفردوس الأعلى. راق لي ثوبها الأبيض الهفهاف، وذلك القفص الصغير الملقى على حجرها. كانت تراقبُ بحسرة سُنونوَّة صغيرة طفقت بجنون تضرب قضبان القفص بجناحيها. تمنيت لو يعود صاحبي من هذيانه، لكنّه ظلّ على موعد مع حلم بعيد.<br />تزاحمت الأفكار في رأسي. لا بدّ أن أبث لواعج قلبي لـ"أنثى الظلّ" قبل فوات الأوان. ما أن هممتُ بالإتيان بحركة ما حتّى وقع ظلّ آخر فوق أنثايَ، ثمّ انشقّ عنها وتكور قربها ككومة رمل. رفعتُ نظراتي إليهما، فأبصرتُ شابًّا شاحب الوجه. بفضول وبعض غيرةٍ أنصتُ للحوار بينهما.<br />- أما من بديل؟<br />= ليتني أجد.<br />- تهجر وطنك لأجل دينار؟!<br />= من يملك دينارًا فهو موجود.<br />- وأنا، تتخلى عنّي بهذه السهولة؟!<br />= لأجل أن أكون جديرًا بكِ، أتنازل مؤقتًا عن زمن الياسمين، وألتجئ إلى الغربة لأحترق برمالها.<br />- لو تحبني لا تسافر.<br />= لأنّي أحبّك كما يليقُ بكِ سأسافر، سأحتمل البرد والحرّ والجوع والوجع، وأينما أكون ستظلّين في القلب سوسنة، وعلى غصن الشوق سُنونوَّة، وأعدكِ بعودة مهما تأخر الزمن.<br />طبع قبلة على جبينها ومضى. سقطتْ شجرة النخيل المجاورة. هربتْ كلّ عصافير الفرح. صعدتُ من زنزانتي لأرتل لهذه الأنثى مزامير القلب وأعوّضها بحناني عن الفقد، فأعينها على خلّ تلك اللحظة، لكنّ قَرْعَ الأجراس الذي ارتفع فجأة من المدى يعلن الصلب المُرتقب، ويدها التي امتدتْ داخل القفص لتجذب السُّنونوَّة برفق إلى صدرها، تمسّد ريشها، وتطلق أجنحتها للريح، وصمت المساء وزخَّة المطر المباغتة ألجماني.<br />نهض صاحبي عن مقعده مفزوعًا. نفض عن معطفه ما عَلِقَ به من قطرات مطر، ودون أن يعي ما اعتراني، راح يعبر الشارع عائدًا والشمس تتوارى من خلفنا، وأحلامي تهوي كأوراق التقويم؛ تتطاير ورقة تلو ورقة، وأنا أسعى جاهدًا أن أختطف ولو نظرة من أنثاي قبل أن تُغيّبني عتمة هذا المساء، ويلغيني صوت كلب راح يطلق بين الفينة والأخرى نباحًا حزينًا.<br /><br /><br />(2005)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-----------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />قصة ليست قصيرة<br /><br /><br /><br />تجمدتُ مكاني كسَمكة في ثلاجة لا أنبض، ولا يتحرك الدم في عروقي، وهي تنشج كغزالة شاردة:<br />- (خالد) قطَعْنِي يمَّا.<br />لم أصدّق ما سَمِعَتْهُ أذناي. لم أستوعب ما رأيته من دموع في عينيها، ومن تجاعيد أكلت نضارة وجهها، وأنين امرأة تحمل ضفيرة شائبة تحت منديلها ذي الغرز الفلسطينيّة الكالحة. لم أصدّق! تسمرتُ مكاني. حدقتُ بالسروال الأبيض المسجَّى بعناية فوق ذراعيّ، وفاضتْ صورٌ من الذاكرة.<br />* * *<br />قهقه (خالد) وهو يفتح خزانة ثيابه على مصراعيها كأنه يفتح مغارة (علي بابا). تناول السروال الأبيض وتمتم:<br />- تلبسه يوم عرسك، ثمّ تعيده لي. إنّه أمانة في عنقك.<br />ضمني إلى دفء صدره، فشعرت كأنّ السماء أطبقت على الأرض، وهمس في أُذني:<br />- مبروك زواجك حبيبي (باسم).<br />هرعتُ أحملُ حلمي على ذراعي لأُتـَمِّمَ مراسيم زواجي. رافقني صوته الحنون:<br />- السروال الأبيض أمانة في عنقك يا (باسم).<br />* * *<br />سقطتْ على صدري. بللتني دموعُها التي اختلطتْ بوابل دموعي. تُرَى هل أطبقتِ السماءُ على الأرض؟!<br />عادت تنشج بحرقة، ومفرداتها تتبعثرُ بين غصّة وأخرى:<br />- (خالد) قطعني يمّا يا (باسم). حبيبك قطعني.<br />فجأة انفلتت الآه من صدري. دوّت كخرير المياه في أرجاء المخيم، فأيقظتْ كلَّ العصافير الصغيرة عن أشجار الصبر:<br />- آ.....خ يمّا!<br />- (خالد) قطعني يا ناس.<br />حدقتُ في المرأة بمرارة، فقد تذكرتُ أنّي رأيت حلمًا هذا الصباح بعدما قررت ليلاً أن أعيد لـ(خالد) سرواله الأبيض. رأيتُني ألتقط عصفورًا عن الأرض. ضممته إلى صدري، فإذا به ميت. تحشرج صوتي:<br />- آآآخ يمّا!<br />ارتفع نشيجها بحدّة:<br />- أمس، كنّا في حالة منع تجوال، وكان (خالد) لدى أصدقائه، وفجأة أصابه وجعٌ حاد في صدره، فنزل الشباب به إلى الشارع يتوسلون العسكر أن يسمحوا لهم بنقله إلى المستشفى، لكنّ العسكر أصرّوا على منع التجوال.<br />على الحاجز، وفي انتظار الرحمة على الأرض، هبطت رحمة من السماء، وقضى (خالد).<br />* * *<br />دبّ الدَّمُ في عروقي وأنا أستعيدُ وصيةَ (خالد): "السروال الأبيض أمانة. أمانة. أمانة".<br />ارْتدَتْ الكلماتُ هالاتِها.<br />فجأةً، أدركتُ كُنه وصيةِ رجلٍ يدركُ حدسًا أنّ ساعته قد أزفَتْ. تصلبتْ يداي فوقَ كتفَيَّ هذي المرأة الشامخة كنخلة؛ هذي الأم الفلسطينيّة التي كانت وستبقى في ذاكرة كلّ أبناء المخيم حضنًا لكلّ موجوع، ومنديلاً لكلّ دمعة، وطلقةً لكلّ يد تتحدى القهر.<br />* * *<br />هتفتُ بإصرار:<br />- عودي يمّا.<br />تعلقتْ نظراتها بعينيّ كتائهٍ عثرَ لتوِّهِ على قطرة ماء.<br />- وكوني قريرة العين.<br />استكانتْ أمواجُها وهي تبللُ شواطئَ أحلامي.<br />جفَّ ينبوعُ أوجاعِها.<br />فجأةً، ابتسمتْ بصمتٍ وأنا أرددُ الجملةَ الأخيرةَ القاطعة:<br />- هنالك من سيرتدي السروال الأبيض من بعد (خالد).<br /><br /><br />(2005)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />----------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />أبعد من أن تطالني يدٌ<br /><br /><br /><br />أغافلها، وأفرّ من إلحاحها الروتينيّ:<br />- هيّا، اذهبي لغسل الأطباق يا (هنادي).<br />أتسللُ عبر الباب الخلفي إلى الفناء والحبلُ في يدي. بفرح غامر أسابقُ الزمن. قفزة، قفزتان،.. ثلا... تصطادني يد.<br />- أنت هنا وأنا أذوي وحيدةً هناك! طبخ وكنس وكيّ، يا لقلبك!<br />يهوي قلبي. أراه يتدحرجُ بعيدًا بعيدًا ليستقرّ بين خيوط العنكبوت. تقبضُ على فستاني وتدفع بي أمامها إلى المطبخ. تنتزعُ الحبل من يدي. تتناول مقصًّا، وتشرعُ في تقطيعه إربًا إربًا، وتلقي بالقطع في سلة القمامة! <br />لا تأبه للنجوم التي بدأت تتساقط عن جبيني ولا لغرق مراكبي. قبل أن تتوارى خلف ظلّها تتوعدني:<br />- إيّاك ألا تغسلي الأطباق فورًا. سيكون عقابك أسوأ من كل مرّة!<br />* * *<br />أتحسسُ الماء في الطشت وأتلذذ بدفئه. تستهويني فقاعات الصابون وهي تتطاير من حولي كالفَراشَاتِ المُلوّنة. أتناولُ طبقًا. أصنعُ حبلاً، ومعَ كلِّ طبقٍ أُحَلّقُ بعيدًا بعيدًا؛ فوق البنايات، فوق السهول، فوق المراكب، فوق الكواكب، أبعد، أبعد من أنْ تطالني يد.<br /><br /><br /><br />(2005)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />----------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />أنثى الحرائق<br /><br /><br /><br />- تراني أعرفك؟<br />= أنا راوي القصة.<br />- ماذا تريد؟<br />= يجب أن أنقذ الحبكة من سوداويّتِكَ.<br />- ماذا؟<br />= ما أنتَ إلا أداة في يدي. أتفهم؟<br />- لا. لا. أنا البطل.<br />= تبًّا لك. كيف جرؤتَ على أن تخرج عن النص الأصلي؟<br />- لم أعد احتمل نزقها. هي أنثى غير عادية وأنا لا أحتمل برقها ورعدها.<br />= لكنك مغرم بها، وبناء على النَّص الأصلي عليكَ أن تواسيها وتتصالح مع جنونها.<br />- لا. لا. لم أعد أحتمل. أنت السبب. لماذا لم تورطني سوى مع أنثى الحرائق.<br />= لأنّي لو أتيتك بأنثى عادية كنت أنت ستجهضها منذ السطر الأول من الحكاية.<br />- لكنّي ظلٌّ لهذه المجنونة. أينما ذهبتْ في دمي تُشعل حرائقَ. إنّي أسيرُ مزاجها. قبل أن تأتي , كنتُ دائمًا سيَّد اللعبة مع كل أنثى أخرى، أمّا هذي الأنثى فلا أفهم سرّها!<br />= سرّها ببساطة أنّها عاشقة.<br />- لا، هذه غجريَّة.<br />= أيها الوغد كفّ عن النزق. أنا صنعتك، وعليك فورًا الامتثال لرغباتي. أتفهم؟<br />- كفى، كفى، هل أنا نملة تحت نعل (شمشون) الجبار؟ من أنت؟ من أنت لتقرر مصيري؟<br />= أنا صانع الوهم.<br />- دعني في حالي، دعني.<br />= لن أدعك وسترى. أتيتُ لأتفاهم معك لكنّك عنيد. القصة قصّتي. أنا أقرر في الحبكة والقفلة ونسيج القصة. سأقفز فورًا خارج النص وأتابع كما يحلو لي.<br />- انتظررررررررررر...<br />تبعثرتِ الصّرخة، واصطدمتْ بجدار من ورق.<br />جلس الراوي أمام الحاسوب بعدما استلّ من جيب معطفه صورة أنثاه. شعر كأن دمعة ندية هطلت من عينها على وجنته. أسبوعٌ مرّ ولم تسأل ولم يسأل. خطان متوازيان ظلاّ. لا أحد يود أن ينكسر، لكنه أدرك أنه ظلمها حين سعى جاهدًا لكبح جموحها. ما كانت السُّنونوَّة لتسجن داخل قفص. سيكون تغريدُها كئيبًا، وقد تذوي حسرةً. هي أنثى الريح، وهو حاول أن يجمع الريح في قمقم!<br />راحتْ أناملُهُ تستعجلُ عزفَ الحروفِ على لوحةِ المفاتيحِ، ومع كلِّ حرفٍ كان يستعيدُ ملمحًا آخر من وجه الغجريَّة العاشقة؛ أنثاه.<br /><br /><br /><br />(2005)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />----------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />كلّ شيءٍ صامت<br /><br /><br /><br />كلّ شيءٍ صامتٌ، والهاتفُ يحدّق بي كأنّنا خصمانِ على أرضِ معركةٍ. كلانا يخطِّط للّحظة الحاسمة. أخال أنّي سأتمكن منه بالضربة القاضية. يترنح. يولول. يئن. يرنّ.<br />أستعيدُ زرقة البحر. أرفع السماعة وأنا أخطّط كيف سأبادره بالعتاب.<br />- ألو.<br />تسقطُ الخيبة في بئر القهر. أتكور كقطة في الزاوية المعتمة وحيدة، وحيدة، والانتظار أفعى تلتفّ ببراعة حول عنقي.<br />تراني أعتذر عن (غيرة لذيذة) كما يطيبُ له أن يصنّفها؟ يرتفعُ صوته من أتون الذاكرة: "أحبّيني من خلال حبّي للآخرين".<br />أأخبره أنّي عاجزةٌ عن فهمِ منطقِهِ لأنّي ببساطة لا أفهم سوى كوني أحتاجه أكثر من الآخرين، وأني أحنّ إلى خبز صوته، وماء نبضه، وعطر اهتمامه بأبسط أموري. أحبّه بسذاجة فراشة، وبراءة وردة، ودومًا أشعر أنّه بعيد، بعيد. هو أبعد من موج البحر. تراني أبادر أنا بالاتصال؟ بعثرتُ ما في حقيبتي فوق الأرض. لم أعثر إلا على بضع أوراق مالية، لمحتُ خلف كلّ منها فاتورة الكهرباء، وفاتورة الماء والهواء، والقسط الجامعي، ووجه الطبيب، والصيدليّ، ويد البقال، وبائع الخضار، وابتسامة سائق الحافلة العجوز.<br />شعرت بدوار، وسرت قشعريرة باردة في أطرافي. اكتسح الضباب الأفق. عادت نظراتي تترنح بين عقربيّ الساعة المصلوبة فوق الجدار والهاتف الأسود. سيتصل. لن يتصل. سيتصل. لن. وقعتْ الزهرية عن المنضدة. تناثرت الشظايا. آخ! ألم يخبرني أنّ رصيد هاتفه نفدَ، وأنّه ينتظر راتب الشهر القادم بفارغ صبر.<br />* * *<br />مرّ يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء وأربعاء آخر وآخر. نفدتْ شُحناتُ الانتظار. ذَبُلُ الفرح. لم أعُد أجدُ لغيابه أيّ مبرر بعدما كحقيبة مجهولة الهويّة على الرصيف ألقاني، ومع النهر سار بعيدًا، بعيدًا.<br />* **<br />تناولتُ الجريدة. دهمني التاريخ المدوّن أعلى الصفحة؛ أليس اليوم الذكرى السنوية للقائنا الأول قبل أن يصرَّ على السفر إلى الخليج للعمل من أجل بداية تليق بحلمنا؟! <br />دونما مقدمات تثاءبَ الهاتف عن يميني. تلقفتُ السمّاعة. حاصرني صوته من الجهات الأربعة كالبشارة, كالنبوءة: حبيبتي!<br />حاولتُ أن أنبس بكلمة، لكنّ حلقي اصطاد كلّ الكلمات. كرّر بعصبية: حبيبتي..حبيبتي، ثمّ همس بذبول: والدتك في البيت؟<br />* * *<br />غاب صوته خلف الحواجز، خلف الأسلاك الشائكة والغابات، وارتفع العوسجُ أعلى من سياج الحديقة.<br /><br /><br /><br />(2006)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-----------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />زُرقةُ البَحْر<br /><br /><br /><br />على صخرةٍ ملساء في البحر كان ينتظر. ينظرُ في الساعة. يراقب الأمواجَ وينتظر. هبّ نسيمٌ. تمايلت الأعشابُ نحو البحر وأنا أسير نحوه. كان في عينيه وميضُ عتابٍ لم تكشف عنه الحروف. تلقَّفَ يدي. صرتُ جنينًا في رحمٍ دافئ. أمطرني بالسؤال المنتظر:<br />- ماذا قررتِ؟ أترضين برجل مثلي؟<br />= أرضى.<br />= متأكدة؟<br />رحتُ أراقب الأمواج وهي ترتطمُ بالصخور وتتقهقر كأنها لم تكن. هذا الرجل لا يدري أنّه البحرُ وأنّي السَّمكة! <br />عاجلني بسؤالٍ مُتوقَّع:<br />- ما الذي جذبكِ إليّ وأنتِ الشاعرة التي يتمناها كلّ الرجال؟<br />حدَّقتُ في عينيه ورحتُ أرتّل عن ظهر حـُبّ:<br />= أنت الأصلُ، وهم أشباهُ رجال. فيكَ من البحر زرقته، ومن الأشجار خضرتها، ومن النسيم رقّته، ومن السماء قدسيتها، ومن الزهور أريجها، ومن الليل غموضه، ومن الطيور تغريدها، ومن النمل صبره، ومن النحل حكمته، ومنـِّي جُنونِي.<br />ذابَ الجليدُ المتراكمُ بيننا. اتـَّسع البحرُ. وقف فوقَ برج المراقبة وانتظر لحظةً حاسمةً ليُصوّبَ بندقيةَ النقدِ نحوي فيصطادني في لحظةِ ضعفٍ:<br />- الحياة ليست قصيدة كما ترينها أنتِ. أنظري إليّ بموضوعيّة. أنا رجلٌ معطوب. رجلٌ بذراعٍ واحدة. هل بإمكانك أن تحبّي رجلاً بذراع واحدة للمنتهى؟<br />فجأة تذكَّرتُ أنّه بذراع واحدة. لم يشغلني قطّ أمر كهذا لأنّي لا أرى أن خللاً بيولوجيًّا ما، يعيب على أيّ "كيان". بإمكانه أن يكون مسكني وسندي حتى لو كان بذراع واحدة. متى يدرك الرجل أنّ الأنثى تحتاجُ أن تكونَ مِحْورَ حياتِهِ؟ الجسد يتوّج العلاقة العاطفيّة بإكليلٍ من غار، ويصهرُ كيانين في بوتقةٍ واحدة، لكنّ جسدًا بلا قلب كنهرٍ بلا ماء.<br />تملَّكتْنِي رغبةٌ في أنْ أوجِّه له السُّؤال ذاتَهُ: لو كنتُ أنا بذراع واحدة أكنتَ تتقبَّلُني؟ لكنّي أحجمتُ عن المغامرة اللغويّة خوفًا من العواقب النفسيّة. بغتةً أطبقَ كفّتَي يديهِ على كفة يدي. كسُنونوَّة داخل قفص صرتُ، لكن هذا القفص.. آه كم هو شهيّ! عاد يجلدني بالسؤال ذاته:<br />- شهرًا كاملاً غبتِ عنّي، لأنِّي بذراع واحدة؟! <br />= لا. الحقيقة أنّي أردتك أن تتأكد من مشاعرك نحوي، ومن قيمتي لديك، ومن معنى وجودي كرفيقة درب لك.<br />- أتأكد؟!<br />= تتأكد أنّي لن أكون ورقة شجر تذهب مع الريح كأنها لم تكن.<br />- أنتِ؟ مستحيل أن تكوني ورقة شجر. أنتِ قلبي. تفهمين ما معنى أن تكوني قلبي؟ <br />ارتفع صوتي من بئر الرُّعب:<br />= أخشى أن تطعن هذا القلب في لحظة ضعف.<br />- أنا أطعن قلبي، كيف؟!<br />= تطعنني بالغيرة.<br />- الله يسامحك.<br />= أو بالظنون.<br />- الله يسامحك.<br />= تحتاجني (شهرزاد). تهمشني، ترفضني، تلغي كياني.<br />ذبُلَ صوتـُهُ وهو يقول بانكسار:<br />- كل هذه الاتهامات لي أنا؟! ألم أقل لكِ "الحياة ليستْ قصيدة". عليكِ إذًا أن تتأكدي مَنْ أكون، ومَنْ تكونين بالنسبة إلي قبل أن تقرّري.<br />= هذي اتهامات لكلِّ من مرَّ في حياتي من أشباه رجال.<br />- وأنا من ضمن أشباه الرجال؟<br />= أنتَ الأصل، لكني أخشى على مشاعرك أن تذبل مع تبدّل الفصول. أليس هذا حال كل العلاقات العاطفيَّة من حولنا؟!<br />- حين تتأكدين أنَّ عشقَنا سيكونُ دائم الخضرة نعود لنتكلم.<br />أيقظتني نغمةُ الحُزنِ التي طغتْ على صوته. رحتُ أتملَّى من ملامحه. انصهرتْ مشاعري، فرحتُ أعترفُ للكاهن الماثل طوعَ قلبي:<br />= من شهور هاجرتْ روحي إليكَ. تآلفت مع روحك. وأنتَ، أهذا ما يعتريك من أمواج عاطفيّة؟<br />- لا أحتاج أن أعترف.<br />= وأنا لا أطيق المراوغة. قلها: "أحبّكِ"، كي تحملها الريح إلى الورود فتزهر، والأشجار فتثمر.<br />- قد تغيِّر ُالريح اتجاهها فجأة أما القلب فلا.<br />= أعشقُ هذا الدِّماغَ الصَّلب.<br />- وأنا أذوبُ في نوبات جنونك يا شاعرتي الجميلة. هاتي رأسك المدجج بالأسئلة ليرتاح فوق صدري.<br />= لو تدري كم أفتقدك!<br />- تعالي يا عمري، تعالي.<br />= هل بإمكانكَ استيعابَ أحزاني المزمنة؟<br />- إن كنتُ قادرًا على استيعابك أنتِ كلك، ألا أستوعبُ جزءًا من الكلِّ؟<br />= هل تحتمل وخزَ الأشواكِ وأنت تقلعها من صدري؟<br />- هذي شهوة قلبي.<br />= تعاهدني؟<br />- أزيل كل أشواكك، وأعمّدُ كلَّ جرحٍ بقبلة.<br />= إذًا، دعني أقتحم بحرَكَ لأغرقَ.<br />- لن تغرقي.<br />= كيفَ لا؟<br />تصاعدَ بخورٌ كثيفٌ من حولنا. أبصرتُ حورياتٍ تصعدُ إلينا من بين الأمواج الهائجة وهي تحملُ شموعًا مُضيئة. انفتحتْ السماءُ فرأيتُ ملائكةً ترفرفُ وهي ترنمُ: "على الأرضِ حُبٌّ وفي العُلى مَسَرَّة". <br />ضمَّني إليه برفقٍ. استدعى فراشاتِ الحقول كي تُوقِّعَ على العهدِ معنا وهو يعترفُ بخشوع: <br />- لأنَّ البحر يحبُّك كثيرًا، لن يسمح بابتلاعك!<br /><br /><br />(2007) <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-----------------------------------------------------------<br /><br /><br /><br />شَغبُ الأسئلة<br /><br /><br /><br />أضعُ الفاصلةَ قربَ الفاصلة، فتَأخُذاِني إلى متاهة السؤال: من أنا؟"<br />لو افترضتُ أنَّ النصَّ هو نسيجُ الكتابة، مَن أكون أنا من بين الذوات الأدبيّة الأخرى؟ أتأمّلُ علامات الترقيم الواحدة تلوَ الأخرى. تراني هذهِ (،) أم هذي (!)، أم تلك (:)، لعلّي تلك (.).<br />من زاوية لوحة المفاتيح (الكيبورد) السُّفلى يتصاعدُ صوتٌ بكبرياء: أنا هنا. أنتِ أنا.<br />أبحلقُ فيها. أهتفُ بذهول: أنتِ؟<br />تجيبُ ببرودٍ: صديقتي، لمَ لا أكون؟ <br />وتتابعُ بخشوع: أليستِ الكتابةُ فنَّ طرحِ الأسئلة؟ فلسفةُ البحثِ عن الذاتِ والآخر؟<br />أتمتمُ بخنوع: ربَّما.<br />تتقاذفها موجةُ قلقٍ تطرحها على شاطئي. تتربَّعُ فوقَ الرّمال فأتربّعُ أمامها. تبعثرُ بطاقات الأسئلة بيننا. تنتقي إحدى البطاقات وتقرأ ما عليها: لمَ تكتبين؟<br />تتقاذفني موجةٌ من الحيرة. أتمالكُ فوضايَ. تزدحمُ الأفكارُ في رأسي. أهتفُ: أكتبُ لكي أدقَّ مسمارًا فوق حائطِ المسكوتِ عنه. <br />يخفتُ صوتي قليلاً وأنا أتابع: أنا أكتبُ لا لأقاتلَ (نيرون)، أنا أكتبُ كي أكون.<br />- هذا هو القلقُ الإيجابيّ الذي يسيّرُ أشرعةَ النصّ.<br />= فعلاً.<br />- وهل تملكين ألا تكتبي؟<br />= لا خيار لي في أن أكتب أو لا أكتب.<br />- لمَ؟ <br />= الكتابة تفرض حضورها وشروطها ومخاضها عليّ. تسيّرني وتأسرني، وتتملك كلَّ حواسي إلى أن يولد النّص.<br />صمتتْ برهةً ثمّ تابعتْ:<br />= لكنّكِ تملكين خيارات أخرى.<br />- أيّ خيارات؟<br />= أكونُ أو لا أكون. أكونُ، أو كيفَ أكون.<br />- لا أفهم!<br />حدجتني بنظرة، ومع هذا احتفظت بهدوئها الوقور وهي تقول:<br />= حسنًا، سألقي بعض الضوء على هذي النقطة: أنتِ تملكين خيار "كيـفَ"، وتكتبين لأنّ الكتابة عطيّةٌ مباركة، نعمةٌ استثنائيّة خصّها الله بالمختارين، لكنّ الكتابة كالنبتة تحتاجُ إلى ظروفٍ ملائمة كي تنمو.<br />أخذني كلامها إلى قمة الذهول. من هناكَ أعلنتُ: فعلاً، الكاتب مسؤول عن صقلِ موهبته.<br />حينَ لاحظتْ صمتي، واصلتْ:<br />= وأنتِ مَن يملكُ خيار "مَاذا" تكتبين؟<br />على الفور أجبتُ:<br />- كيفَ أملك خيار ماذا أكتب، والكتابة تفرضُ ذاتها عليّ كما يفرض المطر ذاته على البساتين؟<br />حدجتني بنظرة تخللتها ابتسامةٌ باهتة وواصلت قولها:<br />= قد تغرفينَ من وَعَنِ الذاتِ. تجمِّلينَ الحقائقَ أو تشوهينها كما يحلو لمزاجيتك في لحظة الخلقِ تلك فيكونُ النصُّ ابنَ النزيف، وقد تغرفينَ من وَعَنِ الآخر، وهذا يتطلبُ وعيًا ووقتًا كي تختمر التجربة. هذا الوجع الجماعيّ كفيلٌ في أن يزفّ النصّ لأكاليل الخلود.<br />تملّكني شعور أنَّ المحاورة بيني وبين "علامة السؤال" هذي مغموسة بحبر سقراطيّ. أصختُ السّمعَ للأسئلة التي بدأتْ تتزاحمُ بشغبٍ في رأسي. شعرتُ بالحرجِ وهي تطرحُ عليّ سؤالها:<br />= لو افترضنا أنّ الرسمَ هو صورة / نصّ بالخطوط، فهل بإمكاننا اعتبار الكتابة صورة/ نصّ بالحروف؟<br />- لا أعرف!<br />= أعطِ مجالاً للفكرة أن تختمر في رأسك.<br />- حسنًا.<br />أبحرتُ مع الفكرة بعيدًا بعيدًا، وعثرتُ على مكمنِ الضعف، فأتيتها بالسؤال:<br />- لو افترضنا أنّ الكاتب يلتقطُ الصورة كما هي، ألا تهمّشُ هذي الفكرة وجوده ككيانٍ يحملُ من الأفكار، والآراء، والمشاعر الكثير ممّا يخوِّلُهُ حقّ التّعبير عمّا يقومُ بنقله؟<br />أجابت على الفور:<br />= التقاط الحدث بحدِّ ذاتهِ فيه من الذاتيّة الكثير. أليسَ الكاتب هو من يقرر أيّ الصور يلتقط؟ هنالك من يلتقط صورًا عاطفيّة، وهنالك من يذهب إلى المدى الأبعد فيلتقط نملة، نحلة، بتلة، حبّة رملٍ، غيمة، ... فيسلّطُ الضوءَ على وجع أحد هؤلاء المهمشين ليفضحَ مكائدَ العتمة.<br />صمتُّ برهةً، ثمَّ باغتـُّها بالسؤال:<br />- ماذا عن الحلول؟<br />صوبَّت أنظارها داخل بؤبؤَي عينيّ وأعلنتْ:<br />= النصّ الجيّد لا يطرحُ الحل، إنما يلقي حجرًا في بئرٍ راكدةٍ، ويتركُ الماءَ يستوعب الدوائر، والحجر الذي يأتي بدوائر أكثر هو ذاكَ الذي لا يجاملُ ولا يتجمّل.<br />أرخيتُ كتفيّ وهي تسـْتأذِنُنِي بالانصراف. سألتها أن تعود ذات نصٍّ كي نُعـَاودَ ممارسةِ شغبِ الأسئلة. ابتسمتْ برضًا ومضَتْ إلى الحقولِ تلتقطُ السنابلَ، وتطاردُ الفراشاتِ، وتشاكِسُ فزّاعاتِ الطيور، وتقودُ الغيومَ إلى الأفقِ المطرزِ بأقواسِ قـُزَحٍ لذيذة.<br /><br /><br /><br />(2008)<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />-----------------------------------------------------------<br /><br /><br /> <br />في انتظاره<br /><br /><br /><br />على مهلي أسيرُ. تتمايلُ أغصانُ اللبلابِ من حولي. لم أعُدْ تلكَ الطفلة ابنة العاشرة التي التهمَ الصّيادُ جدّتها. ها أنا أعودُ إلى الغابة بحثًا عنه. ترافقني تعاويذُ أمّي وتوصياتها في أن أحذر من مَكره، وأن لا أسلك الطريق المختصر، وأن أتجنب الإغواء.<br />أنتظرُ..<br />وأنتظرُ... <br />لعلّه يراقبني عن كثب؟!<br />يجب أن أُحْكِمَ الخطّة للإيقاع بهِ فريسةً سهلةً للإغواء الأنثويّ. ما أغبى الرجال! إنّهم يقعون في فخّ الأنوثة راضين مرضيين. القلائل منهم مَن يجذبهم في الأنثى الجوهر لا المَظهر، أمّا أغلبهم، عندما تطرح عليهم السؤال: "ما الذي يعجبك في تلك الأنثى؟"، يأتونك بالإجابة المُعلبة المتوقعة: "جمالُها".<br />أنتظرُ..<br />وأنتظرُ... <br />تراهُ يتعقبني؟! ينتظرُ اللحظة الحاسمة كي ينقضَّ عليّ ويلتهمني كما التهمَ جدتي قبلَ ما يُقارب العشر سنوات، حينَ نجوتُ من بين براثنه بأعجوبة إذ صرختُ صرخةً أيقظتْ أُسودَ الغابة ففرّ كالصّرصار هاربًا.<br />أنتظرُ..<br />وأنتظرُ... <br />آهٍ كيف ظلَّ الجرحُ مفتوحًا على مصراعيّ الألم؟ وككلّ ليلة جررتُه إلى أحلامي، فكان كفيلاً بتحويلها إلى كوابيسَ كفيلة بإيقاظي على شهقات ودموع. آهٍ كيف قهرني ذلكَ الرجل حينَ أتاني وأنا في طور الطفولة، في هيئةِ صيّادٍ محترف. ها أنا آتيهِ ممتلئةً بنعمةِ الأنوثة كي أقهره.<br />أنتظرُ..<br />وأنتظرُ... <br />أسمعُ صوتَ خربشَاتٍ من خلفي. أتسمّرُ مكاني ويتسمَّرُ الرعبُ في عُروقي. تزدحمُ رائحةُ عَرَقٍ آدمِيٍّ في أنفي. أتصنّعُ قطفَ الزعتر البريّ. يتمطّى ظلُهُ أمامي. أرتعدُ. أتماسكُ. يجب أن استعيدَ توازني. إن لم أقوَ عليه، سيقوى هو عليّ. آهٍ أيّها الصّياد الماكر، العِبرَة لمَن يضحكُ في الآخر!<br />أنتصبُ بدلالِ أنثى الغزال. أستديرُ للخلفِ. ها نحن كخطّين متوازيين نقفُ. يحدجني بنظرةٍ ثاقبة. أتمسّكُ بالدلالِ كطوقِ نجاة. أرفعُ رايات التحدّي. آهٍ أيّها الخبيث، ما جئتُ أناطحُ طواحينَ هواءٍ. أنتَ خُبزي. لقد دفعكَ اللهُ إلى يدي. سألتهمُكَ لقمةً واحدةً قبل أن تجرُؤَ على الاقترابِ مني. معَ لحمِكَ ودمِكَ سأبتلعُ ذاكرتي المتخمة بأشباحِكَ.<br />أنتظرُ..<br />وأنتظرُ... <br />أرتدي الرّقةَ كحجابٍ يقيني من مكره، وأستدعي الجنود الاحتياطيين للأنوثة. يحتفظُ بهدوئه ونظراتِهِ الثاقبة. تتلبسني (دليلة) فأخالُهُ (شمشون)، وأشرعُ في لعبةِ الإيقاع به عن طريق كشف سرّ قوَّتِهِ. أستدعي مكرَ (شهرزاد) في الليلة الأولى من الحكاية، وأبادره بسؤالٍ ملغوم:<br />- مَن أنت؟<br />يرتفعُ صوتُ خريرِ مياهٍ كثيرة وهو يقول:<br />= مَنْ أنتِ وعمّن تبحثين؟<br />لفتني التجاعيدُ التي اكتسحتْ خريطةَ وجهه طولاً وعرضًا.<br />- أنا (دليلة)، وجئتُ أبحثَ عنك.<br />يفورُ الدّمُ في عروقِ رقبتِهِ. يصبحُ صوته كالثور الهائج وهو يسأل:<br />= عني، تراني أعرفُكِ؟!<br />- تعرفني.<br />= أعرفكِ؟!<br />- بلى، كما تعرفُ الأمّ رضيعها، تعرفني.<br />يتَّسعُ بؤبؤا عينيه. يتراخى حنكُهُ الأسفل. أستدعي كيْدَ (شهرزاد) وأنا أهمسُ:<br />- ألا نذهبُ إلى مكان آمِن لنتحدث؟<br />يهدأ النبضُ في عروقه. تهبطُ تلك العَظْمة المنتصبة في منتصف رقبتهِ.<br />يسيرُ أمامي بخطواتٍ حذرة. يقتحمُ كهفَ الجدّة. ياااااااه! هنا اكتملَ مشهدُ العنف الدمويّ. هنا سأقتلُكَ لأحيا. يسألني إن كنتُ أرغبُ باحتساءِ الشَّاي السَّاخن فأوافق. الماء يغلي، والدَّمُ يغلي في عروقي. <br />أنتظرُ..<br />وأنتظرُ...<br />أنتظرُ اللحظةَ الحاسمة كي أقضي عليهِ. حينَ يقتربُ ويطأطئ رأسه واضعًا الشَّاي السَّاخنَ أمامي، سأتناولُ تلكَ العصا وأضربه ضربةً قاضية، وأمضي عائدة إلى حضنِ أمّي بسلام.<br />اقتربَ، رأيتُ في عينهِ دمعةً سرعانَ ما تلألأت فوقَ خدّه. إنّه يبكي! أيعقلُ أن يبكي ماكرٌ كهذا الصيّاد المحترف؟! تراهُ فقدَ قوّته مع الأيام وصار مجرد رجل على إثم بعدما كان رجلاً على اسم؟! <br />رقَّ قلبي. تملكتني رغبة في أن أعرف سرّ تلكَ الدمعة. فكَّرتُ كيفَ عساني أستدرجه ليفضفض مكنوناتِ قلبه. هرعتُ أسأله:<br />- تراكَ تعاني من العُزلة في كهفٍ كهذا وسط الغابة؟!<br />على الأرضِ أمامَ حذائي جلسَ. هو فريسةٌ سهلة الآن. بإمكاني أن أتناول تلك العصا عن يميني وأنهالُ على رأسه بالضربات القاتلة. دفنَ رأسَهُ بين كفّيهِ وراحَ ينشجُ كما لو أنّه طفلٌ فقدَ حضن أمّه. رقّ قلبي أكثر. تملكتني رغبة في مواساته. تنبهتُ إلى أنه عدوي والعدو كيف له أن يصبحَ صديقًا؟!<br />أنتظرُ..<br />وأنتظرُ... <br />أتناولُ منديلاً وأمسحُ الدمعَ الذي بللَ قدمي وخفّف من حدّة حقدي الدفين. ارتفعَ صوتُ الهدير ثانية، لكنّه جاء متضمخًا بنبراتِ الأسى:<br />- تلكَ الطفلة تطاردني أشباحها منذ سنوات. تلكَ الطفلة قهرتني. تلكَ الطفلة صرخت فأيقظت الإنسان فيّ وقضت على طبيعة الذئب التي كانت تتملكُني. تلكَ الطفلة بكتْ فأطلقتْ النسرَ في عروقي. حررتني من سلاسل العبودية. انكسر الفخُّ ونجوت. أطلقتني في فضاءِ الحريّة. تلكَ الطفلة، آهٍ، تلكَ الطفلة كم تُشبهُكِ!<br />* * *<br />تجمَّدَ الألمُ في عروقي. تراختْ كلُّ عضلاتي المتشنجة. سقطتْ صورةُ (سالومي) التي سَعتْ من خلال رقصةِ إغواء لقطعِ رأسِ (المعمدان). <br />آهٍ (هيروديّا)، الذئبُ في حضني يحتضر. <br />آهٍ أمّاه، لن أقوى على قتله. دموعُهُ تُطلِقُ الغفرانَ في دمّي. دموعه تمحو الوصمةَ من ملفِّ الذاكرة. ها الرجلُ الشرسُ يتقلصُ أمامي، ولا أرى إلا طفلاً بريئًا يحتاجُ بعضَ الطبطبة. ها ماردُ الألم يتحرر من القمقم، والفراشاتُ ترفرفُ من حوله، والطيورُ تغرّدُ، وأنهاري تجري حثيثًا نحو البحر غير عابئة بالحصى المتراكم في مجراها. <br />آهٍ أمّاهُ،جئتُ أصطادُ هذا الرجل، فإذا بهِ بدمعةٍ صادقةٍ واحدةٍ يصطادُني.<br /><br /><br /><br />(2009)<br /><br /> <br /><CENTER><br /><br /><br /><br /><br /><br />----------<br /><br /><br />سيرة ذاتية<br /><br /><br />ريتا عودة<br />شاعرة وقاصّة ومترجمة<br />من مواليد النـّاصرة<br />29-9-1960<br /><br />* حاصلة على شهادة اللقب الأول في اللغة الانجليزية والأدب المقارن. <br />* تقوم بتدريس اللغة الانجليزية في المدرسة الثانوية البلدية في الناصرة. <br />* حصلت على المرتبة الأولى في مسابقة لكتابة قصيدة الهايكو على مستوى العالم.<br />* حصلت على المرتبة الأولى في مسابقة "الهيجا" على مستوى العالم.<br />* تملك موقعا على الشبكة الإلكترونية: http://ritaodeh.blogspot.com<br />* تمت ترجمة نصوصها إلى العديد من اللغات عبر شبكة الإنترنيت.<br /><br />صدر لها :<br />(الضغط على اسم الديوان ينقلك الى الديوان)<br /><br /><br /><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/1994.html">ثورة على الصّمت-1994</a><br />1994 - وزارة الثقافة والمعارف- الناصرة <br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/1998-httpwww.html">مرايا الوهم</a><br />1998- المدرسة الثانوية البلدية –الناصرة <br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/08/blog-post_18.html">يوميات غجرية عاشقة </a><br /> 2001 – دار الحضارة – القاهرة <br /><br /><br />* <a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/2003-2000-2001.html">ومن لا يعرف ريتا</a> <br />2003- دار الحضارة – القاهرة <br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/09/geovisite.html">قبل الإختناق بدمعة </a><br />2004 - دار الحضارة – القاهرة <br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/09/new-poems.html">سأحاولكِ مرّة أخرى</a><br /> بيت الشعر الفلسطيني - رام الله- 2008<br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/">أنا جنونك-مجموعة قصصيّة</a><br />بيت الشعر الفلسطيني - رام الله- 2009<br /><br /><br /><br /><br /><br />مجموعات الكترونيّة: <br /><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/2008.html">بنفسجُ الغربـــَة 2008-رواية قصيرة</a><br /><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/blog-post_20.html">طوبى للغرباء-رواية قصيرة-2007 </a><br /><br /><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2010/10/2010-short-novel-by-rita-odeh-sep.html">سيمفونية العودة 2010-رواية </a><br /><br /><br /><br /><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">SIGN MY GUESTBOOK</a><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">رأيـــُكَ يـَهمـُّــنــــِي</a><br /></CENTER></font><br /><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-85736589336608317622010-10-02T20:43:00.001-07:002015-05-01T22:20:27.082-07:00رواية: "سيمفونية العودة" ،2010<CENTER><font size="5" face="Comic Sans MS" font color="WHITE"><br />Short Novel<br />"Symphony of Return"<br />Rita Odeh<br />2010</font><br />
<font size="4" face="simplified arabic" font color="pink">
<br />
ريتـا عودة<br />رواية:<br />"سيمفونيّة العودة"<br />2010 <br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg6qSH4F8OlfEpugZGgakShMeWA3IPTQPkzFxSBCqcaQbmRpjPKkeQC7DwvxL4b7XNl8BSUtvjyhW6_8_YKFwEtV5JlHYr-Y555HXgxkVDyfhz4xxxHtscOZQ3rbv8ESY_2yAXu1UBk5ek/s1600/omayagoha1.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 150px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg6qSH4F8OlfEpugZGgakShMeWA3IPTQPkzFxSBCqcaQbmRpjPKkeQC7DwvxL4b7XNl8BSUtvjyhW6_8_YKFwEtV5JlHYr-Y555HXgxkVDyfhz4xxxHtscOZQ3rbv8ESY_2yAXu1UBk5ek/s400/omayagoha1.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5536294873018338610" /></a><br />(اللوحة للمبدعة أميّة جحا)<br /><br /><br />سيمفونية العودة2010<br /><br />المشهد الأول
(آدم)
<br>
1<br><br>
العشق..!!ما العشق..؟! تراهُ تلك اللحظة الخالدة لإلتقاء توأميّ الروح، حين يأتي كلٌّ من طريق ويذهب كلٌّ من طريق، أسير ذاكرة من رحيق، إنّما حرٌّ طليق..؟!
أحدقُ في الرسالة. حروفها ليست ككل الحروف. هي فراشاتٌ ملوّنة.. ترفرفُ من حولي:
" ما زالَ آدم يبحثُ عن حوائه هنا وهناك، دون أن يفطن أنها داخل ضلوعه مقيمه. لا يكون العشقُ عشقا إلا حين تكتملُ الدائرة بعودةِ حواء إلى القفص الصدريّ لآدم.. حيثُ الحنان.. حيثُ الأمان."<br>
*
<br>
كلماتها معزوفة رقيقة شفافة، لامست شغافَ قلبي. سأشقُّ صدري لأعيد حوائي إليَّ. فمتى...؟!!<br>
المجنونة، تخطط للعودة اليّ . <br>
ألا تدري أنها تسكنني..؟!<br>
ألا تدري أنها الأصابع البيضاء لبيانو حياتي، وأنها منذ غادرتْ جنوني .. وسمفونية حياتي لا تعزف الا النغمات الكئيبة..!<br>
ألا تدري أنّ الحبّ لوحة سريالية، نحن ألوانها والمعالم..؟!<br>
ألا تدري أني البحر وأنها كما النهر ستظل تتدفق بصمت إليَّ، وإن اعترضَ مجرى الحبّ بعض الحصى.<br>
كما الحلم اقتحمتْ وحدتي وغربتي ووجعي..<br>
كما الحلم غادرتْ مع نسائم الصباح ومطلع الشمس..<br>
كم طاردني وجهها عبر المرايا والحكايا..! <br>
كم تملكتني رغبة باطلاق رصاصة الانتقام على ذاكرتي المعطوبة، فكنتُ أطلقُ الرصاصة على رأسي أنا.<br>
أحبّها وأشتهي نسيانها.<br>
تضجُّ الذاكرة بها. <br>
حبيبتي ..! <br>
هي الوردة ُ التي أنا عطرُها..
<br>
من شرق ِ الشوق كما الحلم ِ أتتْ ، ومن غروبه مع المغيب غابت ولمّا تعُدْ..<br>
عادت حروفـُها في رسالة أتت بها سنونوة اقتحمت فتورَ غربتي.
<br>
زقزقتْ ، ثمَّ ألقتِ الرسالة المختومة بشمع ِ الحنين ِ.. وفرّت خلف التلال.. خلف الأفق.. خلفَ أقواس قزح الانتظار.<br>
*
<br>
ذات قدر ..<br>
رأيتها.<br>
على طول شاطئ الحرمان كانت تسيرُ.<br>
وقعتُ أسيرَ الدلال في خطواتها..<br>
غرقتُ في بحر أنوثتها طوعًا لا اضطرارًا..<br>
لكنَّ الحبّ أتى أكبر من كلِّ القوالب،<br>
فاندلقَ ....<br>
كلما كان الحبُّ أكبر.. كانت الغيرة أعنف..<br>
تبادلنا الاتهامات المعلبَّة..
<br>
أكلنا من أرغفةِ الحيرة وشربنا من مياهِ غيرةٍ غيرَ معدنيـّة فأُصِبـنا بلوثة ٍ عاطفيـَّة.
<br>
*
<br>
ها نحن نعود الينا.. أكثر جنونا وأقل عنفا.!<br>
ها حروفها نجومٌ تلمعُ في سمائي ، تشيرُ الى ولادة حبّنا في مذود العشق الأزلي.<br>
أخيرًا.. أزهرَ لوزُ الحنين ِ فغمرَ الرحيقُ الطبيعة وأثملها..<br>
كم كانَ طقسُ الفراق باردًا مُبرقًا مُرْعِدًا مُوْحِشًا ..!<br>
*
<br>
ها الفردوسُ يفتح أبوابه في انتظار العَاشِقـَيْن ِ الأوَليْن.<br>
ها الطبيعةُ ، بعودة حوائي إليَّ، تستعيدُ زمن الحبّ الأولّ.<br>
*
<br>
طويتُ الرسالة.<br>
تراني أكتبها كي أشفى منها ..!؟<br>
أم أني أكتبها لأحياها على ورق..<br>
لأخلِّد ذكراها وأنا أضمُّها إلى صدري..<br>
هذي الضِلْعَة التي أنا لها، لا لسواها ..!!<br>
------------------------------------<br>
2
<br><br>
"آه حبيبتي، وأنا أبحثُ عنّي وجدتُكِ.<br>
كنتِ حُلمي، وقد أتى الحلم أشهى من كلّ خيال. تمنيتُ لو تظلين حلمًا كي لا أفقدكِ، لكنّ كلما لمحتُ عاشقـَيْن كنتُ ِأفتقدُكِ..!! <br>
آه حبيبتي، كَمَا تهبطُ الطّائرة على مَدْرَج ِ المطار ِ، هبطَتِ على مَدْرَج ِقلبي، بفارق ٍ واحدٍ، أنــَّكِ لم تنتظري الإشارة. <br>
اقتحمتِ مملكتــي كما الشَّمس.صَادرَتِ الرَّتابَة، ووَقـَّعـَتِ على جَدْوَل الأرق اليَومي..!؟
كما تولدُ الوردة من أكمامها، من رحم الحلم ولدَ عشقنا. لكن، كنتُ كلّما اقتربتُ من البحر يبتعد وفي أوج انبهاري بكِ، نفذت صلاحية الحُلم..!<br>
رحلتِ..
<br>
معكِ رحلتِ الطيورُ واكتأبَتْ أعشاشها. <br>
كما بحثَ قيس عن ليلاهُ رحتُ أبحثُ عنكِ لأعيدَكِ لقفصي الحُلميّ.<br>
كخطيين متوازيين كنا..<br>
لا أحدَ يودُّ أن ينكسرَ..!<br>
ظللتُ أحلم ... <br>
ما كففتُ يومًا عن عزفِ سيمفونية العودة.<br>
كيف لا، والحلم ُطاقةُ بقاء ٍ. <br>
أمَّا هؤلاء، العاطلون عن الحُلم فما هم إلا توابيت بصمتٍ تسيرُ إلى المـَقابـِر.<br>
كانت صدمة الفراق عنيفة، إذ كانَ حلمُ الحبِّ كبيرًا.<br>
تراني أستطيعُ وسط هذا الفيض من الضباب والغياب والانتظار أن أجدَ طريقاً مضيئاً للعودة.؟<br>
للحلم بقيّة..<br>
لا بدَّ أن تكتملَ دائرةُ العشق بعودةِ النورس لشاطئه والفارس لأميرةِ أحلامهِ، آدم لحوائه والطبيعة لجمال زمن الحبّ الأول. فتعاليَ، نبرمُ معاهدةَ تعايُش سِلمِي، معَ أرق الانتظار."
<br><br>
طويتُ رسالتي الأولى لها. ألقيتُهَا داخل مغلف ورديّ معطر برائحة البنفسج ووضعتها على إطار النافذة. حتما ستعود السنونوة لتلتقطها وتأخذها إلى حبيتي التي ستكسر السدود لتصل إليّ، ستختار الهدفَ في النور، ستغلق كل نوافذ الشَّك، كي تجد غابات الصنوبر محمّلة بترنيمات العتابا، وزغاريد الفرح.<br>
-------------------------------------<br>
3
<br><br>
كمَا يَنـْسَـلُّ خيط ٌ من نـَسيج ِ حكاية ، من حلمي انسللتِ.<br>
كمَا تنسحبُ شمسٌ من كبد ِ غواية، من أيامي انسحبتِ.<br>
ذروتُ الكثيرَ من الملح فوْقَ ثلج ِغيابكِ.<br>
قرأتُ الكثيرَ من مزامير الغفران على مارد صَدِّكَ.<br>
في جَرَّةِ الصَّبـر، جمعتُ رَمَادَ رفاتِ الهيَام ِ وانتظرتُ نهاية ً أخرى للطوفـَانْ وأنا أتلهفُ لنفض ِ خيوطِ العناكب التي ارتفعتْ كجدار عازل بيننا.<br>
*
<br>
ذات جنون ٍ ، قمتُ باختراق أجوائك العاطفية وقصفِ الضاحية ِ الجنوبية لقلبكِ بقنابل غزل ذكيّة، مما أسفرَ عن سقوطِ بعض ِ كرياتِ الحُبّ. <br>
في غفلة ٍ عن ماردِ الملل، صارَ الحجرُ القابعُ بين قضبان ِ صدري قلبًا ينبضُ عشقـًا فرحًا طربًا.<br>
*
<br>
أيتها الأنثى القصيدة التي تحرّضني على التأمل، من قبل ِ أن يكونَ نورٌ، كنتكِ.. كنتني.
أيتها الأنثى القصيدة التي تحرّضني على الأمل، مع كلّ طلعة شمس، أستقبلُ تراتيلَ البحر وطيفـَكِ الذي يأبى أن يغادرَ ميناءَ الحُلم.<br>
أيتها الأنثى القصيدة، قارورة ً في درج ِ الحياةِ كنتُ، إلى أنْ مررتِ، فحَرَّرْتِ منَ العتمة ِ عطري.<br>
*
<br>
في البدءِ، قلتُ للحُبِّ: "كُـنْ"، فكانَ الرّبيعُ والأراجيحُ والعُطور.<br>
وقلتُ للحُلم : " ليَأتِ ملكوتُكْ"، فـَهَوَى المشط ُ المَسحورْ<br>
وهرولتِ إلى الفارس ِ الذي حملكِ إلى القلاع ِ والقصورْ فأذهلتِ النبلاءَ وأربكتِ ملوكَ سَالفِ العُصور. وقالَ الفرحُ: " لتكـُنْ مشيئتي"، فصرتُ النورسَ الذي جمعَ للسنونوة محاراتِ البُحور. ضاعَ المِسْكُ من حول حكاية حبِّنا فاحتارَ البنفسجُ والنرجسُ والفـُلُّ والتاعتْ بقية ُ الزهور. <br>
ظلَّ الشّوقُ شجرة تتوَقـَّدُ.. تتوَقـَّدُ . لا تحترقُ ولا تخـُورُ إلى أنْ وقعنا كفـأرَيْن ِ هَرمَيْن ِ في مصيدة ِ الظنون، حينَ جَالَ الشيطانُ ينصِبُ لنا الفخاخَ ويوسوسُ، يوسوسُ في الصُّدورْ ..!
ظننتِ أنَّ ذاكرتي مزدحمة ٌ بأسرار نساءٍ وأزرار نساءٍ، فأعلنتِ رفضَ الانتماءِ لمدينةِ رُعبٍ كهذي.<br>
فهمتُ أنَّ الفراقَ لا بدَّ آتٍ، فهمتُ على وجهي أقرعُ أجراسَ التوبة.<br>
*
<br>
آهٍ حبيبتي، لمَ يكونُ مساءٌ ويكونُ صباحٌ ويحصدُ الفلاحُ أرضـَهُ وينسجُ صبيٌّ حلمَهُ، وتعشقُ أنثى هنا وتنجبُ أخرى هناك وتتناسلُ الخليقة وتكثرُ إن لم تعودي أنتِ ضلعه ً لصدري..!؟
ليتكِ إلى تربة الحلم، كحبةِ قمح ٍتعودين. ليتكِ مع فراشاتِ الربيع تعودين، كي يمتدَّ الحنينُ من بؤبؤِ العين ِ إلى فزّاعاتِ الطيور، الحقول، النمور، فأغفر لكِ ندوبَ الفِراق ِ الصغيرة َ منها والكبيرة.<br>
ليتكِ تجتازينَ الأسلاك الشائكة للظنون، رمادَ الذاكرة، تعبَ الانهيار، وتأتينَ لأعمِّدَكِ في نهرِ الانبهار، من خناجر الأرق أخلصكِ وحيثُ تمضينَ أتبعُكِ، لا أُتعبُكِ.<br>
*
<br>
آهٍ حبيبتي، في غيابكِ، الكلُّ إلى زوال. أحبُّكِ، ويتحالقُ الحبُّ ورقة ورقة ً على أوتادِ المسرَّة. آهٍ حواء ، لمَ ،هذا الصّباح، في كلِّ المرايا أرَاكِ..!؟ آهٍ أيتها الأنثى الاستثنائية، هذي جراحي فاقرأيها آمِنة ً.
<br>
آهٍ حبيبتي ، ترانا كأرجوحتـَيْن ِ نكونُ، كلٌّ في اتجاه ٍ تتمايلُ، وحتـّى حينَ تستقران ِ لا تلتقيان..؟!<br>
-------------------------------
4<br><br>
كفاني عويلاً على حُلم ٍ مَسْكوب. سأكفكفُ دمعَي وأكتبُ الحكاية.
الحِبرُ أبقـَى منَ الحـُبّ.<br>
*
<br>
كنتُ أنظر حولي فأرى كل ما في الطبيعة من بهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البريّة اثنين اثنين، فأشتهي أن يكون لي معينًا نظيري.<br>
وأتيتِ...
<br>
في حلم ٍ رأيتكِ، وحين فتحتُ عينيّ كنتِ قد تجسدّتِ.<br>
*
<br>
سمعتُ صوتَا يقول:" ليس جيدا أن يكونَ آدمَ وحده. فأصنعَ لهُ معينًا نظيرَهُ." . ورأيتُ يدًا تأخذُ واحدة ً من أضلاعي، وتملأ مكانها لحمًا ثمّ تبني الضلعَ التي أخذتها مني امرأة وأحضرتها إليَّ ، فقلتُ:" هذه الآنَ عظمٌ من عظامي ولحمٌ من لحمي. هذه تـُدعَى امرأة لأنـّها من إمرءٍ أخذتْ."<br>
*<br>
مع بزوغِ أولى أشعة الشمسِ على القصر أتيتِ.<br>
فتحتُ عينيَّ وأنا أتحسسُ موضعَ ألم ٍ في صدري.<br>
لم أصدّق ما أرى..!! <br>
يا لبهاءِ طلـِّتك، يا لروعةِ حضورك، يا للأنوثة تُشْعِلُ الحرائقَ في دمّي، يا لجاذبيتك كأنك مغناطيسٌ وأنا قطعة معدنيّة تسيّرها شحناتُ الدلالِ في عروقك..!!<br>
ضممّتُكِ إلى صدري وأنا أهمسُ في أذنكِ: " أنتِ لي.".<br>
وغرَّدَ صوتكِ: وأنتَ لي.<br>
فاسترسلتُ: أسميكِ حواء بل أسميكِ حبيبتي ، وأتوِّجُكِ ملكة ً على عرش أفكاري وحواسي وكلّ ما لي.<br>
*<br>
تتالت أيامُ النعيم ِ ونحنُ نسودُ على كل ما حولنا في قصر أبي، وحبّه يغمرنا بفرح ٍ لا ينطق وسلام غير عاديّ. ثمَّ، سافرَ أبّي في رحلة ٍ مفاجئة وأوصاني أن أذكـِّرك بوصيته الغابرة في أن تمتد أيدينا إلى كلّ ما في القصر، إلا دُرْج المكتب في وسطِ غرفةِ المعيشة، لا تمتدُّ أيدينا إليهِ لأنّه لو امتدّت فسوفَ نعاقبُ بالطرد.<br>
أنذرتكِ فلم تـــَـنبسي ببنتِ شفة، إلى أن أتت ابنةُ عمّي، تلك الأفعى اللعينة، وراحتْ توسوسُ لكِ أن لا أمانَ للرجال، وأنّي أُخفي داخل الدرج رسائل غرامية.<br>
قالتْ:" أحقًا قالَ عمّي لا تمسّا كل حاجيات البيت..!؟"<br>
فقلتِ: "كلّ حاجيات البيت متاحة ، أمّا الدرج الذي في وسط غرفة المعيشة، فقد قال عمّي: لا تمسَّاهُ لئلا تطردا من القصر."<br>
آهٍ حبيبتي، ليتكِ كنتِ تدرين كم تكرهني تلكَ الأفعى بسبب غيرتها من حبِّ أبّي لي. كانت تدبّرُ المكائد تلو المكائد للإيقاع ِ بي، لكنّها لم تتمكن منـّي يومًا لأنّي أنا الكلّ. لذلك أتت إليك ، أنتِ الجزء المأخوذ منّي، ولم تأتِ لي أنا.<br>
- لن تطردا. <br>
قالت تلك الأفعى اللعينة واسترسلت:<br>
- عمّي عارف ٌ أنّه في درج ذلك المكتب أوراق تخصّ زوجكِ ، وأنّكِ لو قرأتها، ستعلمين حقيقة آدم.<br>
ورأيتِ أنّ غموضَ ذلكَ الدُرج يستفزُّكِ فاستشطتِ غضبا وعاجلتِ بفتحهِ.<br>
تناولتِ الأوراقَ فقرأتِ وحينَ عدتُ للقصر، ناولتني الأوراقَ فقرأتُ<br>.
انفتحتْ أعيننا فعلمنا أنّنا وقعنا في الفخ الذي نصبته لنا تلكَ الأفعى. غمرنا الخجلُ ونحنُ نقرأ وصية أبّي في أنّ كلّ ممتلكاته لي ولكِ . عمّا قليل سنقفُ بمشاعر عارية أمامه. يا للخجل..!! رحنا ننسجُ الأعذارَ من أوراق تين التوبة ونصنعُ لأنفسنا مآزرَ من الندم.<br>
*
<br>
كنتُ في الحقلِ حينَ تسللتْ تلكَ الأفعى إليكِ. عدتُ فطالعني الشقاءُ على ملامح وجهك. أدركتُ أنّكِ مددّتِ يدكِ إلى الدرج.<br>
فجأة، وقعتُ في دوّامة من الأفكار والهواجس. تذكـّرتُ فترة َ ما قبلَ بزوغكِ شمسًا في حياتي. تذكـَّرتُ وجع الوحدة وغربتي عن نفسي ونوباتِ الكآبة التي كانت تنهشُ صحتي. تذكـّرتُ حاجتي الملحَّة إلى من يؤنسُ أيامي ويشاطرني أحلامي، فمددتُ يدي وقرأت.<br>
آهِ حبيبتي، لقد أخبرتكِ بوصية أبّي، لكنّكِ استسلمتِ لوساوس تلك الأفعى اللعينة. بسهولة ، تمرّدتِ على مشيئة أبي.! لم تثقي يومًا أن لا امرأة في حياتي سواكِ. كانت ظنونكِ بي حالة مَرَضِيَّة. كنتِ دومًا تقولينَ أنّ الشكّ بداية اليقين فأقول لكِ بل الشكّ سوسٌ ينخرُ حبّنا.
<br>
______________________
<br>
5
<br><br>
سمعنا صوتَ أبي ماشيًا في الحديقة عند هبوب ِ ريح ِ النهار، فاختبأنا من وجههِ في وسطِ شجر الحديقة. نادى أبّي:<br>
- آدم أينَ أنت..؟!<br>
قلتُ:<br>
= سمعتُ صوتـَكَ في الحديقة فخشيتُ. لأنـّي خجلٌ منـّكَ اختبأتُ.<br>
قالَ:<br>
-لمَ أنتَ خجلٌ..؟ هل مدَّدْتَ يدكَ إلى الدُرج الذي أوصيتـُكَ ألاّ تمسَّهُ.؟<br>
قلتُ:<br>
المرأة التي جعلتها معي هي ناولتني الأوراقَ فقرأتُ.<br>
قالَ لكِ:
<br>
-ما هذا الذي فعلتِ.؟<br>
فقلتِ:<br>
• هذي الأفعى غرَّتني فقرأتُ.<br>
وأشرتِ إلى ابنةِ عمّي . فقالَ لها: لأنـَّكِ فعلتِ هذا ملعونةٌ أنتِ. يضعُ الله عداوة بين نسلكِ ونسلي. هم يسحقونَ رأسكِ ونسلك ِ يسحقُ عقبَهم.<br>
وقالَ لكِ: تكثيرًا يُكثرُ الخالقُ أتعابَ حبَلَكِ. بالوجع ِ تلدينَ أولادًا وإلى رجلكِ يكونُ اشتياقـُكِ وهو يسودُ عليكِ.<br>
ثمَّ قالَ لي: لأنـَّكَ سمعتَ لقولِ امرأتِكَ ومدَّدْتَ يدكَ للدُرج الذي أوصيتـُكَ قائلا ً لا تمسّهُ، تكونُ الأرضُ ملعونة ً بسببكَ. بالتعب ِ تأكلُ منها كلّ أيام حياتك. شوكًا وحسكًا تـُنبتُ لكَ وتأكلُ عشبَ الحقل ِ . بعَرَق ِ وجهِكَ تأكلُ خبزًا حتـّى تعود إلى الأرض التي أُخِذتَ منها لأنـَّكَ ترابٌ وإلى تراب ٍ تعودُ.<br>
*
<br>
هكذا طـُردْنـَا منَ القصر.<br>
نادى أبّي على الخـَدَم ِ فأحكموا وضعَ منديل ٍحولَ عينيّ وآخر حولَ عينيكِ. انقبضَ قلبي وهم يلقون بكِ داخلَ شاحنة ويلقونَ بي داخل أخرى.<br>
بعدَ ساعاتٍ من السفر المتواصل والهواجس، فكـّوا الأصفادَ عن يديَّ. ساروا بي قليلا. ثمَّ، دفعوني بأيديهم من خلفي.<br>
رحتُ أهوي.<br>
أهوي ومعي تهوي ذكرياتُ القصر.<br>
أنتِ .<br>
نوباتُ ظنونك.<br>
الأفعى.<br>
الإغواء. <br>
السقوط في الفخ.<br>
الشقاء.<br>
ا<br>
ل<br>
ن<br>
د<br>
م<br>
م<br>
م<br>
!<br><br>
تطايرتْ ذاكرتي كأنّها أوراقُ تين ٍ ذابلة تذروها الرّيح ومعها تــَـبَعْـثــَرَ سلامُ القلب.
<br>
منذ انفصلنا جسديًا وروحيًا عن قلبِ أبّي المُحِبّ، منذ استسلمنا لوسوساتِ تلكَ الأفعى فأعلنا العصيانَ على مشيئتِهِ ، وأنا في بحث ٍ متواصل ٍ عنــّكِ.<br><br>
آهٍ حواء، أينَ أنتِ الآنَ حبيبتي..!!<br>
آهٍ أيتها المعشوقة ُوالعاشقة..!!<br>
العاطفة ُ كرويَّة.<br>
اذهبي غربًا وسأذهبُ شرقـًا .<br>
لا بدَّ يومًا أنْ........................... نلتقي<br>
.
_______________________________________
<br>
6
<br><br>
تخلصتُ من المنديل الذي حجبَ عني الرؤية لساعات. فتحتُ عينيّ فإذا بظلام ٍ دامس ٍ يكتنفني. أغلقتُ عينيّ وفتحتهما ثانية. كانَ النور ضئيلا واكتسحتْ أنفي رائحة ُعفونة.
بحلقتُ في العتمة فإذا بي أرى أجسادًا منحنية تتحرك في كلّ اتجاه، ومنها من كاد انفه أن يلامسَ ترابَ الأرض.<br>
- أين أنا..؟!<br>
حشرجَ صوتي.<br>
لم يجبني أحد.<br>
_ أينَ أنا ..!!
<br>
ارتفعَ صوتي بحدّة، فأجابني كهلٌ مرَّ وقرفصَ بالقرب منّي في تلكَ اللحظة:<br>
= أنت هنا في قبضة الشرير.
<br>
- ماذا، لا أفهم..!!<br>
= هذي زنزانة كبيرة بحجم كوكب.<br>
- لا أفهم..!!<br>
= إبليس رئيس هذا العَالم.<br>
سيطرَ الرعبُ على نبرة ِ صوتي وأنا أقولُ:
<br>
- كيف..؟! أليس سلطان الله أعلى من كلِّ سلطان..!!<br>
= بلى يا ابني. <br>
- إذن..؟!<br>
= الله محبّة. كما تحبُّ أنت ابنك، هكذا يحبُّ الخالقُ آدم ونسله. كما تشتهي أنت الأفضل لابنك، هكذا يريد الله الأفضلَ لكَ ولنسلك ، مع العلم أنّه لا مجال للمقارنة بين محبة الخالق للبشر ومحبة البشر للبشر. أحيانًا يخيَّلُ إليَّ أنّ الله قلبٌ كبيرٌ لا نهائيّ الحجم، يحوي كلَّ قلوب البشر منذ بداية الخليقة حتى المنتهى .<br>
سلطانُ الله أعلى من أيّ سلطان، لكنّ آدمَ تمردَّ فاستوجبَ العقابَ.
<br>
- قلتَ إنَّ إبليس رئيس هذا العالم، كيف..؟!<br>
= وُضِـعَ العَالـَمُ في الشّرير حينَ وقعَ آدم في الخطيئة.<br>
- كيف، لا أفهم..!!<br>
= في البدءِ، لم يكن مرضٌ أو موتُ أو جوعُ أو أوجاع، حتّى أنّ طعامَ آدم كان من نبات الفردوس، كما جاء في سفر التكوين:<br>
" إنّي قد أعطيتـُكم كلَّ بَقل ٍ يُبْزرُ بزرًا على وجهِ كلِّ الأرض، وكلَّ شجر فيه ثمَرُ شجَر يُبْزرُ بزرًا لكم يكونُ طعامًا." <br>
وَضَعَ اللهُ آدمَ في جنـَّةِ عَدْن ٍ ليَعْمَلهَا ويحفظهَا. لفرطِ حبّهِ لآدم وهو الذي قالَ: " لذَّتي مع بني آدم". سخرّ لهُ كلَّ ما فيها. قالَ الله:" نعملُ الإنسانَ على صورتنا كشبهِنا، فيتسلطونَ على سَمَكِ البحر وعلى طير السَّماءِ وعلى البهائِم، وعلى كلِّ الأرض وعلى جميع الدَّبـَّاباتِ التي تدبُّ على الأرض، ومنحه القدرة على تسمية كلّ ما في الطبيعة من حوله، فقد جبلَ الرّبُّ الإلهُ منَ الأرض ِ كلَّ حيواناتِ البريَّةِ وكلَّ طيور السَّماءِ، فأحضرَها إلى آدمَ ليرَى ماذا يدعوها، وكلُّ ما دَعَا بهِ آدمُ ذاتَ نَفْس ٍ حيَّةٍ فهوَ اسمُهُ.
<br>
وحينَ رأى آدم أن كل ما في الخليقة اثنين اثنين، تملكته مشاعرُ الوحدة .
لقد جعلَ اللهُ آدمَ يشعر بقيمة الاحتياج لأنثى تؤنسُ وحدته وتكونُ لهُ مَسْكنــًا: "فدعا آدمُ بأسماءٍ جميعَ البهائم وطيور السّماءِ وجميع حيوانات البريّة، وأمّا لنفسِهِ فلم يجد مُعينًا نظيرَهُ". <br>
أوقعَ الربُّ الإلهُ سباتًا على آدمَ فنامَ، فأخذَ واحدة ً من أضلاعهِ وملأَ مكانها لحمًا، وبنى الربُّ الإلهُ الضلعَ التي أخذها من آدم امرأة ً وأحضرها إلى آدم، فقالَ آدم:"هذه الآنَ عظمٌ من عظامي ولحمٌ من لحمي. هذه تـُدعَى امرأة ً لأنـَّها من إمْرِءٍ أُخِذتْ." لذلك يتركُ الرَّجُلُ أباهُ وأمَّهُ ويلتصِقُ بامرأتِهِ ويكونان ِ جسدًا واحدًا.<br>
- والشرير،كيفَ أصبحنا في قبضتِهِ..؟!<br>
= كانت الحيَّة ُ أحيَلَ جميع حيواناتِ البريّة التي عملها الرّبُ الإلهُ، فقالتْ للمرأة:"أحقـًا قالَ اللهُ لا تأكلا من كلِّ شجر الجنة؟ " فقالتِ المرأة ُ للحَيَّةِ: "من ثمر شجر الجَنـَّةِ نأكلُ، وأمَّا ثمرُ الشَّجرة التي في وسطِ الجنـَّة فقالَ اللهُ: لا تأكلا منهُ ولا تمسَّاهُ لئَلا تموتا". فقالتِ الحيَّة ُ للمرأةِ: "لن تموتا!" بل اللهُ عالِمٌ أنـَّهُ يومَ تأكلان منهُ تنفتحُ أعيُنـُكـُمَا وتكونان كالله عارفـَيْن ِ الخيرَ والشَّرَّ". رأتِ المرأة ُ أنَّ الشّجرة َ جيِّدَة ٌ للأكل ِ، وأنـَّها بهجة ٌ للعيون ِ، وأنَّ الشَّجرة َ شهيَّةٌ للنظر، فأخذتْ من ثمرها وأكلت، وأعطتْ رَجُلهَا أيضًا معَهَا فأكلَ. فانفتحتْ أعيُنـُهُمَا وعلما أنـَّهما عُريانان، فخاطـَا أوراقَ تين ٍ وصنعا لأنفسِهمَا مَآزرَ.<br>
- كيف يعقل أن نتوارث نحن خطيئة لم نقترفها..!؟
= نحن نتوارث نتائج الخطيئة الأولى. ألا تـُوْرثُ المرأة ُالحاملُ لجنينها أمراضها..؟ إن كانت تعاني مثلا من الايدز، ألا يَرثُ الجنينُ الايدز أيضًا..؟!
<br>
- لكنَّ رحمة َالخالق وسعُ السَّماواتِ والأرض، فلماذا لم يسامحْ آدم وحواء على تلكَ الخطيئة.؟!<br>
= لأنَّ العقابَ لم يكنْ مفاجئـًا فقد أنذرهما: "لا تأكلا منه ولا تمسَّاهُ لئلا موتـًا تموتـَا". ومع هذا أعلنا العصيان َعلى مشيئته، فوقع عليهما العقاب. أليسَ هو الإله العادل المستقيم الذي ليس فيه لفٌّ ولا دَوَرَانْ..؟.<br>
- كان بإمكانه أن يغفر ..<br>
= عندما يُخطئ ابنك ألا تعاقبه.؟! أنت تُؤَدَّبه لأنك تحبّهُ لا لأنك تكرهه..!!<br>
تخيّل أنّك تنذر ابنك بعقاب ٍ إن سرقَ مثلا، فيسرق. ألا تترك المحكمة تأخذ مجراها فتحكم عليه وتزجَّ به في السجن..؟! بل، قد تسلّمهُ بنفسكَ للعدالة الأرضيّة بدافع تقويمِهِ. العقاب ليس تعبيرًا عن الكراهية إنما عن المحبَّة. أنت تعاقبُ ابنـَكَ لتأديبهِ وتقويم ِ سلوكِهِ. لو افترضنا أنـّكَ أنذرتَ ابنـَكَ بعقاب ٍ ولم تعاقبه، ستفقد هيبتك أمامه كأبٍّ عادل ٍ جدير ٍ بالثقة.<br>
-أيعقل أن يتركَ الأبُّ المحبُّ ابنـَهُ في السِّجن دونما رحمة.؟!<br>
= من قالَ أنـَّهُ أهمله أو تخلـَّى عنه..؟! لقد أعدَّ الله خطة َ الفداء
قبل تأسيس العالم لأنـّهُ كلّي المعرفة. عرفَ أنّ آدم سيقعُ في التجربة وكانَ الفداءُ الكفاريُّ مُعدًّا مُسبقـًا.<br>
- كيف، لا أفهم.!!<br>
= يا ابني، نحنُ هنا في سجن ٍ كبير ٍ بوسع الكـُرة ِ الأرضيّة، ورئيسُ هذا العَالم هو الشرير، لكنـّنا ننتظرُ المخلّصَ، وهو وحدهُ من يملكُ مفتاحَ هذا السِّجن. قريبًا سيأتي ليحررنا، يفـكَّ أسرَنا ويُعتقنا من العبوديّة ويسمينا أولادًا..<br>
-أولادٌ..؟! حاشا لله أن يكونَ له أولادٌ.<br>
= بنيَّ، حين تقولُ أنا ابن القاهرة ، هل معنى ذلك انَّ القاهرة أنجبتكَ. لا..! هذا يعني أنـّك من القاهرة أو تنتمي للقاهرة. هذه ليست علاقة بيولوجيّة إنما علاقة انتماء. هكذا نحن: سنكونُ أولادَ الله أي المنتمون له بالإيمان.<br>
*
<br>
انتظارًا انتظرتُ المخلصَ أن يأتي ويحررُني من هذا السَّجن ِ البغيض. انتظرتهُ وصبرتُ له. رحتُ أهيمُ في الشوارع بحثـًا عن حبيبتي حواء وأنا أداري عن العيون الفضوليّة أوجاعَ الفقد. كانَت اللوعة ُ تغمرُ روحي وأنا أجتهدُ أن أخفي دموعًا ظلَّت على مدَى الأيام تنسكبُ بحرقة ٍ لاذعة. أحيانا، كنتُ أقرفصُ تحت شجرة من أشجار الزيتون شاخصًا في اللاشئ ، يحاصرني طيفُ حواء ويُثـْمِلـــني عطرُهَا.<br>
فجأة، تستيقظ ُ الكلماتُ، تنفضُ عنها الغبار وتتجسد، فأناجي حبيبتي الحاضرة الغائبة:
- أين أنتِ أيتـُّها الأنثى الاستثنائية..؟! تراكِ قريبة منـِّي أم بعيدة..؟! تراكِ في هذا الكوكبِ أم في كوكب ٍ آخر..؟! تراكِ على قيدِ الحياة ِ أم ..!! آهٍ يا غالية، كما أنَّ الطفلَ بعيدًا عن ثدي أمِّهِ لا يهدَأ أو يستريح وأيضًا لا يقنع أو يشبع أو حتـَّى يعيش، هكذا نفسي نحوكِ حبيبتي. بقربكِ راحتي، فأنتِ حياتي غذائي وقوّتي فلا تتأخري في العودةِ إلى صدري. <br>
-------------------------------------
<br>
المشهد الثاني
<br>
(حياة)<br>
1
<br><br>
المستقبل لأولئك الذين يؤمنون بجمال أحلامهم، وحلمي كان جميلا. من النظرة الأولى أحببته، على عكس القول المأثور: الذين أحبـّوا بقوة ، لم يحبـّوا من أول نظرة. بل أكاد أجزم أنـــّني من قبل النظرة الأولى أحببته، فقد كان حلمَ كلّ فتيات الجامعة. حين كنا نتجاذب أطراف الحديث عن فارس الحلم، كانت كلٌّ منـّا تصرّح أنـّها تتمنى لها فارسًا كـآدم.<br>
*
<br>
على الرغم من أنَّ ّزاوية الحبّ أتت حادّة، إلا أنـِّي أحبـَّبـْـتــُهُ وقررتُ أن أكونَ له الحبيبة الألصق من الأخ. لم يُخـْـفِ عنّي أنـّه فيما مضى كان على قيدِ عشق أنثى استثنائية تحملُ اسمَ: "حوَّاء". أخبرني عن نوباتِ الغيرة المجنونة التي كانت تعتريها. قالَ إنَّ الحبَّ كالقمر، له وجهان. الغيرة هي الوجه المُظلِم للحبّ. أخبرني عن هواجسها المَرضِيَّة في كونِهِ على قيدِ حبّ مع أنثى ما، وأنّها ظلّت تفرض منع التجول في أفكاره لأيّ أنثى سواها إلى أنْ وقعتْ ضحيَّة َ وساوسِهـَا.<br>
انخدعتْ من الأفعى، ابنة عمّهِ، التي ظلّتْ تدبّرُ لهما المكيدة تلو الأخرى لكي ينفصلا وتنفرطُ حبَّاتُ عقدِ ذلك الحبّ الأسطوريّ. في نوبةِ غيرة مجنونة، تسللتْ تلك الأفعى من ثقب ٍ في جدار ظنون حواء. دخلتْ ثعالبُ الشَّكِّ وأفسدتْ بستانَ العشق ِ. استشاطتْ المسكينة ُ غضبًا وقد صدَّقتْ ادّعاءَ الأفعى في أنَّ آدم على علاقة مع أنثى سواها وأنـّها مسالمة ووديعة أكثر ممّا ينبغي لامرأة أن تكون. أوقدتْ حطبَ الغيرة في دماغ حواء، حيث ساحة المعركة الرّوحيّة، ثمَّ ضربتْ الضربة القاضية:<br>
- عمّي عارف ٌ أن في دُرج ذلك المكتب أوراق تخصّ زوجكِ، وأنّكِ لو قرأتها، ستعلمين حقيقة آدم.
<br>
رأتْ حواءُ أنّ غموضَ ذلكَ الدُرج يستفزُّها فاستشاطتْ غضبا وعاجلتْ إلى فتحهِ.
تناولتْ الأوراقَ فقرأتْ، وحينَ عادَ آدم للقصر، ناولته الأوراقَ فقرأ هو أيضًا.
انفتحتْ أعينهما فعلما أنّهما وقعا في الفخ الذي نصبته لهما تلكَ الأفعى. غمرهما الخجلُ وهما يقرآن وصية أبّيه في أنّ كل ممتلكاته له ولها. ثمَّ، وقفا بمشاعر عارية أمامه وراحا ينسجان الأعذارَ من أوراق تين التوبة ويصنعان لأنفسهما مآزرَ من الندم.
سارعَ الأبُ بتنفيذِ العقابِ الذي توَعَّدَ آدم بهِ. نادى على بعض الخدم وأمرهم بطردِ الحبيبين ِ خارجَ أسوار القصر وحماية طريق العودة بلهيب ِ السيوف. قامتْ شاحنتان مدججتان برجال ٍ جبّاري بأس ٍ بنقل ِ حواء إلى بقعة ٍ ما بعيدًا عن القصر، ونقل آدم في شاحنة أخرى إلى بقعة ٍ ما بعيدًا عن القصر. <br>
كان الفراق الذي دامَ سنوات ٍ عجاف، إلى أن بزغتُ أنا شمسًا في حياة ِ آدم فأنرتُ كلّ خلايا اليأس بشحنات ٍ من الأمل. اجتهدت ُ أن أكونَ له الحبيبة والرفيقة، الحالمة والعاشقة. اجتهدتُ ألا أعاتبهُ على ذاكرة ٍ ليستْ للنسيان. حواءُ كانت عشقـَهُ الأول، أمّا أنا فقد صرتُ رفيقة حلمه، وأمُ ابنتيه: أحلام وأمل.<br>
*
<br>
الحبُّ يجعلُ الزمنَ يمضي والزمنُ يجعلُ الحبَّ يمضي. لا بدَّ أنَّ حبَّ حواء مضى من قلبِ آدم لا سيَّما أنـّه منذ انفصالهما عن أبيه، لم يعثر لها على أثر إلى أن وصلته منها رسالة حملتها إليهِ سنونوة ٌ ما واختفتْ هي أيضا خلف التلال. ربّما ، لم يكن هنالك رسالة قط..! ربّما، صنعَ آدم هذا الوهم الجميل لكي يحيا على أمل ِ لقاء، فأنا لم أعثر بين حاجياته على تلك الرسالة، ولم أشأ أن أستفسرَ عنـها كي أتفادى الوقوع في ذاتِ الوساوس القهريّة التي وقعتْ فيها حواءُ راضية ً مرضيَّة. الثقة المتبادلة، كانت وستبقى الأساس الذي بنينا عليه قصرَ حبِّنا. لكن، ظلَّ هاجسٌ ما يؤرقني: ماذا لو عادتْ حواء فظهرت في حياة ِ آدم..!! <br>
-----------------------------------<br>
2
<br><br>
يقال إنَّ القلبَ هو الأرض الوحيدة التى لا يمكن أن تطأها قدمُ مغتصب، أمّا قلبي أنا فقد قطفتـُهُ بيديَّ، كما قطفتْ سالومي ابنة هيروديا رأسَ يوحنا المعمدان، وسلمْـتـُهُ لآدم على طبق ٍ من المحبّة المتبادلة والتفاهم.<br>
*<br>
هناكَ بين أروقةِ جامعةِ حيفا، التقينا. كنتُ في طريق العودة إلى الناصرة حينَ اعترضَ آدم طريقي وهو يناولني منشورًا، ألقيتُ نظرة سريعة عليه فإذا بالعنوان: " يوم الأرض" يلدغني بقسوة فقد تملكني الخجل من التعبير عن جهلي لما تعنيه هذه الكلمات التي صرتُ أسمعها تتردد كثيرًا في الفترة الأخيرة.<br>
صافحني صوته الدافئ الذي امتازَ بنبرة الجرأة والإصرار:<br>
- يا آنسة..<br>
= حياة.<br>
- أهلين حياة.<br>
= ميرسي
<br>
- أنا آدم . أعتذرُ أنّني اعترضتُ طريقَكِ....<br>
لكن لا يمكنك أن تغادري قبل مشاركة بقية إخوتك في وقفة الاعتصام بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة ليوم الأرض.<br>
على عجل، رحتُ أقرأ ما جاء في المنشور الذي أعلن في الفقرة الأولى عن اعتصام أمام المبنى الرئيسي للجامعة في تلك اللحظات بالضبط. تابعتُ القراءة:
<br>
يُحْيـِــي الفلسطينيون في الثلاثين من آذار من كل سنة ذكرى يوم الأرض والذي تعود أحداثه لآذار 1976 بعد أن قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذو أغلبية سكانية فلسطينية مطلقه وخاصة في الجليل. على أثر هذا المخطط قررت الجماهير العربية بالداخل الفلسطيني إعلان الإضراب الشامل متحدية، ولأوَّلِ مرة بعد احتلال فلسطين عام 1948 ، السلطات الإسرائيلية.<br>
شكَّلتْ الأرضُ ولا زالت مركز الصراع ولُبّ قضية وجودنا ومستقبلنا، فبقاؤنا وتطورنا منوط بالحفاظ على أرضنا والتواصل معها وكان يوم الأرض أول هبَّة جماعية للجماهير العربية، تصرفتْ فيها جماهيرنا بشكل جماعي ومُنَظَّم، حَرَّكَها إحساسها بالخطر، ووجَّهها وعيُها لسياساتِ المصادرة والاقتلاع في الجليل، خصوصا في منطقة البطوف ومثلث يوم الأرض: عرابة، دير حنا وسخنين، وفي المثلث والنقب ومحاولات اقتلاع أهلنا هناك ومصادرة أراضيهم. في هذا اليوم، الذي يعتبر تحولا هاما في تاريخنا على أرضنا ووطننا.
معركة الأرض لم تنتهِ في الثلاثين من آذار، بل هي مستمرة حتى يومنا هذا، ولا تزال سياسات المصادرة تطاردنا، والمخططات المختلفة تحاول خنقنا والتضييق على تطورنا في المستقبل، لا بل إننا نمر بواقع مرير ومرحلة معقدة، تكثر فيها التوجهات العنصرية التي تسعى إلى نزع شرعيتنا السياسية وشرعية وجودنا، وليس فقط مصادرة أرضنا.
أعلنت الجماهير العربية، ممثلة بلجنة الدفاع عن الأراضي العربية، أنّ الإضراب الاحتجاجي على مصادرة الأراضي في تاريخ 30.3.1976.<br>
*
<br>
انقبض قلبي، أنا المُغيّبةُ عمدًا عن المشهد السياسيّ، تحرسني تعويذة ُ أبي: "امشي الحيط، الحيط، وقولي: يا ربّ السُترة"، وأنا نتاجُ عائلة تأكل خبزها بعَرَق جبينها ولا تتحدث في الأمور السياسية إطلاقا، وأنا الابنة البكر لامرأة كلّما فتحتُ الباب لتتلقفني الحياة تلاحقني توصياتها:" بوسي يدّ الكلب وإدعي عليها بالكسْر" .
فجأة لفتَتْ انتباهي ورقة ملصقة على الباب الزجاجي خلف آدم وكان عليها صورة كلب وخط أحمر مائل عريض يشير إلى منع دخول الكلاب للحرم الجامعي. <br>
ارتفعت صرخةٌ مكتومة في باطني: " ترى من هم الكلاب..!"<br>
*<br>
كان آدم يتحدث إليّ وأنا أواصلُ الاستغراق في لون الأشجار في عينيه، قامته الفارهة، ونبرة الإصرار في صوته الدافئ. راحَ يحدّثني عن يوم الأرض ونبضاتُ قلبي تزداد تسارعًا والعَرق يتفصَّدُ من جنباتِ جبهتي والحيرة تضربُ أوتادا وأوتادًا في رأسي فأدور في حلقات ٍ مُفرغة كلّما حسبتُ أنـّني خرجتُ من واحدة تتلقفني أخرى.<br>
*
<br>
كنتُ في المرحلة الثانوية حين واجهني سؤال إلزامي في امتحان المدنيات عن "منظمة التحرير الفلسطينية". سَرَتْ قشعريرة في جسدي. أعلنتُ عن أنيميا في مخزوني المعرفي وكنتُ قد أجبتُ عن الأسئلة الأخرى كلّها ولم يبقَ إلا هذا السؤال الذي انتصبَ أمامي كالصخرة. <br>
شعرتُ بضيق ٍ في التنفـُسّ. تـُراني أسلّم الورقة وأعترفُ بجهلي فتأتي علامتي منخفضة كثيرا بسبب نسبة العلامات المخصصة لهذا السؤال.
الهمهماتُ تتصاعدُ من حولي. الك<br>
لّ يتذمَّرُ من هذا السؤال الذي أتانا من قمقم علاء الدين. سمعتُ صديقتي تقول: لا تجيبوا عن هذا السؤال الملغوم. هذه الأوراق ستصل يد الشين. بيت(المخابرات الاسرائيليّة). مرّة أخرى، دفنتُ جهلي لمعنى الحروف ( شين. بيت) داخل تربة رأسي وصبـَبـْتُ انتباهي على مُدرِّسُ المدنياتِ الذي اقتحمَ حيرتي باقتحامه الغرفة. راحَ يشرحُ لنا معنى التعبير( منظمة التحرير الفلسطينيّة) وأنا أسجل كلماته حرفيًّا. قبل أن يغادر، سلُمته الورقة وغادرنا سويّا.<br>
لم أدرك معنى كون ذلك السؤال ملغومًا إلا بعد شهور، عندما حاولتُ الالتحاق بجامعة حيفا، فاكتشفتُ أنّ اسمي في القائمة السوداء..! هكذا قالت (حانة) تلك المرأة اليهودية، حينَ شكا لها أبي عن الظلم الذي وقعَ عليّ فقامت بالاستفسار عن السبب.
يا للسخرية..!! <br>
تعويذاتُ أبّي وتحذيرات أمي التي كانت كالمنِّ والسلوى، لم تكفل لي الحماية من هذا المصير الأسود. اجتهدتْ (حانة) في الإثباتِ أنـّها مخلصة للعائلة وكانت النتيجة أنهم سمحوا لي بالانضمام لدورة تقوية صيفيّة في اللغة الانجليزية قبل الالتحاق بالجامعة فقمتُ بالالتحاق بالدورة اضطرارًا لا اختيارًا. ثمّ، حصلتُ على إعفاء فوري من الدروس من قِـبـَل ِ مُدرِّسةِ الموضوع. كيفَ لا، وأنا المتفوقة في كلّ مواضيعي الدراسيّة، خاصة اللغة الإنجليزيّة التي عشقتها منذ نعومة ِ أفكاري.<br>
*
<br>
حاولتُ أن اشرحَ لآدم سببَ امتناعي عن المشاركة في أيّ نشاط سياسيّ داخل حرم الجامعة، لكنـّهُ لم يمهلني. راحَ يسيرُ أمامي وهو يجذبني إليهِ، كما يجذبُ المغناطيسُ معدنـًا لا ينتمي إلا إليه.<br>
______________________________<br>
3<br><br>
قبل أن يغيبَ القمرُ بقليل، كما تدخلُ حبّةُ زيتون ٍالمعصرة، دخلتُ ساحة َالاعتصام وقلبي المُثقل بمشاعر متضاربة كادَ يعزفُ سيمفونية العودة، لولا خشيتي أن يُفتضحَ أمري.
خلفَ الأجساد البضّة، تواريتُ. خلفَ نظارتي ذات الزجاج الأسود واريتُ عيني ّورحتُ أراقب تحركات الجميع وقلبي يكاد ينفطر متوجسًا خطرًا ما يتربصُ بالجميع.<br>
وقفَ آدم كالأسد وراحَ يتحدثُ عن سبب الاعتصام. رشقتهُ بنظراتٍ حالمة. لم أسعَ للَجْم ِمشاعري المتدفقة نحوه. كلُّ العشاق ، في البداية، متشابهون. مع الوقت، يتميزان عن الآخـَرين حسب مدى التقارب بين سماتِ شخصيـَتـَيْهما. أنا أحبّ آدم بسبب التوازن الملحوظ بين سمات الأمومة في شخصيته وسمات الرجولة. <br>
كانَ آدم يتحدث، وهو يرمقني بنظراتٍ حالمة وصوته العميق، الدافئ يغسلُ تعبَ انتظاري. لقد أضاءَ خلايا كياني الداخلي بنور العشق. ها عينايَ تبثانه أشواقي البكر دونما وجل. ها الروحان تسموان، تغادران الجسد، تتلاقيان في فضاء المكان.<br>
فجأة، أبصرتُ أيدٍ تمتدُّ حول عُنق ِ آدم كما الأخطبوط. موجاتٌ من الإهانات والبصق والوعيد انهالتْ علينا وشحنتْ هدوءَ المساءِ بالمرارة والحقد.<br>
شلّنيَ الفزعُ وأنا أبصرُ قطعة معدنية تنزلُ على رأس آدم، الذي استبسلَ في ردِّ ذلك الهجوم الشّرس عنه.<br>
- لاااااااااااا ..!!
<br>
صرختُ، واندفعتُ إلى ذلك المارد مفتولَ العضلاتِ وانهلتُ بحذائي بالضربة تلوَ الضربة على رأسه. لكمني على أنفي فانتفض الدمُّ في عروقي. ثمَّ، فرَّ خلف التلال مع اقتحام صفارة إنذار الشرطة المكان.
<br>
دارتْ بي الدنيا. تمايلتُ وسقطتُ فوقَ العشبِ الأخضر.<br>
*
<br>
عندما فتحتُ عينيّ، كانَ قد غابَ القمرْ، وكنا نهبطُ نحوَ البلدة القديمة في حافلة استدعاها رئيسُ الجامعة لنقلنا نحن الطلاب العرب عائدين آمنين إلى بيوتنا، بعيدا عن مكان الاشتباك بيننا وبين مجموعة الطلاب اليهود (المتطرفين) كما وصفهم.<br>
راحَ صوتُ درويش الذي ارتفع من مذياع الحافلة، يشحنُ القلوبَ بالتحدّي:<br>
سجِّل أنا عربي <br>
سلبتَ كرومَ أجدادي <br>
وأرضاً كنتُ أفلحُها <br>
أنا وجميعُ أولادي<br>
ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي <br>
سوى هذي الصخورِ.. <br>
فهل ستأخذُها حكومتكمْ.. كما قيلا؟<br>
<br>
إذن.. سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى
أنا لا أكرهُ الناسَ<br>
ولا أسطو على أحدٍ <br>
ولكنّي.. إذا ما جعتُ آكلُ لحمَ مغتصبي <br>
حذارِ.. حذارِ.. من جوعي <br>
ومن غضبي<br>
...<br>
..<br>
.<br>
*<br>
هكذا، انتصرتُ على نفسي. انتصرتُ على تعويذة ِ أبي:<br>
" امشي الحيط، الحيط، وقولي: يا ربّ السُترة "، <br>
وتحذيرات أمّي: <br>
" بوسي يدّ الكلب وادعي عليها بالكسْر ".<br>
*
<br>
حقًا، الولادة من رحم التجربة تمنحُ مناعة ًضد الخوف وتعززُ الثقة َبالنفس.
اليوم، أستطيعُ أن أعلن أنّني ولدتُ من جديد.<br>
---------------------------------
<br>
4
<br><br>
كلعبة الشطرنج، هكذا هي الحياة، بفارقٍ واحد أنَّنا لم نعد ندري مَنْ يحرِّكُ البيادقَ فوقَ رقعة ٍ كانت تسمّى فلسطين.<br>
ارتفعَ صوتُ جدّي من الذاكرة وهو يترنم بصوتٍ أشبه بالناي الحزين:<br>
فلسطين.. فلسطين<br>
شو شافت أيام حلوين<br>
أمّا اليوم مسكينة<br>
شو تعبانة وحزينة<br>
ربّي يساعد<br>
ربّي يعين<br>
هالمظلومة فلسط ...طين<br>
*
<br>
الحب يجعل الإنسان العادي شاعرا والشاعر مجنونا. رويدًا رويدًا، فجرّ الحبّ داخلي الرغبة في الحياة وفي المطالعة والكتابة وفي الاستماع للأغاني:<br>
" إذا في هالدنيا حبّ غالي، أكيد بيكون حبّي ليك. وإذا في شوق مو عادي، أكيد يا عمري شوقي ليك.لا تصدِّق أعيش في دنيا، حبيبي انتَ مو فيها."
<br>
لفتني قولٌ لأديب ٍعالمي اسمه غابريل غارسيا ماركيز:
<br>
- أحبكِ لا لذاتكِ بل لما أنا عليه عندما أكون بقربك.<br>
اكتشفتُ أنـّني أحبّ آدم لذاته ولمَا أنا عليه عندما أكون بقربه.<br>
بقربهِ، كنتُ فراشة حالمة تتنقل من وردة لوردة، فتجذب الأنظار لألوانها ورفيفها. كنتُ سنونوة، ولم يكن آدم لي القفص، بل كانَ المدى الرحبَ لأجنحتي. راحَ يحثني على التحليق عاليًا حيثُ النسور وهو يدللني بعبارة: <br>
- يليقُ بك ِ التفرّد. <br>
*
<br>
مرّت الشهور، ونحن صديقان حميمان. كنتُ أتشوَّقُ للحظة ضعفٍ يسلمني فيها مفتاحَ قلبه وأعدُهُ ألا أكون دليلة التي تكشفُ سرَّ قوته لأحد ولا تغدر به لأيّ سبب كان.<br>
*
<br>
على الرابيةِ جلستُ أتأملُ بحرَ حيفا وأُداري قلقي بسبب انتهاءِ السَّنة الدراسيّة الجامعيّة واضطراري للبقاء في الناصرة، بؤرة الملل، إلى شهر تشرين المُقبل.
كنتُ أبني قصورًا من رمال فوق شاطئ الأمل حينَ اخترقتْ رائحةُ عطرهِ أنفي. تراخى فوق العشب ِالأخضر بالقربِ منّي. لم تصبح قصوري فريسة ً لأمواج ِ بحره الهائج. ظلّت صامدة.<br>
- ماذا تقرأين..؟!<br>
= نيتشة.
<br>
- آه نيتشة..! رجل القوّة والجبروت الذي وقع في غرام امرأة سلَّمها ضعفه قبل قوّته.<br>
= تصوّر أنـّه هو الذي قال: عندما تذهب لامرأة اصحب العصا معك..!<br>
- وأنا، أكان لا بدّ لي أن أصحب العصا معي..؟!<br>
ابتسمتُ وأنا أحاولُ أن استدرجه ليحدد نوع العلاقة بيننا:<br>
= كان عليك أن تلوي عنقَ القطّ منذ لقائنا الأول.<br>
- حياة.<br>
= نعم.<br>
- أنتِ الحياة بالنسبة لي. أنتِ رفيقة حلمي. أنتِ أنا .<br>
*<br>
هكذا تدفقَ اعترافـُهُ العشقيّ، في لحظة ظننتها النهاية. كثيرًا ما تخيلتُ أنّي خيط ٌ كبقية الخيطان في نسيج حياة آدم وأنّه لن يلحظ غيابي فيما لو نَفيتُ نفسي بعيدًا عن جزيرةِ أحلامه.
<br>
كمَحَارَة مسكونة بأمواجِ صوتهِ العاشق صرتُ. رحتُ أسبحُ في بحر العشق، أعلو مع أمواجه وأهبط وأعلنُ لذاتي أنَّني: "أحيـــــــــــــــــــــَا". <br>
- حياة.
<br>
ناداني صوته. <br>
نزلتُ من سقف الحلم وهو يهمسُ في أذني:<br>
- كانت لي حبيبة اسمها حوَّاء.<br>
كانت عشقي الأول وامرأتي. <br>
وافترقنا في ظروفٍ خارجة عن إرادتنا.<br>
بحثتُ عنها طويلا. <br>
بحثتُ في كلّ بقعة محتملة ولم أعثر لها على أثر.<br>
صمتَ.<br>
انبثقَ طيفُها من موقدِ الذاكرة.<br>
انتصبتْ بيننا كأنثى لا من طين إنـّما من مفردات.<br>
نبرةُ صوته، أكانَ فيها حنين ٌ إليها، أم دعوة للنسيان..؟!
<br>
أكانتْ هي سبب اعترافِهِ المؤجَّل..؟!<br>
قررتُ أن أنسى ما هو وراء وأنا أقتربُ من حلمهِ لننصهرَ معًا في بوتقة ِ الزمن. سألته:
= ماذا لو عادتْ حوَّاء فظهرت فجأة في حياتك..؟!
<br>
- لن تجد إلا الاحترام.<br>
= آدم..!
<br>
- نعم..؟<br>
= أحبّك..<br>
- وأنا أعشقكِ يا حياتي.<br>
*
<br>
إلى صدره ضمـّني ، وكانتِ المرّة الأولى التي يضُمّني فيها إليه. شعرتُ أنـّني تلك الضلعة الشاردة التي تعرفُ طريقَ عودتها إلى صدره، حيثُ الحنان، حيثُ الأمان. <br>
----------------------------------<br>
5
<br><br>
قارورة ً في دُرْج ِ الأيام ِ كنتُ، إلى أن مرَّ بي آدم وحرّر من العتمةِ عطري. كان يُؤمنُ بمنطقِ تنميةِ أجنحتي. حثَّـّني على الكتابة وتحرير خواطري من العتمة. رحتُ أقرأ بنهم، فقد اعتقدتُ أنّ وراءَ كلّ أديب ٍ جيّد، قارئ نهم. بدأتُ أنشر كتاباتي في الصحف، خاصة أنّ تجربتي مع الحياة صارت أكثر خصوبة منذ لقائي بآدم الذي لم يتوانَ عن إثراء مخزوني المعرفي. هذا بالإضافة إلى الخصوبة الأدبية التي حصلتُ عليها من دروس الأدب المقارن وآداب اللغة الانجليزية ، فقد بدأتُ أتتلمذُ على أيدي أهمّ الشعراء المعاصرين ك: ألف بيت يهشوع وناتن زخ. <br>
رحتُ ألتهم الكتب التهامًا. وأنصتُ في المحاضرات وكأنّي أشاهدُ فيلما مثيرًا. وتفوّقتُ في كلّ واجباتي الأدبيّة الجامعيّة.<br>
استهواني فنُّ القصة القصيرة، خاصة وأنا أمتثلُ لدورة نهائية بعنوان: "كتابة إبداعية"(Creative Writing) والتي تمَّ قبولي فيها، بالإضافة لما يقارب العشر طلاب الآخرين، بناءً على مقابلة مع المحاضر الذي مرّر الدورة وكان شرطها الأوحد أن يجيدَ الطالبُ فنَّ الكتابة. <br>
كانت الدورة أشبه ما يكون بورشة عمل إبداعية. قبل كل لقاء، يعطينا مُهمَّة لانجازها. أول لقاء لي معه، كان عندما طلب من كل طالب كتابة كلمة ما على قصاصة ورقة. قام بجمع القصاصات وخلطها، ومرّ كلّ طالب واختار ثلاثة بشكل عشوائيّ. ثمّ، طلب منـّا كتابة قصيدة صغيرة تحتوي هذه الكلمات الثلاثة. شرح لنا أنّ هذا التمرين الأدبيّ يحررُ الخيال من الأفكار المُسبقة ويطلقُ العنانَ للتخيل.<br>
حصلتُ على الكلمات: شجرة، طير، بكاء. <br>
كتبتُ:<br>
غردّ العصفور<br>
ثمّ بكى.<br>
أمّا الشجرة <br>
فظلَّتْ صامتة.<br>
*<br>
استهواهُ صمتُ الشجرة، فأخذ يتناقش مع بقية الطلاب عن المضمون الدلالي للقصيدة.
هكذا، تبلوَرَ لدي شغف لكتابة القصيدة القصيرة جدًّا، قصيدة الومضة.
<br>
أذكر أنـّه حدثنا مرّة عن أنواع الشخصيات في القصة القصيرة. ثمّ، طلب منـّا انتقاء شخصية ما تثير فضولنا فنتابعُ تحركاتها، أقوالها، ردود فعلها ثمّ نكتب قصة ما عنها.
قرأتُ على المجموعة قصة " الفستان الأحمر" والتي كتبتها باللغة الانجليزية بناءً على طلب المحاضر في كتابة قصة بطلها غير عادي. كانت تلك تجربتي الأولى مع كتابة القصة القصيرة. <br>
سادَ هدوءٌ غريب جو الغرفة وأنا أقرأ قصة الفستان الأحمر، ممّا حفزّني على متابعة القراءة. راحَ هو يسأل الطلاب عن المضمون الدلالي للجملة القفلة: "قررتُ أن أبصق"، والتي عبّرتْ عن الموقف المتمرد للفتاة الفلسطينية التي واجهت الواقع الطبقي في كونها فقيرة داخل مجتمع يهودي ثري فقررت أن تعلن عن رفضها لهذا الواقع بأقلِّ خطوةش رفضٍ ممكنة وهي: " البصاق".<br>
احتدمَ النقاش بين أفراد المجموعة . قبل أن أغادر تلك الغرفة المطلّة على بحر حيفا، ناداني المُحاضر، وهو شاعر أمريكي الأصل من خلفية يساريَّة، وقال لي: "أنتِ موهوبة".
منذ تلك القصة، راح ينتقيني دومًا لأقرأ نصوصي ويعطي المجال لمناقشتها مع أفراد المجموعة.
<br>
كنا نلتقي مرتين في الأسبوع: يومي الأحد والأربعاء مساء. نجلس في دائرة كبيرة. نوزع النصّ المطبوع على جميع أفراد المجموعة، ونقرأ وبعد القراءة يحتدم النقاش الكفيل بإثراء تجربتنا الإبداعية وتقليم الشوائب. <br>
التحقتُ بدورة عن الــ هايكو، تلك القصيدة اليابانيّةِ الأصل والتي لا تتعدى الثلاث سطور وتحتوي على صورتين شعريتين، العلاقة بين الصورة والأخرى، هي سرّ نجاح تلك القصيدة . فتنني هذا الفن، لكونه يتطابق مع شغفي بكتابة قصيدة الومضة. أدركتُ أنّ قصيدة الهايكو تبدأ من الطبيعة بأشجارها وطيورها وبحارها وورودها وتنتهي بالطبيعة البشرية بخفاياها. مراقبة الطبيعة من حولنا كفيلٌ بإضاءة بؤرة ما داخل طبيعتنا البشرية. "إن أردت أن تفهم سرَّ الشجرة ، اذهب اليها". هكذا قالَ المُحاضر نقلا عن الشاعر اليابانيّ المشهور "باشو" وأردفَ: " الطبيعة تخلِق ونحنُ نُفَسِّر"
صرتُ أراقب كلّ ما في الطبيعة عن كثب، وأنا العاشقة الأزلية للطبيعة، كي أستنتج شيئا ذا مغزى عن الطبيعة البشرية. كتبتُ الهايكو فأجدتُ الكتابة:<br><br>
" سماءٌ صافية-
<br>
طائرة ُ ورق ٍ تطيرُ<br>
أعلى من خيطها"<br><br>
كانت هذه القصيدة القنبلة التي لفتت انتباه كلّ من قرأها. راح الكلّ يناقش المعنى الدلالي للخيط والطائرة. في نهاية الدرس قلتُ: أنا أرى نفسي هذي الطائرة التي تسعى للتحليق، فترتفع عمدًا فوقَ كل خيط قد يشدّها للأسفل أو يترك لها المجال لتسمو. والخيط هو المجتمع القادر على أن يكبلني بقيوده، أو يدفعني للسمو. من داخل المجتمع أنطلق، يظلّ المجتمع يغذيني بالأفكار والمبادئ فأسمو وأحلّق.<br>
*
<br>
منذ نعومة حبري، كانت نصوصي ملفتة للنظر، تلك التي كتبتها كوظائف جامعية، وتلك التي نشرتها في الصحف المحليّة. بدأتُ أعزز ثقتي بتجربتي الإبداعيّة. رحتُ أخلق عوالم في قصصي القصيرة. أنقّبُ عن شخصيات مسحوقة، غير اعتيادية لأكتب آلامها . صارتْ الكتابة التي تفضح العتمة الملتزمة بقضية هي غايتي، بعدما قضيتُ سنوات من طفولتي أكتب الخواطر وأخفيها عن عين الرقيب داخل عتمةِ جارور المكتبة.<br>
ظللتُ أقرأ بنهم وأكتب وأخلق شخصيات يتماهى معها القارئ فتثيرُ فضوله ليعرفَ ما حصل معها من خلال حبكة القصة... <br>
إلى أن جاء يوم، عثر فيه والدي على دفتر مذكراتي الذي كنتُ أواريه وراء كتبي في الجزء الأسفل من المكتبة. جنّ جنونه وانتظر عودتي من الجامعة بتحرّق. كيف لا، وأنا الابنة المسيحية أبًا عن جدّ، التي ستجلب العار على العائلة، بعدما وقعتْ في عشق ِ شاب ٍ مسلم..!! <br>
-----------------------------<br>
6<br><br>
الخوف..!!!<br>
هذا الماردُ الذي خرج فجأة من القمقم ليتحداني. <br>
هذا المارد الذي إن لم أقوَ عليهِ سيقوى عليّ.<br>
ها أنا أعلن العصيانَ على مارد الخوف، أعلنُ أنّي لن أتراجع، بل سأواجهه إلى أن يبدأ بالتقهقر، يصيرُ نملا أسودًا صغيرا، يتوارى داخل ثقوب الكبت. <br>
أنثى الميزان أنا. <br>
أقولُ الحقَّ ولو كان الثمنُ حياتي.<br>
ميزاني لا يميل مع ريحِ المجاملاتِ الاجتماعية وفيروساتِ النِّفاق الوصوليّ.
رجلُ الميزان، هوَ. <br>
سلّمني مفاتيحَ الثقة بالنفس، الجرأة والقدرة على تحدي قـُوى الظلام لكوني أتمّسكُ بالحقّ. <br>
حقـًا، كنتُ سأكونُ أنثى عاديّة، لولا بزوغ آدم شمسًا أنارت حياتي وأشعلت جذوة الأمل في عروقي فساهم في جعلي أنثى استثنائيّة.<br>
*<br>
الغالبية الساحقة من البشر يحيون على هامش الحياة. أتخيلهم كما (الجُمَل ِ البسيطة) التي لا تتألف إلا من (مبتدأ وخبر) أو (مبتدأ وشبه جملة). أمّا أنا فقد ولدتُ جملة ً مُركبّة لا تحدُّها نقطة، هاربة من قيودِ الإعرابِ أنا، ما سيأتي بعدي من جُملَ معقّدة أهمّ ممّا أتى قبلي.<br>
ها أنا أقف في تحدٍ مع رجل لقَّنته الأيامُ طقوسًا لن يقوى على التشكيك فيها لكونه ينتمي لمجموعة (الجمل البسيطة)، فكيفَ أنزلُ لمستواهُ الفكري فأشرح له أنّ الحُبَّ فوقَ كلّ اعتبار.<br>
حينَ خلقَ الله آدم وحواء، أرادهما أن ينتميا إليه لا إلى بَشَر. من هو بولس ومن هو أبولس حتى نتقاتل ، بل ونزهق الأرواح في سبيل معتقداتنا الأرضيَّة. الله برئ من الدمّ الذي يُسفك في كلّ مكان باسم الدين. ألم يُعْطِنا الخالقُ حريّة الإرادة وحرية الاختيار منذ بداية الخليقة..؟! كان بمقدوره أن يأمرَ آدم بعدم لمسِ شجرة المعرفة. لكنـّه، يتعامل مع آدم وسلالته برقيّ فهو يترك لنا القرار وحريّة الاختيار لكونه يحترم إرادتنا أفكارنا وقراراتنا ولا يتعامل معنا كماكينات متحركة، إنّما يتعامل معنا من منطلق الرحمة والمحبة فهو إله صالح، إلى الأبد رحمته وإلى دَوْر ٍ فدوْر أمانته.<br>
*<br>
لم أنظر يومًا لآدم على أنـّه مسلم، إنمّا نظرتُ له على أنـّه كِيان فأذهلني نضجُ شخصيته ومواقفه الحازمة. كذلك، لم ينظر لي آدم على أنّني مسيحيّة. لقاؤنا الروحيّ كان أسمى من كلّ قيود، لم يضعْها الخالقُ، إنّما وضعها البشر فكبّلوا أنفسهم بها وباعدت فيما بينهم. وصارت سببًا للشجار وسَفكِ الدمّ.
<br>
خارجَ قمقم ِ التدّين ومظاهر التقوى، التقينا.<br>
جمعنا حبّنا لإله واحد.<br>
هذا الإله الذي ما فتئَ منذ سقوط آدم في الخطيئة، وانفصاله الجسدي والروحي عن الخالق، يرسل الرسل ليلتفتوا إليه ويرجعوا لحضنه، لكنَّ البشرَ اقتتلوا على الرُسل، أيّهم أعظم، وفاتهم العودة للخالق وتعاليمه السَّماوية التي تنهى عن القتل وتحثّ على قبولِ الآخر،المحبّة، التسامح والإنسانية بالمُطلق.<br>
اختلفَ البشر على العطية، ونسوا المُعطي. <br>
تقاتلوا على المُرْسَل، ونسُوا المُرْسِل.<br>
*<br>
جميع أفراد عائلتي الصغيرة مسيحيون بالاسم، أو بالوراثة. يظنُّ الواحدُ منهم أنّ ولادته لعائلة مسيحيّة يضمن له بطاقة العبور لرضا الخالق، بينما تقولُ الآية:" كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم. "( يعقوب 1: 22). وتقول الآية: " أنا اريك باعمالي ايماني "( يعقوب 2: 18)، أي لا تتفاخر أنّك مسيحيّ إنما عِش مسيحي فيفتخر الآخرون بك ويسألون عن سبب الرجاء الذي فيك.<br>
جميعُ أفرادِ عائلتي الصغيرة مسيحيون بالاسم، أو بالوراثة..! لم أرَ يومًا أحدً فيهم يصليّ أو يصوم. لا يذهبون للكنيسة إلا في الأعياد. تلبسُ البناتُ الفساتين القصيرة التي تكشف عن مفاتنهن. لم تقرأ إحداهن الآية التي تحثّ على ارتداء الثياب المحتشمة:
" وكذلك إنَّ النساء يزيّنّ ذواتهنّ بلباسِ الحشمة مع ورعٍ وتعقُّل لا بضفائر أو ذهب أو لآلىء أو ملابس كثيرة الثمن، بل كما يليقُ بنساءٍ متعاهداتٍ بتقوى الله بأعمالٍ صالحة "( 1 تيموثاوس 2: 9). <br>
يغادرن للكنيسة تحرسهن دعواتُ الأمهات:<br>
- حاولي أن تعثري على عريس بين شباب الكنيسة. <br>
شَكَتْ لي إحدى قريباتي باكية موقف أمّها من عريس مسيحيّ تقدّم لخطبتها فوافقت الأمّ فورًا عليه بسبب حالته الماديّة الجيّدة، رغم عدم وجود أيّ توافق فكري، عاطفي أو اجتماعي بين ابنتها والعريس. يكفي أنّه ثريّ وأنّه سينقذها من حالة العَوَز الماديّ التي تحياها في بيت والدها. قالت أن أمّها تقول لها:<br>
- البنات أكثر من الهمّ ع القلب. البنات أكثر من السَّمـَك في علب السردين. يجب أن تقبلي به زوجًا لكِ.<br>
والأمُ ضحية الجهل فهيَ غادرتْ من بيت أبيها لبيت زوجها. لم تعصرها الحياة ولم تُنَمِّي أجنحتها كي تحلّقَ مع النسور. دجاجة خنوعة كانت، انتقلتْ من قِنٍّ لآخر وهي مُشبعَة بفكرة أنّ دورَها في الحياة يتلخصُ بالتفاني في الطبخِ والمسحِ وإزالة الغُبار. لم تقرأ يومًا كتابًا. لم تشاهدْ يومًا برنامجًا ثقافيًا، لم تسمعْ يومًا أنَّ الأمَ مدرسةٌ إذا أعدَدّتها أعددتَ شعبا طيّبَ الأعراق ِ. <br>
-
جميعُ أفرادِ عائلتي لم يقرَاوا الكتابَ المُقدّس يومًا، لأن لا كتاب مقدّس في بيت أيّ منهم.
جميعُ أفراد عائلتي، يجيدونَ طهيَ الطعام الشهيّ في الأعياد، والعزف على العود، وقرع الطبل والرقص، وشرب الكحول حتى الثمالة. أحدًا منهم لم يسمع يومًا ترنيمة أو تأمُلّ أو وعظة. أحدًا منهم لم يحكِ لي يومًا عن الربِّ يسوع الذي لم أعرفه إلا وأنا في المرحلة الثانوية، من خلال دروسٍ بالمراسلة سعيتُ أنا لها، بعدما ضاقتْ بي الحياة فصرتُ أبحثُ عن الملجأ الأمين، عن معنى لوجودي.<br>
*<br>
ها أنا أسيرُ نحو الأسد الغاضب، أبّي.<br>
تشلـّني نظراتُ أمّي المُرتعبة.<br>
تقوّيني كلماتُ آدم التي انبعثت من الذاكرة:<br>
- إمّا حياة تسرُّ الصّديقَ أو مماتٌ يغيظُ العدوَ.<br>
-------------------------<br>
7<br><br>
هذا الجسدُ المُضْطـَهـَدُ الباحثُ عن فضائه الحُرّ قررَ فجأة أن يخطوَ إلى جلاده بحركات ٍراقصة كأنـّه نورسٌ يحلّقُ فوق البحر.<br>
هذه الذات الثائرة المُكَبَّلة قررتْ فجأة أن تقومَ باستدعاءِ الصورة المعروفة لـ "كارمن" برقصتها الغجرية لكي تنتفضَ معها على القيود وهي تخطو نحو جلاّدها.<br>
*<br>
لا شيء حقيقي سوى ما هو مرعب. هكذا كتبَ رولان بارت، وهكذا أشعر الآن. الحقائق ترعبنا، تهددُّ سلامَنا ، قناعاتِنا وموروثاتِنا.<br>
(أنا أحبُّ شابًا مسلمًا وأسعى لارتباط مقدّس معه).<br>
هي حقيقة عمري، لكنها مرعبة بالنسبة لمن ترعرع على فكرة أنَّ الزواجَ المختلطَ: عارٌ ...فضيحة!
<br>
الناس سواسيّة. نقولها ولا نفكر في مضمونها ولا نحياها.<br>
حين خلق الله عزَّ وجلَّ آدم لم يقل له أنت مسيحي أو أنت مسلم إنّما قال له أنا الله فاعبدني. نحن صنعنا الديانات وجعلناها تفرّق بيننا.<br>
*<br>
- ليس بالخبز وحده أحيا.
<br>
قلتُ لأبي. لم يفهم لأنه بالخبز وحده يحيا : يأكل ، يشرب، ينام، يقوم، يكدح ويعود فيأكل ويشرب وينام ويقوم...وتمضي الأيام.<br>
- أنا كِيان. لي مشاعري، أفكاري، قناعاتي التي لا يمكن أن أحيا بدونها. لي إرادة خصّني الخالق بها منذ بداية الخليقة وإرادتي ترفض أن أكون سلعة تـُباع وتـُشترى. أنا أحبّ آدم وهو يحبّني وأرفض أن أتزوج من رجل آخر ما دامت مشاعري مع آدم. هذه خيانة عاطفيّة لا يرضاها لي الخالق ولا انتم: (المسيحيون) !.<br>
*<br>
حاولتُ أن أهبط من برجِ المثقفين وأنا أتحدَّثُ مع أبّي كي نتفاهم. تملكتني مشاعر الشفقة عليه فهو في حالة لا يُحسد عليها. هو لا ينظر لسعادتي، فعيون "الخفافيش" وألسنتهم تتربص به. ماذا سيقولون عنه..؟!<br>
ابنته تزوجت مسلم..؟!<br>
يا للعار!<br>
يا للفضيحة!<br>
ابنة الجيران فرّت مع حبيبها المسلم منذ فترة. كان أبي مع صديقه على الرصيف حين التقيا بوالد البنت. مدَّ الصديقُ يده للأب " المنكوب "(حسب تعبير أبّي) وهو يقول بحسرة:<br>
- " لا أعرف، أأبارك لكَ زواجَ ابنتك من مُسلم أم أقدّم لكَ التعزية..!" .<br>
- أخبرنا أبي عمّا حصل والألم يعتصر قلبه. والآن، ها الخنجر ذاته يُدْمِي قلبه.
حاولتُ أن أجعل أبّي يفهم أنّني لا أتخلى عن موقفي حتّى لو كان في ذلك حتفي. كنتُ واثقةً أنّ أحدًا من لائِميَّ لن يفهمني. <br>
- كيف لــــِ (جملةٍ بسيطة) أن تستوعب (جملة مُرَكبَّة)..؟!<br>
*
<br>
انتفضَ الدمُّ في عروقِهِ.<br>
انتصبتْ قامته.<br>
كجلياتِ الجبّار بدا .<br>
كداود الصغير بدوتُ.<br>
إنهالَ باللكماتِ المُبرحة على صدري.<br>
لن أبكي لأنّه سيستعذبُ بكائي.<br>
أخذتُ أصرخُ بأعلى صوتي لعل الجيران يسمعون رفيفَ الفراشة فيهرعون لتحريرها من هذي الخيوط اللزجة للعنكبوت.<br>
.... طرقتُ الخزان بقوّة !<br>
.... لم يرعبني شبحُ الموت.
<br>
لم يأتِ أحدٌ من الجيران. لعلهم يفضلون عدم التدخل بين أبّ وابنته. فجأة، وصلَ صديقُ أبّي البيت. صديقٌ تخرّج من السجون وأيدي الزانيات. هرعَ إلى الطابق الثاني لنجدتي. كسَرَ البابَ ودخلَ. كيف له أن يترك الأنثى التي يعشق، والتي لا تبادله الحبّ بالحبّ، بين يديّ الجلاد..؟!<br>
*
<br>
في المستشفى، لم أشأْ أن أطعنَ أبّي بالضربة القاضية. ما زلتُ أشفق عليه من موقفٍ لم أتمناهُ له. <br>
قلتُ أنّني وقعتُ من على السلّم. حرروني مع بعض المُسكنات وأربطة قيّدت صدري لتمنع حركته التي تؤدي لآلام مُبرحة.<br>
اعتكفتُ داخل غرفتي وامتنعتُ عن الطعام والشراب والتحدث إلى أحد.<br>
- تشتهون موتي..؟!<br>
دعوني أموت كما تشتهون وابقوا أبرياء من دمّي.<br>
*<br>
بدأت محاولات إقناعي بمغادرة غرفتي من شتى أفراد الأسرة الذين أعرفهم والذين لم أعرفهم من قبل إنّما أتت بهم حالة الطوارئ في بيتنا فهرعوا لنجدة والدي وتهديدي أو إقناعي بالعزوف عن موقفي.<br>
- لمَ ترفضون المسلم..؟! ما العيب فيه..؟!<br>
= لا عيب فيه.<br>
قالَ خالي المُقرّب جدا من قلبي ومبادئي.<br>
ثمّ، أكملَ:<br>
= البيئة مختلفة ، لهذا السبب سيكون التفاهم بينكما مستحيلا.<br>
*<br>
وصلتْ عمّتي من خارج البلاد وهي مثقلة بمشاعر الغضب التي صبّتها فوقَ رأسي.
- كيف تفعلين ذلك وأنتِ المثقفة..؟!<br>
أجبتُ:<br>
= تحدثي مع آدم، وإن وجدتِ فيهِ عيبًا ، أعدُكِ أن أنفصلَ عنه.<br>
*<br>
دعته لبيتها. تحدثتْ معه. <br>
فــُــتِنـــَتْ بشخصيته.<br>
حاولتْ أن تــُقنع أبّي بالسماح لنا أن نعقدَ قراننا في الكنيسة، فرفض. حاولتْ أن تقنع أبّي بالسماح لنا بمغادرة البلاد والعيش بعيدًا عن الوطن، فرفض.
<br>
مرَّ شهرٌ وأنا سجينة غرفتي أنتظرُ منفذًا.<br>
حانَ موعدُ السنة الدراسيّة الجامعيّة.<br>
بعد جهدِ ساعة ، نجحت عمّتي في إقناع أبّي بالسماح لي بالعودة للجامعة لكي أنهي السنة الأخيرة وأحصل على شهادة تكفل لي الحياة بكرامة.<br>
*
<br>
لم يغمضَ لي جفن.<br>
أطلّ الفجر.<br>
تناهى لسمعي صوت أغنية تسللتْ عبرَ النافذة:<br><br>
"<br>
أنا مش إلك
في قفص صغير بدك إياني أكون<br>
<br>
أنا بدي طير
وجناحاتي تكون ع وسعِ الفلك<br>
أنا مش إلك<br>
ولا قلبي إلك"<br><br>
كانوا لا زالوا نيامًا.
<br>
ألقيتُ نظرة أخيرة على صورة أبّي المُعلقة على حائط غرفة الاستقبال.
ألقيتُ نظرة على وجهِ أمي الذي أطلّ عليّ من الصورة المصلوبة قرب صورة أبّي.
لأول مرّة، أشعرُ أنّها امرأة ذابلة ، وردة دونما قطرة ندى.<br>
ألقيتُ نظرة على كلّ ما في البيت من حاجيات.
خزنتُ كل الصور في قُرْصِ الذاكرة.<br>
تأَبَطّتُ كتابَ:" أنا أحيا".<br>
فتحتُ باب المنزل.
<br>
نسيمُ الصّباحِ راح ينعشُ قلبي.<br>
أخذتُ قسطًا من الهواء وخبأتُه داخل رئتيّ.<br>
رحتُ أسيرُ بخطواتٍ واثقة نحو الشمس...<br>
___________________________<br>
8
<br><br>
زهرة ُ عبّادِ الشّمس ِ أنا، أرفعُ رأسي وأحيا، فبقائي في كبريائي.<br>
*<br>
حبّي لآدم ما كانَ زَلـَّة َ قدم ٍ أو قدر ٍ، ولا كان وعكة ً عاطفيّة ً عابرة كما ادَّعى البعضُ، إنـَّما هو قدري الأجمل الذي وأنا أبحثُ عنـّي.. وجدتــُهُ. <br>
قلوبُ الإناثِ الأخريات كنــَّا فنادقَ متعددّةِ النجوم ِ لآدم، الذي اعتادَ أن يقتحمها بلهفة باحثا عن أنثاه منذ أضاعَ حوَّاءَ، ويغادرها بلا مبالاة متأبطًا حقائبَ النسيان. <br>
قلبي أنا كانَ لهُ وطنـًا، عثرَ فيه على الماءِ والهواءِ وفائض ٍمن شـُحناتِ الانتماء.<br>
*<br>
في غفلةٍ عن ماردِ الألم، صارَ آدمُ قيثارَة، صرتُ لهُ الأوتارَ. صارَ لؤلؤة، صرتُ لهُ المحارَة .<br>
صارَ الحبُّ ُ سيمفونيّة يعزفها القلبُ فتسمعها البلابلُ وتحتار من تفَرُّدِهَا.<br>
*<br>
ها أنا أمضي إليهِ ممتلئة ً نعمة، منتصبة َ القامَةِ، راضية ً مرضية. <br>
ها "أصالة" ترافقـُـني، عبرَ مذياع السَّيارة، بصوتها الفائض ِ أنوثة ً:<br><br>
"معاك رجعت لي تاني حياتي ودنيتي<br>
معاك بعيش حبيبي في الدنيا جنتي<br>
ويّاك شفتِ بعيوني طريقي وسكّتي<br>
ماليش غيرك حبيبي، معاك حاسّة بأمان<br>
وطول ما انتَ معايا مابَخـَفـْش ِ من الزمان.."<br><br>
*<br>
أتاني صوتـُهُ عميقــًا دافئــًا:<br>
- سأعوِّضُكِ عن السنين التي أكلها الجراد.<br>
رشقتــُهُ بنظراتٍ عاشقة ونحنُ نقتحمُ غرفةَ المأذونِ نتبعُ خطواتِ يوسف، ابنُ عمِّهِ ، الذي رافقنا لحمايتنا. انقبضَ قلبي وأنا ألهثُ خلفَ خطواته الغاضبة ونحن نغادر المكان دونما وثيقة زواج وصوتُ المأذون يطاردنا: "أنتم تأخذون الدين مطيّة لأهوائكم".
فجأة، أحسستُ أن لا مكان للعصافير بين البشر.<br>
أحسستُ أنـَّنا سنهيمُ في الشوارع لأنّ القلوب ستنبذ ُحبّنا. تناهى لسمعي نبرة ُ الغضبِ في صوت يوسف وهو يوشوشُ آدم: "يحلم بدولارات.. لن يحصل عليها..
<br>
سنبحث عن مأذونٍ آخر..."
<br>
تحسسَ المسدسَ وهو يقتحمُ السّيارة التي راحتْ تطيرُ بنا إلى بلدة أخرى وعينايَ تراقبان ِالدكاكين المتراصّة على جانبيّ الشارع، والبشر الذين بدوا كقطعة بازل كبيرة ، أجزاؤها مُلصَقـَـة دونما إنسجام بين القطعة والأخرى. تدفقَ صوتُ (رويدا عطية) يخففُ بحنانه، وأحاسيسها المتفجرّة، حدّة َالتوتر:<br><br>
" شُو سَهْلِ الحَكِي..
<br>
مين اللي بيعرف في قلب التاني شو في ؟!<br>
شُو سَهْلِ الحَكِي..<br>
أنا لولا وجوده في عمري..<br>
عمري بينطفي"<br><br>
*
<br>
لو أنَّ أبي لم يعثرْ على جواز سفري ويمزقه أربًا إربًا لكنـّا سافرنا إلى قبرص وتزوجنا زواجًا مدنيًا..!!<br><br>
"لاموني العالم كلها<br>
وقالولي عنه أتخلى<br>
غيمة رح بتمرّ <br>
إن شاء الله..."<br><br>
ليتَ أبي أبقى لنا منفذًا للأمل. أغلقَ كلَّ أبواب الحياة في وجهنا ودفن رأسَهُ في الرّمل كما النَّعامة، كأن لا مشكلة تزلزلُ أرضَ الواقع.<br><br>
"كُلن قالولي مَجنونِة <br>
لازم<br>
تـِـــــــــنــــــْـــــــــسِــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيه..."<br><br>
أكانَ يتوّقع أن أتنازلَ عن حبّي لآدم..؟<br>
أكان يتوقـَّعُ أن أحيا بقية عمري جثة ً هامدة كأمّي وخالتي وعمتي وجارتي وغيرهن ...!<br><br>
" شو سهل الحكي..!" <br><br>
الموتُ أرحم من حياة ٍ بلا معنى .<br>
الموتُ أرحم من حياة تبدو كما البحر هادئة لكنـّها تخفي داخلها حيتان القلق والأرق والموت اليوميّ البطيئ.<br>
*<br>
هدأ هديرُ السيارة في محطةِ بنزين فاتجهنا نحو المقصف واتجه يوسف نحو التلفون العموميّ. <br>
عادَ إلينا ببشارة:
<br>
- سنرجعُ للحيّ.<br>
= لماذا..؟
<br>
- هذه رغبة ُ أبيكَ.<br>
- اتصلتَ بهِ..؟!<br>
= نعم. أخبرته بكلِّ التفاصيل. أبوكَ مصرّ على عودتك للحيّ. <br>
يقول : " ستكونا في حماية العائلة ".<br>
*<br>
ارتجفتُ كعصفور داهمته زخة ُ مطر.<br>
لا بدّ أنّ أبي قد اكتشفَ الآن سرَّ فراري من المنزل.<br>
اتصلَ يوسف بجارنا، صديق أبي، وأخبره بأمرنا وطلبَ منه أن يكون مع أبي في اللحظات الحاسمة التالية.<br>
آه، كم أخشى أن تكونَ أمّي ضحية َ نوبة ِ عنفٍ حتمًا ستنتابُ أبي.<br>
*<br>
انتظرنا، أنا وآدم وبعض أقربائه والمأذون، أن يصلَ والدُ آدم ليعقِدَ قراننا.
مرّتِ الدقائقُ بطيئة متثاقلة مُرَّة. <br>
مرّت ربعُ ساعة.. نصف ساعة.. ساعة وأكثر. <br>
أخيرًا وصلَ. <br>
هو يعرفني، فقد كان سائقَ حافلة ِ البلد التي اعتادتْ أن تقلَّني من المنزل لمحطة ِ حافلاتِ حيفا يوميًّا.<br>
استفقتُ من غيبوبةِ الذكريات على صوتٍ يسألني بإلحاح:<br>
- كم من المهر تطلبين..؟!<br>
= لا أريدُ مهرًا.<br>
- لا يجوز.<br>
باغتني آدم بنظرة، ففهمتُ أنَّه يحثني على تحديد أيّ مبلغ.<br>
كانَ لسانُ حالي يقول:"لستُ سلعة تباعُ وتشترى وعلاقتي بكَ فوق كلّ الماديات. حتى وان فشلت علاقتنا، لن أقبَض الثمن."
<br>
قالَ أحدُهم: ليكن شاقلا لأجل الإجراءات.<br>
رَدَّدْتُ بإعياء: <br>
= حسنًا ليكن شاقلا.<br>
اقتربَ آدم من أذني ووشوشني:<br>
- خذي شاقلأ وروحي وانتِ ..<br>
= لا تقلها، ولا حتى مازحًا.<br>
*<br>
رفعوا ايديهم ليقرأوا الفاتحة.<br>
رفعتُ يديّ وطلبتُ من ربّي أن يباركَ زواجنا وأن أكون لآدم معينًا نظيره في السّراء وفي الضَّراء.<br>
*<br>
في منزلِ الأسرة ، جلسنا في غرفةِ المعيشة، نشاهدُ التلفاز. أخبرني أبوه أنــّه يتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة لكونه خدمَ كسائق سيارة في الجيش التركي. لم يبدُ على ملامح أختهِ التي تصغرنا سنّا سوى الامتعاظ أمّا ملامحُ وجهِ أخيهِ الصغير فقد كانتْ مُحَايدة بل مُرَحِبَّة.<br>
راقبتُ البابَ المُقفلَ خلفي.<br>
لا بدَّ أن تأتي أمُّه في أيّة لحظة.<br>
ما أصعبَ اللقاء الأوّل بيننا.<br>
انتظرتُ طويلا. <br>
لم تأتِ.<br>
ظلَّ البابُ مُقفلا.<br>
- " ربّما هي متوعكة ". طمأنتُ نفسي.<br>
*<br>
في الصباح، وأنا أغسلُ وجهي، رأيتُها. <br>
وقفتْ خلفي بثوبها الفلسطينيّ الجميل، ومنديلها الأبيض. قالتْ:
<br>
- خذي (شرفيتك) وارجعي عند أمّك.<br>
دارتْ بي الدنيا.<br>
أحسستُ أنّ عصافيرَ كثيرة تهوي فوق رمل ٍحارقٍ بعدما أصابَتْها طلقاتُ صيّادٍ محترف.
تمالكتُ نفسي .<br>
هي معركة مفاهيم، أنا رضيتُ أن أدخلها، لذا لا بدّ أن استبسل في الدفاع عن قراراتي واختياراتي . أنا في مواجهة مع عقلياتٍ اعتادتْ أن تعيشَ وِفْقَ مفاهيم ومبادئ متوارثة. أيّ تغيير في مفاهيمها يشكلّ خطرًا على كينونتها وبقائها.<br>
= لماذا..؟!<br>
سألتها وأنا أشفقُ عليها من هذا الموقف الذي وقعتْ فيه دون إرادتها.<br>
على الفور أجابت:<br>
-أمّك تبكي .<br>
فهمتُ أنـّها متعاطفة كأمّ مع أمّي وربما في أعماقها تخشى على ابنها من المواجهة الدَّامية مع أهلي.<br>
برفق ٍ سألتها:<br>
= هل الزواج من ابنك كارثة..؟!<br>
- عودي لأمّك. هي تتألم لفراقك.<br>
= لو تزوجتُ رجلاً آخر غير آدم ستتألم أيضًا، ومع الوقت ستعتادُ فراقي.<br>
*
<br>
في صباح ِ اليوم الثاني، قررنا أن نغادرَ الحيّ كي نتفادى منازعاتٍ لا يُجدي الخوضُ فيها. <br>
هم لا يُدركون أنّنا لا نسعى لتغيير عاداتِ المجتمع، إنما اضطررنا أن نفرض اختيارنا على المجتمع كي نعيشَ بكرامة.<br>
*<br>
توجهنا إلى حيفا وقمنا باستئجار شقَّة مكونة من غرفة واحدة قرب الجامعة.
هكذا، بدأنا رحلة الشقاء:
<br>
نواصلُ تعليمنا الجامعيّ كي نحصل كلٌّ على شهادة. نعملُ معًا في مطعم قربَ الجامعة لنوفر لنا ما يكفل بقاءنا، ونحافظ ُ على أنفسنا من رصاصة طائشة قد تنطلق من مسدس أبي أو أيّ فرد من أفراد أسرتي.<br>
*
لقد قررنا أن نمشي في الشمس، حتــّى لو اضطررنا أن نجرَّ ظلــَّينا خلفنا. لن يعرفَ القلقُ طريقـَهُ إلى قلبينا، فنحنُ لا نضع شمسَ اليوم ِ تحتَ سحابِ الغدِ. ألم يكتبَ ماردن:
- إذا اردتَ أن تكونَ ناجحًا منتصرًا في حياتِكَ، يجب أن تنظر وتعمل وتفكِّر وتتكلم كفاتح ٍ، لا كمَنْ أوشكَ على الهزيمة.<br>
_____________________________<br>
9<br><br>
سألَ الممكنُ المستحيلَ أينَ تقيمُ فأجابَ:<br>
" في أحلام العاجز". <br>
شكرا للتجارب الحياتيّة التي نشلتني من قاع العجز والهزيمة، حررتني من الإحباط ، وسلـّحتني بالقوّة على المواجهة لتحقيق حلم حياتي. <br>
شكرًا للأشواك فقد علـّمتني الكثير...<br>
ها الأيام تسقط كحبّات السُّبحة ًحبّة فوقَ حبّة، يومًا بعد يوم. الطريق مظلم وحالك.
لكن، إن لم أحترق أنا وتحترق أنت فمن سينيرُ الطريق..؟!<br>
*<br>
سألني أحد الطلاب في الجامعة:
<br>
- ألا تخجلين من الإعلان عن عملك ..؟!<br>
= هل العمل عار..؟!
<br>
- لكن كلّ الفتيات الأخريات يخجلن من البوح بسرّ كهذا.<br>
= اعتدتُ ألا أخشى الحقائق. أنا أعمل الذي يقنعني ولا يتعارض مع مبدأ الأخلاق، ولا يهمّني رأيُ الآخرين في سلوكي فأنتَ مهما اجتهدتَ لن تُرضي الآخر. <br>
- لكنك فتاة جامعيّة وتعملين في مطعم..<br>
= نعم، أعمل في مسح الأرض والزجاج وإزالة الغبار عنِ الثريات وتلميعها ، ويعمل آدم في المطبخ، أهذا قصدك..؟! . ما العيب في ذلك..؟! العمل شرف، وما مِنْ عَار سوى العَار نفسه. <br>
*
<br>
كان لا بدّ لي ولآدم أن نبدأ من الصفر.<br>
عثرَ آدم على عمل آخر من خلال مكتب توظيف طلاب الجامعة. بدأ يعمل في تنظيف السيارات.
وعثرتُ على عمل آخر في مكتبة الجامعة . بدأتُ أقوم بجمع الكتب المبعثرة هنا وهناك وإعادتها إلى أمكانها على الرفوف في أوقات الفراغ ، كي نحيا بكرامة ولا نخور فيشمت منّا القاصي والداني.<br>
كان لا بدّ لنا أن نحترق.<br>
أمّا الحبّ المتبادل فقد ظلّ منارة ً تنيرُ لنا طريقنا.<br>
*<br>
ها أنا أصغي للمُحَاضِر بانتباهٍ وأُدَوِّنُ ما يروقُ لي من كلامه.
<br>
فجأة، يقتحمُ أبي الغرفة .<br>
فورًا، أتكوّرُ حولَ نفسي كقطة مريضة.<br>
أصبحَ ألمي استثنائيًا.
<br>
أحسُّ بزوغانٍ في عينيّ ودوارٍ شديد.<br>
أتأملُ قامتـــَهُ الفارهَة.<br>
دموعي تنسكبُ بحرقةٍ لاذعة.<br>
ها هو يقف كــَـ جــُــــلياتِ الجَبّارِ على الباب. <br>
نظراتــُـه الحاقدة تصْطِادُني.<br>
يدُهُ الغليظة تـــَــشــُــدُّني من خصلاتِ شعري وتجُرُّني خارج الغرفة ، بعيدا عن النظرات المُرتعبة.<br>
ألمحُ المسدسَ في الجيبِ الخلفي لبنطاله..<br>
سيقتلــُــــــني..<br>
حتمًا سيقتـــُــــــلــُــــــني..!<br>
...<br>
أنجدوني..<br>
صرختُ بأعلى صوتي..<br>
استفقتُ.<br><br>
قطراتُ العرقِ تتفصدُ من وجهي.<br>
ها آدم على السرير بالقرب مني.<br>
يحضنني برفق وهو يهمس بحنان:<br>
-لا تخافي أنا معكِ.<br>
كطفلة تاهت في الزُّحامِ وما أن عثرتْ على صدرِ أمّها حتى استكانتْ، أستكين.<br>
-الكابوس ذاته..!؟
<br>
= هو الكابوس ذاته، يتكرر كلّ ليلة منذ شهور.<br>
- الأفضل أن نستشيرَ طبيبا.<br>
= لا داعي لطبيب. إن لم أقوَ على الخوفِ بنفسي سيقوى عليّ.<br>
*<br>
رنّ الهاتفُ.<br>
كنّا نستمعُ إلى أخبار الثامنة مساء.<br>
لا أحد يعرفُ رقم هاتفنا. <br>
بحلقتُ بآدم، وقلبي يسألُ دون أن يجرؤَ على طرحِ السؤال علنـــًـا: <br>
= تراهُ أبي..؟!<br>
رفع آدم سماعة الهاتف.<br>
راح يتحدثُ مع مجهولٍ.<br>
كانَ التوترُ باد ٍعلى ملامحِ وجهِهِ.<br>
أعادَ السماعة مكانها.<br>
- مَنْ..؟!<br>
سألته بلهفة، فأجابَ ببرود ٍ مميت:<br>
= الشين بيت.<br>
- الأمن..؟!<br>
= نعم. شيروت بيتحون، أي الأمن.
<br>
- ماذا يريدون منّا. نحن لا نتدخل في الأمور السياسيَّة.<br>
= يريدونني في مكتبهم غدا صباحا.<br>
تفجّرت هذه الجملة كقنبلة بيننا.<br>
ترى ماذا يخبئ لنا الغد..!<br>
-----------------------<br>
10<br><br>
انتظِر ُعودته بتحرّق.<br>
"الانتظارُ صخبٌ مبعثه القلق". هكذا كتبَ رولان بارت وهكذا أشعر الآن.<br>
قلبي نحلة نزقة تقفز على أغصان الترقـّب. <br>
أتناولُ كتابًا لدرويش وأقرأ لعلـِّي أتخلـّص من هذا القلق.<br><br>
" وضعوا على فمه السلاسل<br>
ربطوا يديه بصخرةِ الموتى،<br>
و قالوا : أنت قاتل !<br>
<br>
أخذوا طعامَهُ و الملابس و البيارق
ورموه في زنزانة الموتى،<br>
وقالوا : أنت سارق !<br>
<br>
طردوه من كل المرافئ <br>
أخذوا حبيبته الصغيرة <br>
ثم قالوا : أنت لاجئ !<br><br>
يا دامي العينين والكفين !<br>
إنَّ الليل زائل<br>
لا غرفة التوقيف باقية<br>
و لا زرد السلاسل !<br><br>
نيرون مات ، ولم تمت روما ...<br>
بعينيها تقاتل !
<br>
وحبوب سنبلة تجف <br>
ستملأ الوادي سنابل .."<br>
*<br>
من قال إنَّ الحياة بدونِ تحديات، حياة لا يجب أن نحياها..؟! أحيانًا تكونُ التحدياتُ أكبر من طاقتنا على الإحتمال.<br>
آهٍ، سقراط ..!<br>
لو أنك تدركُ كمية التحديات التي واجهتها منذ الشهقة الأولى، لكنتَ تراجعت عن فكرتك.
تناولتُ الدُمية الرُّوسيَّة، دميتي المفضلة.<br>
رحتُ أحررُ دمية ً من جوفِ الأُخرى.<br>
كهذه الدمية هي الحياة.
<br>
كلما تمكـَّنتَ من دمية، تباغتــُـــكَ بدميةٍ أخرى إلى أن تنتهي اللعبة.<br>
أخيرًا، لمحتُ آدم.<br>
حين تغيّرتْ إشارة ُ المرور عبرَ الشَّارع.
<br>
صار القلقُ حصانًا جامحًا مستعص ٍعلى الترويضِ.<br>
أحسَسْتُ بالرَّهبة تغمرُ روحي وهو يتهالكُ فوقَ الأريكة.<br>
أشعلَ سيجارة من عقبِ أخرى وراحَ ينفثُ دخانَ سيجارته من حولي وهو يرتَشَفُ قلقي.<br>
لم أعد أقوى على الانتظار. رجمته بالسؤال:
<br>
- ماذا أرادوا منك.؟!<br>
= أن أعمل معهم.<br>
- تعمل معهم..!<br>
= قال الرجل: "عارٌ عليك أن تعمل في تنظيف السيارات وأنت شاب مثقف. تعاون معنا، نجد لك ولزوجتك عملا في سلك التدريس".<br>
- ألم تخبرهم أنك لم تعد تجد الوقت لممارسة أي نشاط سياسي..؟!<br>
= أخبرتهم. لكن الرجل قال:<br>
" لا نريدك أن تتخلى عن نشاطك، بل أن تبقى وسط الطلاب لتنقل لنا أخبارهم".<br>
- وماذا أجبته..؟!<br>
= قلتُ له: "أعمل في " الخَرَا ولا أحتاج الخَرَا." فجنّ جنونه وسألني: " يعني أنا الخَرَا..؟!"
<br>
أجبته: "هذا مثل."<br>
*<br>
لم تنتهِ ملاحقاتُ رجال الأمن لآدم. ظلّوا يتصلون بنا في البيت عازمينَ على إغوائه بالعمل معهم ، إلى أن أخبرَ آدم أحدَ الصحفيين بالأمرِ فكتب مقالا فضحَ فيه كلّ التفاصيل والأسماء، فكفوا عن مطاردتنا.<br>
*<br>
جارتي لا تجيد القراءة والكتابة، عرضُوا عليها العمل كمُدَرِّسة في سلك التعليم. ألا يكفي رضاهم عن زوجها الذي يتعاون معهم كي تصل إلى أرقى المناصب؟ طبعا، هم معنيون بمُدرّسين أُمِيين ينشرونَ الجهلَ في وسطنا العربي، كي نظلَّ في القمقم. وكما يُقال، على كل عربي في الداخل خمسة جواسيس عرب، كلّ منهم مستعد أن يبيع جاره أو قريبه أو حتى ابنه لأجل منصب مرموق.<br>
*<br>
انتهتِ السَّنة الدراسية الجامعية بعدَ رحلةِ بقاءٍ شاقة. حاولتُ أن أعثرَ على وظيفة في سلك التدريس، إلا أنّ أبواب وزارة المعارف كانت مغلقة في وجهي. قرأتُ اعلانا عن وظيفة شاغرة فهرعتُ أقابل مفتشة اللغة الانجليزية في حيفا. قابلتني بحفاوة فقد كانت في أَمَسِّ الحاجة لمن تقوم بتدريس اللغة الانجليزية بعدما اضطرتْ المُدَرِّسَة للتنازل عن وظيفتها بسبب إنجابها المُبَكِّر.
<br>
بعدما اطمأنَ قلبي إلى أن الوظيفة صارت مضمونة، قامت المفتشة باتصالٍ هاتفي. فجأة ، امتعظَ وجهُهَا. أعادتِ السماعةَ مكانها. ثمّ، اعتذرتْ عن عدمِ تمكنها من السَّماحِ لي بالتدريس.<br>
آهٍ أيتها الأبوابُ المغلقة، أين المفرّ..؟!<br>
هنالك وظيفة شاغرة في المدرسة الثانوية في الناصرة.<br>
توجهنا إلى الناصرة.<br>
أخيرا، حصلتُ على وظيفة..!<br>
فقد قام رئيس البلدية، المناضل توفيق زيّاد، بتوظيفي فورا، متحديًا كل التهديدات.
كان حظي أفضل من حظ الآخرين.<br>
ها مُدرّس علم الاجتماع يخبرني أنَّه حصل على الوظيفة بعدما قامت البلدية بتوظيفه دونما راتب إلى أن ربح القضية في المحكمة التي أعلنت أن ليس هنالك ما يمنع انخراطه في سلك التدريس، طالما المدرسة بحاجة إلى مُدرّس وهو حاصل على الشهادات المطلوبة.<br>
*<br>
مشوارُ الألفِ ميل، يبدأ بخطوة. <br>
ها نحنُ نخطو الخطوات الأولى فوقَ طريقِ الآلام، مُصِرِّينَ على حمل كل صليبٍ نضطرُ لحملِهِ لأجلِ استمرارية هذا (الزواج المختلط) المُدَان مُسبَقًا بالفشل من قِبــَــل أفرادِ المُجتمع والمدان بالازدهار من قِبـــَــلِ قلبينِ عاشقينِ يؤمنانِ أنَّ الحياةَ لا تُسَلِّم مفاتيحَها إلاَّ لمَنْ لا يخشَى التَّحَدي والمُوَاجَهَة.<br>
-----------------------<br>
11<br><br>
أذهلني هذا الحنين الذي أيقظني، أنا المُكتظَّة بالتَّحديات، المفخخة بالمواجهات. من قمقم العزلة حرّرني وسيّرني عائدة ًمن حيفا إلى الناصرة، كعودةِ الطيور المهاجرة. ها أنا لا أمشي إنّما كسنونوّة ٍ أطيرُ مُضَمَخَةً بالحُبِّ. أصافحُ (عَيْنَ العذراءِ)، أصافحُ أجراسَ (كنيسةِ البشارة)، أصافحُ الوجوه المُرهقة، والأَزِقّة التي أحفظُها عن ظهرِ حُبّ. في وضحِ النَّهار أسيرُ، أسيرة َ أشواقي. في وضحِ الحُبِّ أسيرُ، أسيرة َذكرياتي.<br>
كموجةٍ شاردةٍ أعودُ إلى بحري، هويتي وذاتي.<br>
يتقافزُ بينَ الحَنايا هذا القلبُ المرهق. يتلو عليّ تلك الومضة الشعريّة التي أعشقها للرائع عدنان الصائغ:<br><br>
" بعدَ قليلٍ .... <br>
أمرُّ <br>
<br>
أدفعُ الحياةَ أمامِي كعربةٍ فارغةٍ
وأهتفُ: أيها العابرون <br>
احذروا<br>
أن تصطدموا بأحلامي"<br><br>
*<br>
فجأة، لمحتُ سيارة َ أبي خلفنا بين السيارات التي اكتظَّ الزقاقُ بها.<br>
لا مفرّ أيتها الشقيّة.<br>
لا مفر..!!<br>
ما عليكِ إلا المواجهة مهما كان الثمن.!<br>
مرّت بنا سيارة يقودُها شابٌ. كان صوتُ المذياعِ صاخبًا.<br><br>
"وجهُكَ فاجأني كالأمطار<br>
في الصيفِ وهبَّ كما الإعصار<br>
والحبُّ فرار، والبُعدُ قرار<br>
وأنا لا أملكُ أن أختار"<br><br>
آه ٍ أيتها المناجل، أهكذا تسبقينني إلى السَّنابل..؟!<br>
" قلبُ المُحبِّ آمن، تدخله الشمسُ من كلّ الجهات."<br>
طمأنتُ نفسي بهذه المقولة وأنا أستمدُّ الشجاعة من آدم الذي سارَ بالقرب منّي وأخذ يحثـّـني على المواجهة.
<br>
اقتربتْ سيارة أبي منـّا، حمدتُ ربّي أنّه لم يكنْ لوحده فقد كان صديقُهُ معه.
انحنيتُ، وألقيتُ عليهما التحية عبرَ النافذة الأماميَّة للسيارة، من جهة صديقه. حدجني أبّي بنظرة حاقدة. لم ينبسْ ببنت شفة. الازدحامُ الكثيفُ للسَّياراتِ أمامه منعه كما منعني من الفرار. تابعَ قيادة السيارة. لحقتُ به وعدتُ فانحنيتُ وقلت:<br>
- كيفك يابا..؟!<br>
رقّ قلبُ (الياس) صديقه فتدخل على الفور:<br>
= يا رجل، هاي بنتك. الدمّ عمره ما بيصير مَيّ. رُدّ عليها .<br>
ثمّ، التفتَ نحونا وطلب منّا أن ندخل السيارة.<br>
دخلَ آدم وتبعته، وتبعتنا أشباحُ الحيرة.<br>
أخذ أبي يحدجنا بنظراتٍ غاضبة عبرَ المرآة الأماميّة للسيارة. ثمّ ،انهالَ علينا بالعتاب:
<br>
- ليه هربتوا..؟! أنا كان بدي أزوِّجكم بنفسي..<br>
تركناه يُفرغ كلّ ما في قلبه من أوجاع الذاكرة ونحن محتفظان بالصمت كملاذنا الآمن. توجهنا لبيت (الياس) وهناك أحضروا أميّ، ومعها حضرتْ الدموع ُ بكامل زخمها، ومعها حضرت الشُّموع التي أنارتْ عتمةَ أيامي، ومن هناك عدنا معهما لحضنِ العائلة، كسمكتينِ عاشقتينِ تعودانِ للبحرِ الذي لفظهما.<br>
-----------------------------------<br>
12<br><br>
" يجب أن تكونَ عندي مقبرة جاهزة لأدفنَ فيها أخطاءَ الآخرين. قد تصدأ قضبانُ الحياة، ولن تصدأَ إرادتي".<br>
هكذا رحتُ أقنعُ نفسي وأنا أنوي مغادرة حيفا والعودة للناصرة حيث تنتظرني سهامٌ كثيرة.<br>
*<br>
لم تستملني المادياتُ يومًا، فأنا الأنثى المعتنقة مبدأ:<br>
"خبزنا كفانا أعطنا اليوم".<br>
إعتدتُ أن "أمدَّ رجليّ على قدر لحافي"، كما يقول المثل الشعبيّ. دومًا اكتفيتُ بالقليل لأنّ سعادتي لم تـنبعْ ممّا في هذا العَالم من مُغرياتٍ وتَعَظـُّم ِ معيشة، إنـّما من تحقيقي لذاتي ، خاصّة ً وأنا أحيـــَـا مع شريكِ حياةٍ اخترتـُــهُ بكاملِ إرادتي. رفيقُ درب ٍ لم تلوّنْهُ الظروفُ التي واجهناها معًا، رغم قسوتها. ظلَّ متمسكـًا بذاتِ القِيَمِ، المفاهيم والمبادئ التي جعلتني متيّمة ً أزليّة ً لرجولة، فروسيّة، وشهامة ما لمستها بينَ معظمِ من اصطَدَمْتُ بهم من رجال، خاصّة ً هؤلاء الأدباءِ الذين يتشدقونَ بالمبادئ على ورقٍ ومِنْ على المنابر، ويتبرؤون منها خلفَ كواليسِ الحياة.<br>
*<br>
لم أهتمّْ للغدِ، فالغد يهتمُّ بما لنفسه. يكفي اليومَ شرّهُ. قرأتُ مقولة أعجبتني فاعتنقتها كمبدأ: <br>
"الأمس هو شيك تمَّ سحبه والغدُ هو شيك مُؤَجَلّ أمَّا الحَاضِرُ فهو السيولة الوحيدة المتوفرة لذلك أصْرِفْهَا بحكمة".<br>
*<br>
تملكتني حيرة ٌ مـُقـمَّـطة ٌ بالغضبِ وابنةُ عمّي تلدغني بسؤالها المسموم، وقد جاءت لزيارتنا في حيفا:<br>
- هذه الرفوف الخشبيّة، ستأتينَ بها للناصرة..!
<br>
فجأة، اقتحمتْ عبارةُ الأديب أنيس منصور أفكاري:<br>
" لا أعرفُ قواعدَ النجاح. ولكنّ أهمّ قاعدة للفشل هي إرضاء كلّ الناس".<br>
تأملتُ الثيابَ القليلة المُنَضَدَّة فوقَ تلك الرفوف. لم تنتابني نوبة خجل كما توقعتْ هي، كوني لا أملكُ خزانةً للثياب. كانَ مبدأُ إنهاءِ هذه السنة الدراسيّة الجامعيَّة، والحصول على شهادة، في قمّة سلم أولوياتي. ارتضيتُ بالقليل، بل بأقلّ من القليل لاحيَا، حتـّى أنَّني اعتدتُ أن أتبادلَ ارتداء ذات بنطال الجينز مع آدم دون أن يشعرَ أحدُنا بالحَرجِ مِنَ الآخر، بل بدفءِ المشاركة في الأمور الحَياتيّة.<br>
*<br>
أبرقَ وأرعدَ كلامُ أمّي عن ابنة عمّي، التي توجهتْ لأمي تطلبُ منها ثيابي، بعدما غادرتُ المنزلَ للارتباطِ بآدم. إعتصرَ الألمُ قلبَ أمّي وهي تخبرُهَا أنّي " على قيد الحياة "، وأنـّها يومًا ما ستعيدُ لي كلّ أَغراضي.<br>
*<br>
حدّقتُ في ملامح وجهها. تراءتْ لي كشرطيِّ مرورٍ، يهوى تسجيلَ المخالفاتِ للمارّة.
قررتُ أن أركلَ كلَّ ذكرياتي الأليمة مع هذه المرأة التي أزهرَ وجهُها وهي تتلهفُ لاصْطيادي في لحظةِ ضعفٍ إنسانِيّ.<br>
ببرود ٍ حادٍ أجبتها:
<br>
- بل، سأهديكِ هذهِ الرفوفَ، عزيزتي.<br>
*<br>
بعدما عدتُ لحضن العائلة، نهشتْ الغيرة ُ قلبَ تلك المرأة التي كانت تتمنى موتي. أخذتْ تنشرُ الأقاويلَ عنّي. لم يَرُقْ لها زياراتي المتكررة لأهلي فعزمتْ على طردي من بيتِ أبي.
وقفَ أبّي صامتًا كأبي الهول. <br>
كان يخشى سطوة هذه المرأة.<br>
صمتُ أمّي أدمَى قلبي.<br>
كيف لهذه الدمية أن تطردني من بيتِ أبي..!<br>
انتفضَ الدمُّ في عروقي. <br>
ذهبتْ كلُّ أوراقِ المبادئِ مع ريحِ تلك اللحظة المَوبوءَة.<br>
كانَ لا بدَّ أن أثأرَ لنفسي، لأمّي ولأبّي من سطوتها.<br>
أمسكتُها من خصلاتِ شعرِهَا وجررتُها خارجَ منزلِ أبي وأمّي.<br>
قامتها القصيرة ساعدتني على تنفيذِ المُهمَّة.<br>
أوصدتُ الباب بالمفتاح. <br>
جنَّ جنونُها، فهرعتْ تخبـّطُ بعُنف ٍعلى النافذة . <br>
كانَت المفاجأة قد شلّتِ الجميعُ عنِ الحركة. <br>
حينَ تأكدتْ أنّها لن تنشرَ الرُّعبَ في قلبِ والديَّ الصَّامِتَينِ صَمتَ القُبور، هرعتْ لعمّي تشكونا له، لكي يأتي بدوره فيبثّ الرعبَ في القلوبِ التي اعتادتِ الخنوعَ لجَبَرُوتِهِم.<br>
----------------------<br>
13<br><br>
في معركةِ الحياةِ الصامتة، تعلمتُ أن أكتشفَ الكنوزَ المُخَبَأة داخلَ كِيـــَــاني ، ولا أدَع الظروفَ مهمَا كانتْ قاهرَة، أنْ تكسرَنِي.<br>
الحياة محطاتٌ، منها القاسية ومنها السَّهلة وعليَّ أنْ أحتملَ كلَّ أنواعِ التَّجاربِ، فالتجربة التي لا تكسِرُني، تــُــــقـــَــوِّيــِــنِي، تصقلُ شخصيتي، وتــَـــبـــْــــنــــــِــــيـــــــنـــــِـي.<br>
على هذه الأرض ما يستحق الحياة، ونحن نحياها مرّة واحدة. لنا حريّةُ الاختيار في أن نحياها بفرح وابتهاج أو بؤس وتعاسة. أنا قررتُ أن أكون من فئة المبتهجين، لأن الفرح َ قوّةٌ. قررتُ أن أرفضَ كلَّ مطبـَّاتِ اليَأسِ التي تعترضُ طريقي، كي أحيَا بسلامٍ ، متصالحةً مع نفسي ومعَ الآخَـر. <br>
لن أنحنِي كما الأغصان لرياح النفاق الاجتماعي والغبن السياسي المتزايد في هذه الرقعة الصغيرة من الكَوْنِ والتي صارت تبدو كحلبةِ مصارعة بين فرسان وثيران ومتفرجين. هذا ما رحتُ أبتهلُ به في الغُرَفِ الجوفيـــَّـة لرُوحي، أمّا السؤال الذي ظلَّ عالقا في دماغي وأنا ألمسُ عوارضَ أزمةِ هُويّة في كيانِ كلّ من حولي ، فقد كانَ :
..... "من أنا".<br>
*
<br>
كانت إحدى الزميلات، تتحدث في غرفةِ المعلمين عن زيارتها للقاهرة.
غاصَ قلبي بين ضلوعي، وهي تتلوى متذمرًة من موقف إخوتنا المصرين حين سألها أحدهم عن قوميتها، فأجابت:<br>
" إسرائيلية ".<br>
أمّا مُدرِّسة ُ المدنيات، فقد اقتحمتْ غرفة المعلمين والنقاشُ محتدم حول الانتخابات في إسرائيل، واحتمال فوز نتنياهو. زمّت شفتيها وغادرتْ الغرفة وصدى صوتها يخذلني:
"لا يعنيني الموضوع، لا من قريب ولا من بعيد".<br>
*<br>
في إحدى زياراتنا لعمّان، ناولتنا موظفةُ الاستقبال بطاقات الوصول لتعبئة التفاصيل. احترتُ ماذا أكتب في خانة القومية. تركتها فارغة، فتناولت الموظفة ُ القلم وسجلت: "عرب 48"، وراحت تشكو من الفلسطينيين الذين يعتبرون أنفسهم إسرائيليين.
*<br>
تمّ استدعائي للمشاركة في أمسية شعرية في رام الله. منعني الحصارُ من دخول بلدة فلسطينيّة رغم أنـّي أحمل في دمـّي كريات دمّ فلسطينية.<br>
*<br>
في معبر طابة، تناولتُ بطاقة المغادرة لتعبئة التفاصيل. جمعتُ شتاتَ روحي وأنا أسجل في خانة القوميـّة وعلى بطاقتي وبطاقة آدم وابنتينا أمل وأحلام: "عرب 48."
تناولَ الضابط المصريّ قلمًا وشطبَ التعبير: "عرب 48"، وسجلّ على كلّ بطاقة:
"إسرائيلي".<br>
*<br>
قمتُ بإرسال ديواني: " قبل الاختناق بدمعة" لأحد اليهود المحاضرين في قسم اللغة العربية في إحدى جامعات البلاد كما أرسلته للعديد من الشخصيات المهتمة بالأدب من الوسط العَربيّ. دهشتُ حين وجدت منه رسالة، توقعتُ الحصول عليها من أحبّائي العرب الذين يقاسمونني وجع الانتماء لحضنٍ واحِدٍ، لكّن أحدًا منهم لم يكلف نفسه عناء الرد على رسالتي بكلمة تشجيع أو حتى تقريع..!<br>
فضضتُ الرسالة بلهفة. <br>
رحتُ أقرأ الإطراء الذي افتتح به رسالته وهو يعلن أنـّني شاعرة موهوبة لها بصمتها الأدبيَّة المُتَفَردَّة ، لكنه اختتم الرسالة بتنويهٍ طعنني في صميمِ كياني، فقد استنكر عليّ التعبير:<br>
" شاعرة فلسطينية " كما جاء في السَيرة الذاتية في الديوان وكانَ انتقادُه كالتالي:
- أنتم الأدباء عليكم مسؤولية بثّ روح التفاهم والتسامح والسلام<br>
.
*<br>
بينما كان آدم يمشي بثقة في بهو فندق في إيلات، هرعَ إليه رجلُ الأمن مرتعبًا وكأنَّ آدم "غرضٌ مشبوهٌ " متحرك. طلبَ منه الهُويَّة. كانت نظراتُهُ توحي أنّ آدم من "فصيلة – ب"، كما يطيبُ لهم تصنيفَ عرب الـ 48، وأنّ المكانَ ليس مكانه.
راح آدم يمطرُه ُبالتذمر .<br>
بإمتِعاظٍ، غادرنا الفندق الذي نزلنا فيه بسبب حصولي على بطاقة إقامة مجانيَّة من المدرسة. <br>
منذ تلك الحادثة، أسقطنا من حساباتنا الإقامة في أيّ فندق لليهود لأنّنا في نظرهِم: " حيفِتس حَشُود " أيّ : "غـَرض مشبوه بِهِ ".<br>
(غَرَض ) لا (كِيان) !<br>
*<br>
وقفنا نحن الأربعة، أنا وآدم وابنتينا، في باحةِ مُجَمَّع دكاكين في تل أبيب. كانت الباحة مكتظة بالذين ينوون الدخول. لم نفهم سبب هذا الازدحام إلا ونحن ننتظر دورنا للدخول ، فقد سمعنا تمتماتٌ تؤكد أن وزيرا يهوديا ما سيقوم بعد لحظات بزيارة المجمّع .
<br>
فجأة، اصطادتنا فتاةُ الأمن من بين كلّ الموجودين. طلبت بطاقة الهُويّة من آدم، وهي تنظرُ إليه كأنّه "قنبلة موقوتة".
<br>
ابنتي أمل، ذات الخمس سنوات، تشبثتْ ببنطالِ آدم وهي تتمتمُ مذعورة:<br>
- بابا لماذا نحن..؟!
<br>
التقطَ آدم المهتاجُ غضبًا سؤالَ أمل، وطرحه على فتاة الأمن:<br>
= تقدري تقولي لبنت عندها خمس سنوات، لماذا نحن..؟!<br>
أعادت له الهوية وهي تعلن بخطواتها المبتعدة عدم مبالاتها بأزمة الهويّة التي نعاني نحن الفلسطينيون منها، في بلد كُتبَ علينا أن نولدَ فيها، ونحيا هذا الصراع الدَّامي على ذاتِ بقعةِ الأرضِ حيثُ لا شئ يحرّكُ خيوطَ لعبةِ البقاءِ سوى منطقِ القـُــوَّة.<br>
*<br>
لا تستطيع فصل السَّلام عن الحرية، فلا يمكن لأحد أن ينعم بالسَّلام ما لم يكنْ حُرًا.
قرأتُ هذه المَقُولة، وخلدتُ للنوم.<br>
-----------------------------------------<br>
14<br><br>
الكتابة، هذا الوجعُ السرمديّ ، صارت لي بطاقة هوية أفتخر بها وأجدها وسيلة للبحث عن الذات فقد أتاحت لي المجال لطرح العديد من الأسئلة الوجوديّة:<br><br>
أما آنَ لي أن <br>
أُحَــرِّرَ مِن قارورةِ العطرِ <br>
... جسدي<br>
أحرَّر مِن توابيتِ القبيلةِ
<br>
... وَجَعِي <br>
أحرّرَ مِن مشنقة الغــَــبَن<br>
... عُنُقي<br>
ومِن مَرايا الوَهمِ <br>
... وجهي <br>
لأبحثَ عن صوتي<br>
في ثرثرةِ النَّوارسِ <br>
لأمواجِ البَحرِ <br>
وأرسمَ بطاقةَ كِيانِي<br>
في وشوشةِ الوَرَقِ <br>
لأموَاجِ الحِـبـــْـــــر ..؟!<br><br>
رحتُ أردد في الغرف الجوفيَّة لكيانِي أنّي:<br>
" لا أكتب كي أقاتل نيرون إنـّما أكتب كي أكون". <br>
لستُ طبيبة نفسية ولا باحثة اجتماعية لأقدمَ الحلولَ لمشاكلٍ حياتيَّة عاديَّة أو أزماتٍ مصيريةٍ مستعصيةٍ كأزمةِ: "فلسطين". ما أنا إلاّ كاميرا متجولة، تلتقطُ الصورَ وتلقي عليها الضوءَ بشكلٍ موضوعيٍّ دونَ أنْ تطرحَ الحلولَ. قراري في أيّ المشاهد ألتقط هو قرار اختياري ينبع من ملامحِ هُويتي الأدبيّة الملتزمة. <br>
رحتُ أطرح الحجارة الصغيرة في بئر ماءٍ راكدٍ، فتتولدُ الدوائرُ التي تحثُّ القارئَ على التفكيرِ في الأزمة المطروحة وفي حلولِها:<br><br>
"الى متى <br>
يظلّ الإنسانُ الصادقُ <br>
ضميرًا مستترًا<br>
وتظلّ الأقزامُ<br>
المشبّهة بالأفعال<br>
تنصب وترفع<br>
ما تشاء<br>
متى تشاء ..!"<br>
*<br>
أكتب لأن الكتابة هي التي انتقتني ولم أنتقيها.<br>
ولدتُ وولدتِ الكتابةُ معي من ذات الرّحم. رافقتني الرحلة منذ الشهقة الأولى. كانتِ العينَ الثالثةَ التي أرَى من خلالها الأحداثَ وأُقــَـــيّـــِم الشَّخصيات. كثيرا ما كنتُ أغبط نفسي على هذه النِّعمة لكونِها تمنحني الشعورَ اليقينيّ أنني شريكةٌ في عمليةِ الخلقِ لكنّ من فئةِ الإبداعِ، وأنّ الأمومةَ جزءٌ مِن كِياني الأدبّي، فالنصّ نصيّ وأنا المسئولةُ الأولى عن تفردِّه. هي عمليةٌ تشبه ولادة الأبناء، لكن لا مسؤولية للأم فيما يخصّ المولود البشريّ ، أمّا النصّ الأدبيّ فهو مسؤوليتي الأساسية وهو الجلاد الذي إمّا أن يجعلني أرتقي أو يأمر بنفيي من ساحة الإبداع.<br>
كثيرا ، ما أرهقتني الكتابة لكونها الظلّ الذي يأبى أن يفارقــَــنِي، أو النحلة التي تظلّ تطنُّ في رأسي، وأحيانا تــُـــؤرقني وترهقني وتسلبني الهدوء النفسي فأظلّ متحفزة متوترة إلى أن أتمخضَ النصَّ وأضعه في مذودِ الإبداع.
<br>
كثيرا، ما استيقظتُ على ومضةٍ جاهزةٍ أو فكرةٍ جاهزةٍ فكنتُ أسارعُ في تدوينِها قبلَ أنْ تتوهَ منِّي. <br>
كثيرا، ما داهمتني الكلماتُ في أوقاتٍ حرجة: وأنا أسوق السيارة أو وأنا أقومُ بتدريسِ طلابي في الثانويَّة أو وأنا في زيارة عائليَّة. كثيرا ما أحرجتني واضطرتني للانزواء جانبا لأكتب ما تمليه عليّ.<br>
كثيرًا ما ألقيتُ عليها يمينَ الطلاقِ ، فكنتُ أعتزلُ شهورًا عن الكتابة ، وكانت تطاردني وتقدّم لي شتّى الإغراءات الأدبيّة كي أعاودَ مُمَارسةِ هذا الجُنُون .<br>
بعد صيام ٍ طويل ِ الأمدِ عن الكتابة، صيامٌ يتخلله نهمٌ غريبٌ لالتهام الكتب فقد آمنتُ أنّ وراءَ كلّ أديبٍ جيّد، قارئٌ نهمٌ، تأتيني الكتابة ُ بلونٍ آخر من ألوانِ طيفِها، فتقعُ كلُّ أسوارُ الصَّدِّ بيني وبينها واستسلم طوعًا أو اضطرارًا للوحي الجديد المُبتكر.<br>
هنالك من يعتبر أنّ الكاتبَ الجيّدَ يجعلُكَ إمَّا تفكر أو تحلم، وأنا قررتُ أن أجعلَ قارئي يُفكِّر ويَحْلُم معًا. <br>
كلَّما حاولتُ اللغةَ ، كانتْ تباغتــــُـــــنــــِي باحتمالاتِها. كلّمَا منحتُهَا اهتمامًا، كانت تمنحني المزيدَ والمزيدَ من المفاجآتِ اللغويّة كالصُّـور الشعريّة والعبارتِ المبتكرة كعبارة: <br>
" أحبّك بالثلاثة" أو عبارة: "العاشرة ُ عشقًا"، أو " آتيكَ راضية ً مرضيّةً " أو " في الثانية عشرة من منتصفِ الحُلم" وغيرها الكثير من العبارات التي طاب لي أن أسميها بيني وبين نفسي: <br>
" عباراتٌ حياتيّة " أيّ أنّها تخُصُّنِي أنا... حَياة.<br>
*<br>
الكتابة فعلُ ارتقاء، والكتابة فعل بقاء. هي جنوني كما أنا جنونُ حبيبي.
قالوا :<br>
"إذا أردت أنْ تعرفَ شعباً اذهب إلى فنونه". <br>
على مرِّ العصورِ، ظلَّ الشعرُ يزوّدُ المجتمعَ الإنساني بمعنى الوجود، والقدرة على لمسِ جوهرِ الحَيَاة.<br>
أصبحتْ الكتابةُ من أحدِ المُكَوِّنَاتِ الأساسيَّةِ للهُويَّةِ الحَضَاريَة لكلِّ أُمَّة:
" الكتابة جوهرٌ نصيٌّ للذاكرة المشتركة، الخيال، الأحلام، والقِيــَـم التي تخلقُ حضارةً ما وتجعلُها متفردَّة ".<br>
صرتُ أعجبُ كيف يمكنُ للبشرِ أنْ يمرُّوا في هذهِ الحياة دونَ أن يقرؤوا كتابًا..؟! أليستْ المطالعة نعمة خصّنا بها الخالق عن دون المخلوقات؟ لا أستطيع أن أتخيل الحياةَ دونَ كُتبٍ، كما لا أستطيع أن أتخيَّلها جميلة لو خَلَتْ مِنَ البِحَارِ والأشجارِ والطيورِ، ولا أستطيع أن أتخيَّلها أحاديةَ اللونِ، فما أجملَ فكرةَ تَعَدُدِّ الألوانِ.<br>
*<br>
الكتابةُ هي أداة ُ البَحْثِ في التَّجربةِ الإنسانيَّة وهي تمنحُنَا الفرصةَ لنعيدَ اختراعَ الحياةِ ونغيّرها وقد يصلُ التغييرُ على ورقٍ لدرجةِ تزويرِ الحقائقِ، ففي لحظةِ الإشراقةِ الأدبيّةِ:<br>
كلُّ شيءٍ جَائــــِز.<br>
النهرُ يتدفقُ بحُريَّة .<br>
لا مجال لكبحه أو تحديد مساره.
حتّى الأديب نفسه، يصابُ بالذهولِ مِنَ النَّصِ النِّهائيّ الذي يُولَد بعد كلِّ عمليةِ خلقٍ للكلماتِ تبدأُ بفكرة أو ومضَة أو صورة شعريّة أو بذرة صغيرة لا تلبث أن تنمو فتصبح شجرة وارفة.<br>
تأتي لحظةُ "الإشراقةِ الأدبيّةِ" كما البرق، دون أن تخطط لها، دون أن تعرف متى وأين، دون أن تستأذنك. تصبح أنت عينــًا ثالثة حساسّة تدأب على التقاط كل تفاصيل الحياة كالأحداث والصور والأقوال والأفعال. تخزّن في الذاكرة أنماطًا من الشخصياتِ. تقرأُ ، وتلتقطُ مِنْ كُلِّ مجالٍ القليلَ مِنَ المعلوماتِ او الخبراتِ الحياتيّة لتـُــغني مجالَ المعرفة لديك. حين يتكاثفُ كلُّ هذا المخزون، تمطرُ كما السُحُب المشبعة، لكنْ حروفــًا على ورق. تتحوّلُ الصورُ التي التقطتها من الطبيعة، لصورٍ شعريّة. تتجسدُ الشخصياتُ التي خزَّنتها في الذَّاكِرَة، كشخصيات ٍ أدبيّة تسيّرها حبكة ُ القصة أو الرواية.<br>
يتساءلُ الروائيُ انطونيو تابوكي:<br>
"ما الإلهام حقا..!؟"<br>
فيقول:<br>
" إنه ذلك الصوت، الذي هو أنا بطبيعة الحال، لأني معتاد على التخاطب مع نفسي بصمت، وبجمل حقيقية كاملة. تكون المسألة في البداية أشبه بحلقة كهربائية مقفلة. ثم يبدأ التحوّل والانقسام، او حتى الفصام، بيني وبيني. فيروح هذا الصوت الداخلي، صوتُ الشخصية، يرتدي نبرة ً ليست تماما نبرتي، كأنه صوتي وليس صوتي في الوقت نفسه. إنَّهُ نوعٌ مِنَ السكيزوفرينيا غير المؤذية ويجب أن أتفاوض مع هذا الصوت وأن أخلقَ مسافةً بيني وبينه لكي أفسحَ له أن يتكوّنَ بمعزلٍ عنِّي. <br>
آنذاك، عندما أتيحُ لهذا التَّمَيُز أو لهذهِ المُفَاضَلَة أن يتجسدَا، تنفتحُ الحلقةُ وتتحولُ مسرحًا.<br>
ثم، أشرعُ أستضيفُ تدريجيًّا على خشبةِ هذا المسرح أصواتـًا أخرَى، من كلِّ نوعٍ ولونٍ، فتنطلق القصةُ. <br>
أجعلُ هذا بَحَّارًا. أُلبــِسُ ذاكَ معطفـًا جلديـًّا. أدبّر للثالث زوجة، وهكذا دواليك: تقعُ الأصواتُ على الورقة وتبدأُ الرواية."<br>
*<br>
قد يتهمُنِي البعضُ بالنرجسيّة، هذه التهمة التي وُصِم بها الأدباءُ على مرِّ العصورِ.
لمَ لا..؟!<br>
إن لم يدهشني النصّ الذي أكتبُ ، أنا قبلَ قارئي، كيفَ أضمنُ أن يلمسَ قلبه ويصله وهو في كاملِ اللهفة للغوصِ في المحيطاتِ التي أُقَدِّمُهَا لهُ..؟!<br><br>
" شاعِرَة ٌ <br>
مَاهِرَة ٌ، مَاكِرَة ٌ <br>
مَنْ يَجدُهَا..؟!<br>
ثمَنُهَا يَفـُوُقُ اللآلِئِ <br>
كـُلـَّهَا.<br>
بـِهَا يَثِقُ قلبُ قارئِهَا.<br>
لـَهُ .. <br>
لا تصْنـَعُ إلاّ<br>
الدَّهْشَة َوالبَهْجَة.<br>
هِيَ.. كـَسُفـُن ِ التـَّاجـِر ِ،<br>
مِنْ بَعْيدٍ..<br>
تـَجْـلِبُ رُؤَاهَا.<br>
تـَقـُومُ، إذِ الغـَسَقُ قـَريبٌ<br>
تـَتـَأَمَلُ الأ فـُقْ.<br>
ثمَّ، تـَمـُدُّ يَدَيْهَا إلى المِغـْزَل ِ<br>
وَتـَنـْـسِجُ...<br>
مِنْ حَرير ِ الحُلـُم ِ .. <br>
قـَصَائِدَهَا.<br>
لا تـَخـْشـَى بَرْقـًا وَلا رَعْدَا،<br>
فـَقـَصْرُهَا مُؤَسَّسٌ عَلى .. الأَلـَقْ.<br>
يَقـُوُمُ قـُرَّاؤُهَا ..<br>
وَيُطـَوِّبُونـَهَا،<br>
النـُّـقـَادُ .. <br>
فـَيـَمْدَحُونـَهَا.<br>
*<br>
كـَثيرَاتٌ ..<br>
حَاوَلـْنَ اللـُّغـَةَ<br>
نـَثـْرًا وَشِعْرَا<br>
أَمـَّا أنــَا..<br>
العَارفة ُ سِرَّ<br>
رَحِيــِق ِ الزَّهْرَة..<br>
فـَفــُـقــْـتُهُنَّ جَمِيعًا"<br>
*<br>
منذ نعومة حبري، اعتنقتُ مبدأ:<br>
" اللسّانُ الذي<br>
لا يستطيعُ<br>
أن يقول: لااااا...<br>
ليس لسانَ<br>
إنسان ٍ"<br>
والأديبُ هو لسانُ الأمّة وضميرُها، لذلك:<br><br>
" <br>
النصُّ الجيّدُ
لا يصنعه إلا<br>
صعلوكٌ صغير"<br><br>
وكما يقول المثلُ الأسبانيُ القديم: <br>
" لا تقترب من العظماء كي لا تصاب بالخيبة..!"<br>
فالعديد مِنَ الأصواتِ تجيدُ فنَّ التنازلاتِ والمجاملاتِ وتضمنُ للأديبِ الانتهازيِّ فرصةَ الوصولِ إلى المنابرِ والى بــُــقَعِ الضَّوءِ السَّاطعة، والكاميراتِ التي تجيدُ التقاطَ الوجوه المطلية بالألوان والمختفية خلف أقنعةِ النفاقِ الاجتماعيِّ والأدبيّ. ويظلُّ هؤلاءِ الانتهازيون يتشدقونَ بالمبادئِ والقِيَم، غير آبهينَ بالطرقِ الملتويَّة التي رفعتهُم لأبراجِ المجدِ الوَهميِّ الزائفِ الذي لن يسجلَه التاريخ، بل سيودي بهم وبما كتبوا إلى مزابلِ التَّاريخ.<br>
*<br>
أحيانا تتجسدُ الكتابة في خيالي كأنثى ،أسمعُ أنينَهَا: <br>
أما كفانا مجاملة للأسماء الصدّاحة التي نجدها ونقرؤها في كل مكان، وتستقطبُ اهتماماتِ النُّقادِ والكُتَّابِ بإستمرارٍ، بينما نتجاهلُ مواهبَ واعدة نظيفة وصادقة ، لا بد ستحمل في يوم ما مسؤولية الكلمة التي أردناها شريفة ونظيفة وواعية.
كم ديوانُ شعرٍ نزفتُ وكم قصة قصيرة ورواية كتبتُ، ولم أحظَّ بلفتةٍ تليقُ بي كأديبة، شاعرة أو روائيّة.<br>
لماذا..؟ <br>
لأنّني لا أساوم على كرامتي كالأخريات.<br>
الغالبية الساحقة ممَّنْ يحترفنَ الكتابة حصلنَ على "جائزة التفَرُّغ السنوية" التي تقدمها الدولة كتكريم للأديب على مستواه الأدبي وتتيح له فرصة التفرغ للكتابة، إلا أنا وثلة من الأدباء الأنـقياء الذين لا يساومون على كرامتهم ، والذين بدأوا يقيـّمونها لا كجائزة: "إبداع"، إنما كجائزة :" إقلاع" ، فما أن يحصل أحدهم (أو إحداهن) على الجائزة التي يقدّم في سبيلها شتّى التنازلات، ويُجْري في سبيلها شتَّى الاتصالات، ويقيمُ شتَّى العلاقات، حتّى يختفي عن الساحة الأدبيّة.
مع الرّيح يذهب، كأنّ أديبــًا لم يكن..!<br>
*<br>
رحتُ أصعد السلم درجة درجة، وأنا أواسي نفسي أنَّ الذين يتسلقونَ إلى القمّة فجأة، لا بدّ أن يهبطوا فجأة. <br>
ما من أديبٍ وُلدَ في القمّة. كلّنا نخطو في رحلةِ الإبداعِ خطوةً خطوةً ، والبقاءُ للذي يخطُوها بثقة لا تدع له المجالَ للسقوطِ ، مع أنّ الفشلَ هو مجموعة التجارب الحياتيَّة التي تَسْبـــِقُ النجاحَ، إلا أنّ الفشلَ في ساحةِ الإبداع، قد يطرحُ الأديبَ خارجَ حلبةِ التـــَّنافس. <br>
*
<br>
لم يأتِ تقيمي كأديبة من أيّ ناقدٍ لكوني لا أعتنقُ المجاملاتِ السخيفة. تقييمي الموضوعي، جاء دومًا من عددِ قــُـرَّائِي الذي زادَ على الألفِ قارئٍ لكلِّ نصٍّ أدبيٍّ يظهر على الشبكة العنكبوتيّة.<br>
تقول الأديبة (هيفاء بيطار) في مجموعتها القصصيّة التي تحمل ذات العنوان:
"يكفي أن يحبّك قلب واحد لتعيش"،<br>
ومن وحي هذه الأديبة الجميلة بدأتُ أقول: <br>
"يكفي أن يحبـَّني قارئٌ واحد ٌلكي أكتبَ وأكتب".<br>
يقال: <br>
" لا نبيّ في وطنه".<br>
وأقول:<br>
" تقيمي الحقيقي الموضوعي يأتي من قارئي لا من النـُّـــقاد الذين اعتادُوا المجاملاتِ، والنظرِ إلى ماكياجِ الأديبة بدل نصِّها، وربما الصفقات الماديّة الخفاشيّة المتداولة:
(أكتب عنّي، وحدّد الرقم الذي تشاء على ورقة الشيكات أو المنصب المرموق الذي تشاء).
أليستْ هذه الأوضاع غير الموضوعيّة والتي تسمحُ للأقزام ِبالارتقاءِ الوهميّ، هي ما يمنعُ أمّةً عريقةً كأمَّتــِـنـــــَا أنْ تصلَ إلى الجَوائزِ العَالميّة كجائزةِ نوبل للأدب، وتبقى العديدُ من الأصواتِ المُبدعَة بحقٍّ مطمورة ً في طينِ التَّجاهلِ المُتَعَمَّد..؟
دوما شعرتُ أنّي في حلبةِ سباقٍ. أسيرُ ببطءِ السثلحُفاةِ، وتمرُّ بي قوافلٌ منَ الأرانبِ السريعةِ العَدْوِ، الوُصُوليَّة، الإنتهازيَّة. مع هذا، أظلُّ أسيرُ الهُوَينَى فالعبرة لمَنْ يــصِلُ الهدفَ:<br>
وهدفي أنا، كان وسيبقى، أن أتركَ ولو بـَــصْمَة ذات قيمة على رقعةِ الإبداعِ وأكونَ خيطــًا ولو صغيرًا لكِنْ مُتـــَــفـــــَردًا في نسيج ِالكتابةِ الإبداعيةِ العالميّة.<br>
-----------------------------------<br>
15<br><br>
أمرتنا فتاة ُ الأمنِ بالانتظار خلفَ الحاجزِ وراحَ الشاب الواقفُ بالقربِ منها يحدج كلّ مَنْ في سيارتنا بالنظراتِ المُترَبِصَّة من خلف الزجاج الأسود لنظارته الشَّمسية ومن خلف زجاج الناظور.<br>
ككُلِّ مرّة نعبرُ بها الحدودَ من طابة المصرية إلى بيوتنا أتساءل:
"ما الذي ينظر إليه هذا الشاب..؟ تراه ينظرُ إلى ملامحنا إن كانت تشي أننا فلسطينيون، أم أنّه يحتاج أن يقرر إن كنّا مواطنين صالحين حسب المفهوم الإسرائيلي، فالمواطن الفلسطيني الصَّالح أو مَنْ حمل لقب "عرب 48" هو ذلك المواطن الأبكم أخرس أعمى.<br>
أم أنّه يتفحصُّ هويتنا من ثيابنا، فالمرأة المُحَجبّة خطرٌ على أمن الدولة، وكذلك الحامل لأنّ حملَهَا قد يكون خدعة كما حصلَ مرّة مع أختِ زوجي الحَامل فاقتادوها إلى غرفةٍ خاصة للتأكدِ من كونِها فعلا حاملا.<br>
اقتربتْ الفتاةُ بزيِّ الجنديّة منّا لتسألَ إن كنَّا نجيدُ العبرية كي تبدأ بالتحقيقِ معنا وعيناها تتنقلان من فرد إلى آخر وهي تطرحُ السؤالَ تلوَ السؤالِ وجوابُ النَّفي ذاتِهِ يتكررُ معَ كلِّ سؤال:<br>
"هل قابلتم أحدا، تكلمتم مع أحد، سمحتم لأحد أن يكون معكم في السيارة، أعطاكم أحد هدية لإيصالها لإسرائيل، معكم سلاح أو لعبة على شكل سلاح؟ هل كانت السيارة في كراج، هل اقتُحِمَت السيارة بهدف السرقة، هل قام أحد بترتيب حقيبة سفركم...".
طلبتْ منّا أن نترجلَ فنقوم بنقلِ جميعِ حاجياتنا إلى صناديق بلاستيكيّة كبيرة. أمطرَهَا آدم بموجة غضب لكنّها حتما لن تفلح في إنقاذنا من جحيم المرور عبرَ الحاجز الكهربائي وتمرير كلّ حاجياتنا على الآلة الفاحصة وكلّ المفاجآت التي تنتظرنا.
قام الحاجز الكهربائي بإصدار طنينٍ متتابعٍ حادٍّ حينَ مررتُ من خلاله.<br>
أمطرتني فتاة ُ الأمن ِ بنظراتٍ حاقدة كأنها تتهمني أني (قنبلة موقوتة).
<br>
أشرتُ إلى إسوارة ذهبيَّة صارت بعدَ الحمل والولادة أصغر من حجم يدي. <br>
حاولتُ أن أتخلَّص منها لكن هيهات.<br>
نادتْ الفتاة على رجلِ أمنٍ أعلى رتبة منها فحدجني بنظرة ثاقبة وأومأ لها أن تأخذني إلى غرفة صغيرة جدا عن يميننا، ما لبثت الفتاة أن اقتادتني إليها . ساورتني مشاعرُ الخجل في أن تطلبَ منـّي خلع ملابسي. شعرتُ بارتياح لأنَّها لم تفعلْ. أخذتْ تمرِّرُ ذلكَ القضيبِ الكهربائيّ فوقَ جسدي وفجأة سألتني:
<br>
- معك سلاح! <br>
= لا.<br>
عادتْ تمرِّرُهُ فوق جسدي. وأنا اتأففُ وأتلوّى سرّا ولا أجرؤ على التفوهِ بكلمة كي تُعتقني سريعًا من هذا الجحيم.<br>
فجأة، طعنتني بسؤالٍ وذلك القضيب الأسود يتوقفُ قربَ خاصرتني اليُمنى، وكأنّها باغتتني:
- ماذا يوجد هنا.؟!<br>
= لا شئ.<br>
احتفظتُ برباطةِ جأشي وهي تتابعُ تمريرَ ذلكَ القضيب ِالأسود فوق كلّ خلية من خلايا جسدي.
أخيرًا، حررتني. <br>
كان آدم يمطرهم بوابلٍ من التذمرّ وابنتيّ تعلنان صمتًا عن اشمئزازهما من الموقفِ المتكررِ كلّما عبرنا حاجزًا أمنيّا.<br>
كان يقولُ بامتعاظٍ: <br>
= دومًا تعلنونَ لنا أنَّنا مواطنون من الدرجةِ الثالثة ..! <br>
طلبَ منه الشاب المرتدي زيّ جندي أن يباشرَ بوضع الحقيبتين وبقيةِ الحاجياتِ فوقَ الشريطِ الكهربائي المُتحرك. مرّت حقيبة ُ ابنتيَّ بسلام ثمَّ مرّتْ الحقيبةُ الحمراءُ الكبيرة والتي أحتفظُ فيها بحاجياتي وحاجيات آدم. <br>
فجأة، ترك الشاب شاشةَ المُراقبة أمامه وهرعَ إلى الحقيبة الحمراء التي استقرتْ في قبضة يدي. <br>
بادرني بسؤالٍ فيه نبرةُ تخويفٍ:
<br>
- أنتِ قمتي بترتيب حاجيات هذي الحقيبة..؟!<br>
كانت التمثيلية الفاتنة أنْ يُوقعَنِي أسيرةَ الرُّعبِ وكأنـّه اكتشفَ شيئا داخلَ الحقيبة يهددُّ أمنَ الدولة.<br>
ببرود أجبتُ:<br>
= نعم أنا. افتَحْها وتأكدْ بنفسك أنها ليست ملغومة."
<br>
- متأكدة.<br>
= ألمْ تمرّ الحقيبة أمامَ كاميراتكم؟ هل وجدتَ فيها شيئــًـا؟<br>
- فيها سِلاح..؟!<br>
= عن أيِّ سلاحٍ تتحدث...؟!<br>
نحن كنـــَّـا في رحلةِ استجمامٍ وأنتم أفسدتم علينا استجمامنا.<br>
لمحتُ خلفه رفوفًا عليها أوراق للشكوى، تعلنُ عن ديمقراطيةِ الدولة لكلّ عابرِ حدود.
خطرتْ على بالي فكرة، فهرعتُ أقول:<br>
= حسنــًــا، هاتِ ورقة الشكوى تلك من على الرّف خلفك، أريد أن أقدّم شكوى.
لم ينبسْ ببنتِ شفة ولم يأبه لنغمةِ التهديدِ في كلامي.<br>
نظر إليّ بتهكمٍ كأنّي نحلة تتحَدَّى أسَدًا.<br>
كنتُ منفعلة ً وأحسستُ أنّني أكادُ أختنق، لكنَّ لسانَ حالي كان يقول:<br>
" لمن نشكو سَارقَ الكرمِ، ألِلسّارقِ ذاتِهِ..! ". <br>
هرعَ إلينا موظفٌ آخر أعلنَ بصَرامَة:<br>
- خذوا الحقيبتين وانتظروا في الصَّالة ريثما يتمُّ فحص السَّيارة.<br>
*<br>
جلسنا في الصالة ننتظر، وأعيننا تراقبُ اليهود يعبرون عائدين بسياراتهم " للوطن" كما تعبر العصافير من مكان لآخر دونما معوّقات، بينما نحن عالقون في هذه الصالة كأننا قنابل بشرية موقوتة مُتَحَركَة. كلّ حركة محسوبة علينا. إن اتجهنا لرمي شيء ما في سلة القاذورات تهرع إحدى فتيات الأمن لفحصِ السَّلة، وإن اتجهنا للمراحيض تلحق بنا وتتفحَّص كلَّ زاوية في المكان، وإن خرجنا للشرفة تطاردُنا نظراتُهَا وتتربَصُ بكلّ حركة نأتي بها. ثمّ ، تأتي لتتأكد من سلامة المكان.<br>
قررنا أن نمتنعَ عن الحَرَكة فجلسنا نشاهدُ التلفاز ونحن نتمتعُ ببرودةِ المكيّف الهوائيّ، ونشربُ عصيرَ برتقالٍ طازج اشتريناه من مَقصفٍ لرجلٍ يهوديّ. بدأتْ النشرة الإخباريَّة بخبرٍ عاجلٍ اقترنَ بصُوَرٍ حيّة من مكانِ الحَدَث.<br>
ها أطفالٌ يُطلقونَ ستة آلاف طائرة ٍ ورقيــّة عَــبَّرُوا من خلالِها عن حرمانهم من الحُـريـّة داخلَ قفصِ عصافيرٍ كبيرٍ اسمُه:"غزّة"ِ، وما أكثر أقفاص السلطة الفلسطينيّة.
ها هم يُعبّرونَ عن مأساةِ شعبٍ محاصرٍ بالحواجزِ الأمنيَّة ونصف رجاله بل أكثر أسرَى في المعتقلات الإسرائيلية.<br>
ها أطفالُ غزة بطائراتهم الورقية يحصلون على رقم قياسي في كتابِ "جينيس".
يا للسخرية المريرة!!<br>
يا للسياسات المُزرية!!<br>
شعبٌ محاصرٌ لا يجد منفذا للهواء والماء وكسرةِ خــُبز يشغله أن يُدوَّنَ اسمُهُ في كتاب جينيس ؟!<br>
*<br>
ها أنا أشهقُ وأزفرُ وأطلقُ مليونَ صرخة:<br>
" آخ يـــَا زمن ".<br>
*<br>
وصلنا البيت في منتصف الليل منهكين من سفر ساعات. أغلقنا النوافذ وأسدلنا الستائر وخلدنا للنوم.<br>
في تمام الساعة الثالثة فجرًا، سمعنا خبطًا على باب المنزل كأنّ أحدا يقرعُ طبولَ الحرب.<br>
شقّ صوتٌ عتمة ُتلك الليلة:<br>
- إفتخِ الباب. إ فْ تَ خِ الباب..!!<br>
فتحنا البابَ فإذا بعدد من أفراد رجال الأمن برفقة قوَّة من الشرطة داهمتِ المنزل لتنفيذِ أمرِ اعتقالِ آدم مُدَّعين أنَّ الاعتقال يأتي لأسباب أمنية.<br>
_________________________<br>
<br>
المشهد الثالث
(حَوَّاء)<br>
1<br><br>
هربتُ من حصار نظرات رفيقاتي وأنا أبتلعُ دموعًا تعوَّدتُ طعمها المرّ منذ ذلك الفـِراق الأسطوريّ بيني وآدم. لم أتمكن من جمع شتات حلمي وأنا أسترخي تحت شجرة الزيتون
الوارفة في حديقة دير الراهبات، فقد تناهَتْ لسمعي كلماتُ أغنيةٍ من مذياع سيارة توقــَّفَتْ خلفَ سور الحديقة.<br>
أحسستُ روحي كحبّاتِ رمّان ٍ تنفرطُ حبّة ً حبّة فوق العشب الأخضر مع كلمات الأغنية:<br><br>
"ليش الحبّ الأوّل<br>
ما بيرضى يفارقنا<br>
بيرجع من الأول<br>
<br>
على الماضي يفيــِّقـنــا..!؟<br><br>
نكبر مهما كبرنا<br>
بيرَجَّعنا صغار<br>
بيصير يذكِّرنا<br>
يرمينا بالنار<br>
وبنارُه بيحرقنا.. بيحرقنا.."<br><br>
ارتفعَ هديرُ موتور السيارة. تداخلَ مع الكلماتِ التي راحت تخبو شيئا فشيئـًا، وتغيبُ مع غيابِ شمس هذا المساء:<br>
" صوت في هَــ الليالي من الماضي بيندَه لي<br>
بيسرقني من حالي، من بيتي، من أهلي..."<br>
*<br>
لقد قررتُ أن أستأصلَ الحبَّ من ذاكرتي، بعدما أضناني البحثُ عن آدم. توجهتُ إلى رئيسة دير الراهبات وتوسلتُ إليها أن تأذنَ بانتمائي لهنّ فضمتني إلى صدرها بحنان وراحتْ تمسِّد شعري بأناملها الرشيقة وهي تستمع لقصة ذلك الفراق الأسطوريّ عن آدم. ثمّ، ناولتني الكتاب المقدس وهي ترنو إليّ بأمومة قائلة: <br>
- ماذا ينتفعُ الإنسان لو ربحَ العالمَ كلّه وخسرَ نفسه.<br>
*<br>
قررتُ أن أشيّعَ الذاكرة إلى مثواها الأخير كي أحيا دونما أوجاع، لكنّها ظلـّت تطاردني بأشباحها المتمردة كلـّما خلوتُ إلى نفسي. كانت ذاكرتي وآدم المنّ والسلوى الذَيـْنِ كانا غذائي وعزائي كلّما نسجتْ عناكبُ الوحدة خيوطها من حولي .<br>
اعتدتُ أن ألجأ لشجرة الزيتون هذي حين أحتاجُ أن أحلم. أسترخي تحت أذرعها الحنونة فتؤرجني الذكريات. أستدعي آدم، فيتجسدُ أمامي. يضمُّني إليه. يعاتبني على تلك الغيرة الأنثويّة السقيمة التي أودت بنا إلى هذا الفِراق اللعين.<br>
أتابعُ تفكيكَ الصور المُركبّة المخزونة في الذاكرة، وأعيدُ تركيبها كما أشاء. أتفنن بإزالة ِ الغبار عن أوراق ِالأحداث. أدمنتُ الابتهال كي ألجمَ خيولَ الحنين ِ من الانفلات في براري الشوّق. أدمنتُ قراءة الكتاب المقدّس الذي وجدتُ فيه عزائي الرّوحيّ
.<br>
*<br>
كم سنة مرّت وأنا أنتظرُ معجزة تأتيني بآدم..؟!<br>
شعري الشائب يشهدُ على طول انتظاري.
<br>
دموعي التي لا تنفكّ عن الانسكاب ِ تشهد على حُرقة ِ انتظاري.<br>
-آدم، حبيبي أين أنت..!؟<br>
انطلقتْ من صدري هذي الصرخة.<br>
شقَّت سكونَ المساء.<br>
تداخلتْ معَ قرعِ أجراسِ المكان.<br>
حملها نسيمُ المساءِ بعيدًا بعيدًا..<br>
خلفَ أسوار دير الراهبات..<br>
خلفَ التلال..<br>
خلف البحار..<br>
خلف قضبان الذاكرة..<br>
وبقيتُ وحدي.. <br>
عالقة هنا كحبّةِ تفاحٍ خضراء أخيرة على شجرة الصّبر. <br>
_____________________<br>
2<br><br>
رأيتُ رجالا كالخفافيش يطاردون آدم، يقبضون عليه. يحتجزونه داخل غرفة ضيقة.<br>
تمتدُّ أناملٌ كثيرة حول عنقه.<br>
تضغط.<br>
يصرخ.<br>
تضغط بشدّة. <br>
يصرخ من قحف رأسه.<br>
استيقظ. <br>
قطرات العرق تتفصد من كل خلية في وجهي.<br>
ألهثُ بإعياء.<br>
أبحلقُ في السرير المجاور لي.<br>
أختي تريز نائمة، ربما تحلم بالملائكة وتهتف في سرّها: "يوم الربّ قريب". <br>
حدّقتُ في الآية المصلوبة على الحائط فوق رأسها:<br>
<br>
(في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا: أنا قد غلبت العالم. يوحنا 16: 33)<br><br>
وآية أخرى في إطار آخر:<br><br>
(ادخلوا من الباب الضيق لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك وكثيرون هم الذين يدخلون منه. متى 7: 13).<br><br>
آه يا ربّي، ما أضيق الباب الذي دخلتُ منه..!<br>
آه يا ربّي، ارحمني من هذا العذاب، من هذا الانتظار المرير، من مشاعر الغربة، من الوحدة، من حنيني إلى آدم..!
<br>
هرعتُ إلى غرفة المعيشة كي لا أتسبب في إزعاج تريز. تهالكتُ فوق الأريكة. تناولتُ جريدة ملقاة فوق المنضدة المستديرة. رحتُ أقلب الصفحات ببرود.<br>
فجأة، اعتقلتْ انتباهي صورةُ آدم..!! ظننتُ أنـّني أستحضر آدم من الذاكرة كعادتي. جذبتُ الجريدة إليّ وحدقتُ فيها.<br>
بلى، هو آدم..!<br>
غريبٌ أمر هذي الجريدة. من أتى بها إلينا..!<br>
نحن منقطعات عن العالم الخارجي. لا يشغلنا سوى التعبّد ورضا الربّ عنّا، أمّا الأمور الأرضيّة فليست ضمن مجال اهتمامنا.<br>
إجتهدتُ في أن أكبحَ جماح نبضاتِ قلبي المتسارعة.<br>
حدّقت في آدم.<br>
ملامحه لم تتغيّر كثيرا. ما زالَ يملك حضورا طاغيًا يأسر القلب.<br>
ما زالت عيناه تتدفقان ِ حنانــًا ورجولة.<br>
ابتسمتُ وأنا أتأملُ الشيبَ الذي غزا شعره، فقد صرنا متعادلـَين في اكتساح أعراض الشيخوخة أجسادنا.<br>
نقلتُ نظراتي إلى عنوان المقال، الذي لم يستقطب انتباهي كما صورة آدم التي قررت أن أنتشلها من الصفحة وأحتفظ فيها تحت وسادتي كي تكون لي عونًا في أيام قحط العاطفة.
أخذتُ أرتجفُ كعصفورٍ وقع في مصيدة، وأنا أقرأ الحروف التي انتصبتْ أمامي كما المشانق:
<br><br>
" اعتقلتْ الشرطة الإسرائيلية فجر اليوم، الخميس، الناشط آدم.<br>
كان عدد من أفراد "الشاباك" وبرفقة قوة من الشرطة قد داهمت منزل آدم قرابة الساعة الثالثة من صبيحة اليوم الخميس لتنفيذ أمر الاعتقال.<br>
علم موقع "عــ48ـرب" أنَّ الشرطة قامت بالعبث بمحتويات منزل عائلة آدم ومصادرة عدد من المحتويات ومصادرة هواتف نقالة بالإضافة لمصادرة الحواسيب التابعة للعائلة والحواسيب النَّقالة.<br>
أكدتْ حياة ، زوجة آدم، نبأ اقتحام المنزل بشكل همجي، وقالت: بعد أن داهموا منزلنا في الثالثة صباحا قرابة إلـ 18من رجال الشرطة وما يسمى بــ (الشاباك) أجروا عملية تفتيش شاملة، وصادروا عددا من المحتويات منها حواسيب العائلة.<br>
كما أشارت إلى أن عناصر أجهزة الأمن رفضوا التعريف عن أنفسهم، وقاموا بإبعادها عن آدم، ومنعها من التحدث معه. وأضافت أنها أصرّت على رؤية أمر الاعتقال مما اضطرهم بعد ربع ساعة إلى عرضه، مدَّعين أن الاعتقال يأتي لأسباب أمنية."<br>
*<br>
هوت الجريدة من يدي، ومعها هوى قلبي واعتصرني الألم.<br>
يا للضيق الذي لا يحتمله عقل بشري.<br>
هو الحلم الذي أيقظني من سباتي قبل قليل..!<br>
آه آدم، لقد أحسست بك قبل أن تصلني أخبارك.<br>
آه آدم..!
<br>
أيعقل أن تكون الآن معتقلا وأنا هنا ممنوعة من الاقتراب منك..!<br>
تراهم يمارسون معك أساليب التعذيب والترهيب؟؟<br>
لا بدّ أن أعرف أخبارك.<br>
في أي معتقل أنت..؟!
<br>
لا بدّ أن آتي اليك لأكون لك عونًا في الضيق...!
<br>
لكن كيف أغادر هذه الصومعة، كيف..؟!<br>
_________________________
<br>
3<br><br>
*" هؤلاء الطغاة<br>
أصحيحٌ يا ربي<br>
أنـَّهم مروا من بين أناملِكَ الشفيفة<br>
وتحمـّلتهم..؟! "<br>
<br>
هكذا رحتُ أتساءل بصمت وأنا أفكر في وسيلة تتيح لي مساندة آدم في هذي الأزمة، بل هذا الصراع الدَّامي الذي وقع في دوامته كما تقع حبّة زيتون في معصرة أو فراشة في خيوط ٍ لزجة لأحد العناكب.
<br>
قررتُ وأنا أحاولُ ترتيب أفكاري المبعثرة وضبط مشاعري المضطربة كما أمواج بحر في صباح يوم عاصف، أن أبحث عن مصدر أستقي منه المعلومات عن آدم قبل أن أغادر المكان، لأني حين أعود إلى مسرح الحياة الصاخب، حيث الصراع بين الشّر والخير، حيث البقاء للأقوى، لن أتمكن من التقهقر والعودة إلى هذا الملجأ الآمن.
أخبرتُ تريز عن هواجسي، فهي المقربة إلى قلبي، وهي مستودعٌ آمنٌ لأسراري منذ قادتني خطواتي الشّريدة إلى هذا المكان.
<br>
همستْ في أذني:
<br>
-عليكِ بكمبيوتر الأم رئيسة الدير.<br>
= أخشى لو أخبرتها بالحقائق أن تمنعني من مغادرة الدير.<br>
- ستقدّم لكِ النصائح لكنها لن تمنعك. هي إنسانة متفهمة جدا.<br>
= لكن، ماذا يفيدني أن أخبرها أنِّي عثرت على آدم وأنا أجهل أين هو وكيف أصل إليه.
-أنتِ تجيدين تشغيل الكمبيوتر، فقد تفوقتِ علينا جميعا في دورة الحاسوب التي تلقيناها منذ شهور.<br>
= حسنا..!؟<br>
- سنطلب من ماما مريم أن تسمح لكِ باستخدام الحاسوب للبحث عن معلومات قد تساعدك في العثور على آدم.<br>
تبادلنا ابتسامة رضا وأنا أرنو لتريز بمحبة أخويّة وأردّدُ ما قفز للذاكرة من آياتِ الكتاب المقدّس:<br>
* " من بدء الخليقة ذكرًا وأنثى خلقهما الله. <br>
من اجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدًا واحدًا.
أذًا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد، فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان ".<br>
*<br>
سمحت لي الأم مريم باستخدام ذلك الجهاز الصامت، فجر اليوم التالي. لم يغمض لي جفن طوال الليل، كما أنـّي لم أتململْ في سريري لئلا تصحو أختي تريز وتغضب مني فتمتنع عن مساندتي . الشيطان شاطر وأنا لا أجهل أفكاره. دوما يسعى لزرع بذور الخصام بين البشر، لكنه مهما زرع من بذور في تربة حياتي، لن يحصدَ إلا الهزيمة.<br>
أخيرا، قرعتْ الأجراسُ معلنة ًعن فجر يوم ٍ جديد. نهضتْ تريز بخفّةِ فراشة. ارتديتُ ذلك الثوب الأبيض، وأخفيتُ شعري الشائب خلف المنديل الأبيض. اتجهنا ويدي في يدها، للصلاة في الكنيسة . صار آدم محور ابتهالاتي. ركعتُ أمامَ المذبح. رفعتُ يديَّ النحيلتان نحو السماء، وأخذتُ بخشوع ٍ أبتهلُ:<br>
في اسم الآب والابن والروح القدس، إله واحد آمين.<br>
شكرا يا رب لأنك إله صالح، إلى الأبد رحمتك، وإلى دور فدور أمانتك.<br>
شكرا يا رب لأنك أبو الرأفة وإله كلّ تعزية.<br>
عند كثرة همومي في داخلي، تعزيــَاتــُكَ تلذذُ نفسي.
<br>
شكرا يا ربّ لأنك إله عظيم: عظيمٌ في غفرانك، عظيمٌ في تحريرك، عظيمٌ في شفائك، عظيمٌ في محبّتك.<br>
محبّة ٌ أبدية ٌ أحببتنا، من أجل ذلك أدَمْتَ لنا الرّحمة.<br>
شكرا يا رب لأنك معي لا تهملني ولا تتركني.<br>
شكرا يا ربّ لأنك لا تتغير ولا يعتريك ظلّ دوران. أنتَ هوَ هوَ، أمس واليوم وإلى الأبد.
شكرا يا ربّ لأننا نستطيع أن نأتي إليك كلّ حين، وأنا أتقدم من عرش النعمة أطلب رحمة، أنالُ عونًا في حينه.
<br>
يا رب، ها أنا أضع " آدم" أمام عرش نعمتك. أسألك أن تغطيه بدمّك من رأسه حتى أخمص قدميّه. <br>
أسألك أن ترفعَ عنه كلّ ضيق. <br>
أسألك أنْ تحامي فتنقذ، تعفو فتنجي.<br>
قلوبُ الملوكِ كجداول مياهٍ بين يديك تحرّكها كيفما تشاء. <br>
يا ربّ، من لي سواك ألجأ إليه ليخفف وطأة هذه الأزمة عن آدم، ويفكّ أسره.<br>
مكتوبٌ عنـكَ أنـَّـكَ تسمعُ أنــّاتِ الأسير.<br>
أنتَ قلتَ: *كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا ان تنالوه فيكون لكم.
<br>
أعلن في اسم الربّ يسوع المسيح أنّ آدم نجا من هذه الأزمة.<br>
أسألك في اسم الرب يسوع المسيح أن تُسَهِّل طريقــَـكِ قــُــدامي، كي أعثرَ على معلوماتٍ قد تقودني إلى آدم.
<br>
مباركٌ اسم الرب كلّ حين.<br>
كلّ من طلبوا وجهك استناروا ولم يخجلوا أبدًأ.<br>
قد كنتُ فتى وشختُ، ولم أرَ صدّيقًا تــُخليَ عنه.<br>
لا يخزى منتظرو الربّ.<br>
* يفرح جميع المتكلين عليك.إلى الأبد يهتفون وتظللهم.ويبتهج بك محبو اسمك. لأنك أنت تبارك الصدّيق يا رب.كأنه بترس تحيطه بالرضا.
<br>
أرفع هذه الصلاة في اسم ربّي ومخلصي يسوع المسيح.<br>
أثق أنك إله ٌحيّ تسمعُ وتستجيب. <br>
آمين ثم آمين.
<br>
------------<br>
•ومضة للشاعر عدنان الصائغ، بعنوان: "علامة التعجب !!"
<br>
•<br>
انجيل مرقس10 : 6-9
•إنجيل مرقس11: 24<br>
•مزمور5: 11-12<br>
_________________________<br>
4<br><br>
"سنرجع يوما إلى (حــُبــّنــا)،<br>
ونغرقُ في دافئات المنى.<br>
سنرجعُ مهما يمرُّ الزمان، <br>
وتنأى المسافاتُ ما بيننا".<br>
<br>
هكذا رحتُ أدندن ، كما اعتدتُ أن أفعلَ مع كل غروب وأنا أسترخي تحت شجرة الزيتون، أحلمُ بالعودة إلى فردوس العشق، حيث لم يكن في الكون سوانا أنا وآدم، أوّلُ عاشقــَيـْـن في سفر الحياة. كم كانَ وما زال يـُطربني أن أستبدل كلمة "حـَيــّــنـا" بكلمة<br>
" حـُـبـّـنــا ".<br>
*
<br>
ككلّ فجر، راحتْ شاشةُ الحاسوب تنفلشُ أمامي ، كأنَّ الحياة تستقبلني بحفاوة وتدعوني لأقتحمها من أوسع أبوابها. سارعتُ بطباعة اسم "آدم" في محرّك البحث ، فاذا بي أعثر على المقال التالي:<br><br>
بعد 16 يوماً من التعتيم الإعلامي وحظر النشر، وحظر الإعلان عن حظر النشر، تمَّ الكشف أمس عن قضية اعتقال الشخصية البارزة لدى فلسطينيي الـ 48، آدم ، بشبهتيّ "التجسس والاتصال بعميل أجنبي"، خطوة يراها الفلسطينيون تصعيداً ممنهجًا ضد الفلسطينيين لمنع التواصل مع العالم العربي والحد مِنْ نشاط مَنْ يفضح سياسة إسرائيل.<br>
سمحت محكمة الصلح الإسرائيلية في بيتح تكفا أمس بالنشر الجزئي عن اعتقال آدم.
وقالت الشرطة، في بيان مقتضب، إن آدم مشتبه بـ " مخالفات أمنية خطيرة وقضية تجسس والاتصال بعميل أجنبي ".<br>
آدم ، 50 عاماً، يعدّ واحداً من نشطاء العمل الأهلي في الداخل، ويرأس جمعية "العودة" الأهلية العربيّة ، وله نشاط جماهيري واسع على الصعيد العام. قالت زوجته، السيدة حياة ، إنَّ الشرطة الإسرائيلية اعتقلته يوم الخميس الماضي ، حين وصلتْ قوات كبيرة إلى بيتهم في الثالثة فجرًا، وأجرت تفتيشاً دقيقاً وعاثت في حاجيات المنزل فسادا أمام عينيّ ابنتيهما أمل وأحلام، مع منع ثلاثتهن من الحركة داخل المنزل .
ولا يزال آدم ممنوعاً من لقاء محاميه أو أحد من أفراد أسرته حتى هذه اللحظة. أكدَّت السيدة حياة أنّ ما يجري يندرج ضمن الملاحقة السياسيَّة نتيجة لنشاط زوجها في فضح السياسة الإسرائيلية.
<br>
ورأى محامي المعتقل، أن الشبهات المنسوبة لـ آدم أصبحت في الآونة الأخيرة بمثابة تهم جاهزة يمكن تلفيقها ضد أي ناشط سياسي وحقوقي له علاقات مع العالم العربي ومع الحملة الدولية لمناهضة ممارسات إسرائيل. وأضاف: " إنَّ المحاكم الإسرائيلية تضفي شرعية على السواد الأعظم من نشاطات الأجهزة الأمنية ".<br>
كما وقال النائب زحالقة، لــ (الأخبار): " يبدو أنّ المؤسسة الإسرائيليّة بدأتْ تفقد أعصابها، وتعتبر أي تواصل مع العالم العربي خطراً على أمنها. لا يمكن فهم ما يجري إلا في إطار ما قاله رئيس الشاباك الاسرائيلي بعد الحرب على لبنان وهو أن ما يجري في صفوف الفلسطينيين في الداخل هو التهديد الاستراتيجي على إسرائيل كدولة يهودية. وعندما تعرّف المخابرات بأن العمل السياسي الذي يتحدى الصهيونية، والحدود التي ترسمها إسرائيل بأنه تهديد استراتيجي فهي تلاحق الشخصيات الوطنية". وأضاف زحالقة: " لقد فشلوا في السابق وسيفشلون الآن" . وتابع: " آدم معروف بعمله الوطني السياسيّ وإسرائيل تعمل طيلة الوقت لإضفاء بُعد أمني على هذا النوع من العمل السياسي ".<br>
هذا وقد كان وَقـْعُ القضية قاسيا على الجماهير الفلسطينية في الداخل، إذ تصدّرت عناوين المواقع الإلكترونية ونشرات الأخبار التلفزيونية.
ومع اقتراب المساء، شهدت مدينة حيفا تظاهرة شارك فيها المئات، وقفوا على جانبي الطريق، ورفعوا صور آدم. وكانت الهتافات عالية، يسيطر عليها الغضب وسط حضور طاغٍ للشرطة الإسرائيلية التي وقفت على الجانب الآخر للشارع. طالـَبَ المتظاهرون بوقف الملاحقة السياسية للقيادات العربية، وهتفوا من أجل تحرير الأسرى، وصمود آدم في التحقيق.<br>
وفي مقدمة المتظاهرين، ظهرت زوجة المعتقل، السيدة حياة، التي أكّدت أن آدم يملك القوة الكافية للتصدّي لمثل هذه الشُبهات المجحفة.
<br>
وحملت السيدة حياة ملصقاً بصورة زوجها، كتب عليه بالأسود والأحمر "الحرية لأسرى الحريّة"، بينما رفعت ابنته أحلام لافتة ضخمة برتقالية كتب عليها "أطلقوا سراح آدم"، ورفعت ابنته أمل لافتة بعنوان: "كلنا آدم ، كلنا أسرى" .<br>
*<br>
رحتُ أستمع لحديث السيدة حياة، عن ظروف اعتقال آدم، بفضول أنثويّ ولوعة مكبوتة.
نشبتْ نيرانُ الغيرة في قلبي.<br>
كم مرّة أكدَّ آدم لي أن لا امرأة في نبضه سوايَ..؟!<br>
" أنتِ لا سواكِ" كان يكررها بثقة ِوشهامةِ الفرسان.<br>
" أنتِ لا سواكِ" كان يرسمها إيقونة على جناح نورس.<br>
"أنا سيّد الرجال لا أرتمي في أحضان امرأة إلا حبيبتي" .<br>
مع أوّل فرصة ارتمى في أحضان امرأة أخرى! بينما، انعزلتُ أنا عن الكون، وعشتُ غريبة في دير" راهبات مريم المجدلية"، لأحتفظ بهِ نبضا طاهرًا نقيًا يمدّني بكريات العشق الوهميّة، فينعش قلبي، وأحيا على ذكراه.<br>
*<br>
هي في جمالِ زهر البنفسج، أمّا أنا ففي جمال الطُّيور، وهو يعشقُ الطُّيور، تغريدها وأجنحتها.<br>
كم مرّة أخبرني أنّي سنونوة وأنـّه لي المدى. كم مرّة أخبرته أنــّه لو كان عينــًا، أكونُ له الدَّمعة، ولو كان وردة أكونُ رحيقها، ولو كان بحرًا أكون حوريته.
هي في جمال الندى، أمّا أنا ففي جمال القديسة (ريتا) ، تلك الجوهرة الفريدة ذات القلب الذهبيّ، التي نذرت حياتها للتَّقوى والتقشف بعدما ذاقت من الآلام ألوانها وصادفت الشَّاق المستحيل في حياتها ، فلم تيأس ، بل تسلّحت بالصبر والصلاة ، بالإماتة والتقشف ، فذلّلت العقبات الجسام وانتصرت على الباطل، غير هيّابة بما أحاقَ بها من آلام مبرحة.<br>
*<br>
غُصْتُ بمهارة أنثوية داخل أمواج عينيها.<br>
بدتْ لي كأنثى عَمَليَّة اعتادت على ركوب ِأمواجِ الحياة والتصدّي لها، بينما أنا لستُ إلاّ أنثى رومانسية أهوى التقوقع داخل قـُمـقـُم ِ أحزاني. أهوى رثاء الذات. أجترُّ الذكريات كما جمال الصَّحراء.<br>
هي تنظر للمستقبل بينما أنظرُ أنا كامرأة لوط للماضي. لا أتقدم للأمام وأنسى ما هو وراء. منحنية َ الهامة، مهزومة ً، أمشي.<br>
بينما، تمشي "حياة" منتصبة القامة، مرفوعة الهامة. في كفـّها قصفة ُ زيتون ٍ وعلى كتفها نعشها.<br>
*<br>
شيئا فشيئا، دبّت مشاعرُ التَّسامح في عروقي. <br>
هي أنثى استثنائيَّة.<br>
لمَ لا يقع آدم في حبّها بعدما فقد الأمل من العثور عليّ.<br>
هو رجلٌ، والرجل لا يستطيع أن يصومَ عن الزواج حين يفقد شريكة حياته، فهو يحتاجُ معينا نظيره، بينما تستطيع الأنثى أن تتدبَّر أمورها من غير شريك حياة.<br>
هذا فضلا عن أنّ (العاطفة)هي المحرك الأساسي لعقارب قلب المرأة، بينما (الرغبات)هي المحرك لنبض قلب الرجل.
<br>
قلب الأنثى كقلب العاشقة النقيّة "أفروديت"، لا يتسّع إلا لحبّ احد ٍ كبير يعصفُ بها ويتركها أسيرة حلاوته مدى الحلم.<br>
أمّا قلب الرجل، فهو كقلب "راسبُتين".<br>
ياه كم هو كبيــــــــــــــــــر ومخاتل.!<br>
إنّه يتسع لحبّ كلّ نساء الأرض..!
<br>
*
<br>
رحتُ أبحث عن مقال آخر يروي هذا الظمأ المُزمن لمعرفة أخبار حبيبي آدم.
عينايّ منشدّتان إلى شاشة الحاسوب وكأنــّهما ممغنطتان.<br>
كلّ الوجوه التي مرّت بي، من آدم لحياة لأمل لأحلام للمحامي، للجيران، لكثيرين غيرهم، بدأت تعشش في ذهني. !<br>
ها أنا أسمعهم كأننّي أسمع جوقة موسيقيّة واحدة، تدندنُ بصوتٍ خافتٍ واحد، راح يزدادُ صخبًا شيئا فشيئا وشاشة الحاسوب تأتيني برغيف خبز آخر من صنع أتون الحياة:<br>
<br>
" إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياة<br>
فلا بدَّ أن يستجيبَ القدر"<br>
_______________________ <br>
5<br><br>
أنظرُ وجهي في المرآة الكبيرة المصلوبة على الحائط المقابل، بينما يعمل الحاسوب في البحث عن مقال آخر عن آدم .<br>
منذ متى لم أنظر وجهي في المرآة..؟! <br>
منذ متى وأنا معتقلة عاطفيًّا في هذا الدَّير..؟!<br>
هم اعتقلوا آدم داخل سجن وجوديّ أمَّا أنا فقد اعتقلتُ نفسي داخل سجن وجدانيّ.
<br>
أنظرُ وجهي في المرآة. <br>
أراني.<br>
في عينيّ آدم أراني.<br>
آه آدم..!!
<br>
أيّها الطفل الأنانيّ الذي يظن أنّه محور الكون وأنّ كلّ الإناث يدرن حوله كما تدور الأرضُ حول الشمس..!
<br>
أيّها الطفل النرجسيّ الذي يسعى للاستحواذ على قلوب كل العذارى كي يثبتَ لحبيبته أنـّه الرَّجل الحلم، وأنها حظيتْ بسيد الرجال.<br>
أيّها الطفل ، الذي يظنّ أن الإناث كما الألعاب كلّها في متناول غروره. يمتلكها متى شاء، ويقذفها في أتون الفِراق متى شاء، كأنها ماكينات لا تتألم.<br>
*<br>
أعادني المقال الذي ظهر على شاشة الحاسوب إلى أرض الواقع. نفضتُ عنّي ضبابَ الشرودِ ورحتُ اقرأ:<br><br>
" عَلِمَ مراسلُ موقع (بكرا) المتواجد مع المتظاهرين المندِّدين بالاعتقالات السياسيّة لنشطاء الجماهير العربية في محكمة (بيتح تكفا)، أنَّ المحكمة مدَّدت الآن اعتقال الناشط آدم لـ 5 أيام إضافية على ذمَّة التحقيق، وذلك حتى يوم الاثنين القادم، لمواصلة التحقيق معه في التهم الموجهة له وهي الاتصال بعميل أجنبي والتجسس ، وفق ما أفادنا به المحامي حسين حسنين وكانت الشرطة طلبت تمديد اعتقال آدم لـ 12 يوما لكن المحكمة رفضت الطلب وقامت بتمديد اعتقاله لـ 5 ايام فقط.<br>
فور إعلان تمديد الاعتقال حاول افراد عائلة آدم، زوجته وابنتاه، الدخول إلى قاعة المحكمة لرؤية والدهم الذي لم يُتَح لهم رؤيته منذ 12 يوما، فما كان من أفراد الشرطة إلا أن دفعوا أفراد العائلة خارج مبنى المحكمة.<br>
وكان نشطاء عرب ويهود بدأوا بالتظاهر أمام محكمة (بيتح تكفا) منذ ساعات الصباح ، احتجاجًا على الملاحقات السياسيَّة، التي تنتهجها حكومة إسرائيل ضد المواطنين العرب في الدولة تزامنا مع مثول المعتقل آدم في المحكمة المذكورة لتمديد اعتقاله لاستكمال التحقيق معه في الشبهات المنسوبة إليه بالتجسس الخطير والاتصال والتخابر مع عميل أجنبي.<br><br>
هذا ويتواجد أعضاء كنيست عرب من جميع الأحزاب وبعض رؤساء البلديات والمجالس المحلية العربية في موقع الحدث.<br>
وقد رفع المتظاهرون خلال المظاهرة شعارات مندِّدة بحكومة إسرائيل وسياستها، وطالبوا بالإفراج عن جميع المعتقلين خاصة، آدم. ورفعوا شعارات أهمَّها: "كفى للملاحقات السياسية" و "الحرية لأسرى الحرية". <br>
كذلك، هتف المتظاهرون هتافات ندَّدوا فيها بسياسة الحكومة وأجهزة المخابرات، جاء فيها: "حرية .. حرية لسجناء الحرية" و "ما بنهاب وما بنهاب إسرائيل دولة إرهاب" و "إسرائيل دولة شرطة" وهتافات وطنيَّة أخرى.<br>
*<br>
آه آدم..!!
<br>
هم اعتقلوك ليختطفوا منك كينونتك العربيّة، ليسرقوا أرضك التي هي قدسك والتي هي مهد البشريَّة، لكن شبّه لهم. شجرة البرتقال تعرف غارسها. شجرة الزيتون تعرف غارسها، وزهرةُ الصّـبّار، مهما اقتلعتها يد الاحتلال، تعود وتعلن للملأ عن وجودها.
آهٍ آدم..!
<br>
هم اعتقلوا الجسد، أمّا الروح فلا يقدرون عليها. ألم يذكر الكتاب المُقدَّس: " لا تخافوا ممن يقتلون الجسد، أمّا الروح فلا يقدرون عليها"..؟<br>
ها روحك ترفرف الآن من حولي. تخبرني أنّني أجمل النساء. ببشرتي التي أكل عليها الدهر وشرب، أنا جميلة. بشعري الكستنائيّ الذي اكتسح الشيب أغلب خصلاته، أنا جميلة.
بعينيّ ، اللتان فقدتا بريقهما العسليّ حين أدمنتا صنع الدمع المرير.. أنا جميلة.
آه آدم..!!<br>
ها أنا أسمعك ، كما كنت في الفردوس ونحن نخطو بين الشجر نقطف ما طاب لنا من ثمر، تترنم: <br>
" الذي يعرف حبيبتي ينحني ويصلي لإله في العيون العسليـّة "
آه آدم..!!
<br>
بين عينيّ وعينيك ، بندقيــــّــــة، فكيف أجتاز كلّ الأسوار الشائكة، والنار والحصار وأعبر إليك كي أعودَ ضلعًا في صدرك، فتكون نهاية هذا الشّر الذي استشرى في قلوب البشر، ونستعيد الفردوس الأوّل..?<br>
_____________________
<br>
6<br><br>
يومًا بعد يوم، رحتُ أتابع قضيَّة آدم في المواقع الإلكترونيَّة والألم يعتصر قلبي وأنا أشهد على التعامل غير الإنساني مع زوجته وابنتيه اللاتي مرّت شهور وهن ممنوعات عن مقابلته وجها لوجه، فقد كان التواصل بينهم عبر حواجز زجاجية والكلام عبر هواتف يتم مراقبتها، وعدد الزيارات لا يتجاوز المرة أسبوعيا بشرط أن يتم الاتصال هاتفيا بموظف السجن لتعيين لقاء، ولم يُسمح لأحد سوى من ذوي القرابة الأولى بزيارته في السجن لمدة لا تتجاوز النصف ساعة ومن خلف حاجز زجاجي، ومُنعت عنه الكتب ومُنع من الحصول على ثيابه أو أيّ شئ من حاجياته، حسب ما جاء في الصحف الإلكترونية. <br>
اشتكت السيدة حياة من عدم تسهيل فرص اللقاء بآدم، حيث كانت تضطر أن تنتظر ساعات، خارج القضبان، رغم أن ساعة اللقاء محدَّدة مسبقا، محتملة الجو الحار الخانق، إلى أن يسمحوا لها بالدخول.
<br>
كانت الرسائل وسيلة الاتصال الوحيدة بين آدم وزوجته، كما جاء على لسانها، والتي كان محددًا عدد صفحاتها وعدد مرات استقبالها. لذا كان كل منهما يكتب للآخر بحروف صغيرة كي يتسنى له أن يكتب أكثر. صرّحت حياة أنّها كانت تكتب لآدم عن كل ظروف حياتها خارج القضبان مع ابنتيها، بكل تفاصيلها الصغيرة، حتى أنها كانت تصف له البراعم الجديدة على زهرة الفل في حديقة المنزل كي لا يفقد إحساسه بالمكان. <br>
كانت تناضل مستبسلة من أجل إطلاق سراح آدم، متنقلة كما النحلة من منبر لمنبر لفضح المؤامرة التي تهدف لكسر معنويات زوجها ونتف ريش جناحيه.
<br>
هذا وأعلنت السيدة حياة أن آدم تعرض لتعذيب نفسي وجسدي فور اعتقاله، تم خلاله انتزاع الأقوال التي وضعوها هم في فمه، وتم التحقيق معه مدة ساعات متواصلة وهو مقيد اليدين خلف ظهره، مسمّر فوق مقعد أطفال، غير آبهين بقامته الممشوقة وكلما انتهى طاقم من التحقيق معه، يأتي طاقم آخر لاستبداله.<br>
*<br>
انهمرت الدموع من عينيّ. <br>
شعرت بغصّة في حلقي وضيق في صدري، كأنّ الشّعب الهوائية أخذت تضيق والهواء لا يمرّ عبرها.<br>
شعرتُ أنّ الحياة َ سجنٌ كبيرٌ، وأنّ الإنسانَ تحوّل إلى جلاّدٍ لأخيه الإنسان.
توجهتُ إلى المرناة وأشعلتها .<br>
أخذت أنصتُ بخشوع للمرنم وهو بثقة المنتصر يردد:<br><br>
" <br>
ضاقتِ الدنيا قصادي
واتقفلت الأبواب<br>
لكن إنتَ يا ربّي فاتح<br>
ليــَّا أعظم باب.<br><br>
أنت يا ربّ الحياة<br>
ومعاك طوق النجاة<br>
ابنك لو منــّك تاه<br>
أبدا مش رح تنساه "<br>
*<br>
أخذتني خطواتي لشجرة الزيتون، فاستلقيتُ فوق العشب الرطب.<br>
أخذتُ أتساءل ووجه آدم يترنحُ أمامي:<br>
هل " شدّة المحن تصنع الرجال "، كما قال ريتشارد نيكسون..؟!<br>
" نحن شعبٌ لم يختر قضيته، إنما قضيته هي التي اختارته ".<br>
هكذا صرّحت السيدة حياة. وأردفت:<br>
" المتفائل إنسان يرى ضوءا غير موجود، والمتشائم أحمق يرى ضوءا ولا يصدّقه. نحن الفلسطينيون صرنا جميعنا متشائلين، كما كتب الأديب إميل حبيبي. لسنا متفائلين ولا متشائمين. صرنا نعرجُ بين الفريقين، مع أننا شعب يحبّ الحياة. من فينا اختار هذه الأزمة المصيرية التي وقعنا فيها، كأننا حبات زيتون، تقطفنا أيدي الاحتلال، وعلى بساط القمع والاضطهاد تلقينا، ثم تجمعنا، وداخل معصرة العنصريّة تقذفنا.".<br>
*<br>
ما هي الحياة، وما جدواها..؟!<br>
راح السؤال يتصاعد كما البخور من حولي.<br>
أهي قصة يرويها أبله، مفعمة بالضجيج والصخب، وليس لها معنى، كما يدّعي شكسبير..؟!
أهي مثل البصل، قشرة تحت قشرة ولا شيء في النهاية إلا الدموع، كما يدّعي الأديب أنيس منصور..؟!<br>
أم هي طفلٌ ينبغي ملاطفته حتــّى ينام، كما يدّعي فولتير..؟!<br>
إنّ الورطة التي وقع فيها آدم جعلتني أعتنق فكرة " شاتوبريان " أنّ الحياة تمرُّ سريعًا ولكنها تثقل في مرورها "، كما بدأتُ أتفق مع
" اتيان راي" في قوله: <br>
" أصبحَ الخوفُ من الحياة شرًّا أكثر انتشارًا من رهبة الموت ".<br>
*<br>
أخبروا نابليون يومًا أنّ جبال الألب شاهقة، تمنع تقدّمه، فقال: <br>
" يجب أن تزول من الأرض ".
<br>
ويذكر الكتاب المُقدَّس:<br>
" إن كان لديك ذرّة إيمان تستطيع أن تنقل جبال "، أي بقليل من الإيمان تستطيع أن تتغلب على أضخم مشكلة، حتى وإن كانت شاهقة كالجبال.<br>
ها أنا أقول بإصرار:<br>
من أنت أيها الجبل العظيم، أمامي أنا، بنت الربّ، تصيرُ سهلا.<br>
لكن، ماذا لو أني لم أعثر على آدم..؟!
<br>
ماذا لو استقبلتني "حياة " بعِدَاءٍ ملموس..؟!<br>
أين أذهب إن لفظتني الحياة..؟!
<br>
الحياة بما فيها من معتقلات، وأسلاك شائكة، واحتلال، وشرور من صنع البشر..... أمامي.
ديرُ الرَّاهبات بما فيه من أمان وسلام وطمأنينة ورجاء..... خلفي<br>
.
إن قررتُ أن أفتح باب الحياة وأقتحمها ، لن أتمكن من التقهقر، فالباب سيُغلقُ كما باب الفردوس.<br>
رحتُ أسترجع في ذهني تلك الأقوال المشجعة التي درستها في مادة الفلسفة، مع إحدى الراهبات، وأتقنتُ حفظها غيبا:<br>
" ليس النجاح سوى القدرة على الانتقال من فشل إلى فشل دون أن تفقد حماسك". (1)
إذا فكـَّر كلّ من الناجح والفاشل في مشكلة ما فإنّ الناجح يفكر في الحل، بينما يفكر الفاشل في المشكلة.(2)
<br>
أنا لن أفكر في المشكلة إنّما في الحلّ.<br>
أنا أفكر، إذن أنا موجودة وأنا أحيا.<br>
أنا أحيا لأنّني أحبّ آدم، وحين تحبّ تبدأ بالسير عكس مصلحتك الشخصية.(3)
لم تعد مصلحتي الشخصية تشغلني، إنّما تستحوذ عليّ فكرة أن أكون بالقرب من آدم.
لم تعد راحتي الشخصيّة تشغلني، إنـّما يشغلني أن يدرك آدم أني بحثت عنه، وأني حاربتُ طواحين الهواء من أجل الوصول إليه كي أكونَ له عونا في الضيق.<br>
*<br>
حين يمرُّ الحبّ بنا، لا يعودُ أيّ شيء كما كان،(4) قد مرّ الحبّ بقلبي وصرتُ أسيرته.<br>
الحبّ الذي يستعصي على النسيان، يستعصي أيضًا على التكرار.(5) <br>
سأعود الآن للدير وأخبر الأم مريم أني سأغادر غدا للبحث عن آدم.<br>
أعظم خطأ يرتكبه الإنسان هو الخوف من الوقوع في الخطأ.(6)<br>
وأنا لم أعُد أخشى الخطأ. <br>
لقد بدأتُ حياتي بالغيرة العمياء.<br>
كنتُ أغار على آدم حتــّى من خيالي إذا لامس خيالـَهُ على الأرض.
<br>
بدأتُ حياتي بالشكوك وها أنا أنتهي إلى اليقين.(7)<br>
يقينٌ أنّي من آدم ولن أكون لسواه ، لذلك سأتحدى كلّ العقبات التي تقف في طريقي للعودة إليه.
<br>
كلمة ُ مستحيل لا توجد إلا في قواميس المجانين.(8)<br>
إلى صدره الدافئ سأعود، بين ضلوعه سأختبئ ، لتعزفَ الطبيعة ُ سيمفونية العودة، ويعمّ الفرح والسّلام الإلهي. <br>
سيفتحُ الفردوسُ أبوابه، لتستقبلَ الملائكة بحفاوة آدم وحواء الذَيـْن ِ كانَ زمنـُهما زمنَ الحبِّ الأوّل.<br>
------------------------
<br>
1- <br>
تشرشل
2- أبراهم لينكولن<br>
3- برنارد شو
<br>
4- غادة السّمان<br>
5- غادة السّمان<br>
6-
<br>
ألبرت هوبارد
<br>
7- بيكون
<br>
8- نابليون
<br>
___________________<br>
7<br><br>
الطريقُ الى الحرية، طويلٌ طويل.<br>
ها أنا أطلُّ على المدينة من قمة الجبل، حيث أيدي الراهبات تلوّح لي بالوداع الأخير، وعبراتهن ترافقني كالظلّ مع ابتهالاتهن . <br>
كلّ شيء من هنا يبدو ضئيلا، ضئيلا: الناس، الأشجار، السيارات.<br>
من أقصى أقطاب الشوق ِ، سآتيكَ يا آدم.
<br>
من أقسى أشواكِ الفِراقِ، أتحررُ لآتيك أيّها الرجل الحلم الذي يملك
" مفتاح الماستر" لأبوابِ قلبي.<br>
*<br>
سألتُ سائق سيارة الأجرة أن يقلّني إلى مركز المدينة. استوقفتنا شارةُ حمراء، فلفتَ انتباهي طفلٌ يمسك بيد أبيه ويده الثانية تمسك بإحكام بطائرة من ورق، تتمايل في الفضاء الرحب. فجأة ارتفع صوتُ المذيع في النشرة الإخبارية:<br><br>
" يسود في المحافل الدبلوماسيّة في البلاد، الاعتقاد والقناعة بعدم وجود أدلّة ملموسة تربط آدم بلائحة الاتهام الموجـّهة ضدّه. هذا ما أفادت به إحدى المراقبات العاملات في الإتحاد الأوربيّ، والتي شاركت في العديد من وقائع جلسات محاكم آدم.
<br>
اتضح من الشهادات التي تمّ الاستماع إليها، بحضور محامي الدفاع، أنها تفنّد أقوال النيابة، وتؤكد موقف آدم الذي ينفي كافة التهم الأمنية المنسوبة إليه.<br>
إفادات الشهود أمام المحكمة، وفحص الحواسيب الأرضية والنقالة وثلاثون ألف مكالمة هاتفية من قبل مختصين، زعزعت ادعاءات مركزيّة في لائحة الاتهام وعمّقت علامات السؤال حول اتهامات محوريّة كانت موجهة ضد آدم، بحيث أنّ إفادات الشهود جاءت لتبطل بشكل قاطع ادّعاءات النيابة والتهم المنسوبة لآدم، كما بيّنت أنَّ النيابة لا تملك أي دليل ملموس قادر على توريط آدم في التهم الموجهة إليه.<br>
أكدّ محامي الدفاع أنّ كلّ هذا جاء ليعزز القناعة بانّ المحاكمة ليست إلا محاكمة سياسيّة.<br>
هذا وسيتواجد في الجلسة الأخيرة للمحكمة، والتي ستعقد في تمام الساعة العاشرة اليوم في محكمة الصلح في حيفا، مراقبتان من الاتحاد الأوربيّ ومندوبة عن السفارة الهولندية في البلاد ، وسيرافق جلسة المحكمة العديد من الشخصيات الشعبية والناشطين في العمل السياسي والاجتماعي، وأعضاء كنيست عرب."<br>
قام المذيع بالاتصال بأحد الشخصيات للتعقيب على الموضوع فقال:
" لست خائفا ولكنني قلق . ما يجري اليوم يؤكد الجملة التي ارددها دائما وهي : ما زلنا نخوض معركة البقاء !<br>
اثنان وستون عاما وما زلنا نخوض المعركة نفسها .<br>
المؤامرات ما زالت تُحـَاكُ والأحلام السيئة ما زالت تراود العنصريين.
بناة دولة إسرائيل ومؤسسوها غرسوا فكرة "الترانسفير" وأورثوها للقادة السياسيين وللقادة العسكريين جيلاً أثر جيل .<br>
نحن سكان البلاد الأصليين ما زلنا شوكة في حلوقهم، وقطعة زجاج في حناجرهم ولن نكون الهنود الحمر .<br>
ما زلنا نعيش التحدي الكبير وأمامنا أيام صعبة وقاسية.علمتنا التجربة بل التجارب أن نتحدّى ونصمد و نكتب ملحمة البقاء كما فعل آباؤنا. هذه المعركة لا نقودها وحدنا، فهناك قوى يهودية عقلانية تخوض وإيانا المعركة ضد الفاشية. هذه المعركة سنخوضها في الكنيست، وفي الجامعات، وفي أماكن العمل، وفي الشوارع، وفي الساحات وفي كل مكان. سنبقى في هذا الوطن الصغير، سنبقى منغرسين فيه ، فترابه يعرفنا و أشجاره تعرفنا وصخوره كذلك . نحن نحبه، ونحن حجارة الوادي . وهل في هذا شك ؟ وهل في هذا عيب..؟! نحن هنا . هنا باقون .. باقون. باقون."<br>
*<br>
سألتُ سائق السيارة إن كان يعرف مكان المحكمة التي تمّ ذكرها في النشرة الإخبارية، فأجابني بالإيجاب. هكذا، بدأتْ السيارة تسير بنا إلى المحكمة وقلبي يتدحرجُ ككرة مطاطيّة خارج جسدي والعرق يتفصد من كل خلية من خلاياي، ودماغي يعملُ بنشاط مُفرط ولسانُ حالي يقول:
<br>
كل إنسان يتعذب في هذه اللحظة في أي مكان هو صديقي...(1
)
<br>
*<br>
كانت باحة المحكمة فارغة حين وصلتُ فتأكدتُ أنّ الجلسة قد افتـُـتِحَتْ .
على باب المحكمة سألتني الجندية :<br>
<br>
- إلى أين.<br>
لفتَ انتباهي ملصقٌ على زجاج الباب خلفها عليه صورة كلب مع إشارة ممنوع الدخول.
أجبتها باقتضاب:<br>
= محاكمة آدم.<br>
طلبتْ منّي وضع جميع حاجياتي في سلة صغيرة مرَّرَتها داخل جهاز أمني، وأشارت لي أن ألحق بها جانبًا. راحت تمرِّرُ أناملها فوق جسدي . حينَ حررتني تناولتُ صليبي ومحفظتي ومضيتُ إلى قاعة المحكمة.<br>
بحثتُ عن آدم.<br>
داخل قضبان خلية صغيرة كان جالسًا ، يحيط به ثلاثة من الجنود.<br>
تسمرتُ مكاني.<br>
قفزَ للذاكرة مشهد الفراق المصيري بيننا، حين عصبوا عينيّ وألقوا بي في شاحنة قذفتني في الشتاتِ ، بعيدا عن نبض ِ آدم.<br>
قفزَ للذاكرة كلّ ذلكَ العذاب الذي عانيتُ وأنا غريبة هائمة في شوارع لا تعرفني، أبحثُ عن أثر قد يُوصلني لآدم.<br>
قفز للذاكرة ذلك الدير الذي آواني وكان الملجأ الآمن لي ولأحلامي الشريدة.
فجأة، التقتْ العينُ بالعين.<br>
تلاقتْ الروحان في فضاء المحكمة.<br>
رفرف القلبان.
<br>
تعانقتْ النظراتُ طويلا إلى أن أشاح آدم وجهه عنّي ليرد على سؤال وجهه له قاضي المحكمة.<br>
أخذتُ أتفحصّ من حولي.
<br>
أبصرتُ السيدة حياة وابنتيها . بدت وجوههم مطابقة لما رأيت في الملفات الصوتية في الحاسوب.
كان التوتر بادٍ على ملامح كلّ الوجوه.<br>
غبتُ في دوامة من الذكريات وعيناي تتتبعان كلّ حركة يأتي بها آدم، وهو يلقي عليّ نظرة بين الفترة والأخرى.<br>
*<br>
أعلن القاضي قراره بالسجن المؤبد على آدم.
<br>
تجمدّتْ الدموعُ في عينيّ.<br>
انتفضَ آدم واقفَا والأصفادُ في يديه، وهتفَ بنبرة ٍ واثقة:<br><br>
- لا يأس ولا إحباط ولا تراجع عن الصّمود والإصرار والتحدّي والإرادة الحُرَّة.<br>
<br>
غابَ صوته خلفَ الباب الذي أغلق بعدما اقتاده جنديان خارج المحكمة.<br>
سارعَ الصحفيون بتسجيل رد فعل حياة، التي وقفتْ شامخة كما شجرة السنديان وهي تقول:
<br>
- القرار كان متوقعا على خلفية العنصرية المتفشية في إسرائيل. لكن لن ننكسر . معنوياتنا مرتفعة، فالسجن ليس نهاية القضية . قد يسجنون الجسد أمّا الأفكار والمبادئ والحقوق الشرعيّة فمستحيل أن يتم سجنها أو طمسها.
<br>
لن يحدد لنا أحد معنى حياتنا. وظيفة التاريخ أن يمشي كما نـُملي. قوّة الحياة حاسمة دائمًا وتشدّنا، كذلك النضال من أجل الحرية والتحرر.<br>
*<br>
نفضتُ عنـّي كل أوجاع الذاكرة.<br>
مضيتُ إليها، وإلى صدري ضَمَمّتُها. دون أن تنبس إحدانا ببنت شفة، عرفتني.
ها نحن، موجتان متجانستان في بحر حياةٍ صاخب.<br>
آدم، القاسم المشترك بيننا، غائب عن كلتينا، حاضر بكثافة في قلبينا.<br>
حاضرٌ في أفكارنا كما البرتقال والزَّيتون والزَّعتر.<br>
حضنتُ أمل وأحلام، واحدة عن يميني والأخرى عن يساري ورحنا نسيرُ خارج أروقة المحكمة، وحياة تلحق بنا بخطوات ثابتة.<br>
*<br>
أبصرتُ أيدٍ تقرع الخزان بإصرار.<br>
أبصرتُ مثلثًـًا قاعدتـُهُ فلسطينيو الـداخل وأحدُ ضلعيهِ المتساويـَيـْن فلسطينيو الشتات والثاني فلسطينيو الضَّفة.<br>
ثمّ، أبصرتُ أربعَ يرقاتٍ تتخبط داخل شرنقةٍ واحدة، كلّ تتحولُ إلى كائن ٍ آخر، قادر على أن يحدّق في وجه النكبة.<br>
ها الفراشاتُ الأربعة لا تسيرُ على رؤوس اليأس، إنـّما تنطلقُ حُرَّة ً في فضاءِ وطن ٍ محتلّ.<br>
*<br>
ليس الآتي أشبه بالماضي من القطرة بالقطرة، كما قال ابن خلدون.
الماضي مثخن بالجراح.
<br>
الآتي منذورٌ للزغاريد والنشيد والأفراح وأجراس العودة .<br>
*<br>
حين لمحتنا العيون المحتشدة في ساحة المحكمة، والتي كانت ترفع الشعار ذاته:
"تستطيعُ العيش معي، يا ابن عمي ، لكن لا تستطيع العيش مكاني". (2)
ارتفع صوتٌ واحدٌ كما الرّعدِ من كل الحناجر:<br>
<br><br>
كأننا عشرون مستحيل<br>
في اللد والرملة والجليل<br>
هنا .. <br>
<br>
على صدوركم باقون كالجدار
وفي حلوقكم<br>
كقطعة الزجاج <br>
كالصَّبار<br>
وفي عيونكم<br>
<br>
زوبعة من نار
هنا .. <br>
على صدوركم باقون كالجدار<br>
ننظف الصّحونَ في الحانات<br>
<br>
ونملأ الكؤوس للسادات
<br>
ونمسح البلاط في المطابخ السوداء
حتى نسلّ لقمة الصغار<br>
من بين أنيابكم الزرقاء<br>
هنا..<br>
على صدوركم باقون كالجدار<br>
نجوع .. نعرى .. نتحدى<br>
ننشد الأشعار<br>
ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات<br>
ونملأ السجون كبرياء<br>
<br>
ونصنع الأطفال .. جيلا ثائرا .. وراء جيل
كأننا عشرون مستحيل<br>
في اللد والرملة والجليل<br>
<br>
إنـَّا هنا باقون<br>
فلتشربوا البحرَ<br>
نحرسُ ظلَّ التين والزيتون<br>
<br>
ونزرعُ الأفكارَ كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا<br>
وفي قلوبنا جهنم حمرا<br>
<br>
إذا عطشنا نعصرُ الصخرا
ونأكل التراب إن جعنا ..<br>
ولا نرحل<br>
وبالدم الزكي لا نبخل .. لا نبخل .. لا نبخل<br>
هنا ..<br><br>
لنا ماض ٍ .. وحاضر .. ومستقبل<br>
كأننا عشرون مستحيل<br>
في اللد والرملة والجليل<br>
يا جذرنا الحيّ <br>
تشبث<br>
واضربي في القاع يا أصول<br>
<br>
أفضل أن يراجعَ المضطهـِدُ الحساب
من قبل أن ينفتل الدولاب<br>
لكلِّ فعل ٍ :- … <br>
<br>
إقرأوا
ما جاء في الكتاب(3)<br><br>
--------------------<br>
1- غادة السمّان<br>
2- سميح القاسم<br>
3- توفيق زياد<br>
-----------<br>
• تنويه لا بدّ منه:<br><br>
لقد قدّمت لي الحياة أغلب أحداث هذه الرواية، فهي أحداثٌ حقيقيّة من واقعنا كفلسطيني الداخل.<br>
مع هذا، لا يمكن الإشارة للشخصيات على أنها شخصياتٌ معينة، فهي خليطٌ من هذا وذاك وتلك، أتت لتخدم حبكة الرواية.<br>
_______________________<br>
ريتا عودة
<br>
تشرين الأول 2010<br><br><br>
-----------------------------------------------------------------<br><br><br>
قراءة في سيمفونية العودة<br>
بقلم: نائلة ابراهيم
<br>
<br>
هي الرواية الأولى للشاعرة والأديبة النصراوية "ريتا عوده"<br>
"ريتا عوده" في هذه الرواية أديبة وأنثى استثنائية بكل معنى الكلمة فهي الضلعة التي رفضت الإنصياع لجبروت الأهل والدين والمجتمع بكل تقاليده المهترئة.وهي العاشقة الأزلية للطبيعة.
<br>
وفي هذه الرواية تنقل مشاهد من معاناة المجتمع الفلسطيني في الداخل..وهي مشاهد حية وكأنها آلة تصوير تنقل لنا المشهد تلو المشهد فجاءت الرواية في ثلاث فصول في كل فصل تروي لنا احدى الشخصيات الحدث من وجهة نظرها بأسلوب يشد القارئ من أول سطر في الرواية إلى آخرها.
<br>
ريتا عوده في روايتها تكتب بشفافية عالية ،وهي تكتب باسلوب الاديبة الشاعرة ، فتسكب مفرداتها الشعرية وتوظف كل ادواتها كشاعرة في سردها للاحداث ووصفها لكل ما يختلج النفس الانسانية الثائرة من مشاعر ومعطيات وافكار ، تحلل الموقف الانساني وتبتعد بنا خارج حدود الحدث لتعالج بعض المشاكل والعادات والمفاهيم التي تحاصر الحلم الانساني في مجتمعنا الفلسطيني باسلوب تقريري يتخلله الحوار الداخلي مع النفس فتغوص في مكتون النفس الانسانية والفكر الانساني من منظور فكرها الخاص ورؤيتها الفلسفية لتغيير الواقع المرير لواقع اجمل .
" الحلم طاقة بقاء "
<br>
هكذا وصفت الكاتبة رحلة البحث عن الحلم .. هو طاقة تشتعل لتحثنا على السير قدما لنحلق في سماء وجودنا واحلامنا وذواتنا ، رحلة البحث عن الحلم ... عن حواء المراة الانثى ... عن الارض ... عن الحب .. عن القيم والاخلاق الانسانية .. عن العالم الذي تريده ان يكون .<br>
" اما هؤلاء العاطلون عن الحلم فما هم الا توابيت بصمت تسير الى المقابر ".<br>
من وجهة نظر الكاتبة بداية الحياة الحقيقية ان يتفتق الوجود عن حلم يدغدغ حواسنا لنحيا من اجله . وكل الصراعات التي تدور في الرواية سواء تلك الصراعات الداخلية التي لمسناها في شخوص الرواية او الصراعات الخارجية التي تخللت الاحداث ، كلها كانت تتشكل لتحقيق حلم كل شخصية من شخصيات الرواية الثلاثة الرئيسية : حلم ادم بعودة حوائه اليه ، حلم حياة بالحب والحرية والتحرر من منظومة القيم الفاسدة وبالمقاومة وتحقيق الوجود والذات ، وحلم حواء بالعودة الى موطنها الاصلي الى صدر ادم حيث ابصرت النور
وبعبارة اخرى اكثر تصريحا قالت الكاتبة : " اجعل قارئي يفكر ويحلم ".<br>
وهي للقارئ بحر زاخر ملئ بالمفاجآت واللآلئ والدرر ، يغوص فيه القارئ طوع ارادته دون ملل او ضجر ليبحر في هذا الخضم من المعاني والالفاظ والتعبيرات المتجددة والتي يمكن ان نطلق عليها اصطلاحا : "التعابير الريتاوية"
ولقد خرجت عن المألوف في روايتها ، فعند قراءة العبارات المالوفة لدينا جميعا كنت اجدها تنتهي بجمال تعبيري يفاجئني ويزيد العبارة تالقا ومعنى وجمالا ، تعابير لفظية غاية في الرقة واعطاء المدلول اللفظي الذي يناسب المعنى والشعور المراد دون الحاجة للاسهاب في الوصف كأن تقول :<br>
<br>
<br>
الثانية عشر من منتصف ...الحلم<br>
منذ نعومة ... حبري <br>
احبك .... بالثلاثة<br>
تحفظ شوارع بلدتها عن ظهر ...حب <br>
<br>
تراوح اسلوبها بين الشعرية والتقريرية ، وظفت الومضة لايصال افكارها وفلسفتها الخاصة ... ومضاتها ساحرة تفتح آفاقا للتأمل والابحار في عالم اسطوري جميل ظهر جليا واضحا في بداية الرواية حيث نجد مفردات الطبيعة طاغية في وصف تلك العلاقة الوثيقة بين ادم وحواء . مستخدمة طاقتها الابداعية في توظيف فطرتها اللغوية الساحرة في رسم التشابيه والصور واستخدام السجع الجميل غير المتكلف ومفردات الطبيعة الخلابة لتبحر بنا الى مرافئ جديدة ومعان سامية للحب والحياة والارض والطبيعة للانثى والرجل ، للوطن بل وتسمو اكثر لتتحدث عن الله ورحمته وتربيته لادم باعطائه خيار التجربة . تجربة الخطيئة التي منها انبثقت الحياة على الارض ،، تحلق بنا لنحب العالم بكل تفاصيله <br>
يتضح الاسلوب التقريري اكثر عندما كانت تسلط الضوء على قضايا المجتمع التي تحاول شخصية حياة ان تجد لها حلولا او عند الحديث عن احلامها ومشاعرها وانجازاتها ويتخلل ذلك حوار داخلي مع النفس بكل خلجاتها ولحظات ضعفها وقوتها . وفي الحديث عن رغباتها واحلامها <br>
ولا يخلو ذلك كله من اقتباسات شعرية وامثلة شعبية واقوال الفلاسفة والادباء والحكماء والسياسيين بحيث يدعم الفكرة التي تريد القاء الضوء عليها ومعالجتها .. اضافة الى انه يظهر سعة ثقافة الكاتبة واطلاعها وحسن توظيف ذلك كله لصالح النص والفكرة بحيث تنقل القارئ من اسلوب السرد الى الشعر تارة والاقوال الماثورة تارة اخرى بل والى نصوص من الكتاب المقدس<br>
كما ان طريقتها في كتابة بعض المفردات كان يضيف بعدا اخر للمعنى وتاثيرا اضافيا يمثل اللحظة الشعورية التي تريدها الكاتبة مثل :<br>
الاغواء<br>
السقوط في الفخ<br>
الشقاء<br>
ا<br>
ل<br>
ن<br>
د<br>
م<br>
م<br>
م<br><br><br>
او عبارة:<br><br>
ت ب ع ث ر سلام<br>
هذا التقطيع في الاحرف يبعث حالة شعورية تدلل على المعنى المراد<br>
اما الشخصيات كما رايتها انا :<br><br><br>
المشهد الأوّل<br>
آدم....<br>
رمز للمقاومة...فهو الشخصية الرئيسية التي ساهمت في احداث التغيير في كافة المجالات..الإجتماعية منها والوطنية...كان عنصرا فعالا في التوعية والتعبئة الوطنية لحشد اكبر عدد ممكن للاعتصام في ذكرى يوم الأرض...في وقت كان الناس فيه مغيبين عن المشهد السياسي ..وعن الخطر الذي يحدق بهويتهم التي يعمل الاحتلال جاهدا على طمسها وتذويبها...سلك آدم طريق المقاومة السرية والعلنية ضد المحتل وتم اعتقاله والحكم عليه بالمؤبد في محكمة صورية .<br><br><br>
المشهد الثاني<br>
"حياة"....<br><br>
حياة هي المرأة القوية الواثقة بقدراتها على المواجهة والإبداع ،والتحدي والصمود ، هي امرأة عاشقة استثنائية فجر حبها لآدم ثورة على الدين والأهل والمجتمع لتكون للرجل الذي أحبت
حياة..هي الشخصية الرئيسية الثانية في الرواية ، ورغم شخصيتها الاستثنائية المتمردة الواثقة التي طوعت المستحيل لإرادتها .. كانت مغيبة عن المشهد السياسي تحرسها تعويذة أبيها "امشي الحيط الحيط " وتوصيات امها."لوسي ايد الكلب وادعي عليها بالكسر"..هي رمز لتغييب عرب الداخل عن المشهد السياسي لكي تذوب هويتهم الوطنية وتنصهر فلا يعود لها أثر لتطغى هوية أولئك الطارئين الوافدين على أرض ليست لهم.
ها هي تقول
تقول :ناولني منشورات فإذا بالعنوان "يوم الأرض"يلدغني بقسوة ..فقد تملكني خجل من التعبير عن جهلي لما تعنيه هذه الكلمات .
<br>
وتقول أيضا :أعلنت عن أنيميا حاده في مخزوني المعرفي تراني اسلم الورقة وأعلن عن جهلي ....عندما واجهها سؤال الزامي عن منظمة التحرير في الامتحان
وتقول : ..دفنت جهلي لمعني الحروف "شين بيت"
تقول :كما تدخل حبة زيتون المعصرة دخلت ساحة الاعتصام وقلبي (كاد يعزف سيففونية العودة) المثقل بمشاعر متضاربة لوﻻ خشيتي أن يفتضح أمري خلف الأجساد البضة (كناية عن اليهود المتطرفين ) هي سيمفونية عودة الوعي لهذا العقل المغيب عمدا عن المشهد السياسي
تحول الاعتصام لصراع مع اصحاب الاجساد البضه وفي طريق العودة للناصره كان صوت محمود درويش في المذياع يشحن القلوب بالتحدي... سجل أنا عربي حذار حذار من جوعي ومن غضبي.
<br>
تقول..بعد الاعتصام انتصرت على تعويذة أبي وتحذيرات امي حقا الوﻻدة من رحم التجربة تمنح مناعة ضد الخوف.... اليوم أستطيع أن أعلن أنني ولدت من جديد
ارتفع صوت جدي من الذاكرة.. فلسطين فلسطين
وﻻدة الوعي والصحوة للخطر المحدق بكل ما هو فلسطيني الجذور.<br>
<br><br><br>
حواء في المشهد الثالث ظهرت حواء وقد اعتزلت العالم في دير منعزل بعدما فقدت الأمل في العثور على آدم ..كان افتراقهما قسريا... فنذرت نفسها لحبه والبحث عنه.
<br>
حواء هي الضلعة المفقودة من آدم وهي جزء ﻻ يتجزء منه فهي حبه الأول هي حلمه ونبض قلبه ونصفه الآخر ولقد استمات في البحث عنها وسلك طرقا وعرة لإيجادها لكنه فشل .<br>
سؤال ظل يلازمني طيلة قراءتي للرواية...ماذا لو ظهرت حواء من جديد في حياة آدم ؟! وكيف ستكون ردة فعل حياة؟! هل ستتقبل وجوده ؟وهل سيشتعل قلبها بنار الغيرة كأي أنثى؟!<br>
وببراعة الاديبة في حبك الأحداث اجتمع الثالوث الذي ارتكزت عليه الرواية معا ولأول مرة في قاعة المحكمة...آدم ،حياة،حواء. بعدما اهتدت حواء لطريق آدم وكنت أنتظر لحظة اللقاء بلهفة ﻷرى ما ستكون عليه النهاية
آدم رمز المقاومة والصحوة والمحرك الأساسي في ايقاد جذوة الصحوة وبث روح المقاومة والتمرد على المحتل يقبع في قفث الاتهام...وحياة مع ابنتيها أمل وأحلام (اللتان ترمزان لجيل الغد الواعد بالأمل وتحقيق الأحلام) وحواء ينتظرون انتهاء المحاكمة..<br>
ويصدر الحكم المجحف بحكم المؤبد على آدم<br>
تتعالى اصوات خارج المحكمة مرددة...<br><br>
<br>
كأننا عشرون مستحيل<br>
في اللد والرملة والجليل<br>
هنا .. <br><br>
<br>على صدوركم باقون كالجدار وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج <br>
كالصَّبار<br>
وفي عيونكم<br><br>
زوبعة من نار هنا .. <br>
على صدوركم باقون كالجدار<br>
ننظف الصّحونَ في الحانات<br><br>
ونملأ الكؤوس للسادات<br>
ونمسح البلاط في المطابخ السوداء حتى نسلّ لقمة الصغار<br>
من بين أنيابكم الزرقاء<br>
هنا..<br>
على صدوركم باقون كالجدار<br>
نجوع .. نعرى .. نتحدى<br>
ننشد الأشعار<br>
ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات<br>
ونملأ السجون كبرياء<br><br>
ونصنع الأطفال .. جيلا ثائرا .. وراء جيل كأننا عشرون مستحيل<br>
في اللد والرملة والجليل<br><br>
إنـَّا هنا باقون<br>
فلتشربوا البحرَ<br>
نحرسُ ظلَّ التين والزيتون<br><br>
ونزرعُ الأفكارَ كالخمير في العجين برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم حمرا
إذا عطشنا نعصرُ الصخرا ونأكل التراب إن جعنا ..
<br>
ولا نرحل<br>
وبالدم الزكي لا نبخل .. لا نبخل .. لا نبخل<br>
هنا ..<br><br>
لنا ماض ٍ .. وحاضر .. ومستقبل<br>
كأننا عشرون مستحيل<br>
في اللد والرملة والجليل<br>
يا جذرنا الحيّ <br>
تشبث<br>
واضربي في القاع يا أصول<br><br>
أفضل أن يراجعَ المضطهـِدُ الحساب من قبل أن ينفتل الدولاب<br>
لكلِّ فعل ٍ :- … <br><br>
إقرأوا ما جاء في الكتاب<br><br><br>
تحتضن حواء ابنتي آدم وتخرج وإياهن من قاعة المحكمة بهاماتهن المنتصبة ورؤوسهن المرفوعة بشموخ تتبعن حياة مثلهن منتصبة القامة في تحد لقرار المحكمة بأن ﻻ شيء يكسر عزيمتنا وإرادتنا<br>
في الحقيقة..حيرتني النهاية...ورحت أتساءل...هل حواء رمز لفلسطين التي ضاعت منا والتي قاوم آدم وسجن لأجلها.ألهذا ظهورها لم يشعل نار الغيرة في قلب حياة وتقبلت وجودها...<br>
وهل ظهور حواء في الوقت الذي سلك فيه آدم طريق المقاومة ...إشارة من الكاتبة بأن فلسطين ﻻ تعود إلا بالتضحية والمقاومة ...وهل الفردوس المفقود هو فلسطين من النهر للبحر ..<br>
وهل وهل؟.. الرواية مشرعة للتحليل...وتفتح آفاقا للتأمل والتحليل<br>
بقي أن أوجه تحية اكبار وإجلال لهذا العمل الرائع ولكاتبته المبدعه الشاعرة ريتا عودة<br><br>
<br>
بقلم: نائله ابراهيم
<br>
30.04.2015<br><br>
----------------------------------------------------------------
<br><br><br>
تحليل الشخصيات :<br><br>
ادم : هو الارض التي منها واليها نعود من ضلعه وجدت حواء ومن نسله كانت احلام وامل واستمدت حياة طاقتها للحياة والاستمرارية متمردة على كل القيم الملوثة وهو العلم والمعرفة والتوعية والتعبئة الوطنية والشعبية التي اعادت الوعي السياسي لمن غيبهم الاحتلال عن هذا المشهد .. وهو الثورة بكل اطيافها يحاولون وادها وسجنها وقمعها لكنها ممتدة بالجيال الباقية والثائرة التي بقيت تدافع عن ادم رتتظاهر لاجل حريته ومنهم خياة وبناته اللواتي يمثلن هذا الامتداد وهذا البقاء ومذلك في حواء التي تمثل اهلنا في الشتات او في اللاجئين داخل الارض وخارجها.
<br><br>
حياة : هي الوجود العربي في ثنايا الكيان الصهيوني المحتل ( عرب ٤٨ ) الذي ما فتئ ان تفتح وعاد اليه وعيه واصراره على البقاء والوجود والتحدي رغم التهميش المسيس والمقصود عندما التقت بادم الذي يمثل الارض والوعي والثورة فتغيرت نظرتها للحياة وتخطت حاجز الانسان الذي يعيش لياكل ويشرب ويمشي الحيط الحيط لتنقلب مفاهيمها فجاة الى فئة الانسان الجامعي المثقف علميا واجتماعيا ودينيا وسياسيا بفضل ( ادم ) العلم والارض والثورة حيث قالت في يوم الارض بعد ان التقت ادم ( اليوم استطيع ان اعلن ولادتي من جديد ) هي الانسان الحر الذي يابى الخضوع وبدا يرى الحلم والنهار والفجر ثائرة على التقاليد البالية والافكار المسمومة التي تكبل حلمها هي الخصب متمثل بامراة اجبت اجيال الاحلام والامل في المستقبل القادموالتي ستكمل المسيرة لتحرير ادم من الاعتقال نحو الحرية والوجود
<br><br>
حواء : هي الشعب بمختلف فئاته خرجت من رحم الارض (ادم ) الى منافي الارض والشتات واللجوء باحثة عن الامن الذي افتقدته لحظة بعدها عن مصدر امنها فلجات الى الدير واحست بامن ظاهري لكن داخلها ظل باحثا عن الماوى الاصلي عن جذورها التي هي احد فروعها فظلت تبحث عن طريق العودة الى ادم حيث منبت وجودها... لذلك فهي ارتضت ان تخرج من الدير رغم ما حققه لها من امن جزئي وقبلت ان تعيش حياة التحدي والمقاومة بكل تبعاتها بعد ان علمت بمكان ادم وعرفت طريق العودة اليه رغم ما فيه من مخاطر مقابل ان تنعم باحساس الامن والسلام الداخلي رغم كل ما سيعتري ذلك من اصطدام وواقع مرير لذلك نجد حواء وحياة واحلام وامل يسيرون معا بعد انتهاء المحاكمة ليكملوا معا مشوار الحرية ... الحلم
<br><br>
بقلم: فداء ابو طاحون
<br>
30.04.2015<br><br><br><br>
----------------------------------------------------------------
<br><br><br><br><br>
/><br /><br /><br /><br />----------<br /><br /><br />سيرة ذاتية<br /><br /><br />ريتا عودة<br />شاعرة وقاصّة ومترجمة<br />من مواليد النـّاصرة<br />29-9-1960<br /><br />* حاصلة على شهادة اللقب الأول في اللغة الانجليزية والأدب المقارن. <br />* تقوم بتدريس اللغة الانجليزية في المدرسة الثانوية البلدية في الناصرة. <br />* حصلت على المرتبة الأولى في مسابقة لكتابة قصيدة الهايكو على مستوى العالم.<br />* حصلت على المرتبة الأولى في مسابقة "الهيجا" على مستوى العالم.<br />* تملك موقعا على الشبكة الإلكترونية: http://ritaodeh.blogspot.com<br />* تمت ترجمة نصوصها إلى العديد من اللغات عبر شبكة الإنترنيت.<br /><br />صدر لها :<br />(الضغط على اسم الديوان ينقلك الى الديوان)<br /><br /><br /><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/1994.html">ثورة على الصّمت-1994</a><br />1994 - وزارة الثقافة والمعارف- الناصرة <br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/1998-httpwww.html">مرايا الوهم</a><br />1998- المدرسة الثانوية البلدية –الناصرة <br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/08/blog-post_18.html">يوميات غجرية عاشقة </a><br /> 2001 – دار الحضارة – القاهرة <br /><br /><br />* <a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/2003-2000-2001.html">ومن لا يعرف ريتا</a> <br />2003- دار الحضارة – القاهرة <br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/09/geovisite.html">قبل الإختناق بدمعة </a><br />2004 - دار الحضارة – القاهرة <br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/09/new-poems.html">سأحاولكِ مرّة أخرى</a><br /> بيت الشعر الفلسطيني - رام الله- 2008<br /><br /><br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/">أنا جنونك-مجموعة قصصيّة</a><br />بيت الشعر الفلسطيني - رام الله- 2009<br /><br /><br /><br /><br /><br />مجموعات الكترونيّة: <br /><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/2008.html">بنفسجُ الغربـــَة 2008-رواية قصيرة</a><br /><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/blog-post_20.html">طوبى للغرباء-رواية قصيرة-2007 </a><br /><br /><br /><a href="">سيمفونية العودة 2010-رواية </a><br /><br /><br /><br /><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">SIGN MY GUESTBOOK</a><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">رأيـــُكَ يـَهمـُّــنــــِي</a><br /></font></CENTER><br /><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-77855115168172029082009-11-10T23:45:00.000-08:002015-03-20T20:18:46.327-07:00Rita's Flash Poems=== ومضات ريتاويّة<CENTER><br /><font size="4" color="red"><br />ريتا عودة<br />هذي جراحي فادخلوها آمنين<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br /> Rita Odeh<br />.These are my wounds<br />So, do come in<br />.feeling safe<br /></font><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj5jEy_PK1AF2HFK7-xtTf3ImxrwkWhqWJpomifcN3ern5gLkUnOFUmpLBZTYi2qDZ-e6cKgH5FoslPCuO7aoNB6ghKrk8KcKxREBVAWjQoluZTuLqLiMv_h_58G-pCQ87JKkZc9AtD2kE/s1600-h/is_shamoot60.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 119px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj5jEy_PK1AF2HFK7-xtTf3ImxrwkWhqWJpomifcN3ern5gLkUnOFUmpLBZTYi2qDZ-e6cKgH5FoslPCuO7aoNB6ghKrk8KcKxREBVAWjQoluZTuLqLiMv_h_58G-pCQ87JKkZc9AtD2kE/s200/is_shamoot60.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5389480270331214946" /></a><br /><a href="http://www.shammout.com">اللوحة للمبدع اسماعيل شموط</a><br /><font size="4" color="red"><br />طفلة في مخيّم <br />تســــــألُ <br />عن معنى كلمة لاجئ..!<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />A girl <br />in a camp is asking<br />about the meaning<br />:of the word<br />refugee<br /></font><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-guRq5eIITcn6aa3myJALuJwj3Bg6AEsLMoQa7hzGesjvLWJyjWcd4pvC7G0Xaxx0ukRJAUzBWILGx_wDXa-P4pAZthkhpQYC9qtEw38219ICccfwHBgLAsSnvGswaj2t7U6gFwOxnVM/s1600-h/omayagoha1.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 150px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi-guRq5eIITcn6aa3myJALuJwj3Bg6AEsLMoQa7hzGesjvLWJyjWcd4pvC7G0Xaxx0ukRJAUzBWILGx_wDXa-P4pAZthkhpQYC9qtEw38219ICccfwHBgLAsSnvGswaj2t7U6gFwOxnVM/s200/omayagoha1.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5383806367411763250" /></a><br /><a href="http://www.omayya.com">اللوحة للمبدعة أميّة جحا</a><br /><font size="4" color="red"><br />انعتاق<br /><br />أكتبُ :<br />فألمسُ النجومَ<br />في لحظة ميلاد ٍ<br />ما بينَ<br />موت ٍومـَـوت ٍ<br />آخر<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />Liberty <br /><br />,By writing<br />I do touch the stars <br />in a moment of birth <br />between one death <br />.and another<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEikXR9CollAmB2Lu0gB1usMi4KUww2FxNMaiDOMtlomrLEcNS6qevfZ2KZNnyoRB-k4wdVJtQBMEdrFhg7Ce7Oq4dp-i0pFoIcl0WsMaVvK4IuTxumq8EZcTs2pDDYKhiauOAPSxa2mkqE/s1600-h/is_shamoot401.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 144px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEikXR9CollAmB2Lu0gB1usMi4KUww2FxNMaiDOMtlomrLEcNS6qevfZ2KZNnyoRB-k4wdVJtQBMEdrFhg7Ce7Oq4dp-i0pFoIcl0WsMaVvK4IuTxumq8EZcTs2pDDYKhiauOAPSxa2mkqE/s200/is_shamoot401.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5389483767596306578" /></a><br /><a href="http://www.shammout.com">اللوحة للمبدع اسماعيل شموط</a><br /><font size="4" color="red"><br />زهرةُ عبــَّادِ الشَّمس ِ<br />أنا<br />أرفعُ رأسي <br />وأحيا<br />فبقائي في:<br />.. كِبــْريـــَائــِـي ..<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />I am a <br />.sunflower<br />I raise up my head<br />,and live<br />for my existence<br />is in my<br />..pride..<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi6fYblUadTct7XiQRxZBeOEjz7uV-UInSnMpabIqhWB7BT6orG8jx9Tio1ZRUcsISl1ammJO5A_IQe49avVLUevIB2JPIjsJYCOz9YLhwaGzl4NwB20IH0SRt4GJGwmFoMASlb2LIIhvU/s1600-h/is_shamoo403.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 148px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi6fYblUadTct7XiQRxZBeOEjz7uV-UInSnMpabIqhWB7BT6orG8jx9Tio1ZRUcsISl1ammJO5A_IQe49avVLUevIB2JPIjsJYCOz9YLhwaGzl4NwB20IH0SRt4GJGwmFoMASlb2LIIhvU/s200/is_shamoo403.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5389484570545996834" /></a><br /><a href="http://www.shammout.com">اللوحة للمبدع اسماعيل شموط</a><br /><font size="4" color="red"><br />لي اشتهاءٌ <br />أنْ أنطلِقَ خارج<br />هذا الجَسَد<br />لأقرفِصَ فوقَ غيمة<br />أراقِبَ<br />هؤلاء البَشَرْ<br />الــ .. يتفوَّقونَ<br />في صُنـْع ِالشَّرْ<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />I desire<br />to depart from<br />,this body<br />and run to squat<br />on a far cloud<br />to observe those<br />who excel<br />.in making evil<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhF6DHDkLsFIc7YPupdYB-glivvgjyUb5SIM0iPTTl0GgulAy6vgKc82Sy-0Po7X0gri9NCTv7Zgr9cVxSjPuyYZyYbjTGt_XzBZGbn04jQU66xPtw-EAQFSWw__hDSzmsqoRlBilvj-Ug/s1600-h/talaba.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 176px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhF6DHDkLsFIc7YPupdYB-glivvgjyUb5SIM0iPTTl0GgulAy6vgKc82Sy-0Po7X0gri9NCTv7Zgr9cVxSjPuyYZyYbjTGt_XzBZGbn04jQU66xPtw-EAQFSWw__hDSzmsqoRlBilvj-Ug/s200/talaba.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5384143807259370722" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />أكانَ لا بُدَّ<br />لكلِّ هذا النَّزْفِ<br />كي نفقهَ<br />لـُغـَة َ السَّمَاء..!؟<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />Was it worth<br />all this wrath<br />to understand<br />the language<br />?!..of Hevean<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjHFwjXuV5YGkAgaX69Q_cee72kqltmGwtQedqc9G0n_64tPmJxE_TYDfgBGKDkweuocQg2-XvSRWsz8mEXJNseDLXnm8Z1LMqAiXIwezIeG9sxgfcafpWudrf4JJuCb27I8zDdPXdaJBs/s1600-h/21.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 148px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjHFwjXuV5YGkAgaX69Q_cee72kqltmGwtQedqc9G0n_64tPmJxE_TYDfgBGKDkweuocQg2-XvSRWsz8mEXJNseDLXnm8Z1LMqAiXIwezIeG9sxgfcafpWudrf4JJuCb27I8zDdPXdaJBs/s200/21.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5383940708929408130" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />أكونُ لكَ<br />سنونوّة<br />حين لا<br />تكونُ ليَ<br />القفص <br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />I can be<br />,your swallow<br />if you promise<br />not to be<br />.my cage<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhc2vzlAgddPfHWPMnof8_wgPQ-yPaQDNpDy8-16MdpJo9xhyGBHtPiQKfJXsSssT19rS9aTmq-yAJPqAR5QVzS_I00J0Hp3ZKcwxhkCZrJkdNJcgaL1Mc9viHZPgEpMbG06G_VjY8YPec/s1600-h/22.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 162px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhc2vzlAgddPfHWPMnof8_wgPQ-yPaQDNpDy8-16MdpJo9xhyGBHtPiQKfJXsSssT19rS9aTmq-yAJPqAR5QVzS_I00J0Hp3ZKcwxhkCZrJkdNJcgaL1Mc9viHZPgEpMbG06G_VjY8YPec/s200/22.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5383942974005899714" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />الحياة ُ قنديلٌ<br />لكن:<br />مَنْ سَرَقَ<br />زيته..؟!<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />.Life is a lamp <br />,but<br />!?..who stole its fuel <br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgyEUlZ-UVqR66JfwxofCBRYCfBYyi7Q1qMZbQbs9FwBZh2vO6aO5QprQqi3JCZezfIgTBAKChNxj5DjbTiaajCSkkANB-S7CjGhM9TurTjEEQ6JmQLCT4yTAD2pqs2AroSNLzns_mRB8A/s1600-h/10.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 200px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgyEUlZ-UVqR66JfwxofCBRYCfBYyi7Q1qMZbQbs9FwBZh2vO6aO5QprQqi3JCZezfIgTBAKChNxj5DjbTiaajCSkkANB-S7CjGhM9TurTjEEQ6JmQLCT4yTAD2pqs2AroSNLzns_mRB8A/s200/10.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5383950955237143106" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />الى متى <br />يظلّ الإنسانُ الصادقُ <br />ضميرا مستترا <br />وتظلّ الأقزام <br />المشبّهة بالأفعال <br />تنصب وترفع<br />ما تشاء <br />متى تشاء ..!! <br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />Till when <br />will the honest human being <br />,be an absent pronoun <br />and the dwarfs <br />,"who look like " verbs <br />put down, and put up <br />,Whatever they want <br />!?..whenever they want <br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEioq7lvPyVGAdv6meSDKwKGSIzUiF_rOfK32tTUeAS8h_aq_DHotT1BdX4c1haE5Mn8-vNBFVD8ZkcSlnD_uh0M_5W3yC8tYYF8UEJ0Be66y4Q9pangjUHlA2f6av6m9uaP1H5ky7PAgCY/s1600-h/scilence.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 200px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEioq7lvPyVGAdv6meSDKwKGSIzUiF_rOfK32tTUeAS8h_aq_DHotT1BdX4c1haE5Mn8-vNBFVD8ZkcSlnD_uh0M_5W3yC8tYYF8UEJ0Be66y4Q9pangjUHlA2f6av6m9uaP1H5ky7PAgCY/s200/scilence.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5384133553120445010" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />لِنـَصْمُتْ قليلا <br />لنـُنـْصـِتْ طويلا <br />ها هي:<br />إنَّّ <br />وأنّ <br />وليتَ <br />ولعلّ <br />تهرولُ إلينـــا <br />ونحن <br />وحيدان وحيدان <br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />.Let's hush for a while <br />.Let's listen <br />:Here they come<br />,what <br />,where<br />,when<br />and <br />..why <br />rushing towards us <br />while we are both <br />.lonely <br />.So l o n e l y <br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjjtN-mJqjEVOEp7P3t-zsaImRwZ2-EL7abQcuLUPUM0UTZqbMXaABh6suPXbvqhkapU2wvOlJtnqIb5opapYyy2asL0FyqSvaN6P4HYG0P7lghCu1u6TRhmeL3awVO6-AVYyQVgCvmzLg/s1600-h/sharef.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 152px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjjtN-mJqjEVOEp7P3t-zsaImRwZ2-EL7abQcuLUPUM0UTZqbMXaABh6suPXbvqhkapU2wvOlJtnqIb5opapYyy2asL0FyqSvaN6P4HYG0P7lghCu1u6TRhmeL3awVO6-AVYyQVgCvmzLg/s200/sharef.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5384151134484153218" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />شَبَكَةٌ الرُّوح <br /><br />مُخْتَالاً تَأْتِي <br />كَمَا الشِّبْلُ <br />تَدْخُلُ شَبَكَةَ الرّوحِ <br />تَطْلُبُ أَنْ أَصْطَادَك <br />وَقَدْ تَمَّ اصْطِيَادُنَا<br />فِي شَبَكَةِ الْحَيَاةِ<br />!!.. حَبِيبِي<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />Trapped <br /><br />Like a baby lion <br />you come strutting <br />,into my net <br />.asking to be caught <br />Aren't we both already caught <br />!?..in the cage of --- LIFE <br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhRvK5ieofIi0qqiLrCxTEz1rFOawKZUNZcDDygdwKMCHL60tnErbP4EYwlK30AEDGXRLRZ6HhycQhodITxo0RRk5D9T-8kaCbX2cbwkB3KsOmvxkIkdCFFm4CuK2rHjryxhpMZNQQlRTM/s1600-h/8mart7.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 200px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhRvK5ieofIi0qqiLrCxTEz1rFOawKZUNZcDDygdwKMCHL60tnErbP4EYwlK30AEDGXRLRZ6HhycQhodITxo0RRk5D9T-8kaCbX2cbwkB3KsOmvxkIkdCFFm4CuK2rHjryxhpMZNQQlRTM/s200/8mart7.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5384145419806432578" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />توأم الحلم<br /><br />أشتهي <br />أن تظلَّ حلما <br />كي لا أفقدك <br />ولا أدري لمَ كلَّما <br />لمحتُ عاشـِقـَيـْن ِ<br />أَفتقِدُكْ <br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />A Twin Of Dream <br /><br />I wish that <br />you stay a dream <br />.so that I won't lose you <br />But I don't know why<br />,whenever I see two in love <br />.I do miss you<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj68MYh18_UJt829Z52f6D9LSHL78QTVLfWvynzyu4NyDNfUSKIGdYBiO3pTz7qd0CkiAC5O9ys0uESeQLuVXf6gujrnS2qmCgyjpLi705OXTxFl5y2qfvQ1EVbqmOOIGWibKj7QYxSYco/s1600-h/is_shamoot46.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 153px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj68MYh18_UJt829Z52f6D9LSHL78QTVLfWvynzyu4NyDNfUSKIGdYBiO3pTz7qd0CkiAC5O9ys0uESeQLuVXf6gujrnS2qmCgyjpLi705OXTxFl5y2qfvQ1EVbqmOOIGWibKj7QYxSYco/s200/is_shamoot46.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5389478067837942050" /></a><br /><a href="http://www.shammout.com">اللوحة للمبدع اسماعيل شموط</a><br /><font size="4" color="red"><br />كمَا يعْرفُ النِّسْرُ<br />لُغـَاتِ العَاصـِفَة<br />أعْرفُ<br />كيْفَ أرَوِّضُ<br /> بالكـَلمَاتِ <br />.. حَنـِينـِي إلَيـْكَ ..<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />As an eagle knows<br />the language of storms<br />I know how to<br />tame by words<br />my yearning for you<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgsWObmC-E4CGG97xgfAIHfVLOl0LN_UYnxF3262Tx-eQtD_dD8F-Kz3Bufsm4Xi5EMsvB5tDDak7d40CN6ztp_8R2ovX2kwJ7m8QIX54M5nN6AloDbnydA93m8Z8h_h6Ye-o8FWK95iN0/s1600-h/vold.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 200px; height: 199px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgsWObmC-E4CGG97xgfAIHfVLOl0LN_UYnxF3262Tx-eQtD_dD8F-Kz3Bufsm4Xi5EMsvB5tDDak7d40CN6ztp_8R2ovX2kwJ7m8QIX54M5nN6AloDbnydA93m8Z8h_h6Ye-o8FWK95iN0/s200/vold.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5384135823103435634" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />إلتجأتُ لكـَفـِّكَ<br />عَدْوًا <br />خلفَ قمح ِ حنان ٍ<br />فاكتشفتُ <br />أنـَّها قادرة<br />أيضا على <br />الصفع ِ<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />I sought refuge <br />,in your hand <br />chasing<br />.the wheat of affection <br />But,I found out that <br />.it can also… BEAT <br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg08ZYrjXDMf9hxMI6J9KdMjQqXaD_078mRFMcTG60bcapslSmPKn49y_zmiCM8OfKXWsA7lFtr-Owbk7oacaDCMSBQIKsTfv8iSS7K1ERpopcZqo_O57ZNsAwbTBnP80sdBke1n_zAwU4/s1600-h/siteClose.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 163px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg08ZYrjXDMf9hxMI6J9KdMjQqXaD_078mRFMcTG60bcapslSmPKn49y_zmiCM8OfKXWsA7lFtr-Owbk7oacaDCMSBQIKsTfv8iSS7K1ERpopcZqo_O57ZNsAwbTBnP80sdBke1n_zAwU4/s200/siteClose.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5384149058787885586" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />آدم وحوّاء <br /><br />وَكَانَ أَنْ وَعَدَهَا<br />بِحُقُولٍ مِنْ قَمْحٍ <br />وَبِفَيْرُوزٍ مِنْ بَحْرٍ<br />وَلَمْ تَسْتَقْبِلْ إِلاَّ<br />أَمْوَاجًا مِنْ قَهْر<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />Adam And Eve <br /><br />He promised her <br />.fields of wheat<br />He promised <br />.love and heat <br />She received <br />.waves of…HATE<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcmjfgiSAIPWlzw3n5Sz6QsRCJRqfKu_ra7iiv0zWZTib3aSBBWYaI1FyhtXVHLYWr-Pl_DSwMji6_r8Q974jFYz7oDMI1wokem_gcmbaZ7jioZN6XS9RGV_GhwkjNuDVqmDLIsdKFOW4/s1600-h/Elfara.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 150px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgcmjfgiSAIPWlzw3n5Sz6QsRCJRqfKu_ra7iiv0zWZTib3aSBBWYaI1FyhtXVHLYWr-Pl_DSwMji6_r8Q974jFYz7oDMI1wokem_gcmbaZ7jioZN6XS9RGV_GhwkjNuDVqmDLIsdKFOW4/s200/Elfara.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5393075526396613538" /></a><br /><a href="">اللوحة للمبدع محمد حمزة الفرا</a><br /><font size="4" color="red"><br />كالّسلحفاةِ حينَ تخرجُ <br />مِن صَدَفـَتِها الصَّلبَة،<br />هكذا أنا:<br />هَشـَّة ٌ.. هَشــَّة..<br />منذ ُ عَنـِّي.. رَحَلتَ<br />وَلـَمـــَّـا تـَعُـدْ ..!<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />As a turtle<br />,that comes out of its shell<br />:thus I am<br />..fragile, so fragile<br />since you left me<br />and haven't <br />.come back yet<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgmnh3CB0dn_G4etVbPrrtYbrMY7PYEGAHUf4bf1egK11qAeKL7aCtMbot9vOUbMsPCiYEVaCeWl7rJotK9ak5p-7o5rfH9hqkg5qjNc3miJlNHXJrc-K3uwGlXSL8pWPwFwT8JxCbipew/s1600-h/20.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 134px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgmnh3CB0dn_G4etVbPrrtYbrMY7PYEGAHUf4bf1egK11qAeKL7aCtMbot9vOUbMsPCiYEVaCeWl7rJotK9ak5p-7o5rfH9hqkg5qjNc3miJlNHXJrc-K3uwGlXSL8pWPwFwT8JxCbipew/s200/20.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5383946342214224226" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />كفاكَ عويلاً<br />على حُلم ٍ مَسْكوب<br />كفكفْ دمعَكَ<br />واكتـُبْنـِي<br />الحِبرُ أبقـَى مِنَ<br />الحـُبّ<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />Stop weeping <br />.over a poured out dream <br />Dry your tears<br />and write me <br />Ink lasts longer <br />.than love<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEirJaKXlTxtZDs7fJ_Y1ShHCx_8-XQuCVMTE0v1aKqJOUqGsVoexi1QB4-592gzDnk49KJeqJKPg9lPAjsh47agDN-7rmuL02UYuwgwLn7f24C-0npZFLABo-Yb1uxSduwTVxDbqV7PIg4/s1600-h/Curfew.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 200px; height: 149px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEirJaKXlTxtZDs7fJ_Y1ShHCx_8-XQuCVMTE0v1aKqJOUqGsVoexi1QB4-592gzDnk49KJeqJKPg9lPAjsh47agDN-7rmuL02UYuwgwLn7f24C-0npZFLABo-Yb1uxSduwTVxDbqV7PIg4/s200/Curfew.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5384137290619703058" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />حَظْرُ تَجَوُّل <br /><br />تَسَلَّلْتُ بِحُرِيَّة <br />إِلَى مَدِينَةِ أَفْكَارِك <br />فَاسْتَوْقَفَنِي جُنْدِيٌّ عَابِر <br />عَلَى بَوَّابَةِ أَسْرَارِك ! "وَصَرَخَ: "هُوِيَّة <br />وَحِينَ أَدْرَكَ أَنِّي عَرَبِيَّة <br />صَادَرَ أَحْلاَمِي<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />Curfew <br /><br />A passing-by soldier <br />stopped me <br />,at the gate of your thoughts <br />shouting: <br />."!..Identity Card" <br />When he discovered that<br />,I am an Arab <br />.he confiscated my dreams <br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiPn3S2H0kvOvZvO5y_BhSICPF0iBzYQP3csmIwEh4NFgLA9S-RJG_ivQPwgKYnFE1jj3ED-hjcLd4Uhi3io2vj3ETXniLp7mryjCs8DGlXLUh3-Qd-VyQRQPOgrMi9zysRldme5g_Teqs/s1600-h/death_penaltyar.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 162px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiPn3S2H0kvOvZvO5y_BhSICPF0iBzYQP3csmIwEh4NFgLA9S-RJG_ivQPwgKYnFE1jj3ED-hjcLd4Uhi3io2vj3ETXniLp7mryjCs8DGlXLUh3-Qd-VyQRQPOgrMi9zysRldme5g_Teqs/s200/death_penaltyar.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5384141656693315570" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />اللسّانُ الذي<br />لا يستطيع أن يقول: <br />"لا!" <br /> ليس لسان <br />انسان <br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br /> A tongue which<br />can't say :No<br /> is not<br />a tongue<br />.of a human being<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgm_SVbk3SaGbIk857xvE4am8GLHuQgjoie9-o4f72xQ3-e-BnP-14tRE1Iw6kcOdzvIE5dvKgTGqbIhksa1sG2aodiTAN-Rei7N21FNF7RsUKVnN3_Q6kHM5nmCfwZg1YeiiNz2M9AGaI/s1600-h/Towards+the+Sun2%D8%A7%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D9%84.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 170px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgm_SVbk3SaGbIk857xvE4am8GLHuQgjoie9-o4f72xQ3-e-BnP-14tRE1Iw6kcOdzvIE5dvKgTGqbIhksa1sG2aodiTAN-Rei7N21FNF7RsUKVnN3_Q6kHM5nmCfwZg1YeiiNz2M9AGaI/s200/Towards+the+Sun2%D8%A7%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D9%84.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5394569981222498354" /></a><br /><a href="http://www.shammout.com">اللوحة للمبدع اسماعيل شموط</a><br /><font size="4" color="red"><br />ستظلُّ .. <br />تارة ً تدفعُ الصخرة <br />وأخرى تدفعُكَ <br />إلى أن تـُرْفـَعُ اللعنة <br />بانتهاءِ اللعبـــــــة <br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />You'll keep<br />,pushing the rock up<br />and it will keep <br />,pushing you down<br />till the curse <br />is over<br />at the end<br />.of the game<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><font size="4" color="red"><br />مرايا الوهم <br /><br />أما آنَ لي أن <br />احرّرَ من قارورة العطر <br />... جسدي<br />أحرّر من توابيت القبيلةِ<br />... وجعي <br />أحرّر من مشنقة الغبَن <br />... عُنُقي <br />ومن مرايا الوهم <br />... وجهي <br />لأبحثَ عن صوتي <br />في ثرثرة النّوارس <br />لأمواج البحر <br />وأرسم بطاقة كِياني<br />في وشوشة الورق <br />لأمواج الحبر ..!!<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />Mirrors of Illusion <br /><br />Isn't it Time <br />to set my body free <br />,from the bottle of perfume <br />to set my pain free <br />,from the the coffins of the tribe <br />to set my neck free <br />,from the scaffold of injustice <br />and my face<br />!?..from the mirrors of illusion<br /><br />Isn't it Time <br />to look for my voice<br />in the chat of seabirds <br />,to the waves <br />to draw my identity card <br />in the whisper of the papers <br />!?..to the waves of ink<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiQ3h_J-bR5yEhHSAOazQ2wbNvi1-vBTOqamLxmoKE9qL9m7Np6O1hkAJ3vq-UCIdYqCqpUIysEVtltMKHw5n9zHrqnz_xZz0BYKFYo57ceL_yB5jihQNDnngiZHhSBt3f-tErpP31A8M8/s1600-h/yassar.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 200px; height: 200px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiQ3h_J-bR5yEhHSAOazQ2wbNvi1-vBTOqamLxmoKE9qL9m7Np6O1hkAJ3vq-UCIdYqCqpUIysEVtltMKHw5n9zHrqnz_xZz0BYKFYo57ceL_yB5jihQNDnngiZHhSBt3f-tErpP31A8M8/s200/yassar.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5385271995607812338" /></a><br /><a href="http://www.ahewar.org/general/nasrin">اللوحة للمبدعة العراقية نسرين</a><br /><font size="4" color="red"><br />أريدُ أنْ أحيـَا<br /><br />أريدُ أنْ أحيـَا:<br />أنْ أنهضَ معَ الفرَاشَاتِ<br />لأهيمَ على وجهي في البَيَّاراتِ<br />أجيد قطفَ الأمنيَاتِ<br />معَ الأيدي الكادحَة<br />والشفاهِ المُعَمَّدَة.. بالنشيدِ.<br />أريدُ أنْ أحيـَا: <br />كالأطفالِ، أمشِي على الرَّمْلِ شَريدًا،<br />حافيَ القدَمَيْن ِ، عَاريًا ، مِنْ كلِّ المَواعيدِ..<br />أنـْصِتُ لزَخَّاتِ المَطـَرِ، وآهـَاتِ الحَجَرِ،<br />وَهُوَ يـَتلَوَّى .. في ضوءِ القمَرِ<br />وَيَتْـلُو .. عَلى العُشْبِ آياتِ السَّهَرْ.<br />أريدُ أنْ أتفاوَضَ<br />مَعَ السُّنـُونـُوَّاتِ عَلى أجْنِحَتِهَا<br />ومعَ العودِ على أسرارِ الوَتـَرْ.<br />أريدُ أنْ أطيرَ .. أبْعَدَ مِنَ النُّسُورِ<br />أريدُ أنْ أغـَرِّدَ..أجودَ مِنَ العندليبِ الشَّادي<br />وكأنبياءِ العَهْدِ القديم ِ، أُنـَادي<br />بالسَّلام ِ بينَ الأَنــَام .ِ<br />أريدُ أنْ أجْمَعَ الحجَارَةَ .. لِأَبـْنـِي<br />على طُولِ شَاطِئِ الصَّبـْرِ.. وَطَنـًا لإِبـْنـِي<br />أريدُ أنْ أحيـَا.. كلَّ يَوْم ٍ عِيدًا أكيدًا<br />أريدُ أنْ أحيـَا.. عُمرًا مَديدًا سعيدًا<br />أريدُ .. إنـِّي الآنَ أريدُ<br />أنْ أحْيــَا بَعيــِدًا، بَعيــِدًا <br />عَنْ مَنْطِق ِ السَّادَةِ والعَبـِيــِدِ<br />أريدُ ولكِنَّ..<br />صوتَ الإنفجَاراتِ البَعيدَة<br />وهذي الغـَارَاتُ العَنِيدَة<br />الـ.. تـَشّنـُّهَا الطـَّائِراتُ<br /><br />-فوقَ عُشِّ أفكاري المحَاصَرِ <br />بالأسْلاكِ الشَّائِكَةِ ..وَالذُّلْ،<br />فوقَ جَسَدي المُهَدَّدِ بالقهْرِ والوَعِيدِ والتَّهْويدِ<br />والتـَّجْويع ِ والتـَّرْكيع ِ والتـَّرْويع ِ<br />والتـَّنْكِيلِ والتـَّرحِيلِ وَسَفْكِ عِطْرِ الفُلّْ –<br /><br />لا زالتْ تتوَعَّدُ بقـَصْـفِ<br />مَا تـَبَقـَّى في بحاري<br />مِنْ حُوريَاتِ أحْلام ٍ وذِكرَيَاتٍ..<br />بأسَى النَّكْبَة تفيضُ .. وتفيضُ ..<br /><br />2009 / 9 / 19 <br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />I Want To Live<br /><br />:I want to live<br />,to wake up with the butterflies<br />,to wander in the fields<br />to pick up dreams<br />with the hands of laborers<br />and pray with lips<br />which are baptized<br />.by hymns<br /><br />:I want to live<br />to walk on the sand <br />,as homeless children do<br />barefoot and nude <br />.free from all burdens<br />I want to listen <br />to the raindrops<br />,and the groans of stones<br />as they ramble<br />,in the moonlight<br />and recite to the grass<br />.the verses of wakefulness<br /><br />I want to negotiate<br />with the birds <br />,about their wings <br />and with the lutes<br />.about their strings<br /> <br />I want to soar<br />.higher than eagles<br />I want to sing<br />,better than nightingales<br />and as the prophets<br />,of old times<br />I want to call for peace<br />.among people<br /><br />I want to collect some stones<br />to build some house for my sons<br />.on the shore of patience<br /><br />I want to live<br />each day<br />.as a holyday<br />I want to live <br />a long blessed life<br />.as books say<br /><br />Now, I want to live<br />away from the logic <br />.of employer and employee<br /><br />...I want to<br />,But, the sound of the far explosions<br />-and these airplane stubborn raids<br /> <br />which are being waged <br />above my tiny head<br />which is besieged by barbed wires <br />,and humiliation<br />above my tiny body<br />which is threatened<br />,by subjugation, hunger, slavery<br />-terrorization, slaughter and immigration<br /><br />still threaten to bomb<br />:what is left in my seas<br />nymphs and memories<br />which still flow<br />with the anguish of calamity<br /></font><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhhiYinSx_K6sAMtSjSUJwd7vwYrv1Z7jIALcDS3mpaoogfav2r3Ed4Dxn-zmXw-5x4uH4zEgr9QIwwXru_nnGAex3qn8Wi4HLcnCPHF0qvm02Aifin8LFocSS0KQUyxu52QW8cXvwkHew/s1600-h/is_shamoot425.gif"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 200px; height: 154px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhhiYinSx_K6sAMtSjSUJwd7vwYrv1Z7jIALcDS3mpaoogfav2r3Ed4Dxn-zmXw-5x4uH4zEgr9QIwwXru_nnGAex3qn8Wi4HLcnCPHF0qvm02Aifin8LFocSS0KQUyxu52QW8cXvwkHew/s200/is_shamoot425.gif" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5389485687743657090" /></a><br /><a href="http://www.shammout.com">اللوحة للمبدع اسماعيل شموط</a><br /><font size="4" color="red"><br />شاعِرَة ٌ مَاكِرَة ٌ مَنْ يَجدُهَا..؟!<br /></font><font size="4" color="#000066"><br />شاعِرَة ٌ <br />مَاهِرَة ٌ، مَاكِرَة ٌ <br />مَنْ يَجدُهَا..؟!<br />ثمَنُهَا يَفـُوُقُ اللآلِئِ <br />كـُلـَّهَا.<br />بـِهَا يَثِقُ قلبُ قارئِهَا.<br />لـَهُ .. لا تصْنـَعُ إلاّ <br />الدَّهْشَة َوالبَهْجَة.<br />هِيَ.. كـَسُفـُن ِ التـَّاجـِر ِ،<br />مِنْ بَعْيدٍ..<br />تـَجْـلِبُ رُؤَاهَا.<br />تـَقـُومُ، إذِ الغـَسَقُ قـَريبٌ<br />تـَتـَأَمَلُ الأ فـُقْ.<br />ثمَّ، تـَمـُدُّ يَدَيْهَا إلى المِغـْزَل ِ<br />وَتـَنـْـسِجُ...<br />مِنْ حَرير ِ الحُلـُم ِ .. قـَصَائِدَهَا.<br />لا تـَخـْشـَى بَرْقـًا وَلا رَعْدَا،<br />فـَقـَصْرُهَا مُؤَسَّسٌ عَلى .. الأَلـَقْ.<br />يَقـُوُمُ قـُرَّاؤُهَا .. وَيُطـَوِّبُونـَهَا،<br />النـُّـقـَادُ .. فـَيـَمْدَحُونـَهَا.<br /><br />*<br /><br />كـَثيرَاتٌ ..<br />حَاوَلـْنَ اللـُّغـَةَ<br />نـَثـْرًا وَشِعْرَا<br />أَمـَّا أنــَا..<br />العَارفة ُ سِرَّ <br />رَحِيــِق ِ الزَّهْرَة..<br />فـَفــُـقــْـتُ<br />عَلـَيـْهـِـنَّ جَمِيعًا.<br /><br />7-9-2009<br /></font><br /><font size="4" face="Comic Sans MS" font color="red"><br />?!..Who can find a cunning poet<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />Who can find<br />?!..a skillful, cunning poet<br />.for her price is far above rubies<br />The heart of her reader <br />.does safely trust in her<br />,She keeps surprising him<br />.all the days of her life<br />;Like the merchants' ships<br />.she brings her insights from afar<br />,She rises also while it is yet night<br />.to meditate<br />Then, she seeks the silk of the dream<br />.and weaves her poems<br />,She is never scared of storms<br />for her palace is built <br />.on a solid soil<br />,Her readers arise up<br />;and call her blessed<br />,her critics also<br />.and they praise her<br /><br />*<br /><br />Many have tried the language<br />,Prose and poems<br />but I<br />who know the secret-<br />-of the rose's scent<br />.excelled them all<br /></font><br /><br /><br /></CENTER><br /><br /><br /><br /> <br />=== === ===<br /><br />ومضات ريتاويــّة<br />Rita's Flash Poems<br /><CENTER><br /><font size="3" face="simplified arabic" font color="red"><br />(1)<br /><br />وأنَا <br />أبحَثُ عنِّي<br />وَجَدْتُكَ</font><br /><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />,While<br />looking for me<br />.I found you<br /></font><br /><br /><br /><br /><font size="3" color="red"><br />(2)<br /><br />قارورَة<br />في دُرْج ِأرْمَلَة..<br />كنتُ<br />إلى أنْ مَرَرْتَ .. <br />فحَرَّرْتَ عِطـْري<br /> </font><br /><font face="Comic Sans MS" size="3" color="#000066"><br />I was a bottle<br />in a widower's drawer<br />till you passed by<br />and set my perfume<br />free<br /> </font><br />19-9-2009<br /><br /><br /><font size="3" color="red"><br />(3)<br /><br />مَنْ سِواه،<br />اقتحمَ مملكتــي<br />كما الشَّمس،<br />صَادرَ الرَّتابَة،<br />ووَقـَّعَ على..<br />جَدْوَل ِالقلق<br />اليَومي..!؟<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />,Who else but you<br />,conquered my kingdom<br />,as the sun does<br />confiscated boredom<br />and signed<br />the timetable<br />?!..of anxiety<br /></font><br /><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg26tvAxxm9dZjd92L6-0mpQ741PlEjPJ0h0RDjQUivyppxQ8WZqBkPr7yvPYUqr9torW1OUM5Gd_IAc_CvZFRJrZ8s2A4rGdV1bMONOIDoXM2tm4pZm_gIDGCP1TCyn5MHnnfUv3TLYGs/s1600-h/gngb.bmp"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 199px; height: 320px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEg26tvAxxm9dZjd92L6-0mpQ741PlEjPJ0h0RDjQUivyppxQ8WZqBkPr7yvPYUqr9torW1OUM5Gd_IAc_CvZFRJrZ8s2A4rGdV1bMONOIDoXM2tm4pZm_gIDGCP1TCyn5MHnnfUv3TLYGs/s320/gngb.bmp" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5368345958268041458" /></a><br /><font size="4" color="red"><br />(4)<br /><br />ها أنا أسمعُ <br />تلكَ البـَحـَّة المـُحَبـَّبَة<br />في صوتـــِكَ<br />دونَ أنْ يتضخمَ القلبْ<br />دونَ أنْ يتكررَ السَلبْ<br />.<br />.<br />لِمَ<br />لَمْ نلتقي<br />على "ما" كانَ <br />منَ الممكن ِ أنْ<br />يُحـَوِّلَ الدودَ<br />إلى: <br />..فراشات ِ حُقول..<br /></font><br /><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfAvnBiqWsfBWU4SBMFkLQh5snWyfgEKpzDvgshOftyoz7HEbKYkVoIucTk2QdkkbJ5YW1mMw9kUZLKmKNlgOziT8ojujRBv5H1Z2BV4cJPIiIehtaxVXPMmyFoU8OT01k9TnbXV1ymkY/s1600-h/blooming-violet.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 350px; height: 300px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjfAvnBiqWsfBWU4SBMFkLQh5snWyfgEKpzDvgshOftyoz7HEbKYkVoIucTk2QdkkbJ5YW1mMw9kUZLKmKNlgOziT8ojujRBv5H1Z2BV4cJPIiIehtaxVXPMmyFoU8OT01k9TnbXV1ymkY/s400/blooming-violet.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5399885302099230610" /></a><br /><br /><font size="3" face="simplified arabic" font color="#660099"><br />(5)<br /><br />أخبرتُ زهورَ البنفسج <br />عن فارس أحلامي <br />فأزهرتْ..<br />أخبرتُ العاشِقينَ، <br />فعلّقُوا ليَ المَشَانِقَ<br /></font><br /><font size="3" face="Comic Sans MS" font color="#000066"><br />I told the violet roses<br />.about the knight of my dreams<br />.They started blooming<br />,I told the lovers<br />.They hung me on a gallow<br /></font><br /><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">SIGN MY GUESTBOOK</a><br /><a href="http://pub17.bravenet.com/guestbook/1435898637">رأيـــُكَ يـَهمـُّــنــــِي</a><br /></CENTER><br /><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-91548189975440615202009-09-25T21:12:00.001-07:002015-02-03T20:13:24.494-08:00Poetess Rita Odeh-cv /// سيرة قلميّة للشاعرة ريتا عودة<br><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhLgntUmemrQVLf0dCIQr3o6Wsegnool173289kwp7PbC7052veZyZf23HaXg8cDX7Xy6wscUDvENscaUmHf9tf14oQ7ELTFV_RQwD3Ej0UteT7Xr4I4IX3tm1cr08uyJNT_SwdKzJsI2U/s1600-h/Rita+Odeh.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 125px; height: 163px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhLgntUmemrQVLf0dCIQr3o6Wsegnool173289kwp7PbC7052veZyZf23HaXg8cDX7Xy6wscUDvENscaUmHf9tf14oQ7ELTFV_RQwD3Ej0UteT7Xr4I4IX3tm1cr08uyJNT_SwdKzJsI2U/s200/Rita+Odeh.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5385624557593855090" /></a><br /><CENTER><font size="4" color="red"><br />ريتا عودة<br />شاعرة وقاصّة <br />من مواليد النـّاصرة<br /> 29-9-1960<br /> <br />*حاصلة على شهادة اللقب الأول في اللغة الانجليزية والأدب المقارن. <br />* تقوم بتدريس اللغة الانجليزية في المدرسة الثانوية البلدية في الناصرة. <br />صدر لها :<br /><br />* ثورة على الصمت <br />1994 - وزارة الثقافة والمعارف- الناصرة <br />* مرايا الوهم <br />1998- المدرسة الثانوية البلدية –الناصرة <br />* يوميات غجرية عاشقة <br /> 2001 – دار الحضارة – القاهرة <br />* ومن لا يعرف ريتا <br /> 2003- دار الحضارة – القاهرة <br />* قبل الإختناق بدمعة <br /> 2004 - دار الحضارة – القاهرة <br />* سأحاولكِ مرّة أخرى<br />بيت الشعر الفلسطيني - رام الله- 2008<br />*أنا جنونك- مجموعة قصصيّة<br />بيت الشعر الفلسطيني - رام الله- 2009<br /><br />مجموعات الكترونيّة: <br /><br />*طوبى للغرباء- رواية قصيرة جدا-2007 <br />بنفسج الغربة- رواية قصيرة جدا-2008<br />Watching The Buds of Dream- Haiku, 2006<br /><br /><br />كتب عن تجربتها الشعرية بعض النقاد ومنهم : <br /><br />د. رشيد يحياوي، استاذ جامعي في أكادير المغرب. <br />الشاعر د. نديم حسين، شقيق الشاعر سميح القاسم<br />د. حسن السوداني،ناقد مسرحي واستاذ جامعي،السويد <br />الأديب عدنان كنفاني، شقيق الأديب غسان كنفاني<br /> الشاعر عبد الرحيم مراشدة،استاذ للنقد الحديث،الأردن<br /></font><br /><font face="Comic Sans MS" size="3" color="grey"><br />Rita Odeh<br /><br />I was born in Nazareth 29 of September 1960<br />I have B.A. in English and Comparative Literature<br />.from Haifa University <br />.I am a high school teacher for English in my town<br /><br />:I have Published 6 books of poetry <br />Revolution Against Silence-1994<br />Mirrors Of Illusion-1998<br />A Diary Of A Gypsy Lover-2000<br />Who Doesn't Know Rita..!?-2003<br />One Tear Before Getting Suffocated-2005<br />I Will Try You Once More-2008<br /><br />:One Collection of short stories<br />I am Your Dizziness-2009 <br /><br /><br />:Two very short electronic novels<br />Blessed Be The Strangers-2007<br />Violets of Alienation-2008<br /><br /><br />:One e-book of Haiku<br />Watching the Buds of Dream- Haiku, 2006<br /><br /><br />I won the first place in<br />"November 2007 "Shiki Monthly Kukai<br />(haiku contest)<br />.Monthly I take part in the WHA Haiga Contest and win <br /><br />:Blogspot<br />http://ritaodeh.blogspot.com<br /></font></CENTER><br><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-8429896917635565831.post-51160683695327630852009-09-20T23:35:00.001-07:002015-02-03T20:12:56.430-08:00ديوان: " سأحاولكِ مرّة أخرى" عن بيت الشعر الفلسطيني، 2008<br><br /><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjwlhd6o-b6gDrOFw8MBkSZ2FOLbfepmI5yikFTStV5nxycHYAakEfroJgySyiZd25AquvfLygOYn4_hxWim4gfr5CacM9xh2mycPS1J1HfQbCb2BjRMVAfRIvCJsX6DjXldomXGAyQIfE/s1600-h/cover6.jpg"><img style="display:block; margin:0px auto 10px; text-align:center;cursor:pointer; cursor:hand;width: 202px; height: 320px;" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjwlhd6o-b6gDrOFw8MBkSZ2FOLbfepmI5yikFTStV5nxycHYAakEfroJgySyiZd25AquvfLygOYn4_hxWim4gfr5CacM9xh2mycPS1J1HfQbCb2BjRMVAfRIvCJsX6DjXldomXGAyQIfE/s320/cover6.jpg" border="0" alt=""id="BLOGGER_PHOTO_ID_5361895812252350210" /></a><br /><CENTER><br /><br />سَأُحَاوِلُكِ مَرّةً أُخْرَى<br /> <br /><br /><br />سأحاولكِ مرّةً أخرى<br />I'll Tray You Again<br />ريتا عودة Rita Odeh<br /> <br />الطبعة الأولى (2008) First edition, 2008<br />جميع الحقوق محفوظة All Rights reserved<br /> <br />صورة الغلاف: رابي خان Cover's pic. : Rabi Khan <br /> <br /> <br />بيت الشعر الفلسطيني Palestinian House of Poetry<br />رام الله - فلسطين Ram Allah - Palestine<br />Tel: 2406956 – 2406957 Fax: 3206955<br />ping@ping-palestine.org<br />www.ping-palestine.org<br /><br /><br />جميع الحقوق محفوظة. لا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب، أو أي جزء منه، أو تخزينه في نطاق استعمال المعلومات، أو نقله بأي شكل من الأشكال، دون إذن مسبق من الناشر.<br />All rights reserved. No part of this publication may be reproduced or transmitted in any from or by any means, electronic or mechanical, including photocopy, recording, or any information storage and retrieval system, without the permission in writing from the publisher.<br /> <br /><br /><font size="4" color="pink"><br /><br />رِيتَا عُودَة<br /><br />سَأُحَاوِلُكِ مَرّةً أُخْرَى<br /> <br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br />قَبْلَ ارْتِكَابِِ الشّهْدِ بِقَلِيلٍ<br /><br />مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة<br /><br /><br />(1)<br />عَلَّمَنِي السَّيِّدُ الشِّعْرُ، حِينَ أَذْهَبُ إِلَيْهِ قَارِئًا، أَنْ أَكُونَ قَدْ تَرَكْتُ، قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَى عَتَبَتِهِ الأُولَى، كُلَّ مَا أَسْتَطِيعُ مِنْ مَوْرُوثَاتِي الثَّقَافِيَّةِ، أَيًّا كَانَتْ فِي مُحْتَوَيَاتِهَا الرُّؤْيَوِيِّةِ، أَوِ الاسْتِشْرَافِيِّةِ، بِاعْتِبَارِي مُقْبِلٌ نَحْوَ بَرَاءَةٍ شِعْرِيَّةٍ جَدِيدَةٍ، وَأَنْ أَكُونَ قَدْ أَخْفَيْتُ ذَاكِرَتِي تَحْتَ رِدَاءٍ حَرِيرِيٍّ أَبْيَضَ، فِيمَا يُشْبِهُ المَحْوَ، وَذلِكَ لأَنَّ أَقْسَى قِرَاءَةٍ لِلشِّعْرِ، هِيَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي تُمَرِّرُ النَّصَّ بَيْنَ حَوَافِّ أَسْنَانِ فَكَّيِّ الْفِكْرِ المُتَجَلِّطِ، أَوِ الْقَوَالِبِ الصَّامِتَةِ فِيمَا يُشْبِهُ الزُّورَ، فَيَتَفَتَّتُ الشِّعْرُ قَبْلَ إِنَائِهِ، وَهُوَ لَمْ يَزَلْ عَلَى شَفَا شَفَتَيِّ الْقَارِئِ أَوِ النَّاقِدِ أَوْ...، لِهَذا أَجِدُنِي، كَمَا عَلَّمَنِي صَاحِبُ الْحُدُوسِ، وَالاسْتِشْرَافِ وَالرُّؤَى، مَأْخُوذًا بِحَنَانٍ أُنْثَوِيٍّ نَحْوَهُ، أَقْرَؤُهُ مِنْ خَارِجِهِ وَمِنْ بَاطِنِهِ فِي آنٍ؛ بِبُطْءِ سُلَحْفَاةٍ نَشِيطَةٍ، لاَ بِسُرْعَةِ أَرْنَبٍ يُرِيدُ أَنْ يُدْرِكَ الْفَهْمَ كَغَايَةٍ ابْتِدَائِيَّةٍ نِهَائِيَّةٍ، بِقَفَزَاتٍ (سِيرْكِيَّةٍ)، وَدُونَ أَنْ يُدْرِكَ، قَبْلَ أَيَّةِ غَايَةٍ، تِلْكَ الطَّاقَةِ المُذْهِلَةِ السَّاحِرَةِ الَّتِي تَرْفَعُهُ مِنْ إِبْطَيْهِ، لِتُحَلِّقَ بِهِ فِي فَضَاءَاتٍ تُحَرِّكُ كِيمْيَاءَ المَخْيَلَةِ نَحْوَ اسْتِعَادَةِ حَالَةِ النُّشُوءِ/ النَّشْوَةِ الأُولَى لَدَى شَاعِرِهِ. مِنْ هذَا رَأَيْتُ وَأَرَى، أَنَّ الشِّعْرَ يَكُونُ شِعْرًا، إِنْ نَبَتَ وَأَيْنَعَ فَآتَى أُكُلَهُ فِي حَدِيقَةِ حَوَاسِّ الشَّاعِرِ كُلِّهَا، المَرْئِيَّةِ وَغَيْرِ المَرْئِيَّةِ، وَدَخَلَهَا قَارِئُهُ مُضَاءً بِحَوَاسِّهِ نَفْسِهَا، أَيْضًا. <br />هُنَا تَتَحَقَّقُ غَايَةُ الشِّعْرِ الْعُلْيَا، وَهُنَا تَضِجُّ بِرَوْنقِهَا مَقُولَةُ الشَّاعِرِ الأَشْرَسِ رِقَّةً (شَارلْ بُودْلِيرْ) حَيْثُ الْجَدْوَى الأُولَى- النِّهَائِيَّةِ لَهُ: "لَيْسَتْ لِلشِّعْرِ أَيَّةُ غَايَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَلَنْ تَكُونَ قَصِيدَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا، إِلاَّ الَّتِي كُتِبَتْ مِنْ أَجْلِ مِتْعَةِ الْقَصِيدَةِ".. فِيمَا قَدْ يَرَى الْبَعْضُ أَنَّهَا مَقُولَةٌ مُنْقَبِضَةٌ عَلَى ذَاتِهَا، حِينَ لاَ يُلاَمِسُ الْجَسَدُ السَّابِحُ حَتَّى سَطْحَ المَاءِ.<br /><br />(2)<br />وَبِمَا أَنَّ الإِنْسَانَ لُغَةً، فِي إِحْدَى مُكَوِّنَاتِهِ، فَإِنَّ أَوَّلَ جَاذِبِيَّةٍ إِلَى النَّصِّ الشِّعْرِيِّ، فِيمَا تَيَقَّنْتُ مِنْهُ، هِيَ لُغَتُهُ؛ هُوِيَّتُهُ الْجَمَالِيَّةُ الأُولَى، إِذْ فِي هذِهِ دَافِعٌ/ مُحَفِّزٌ/ مُثِيرٌ/ إِغْوَاءٌ... نَحْوَ وُلُوجِ أَبَدِ اللَّحْظَةِ الشِّعْرِيَّةِ؛ هذِهِ اللَّحْظَةِ الْمَنْشُودَةِ، وَالْحَيَوِيَّةِ، وَالْمُمْتَدَّةِ بَيْنَ رَعْشَةِ الْقَلْبِ وَفَضَاءِ الْمَخْيَلَةِ الْعَارِمِ، لِذَا لاَ شِعْرَ دُونَ خُرُوجِ لُغَتِهِ مِنْ مُعْجَمِ الْمَعْنَى إِلَى التَّشْكِيلِ الصُّوَرِيِّ الْبَاعِثِ عَلَى رَجْفَةِ الدَّهْشَةِ، وَالَّذِي يَهْتِكُ غِشَاءَ الْمَخْيَلَةِ مُحَرِّكًا فَوَاعِيلَهَا مِنْ آنِيَّةٍ زَمَنِيَّةٍ شِبْهَ مُدْرَكَةٍ، إِلَى آنِيَّةٍ هُلاَمِيَّةٍ مُسْتَقْبَلِيَّةٍ فِي آنٍ. هُنَا يَتَجَلَّى الْمَعْنَى اللاَّوَاعِي لَدَى الشَّاعِرِ فِي قَارِئٍ خَلاَّقٍ لَهُ عَيْنٌ لُغَوِيَّةٌ ثَالِثَةٌ، تَمَامًا مِثْلَمَا لِلشَّاعِرِ تِلْكَ الْعَيْنُ الثَّاقِبَةُ لأَبْعَدَ مِنْ عَيْنِهَا الـ (زَّرْقَاءَ). <br />ثَمَّةَ هُنَا، أَيْضًا، مَا يُحِيلُ الْبَرَاءَةَ الْمُسْتَبِدَّةُ الْمَعْنِى إِلَى جَمَالٍ وَحْشِيٍّ، يُطِيلُ الإِصْغَاءَ الرُّؤْيَوِيَّ لِلصَّوْتِ الْمَهْمُوسِ مِنْ دَاخِلِ الشَّاعِرِ إِلَى دَاخِلِ قَارِئِهِ الْخَاصِّ، وَالَّذِي يُعْنَى بِبُلُوغِ مَا بَعْدَ حَافَّةِ طَمَأْنِينَةِ الْمَعْنَى الظَّاهِرِيِّ الْمَجْدُولِ بِالصَّوَابِ الْمُفْتَرَضِ، آمِلاً وُصُولاً إِلَى جَوْهَرِيَّةِ مِعْرَاجِهِ الْجَمَالِيِّ، بَعْدَ أَنْ هَزَّتْهُ، لِحِينٍ مَا، الصَّدْمَةُ الأُولَى الْقَابِضَةُ عَلَى شُتُولِ مَشَاعِرِهِ، لِتَسْتَقِرَّ بِهِ دَاخِلَ غَيْبُوبةِ دَهْشَةٍ فِي لاَ مُنْتَهَاهَا.<br />(3)<br />انْطِلاَقًا مِنَ اللُّغَةِ الْمَرْئِيَّةِ، وَالَّتِي تَكُونُ أُولَى الْقِرَاءَاتِ، فَإِنَّ (سَأُحَاوِلُكِ مَرَّةً أُخْرَى)، وَهُوَ اسْمُ الْمَجْمُوعَةِ الشِّعْرِيَّةِ، يُمْكِنُ أَنْ تُقْرَأَ هذِهِ الْعِبَارَةُ بِمَعْنَاهَا الْعَادِيَّ، أَيْ بِمَعْنَاهَا الرَّقَمِيِّ/ الرِّيَاضِيِّ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ لَهَا تَفْسِيرًا وَاحِدًا لاَ أَكْثَرَ، لكِنَّنَا قَدْ نَغْفِلُ عَنْ رَبْطِ الْكَلِمَاتِ الْوَاضِحَةِ الْمَعْنَى بِنَسيِجٍ آخَرَ، وَذلِكَ حِينَ لاَ نُرَكِّزُ النَّظَرَ عَلَى حَرْفِ (الْكَافِ) فِي الْكَلِمَةِ الأُولَى، وَعَلَى حَرَكَتِهِ أَكْثَرَ، بِاعْتِبَارِ هذِهِ الْحَرَكَةِ تُشِيرُ إِلَى تَأْنِيثٍ. هُنَا أَلْجَأُ إِلَى تَدْوِينِ هذِهِ الْكَلِمَةِ فِي الذَّاكِرَةِ الْمُنْتَبِهَةِ (هِيَ مَا نَحْتَاجُهَا فِي الْمَخْيَلَةِ التَّأْوِيلِيَّةِ)، بَعْدَ أَنْ كُنْتُ دَوَّنْتُ أَنَّ الْمَجْمُوعَةَ هِيَ مِنْ عَمَلِ شَاعِرَةٍ، (مَا مِنْ غَرَضٍ فِي التَّقْسِيمِ الْجِنْسَوِيِّ الَّذِي أَرْفُضهُ، فَقَط لأَعْمَالِ الْقِرَاءَةِ)، ثُمَّ أُتَابِعُ خَطَوَاتِي إِلَى الإِهْدَاءِ: (إِلَى اللُّغَةِ الَّتِي كُلَّمَا حَاوَلْتُهَا بَاغَتَتْنِي بِاحْتِمَالاَتِهَا)، وَهُنَا أُدَوِّنُ تَأْنِيثًا آخَرَ، وَأُتَابِعُ لأَقْرَأَ أَسْمَاءَ النُّصُوصِ، مُدَوِّنًا فِي الذَّاكِرَةِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُضِيفَ لِلنَّسِيجِ التَّأْنِيثِيِّ، فَأَجِدُ الْمُخَاطَبَ، أَوِ اسْمَ الإِشَارَةِ، أَوِ الضَّمِيرَ الْحَاضِرَ، أَوْ الْمُسْتَتِرَ ذُكُورِيًّا: (يُحِبُّنِي بِالثَّلاَثَةِ. فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ. لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى أَحَدٍ. أَسْتَمِيحُكَ بَوْحًا. ابْنُ الْغَجَرِ. سَأُحَاوِلُكَ مَرَّةً أُخْرَى).<br />هُنَا تَنْتَفِضُ الذَّاكِرَةُ بِمَا دُوِّنَ عَلَيْهَا، إِذْ حَرَكَةُ حَرْفِ (الْكَافِ) تُشِيرُ إِلَى ضَمِيرٍ مُذَكَّرٍ، عَلَى الْعَكْسِ تَمَامًا مِنِ اسْمِ الْمَجْمُوعَةِ، وَدُونَ افْتِرَاضِ خَطَأٍ، وَذلِكَ حِينَ تَعْمَلُ الذَّاكِرَةُ الْمُنْتَبِهَةُ مَعَ الْمَخْيَلَةِ التَّأْوِيلِيَّةِ، مِنْ خِلاَلِ أَنَّ التَّأْنِيثَ فِي اسْمِ الْمَجْمُوعَةِ يَتَطَابَقُ مَعَ الإِهْدَاءِ (اللُّغَةِ)، فِي حِينِ أَنَّ الاسْمَ نَفْسَهُ اسْتَعْمَلَتْهُ الشَّاعِرَةُ لِمُخَاطَبَةِ حَالَةٍ ذُكُورِيَّةٍ. هذَا مِثَالٌ بَسِيطٌ جِدًّا لِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَهُ تَعَدُّدُ قِرَاءَاتِ النَّصِّ الشِّعْرِيِّ، وَالَّذِي يَبْدُو فِي لُغَتِهِ خَارِجَ الْمَنْطِقِ الْعَامِّ لِلْمَعْنَى الْمَعْجَمِيِّ، وَتَبْلُغُ ذُرْوَةُ هذِهِ حِينَ يَكُونُ لِكُلِّ كَلِمَةٍ مَعْنَاهَا الْوَصْفِيُّ الْمَعْرُوفُ لَدَى الْقَارِئِ، لكِنَّ كَلِمَةً ثَانِيَةً وَأُخْرَى، تُغَيِّرُ الْمَأْلُوفَ إِلَى مَا بَعْدَهُ، بَلْ وَإِلَى اللاَّمَعْقُولِ (أَمَّا الشَّوْقُ فَقَدْ قَرْفَصَ). تُقْرَأُ الْكَلِمَاتُ، دُونَ حَاصِلِ جَمْعِهَا الرِّيَاضِيِّ، لَوْحَةً مَرْسُومَةً بِمَاءِ الشِّعْرِ، وَهكَذَا الشِّعْرُ.<br /><br />(4)<br />لاَ أَعْتَقِدُ بِوُجُودِ لُغَةٍ بَسِيطَةٍ وَأُخْرَى مُعَقَّدَةٍ، كَمَا اصْطَلَحَ الدَّارِسُونَ، وَالنُّقَّادُ، وَ...، عَلَى هَاتَيْنِ التَّسْمِيَتَيْنِ. ثَمَّةَ، فِيمَا أَرَى، لُغَاتٌ عِدَّةٌ لاَ يُمْكِنُ وَصْفُهَا بَسِيطَةً أَوْ مُعَقَّدَةً، وَكَثِيرًا مَا أَصْطَدِمُ بِهذَا التَّصْنِيفِ، وَكُنْتُ أُحَاوِلُ أَنْ أَفْهَمَ هَاتَيْنِ اللُّغَتَيْنِ، لكِنِّي لاَ أَذْكُرُ أَنَّنِي وَجَدْتُ هَاتَيْنِ اللُّغَتَيْنِ الْمُحَدِّدَتَينِ فِي أَيَّةِ قَصِيدَةٍ، أَوْ أَيِّ نَصٍّ إِبْدَاعِيٍّ، بَلْ أَذْكُرُ أَنَّنِي وَجَدْتُ، وَلَمْ أَزَلْ، أَنَّ اللُّغَةَ لَيْسَتْ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَينِ فِي مُعْظَمِ النُّصُوصِ؛ ثَمَّةَ لُغَةٌ لَوْنِيَّةٌ، وَتَرْكِيبِيَّةٌ، وَكَمَائِنِيَّةٌ، وَانْشِطَارِيَّةٌ، وَبَارِدَةٌ، وَدَافِئَةٌ، وَدَاكِنَةٌ، وَوَرْدِيَّةٌ... وَهكَذَا، وَالشَّاعِرُ الَّذِي يَعْمَلُ عَلَى إِتْقَانِ شِعْرِهِ، يَجْمَعُ، بِشَكْلٍ لاَ إِرَادِيٍّ، كُلَّ مَا أَتَاهُ مِنْ لُغَاتٍ أَثْنَاءَ النَّصِّ عَلَى الْبَيَاضِ. لِهذَا، فَلاَ يُمْكِنُ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةً وَاحِدَةً، أَوْ حَتَّى ثُنَائِيَّةً فَقَط، بَلْ عِدَّةَ قِرَاءَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي مَكَانِهَا وَزَمَانِهَا، وَحَالاَتِ قَارِئِهَا الْعَامِلِ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ ثَمَّةَ تَوَالُدُ لُغَاتٍ مِنْ لُغَاتٍ طِوَالَ فِعْلِ الْقِرَاءَةِ الْمُبْدَعِ. <br />وَحَيْثُ أَنَّ الشَّاعِرَةَ تُقَدِّمُ إِهْدَاءً مَجْمُوعَتَهَا الشِّعْرِيَّةَ (إِلَى اللُّغَةِ...)، فَإِنَّنِي وَجَدْتُ أَنْ أُشِيرَ إِلَى تَعَدُّدِ/ تَنَامِي لُغَتِهَا الأُحَادِيَّةِ/ الظَّاهِرِيَّةِ إِلَى لُغَاتٍ عِدَّةٍ، وَضِمْنَ نَصٍّ شِعْرِيٍّ وَاحِدٍ، فَكَانَتْ ثَمَّةَ لُغَةٌ اسْتِدْرَاجِيَّةٌ:<br /> عَلَى مَهْلٍ<br /> أَرْتَشِفُ الشَّايَ الْبَارِدَ<br /> بِالنَّعْنَاعِ الأَخْضَرِ..<br /> عَلَى مَهْلٍ<br /> أُرَاقِبُ الطُّيُورَ فِي الأُفُقِ..<br /> فِي الْوَقْتِ مُتَّسَعٌ<br /> لانْفِجَارِ وَمْضَةٍ شِعْرِيَّةٍ.<br /><br />وَلُغَةٌ نَرْسِيسِيَّةٌ:<br /> السُّنُونُوَّةُ الْمَجْبُولَةُ مِنْ طِينِ الْحَنِينِ<br /> الْمَنْسُوجُ حُلُمُهَا مِنْ حَرِيرِ الْحُبِّ<br /> الْمَنْذُورَةُ لِلسَّحَرِ، وَالزَّهْرِ، وَالْحِبْرِ<br /> ... أَنَا...<br /><br />وَلُغَةٌ تَشْيِيئِيَّةٌ:<br /> فَوْقَ رُقْعَةِ الشَّوْقِ<br /> أَلْقَى حَجَرَ النَّرْدِ<br /> فَاسْتَقَرَّ بِالْقُرْبِ مِنْ قَلْبِي.<br /><br />وَلُغَةٌ مُسْتَحِيلَةٌ:<br /> أَبْحَثُ عَنْكَ<br /> كَمَا تَبْحَثُ إِبْرَةٌ فِي كَوْمَةِ قَشٍّ عَنْ خَلاَصِهَا.<br /><br />وَلُغَةٌ تَحَايُلِيَّةٌ:<br /> قَدْ يَحْدُثُ؛<br /> أَنْ تُجِيدَ الْغَزَالَةُ السَّيْرَ<br /> إِلَى الصَّيَّادِ الْمُحْتَرِفْ<br /> وَإِرْبَاكَهُ تَقْتَرِفْ<br /> بِسَهْمِ الدَّلاَلِ.<br /><br />وَحِينَ اجْتَهَدْتُ فِي قِرَاءَةٍ لُغَوِيَّةٍ أُخْرَى، فَإِنَّنِي وَجَدْتُنِي بَيْنَ لُغَةٍ تَنَاثَرَتْ فُسَيْفِسَائِيًّا بَيْنَ تَعَابُقِ الْكَلاَمِ الْمَشْهُودِ، وَالصُّرَاخِ الصَّامِتِ، وَالْوَحْشَةِ الْحَمِيمَةِ، وَالشَّتَاتِ الْمُغْوِي، وَالْحُرْقَةِ الْمُرَمَّدَةِ وَ...، كُلُّ هذِهِ وَتِلْكَ يَفْضَحُهَا بِحَنَانٍ (سِينُ) سَوْفَ، وَيُعَرِّيهَا تَوَحُّدُ الذَّاتِ الشَّاعِرَةِ مَعَ الذَّاتِ الْمَكْلُومَةِ بِكِبْرَيَاءٍ، حِينَ الآخَرُ قَدْ تَحَوَّلَ عَابِرًا خَبَرَهُ الْعِشْقِيَّ نَحْوَ نَدَّاهَةٍ تُخْفِيهِ بَاطِنَ غُمُوضِهَا الشَّهِيِّ، وَلاَ مَفَرَّ أَمَامَ الشَّاعِرَةِ مِنْ طَلَلٍ مُرَطِّبٍ بِدُمُوعٍ مِلْحِيَّةٍ، وَنُزُلِ حَشْرَجَةٍ مُرَبَّعَةِ الْوَقْتِ تَتَرَجْرَجُ مِنْ زَاوِيَةٍ لِتَوَائِمِهَا، فَتَهْرَعُ نَحْوَ إِعَادَةِِ صِيَاغَةِ مَا نَفَضَتْهُ ذَاكِرَتُهَا مِن مَوْرُوثَاتٍ بِطَرِيقَتِهَا الْخَاصَّةِ، وَابْتِدَاعَ أَفْكَارٍ بِرُؤًى فَلْسَفِيَّةٍ، كَأَنَّهَا تُحَاوِلُ تَحْقِيقَ فُرُوسِيَّةٍ، وَلَوْ شَمْعِيَّةٍ، عَلَى عَابِرِهَا الْمُتَجَاهِلِ، كَانْتِصَارٍ لِلأَنَا الْمَشْرُوخَةِ مِثْلَ صَدَى مِرْآةٍ، وَبِأُسْلُوبٍ لُغَوِيٍّ كَثِيفِ الأُلْفَةِ، يُعِيدُكَ لِقِرَاءَةِ كِبْرِيَائِهَا الْمُشَبَّهِ لَهَا.<br /><br />(5)<br />وَقَبْلَ أَنْ يَكُفَّ الْيَرَاعُ النَّافِرُ عَنِ انْتِشَالِ حِبْرِ الْبَهْجَةِ الْمُتَنَاثِرَةِ، وَقَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ شَهْرَزَادَ الْكِتَابَةَ فَضِيحَةُ الضَّوْءِ الْعَادِيِّ، وَقَبْلَ أَنْ يُدَّعَى عَلَيَّ أَنَّنِي كُنْتُ خَرَجْتُ عَنِ النَّصِّ كَثِيرًا، بِفِعْلِي الشَّخْصِيِّ بِإِصْرَارٍ وَسَابِقِ تَرَصُّدٍ، أَوْ أَنَّنِي أَدْخَلْتُ الْقَارِئَ وَإِيَّايَ فِي مَتَاهَةٍ، فَلَمْ يَلْقَ أَحَدٌ مِنَّا الآخَرَ،وَقَبْلَ أَنْ أَتَّهِمَ ذَاتِي الشَّاعِرَةَ بِلاَ جَدْوَى مَا كَتَبْتُ بِاعْتِبَارِهِ تَرَفًا، وَنَزَقًا، وَغِبْطَةً عَارِيَةً، وَسَفَرًا عَمُودِيًّا لاَ أُفُقِيًّا.. أَهْمِسُ فِي قَلْبِ الْقَارِئِ (أَيُّهَا الْمُتَلَقِّي تَنَحَّ جَانِبًا) أَنْ يَجْتَازَنِي عَابِرًا، كَمَا عَبَرَ آخَرُهَا بِعِشْقِهِ الْمَرِيضِ، وَأَنْ يُبَسْمِلَ بَعْدَ هذَا، أَوْ كُلَّمَا اكْتَشَفَ مَا لَمْ أَسْتَطِعِ اكْتِشَافَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ اتِّسَاعِ الرُّؤْيَةِ الَّتِي تَضِيقُ مَعَهَا الْعِبَارَةُ، بَلْ لأَنَّ:<br /> فِي الشِّعْرِ.. مَا خَفِيَ كَانَ أَعْذَبَ.<br /><br />(مُنْتَصَفُ نِيسَان، 2008)<br /><br /> <br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />إِلَى اللُّغَةِ الَّتِي <br />كُلَّمَا حَاوَلْتُهَا<br />بَاغَتَتْنِي بِاحْتِمَالاَتِهَا<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br /> <br />وَمْضَاتٌ (1)<br /><br /><br /><br />عَلَى مَهْلٍ؛ <br />أَرْتَشِفُ الشَّايَ الْبَارِدَ<br />بِالنَّعْنَاعِ الأَخْضَرِ..<br />عَلَى مَهْلٍ؛ <br />أُرَاقِبُ الطُّيُورَ فِي الأُفُقِ..<br />فِي الْوَقْتِ مُتَّسَعٌ <br />لانْفِجَارِ وَمْضَةٍ شِعْرِيَّةٍ.<br /><br />~<br /><br />السُّنُونُوَّةُ الْمَجْبُولَةُ مِنْ طِينِ الْحَنِينِ<br />الْمَنْسُوجُ حُلُمُهَا مِنْ حَرِيرِ الْحُبِّ<br />الْمَنْذُورَةُ لِلسَّحَرِ، وَالزَّهْرِ، وَالْحِبْرِ<br />... أَنَا...<br /><br />~<br /><br />أُغَرِّدُ؛ فَتَحْسِدُنِي الْقُبَّرَاتُ<br />عَلَى عَفَوِيَّةِ الْغِوَايَةِ.<br /><br /><br />~<br /><br />جَنَاحٌ وَاحِدٌ يَكْفِينِي..<br />حِينَ تَهَبُنِي الثَّانِيَ.<br /><br />~<br /> <br />- وَإِنْ لَفَّهَا الضَّبَابُ -<br />تَبْقَى الشَّجَرَةُ الْوَارِفَةُ.. وَارِفَةً.<br /><br />~<br /><br />أَبْحَثُ عَنْكَ<br />كَمَا تَبْحَثُ إِبْرَةٌ فِي كَوْمَةِ قَشٍّ <br />عَنْ خَلاَصِهَا..<br />أَتُوقُ إِلَيْكَ<br />كَمَا تَتُوقُ السَّنَةُ إِلَى اكْتِمَالِهَا.<br /><br /><br />~<br /> <br />فِي الرِّيحِ<br />نَثَرَتْ خُصُلاَتِ شَعْرِهَا<br />فَانْتَظَمَ اللُّؤْلُؤُ فِي شِعْرِهِ. <br /><br /><br />~<br /><br />مَعَ أُولَى نَسَائِمِ الْعِشْقِ؛<br />يُجْهِشُ وَجْهِي بِالاخْضِرَارِ<br />فِي مِرْآةٍ أَبْقَيْتُهَا غَيْرَ مُؤَطَّرَةٍ<br />عَنْ سَابِقِ إِصْرَارٍ.<br /><br />~<br /><br />فَوْقَ رُقْعَةِ الشَّوْقِ <br />أَلْقَى حَجَرَ النَّرْدِ<br />فَاسْتَقَرَّ بِالْقُرْبِ مِنْ قَلْبِي.<br /><br /><br />~<br /><br />آهٍ مِنَ الْحُبِّ؛<br />كَالنُّسْغِ<br />يَسْرِي فِي الْعُرُوق..<br />كَالنَّسْرِ <br />يَسْمُو لاَ يَخْشَى بُرُوق.<br /><br /><br />~<br /><br />آهٍ مِنَ الْحُبِّ؛<br />يُعَرِّينِي <br />أَصِيرُ شَجَرَةً دُونَمَا لِحَاءٍ<br />تَلْفَحُنِي الرِّيحُ، وَلاَ أَشْكُو مَصِيرِي.<br /><br /><br />~<br /><br />شَرْقَ الشَّوْقِ يَلْتَقِيَانِ..<br />بِأَوْرَاقِ النَّعْنَاعِ يَتَدَثَّرَانِ..<br />نَهْرَ الْحَنِينِ يَعْبُرَانِ..<br />بِمَنَادِيلِ الْوَدَاعِ لِلأَنِينِ يُلَوِّحَانِ..<br />وَيَفُوتُهُمَا أَنَّهُمَا<br />فِي طَرِيقٍ مَسْدُودَةٍ<br />يَسَيرَانِ، وَ...<br />>> ي س ي ر ا ن <<<br /><br /><br />~<br /><br /><br />قَدْ يَحْدُثُ؛ <br />أَنْ تُجِيدَ الْغَزَالَةُ السَّيْرَ <br />إِلَى الصَّيَّادِ الْمُحْتَرِفْ<br />وَإِرْبَاكَهُ تَقْتَرِفْ<br />بِسَهْمِ الدَّلاَلِ.<br /><br /><br />~<br /><br />كَاللَّقْلَقِ عَلَى سَاقٍ وَاحِدَةٍ <br />فِي بَحْرِي تَقِفُ..<br />تُطَالِبُ بِحَقِّ اللُّجُوءِ <br />إِلَى.. قَلَقِي.<br /><br /><br />~<br /><br />أَنَا أَحْلُمُ.. إِذًا، أَنَا أَحْيَا<br />وَمَا دُمْتُ أَحْيَا.. إِذًا، أَنَا بِحِبْرٍ<br />ومَا دُمْتُ بِحِبْرٍ<br />إِذًا.. <br />أَنَا عَلَى قيْدِ حُبٍّ. <br /><br /><br />~<br /><br />عَيْنَانِ قَدْ تَكْفِيَانِ<br />كَيْ يُبْصِرَ طَرِيقَهُ..<br />لكِنْ.. يَدَانِ لاَ تَكْفِيَانِ<br />كي يُخمِدَ العَاشِقُ حَرِيقَهُ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />لأَرْتَقِيَ؛<br />أُثبِّتُ أَنْظَارِيَ عَلَى الْقِمَمِ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />يُحِبّنِي بِالثّلاَثَةِ<br /><br /><br /><br />مَنْ سِوَاكَ..<br />شَهَرَ فزَّاعَةً فِي وَجْهِ كُلِّ مَنْ سَوَّلَ لَهُ حُلُمُهُ الاقْتِرَابَ مِنَ الْوَرْدَةِ النَّائِمَةِ فِي خِدْرِ دَلاَلِهَا! <br />لَهُ وَحْدَهُ أَرَادَهَا، فَأَبْرَقَ وَأَرْعَدَ، عَصَفَ وَقََصَفَ وَأَرْدَاهَا أَسِيرَةَ (جِيتُو) الْعَاطِفَةِ <br />ثُمَّ.. حَفَرَ عَلَى الأَسْوَارِ الشَّائِكَةِ مِنْ حَوْلِ حُسْنِهَا <br />أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ؟<br /><br />مَنْ سِوَاكَ..<br />كَفَرَ بِالتُّفَّاحَةِ الَّتِي هَوَتْ عَلَى رَأْسِهِ، وَآمَنَ بِجَاذِبِيَّةِ الشُّهُبِ فِي عَيْنَيّ حَوَّائِهِ، فَشَرَعَ يَشْدُو بِأَصْوَاتِ أَسْرَابٍ مِنَ الطُّيُورِ؛ ثَالُوثَ الْعِشْقِ الْمُقَدَّس:<br />أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ؟<br /><br />مَنْ سِوَاكَ..<br />حَفَّزَنِي عَلَى مُدَاهَمَةِ الْقَلْعَةِ، فَانْقَضَضْتُ عَلَى الْجُنْدِ وَالْخَيْلِ وَالْوَزِيرِ، وَمَا أَنْ دَنَوْتُ مِنَ (الْمَلِكِ)، حَتَّى رَفَعَ (رَايَةَ الإِعْجَابِ)، وَانْغَمَسَ بِتَرْتِيلِ عُهُودِ الْوَجْدِ:<br />أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ؟<br /><br />مَنْ سِوَاكَ..<br />أَطْعَمَنِي الْقَمْحَ حَبَّةً حَبَّةً، وَحِينَ سَوَّرَتْنِي الْعُيُونُ بِالْمَحَبَّةِ، سَارَعَ بِتَدْجِينِ غُروُرِي<br />ثُمَّ.. أَخْضَعَ دَمِي لِفَحْصٍ مَخْبَرِيٍّ عَاجِلٍ، فَجَاءَ بِنَبَأِ <br />(الإِنِيمْيَا الْحَادَّةِ)، وَسَارَعَ بِضَخِّ كُرَيَاتِ الْعِشْقِ لِلْجَسَدِ الْمَاثِلِ لِلذُّهُولِ:<br />أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ؟<br /><br />مَنْ سِوَاكَ..<br />حَضَّنِي عَلَى اصْطِيَادِ غُزْلاَنَ الْبَرَارِي، وَحِينَ بِالْغَنَائِمِ عُدْتُ، هَادَنْتُ الأُنْثَى الْمُسْتَأْسِدَةَ فِي نَبْضِي، إِذِ اسْتَأْنَسْتُ لِعُذُوبَةِ الزَّئِيرِ:<br />أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ؟<br />مَنْ سِوَاكَ..<br />أَدْرَكَ كُنْهَهَا، فَرَاوَدَهَا عَنْ حُلُمِهَا، وَبِفِعْلِ الْجَاذِبِيَّةِ، عَلَى كَفَّيْنِ اسْتِوَائِيَّيْنِ، هَوَتْ ثَمَرَةُ جَوْزِ الْهِنْدِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً..<br />ثُمَّ.. رَاحَ، عَلَى مَهْلٍ، يَمْضَغُ اللُّبَّ وَيَرْتَشِفُ الزَّمْزَمَ، وَبِشُرُودِ ابْنِ الْمُلَوَّحِ يَدُورُ حَوْلَ الشَّجَرَةِ وَهُوَ يُتَمْتِمُ:<br />أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ.. أُحِبُّكِ؟<br /><br />مَنْ سَوَّاكَ..<br />أَبْدَعَ، وَحِينَ عَلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ اسْتَوَى، تَرَكَنَا نُثْمِرُ، نَكْثُرُ، نَمْلأُ الأَرْضَ وَنَسُودُ عَلَيْهَا<br />ثُمَّ.. نَظَرَ فَـ.. رَأَى كُلَّ الْحُبِّ الَّذِي عَمِلَهُ، فَإِذَا هُوَ:<br />حَسَنٌ جِدًّا.. جِدًّا.. جِدًّا.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br />أَنَا أُنْثَى..<br />كُلَّمَا صَفَعَتْهَا رِيحٌ<br />تُعَاوِدُ نَبْشَ مِلَفَّاتِ التَّارِيخِ<br />لِلْبَحْثِ عَنِ فَارِسٍ <br />سَيُحَاربُ الطَوَاحِينَ <br />فِي طَرِيقِهِ إِلَيْهَا،<br />فَتُرْخِي لَهُ الْجَدِيلَةَ.. <br />لِيَصْعَدَ<br />إِلَى شَاهِقِ الْقَلْبِ.<br /><br />أَنَا أُنْثَى.. <br />تُشْعِلُ الشُّمُوعَ بَدَلَ لَعْنِ الدُّمُوعِ..<br />هَوِيَّتِي؛<br />قَصْفَةُ زَيْتُونٍ وَزَعْترْ..<br />هِوَايَتِي؛<br />تَأَمُّلُ الأَطْيَارِ وَالنُّجُومِ وَالْغُيُومِ..<br />غِوَايَتِي؛<br />قَلَمٌ نَزِقٌ وَدَفْتَرٌ.<br /><br />أَنَا أُنْثَى.. <br />تَجْعَلُ مِنْ رَأْسِهَا شَمْسًا<br />وَمِنْ أَحَاسِيسِهَا بَحْرًا <br />لِفَارِسٍ ..<br />يُجِيدُ تَحْمِيصَ مَشَاعِرِهَا <br />عَلَى نَارِ الْغَيْرَةِ<br />ثُمَّ، يَطْحَنُهَا حَبَّةً.. حَبَّةً <br />وَيُضِيفُ حَفْنَةً.. حَفْنَةً<br />مِنْ هَالِ الْمَحَبَّةِ<br />فَيَأْتِي بُنُّ الْحُلُمِ شَهِيًّا.. شَهِيًّا.<br /><br />أَنَا أُنْثَى.. <br />دَائِمَةُ الْخُضْرَةِ<br />فِي عُرُوقِهَا يَجْرِي <br />نُسْغُ الْعِشْقِ<br />أَنَا أُنْثَى الرَّجُلُ الْغَجَرِيُّ؛ <br />ذَاكَ الْغَرِيبُ الَّذِي يُدْرِكُ <br />كَيْفَ وَمَتَى <br />يُدَلِّكُ خَلاَيَا كِبْرِيَائِي<br />يَفُكُّ أَصْفَادِي.. <br />عَلَيَّ يَدُلُّنِي..<br />يُدَلِّلُنِي..<br />فَوْقَ الْغُيُومِ الْحَائِرَةِ يُرَاقِصُنِي.. <br />يُؤَرْجِحُنِي شَرْقًا.. <br />أُؤَرْجِحُهُ شَوْقًا <br />يُؤَرْجِحُنِي جَنُوبًا.. <br />أُؤَرْجِِحُهُ جُنُونًا <br />يَحْتَاجُنِي <br />لَبُؤَةً وَقِطَّةً وَدِيعَةً<br />أَجْتَاحُهُ <br />رعْدًا.. بَرْقًا.. وَمَطَرًا بَدِيعًا.<br />إِلَى سَمَاءِ الْوَجْدِ <br />يَنْقُلُنِي، <br />فِي قِطَارِ الْوُدِّ <br />إِلَى أَقْطَابِ اللَّهْفَةِ <br />أُقِلُّهُ ..<br />وَفِي لَحْظَةِ الدَّهْشَةِ <br />يَعُودُ بِي، بِهِ، بِهذَا الْوَلَهِ<br />إِلَى بَسَاتِينِ الْبَنَفْسَجِ، <br />وَالْيَاسَمِينِ وَالْحَبَقِ. <br /><br /><br />أَنَـــا الأُنْثَـــى<br />وَلاَ أُنْثَى فِي مِثْلِ غُرُورِي.<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ (2)<br /><br /><br /><br />لَسْتُ فَرَاشَةً.. <br />لَسْتَ قِنْدِيلِي.. <br />أَنَا يَا رَفِيقُ زَيْتُ الْفَتِيلِ.<br /><br /><br />~<br /><br />أَجْمَلُ مَا فِي الْحُبِّ <br />أَنْ تَتَحَرَّرَ مِنْ قَبْضَتِهِ. <br /><br />~<br /><br />الْحُبُّ.. يَصْنَعُ الْحِبْرَ. <br /><br />~<br /><br />أَيُّهَا الْحُبُّ.. <br />بِفَارِسِ الْحُلُمِ لاَ تَأْتِنِي<br />بَيْنَ أَغْصَانِِ اللَّوْزِ وَالزَّيْتُونِ وَالتِّينِ..<br />مَا زَالَ السَّيْرُ الْمُتَمَهِّلُ يَسْتَهْوِينِي<br />فَتَتَكَاثَرُ.. خَلاَيَا حَنِينِي.<br /><br />~<br /><br />الْحُبُّ.. بَابٌ ضَيِّقٌ <br />لانْفِجَااااارٍضَوْئِيٍّ.<br /><br />~<br /><br />يُحَاصِرُنِي صَوْتُكَ مِنَ الْجِهَاتِ الأَرْبَعَةِ<br />مَعَ الرِّيحِ يَأْتِي؛ <br />كَـ.. الْبِشَارَةِ <br />كَـ.. النُّبُوءَةِ<br />يَطْرُقُ بَابَ الْفَرَحِ <br />فَتُبَرْعِمُ أَغْصَانُ الرُّؤْيَا. <br /><br />~<br /><br />عَنْ ظهْرِ قَلْبٍ آمَنْتُ بِحُبِّكَ.. لِهذَا؛ <br />كَفَرْتُ بِكُلِّ أَقْرَاصِ الْـ (أَنْتِي) شَوْقِ<br />الْـ أَدْمَنْتُهَا مِنْ قَبْلِكَ.<br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />سَيِّدَةُ الْحِكَايَةِ<br /> <br /><br /><br />يُبَاغِتُنِي وَجْهُكَ؛ <br />بِالْهَدَايَا وَالْمَرَايَا<br />وَمَسَامِيرِ الْخَطَايَا <br />فَأَفِرُّ مِنْ زُرْقَةِ قَدَرِي لِلْبَحْرِ <br />وَتَكُونُ.. بِدَايَة.<br /><br />يُبَاغِتُنِي صَوْتُكَ؛ <br />بِالرَّعْدِ قَبْلَ الْبَرْقِ <br />وَالْوَعْدِ بَعْدَ الْبُعْدِ<br />وَاللَّيْمُونِ الْمُعَطَّرِ بعَِرَقِ الشَّعْبِ <br />بِقَهْوَةِ الْقَبِيلَةِ وَغَنَمِ الْغُوَايَة. <br /><br />يُبَاغِتُنِي حُبُّكَ؛<br />بِالزَّعْتَرِ الْبَرِّيِّ<br />وَالْبَطِّ وَالأِوَزِّ<br />بِالشَّظَايَا.. <br />وَالْقَضَايَا الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ<br />وَالْوَصَايَا الأُولَى وَالأَخِيرَةِ<br />وَمَخَاضِ رِوَايِة.<br /><br />يُبَاغِتُنِي حُلُمُكَ؛<br />بِتَمْتَمَاتٍ عَابِرَةٍ<br />عَنْ عَبْلَةَ وَوَلاَّدَةَ.. غَسَّانَ وَغَادَةَ<br />يَطْلَعُ إِلَيَّ مِنْ بَيْنِ أَوْرَاقِي الْقَدِيمَةِ<br />يُطَارِحُنِي الْكِتَابَةَ عَلَى سَتَائِرِ الْقَمَرِ.<br /><br />يُغْوِينِي بِالْمَشْيِ <br />عَلَى وَسَائِدِ النَّهَرِ<br />يَلْعَنُنِي أَلْفَ مَرَّةٍ<br />ثُمَّ يُعْلِنُنِي.. <br />سَيِّدَةَ الْحِكَايَة.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ<br /> <br /><br /><br />أَشُقُّ النَّهْرَ فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ<br />فَأَنْتَ الْمَطَرُ الَّذِي يَأْتِي<br />بِالْعَصَافِيرِ الصَّغِيرَةِ وَالزَّنَابِقِ<br />وَالثَّمَرِ الْمُنْتَظَرْ<br />وَأَنْتَ الْحِكَايَةُ الَّتِي لَمْ تُرْوَ بَعْدُ<br />عَنِ الْفَرَحِ الْعَصِيِّ إِذَا مَا انْهَمَرْ <br />وَأَنْتَ، <br />أَنْتَ اخْضِرَارُ الشَّجَرْ.<br /><br />أَشُقُّ الْبَحْرَ فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ<br />فَأَنْتَ الدِّثَارُ الَّذِي يَقِي مِنَ الْبَرْدِ <br />إِذَا مَا الْقَلْبُ انْفَطَرْ<br />وَأَنْتَ السَّفَرُ إِلَى ضِفَّةِ الأَمَلِ<br />إِذَا مَا اسْتَجَابَ الْقَدَرُ<br />فَشَاعَ الْخَبَرْ.<br />أَشُقُّ الْفَجْرَ فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ<br />وَفِي الْقَلْبِ مَوَاوِيلُ الْغَجَرْ<br />فَأَنْتَ الْغَمَامُ الَّذِي يَرْسُمُ<br />فِي خَيَالِ الشُّعَرَاءِ أَبْهَى الصُّوَرْ<br />وَأَنْتَ الْغُصْنُ الَّذِي بِهِ يَأْتِي الْيَمَامُ<br />إِذَا مَا الطُّوفَانُ انْفَجَرْ.<br /><br />أَشُقُّ الْقَهْرَ فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ<br />فَأَنْتَ الْعِيدُ إِذَا مَا اكْتَمَلَ الْقَمَرْ<br />وَأَنْتَ الآاااهُ عَلَى الشَّفَةِ<br />إِذَا مَا طَالَ بِيَ السَّهَرْ<br />وَأَنْتَ آذَارُ الْقَصَائِدِ<br />إِذَا مَا أَيْلُولُ احْتَضَرْ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ (3)<br /><br /><br /><br />أَكُونُ لَكَ سُنُونُوَّةً<br />حِينَ لاَ تَكُونُ لِيَ<br />...(الْقَفَصَ)...<br /><br />~<br /><br />كَأَنِّي جَزِيرَةٌ..<br />كَأَنَّكَ الْبَحْرُ..<br />فَأَيْنَ.. أَيْنَ الْمَفَرُّ؟<br /><br />~<br /><br />لاَ يَفُلُّ الأَلَمَ إِلاَّ.. النَّشِيدُ..<br />لا يَلِيقُ بِاللَّبُؤَةِ إِلاَّ.. أَسَدٌ فَرِيدٌ.<br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />عُصْفُورَةُ الْجَلِيلِ<br /> <br /><br /><br />الَّذِي يَنْتَظِرُنِي عِنْدَ الأُفُقِ<br />تُرَانِي أَعْرِفُهُ إِنْ أَتَيْتُهُ غَيْمَةً؟<br />أَيَنْهَضُ الْبَحْرُ مُبَارِكًا<br />بَرْقَ وَرَعْدَ الْغُوَايَةِ؟<br /><br />وَإِنْ عُصْفُورَةً أَتَيْتُهُ<br />أَيَنْثُرُ الْقَمْحَ عَلَى تِلاَلِ النَّاصِرَةِ؟<br />أَوْ غَزَالَةً شَارِدَةً أَتَيْتُهُ<br />تُرَاهُ بِالزَّيْتِ يُعَمِّدُ حُرُوفَ الْحِكَايَةِ؟<br /><br />وَهُوَ بِرِفْقٍ.. ضِلْعًا<br />إِلَى صَدْرِهِ يَضُمُّنِي<br />يُوَشْوِشُ: إِنِّي جَنَّتُهُ الْوَارِفَةُ<br />بِالْوُعُودِ وَالْوَصَايَا.<br /> <br />الَّذِي يَنْتَظِرُنِي عِنْدَ الأُفُقِ <br />تُرَانِي أَعْرِفُهُ <br />إِنْ دَمْعَةً فِي بَحْرِي سَقَطَ؟<br />أَيَتَدَفَّقُ الْبَحْرُ وَيَنْمُو الأُقْحُوَانُ<br />عَلَى ضِفَافِ الْحُلْمِ؟<br />إِنْ تَرْنِيمَةً أَتَى <br />وَفِي أَعْشَاشِ الْعِشْقِ <br />كَرَوَانًا اسْتَوَى<br />تُرَى.. <br />أَإِلَى مَرْعَى الشَّوْقِ طِفْلَيْنِ نَعُودُ<br />فَنُعِيدُ الْوُعُودَ وَالْعُهُودَ لِرَحْمِ الْمَرَايَا؟<br /><br />الَّذِي يَنْتَظِرُنِي عِنْدَ الأُفُقِ <br />حَتْمًا أَعْشَقُهُ<br />أَبْعَدَ مِنْ كُلِّ اتِّجَاهٍ<br />أَوْسَعَ مِنْ كُلِّ مَدًى<br />أَقْرَبَ مِنْ حَبْلِ الْوَتِينِ..<br />إِلَى مَا لاَ نِهَايَةَ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ (4)<br /><br /><br /><br />اخْتِرَاقُ أَجْوَائِي الْعَاطِفِيَّةِ<br />وَقَصْفُ ضَاحِيَةِ الْقَلْبِ الْجَنُوبِيَّةِ<br />بِقَنَابِلِ غَزَلٍ ذَكِيَّةٍ<br />أَسْفَرَ عَنْ سُقُوطِ بَعْضِ كُرَيَاتِ الْحُبِّ.<br /><br /><br />~<br /><br />لِمَ يَكُونُ مَسَاءٌ وَيَكُونُ صَبَاحٌ <br />وَيَحْصُدُ الْفَلاَّحُ أَرْضَهُ <br />وَيَنْسِجُ صَبِيٌّ حُلُمَهُ <br />وَتَحْبَلُ أُنْثَى هُنَا وَأُخْرَى هُنَاكَ<br />وَتَتَنَاسَلُ الْخَلِيقَةُ وَتَكْثُرُ <br />إِنْ لَمْ يَعُدْ ضِلْعِي أَنَا لِصَدْرِكَ؟<br /><br /><br /><br />~<br /><br />تَرَانِي أُحِبَّكَ<br />أَمْ أَنِّي مَعَ الطُّيُورِ أُحِبُّكَ أَنْ تُرَتِّلَ لِي:<br />(أُحِِبُّكِ)<br />((أُحِبُّكِ))<br />(((أُحِبُّكِ)))<br />لِتُمَوْسِقَنِي وَتُزَلْزِلَنِي<br />وَتَصِيرَ نَشِيدِيَ الْوَطَنِيَّ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br />لَسْتَ جُمْلَةً اعْتِرَاضِيَّةً فِي الرِّوَايَةِ<br />... أَنْتَ الْعُنْوَانُ...<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />كَانَ حُلُمِي أَبْسَطَ مِنْ كُلِّ احْتِمَالٍ<br />فَقَدْ تَمَنَّيْتُكَ تَأْتِينِي نَاسِكًا<br />تَلْمَسُ جَبْهَتُهُ أَرْضَ غُرُورِي<br />لكِنَّكَ تَجَسَّدْتَ أَعْنَفَ مِنْ كُلِّ خَيَالٍ<br />فَقَدْ أَوْرَقْتَ أُقْحُوَانًا<br />حَاصَرَنِي مِنْ شَرْقِي إِلَى شَوْقِي<br />فَهَوَى شَمَالِي عَلَى جُنُووونِي.<br /><br /><br /><br />~<br /><br />أَحْلُمُ أَنَّكَ سَتَهَبُنِي مِنَ الْحُبِّ؛<br />... كَفَافَ فَرَحِي...<br /><br /><br /><br />~<br /><br />الْحُبُّ كَالْمَوْتِ.. كَالْمَطَرِ.. كَالْفِكْرَةِ<br />يَكْفُرُ بِالْمَوَاعِيدِ الْمُسْبَقَةِ وَالآهَاتِ الْمُؤَجَّلَةِ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />أَيُّهَا الْفَارِسُ الْمُنْتَظَرُ<br />بِاسْمِ الْحُبِّ، إِيَّاكَ أَنْ تَقْتُلَنِي..<br />أَمَا مِنْ مَفَرٍّ مِنْ فَأْسِ الْغَيْرَةِ<br />يَجْتَثُّ أَيْكَ الْحُلُمِ؟<br />آآآهٍ... <br />أَمَا مِنْ مَفَرٍّ؟<br /><br /><br />~<br /><br />أُحِبُّكَ فَوْقَ احْتِمَالِ الْحَسَدَةِ.<br /><br /><br />~<br /><br />أَأَمْلِكُ أَنْ أُخْفِيَ سِرَّنَا الَّذِي <br />شَبَّ عَنْ قَلْبَيْنَا <br />وَ ا نْ دَ لَ عَ؟ <br /><br /><br />~<br /><br />تَسْأَلُنِي لِمَ أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَيْتُ؟ <br />أُنْظُرْ في النَّهْرِ سَترَى..<br />فَمَنْ رَأَى: عَرَفَ.<br /><br /><br />~<br /><br />امْتَزَجَ الأَخضرُ بِالأَحْمَر <br />صَارَ لِلحُبِّ لَوْنُ؛<br />... الفَرَحِ...<br /><br /><br /><br />~<br /><br />كُلُّ الأَشْيَاءِ تَؤُولُ إِلَى زَوَال<br />إِلاَّ النَّابِضَ بِحُبِّكَ<br />مُحَالٌ أَنْ تَكُفَّ حِمَمُهُ عَنِ الاشْتِعَال<br />... مُحَال...<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />تُطَالِبُنِي النِّسَاءُ بِطَرْدِ سُفَرَائِكَ مِنْ مُدُنِ اشْتِعَالِي،<br />وَإِعْلاَنِ العِصْيَانِ<br />عَلَى: العُطُورِ، وَالبَخُورِ، وَالدَّلاَلِ..<br />فَتَصْطَفُّ الجُيُوشُ عَلَى طَرَفَيّ دَرْبِ خَيَالِي؛<br />تَرْفَعُ رَايَاتِ المُقَاوَمَةِ<br />وَتُرَدِّدُ شِعَارَاتِ: لاَ، لاَ لِلْمُسَاوَمَة.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />حَلُمْتُ بِأَنِّي قَفَصٌ<br />وَحِينَ أَفَقْتُ.. رَأَيْتُكَ فِي الأُفُقِ<br />تُرَفْرِفُ<br />وَ.. تُ رَ فْ رِ فُ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />آهٍ.. يَا مَنْ<br />أَتَيْتَ.. غَزَوْتَ، فَأَرْبَكْتَ أَفْكَارِي..<br />أَخْبِرْنِي كَيْفَ<br />مَا أَنِ اتَّخَذْتُ إِجْرَاءً رَسْمِيًّا فِي حَقِّكَ<br />حَتَّى أُقْفِلَ الْمَحْضَرُ <br />وَضِدَّ مَجْهُولٍ دُوِّنَ<br />بِحُجَّةِ أَنَّهُ مَا تَسَبَّبَ إِلاَّ: بِفَوْضَى خَلاَّقَةٍ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br />آهٍ.. يَا مَنْ<br />كُلَّمَا كَتَبْتُ لَهُ قَصِيدَةَ غَزَلٍ<br />قَامَ فَقَصَّ وَنَسَخَ وَأَلْصَقَ حُرُوفَهَا<br />عَلَى وَجْهِ الشَّمْسِ<br />وَبِبُرُودِ لِصٍّ مُحْتَرِفٍ<br />نَفَى عَنْهُ.. التُّهْمَةَ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br />أَجْمَلُ مِنَ السَّمَاءِ الْمُضَاءَةِ بِالنُّجُومِ<br />(فَوْقَ) رَأْسِكَ تِلْكَ الْمُضَاءَةُ (فِي) رَأْسِي.<br />يَطْبَعُ اسْمَهُ فَوْقَ خُطُوطِ يَدَيَّ<br />وَعَيْنَيَّ فَوْقَ الْقَصِيدِ<br />وَيَنْسِبُنِي لِـ... الْقَمَرِ.<br />إِنْ لَمْ يُكْتَبْ فِي سِجِلِّ الْعُشَّاقِ <br />أَنَّكَ قَلَبْتَ قَلْبِيَ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ..<br />كَيْفَ أَكُونُ سَيِّدَةَ النِّسَاءِ؟ <br /><br /><br /><br />~<br /><br />تُرَانِي أَكُونُ حَبَّةَ رَمْلٍ<br />فِي سِجِلِّ اللاَّتِي عَبَرْنَ بَحْرَكَ<br />وََكَانَ الْحِبْرُ أَبْقَى..<br />وكَانَ الْحُلُمُ أَنْقَى.<br /><br /><br /><br />~<br /><br />يُعَرِّشُ الْحُبُّ عَلَى جُدْرَانِ الْقَلْبِ <br />كَمَا وَرَقِ الْعِنَبِ<br />حِينَ.. كَمَا أَنَا تُحِبُّنِي.<br /><br /><br /><br />~<br /> <br />وَيْحَكَ! <br />أَلَمْ تَدْرِ بَعْدُ أَنِّي لَسْتُ شَهْرَزَادَ <br />وَلاَ سَلْمَى أَوْ وَلاَّدَةَ<br />وَأَنَّ مَا أُكِنُّهُ لَكَ فِي الْقَلْبِ<br />أَرْقَى مِمَّا كَنَّهُ غَسَّانُ فِي أَوْجِ عِشْقِهِ <br />لِسِنْدْرِيلاَّهُ غَادَةَ؟ <br /><br /><br /><br />~<br /><br />أَتُحِبُّنِي؟ <br />أَدْخُلُ فِي جُحْرِ السُّؤَالِ <br />وَمِنْ قَبْضَتِي؛ <br />يَخْرُجُ الْجَوَابُ فَارًّا.. <br />كَالأَرْنَبِ الْبَرِّيِّ. <br /><br /><br /><br />~<br /><br />مَعَكَ أَتَمَتَّعُ بِحَصَانَةٍ بَرْلَمَانِيَّةٍ<br />ضِدَّ.. الْقَهْرِ.<br /><br /><br /><br />~<br /> <br />هَا هِيَ حُشُودُ الزَّرَافَاتِ، وَالنَّحْلِ، وَالنَّمْلِ<br />تَتَقَاطَرُ مِنْ كُلِّ حَدْبٍ وَصَوْبٍ<br />لِلْمُشَارَكَةِ فِي مَهْرَجَانِ وِلاَدَةِ يَوْمٍ آخَرَ<br />يُضَافُ يَا حَبِيبِي إِلَى.. تَقْوِيمِنَا الْعِشْقِيِّ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br />تُرَانِي أُحِبُّكَ، أَمْ أُحِبُّ تِلْكَ الْحَالَةَ<br />الْـ.. تَتَجَاذَبُنَا.. مَدًّا وَجَزْرًا<br />شَرْقًا وَشَوْقًا.. جَنُوبًا وَجُنُونًا؟<br /><br /><br /><br />~<br /><br />الأَعْمَى سَمِعَ، وَالأَطْرَشُ رَأَى الزَّوْبَعَةَ<br />الْـ.. أَثَارَهَا النَّهْرُ<br />وَأَنَا أَمُرُّ بِهِ كَغَزَالَةٍ شَارِدَةٍ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br />ذَاتَ صَفَاءٍ صَرَّحَ:<br />الْحُبُّ يَا آسِِرَتِي حَمْلٌ كَاذِبٌ.. <br />وَبِمُنْتَهَى السَّذَاجَةِ.. صَدَّقْتُهُ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />(هِيَ):<br />لِكُلِّ سُؤَالٍ إِجَابَةٌ وَاحِدَةٌ <br />وَأَنَا إِجَابَتُكَ.<br />(هُوَ): <br />أَنَا سُؤَالٌ يَحْتَمِلُ عِدَّةَ أَجْوِبَةٍ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />تَبًّا لِغَبَائِكَ؛<br />نَتَّفْتَ أَجْنِحَتِي لِتُهْدِيَنِي وِسَادَةً؟<br /><br /><br />~<br /><br /><br />كُنْ لِيَ الْمَطَرَ لاَ الْمِظَلَّةَ.<br /><br /><br />~<br /><br />أَيَّتُهَا الْعَاشِقَةُ الْمُشَاكِسَةُ..<br />أَنَا الْمَلِكُ <br />عَلَى رُقْعَةِ الشَّطَرَنْجِ هذِي <br />لَوْ بِسِيَاطِ الْغَيْرَةِ قَتَلْتِنِي <br />سَتَنْتَهِي اللُّعْبَةُ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />الْعَاشِقُ الْغَبِيُّ يَظُنُّ أَنِّي أَتَأَلَّمُ <br />وَأَنَا أَضَعُهُ فِي التَّنُّورِ <br />أُضَاعِفُ الْحَرَارَةَ تَارَةً <br />وَأُخَفِّفُهَا أُخْرَى<br />لِكَيْ أَكْتُبَ عَنْ.. <br />حَالاَتِهِ الْعِشْقِيَّةِ. <br /><br /><br />~<br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى أَحَدٍ<br /><br />1.<br />حِينَ فَاضَتِ الْبَسَاتِينُ بِالْفَرَاشَاتِ؛<br />أَخَذَنِي الْحَنِينُ إِلَى مَمْلَكَةِ الْحُلُمِ<br />فَرَأَيْتُكَ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً <br />جَلَسْتُ سَاعَاتٍ وَسَاعَاتْ<br />تَحْتَ ظِلِّهَا<br />وَحِينَ سَقَطَتْ تُفَّاحَةٌ فَوْقَ رَأْسِي<br />بِفَرَحٍ صَرَخْتُ:<br />"وَجَدْتُكَ.. وَجَدْتُكَ.. يَا حَبِيبِي وَجَدْتُكَ"<br />وَمَا إِنْ قَصَصْتُ الرُّؤْيَةَ عَلَى (عَشْتَارَ)<br />حَتَّى أَعْلَنَتِ الأَرْصَادُ الْجَوِّيَّةُ<br />عَنِ اقْتِرَابِ إِعْصَارٍ<br />مِنْ سَوَاحِلِ تِلْكَ.. الأُمْنِيَةِ.<br /><br /><br />2.<br />حِينَ فَاضَتِ الْبِحَارُ بِالْحُورِيَّاتِ؛<br />أَخَذَنِي الْحَنِينُ إِلَى مَمْلَكَةِ الْحُلُمِ<br />فَرَأَيْتُ فَارِسًا فَوْقَ الْغَيْمِ يُرَاقِصُنِي<br />وَهُوَ يَقْطُرُ فِي أُذُنَيَّ <br />مُفْرَدَاتِ الشَّوْقِ الدَّفِينِ<br />وَمَا إَِنْ قَصَصْتُ الرُّؤْيَةَ عَلَى (هِيرَا)<br />حَتَّى انْقَطَعَ التَّيَّارُ الْعَاطِفِيُّ<br />وَابْتَلَعَتِ الْعُزْلَةُ فَارِسِي.. وَتِلْكَ الأُغْنِيَةِ.<br /><br /><br />3.<br />حِينَ فَاضَتِ الأَعْشَاشُ بِالسُّنُونُوَّاتِ؛<br />أَخَذَنِي الْحَنِينُ إِلَى مَمْلَكَةِ الْحُلُمِ<br />فَرَأَيْتُ فِي الْبَحْرِ قَوَارِبًا<br />تَمَنَّيْتُ لَوْ تَحْمِلُنِي إِلَيْكَ<br />وَمَا إِنْ قَصَصْتُ الرُّؤْيَةَ عَلَى (إِيزِيسَ)<br />حَتَّى أَلْقَتْ بِكَ فِي بُقْعَةٍ مِنَ الْقَلْبِ <br />يُقَالُ: إِنَّهَا.. مُعَادِيَةٌ.<br /><br /><br />4.<br />حِينَ فَاضَتِ الْبَرَارِي بِالْغَزَالاَتِ؛<br />أَخَذَنِي الْحَنِينُ إِلَى مَمْلَكَةِ الْحُلُمِ<br />فَرَأَيْتُ بِسَاطًا<br />انْتَظَرْتُ أَنْ يَأْتِيَ بِكَ إِلَيَّ<br />وَمَا أَنْ قَصَصْتُ الرُّؤْيَةَ عَلَى (شَهْرَزَادَ)<br />حَتَّى حَلَّلَتْ سَفْكَ شَوْقِي وَشَوْقِكَ<br />فَسَقَطَ الْحُبُّ فِي جُبِّ الْحِكَايَةِ<br />وَظَلَّ لِلآنَ..أُحْجِيَةً.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ (5)<br /><br /><br /><br />كُلَّمَا وَقَفَ الْحَسَدَةُ بَيْنَـ ..... ـنَا<br />يَكُونُ الْخُسُوفُ.<br /><br /><br />~<br /><br />مُبَلَّلَتَانِ شَفَتَاهُ بِالتُّوتْ<br />فَكَيْفَ لَهَا أنْ تُشْعِلَهُمَا<br />وَبَيْنَ شَهِيقٍ وَسُكُوتْ<br />تَحْيَا.. وَتَحْيَا<br />ثُمَّ.. تَمُووووتْ؟<br /><br /><br /><br />~<br /><br />بَلَغَنِي أَيُّهَا الْقَمَرُ الْبَعِيدُ<br />أَنَّ كُلَّ مَنْ سَتُحِبُّكَ مِنْ بَعْدِي<br />سَتَعْتَنِقُ مَبْدَأَ.. ("أَنْتَ لاَ سِوَاكَ")<br />وَتَتَنَازَلُ عَنْ مَبْدَأِ.. "أَنْتَ لِي وَحْدِي".<br />أَيَا مَوْلاَيَ وَسَيِّدِي<br />هَلْ بَلَغَكَ أَنِّي لِلْبِحَارِ قَدَّمْتُ اعْتِذَارِي<br />فَقَدْ كُنْتُ أَجْهَلُ<br />أَنَّ ثَمَّةَ مَنْ يَفُوقُهَا مَدًّا وَجَزْرًا<br />إِلَى أَنْ عَايَشْتُكَ.. أَنْتَ.<br /><br /><br /><br /><br />~<br /><br />أَيْلُولُ هُنَا<br />أَمَّا أَيَائِلُ الْعَاطِفَةِ<br />فَفِي الْعَاصِفَةِ.. هُنَاكَ.<br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />مَعْمُودِيّةُ الْقَلَقِ<br /><br /><br /><br />سَيِّدِي، وَأَنْتَ تُؤَمِّمُ قَلْبَكَ، تَرَفَّقْ؛<br />بِالأُنْثَى الَّتِي آمَنَتْ بِأَقَانِيمِكَ الثَّلاَثَةَ، فَكُنْتَ لَهَا الشَّاعِرَ، وَكُنْتَ الْعَاشِقَ، وَكُنْتَ الرُّوحَ الَّتِي أَعْتَقْتَهَا مِنْ قَبْوِ السَّبَايَا وَعَمَّدْتَهَا بِالأَرَقْ. <br /><br />سَيِّدِي، وَأَنْتَ تُؤَمِّمُ قَلْبَكَ، تَرَفَّقْ؛ <br />بِالْحُورِيَّةِ الَّتِي أَتَتْكَ بِالْبِشَارَةِ، فَاصْطَفَيْتَهَا دُونَ النِّسَاءِ، وَمَعَ الْفَجْرِ أَسْلَمْتَهَا لِلنَّهْرِ.. وَحْدَهُ الْمَوْجُ حَنَّ عَلَى أَشْلاَئِهَا، فَمَنَحَهَا حَقَّ الْغَرَقْ. <br /><br />سَيِّدِي، وَأَنْتَ تُؤَمِّمُ قَلْبَكَ، تَرَفَّقْ؛ <br />بِالْغَجَرِيَّةِ الَّتِي رَاوَدْتَهَا عَنْ حُلْمِكَ، وَحِينَ تَمَنَّعَتْ، فِي أَتُونِ الْحَنِينِ أَلْقَيْتَهَا، وَجَلَسْتَ تَتَمَتَّعُ بِمُطَارَدَةِ رَمَادِهَا حَتَّى آخِرِ رَمَقْ.<br /><br />سَيِّدِي، وَأَنْتَ تُؤَمِّمُ قَلْبَكَ، تَرَفَّقْ؛<br />بِالنَّاسِكَةِ الَّتِي اخْتَصَرَتِ الأَقْنِعَةَ وَهِيَ تَسْتَحْلِفُكَ، أَنْ تَكُونَ لَهَا سنَدًا فِي أَزْمِنَةِ الْقُبْحِ.. لكِنَّكَ، اسْتَدْرَجْتَ َاحْتِضَارَهَا، ثُمَّ مَضَيْتَ كَالْجُنْدُبِ إِلَى الْحَدَائِقِ تُسَبِّحُ رَبَّ الْفَلَقْ. <br /><br />سَيِّدِي، وَأَنْتَ تُؤَمِّمُ قَلْبَكَ، تَرَفَّقْ؛<br />بِالْعَاشِقَةِ الَّتِي أَدْمَنَتِ اسْتِحْضَارَ طَيْفِكَ حِبْرًا عَلَى وَرَقْ، فَكُنْتَ لَهَا الْجَمْرَ فِي لَيَالِي الْبَرْدِ، وَفِي الرَّبِيعِ كُنْتَ لِزَنَابِقِهَا الْعَبَقْ. <br /><br />سَيِّدِي، وَأَنْتَ تُؤَمِّمُ قَلْبَكَ، تَرَفَّقْ،<br />فَمِنَ الْعِشْقِ مَا قَتَلَ، وَمِنْ مَأْمَنِهِ يُؤْتَى الْقَلَقْ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />أَسْتَمِيحُكَ بَوْحًا<br /><br /><br /><br />أَنْبَأَتْنِي الزَرْقَاءُ <br />أَنَّكَ سَتَزُفُّنِي لِلْيَبَابِ<br />فَانْشَطَرَ (قَوْسُ) أَيَّامِي<br />عَنْ.. (قُزَحِ) أَحْلاَمِي<br />وَمَا عُدْتُ أَعْرِفُ<br />الْيَمَامَة مِنَ الغـُرَابِ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ (6)<br /><br /><br /><br />أَنَا<br />أَنْتَ..... هِيَ<br />أَلاَ يَسْقُطُ<br />وَلَوْ ضِلْعٌ وَاحِدٌ<br />مِنْ مُثَلَّثِ هذَا الْوَجَعِ الْعِشْقِيِّ؟<br /><br />~<br /><br />قِنْدِيلٌ أَنْتَ.. فَتِيلٌ هِيَ<br />وَأَنَا.. فِي اللَّهِيبِ<br />أَنْتَ.. هِيَ.<br /><br /><br />~<br /><br />حِينَ تَغْلِي الْغَيْرَةُ<br />يَتَبَخَّرُ الْحُبُّ.<br /><br /><br />~<br /><br />أَيُّهَا الْقَلْبُ الْمُثْقَلُ بِرِمَالِ الذَّاكِرَةِ: <br />كَمْ مِنَ الضَّمَّادَاتِ بَعْدُ <br />يَ نْ قُ صُ كَ<br />لِتُدْرِكَ <br />أَنَّ قَلْبَهُ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ <br />عَلَى.. عَشْرَة؟<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />فِي الْعِشْقِ <br />لاَ تَكُنْ كَمُثَلَّثِ (بَرَمُودَا)..<br />كُلُّ مَنْ تَمُرُّ بِكَ<br />نِهَايَتُهَا.. (الضِّبَاعُ).<br /><br /><br />~<br /><br />عِنْدَمَا فِي مُنْتَصَفِ الْحَنِينِ الْتَقَيْنَا<br />تُرَانَا.. <br />كُنَّا نَسيِرُ فِي اتِّجَاهَيْنِ مُتَعَاكِسَيْنِ؟<br /><br /><br /><br />~<br /> <br />كَالْبَنْدُولِ؛<br />تَتَأَرْجَحُ الْمُفْرَدَاتُ عَلَى شَفَتَيْهِ:<br />> أُحِبُّكِ.. < لا.. <br />وَلاَ تَسْتَقِرُّ عَلَى.. حَالَةٍ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br />تَ <br />سْ <br />قُ <br />ط ُ <br />الْغَيْرَةُ <br />وَيَظَلُّ رَأْسُهَا عَالِقًا؛ <br />فِي غَيْمَةٍ بَيْضَاءَ <br />فِي سَمَاءِ الظُّنُونِ. <br /><br /><br />~<br /><br />أَكُلَّمَا نَزَلَ ثَلْجٌ.. يَعْقُبُهُ طُوفَانْ؟<br />أَكُلَّمَا كُنْتُ لَكَ بَحْرًا.. تَعْبُرُنِي إِلَى الشُّطْآنْ؟<br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />مِنَ مَزَامِيرِ الْغِيَابِ<br /> <br /> <br /> <br />1.<br />إِنْ ضَاقَ بِنَا الْحُلْمُ<br />أَجَادَتِ الطَّوَاحِينُ مُلاَطَمَةَ خِوَائِهَا<br />وَعَزَفَتِ الْقِطَطُ عَلَى أَوْتَارِ اللَّوْمِ<br />فَضَجَّ الْكَوْنُ مِنْ مُوَائِهَا.<br /><br /><br />2. <br />إنْ وَلَجَتِ الْغُزْلاَنُ مَتَاهَةَ اللُّؤْمِ<br />مِنْ أَوْسَعِ أَبْوَابِهَا<br />وَانْفَجَرَ طُوفَانُ الْهَمِّ<br />فَأَطْلَقْتِ السَّفِينَةُ الْعَنَانَ لِغُرَابِهَا.<br /><br /><br />3.<br />إِعْلَمْ أَنَّكَ.. <br />كُنْتَ لِلْغَجَرِيَّةِ خِلْخَالَهَا..<br />وَلِلسُّنُونُوَّةِ هُتَافَ مَوَّالِهَا.<br /><br /><br />4. <br />كُنْتَ لِلْحِكَايَةِ رِهَامَهَا<br />وَلِلْبَنَفْسَجَةِ اخْضِرَارَ أَحْلاَمِهَا. <br /><br /><br />5.<br />كُنْتَ الأَسْمَى وَالأَشْهَى<br />وَالأَفْعَى..<br />الَّتِي حَرَمَتِ الْجَنَّةَ مِنْ حَوَّائِهَا.<br /><br /><br />6. <br />كُنْتَ الْجَوَى.. كُنْتَ الْكَرَى<br />كُنْتَ الإِيقَاعَ.. وَالضَّيَاعَ..<br />كُنْتَ النَّبِيَّ الَّذِي اشْتَرَى<br />وَيَهُوَذَا الَّذِي..... بَاعَ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ (7)<br /><br /><br /><br />عَنْ وَعْيٍ<br />وَقَعَتْ فِي مِصْيَدَةِ الْعِشْقِ..<br />وَدُونمَا وَعْيٍ<br />نَتَّفَتْ رِيشَهَا السُّنُونُوَّةُ <br />عُرْبُونَ عُهُودِ الْوَفَاءِ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />بِرَحِيلِكَ <br />عُدْتُ طِفْلَةً تَتَمَرَّغُ بِالرَّمْلِ..<br />تُصَادِقُ البَجَعَ وَالنَّحْلَ وَالنَّمْلِ..<br />بِرَحِيلِكَ يَا حَبِيبِي صَدِئَ سَيْفُ:<br />لِمَاذا؟ <br />مَتَى؟ <br />أَيْنَ؟ <br />وَ... كَيْفَ؟<br /> <br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />سُونَاتّا النّدَى<br /><br /> <br />وَأَعْزِفُ سُونَاتَّا النَّدَى<br />لِنَوْرَسٍ نَذَرْتُهُ لِعِشْقٍ مُقَدَّسٍ<br />فَنَذَرَنِي لِذِئَابِ الْمَدَى <br />لَعَلَّ وَعَسَى.<br /><br />آهٍ يَا فَارِسَ السَّرَابِ<br />مَنْ أَغْوَاكَ أَنْ تَبْسُطَ الْيَدَ<br />لِتُسَلِّمَ السُّنُونُوَّةَ لِلْجُلْجُلَةِ؟<br />فَيَصِيحُ الْمَسِيحُ:<br />كَفَاكَ نِفَاقًا.. كَفَى.<br /><br /><br />مَعَ الرِّيحِ تَعُودُ.. لِتُعَاوِدَ الْعَزْفَ<br />عَلَى مِزْمَارِ الْهَوَى<br />لِزَهْرَةِ بَنَفْسَجٍ تُنَاشِدُهَا الْوَفَا:<br />أَنْتِ لِي.. أَنْتِ لِي<br />أَيَّتُهَا اللَّبُؤَةُ الْحَانِيَةُ<br />يَا نَخْلَتِي، سَوْسَنَتِي، قُبَّرَتِي الْغَالِيَةُ.<br /><br /> <br />تُرَاقِصُهَا فَوْقَ سُحُبٍ حَائِرَةٍ<br />تُرَاوِدُهَا عَنْ حُرُوفٍ مَاطِرَةٍ<br />تُشْعِلُ فِي مَوَاقِدِهَا أَعْرَاسَ الْجَوَى<br />إِلَى أَنْ..<br />يَدُورَ حَجَرُ الرَّحَى<br />فَيَنْعَقُ غُرَابٌ هُنَا.. وَآخَرُ هُنَاكَ:<br />"لِسِوَاكِ أَنَا.. لِسِوَاكِ أَنَا".<br /><br /><br />آهٍِ يَا نَوْرَسَ الْعِتَابِ<br />يَا مَنْ حَلَّلَ فَكَّ أَسْرِ الْعَبَرَاتِ<br />وَنَتْفَ رِيشَ الأُمْنِيَاتِ:<br />"إِنَّ الصَّرْخَةََ بِنْتُ النَّزِيفِ،<br />وَالزِّيفُ أَصْلُ الْحِكَايَةِ".<br /> <br /> <br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />وَمْضَاتٌ (8)<br /><br /> <br /> <br /> قَهَرَنِي الْبَحْرُ؛ <br />مَثْنَى.. وَثُلاَثًا.. وَرُبَاعْ..<br />وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ كُنْتُ كَالْعَنْقَاءِ<br />مِنْ بَيْنِ رُكَامِ الرَّمَادِ أَقُومُ<br />لكِنْ.. كَقَارَبٍ دُونَمَا شِرَاعْ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />مَا لَطَّخَ الذِّئْبُ قَمِيصِيَ<br />حِينَ فِي غَيَابَةِ جُبِّ الْغِيَابِ أَلْقَيْتَنِي<br />أَنَا الَّتِي قَتَلْتُ الذِّئْبَ كَيْ أَحْيَا.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />الْحُبُّ عَصًا فِي يَدِ مَكْفُوفٍ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />فِي تَمَامِ الْعَاشِرَةِ عِشْقًا<br />حِينَ وَحِيدًا وَجَدْتُكَ.. احْتَوَيْتُكَ <br />وَفِي الثَّانِيَةِ عَشْرَةَ إِلاَّ حُلُمٍ <br />حِينَ ضَاقَتْ بِكَ الشَّرْنَقَةُ<br />إِلَى حِينِ.. حَرَّرْتُكَ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />فَلْسَفَةُ الْحُبِّ<br /> <br /><br /> <br />مَضَى الْغُرَابُ<br />وَالْغُثَاءُ مَرَّ وَزَالْ<br />وَفِي الأُفُقِ سُمِعَ مَوَّالْ:<br />... حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ<br />... حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ.<br /><br />أَزْهَرَتِ الْجِبَالُ.. بَرْعَمَ الْبُرْتُقَالْ<br />أَرْسَلَتِ الْبِحَارُ حُورِيَّاتِهَا<br />وَالأَحْلاَمُ نَسَجَتْ حَرِيرَ مَحَارَاتِهَا<br />نَوَّرَ الرُّمَّانُ.. <br />انْقَضَى الطُّوفَانُ<br />وَالْمَطَرُ مَرَّ وَزَالْ<br />وَمَا زَالَ الْهَمُّ يَمْضَغُ الْهَمَّ:<br />تُرَاهُ سَلاَ.. أَمْ أَنَّ مِيزَانَ الْحُبِّ مَالْ؟<br /><br />تَقَهْقَرَتِ الرِّمَالُ.. غَرَّدَ الْكَرَوَانُ<br />اكْتَمَلَتْ دَوْرَةُ كَوْكَبِِ الْخَيَالْ<br />وَبُرْكَانُ الْغَضَبِ مَرَّ وَزَالْ<br />وَمَا زَالَتِ الْيَمَامَةُ تَتَرَقَّبُ <br />أَنْ يَفُوحَ النَّهَارُ.. تُهْزَمَ الظِّلاَلْ<br />لِيَغْفُوَ الْجَوَابُ<br />فِي حِضْنِ السُّؤَالْ.<br /> <br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ (9)<br /><br /><br /><br />اِقْرَأْ كَفَّ مَنْ تَشَاءُ مِنَ النِّسَاءِ<br />سَتُدْرِكُ أَنِّي أَنَا وَحْدِي:<br />... تَوْأَمُكْ...<br /><br /><br />~<br /><br /><br />لَسْتُ طُرْوَادَةَ.. <br />بِالْبَارُودِ تُحَاصِرُ أَسْوَارَهَا<br />وَتُبَاغِتُهَا بِالْعَسْكَرْ.. <br />لِي قَلْبُ عُصْفُورَةٍ.. لَوْ رَقَّ<br />تَذُبْ مِنْ عُذُوبَتِهِ الصُّخُورُ<br />بَلْ..تَسْكَرْ. <br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />إيقاعُ العشقِ<br /><br /><br /><br />حَبِيبَتِي.. أَيَّتُهَا الأُنْثَى <br />الْـ.. كُلَّمَا ازْدَدْتُ مَعْرِفَةً بِكِ<br />ازْدَدْتُ مَعْرِفَةً بِأَسْرَارِ الْغُيُومِ..<br />يَا سَلِيلَةَ النَّعْنَاعِ وَالْبُرْتُقَالِ وَاللَّيْمُونِ<br />وَالزَّعْتَرِ الْبَرِّيِّ وَالزَّيْتُونِ<br />أَيَّتُهَا السُّنُونُوَّةُ <br />الِـ.. ابْتَكَرَتِ الْوَتَرَ الْخَامِسَ <br />لِعُودِ الْوَجْدِ<br />فَأَتْقَنَتِ الْعَزْفَ عَلَى:<br />"أَكُونُ .. أَوْ .. لاَ أَكُونُ".<br /><br />حَبِيبَتِي.. <br />هَا سُقْرَاطُ يَنْهَضُ مِنْ كُتُبِ التَّارِيخِ <br />لِيَطْرَحَ عَلَيْنَا<br />ذلِكَ السُّؤَالَ الْبَدِيهِيَّ الْبَسِيطَ:<br />مَا الْوَطَنُ؟<br />هَا الْبِحَارُ تَمْنَحُنَا<br />- نَحْنُ اللَّقَالِقُ الْمَحْكُومَةُ بِقَلَقِ الْمَنَافِي-<br />حُورِيَّاتِهَا، مَحَارَاتِها.. <br />هَا الصَّوَارِي<br />تَقْرَأُ عَلَى الأَشْرِعَةِ إِصْحَاحَ الْعَاصِفَةِ<br />وَفِي الْهَزِيعِ السَّادِسِ لِلْجُرْحِ الْخَؤُونِ<br />عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ تُبَكِّرُ الطُّيُورُ <br />تَطُوفُ سَبْعَ مَرَّاتٍ <br />حَوْلَكِ <br />وَهِيَ تَضْرِبُ بِالْبُوقِ<br />وَتَهْتِفُ بِإِصْرَارٍ:<br />.. يَا حَبِيبَة ..<br />مِنَ الآنَ نُحِبُّكِ<br />وَإِلَى أَنْ<br />تَسْقُطَ أَسْوَارُ الْحِصَارِ.<br /><br />مِنَ الآنَ نُحِبُّكِ<br />وَإِلَى أَنْ<br />يَنْتَفِضَ يُونُسُ مِنْ جَوْفِ الْعَتْمَةِ<br />أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْخَصْبَةُ<br />يَا عَرُوسَ آذَار <br />يَا أُنْشُودَةَ الثُّوَّار.<br /><br />مِنَ الآنَ<br />وَبَعْدَ أَنْ<br />تَكُفَّ الأَرْضُ عَنِ الدَّوَرَان.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ (10)<br /><br /><br /><br />أَنْتَ:<br />تَنْقُلُ الْمَلِكَ خُطْوَةً لِلأَمَامِ<br />أَنَا:<br />أَنْقُلُ الْمَلِكَةَ خُطْوَتَيْنِ فِي الْعَاصِفَةِ<br />وَكِلاَنَا يُخَطِّطُ لِلَّحْظَةِ الْحَاسِمَةِ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />وَعَدْتَنِي بِالرَّعْدِ، وَقَبْلَ الْبَرْقِ.. رَحَلْتَ.<br /><br /><br />~<br /><br />تُنْكِرُنِي ثَلاَثًا فَأَمْضِي..<br />وَمَعِي تَمْضِي الأَرَانِبُ الْبَرِّيَّةُ<br />إِلَى حُقُول الذُّرَةِ<br />أُنَقِّبُ.. عَنْ (فَان كُوخ)<br />كَيْ أُمَارِسَ وَإِيَّاهُ حُرِّيَّةَ مَوْتِي.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />اِبْنُ الْغَجَرِ<br /> <br /><br /><br />لاَ أُرِيدُ..<br />أَنْ أَمُوتَ هكَذَا<br />كَفَأْرِ الْمَتَاهَةِ؛<br />أَكِرُّ، أَفِرُّ، أُقْبِلُ، أُدْبِرُ<br />فِي مِصْيَدَةِ الصَّمْتِ.. أُعَلَّقُ<br />فَيَقْرَأُ الدُّودُ عَلَى هَيْكَلِي الْفِكْرِيِّ<br />إِصْحَاحَ الرَّتَابَةِ.<br /><br />لاَ أُرِيدُ..<br />أَنْ يَنْتَهِيَ رَأْسِي فَوْقَ طَبَقِ الْمَذَلَّةِ<br />فَتَرْصُدُ الْعُيُونُ النَّافِرَةُ.. مَوْتِي.<br /><br />لاَ أُرِيدُ..<br />أَنْ يَنْتَهِيَ جَسَدِي فَوْقَ خَشَبَةٍ<br />بَعْدَ قُبْلَةٍ دَامِيَةٍ<br />وَثَلاَثيِنَ مِنْ فِِضَّةِ الْمَهْزَلَةِ.<br /><br />سَيَكُونُ أَنْ..<br />تَنْحَنِيَ السَّنَابِلُ الآيِلَةُ لِلشَّوْقِ<br />لِطَائِرِِ الرُّوحِ<br />الأَكْثَرَ زُرْقَةً مِنْ يَمٍّ<br />الأَقَلَّ مُرَاوَغَةً مِنْ غَيْمٍ.<br /><br />سَيَكُونُ لِلرُّوحِ الَّتِي مَعَ أَشْبَاهِ الظِّلالِ؛ <br />تَنَافَرَتْ.. فَاخْتَلَفَتْ<br />أَنْ تَتَعَارَفَ مَعَ الْغَرِيبِ <br />الْقَادِمِ مِنْ فِرْدَوْسِ الأَسَاطِيرِ <br />فَتَتَآلَفَ وَيَكُونُ نُورٌ<br />وَتَسْتَعِرَ نَارٌ..<br />وَفِي الذِّكْرَى الثَّانِيَةِ لِلْجُنُونِ ِالْمُقَدَّسِ<br />سَيُهَدِّدُنِِي بِاللَّعْنَةِ<br />فَأَرْتَشِفُ التِّرْيَاقَ بِيَدِي..<br />لاَ بِيَدِِ ابْنِِ الْغَجَرْ<br />فَيَا لَوَحْشَةِ الْمُجُونِ اللَّذِيذِ الْمُنْتَظَرْ!<br />سَيَكُونُ أَنْ تُهَدْهِدَنِي مَلاَئِكَةٌ فَأَفِيقُ<br />وَعَلَى الْجَبِينِ أَحَدَ عَشَرَ اسْمًا وَوَشْمًا <br />وَفِي الْقَفَصِ الْحُلْمِيِّ قَمَرٌ؛<br />مَغْرُومٌ، مَغْرُورٌ، مَلْعُونٌ، مَجْنُونٌ <br />مُطَارَدٌ ومُحَاصَرٌ<br />بَيْنَ خَطَايَا الأَمْسِ الْبَالِيَةِ <br />وَ.. ذَاكِرَةِ الْبَحْرِ.<br /><br />سَيَكُونُ أَنْ يَخْبُوَ بَخُورُ الْحُلُمِ قَلِيلا ً<br />لكِنَّهَا بَاقِيَةٌ.. خَرِيطَةُ الدَّرْبِ الطَّوِيلِ<br />رَيْثَمَا.. نَتَعَلَّمُ وَنُعَلِّمُ<br />حِكْمَةَ الْعُشَّاقِ الْمَجَانِينَ:<br />لاَ أَكْرَهُ الْغِرْبَان.. <br />لاَ أَحْقِدُ عَلَى إِنْسٍ وَلاَ عَلَى جَان.. <br />لاَ أَنْتَظِرُ الطُّوفَان..<br />كِيَانًا كُنْتُ..<br />كِيَانًا سَأَبْقَى..<br />وَيَبْقَى الأُفُقُ لِجَنَاحَيَّ عُنْوَان.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ -11<br /><br /><br /><br />كَانَتْ <br />زَاوِيَةُ <br />الْحُبِّ <br />حَادَّةً <br />بَمَا يَكْفِي لِحَالَةِ اخْتِنَاقْ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />ثَمَرَةٌ وَاحِدَةٌ<br />كَانَتْ كَفِيلَةً <br />بِطَرْدِنَا مِنَ الْجَنَّةِ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />خُيِّلَ إِلَيَّ<br />وَأَنَا أَفْتَحُ نَافِذَةَ غُرْبَتِي<br />أَنَّ الشَّمْسَ وَحِيدَةٌ<br />وَ حِ ي دَ ة ٌ<br />فِي كَبِدِ هذَا الْمَسَاءِ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />إِلَى الْفَرَحِ:<br />أَلْقَاكَ فَجْرًا <br />فَأَنَا مُحَاصَرَةٌ اللَّيْلَةَ<br />بِجُيُوشِ شَجَنٍ.<br />لاَ قُرُنْفُلَةٌ تَتَفَتَّحُ جَذِلَةً <br />لِمُلاَقَاةِِ الشَّمْسِ <br />لاَ نَجْمَةٌ تَهْوِي بُغْتَةً <br />لِتَقُودَنِي إِلَيْكَ <br />حَتَّى فِي ذُرْوَةِ غِيَابِكَ <br />لاَ أَثَرَ يَدُلُّ عَلَيْكَ. <br /><br /><br />~<br /><br />هَا حُرُوفُ النِّدَاءِ تَفِرُّ مِنَ الْمَرْعَى<br />هَا أَدَوَاتُ التَّعَجُّبِ تَنْحَنِي: <br />لِتُكَفِّنَ جُثَّةَ الْفَرَحِ.<br />وَحْدَهُ الْمَكْفُوفُ <br />يُؤْمِنُ الآنَ أَنَّهُ: <br />"يَرَى زُرْقَةَ السَّمَاءِ". <br /><br /><br />~<br /><br /><br />تُغْلِقُ الْبَابَ خَلْفَكَ <br />لِتَحْلُمَ أَنْ لاَ حُلْمَ <br />سَيَطْرُقُ اللَّيْلَةَ بَابَكَ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />قَبْلَ الرَّحِيلِ<br />دَسَسْتُ الْبَحْرَ فِي ذَاكِرَتِكَ<br />تُرَاهُ يَجِفُّ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ بِكَ إِليَّ؟<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />أَبْحَثُ عَنْكَ.. تَبْحَثُ عَنِّي<br />كَخَطَّيْنِ مُتَوَازِيَيْنِ لاَ أَحَدَ يَوَدُّ أَنْ يَنْكَسِرَ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />أَهُوَ أَيْلُولُ؟<br />أَمِِ الْخَمَائِِلُ، الْجَدَاوِلُ <br />وَالأَيَائِِلُ الْشَغَلَتْكَ<br />عَنْ ذَاتِ الْجَدَائِلِ؟<br />فَفَاتَكَ؛<br />أَنَّ الْفَرَاقَ كَالْمَوْتِ مَالِحٌ<br />كَطَقْسِ الْكَآبََةِ كَالِحٌ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />تَحِنُّ إِلَيْكَ؛ <br />الْوَسَائِدُ وَالْجَرَائِدُ وَالْقَصَائِد <br />وَيُقْلِقُ الصَّمْتُ الزَّوَايَا<br />وَالْمَرَايَا وَالْحَكَايَا<br />وَأَبْقَى وَحِيدَةً.. <br />وَحِيدَةً؛<br />كَعَجْزِ بَيْتٍ فِي قَصِيدَةٍ <br />كَجَمْرَةٍ فِي مَهَبِّ رِيحٍ عَنِيدَةٍ. <br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />كَالنَّهْرِ الَّذِي فَرَّ مِنْ مَجْرَاهُ.. أَنْتَ..<br />كَالسِّكةِ الَّتِي غَادَرَهَا قِطَارُهَا.. أَنَا.. <br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />يَأْتِي الرَّبِيعُ بِكَامِلِ رَوْنَقِهِ؛<br />أُقْحُوَانَةٌ هُنَا<br />قُرُنْفُلَةٌ هُنَاكَ<br />يَأْتِي.. دُونَ أَنْ يُدْرِكَ<br />مَا خَلَّفَهُ الْخَرِيفُ<br />مِنْ مُوَاتٍ هُنَا..<br />مُوَاتٍ هُنَاكَ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />إِنْ ضَاقَ بِنَا الْحُلُمُ<br />وَبَدَأَ الرَّحِيلُ إِلَى حَدَائِقِ ِالْعَوْسَجِ..<br />إِنْ صَرَخْتُ بِكَ: <br />حَبِيبِي.. لِمَ بِِعْتَنِِي بِثَلاَثِينَ قُبْلَةٍ؟<br />إِنْ بَدَأَ النَّزْفُ التَّنَازُلِيُّ..<br />اعْلَمْ.. <br />أَنَّكَ كُنْتَ الْبَحْرَ الَّذِي<br />جَفَّفَ بِنَوْبَاتِ جُنُونِهِ <br />... وَتِينِي...<br /><br /><br />~<br /><br /><br />أَيُّهَا الْحُبُّ.. <br />تَمُوتُ، <br />وَلاَ أَثَرَ يَدُلُّ عَلَيْكَ سِوَى<br />بَعْضِ رَمَادٍ فِي مِنْفَضَةٍ<br />وَبِمُنْتَهَى السَّذَاجَةِ يُبَرْعمُ<br />حُبًّا هُنَا.. <br />آخَرَ هُنَاكَ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />هَا قَدِ ارْتَفَعَ الْعَوْسَجُ<br />أَعْلَى مِنْ جِدَارِ الْحَدِيقَةِ<br />وَمِنَ الْمَدَى مَا أَتَى..<br />سِوَى صَدًى وَبَعْضِ غُبَارٍ<br /><br /><br />~<br /><br /><br />إِكْرَامُ (الْحُزْنِ) دَفْنُهُ.<br /><br />~<br /><br /><br />مَا أَسْقَطَتِ الذَّاكِرَةُ أَسْوَارَهَا<br />وَلاَ كَشَفَتْ أَسْرَارَهَا<br />إِنَّمَا؛<br />تَرَكَ فِي تُرْبَةِ الرُّوحِ بُذُورَ مَرَارَةٍ<br />حِينَ غَيَّرَ النَّهْرُ مَسَارَهُ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br />عَلَى وَرَقٍ كُنْتُ لَكَ سَمَاءً<br />وَكُنْتَ الرَّعْدَ وَالْبَرْقَ..<br />عَلَى <br />وَرَقٍ اعْتَصَرَتْنَا عَوَاصِفُ الْقَلَقِ..<br />وَعَلَى <br />وَرَقٍ غَفَرْتُ لَكَ رَحِيلَكَ الْمُبَاغِتَ<br />لِلْبَحْثِ عَنْ أُنْثَى لَيْسَتْ مِنْ وَرَق.<br /><br /><br />~<br /><br />هَا أَنَا أَبْحَثُ عَنِّي <br />هَا أَنَا أَجِدُنِي خَارِجَ.. <br />تَغْطِيَةِ الْعَاطِفَةِ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />قَبْلَ أَنْ تَذْهَبَ لِلذِّئْبِ<br />انْتَظَرَتُ أَعْوَامًا<br />وَحِينَ بِدَلاَلٍ طَرَقْتَ الْبَابَ<br />فَتَحَ.. الْحَمَلُ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />هَا أَنْتَ..<br />تُقَدِّمُ قَصَائِدِي قَرَابِينَ لِلْفَوْضَى<br />هَا أَنَا..<br />أُهَدِّدُ بِلَعْنَةِ الْفَقْدِ الَّتِي<br />سَتُطَارِدُ أَبْجَدِيَّتَكَ حَرْفًا حَرْفًا<br />إِلَى أَنْ تُفْقِدَهَا<br />قُدْرَتَهَا عَلَى.. الدَّهْشَةِ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />قَدْ أُكْمِلَ: <br />خَلَعْتُ صَلِيبِي، وَمَضَيْتُ <br />بِاتِّجَاهِ الْحَدَائِقِ وَالْحُقُولِ<br />أَلْتَقِطُ سَنَابِلَ الْفَرَحِ <br />لأَعْجِنَ مِنْ قَمْحِهَا قُوتًا <br />لِلْعِجَافِ الْقَادِمَةِ..<br />مَنْ قَالَ:<br /><br /> <br />"إِنَّ الْحُبَّ مُزْمِنٌ<br />وَإِنَّ الْحُزْنَ قَاتِل"؟ <br /><br /> <br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />وَحِيدَةٌ<br /><br /><br /><br />وَحِيدَةٌ.. وَالانْتِظَارُ<br />أَمَرُّ مِنْ خَلِّ الْقَهْرِ.<br /><br />وَحِيدَةٌ.. وَالْفَوْضَى <br />رَفَعْتُ عَلَى قِمَمِي رَايَاتِ النَّصْرِ<br />بَعْدَمَا تَسَاقَطَتْ نُجُومِي<br />تَحَطَّمَتْ مَرَاكِبِي<br />وَتَهَشَّمَتْ فَنَاجِينُ الصَّبْرِ.<br /><br />وَحِيدَةٌ.. حَتَّى أَنِّي <br />لَمْ أَعُدْ أَعْرِفُنِي؛<br />أَأَنَا قَطْرَةُ مَطَرٍ تَلَقَّفَهَا نَهْرٌ<br />لِتَجْرِيَ حَثِيثًا نَحْوَ الْبَحْرِ<br />أَمْ أَنَا.. الْبَحْرُ؟ <br /> <br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />السّاعَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ لِلْحُلُمِ<br /><br /><br /><br />كُلُّ شَيْءٍ نَائِمٌ؛<br />السَّتَائِرُ، السَّرِيرُ،<br />أَزِيزُ الطَّائِرَاتِ، الْمَسَامِيرُ، <br />أَمَّا الْقَلْبُ فَقَدْ قَامَ<br />يَطُوفُ بَيْنَ الطُّرُقَاتِ<br />يَطْلُبُ.. مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي<br />كَثِيرًا.. كَثِيرًا.<br /><br />يَسْأَلُ الْحُرَّاسَ عَنْهُ<br />يَسْأَلُ أَسْوَارَ الْمَدِينَةِ<br />يَسْأَلُ الصَّبَّارَ<br />أَشْجَارَ السِّنْدِيَانِ <br />اللاَّفِتَاتِ.. الْمَحَطَّاتِ<br />أَجْرَاسَ الْكَنَائِسِ <br />الْمَآذِنَ.. الْغُيُومَ.. النُّجُومَ<br />يَسْأَلُ الْقَمَرَ الْحَزِينَ.. الْحَزِينَ.<br /><br />كُلُّ شَيْءٍ هَائِمٌ؛<br />أَمَّا الشَّوْقُ فَقَدْ قَرْفَصَ <br />يَشْكُو آهاَتِ الْفَقْدِ.. لِرَبِّ الْحَنِينِ.<br /><br />كُلُّ شَيْءٍ عَائِمٌ؛<br />إِلَى أَنْ أَعْثُرَ.. عَلَى مَنْ تَعْشَقُهُ <br />الأُذْنُ قَبْلَ الْعَيْنِ <br />فَيُبَارِكُنِي..<br />مِنْ أَرْضِ الْبُكَاءِ يُصْعِدُنِي<br />مَنَّ الْكِبْرِيَاءِ يُطْعِمُنِي<br />يَقِينَ الْكَرَامةِ يَسْقِينِي<br />يَرْوِينِي..يُحْيِينِي<br />وَبِالزَّيْتِ يَمْسَحُنِي<br />مَلِكَةً عَلَى سِبْطِ الشَّوْقِ الدَّفِينِ.<br /><br />كُلُّ شَيْءٍ غَائِمٌ؛<br />إِلَى أَنْ نَفْتَتِحَ مَهْرَجَانَ الْعَوْدَةِ<br />- عَلَى إِيقَاعِ الدُّفِّ وَالْعُودِ -<br />إِلَى فِرْدَوْسِ الْفُلِّ وَالنَّرْجِسِ<br />وَالْيَاسَمِين.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br /> <br />سَتُعِيدُكَ إِلَيّ الْحِكَايَة<br /> <br /><br /><br />سَتُعِيدُكَ إِلَيَّ الْحِكَايَةُ<br />لِنُطَرِّزَ مِنْ حُرُوفِهَا قَنَادِيلَ<br />عَلَى مَنَادِيلِ الْعُشَّاقِ..<br />سَتُعِيدُ الْخَمِيرَةَ إِلَى الطَّحِينِ<br />فَقَدْ عَادَتْ مِنَ الشَّتَاتِ أَسْرَابُ الأَشْوَاقِ<br />وَمَرَّتْ تِلْكَ الأَمَانِي الْعِجَافُ..<br />سَتُعِيدُ الْكُحْلَ إِلَى الْعَيْنِ<br />حِينَ نَجْلِسُ إِلَى مَائِدَةِ الْعِتَابِ الأَخِيرِ <br />نَحْتَفِلُ بِطَائِرَيْنِ<br />انْبَعَثَا مَعًا مِنْ رَمَادِ الشِّقَاق..<br />سَتُعِيدُكَ إِلَيَّ الْحِكَايَةُ<br />كَيْ نَحْمِلَ الْحُلُمَ وَنَمْضِي<br />مِنْ مَقَابِرِ النَّكَبَاتِ إِلَى ذَاكِرَةٍ<br />لاَ تَنْخُرُ أَبْجَدِيَّتَهَا أَعْرَاضُ فِرَاق.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ -12<br /><br /><br /><br />حَاصَرَتْنِي الْحَسْرَةُ <br />وَبِقَنَابِلَ لاَ حَصْرَ لَهَا قَذَفَتْنِي <br />فَنَسَفَتْ<br />وَأَحْرَقَتْ<br />وَدَمَّرَتْ<br />ذِكْرَيَاتٍ لاَ حَصْرَ لَهَا<br />ثُمَّ تَوَعَّدَتْ<br />وَتَعَهَّدَتْ<br />بِفَرْضِ الْمَزِيدِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ<br />وَاسْتَأْسَدَتْ<br />لكِنَّهَا<br />لَمْ تَرْدَعْنِي <br />عَنْ مُقَاوَمَةِِ النَّفْيِ<br />عَنْ قَلْبٍ أَعْلَنَ أَنَّهُ: <br />(وَطَنٌ)<br />وَأَنَّ النَّشِيدَ<br />لاَ بُدَّ آتٍ .. آتٍ .. آتْ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />الْحُبُّ الْكَبِيرُ،<br />أَيْضًا؛ وَجَعُ فَقْدِهِ كَبِيرٌ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />مُنْذُ سَقَطَ آخِرُ قِنَاعٍ<br />عَنْ وَجْهِ ذَاكَ الْعَاشِقِ<br />وَأَنَا أَتَصَدَّى<br />لأَيِّ مُحَاوَلَةِ إِنْزَالٍ<br />لاجْتِيَاحِ قَلْبِي.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br />كَيْفَ بَعْدَمَا أَتْمَمْتُ مَرَاسِيمَ نَفْيِكَ<br />عُدْتَ؛<br />كَالطَّائِرِ الْمُبَلَّلِ عَلَى نَافِذَتِي تَئِنُّ<br />كَالطِّفْلِ الْمُدَلَّلِ لِحِضْنِي تَحِنُّ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br />جُنُونٌ أَنْ نَبْدَأَ<br />مِنْ مَرْحَلَةِ.. مَا بَعدَ بَعْدَ الأَطْلاَلِ<br />بَعْدَمَا ارْتَشَفْنَا الْكَثِيرَ<br />مِنْ حَنْظَلِ التَّجْرِبَةِ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br />أَيَّتُهَا الذَّاكِرَةُ <br />بَرْدًا وَسَلاَمًا كُونِي<br />عَلَى قَلْبِ أُنْثًى<br />كُلَّمَا وَأَدَتْ حُبًّا<br />... وُلِدَ اثْنَانِ...<br /><br /><br />~<br /><br /><br />أَذَاتَ الدَّرْبِ <br />نَصْعَدُ مَرَّتَيْنِ؟<br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />سَأُحَاوِلُكَ مَرّةً أُخْرَى<br /> <br /><br /><br />قَدْ آنَ الأَوَانُ<br />أَنْ.. تَعْقِدَ قَرَانَكَ<br />عَلَى هَذَيَانِي<br />كَيْ تُولَدَ وَلَوْ مَرَّةً<br />عَلَى يَدَيِّ امْرَأَةٍ <br />تَعْرِفُ.. <br />كَيْفَ تُغْرِي جُوعَكَ<br />إِلَى قَمْحِ الْحَنَانِ<br />كَيْفَ تَنْقُلُكَ بِنَظْرَةِ شَوْقٍ <br />إِلَى أَبْعَدَ أَبْعَــدَ الشُّطْآنِ.<br /><br />قَدْ آنَ الأَوَانُ<br />أَنْ.. أُحَاوِلَكَ مَرَّةً أُخْرَى<br />لأُحَاوِرَ فِيكَ شَهْرَيَارِي <br />وَقَيْسِي وَابْنَ كَنْعَان<br />مِنَ اللَّيْلَةِ الأَلْفِ لِلْحِكَايَةِ <br />وَحَتَّى مَطْلَعِ الآااااهِ<br />فِي أَتُونِ حِرْمَانِكَ<br />وَحِرْمَانِي.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ -13<br /><br /><br /><br />أَكَانَ لاَ بُدَّ لِكُلِّ هذَا النَّزْفِ<br />كَيْ نَفْقَهَ لُغَةَ السَّمَاءِ؟ <br /><br /><br />~<br /><br /><br />مَا أَضْيَقَ الدَّرْبَ الْمُؤَدِّيَ <br />إِلَى الْفِكْرَةِ! <br /><br />~<br /><br />لَوْ كُنْتُ شَجَرَةً لَتَعَلَّمْتُ <br />كَيْفَ أَجْتَازُ كُلَّ خَرِيفٍ.<br /><br />~<br /><br />فِتْنَةُ الْجِبَالِ فِي شُمُوخِهَا.<br /> <br /><br />~<br /><br />تَعَدَّدَتِ الْمَرَايَا <br />وَالْوَجْهُ وَاحِدٌ!<br /><br /><br />~<br /><br />يَسْقُطُ الْمَطَرُ <br />قَطْرَةً<br />قَ<br />طْ<br />رَ<br />ةً<br />تُرَاهُ يُدْرِكُ أَنَّهُ <br />"يَسْقُطُ"<br />لِذَا.. <br />بَاكِيًا يَأْتِينَا؟<br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />أَنَا كِيَانٌ<br /><br /><br /><br />كُلُّ الرِّيَاحِ رَفَضَتْنِي<br />فَضَّتْ بِكَارَةَ دَمْعِي<br />لِلْقَوَافِلِ الْعَابِرَةِ بَاعَتْنِي<br />وَأَمَرَتْنِي؛<br />بِالْكِتْمَانِ ثُمَّ الْكِتْمَان.<br /><br /><br />أَنَا الْمَلِكَةُ الَّتِي تَمَرَّدَتْ<br />عَلَى رَتَابَةِ الأَسْوَدِ وَالأَبْيَضْ<br />فَفَرَّتْ إِلَى عَصْرِ الْفُرْسَانِ<br />مَا عَبِئَتْ بِفَنْتَازْيَا الصَّوْلَجَانِ.<br /><br /><br />أَنَا عَشْتَارُ<br />الَّتِي عَرَضَتْ تُفَّاحَةَ قَلْبِهَا<br />عَلَى <br /> ابْنُ الآلِهَةِ<br />- جِلْجَامِشُ -<br />فَأَعْرَضَ<br />عَنْ قَضْمِهَا<br />وَمَا دَرَى أَنَّهَا<br />أَتَتْهُ بِبِذْرَةِ الْخُلُودِ<br />فِي الْمَكَانِ <br />وَفِي الزَّمَانِ.<br /><br /><br />أَنَا سُنُونُوَّةُ الإِبْدَاعِ<br />لاَ نِدَّ بَيْنَ الطُّيُورِ لـِ:<br />- كِيَانِي-.<br /><br /><br />كُلُّ الدُّرُوبِ رَفَضَتْنِي<br />فَمَضَيْتُ خَلْفَ الأُفُقِ<br />أَنْسُجُ سِيرَةَ تَفَرُّدِي<br />مِنْ رِيشِ الْكَرَامَةِ<br />لاَ الْهَوَانِ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />سِفْرُ الْقِيَامَةِ<br /> <br /><br /><br />فِي الْهَزِيعِ الأَخِيرِ<br />مِنَ الأَرَقِ الْمُقَدَّسِ<br />تُبَكِّرُ حَامِلاَتُ الطِّيبِ<br />وَالْعَذَارَى الْخَمْسُ<br />فِي الْمَجِيءِ إِلَيْهَا؛<br />مَاءً.. نَمِيرًا.. وَمَنًّا تُقَدِّمْنَ لَهَا<br />تُنَاشِدْنَهَا أَنْ تَنْهَضَ كَيْ تَتَهَيَّأَ <br />لِطُقُوسِ الْخِصْبِ <br />بِزَيْتِ النُّبُوءَةِ تَمْسَحْنَهَا..<br />بِقَلِيلٍ مِنَ الْغُمُوضِ تُقَمِّطْنَهَا..<br />ثُمَّ تَخْلَعْنَ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا<br />بُرْدَةً..<br />فَتَنْهَضُ الْمُفْرَدَاتُ مِنْ مَهْدِهَا؛<br />مَا تَنَافَرَ مِنْها.. يَخْتَلِفُ<br />وَمَا تَعَارَفَ.. يَأْتَلِفُ<br />كَخُيُولٍ بَرِّيَّةٍ تَأْبَى سِيرَةَ التَّرْوِيضِ<br />تُكِرُّ.. لاَ تَفِرُّ..<br />تَتَمَرَّدُ.. لاَ تَتَرَدَّدُ..<br />تَتَحَدَّى الْقَيْظَ.. <br />تَتَصَدَّى.. <br />حَوَاجِزَ اللَّظَى تَتَعَدَّى..<br />نَشِيدَ الأَنَاشِيدِ تُنْشِدُ:<br />الآنَ أَمْرٌ.. <br />وَبَعْدَ الآنِ.. خَمْرٌ<br />وَكَمَا وَلَدَتْهَا اللَّحْظَةُ، <br />هكَذَا؛<br />... حُرَّةً... <br />فِي أَدْغَالِ لُغَةِ الإِبْدَاعِ<br />كَسِهَامٍ جَمَالِيَّةٍ <br />>>>>>>>>>> <br />تَ نْ طَ لِ قُ.<br /><br /><br /><br />~<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> <br />وَمْضَاتٌ (14)<br /><br /><br /><br />أَنَا وَالدَّقَائِقُ وَالْحَرَائِقُ<br />وَأُقُحُوَانُ الْحَدَائِقْ<br />وَالْقَمَرُ وَالْبَحْرُ وَالْعِطْرُ وَالأَيْكْ<br />نَهْتِفُ: <br />لَبَّيْكَ يَا طَائِرَ الشِّعْرِ، لَبَّيْكْ.<br /><br /><br />~<br /><br />فِي الشِّعْرِ.. <br />مَا خَفِيَ كَانَ أَعْذَبْ.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />بَيْنَ الْفِكْرَةِ وَالْوَرَقَةِ <br />حَبْلٌ سِرِّيٌّ <br />لاَ أَتَخَلَّصُ مِنْهُ إِلاَّ حِينَ <br />أَتَأَكَّدُ مِنْ سَلاَمَةِ.. الْمَوْلُودِ.<br /><br /><br />~<br /><br />أَجْمَلُ فَجْرٍ<br />هُوَ ذلِكَ الَّذِي يُوقِظُكَ<br />عَلَى أَعْرَاضِ مَخَاضٍ<br />فَتَتَلَوَّى أَفْكَارُكْ<br />وَتَتَتَالَى آهَاتُكْ<br />إِلَى أَنْ تَلِِدَ.. "قَصِيدَة".<br /><br /><br />~<br /><br /><br />الْكِتَابَةُ؛ فِعْلُ بَقَاءٍ.<br />والْكِتَابَةُ؛ فِعْلُ ارتقاءْ<br /><br /><br />~<br /><br /><br />حِينَ تَبْدَأُ الْقَصِيدَةُ بِالسَّيْرِ فَوْقَ الْمَاءِ<br />تَشْرَعُ النَّوَارِسُ بِالرَّفْرَفَةِ مِنْ حَوْلِهَا.<br /><br /><br />~<br /><br /><br />أَنَا ابْنَةٌ شَرْعِيَّةٌ لِلْعَاصِفَةِ<br />وَعَدْتُ..<br />مُنْذُ نُعُومَةِ حِبْرِي<br />أَنْ أَهْزِمَ جَنَادِبَ الرَّيَاءْ<br />وَكَانَ الْوَعْدُ.. وَعْدًا صَادِقًا.<br /><br />~<br /><br />يَبْقَى الْجَبَلُ الشَّاهِقُ.. شَاهِقًا<br />حَتَّى لَوْ<br />تَ<br />دَ<br />حْ<br />رَ<br />جَ<br />عَنْ قِمَّتِهِ<br />.. حَجَرٌ..<br />.. صغيرٌ..<br />.. صغيرٌ..<br />... إِلَى...<br />ا ـة<br />ل.. قاع.. يَ<br /> هَاوِ<br /><br /><br /><br />~<br /><br /> <br />قَلَمٌ نَزِقٌ يَشُقُّ حَرَائِقَهُ<br />عَبْرَ طُرُقٍ.. وَعِرَةٍ.<br /><br />~<br /><br /><br />مَا أَنْ فَرَغْتُ مِنْ حَبْكِهِ<br />حَتَّى تَمَرَّدَ النَّصُّ<br />عَلَى<br />... كُلِّ الأُطُرِ...<br /><br /><br />~<br /><br /><br />الأَدَبُ الْكَبِيرُ<br />لاَ يَصْنَعُهُ إِلاَّ<br />... صُعْلُوكٌ صَغِيرٌ...<br /><br /><br />~<br /><br /><br />إِقْرَارٌ:<br />"سَأَمْضِي لأَفْضَحَ الصَّمْتَ".<br /><br /><br />***<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> </font></CENTER><br /><br /> <br />بطاقة شخصية - أدبية<br /><br />- شاعرةٌ وقاصّةٌ مِن مَواليدِ النّاصرةِ في (29/9/1960).<br />- حاصلةٌ على اللّقبِ الأوّل في اللّغةِ الإنجليزيّةِ والأدبِ المقارنِ.<br />- قامتْ بتدريسِ اللّغةِ الإنجليزيّةِ في الثّانويّةِ البلديّةِ في النّاصرةِ.<br />- حصلتْ على المرتبةِ الأولى في مُسابقةٍ لكتابةِ قَصيدةِ ال(هايكو) على مستوى العالمِ.<br />- تَملكُ موقعًا على الشَّبكةِ الإلِكترُونيَّة:<br /> ttp://www.geocities.com/ana_keyan<br /><br />صدرَ لهَا:<br />- ثورةٌ على الصّمتِ (الناصرة، 1994).<br />- مرايا الوهمِ (الناصرة، 1998).<br />- يوميّاتُ غجريّةٍ عاشقةٍ (القاهرة،2001).<br />- ومَنْ لا يعرفُ ريتا (القاهرة، 2003).<br />- قبلَ الاختناقِ بدمعةٍ (القاهرة، 2004).<br /> -أنا جنونـُكَ - بيت الشعر الفلسطيني، 2009، مجموعةٌ قصصيّةٌ. <br /><br /><br />مجموعات الكترونيّة: <br />- طوبى للغرباءِ - رواية.<br />- بنفسجُ الغربةِ - رواية.<br />- Watching The Buds of Dream - Haiku<br /> <br /> <br />الفهرست<br /><br /><br />قَبْلَ ارْتِكَابِ الشَّهْدِ بِقَلِيل ........................... 5<br /> <br />إِهْدَاء .............................................. 15<br /> <br />وَمْضَات (1) ...................................... 17<br />يُحِبُّني بالثَّلاثَة ................................... 23<br />أنَا الأُنثَى ....................................... 26<br />وَمْضَات (2) ................................... 29<br />سَيِّدةُ الحِكايَة ................................... 31<br />في طَريقِي إلَيكَ ................................. 33<br />وَمْضَات (3) ................................... 35<br />عُصفُورة الجَلِيل ................................. 36<br />وَمْضَات (4) ................................... 38<br />لا تَقصُصْ رُؤياكَ على أَحَد ...................... 49<br />وَمْضَات (5) ................................... 52<br />مَعْمُوديَّة القَلَق .................................. 54<br />أَستَمِيحُكَ بوحًا................................. 56<br />وَمْضَات (6) ................................... 57<br />مِن مَزامِير الغِياب ............................... 60<br />وَمْضَات (7) ................................... 62<br />سُوناتَّا النَّدى ................................... 63<br />وَمْضَات (8) ................................... 65<br />فَلسفَةُ الحبِّ .................................... 67<br />وَمْضَات (9) ................................... 69<br />إيقَاعُ العِشْق .................................... 70<br />وَمْضَات (10) ................................. 73<br />ابنُ الغَجَر ...................................... 74<br />وَمْضَات (11) ................................. 77<br />وَحِيدَة ......................................... 86<br />السَّاعَةُ المتأخِّرةُ لِلحُلم ........................... 87<br />سَتُعيدكَ إليّ الحِكَاية ............................. 90<br />وَمْضَات (12) ................................. 91<br />سَأحَاولكَ مرَّة أخرى ........................... 94<br />وَمْضَات (13) ................................. 96<br />أنَا كِيَان ........................................ 98<br />سِفْرُ القِيامَة ..................................... 100<br />وَمْضَات (14) ................................. 102<br />بِطاقَة شَخصيَّة - أدَبيَّة ........................... 106<br /><br /><br /><br /><br />سيرة ذاتية<br /><br />ريتا عودة<br />شاعرة وقاصّة ومترجمة<br />من مواليد النـّاصرة<br />29-9-1960<br /><br />* حاصلة على شهادة اللقب الأول في اللغة الانجليزية والأدب المقارن. <br />* تقوم بتدريس اللغة الانجليزية في المدرسة الثانوية البلدية في الناصرة. <br />* حصلت على المرتبة الأولى في مسابقة لكتابة قصيدة الهايكو على مستوى العالم.<br />* حصلت على المرتبة الأولى في مسابقة "الهيجا" على مستوى العالم.<br />* تملك موقعا على الشبكة الإلكترونية: http://ritaodeh.blogspot.com<br />* تمت ترجمة نصوصها إلى العديد من اللغات عبر شبكة الإنترنيت.<br /><br />صدر لها :<br />(الضغط على اسم الديوان ينقلك الى الديوان)<br /><br /><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/1994.html">ثورة على الصّمت-1994</a><br />1994 - وزارة الثقافة والمعارف- الناصرة <br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/1998-httpwww.html">مرايا الوهم</a><br />1998- المدرسة الثانوية البلدية –الناصرة <br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/08/blog-post_18.html">يوميات غجرية عاشقة </a>2001 – دار الحضارة – القاهرة <br />* <a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/2003-2000-2001.html">ومن لا يعرف ريتا</a> 2003- دار الحضارة – القاهرة <br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/09/geovisite.html">قبل الإختناق بدمعة </a><br />2004 - دار الحضارة – القاهرة <br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/09/new-poems.html">سأحاولكِ مرّة أخرى</a><br /> بيت الشعر الفلسطيني - رام الله- 2008<br />*<a href="http://ritaodeh.blogspot.com/">أنا جنونك-مجموعة قصصيّة</a><br />بيت الشعر الفلسطيني - رام الله- 2009<br /><br /><br />مجموعات الكترونيّة: <br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/2008.html">بنفسجُ الغربـــَة 2008-رواية قصيرة</a><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2009/07/blog-post_20.html">طوبى للغرباء-رواية قصيرة-2007 </a><br /><br /><a href="http://ritaodeh.blogspot.com/2010/10/2010-short-novel-by-rita-odeh-sep.html">سيمفونية العودة 2010-رواية</a><br /><br /><br><br>Rita Odehhttp://www.blogger.com/profile/01201493655746508261noreply@blogger.com0